إنما الغيب لله فانتظروا إني معكم من المنتظرين » ( 1 ) .
21 ـ حدثنا أبي رضي الله عنه قال : حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري ، عن أحمد بن هلال ، عن عبد الرحمن بن أبي نجران ، عن فضالة بن أيوب ، عن سدير قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : إن في القائم شبه ( 2 ) من يوسف عليه السلام قلت : كأنك تذكر خبره أو غيبته ؟ فقال لي : ما تنكر من ذلك هذه الامة أشباه الخنازير ، إن إخوة يوسف كانوا أسباطا أولاد أنبياء ، تاجروا يوسف وبايعوه وهم إخوته وهو أخوهم فلم يعرفوه حتى قال لهم : « أنا يوسف » فما تنكر هذه الامة أنه يكون الله عزوجل في وقت من الاوقات يريد أن يستر حجته ( 3 ) ، لقد كان يوسف عليه السلام إليه ملك مصر ، وكان بينه وبين ولده مسيرة ثمانية عشر يوما فلو أراد الله عزوجل أن يعرفه مكانه لقدر على ذلك ، والله لقد سار يعقوب وولده عند البشارة مسيرة تسعة أيام من بدوهم إلى مصر ، فما تنكر هذه الامة أن يكون الله عزوجل يفعل بحجته ما فعل بيوسف أن يكون يسير في أسواقهم ويطأ بسطهم وهم لا يعرفونه ، حتى يأذن الله عزوجل أن يعرفهم بنفسه كما أذن ليوسف حتى قال لهم « هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون قالوا إنك لانت يوسف * قال أنا يوسف وهذا أخي » ( 4 ) .
22 ـ حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار رضي الله عنه قال : حدثنا أبي ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن محمد بن أبي عمير ، عن صفوان بن مهران الجمال قال : قال
____________
( 1 ) الاية في سورة يونس تحت رقم 20 . وكما يظهر من سياق الايات المراد بالاية العذاب . وقوله : « فانتظروا ـ الاية » أي فانتظروا العذاب واني معكم كذلك . ولا ينبغي تأويل العذاب بالحجة عليه السلام . وقوله " وشاهد ذلك " من كلام الصدوق ـ رحمه الله ـ لا من تتمة الحديث كما نص عليه العلامة المجلسي ـ رحمه الله ـ . ولم يعهد في كلام أحد من المعصومين عليهم السلام نقل الشاهد لكلامهم في نظير هذا .
( 2 ) في بعض النسخ « سنة » .
( 3 ) في بعض النسخ « يبين حجته » .
( 4 ) يوسف : 90 و 91 .

( 342 )

الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام : أما والله ليغيبن عنكم مهديكم حتى يقول الجاهل منكم : ما لله في آل محمد ، ثم يقبل كالشهاب الثاقب فيملأها عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما .
23 ـ حدثنا عبد الواحد بن محمد بن عبدوس العطار رضي الله عنه قال : حدثنا علي بن محمد بن قتيبة النيسابوري قال : حدثنا حمدان بن سليمان ، عن محمد بن إسماعيل ابن بزيع ، عن حيان السراج ، عن السيد بن محمد الحميري ـ في حديث طويل ـ يقول فيه : قلت للصادق جعفر بن محمد عليهما السلام : يا ابن رسول الله قد روي لنا أخبار عن آبائك عليهم السلام في الغيبة وصحة كونها فأخبرني بمن تقع ؟ فقال عليه السلام : إن الغيبة ستقع بالسادس من ولدي ، وهو الثاني عشر من الائمة الهداة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله ، أولهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، وآخرهم القائم بالحق ، بقية الله في الارض ، و صاحب الزمان والله لو بقي في غيبته ما بقي نوح في قومه لم يخرج من الدنيا حتى يظهر فيملأ الارض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما .
24 ـ حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار رضي الله عنه قال : حدثنا سعد بن ـ عبد الله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن عثمان بن عيسى الكلابي ، عن خالد بن ـ نجيح ، عن زرارة بن أعين قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : إن للقائم غيبة قبل أن يقوم ، قلت له : ولم ؟ قال : يخاف ـ وأومأ بيده إلى بطنه ـ . ثم قال : يا زرارة وهو المنتظر ، وهو الذي يشك الناس في ولادته ، منهم من يقول : هو حمل ، ومنهم من يقول : هو غائب ، ومنهم من يقول : ما ولد ، ومنهم من يقول : ولد قبل وفاة أبيه بسنتين . غير أن الله تبارك وتعالى يحب أن يمتحن الشيعة فعند ذلك يرتاب المبطلون .
قال زرارة : فقلت : جعلت فداك فإن أدركت ذلك الزمان فأي شيء أعمل قال : يا زرارة إن أدركت ذلك الزمان فأدم هذا الدعآ ( 1 ) : « اللهم عرفني نفسك ، فإنك إن لم تعرفني نفسك لم أعرف نبيك ، اللهم عرفني رسولك فانك
____________
( 1 ) في بعض النسخ « فألزم هذا الدعاء » .
( 343 )

إن لم تعرفني رسولك لم أعرف حجتك ، اللهم عرفني حجتك فإنك إن لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني » .
ثم قال : يا زرارة لا بد من قتل غلام بالمدينة ، قلت : جعلت فداك أليس يقتله جيش السفياني ؟ قال : لا ، ولكن يقتله جيش بني فلان ، يخرج حتى يدخل المدينة فلا يدري الناس في أي شيء دخل ، فيأخذ الغلام فيقتله ( 1 ) ، فإذا قتله بغيا وعدوانا وظلما لم يمهلهم الله عزوجل فعند ذلك فتوقعوا الفرج .
وحدثنا بهذا الحديث محمد بن إسحاق رضي الله عنه قال : حدثنا أبو علي محمد ابن همام قال : حدثنا أحمد بن محمد النوفلي قال : حدثني أحمد بن هلال ، عن عثمان ابن عيسى الكلابي ، عن خالد بن نجيح ، عن زرارة بن أعين ، عن الصادق جعفر ابن محمد عليهما السلام .
وحدثنا محمد بن الحسن رضي الله عنه قال : حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري ، عن علي بن محمد الحجال ، عن الحسن بن علي بن فضال ، عن عبد الله بن بكير ، عن زرارة بن أعين ، عن الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام أنه قال : إن للقائم ( 2 ) غيبة قبل أن يقوم ـ وذكر الحديث مثله سواء ـ .
25 ـ حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضي الله عنه قال : حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم قال : حدثنا محمد بن عيسى بن عبيد ، عن صالح بن محمد ، عن هانئ التمار ( 3 ) قال : قال لي أبو عبد الله عليه السلام : إن لصاحب هذا الامر غيبة فليتق الله عبد وليتمسك بدينه .
26 ـ حدثنا إسحاق بن عيسى ، ومحمد بن الحسن رضي الله عنهما قالا : حدثنا
____________
( 1 ) في الخبر الذي مر في ص 331 تحت رقم 16 « قتل غلام من آل محمد بين الركن والمقام اسمه محمد بن الحسن النفس الزكية » . ولعل هذا الغلام غيره ، فتأمل .
( 2 ) في بعض النسخ المصححة « للغلام » .
( 3 ) كذا ، وفي بعض النسخ « هانئ اليماني » ، وفي الكافي « صالح بن خالد ، عن يمان التمار » وفي غيبة النعماني « صالح بن محمد ، عن يمان التمار » .

( 344 )

سعد بن عبد الله قال : حدثنا أحمد بن محمد عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن سيف بن عميرة ، عن داود بن فرقد ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : كان علي بن أبي طالب عليه السلام مع رسول الله صلى الله عليه وآله في غيبته لم يعلم بها أحد ( 1 ) .
27 ـ حدثنا أبي ؛ ومحمد بن الحسن رضي الله عنهما قالا : حدثنا سعد بن عبد الله قال : حدثنا أحمد بن محمد عيسى ، وعلي بن إسماعيل بن عيسى ، عن محمد بن عمرو ابن سعيد الزيات ( عن الجريري ) ( 2 ) عن عبد الحميد بن أبي الديلم الطائي قال : قال ( لي ) أبو عبد الله عليه السلام : يا عبد الحميد بن أبي الديلم إن الله تبارك وتعالى رسلا مستعلنين ورسلا مستخفين فإذا سألته بحق المستعلنين فسله بحق المستخفين .
28 ـ حدثنا محمد بن الحسن رضي الله عنه قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، ومحمد ابن الحسن الصفار جميعا قالا : حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، ومحمد بن عيسى ابن عبيد قالا : حدثنا صفوان بن يحيى ، عن عبد الله بن مسكان ، عن محمد بن علي الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال : اكتتم رسول الله صلى الله عليه وآله بمكة مخفتفيا خائفا خمس سنين ليس يظهر أمره وعلي عليه السلام معه وخديجة ثم أمره الله عزوجل أن يصدع بما أمر به ( 3 ) فظهر رسول الله صلى الله عليه وآله وأظهر أمره .
وفي خبر آخر أنه عليه السلام كان مختفيا بمكة ثلاث سنين .
29 ـ حدثنا أبي ؛ ومحمد بن الحسن رضي الله عنهما قالا : حدثنا سعد بن ـ عبد الله ، وعبد الله بن جعفر الحميري ، ومحمد بن يحيى العطار ، وأحمد بن إدريس جميعا ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، وإبراهيم بن هاشم جميعا ، عن الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن عبيد الله بن علي الحلبي قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : مكث رسول الله صلى الله عليه وآله بمكة بعد ما جاءه الوحي عن الله
____________
( 1 ) من هذا الحديث إلى خمسة أو ستة أحاديث بعده ذكرت هنا لمناسبة الاحاديث السابقة لا مناسبة الباب وتقدم بعضها سابقا .
( 2 ) الظاهر هو اسحاق بن جرير وتقدم الخبر ص 21 بسند آخر عن عبد الحميد أيضا .
( 3 ) في قوله تعالى « فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين » ، الحجر : 94 .

( 345 )

تبارك وتعالى ثلاث عشرة سنة منها ثلاث سنين مختفيا خائفا لا يظهر حتى أمره الله عز وجل أن يصدع بما أمره به ، فأظهر حينئذ الدعوة .
30 ـ حدثنا جماعة من أصحابنا قالوا : حدثنا محمد بن همام قال : حدثنا جعفر ابن محمد بن مالك الفزاري قال : حدثني جعفر بن إسماعيل الهاشمي قال : سمعت خالي محمد بن علي يروي عن عبد الرحمن بن حماد ، عن عمر بن سالم صاحب السابري » ( 1 ) قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن هذه الاية « أصلها ثابت وفرعها في السماء » ( 2 ) قال : أصلها رسول الله صلى الله عليه وآله وفرعها أمير المؤمنين عليه السلام ، والحسن والحسين ثمرها ، وتسعة من ولد الحسين أغصانها ، والشيعة ورقها ، والله إن الرجل منهم ليموت فتسقط ورقة من تلك الشجرة . قلت : قوله عزوجل : « تؤتى أكلها كل حين بإذن ربها » ( 2 ) قال : ما يخرج من علم الامام إليكم في كل سنة من حج وعمرة .
31 ـ حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران رضي الله عنه قال : حدثنا محمد بن عبد الله الكوفي قال : حدثنا موسى بن عمران النخعي ، عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي ، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة ، عن أبيه ، عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : إن سنن الانبياء عليهم السلام بما وقع بهم من الغيبات حادثة في القائم منا أهل البيت حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة ( 3 ) .
قال أبو بصير : فقلت : يا ابن رسول الله ومن القائم منكم أهل البيت ؟ فقال : يا أبا بصير هو الخامس من ولد ابني موسى ، ذلك ابن سيدة الاماء ، يغيب غيبة يرتاب فيها المبطلون ، ثم يظهره الله عز وجل فيفتح الله على يده مشارق الارض ومغاربها ، وينزل روح الله عيسى بن مريم عليه السلام فيصلى خلفه وتشرق الارض بنور ربها ، ولا تبقى
____________
( 1 ) في بعض النسخ « عمر بن صالح السابري » ، وفى بعضها « عمر بن بزيع السابرى » وكلاهما تصحيف .
( 2 ) ابراهيم : 24 .
( 3 ) القذة : ريش السهم .

( 346 )

في الارض بقعة عبد فيها غير الله عزوجل إلا عبد الله فيها ، ويكون الدين كله لله ولو كره المشركون .
32 ـ حدثنا أبي رضي الله عنه قال : حدثنا علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن محمد بن الفضيل ، ( 3 ) عن أبيه ، عن منصور قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : يا منصور إن هذا الامر لا يأتيكم إلا بعد [ إ ] يأس ، لا والله [ لا يأتيكم ] حتى تميزوا ، لا والله [ لا يأتيكم ] حتى تمحصوا ، ولا والله [ لا يأتيكم ] حتى يشقى من شقي ويسعد من سعد .
32 ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال : حدثنا محمد ابن الحسن الصفار ، عن أحمد بن الحسين ، عن عثمان عيسى ، عن خالد بن نجيح ، عن زرارة بن أعين قال : سمعت الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام يقول : إن للغلام غيبة قبل أن يقوم ، قلت : ولم ذاك جعلت فداك ؟ فقال : يخاف ـ وأشار بيده إلى بطنه وعنقه ـ ثم قال عليه السلام : وهو المنتظر الذي يشك الناس في ولادته فمنهم من يقول : إذا مات أبوه مات ، ولا عقب له . ومنهم من يقول : قد ولد قبل وفاة أبيه بسنتين . لان الله عزوجل يحب أن يمتحن خلقه فعند ذلك يرتاب المبطلون .
33 ـ حدثنا أبي ؛ ومحمد بن الحسن ، ومحمد بن موسى بن المتوكل ، ومحمد بن علي ما جيلويه ، وأحمد بن يحيى العطار رضي الله عنهم قالوا : حدثنا محمد بن يحيى العطار قال : حدثنا جعفر بن محمد بن مالك الفزاري الكوفي ، عن إسحاق بن محمد الصيرفي ، عن يحيى بن المثنى العطار ، عن عبد الله بن بكير ، عن عبيد بن زرارة قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : يفقد الناس إمامهم فيشهد الموسم فيراهم ولا يرونه .
34 ـ حدثنا أبي ، ومحمد بن الحسن رضى الله عنهما قالا : حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري ، عن محمد بن عيسى بن عبيد ، عن صالح بن محمد ، عن هانئ التمار قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : إن لصاحب هذا الامر غيبة ، المتمسك فيها بدينه كالخارط للقتاد ،
____________
( 1 ) في بعض النسخ « محمد بن الفضل » . وفي الكافي ج 1 ص 370 « عن جعفر بن محمد الصيقل عن أبيه عن منصور » . وعلى أي المراد بمنصور منصور بن الوليد الصيقل و لعل الصواب « جعفر بن محمد بن الصيقل ، عن أبيه ، عن منصور » .
( 347 )

ثم قال ـ هكذا بيده ( 1 ) ـ ثم قال : [ إن ] لصاحب هذا الامر غيبة فليتق الله عبد وليتمسك بدينه .
35 ـ حدثنا أبي ، ومحمد بن الحسن رضي الله عنهما قالا : حدثنا سعد بن عبد الله ، وعبد الله بن جعفر الحميري ، وأحمد بن إدريس جميعا قالوا : حدثنا أحمد بن محمد بن ـ عيسى ، ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، ومحمد بن عبد الجبار ، وعبد الله بن عامر ابن سعد الاشعري ، عن عبد الرحمن بن أبي نجران ، عن محمد بن المساور ، عن المفضل ابن عمر الجعفي ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : سمعته يقول : إياكم والتنويه ( 2 ) ، أما والله ليغيبن إمامكم سنينا ( 3 ) من دهركم ، ولتمحصن حتى يقال : مات ( 4 ) أو هلك بأي وادسلك ، ولتدمعن عليه عيون المؤمنين ولتكفأن كما تكفأ السفن في أمواج البحر ( 5 ) ولا ينجو إلا من أخذ الله ميثاقه وكتب في قلبه الايمان وأيده بروح منه ، ولترفعن اثنتا عشرة راية مشتبهة لا يدرى أي من أي ، قال : فبكيت ، فقال ( لي ) : ما يبكيك يا أبا عبد الله ؟ فقلت : وكيف لا أبكي وأنت تقول : اثنتا عشرة راية مشتبهة لا يدرى أي من أي فكيف نصنع ؟ قال : فنظر إلى شمس داخلة في الصفة ، فقال : يا أبا عبد الله ترى هذه الشمس ؟ قلت : نعم ، قال : والله لامرنا أبين من هذه الشمس .
36 ـ حدثنا أبي رضي الله عنه قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن محمد بن الحسين
____________
( 1 ) أي أشار بيده ، وفي معنى القول توسع . قال بثوبه أي رفعه ، وبيده أي أشار . وبرجله أي مشى . والخارط : من يضرب بيده على أعلى الغصن ثم يمدها إلى الاسفل ليسقط ورقه . والقتاد شجر له شوك . والخبر في الكافي عن صالح بن خالد عن يمان التمار .
( 2 ) التنويه : الرفع والتشهير والدعوة . يعني لا تشهروا أنفسكم ، أو لا تدعوا الناس إلى دينكم .
( 3 ) التنوين على لغة بني عامر كما قال الازهرى على ما في التصريح .
( 4 ) زاد في الكافي « قتل » .
( 5 ) لتكفأن على بناء المجهول من المخاطب أو الغائب من قولهم كفأت الاناء إذا كببته ، كناية عن اضطرابهم وتزلزلهم في الدين من شدة الفتن . ( المرآة ) .

( 348 )

ابن أبي الخطاب ، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع ، عن عبد الله بن عبد الرحمن الاصم ، عن الحسين بن المختار القلانسي ، عن عبد الرحمن بن سيابة ، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال : كيف أنتم إذا بقيتم بلا إمام هدى ولا علم ، يتبرأ بعضكم من بعض فعند ذلك تميزون وتمحصون وتغربلون ، وعند ذلك اختلاف السيفين ( 1 ) وإمارة من أول النهار وقتل وخلع ( 2 ) من آخر النهار .
37 ـ حدثنا أبي رضي الله عنه قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد ابن عيسى ، ويعقوب بن يزيد جميعا ، عن الحسن بن علي بن فضال ، عن جعفر بن محمد ابن منصور ، عن رجل ـ واسمه عمر بن عبد العزيز ـ عن أبي عبد الله عليه السلام قال : قال : إذ أصبحت وأمسيت لا ترى إماما تأتم به فأحبب من كنت تحب وأبغض من كنت تبغض حتى يظهره الله عزوجل .
38 ـ حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضي الله عنه قال : حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، ومحمد بن عيسى بن عبيد ( 3 ) ، عن الحسن ابن محبوب ، عن يونس بن يعقوب ، عمن أثبته ، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال : كيف أنتم إذا بقيتم دهرا من عمركم لا تعرفون إمامكم ؟ قيل له : فإذا كان ذلك فكيف نصنع ؟ قال : تمسكوا بالامر الاول حتى يستبين لكم ( 4 ) .
40 ـ حدثنا أبي ، ومحمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنهما قالا : حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، عن العباس بن معروف ، عن علي بن مهزيار ، عن الحسن بن محبوب ، عن حماد بن عيسى ، عن إسحاق بن جرير ، عن عبد الله بن سنان قال : دخلت أنا وأبي على أبي عبد الله عليه السلام فقال : فكيف أنتم إذا صرتم في حال لا ترون فيها إمام
____________
( 1 ) في بعض النسخ « اختلاف السنن » وفي البحار « اختلاف السنين » .
( 2 ) في بعض النسخ « وقطع » .
( 3 ) في بعض النسخ « وعثمان بن عيسى » .
( 4 ) أي تمسكوا بما تعلمون من دينكم وامامكم ولا تتزلزلوا وتتحيروا وترتدوا ، أولا تؤمنوا بمن يدعى أنه الحجة حتى يستبين لكم .

( 349 )

هدى ، ولا علما يرى ، ولا ينجو منها إلا من دعا دعاء الغريق ، فقال له أبي : إذا وقع هذا ليلا فكيف نصنع ؟ فقال : أما أنت فلا تدركه ، فإذا كان ذلك فتمسكوا بما في أيديكم حتى يتضح لكم الامر .
41 ـ حدثنا جعفر بن علي بن الحسن بن علي بن عبد الله بن المغيرة الكوفي رضي الله عنه قال : حدثني جدي الحسن بن على ، عن العباس بن عامر القصباني ، عن عمر بن أبان الكلبي ، عن أبان بن تغلب قال : قال لي أبو عبد الله عليه السلام : يأتي على الناس زمان يصيبهم فيه سبطة ( 1 ) يأرز العلم فيها بين المسجدين كما تأرز الحية في جحرها ، يعني بين مكة والمدينة ، فبينما هم كذلك إذ أطلع الله عزوجل لهم نجمهم ، قال : قلت : وما السبطة ؟ قال : الفترة والغيبة لامامكم ، قال : قلت : فكيف نصنع فيما بين ذلك ؟ فقال : كونوا على ما أنتم عليه حتى يطلع الله لكم نجمكم .
42 ـ حدثنا أبي ، ومحمد بن الحسن رضي الله عنهما قالا ، حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري قال : حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن موسى بن سعدان ، عن عبد الله بن القاسم ، عن المفضل بن عمر قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن تفسير جابر فقال : لا تحدث به السفل فيذيعوه ، أما تقرأ في كتاب الله عزوجل : « وإذا نقر في الناقور » ( 2 ) إن منا إماما مستترا فإذا أراد الله عزوجل إظهار أمره نكت في قلبه نكتة فظهر وأمر بأمر الله عزوجل .
43 ـ حدثنا أبي ، ومحمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ( رض ) قالا : حدثنا محمد بن الحسن
____________
( 1 ) في بعض النسخ « بسطة » هنا وما يأتي ، وفي بعضها « شيطة » كذلك . وفي القاموس أسبط : سكت فرقا . وبالارض : ألصق وامتد من الضرب . وفي نومه : غمض . وعن الامر تغابي وانبسط ، ووقع فلم يقدر أن يتحرك . وفي الكافي « بطشة » . قوله « يأرز » بتقديم المهملة أي تنضم وتجتمع بعضه إلى بعض . وتنقيص ، والحية لاذ بجحرها ورجعت إليه وثبتت في مكانها .
( 2 ) المدثر : 9

( 350 )

الصفار قال : حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، ومحمد بن عيسى بن عبيد اليقطيني جميعا عن عبد الرحمن بن أبي نجران ، عن عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر علي ابن أبي طالب عن خاله الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام قال : قلت له : إن كان كون ـ لا أراني الله يومك ـ فبمن أئتم ؟ فأومأ إلى موسى عليه السلام فقلت : فإن مضى موسى فإلى من ؟ قال : إلى ولده ، قلت ، فإن مضى ولده وترك أخا كبيرا وإبنا صغيرا فبمن أئتم ؟ قال : بولده ، ثم قال : هكذا أبدا ، قلت : فإن أنا لم أعرفه ولم أعرف موضعه فما أصنع ؟ قال : تقول : « اللهم إني أتولى من بقي من حججك من ولد الامام الماضي » فإن ذلك يجزيك .
44 ـ حدثنا أبي رضي الله عنه قال : حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري ، عن أيوب بن نوح ، عن محمد بن أبي عمير ، عن جميل بن دراج ، عن زرارة قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : يأتي على الناس زمان يغيب عنهم إمامهم ، فقلت له : ما يصنع الناس في ذلك الزمان ؟ قال : يتمسكون بالامر الذي هم عليه حتى يتبين لهم .
45 ـ حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي السمرقندي رضي الله عنه قال : حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود قال : حدثني أبي محمد بن مسعود قال : حدثنا أحمد بن علي بن كلثوم قال : حدثني الحسن بن علي الدقاق ، عن محمد بن أحمد بن أبي قتادة ، عن أحمد بن هلال ، عن ابن أبي عمير ، عن سعيد بن غزوان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : يكون بعد الحسين تسعة أئمة ، تاسعهم قائمهم .
46 ـ حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي رضي الله عنه قال : حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود ، عن أبيه محمد بن مسعود العياشي قال : حدثنا علي بن محمد بن شجاع ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : إن في صاحب هذا الامر سنن من الانبياء عليهم السلام ، سنة من موسى بن عمران ، وسنة من عيسى ، وسنة من يوسف ، وسنة من محمد صلوات الله عليهم :


( 351 )

فأما سنة من موسى بن عمران فخائف يترقب ، وأما سنة من عيسى فيقال فيه ما قيل في عيسى ، وأما سنة من يوسف فالستر يجعل الله بينه وبين الخلق حجابا ، يرونه ولا يعرفونه ، وأما سنة من محمد صلى الله عليه وآله فيهتدي بهداه ويسير بسيرته .
47 ـ وبهذا الاسناد ، عن محمد بن مسعود قال : حدثني جبرئيل بن أحمد ( 1 ) قال : حدثني موسى بن جعفر بن وهب البغدادي قال : حدثني محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن محمد ، عن أبان ، عن الحارث بن المغيرة قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام : هل يكون الناس في حال لا يعرفون الامام ؟ فقال : قد كان يقال ذلك ، قلت : فكيف يصنعون ؟ قال : يتعلقون بالامر الاول حتى يستبين لهم الاخر .
48 ـ وبهذا الاسناد ، عن موسى بن جعفر قال : حدثني موسى بن القاسم ، عن علي بن جعفر ، عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول في قول الله عزوجل : « قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورا أفمن يأتيكم بماء معين » ( 2 ) ، قال : أرأيتم إن غاب عنكم إمامكم فمن يأتيكم بإمام جديد .
49 ـ وبهذا الاسناد ، عن موسى بن جعفر بن وهب البغدادي قال : حدثني الحسن بن محمد الصيرفي قال : حدثني يحيى بن المثنى العطار ( 3 ) ، عن عبد الله بن بكير ، عن عبيد بن زرارة قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : يفقد الناس إمامهم ، يشهد الموسم فيراهم ولا يرونه .
50 ـ وبهذا الاسناد ، عن محمد بن مسعود قال : وجدت بخط جبرئيل بن أحمد : حدثني العبيدي محمد بن عيسى ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن عبد الله بن سنان قال :
____________
( 1 ) جبرئيل بن أحمد الفاريابي أبو محمد كان مقيما بكش ، كثير الرواية عن العلاء بالعراق وقم وخراسان ، ( منهج المقال ) .
( 2 ) الملك : 30 .
( 3 ) كذا في أكثر النسخ والبحار وفي بعض النسخ « جعفر بن نجم المثنى العطار »

( 352 )

قال أبو عبد الله عليه السلام : ستصيبكم شبهة فتبقون بلا علم يرى ، ولا إمام هدى ولا ينجو منها إلا من دعا بدعاء الغريق ، قلت : كيف دعاء الغريق ؟ قال : يقول : « يا الله يا رحمن يا رحيم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك » فقلت : « يا الله يا رحمن يا رحيم يا مقلب القلوب والابصار ثبت قلبي على دينك » قال : إن الله عزوجل مقلب القلوب والابصار ولكن قل كما أقول لك : « يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك » ( 1 ) .
51 ـ حدثنا محمد بن علي حاتم النوفلي المعروف بالكرماني ( 2 ) قال : حدثنا أبو العباس أحمد بن عيسى الوشاء البغدادي قال : حدثنا أحمد بن طاهر ( القمي ) قال : حدثنا محمد بن بحر بن سهل الشيباني ( 3 ) قال : أخبرنا علي بن الحارث ، عن سعيد ابن منصور الجواشني ( 4 ) قال أخبرنا أحمد بن علي البديلي قال : أخبرنا أبي ، عن سدير الصيرفي قال : دخلت أنا والمفضل بن عمر ، وأبو بصير ، وأبان بن تغلب على مولانا أبى عبد الله الصادق عليه السلام فرأيناه جالسا على التراب وعليه مسح خيبري ( 5 ) مطوق بلا جيب ، مقصر الكمين ، وهو يبكي بكاء الواله الثكلى ، ذات الكبد الحرى ، قد نال الحزن من وجنتيه ، وشاع التغيير في عارضيه ، وأبلى الدموج محجريه ( 6 ) وهو
____________
( 1 ) يدل على أنه لا ينبغى تغيير ألفاظ الدعاء المروي بزيادة ولو كانت ترى أحسن .
( 2 ) كذا وهكذا في العيون ص 54 في صدر سند حديث لكن في بعض النسخ المصححة صححه بقلم أحمر بالبوفكي . ولكن في رجال المامقاني وقاموس الرجال كما في المتن وأحمد بن عيسى عنونه الخطيب في التاريخ ج 4 ص 280 وقال : كان ، ثقة توفي في رجب 322 أو 323 .
( 3 ) محمد بن بحر بن سهل من أهل سجستان ، قيل : في مذهبه ارتفاع وحديثه قريب من السلامة ( جش ) وقال ابن الغضائري ( كما في صه ) : انه ضعيف وفي مذهبه ارتفاع . و أما راويه أحمد بن طاهر فمهمل ، وفي بعض النسخ « أحمد بن عبد الله » .
( 4 ) علي بن حارث مهمل ، وسعيد بن منصور الجواشني من رؤساء الزيدية ، ولم أجد أحمد على البديلي هو وأبوه مهملان والحديث غريب .
( 5 ) المسح ـ بكسر الميم ـ : الكساء من الشعر .
( 6 ) المحجر ـ كمجلس ومنبر ـ من العين ما دار بها وبدا من البرقع .

( 353 )

يقول : سيدي غيبتك نفت رقادي ، وضيقت علي مهادي ، وابتزت مني راحة فؤادي سيدي غيبتك أوصلت مصابي بفجايع الابد وفقد الواحد بعد الواحد يفنى الجمع والعدد ، فما احس بدمعة ترقى من عيني وأنين يفتر من صدري ( 1 ) عن دوارج الرزايا وسوالف البلايا إلا مثل بعيني عن غوابر أعظمها وأفظعها ، وبواقي أشدها وأنكرها ( 2 ) ونوائب مخلوطة بغضبك ، ونوازل معجونة بسخطك .
قال سدير : فاستطارت عقولنا ولها ، وتصدعت قلوبنا جزعا من ذلك الخطب الهائل ، والحادث الغائل ( 3 ) ، وظننا أنه سمت لمكروهة قارعة ( 4 ) ، أو حلت به من الدهر بائقة ، فقلنا : لا أبكى الله يا ابن خير الورى عينيك من أية حادثة تستنزف دمعتك ( 5 ) وتستمطر عبرتك ؟ وأية حالة حتمت عليك هذا المأتم ؟ .
قال : فزفر ( 6 ) الصادق عليه السلام زفرة انتفخ منها جوفه ، واشتد عنها خوفه ، و قال : ويلكم ( 7 ) نظرت في كتاب الجفر صبيحة هذا اليوم وهو الكتاب المشتمل على علم المنايا والبلايا والرزايا وعلم ما كان وما يكون إلى يوم القيامة الذي خص الله به محمدا والائمة من بعده عليهم السلام ، وتأملت منه مولد غائمنا وغيبته وإبطاءه وطول عمره وبلوى المؤمنين في ذلك الزمان ، وتولد الشكوك في قلوبهم من طول غيبته وارتداد أكثرهم عن دينهم ،
____________
( 1 ) يفتر أي يخرج بفتور وضعف
( 2 ) الغوابر جمع غابر : نقيض الماضي . والغوابر والبواقي في قبال الدوارج والسوالف في المستثنى منه ، وصحف في بعض النسخ والبحار بالعوائر والتراقي وتكلف العلامة المجلسي ـ رحمه الله ـ في توجيهه ، وحاصل المعنى : انه ما يسكن بى شيء من البلايا الماضية الا وعوض عنه من الامور الاتية بأعظم منها .
( 3 ) الغائل : المهلك والغوائل . الدواهي .
( 4 ) سمت لهم أي هيأ لهم وجه الكلام والرأي .
( 5 ) استنزف الدمع : استنزله أو استخرجه كله .
( 6 ) زفر الرجل : اخرج نفسه مع مده اياه . والزفرة : التنفس مع مد النفس .
( 7 ) قد يرد الويل بمعنى التعجب ( النهاية ) .

( 354 )

وخلعهم ربقة الاسلام من أعناقهم التي قال الله تقدس ذكره : « وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه » ( 1 ) ـ يعني الولاية ـ فأخذتني الرقة ، واستولت علي الاحزان فقلنا : يا ابن رسول الله كرمنا وفضلنا ( 2 ) بإشراكك إيانا في بعض ما أنت تعلمه من علم ذلك .
قال : إن الله تبارك وتعالى أدار للقائم منا ثلاثة أدارها في ثلاثة من الرسل عليهم السلام قدر مولده تقدير مولد موسى عليه السلام ، وقدر غيبته تقدير غيبة عيسى عليه السلام ، وقدر إبطاءه تقدير إبطاء نوح عليه السلام ، وجعل له من بعد ذلك عمر العبد الصالح ـ أعني الخضر عليه السلام ـ دليلا على عمره ، فقلنا له : اكشف لنا يا ابن رسول الله عن وجوه هذه المعاني .
قال عليه السلام : أما مولد موسى عليه السلام فإن فرعون لما وقف على أن زوال ملكه على يده أمر باحضار الكهنة فدلوه على نسبه وأنه يكون من بني إسرائيل ، ولم يزل يأمر أصحابه بشق بطون الحوامل من نساء بني إسرائيل حتى قتل في طلبه نيفا وعشرين ألف مولود ، وتعذر عليه الوصول إلى قتل موسى عليه السلام بحفظ الله تبارك وتعالى إياه ، وكذلك بنو امية وبنو العباس لما وقفوا على أن زوال ملكهم وملك الامراء ( 3 ) والجبابرة منهم على يد القائم منا ناصبونا العداوة ، ووضعوا سيوفهم في قتل آل الرسول صلى الله عليه وآله ( 4 ) وإبادة نسله طمعا منهم في الوصول إلى قتل القائم ، ويأبى الله عزوجل أن يكشف أمره لواحد من الظلمة إلا أن يتم نوره ولو كره المشركون .
وأما غيبة عيسى عليه السلام : فإن اليهود والنصارى اتفقت على أنه قتل فكذبهم الله جل ذكره بقوله : « وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم » ( 5 ) ، كذلك غيبة القائم فإن الامة ستنكرها لطولها ، فمن قائل يهذي بأنه لم يلد ، وقائل يقول : إنه
____________
( 1 ) الاسراء : 13
( 2 ) في بعض النسخ « وشرفنا » .
( 3 ) في بعض النسخ « زوال ملكهم الامراء ـ الخ » .
( 4 ) في بعض النسخ « في قتل اهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله » .
( 5 ) النساء : 157 .

( 355 )

يعتدى إلى ثلاثة عشر وصاعدا ، وقائل يعصي الله عزوجل بقوله : إن روح القائم ينطق في هيكل غيره .
وأما إبطاء نوح عليه السلام : فانه لما استنزلت العقوبة على قومه من السماء بعث الله عزوجل الروح الامين عليه السلام بسبع نويات ، فقال : يا نبي الله إن الله تبارك وتعالى يقول لك : إن هؤلاء خلائقي وعبادي ولست أبيدهم بصاعقة من صواعقي إلا بعد تأكيد الدعوة وإلزام الحجة فعاود اجتهادك في الدعوة لقومك فإني مثيبك عليه وأغرس هذه النوى فإن لك في نباتها وبلوغها وإدراكها إذا أثمرت الفرج والخلاص ، فبشر بذلك من تبعك من المؤمنين .
فلما نبتت الاشجار وتأزرت وتسوقت وتغصنت وأثمرت وزها التمر عليها ( 1 ) بعد زمان طويل استنجز من الله سبحانه وتعالى العدة ، فأمره الله تبارك وتعالى أن يغرس من نوى تلك الاشجار ويعاود الصبر والاجتهاد ، ويؤكد الحجة على قومه ، فأخبر بذلك الطوائف التي آمنت به فارتد منهم ثلاثمائة رجل وقالوا : لو كان ما يدعيه نوح حقا لما وقع في وعد ربه خلف .
ثم إن الله تبارك وتعالى لم يزل يأمره عند كل مرة بأن يغرسها مرة بعد اخرى إلى أن غرسها سبع مرات فما زالت تلك الطوائف من المؤمنين ، ترتد منه طائفة بعد طائفة إلى أن عاد إلى نيف وسبعين رجلا فأوحى الله تبارك وتعالى عند ذلك إليه ، وقال : يا نوح الان أسفر الصبح عن الليل لعبنك حين صرح الحق عن محضه وصفى ( الامر والايمان ) من الكدر بارتداد كل من كانت طينته خبيثة ، فلو أني أهلكت الكفار وأبقيت من قد أرتد من الطوائف التى كانت آمنت بك لما كنت صدقت وعدي السابق للمؤمنين الذين أخلصوا التوحيد من قومك ، واعتصموا بحبل نبوتك
____________
( 1 ) الازر : الاحاطة ، والقوة ، والضعف ( ضد ) والمؤازرة أن يقوي الزرع بعضه بعضا . وسوق الشجر تسويقا صار ذا ساق ( القاموس ) يعني تقوت وتقوى ساقها وكثرت أغصانها . وزهو التمرة : احمرارها واصفرارها .
( 356 )

بأن أستخلفهم في الارض وامكن لهم دينهم وابدل خوفهم بالامن لكي تخلص العبادة لي بذهاب الشك ( 1 ) من قلوبهم ، وكيف يكون الاستخلاف والتمكين وبدل الخوف بالامن مني لهم مع ما كنت أعلم من ضعف يقين الذين ارتدوا وخبث طينهم وسوء سرائرهم التي كانت نتائج النفاق ، وسنوح الضلالة ( 2 ) فلو أنهم تسنموا مني الملك ( 3 ) الذي اوتي المؤمنين وقت الاستخلاف إذا أهلكت أعداءهم لنشقوا روائح صفاته ولاستحكمت سرائر نفاقهم ( 4 ) تأبدت حبال ضلالة قلوبهم ، ولكاشفوا إخوانهم بالعداوة ، وحاربوهم على طلب الرئاسة ، والتفرد بالامر والنهي ، وكيف يكون التمكين في الدين وانتشار الامر في المؤمنين مع إثارة الفتن وإيقاع الحروب كلا « واصنع الفلك بأعيننا ووحينا » ( 5 ) .
قال الصادق عليه السلام : وكذلك القائم فإنه تمتد أيام غيبته ليصرح الحق عن محضه ويصفو الايمان من الكدر بارتداد كل من كانت طينته خبيثة من الشيعة الذين يخشى عليهم النفاق إذا أحسوا بالاستخاف والتمكين والامن المنتشر في عهد القائم عليه السلام .
قال المفضل : فقلت : يا ابن رسول الله فإن ( هذه ) النواصب تزعم أن هذه الاية ( 6 )
____________
( 1 ) في بعض النسخ « بذهاب الشرك » .
( 2 ) أي ظهورها وفي بعض النسخ « شيوخ الضلالة » وفي بعضها « شبوح الضلالة » ولعل الصواب « شيوع الضلالة » .
( 3 ) أي ركبوا الملك وفي بعض النسخ « تنسموا » من تنسم النسيم أي تشممه وفي بعض النسخ « تنسموا من الملك » .
( 4 ) في بعض النسخ « مرائر نفاقهم » وفي بعضها « من أثر نفاقهم » ونشقه ـ كفرحه ـ شمه . وفي بعض النسخ « تأيد حبال ظلالة قلوبهم » .
( 5 ) هود : 40 اقتباس وفي الاية « واصنع ـ الاية » .
( 6 ) أي قوله « وعد الله الذين آمنوا منكم وعمل الصالحات ليستخلفنهم ـ الاية »

( 357 )

نزلت في أبي بكر وعمر ، وعثمان ، وعلي عليه السلام فقال : لا يهدي الله قلوب الناصبة . متى كان الدين الذي ارتضاه الله ورسوله متمكنا بانتشار الامن ( 1 ) في الامة ، وذهاب الخوف من قلوبها ، وارتفاع الشك من صدورها في عهد واحد من هؤلاء ، وفي عهد علي عليه السلام مع ارتداد المسلمين والفتن التي تثور في أيامهم ، والحروب التى كانت تنشب بين الكفار وبينهم . ثم تلا الصادق عليه السلام « حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا » ( 2 ) . وأما العبد الصالح ـ أعني الخضر عليه السلام ـ فإن الله تبارك وتعالى ما طول عمره لنبوة قدرها له ، ولا لكتاب ينزله عليه ، ولا لشريعة ينسخ بها شريعة من كان قبله من الانبياء ، ولا لامامة يلزم عباده الاقتداء بها ، ولا لطاعة يفرضها له ، بلى إن الله تبارك وتعالى لما كان في سابق علمه أن يقدر من عمر القائم عليه السلام في أيام غيبته ما يقدر ، وعلم ما يكون من إنكار عباده بمقدار ذلك العمر في الطول ، طول عمر العبد الصالح في غير سبب يوجب ذلك إلا لعلة الاستدلال به على عمر القائم عليه السلام وليقطع بذلك حجة المعاندين لئلا يكون للناس على الله حجة .
52 ـ حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي السمرقندي رضي الله عنه قال : حدثنا محمد بن جعفر بن مسعود ، وحيدر بن محمد بن نعيم السمرقندي جميعا ، عن محمد مسعود العياشي قال : حدثني علي بن محمد بن شجاع ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ابن عبد الرحمن ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير قال : قال الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام في قول الله عزوجل : « يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا » ( 3 ) يعني خروج القائم المنتظر منا ، ثم قال عليه السلام : يا أبا بصير طوبى لشيعة قائمنا المنتظرين لظهوره في غيبته ، والمطيعين له في ظهوره ، أولئك أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون .
____________
( 1 ) في بعض النسخ « بانتشار الامر » .
( 2 ) يوسف : 111 .
( 3 ) الانعام : 158 .

( 358 )

53 ـ حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي السمرقندي رضي الله عنه قال : حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود ، عن أبيه محمد بن مسعود العياشي ، عن جعفر ابن أحمد ، عن العمركي بن علي البوفكي ( 1 ) ، عن الحسن بن علي بن فضال ، عن مروان بن مسلم ، عن أبي بصير قال : قال الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام : طوبي لمن تمسك بأمرنا في غيبة قائمنا فلم يزغ قلبه بعد الهداية ، فقلت له جعلت فداك وما طوبى ؟ قال : شجرة في الجنة أصلها في دار علي بن أبي طالب عليه السلام وليس من مؤمن إلا وفي داره غصن من أغصانها ، وذلك قول الله عزوجل ، « طوبى لهم وحسن مآب » ( 2 ) .
54 ـ حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق قال : حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي قال : حدثنا موسى بن عمران النخعي ، عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير قال : قلت للصادق جعفر بن محمد عليهما السلام يا ابن رسول الله إني سمعت من أبيك عليه السلام أنه قال : يكون بعد القائم اثنا عشر مهديا فقال : إنما قال : اثنا عشر مهديا ، ولم يقل : إثنا عشر إماما ، ولكنهم قوم من شيعتنا يدعون الناس إلى موالاتنا ومعرفة حقنا .
55 ـ حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رضي الله عنه قال : حدثنا حمزة بن القاسم العلوي العباسي ( 3 ) قال : حدثنا جعفر بن محمد بن مالك الكوفي الفزاري قال : حدثنا محمد بن الحسين بن زيد الزيات قال : حدثنا محمد بن زياد الازدي ، عن المفضل بن عمر ، عن الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام قال : سألته عن قول الله عزوجل : « وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن » ( 4 ) ما هذه الكلمات ؟
____________
( 1 ) العمركي بن علي بن محمد البوفكي شيخ من أصحابنا ثقة ( صه ) وبوفك قرية بنيسابور ، وراوية جعفر بن أبي أحمد بن أيوب صحيح الحديث .
( 2 ) الرعد : 29 .
( 3 ) حمزة بن القاسم من أحفاد أبي الفضل العباس بن علي بن أبي طالب عليهما السلام الشهيد بطف جليل القدر من أصحابنا كثير الحديث .
( 4 ) البقرة : 124 .

( 359 )

قال : هي الكلمات التي تلقاها آدم من ربه فتاب الله عليه وهو أنه قال : « أسألك بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين إلا تبت علي » فتاب الله عليه إنه هو التواب الرحيم . فقلت له : يا ابن رسول الله فما يعني عزوجل بقوله « فأتمهن » ؟ قال : يعني فأتمهن إلى القائم اثني عشر إماما تعسة من ولد الحسين عليهم السلام .
قال المفضل : فقلت : يا ابن رسول الله فأخبرني عن قول الله عزوجل : « وجعلها كلمة باقية في عقبه » ( 1 ) قال : يعني بذلك الامامة ، جعلها الله تعالى في عقب الحسين إلى يوم القيامة ، قال : فقلت له : يا ابن رسول الله فكيف صارت الامامة في ولد الحسين دون ولد الحسن عليهما السلام وهما جميعا ولدا رسول الله صلى الله عليه وآله وسبطاه وسيدا شباب أهل الجنة ؟ فقال عليه السلام : إن موسى وهارون كانا نبيين مرسلين وأخوين فجعل الله عزوجل النبوة في صلب هارون دون صلب موسى عليهما السلام ، ولم يكن لاحد أن يقول : لم فعل الله ذلك ، وإن الامامة خلافة الله عزوجل في أرضه وليس لاحد أن يقول : لم جعله الله في صلب الحسين دون صلب الحسن عليهما السلام ، لان الله تبارك وتعالى هو الحكيم في أفعاله « لا يسئل عما يفعل وهم يسئلون » ( 2 ) .

34
( باب )
* ( ما روى عن أبي الحسن موسى بن جعفر في النص ) *
* ( على القائم عليه السلام وغيبته ، وأنه الثاني عشر ( من الائمة ) ) *
1 ـ حدثنا أبي ، ومحمد بن الحسن رضي الله عنهما قالا : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن الحسن بن عيسى بن محمد بن علي بن جعفر ، عن أبيه ، عن جده محمد بن علي ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السلام قال : إذا فقد الخامس من ولد السابع
____________
( 1 ) الزخرف : 27 .
( 2 ) الانبياء : 23 . وللمؤلف كلام طويل ذيل هذا الخبر في كتابه معاني الاخبار ص 127 .

( 360 )

فالله الله في أديانكم لا يزيلنكم أحد عنها ، يا بني ( 1 ) : إنه لا بد لصاحب هذا الامر من غيبة حتى يرجع عن هذا الامر من كان يقول به ، إنما هي محنة من الله عزوجل امتحن بها خلقه ، ولو علم آباؤكم وأجدادكم دينا أصح من هذه لا تبعوه . فقلت : يا سيدي وما الخامس من ولد السابع ؟ فقال : يا بني عقولكم تضعف عن ذلك وأحلامكم تضيق عن حمله ولكن إن تعيشوا فسوف تدركونه .
2 ـ حدثنا أبي رضي الله عنه قال : حدثنا سعد بن عبد الله قال : حدثنا الحسن ابن موسى الخشاب ، عن العباس بن عامر القصباني ( 2 ) قال : سمعت أبا الحسن موسى ابن جعفر عليهما السلام يقول : صاحب هذا الامر من يقول الناس : لم يولد بعد ( 3 ) .
3 ـ حدثنا أبي رضي الله عنه قال : حدثنا سعد بن عبد الله قال : حدثنا أحمد ابن محمد بن عيسى ، عن موسى بن القاسم ، عن معاوية بن وهب البجلي ، وأبي قتادة علي ابن محمد بن حفص ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السلام قال : قلت : ما تأويل قول الله عزوجل : « قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورا فمن يأتيكم بماء معين » ( 4 ) فقال : إذا فقدتم إمامكم فلم تروه فماذا تصنعون .
____________
( 1 ) كذا في نسخ الكتاب وعلل الشرايع وغيبة الطوسي وغيبة النعماني رحمهما الله وكفاية الاثر ، والخطاب لاخيه علي بن جعفر ولعله من باب اللطف والشفقة ، أو يكون في الاصل « علي بن جعفر قال : حدثنا موسى بن جعفر عليهما السلام ـ الخ » وقوله : « يا بني » بصيغة الجمع من باب الشفقة أيضا .
( 2 ) عباس بن عامر بن رباح أبو الفضل الثقفي القصبانى عنونه الشيخ في رجاله تارة من أصحاب الكاظم عليه السلام واخرى في باب من لم يرو عنهم عليه السلام ، وعنونه العلاقة في القسم الاول وقال : الشيخ الصدوق الثقة انتهى . والقصباني نسبة إلى بيع القصب كما في اللباب وهو خلاف القياس
( 3 ) اعلم أن الخبر يأتي أيضا في باب ما روى عن الهادي عليه السلام في النص على القائم وغيبته عن سعد عن الخشاب عن اسحاق بن محمد بن أيوب ، عن الهادي ( ع ) ص 382 .
( 4 ) الملك : 30 .