وإذا جاز أن يغيب الله عزوجل اسمه الاعظم في الحروف المقطوعة في كتابه الذي هو حجته وكلامه ، فكذلك جائز أن يغيب حجته في الناس عن عباده المؤمنين وغيرهم لعلمه عزوجل أنه متى أظهره وقع من أكثر الناس التعدي لحدود الله في شأنه فيستحقون بذلك القتل ، فان قتلهم لم يجز وفي أصلابهم مؤمنون ، وإن لم يقتلهم لم يجز وقد استحقوا القتل .
فالحكمة للغيبة في مثل هذه الحالة موجبة ، فإذا تزيلوا ولم يبق في أصلابهم مؤمن أظهره الله عزوجل فخسف بأعدائه وأبادهم ( 1 ) ، ألا ترى المحصنة إذا زنت وهي حبلى لم ترجم حتى تضع ولدها وترضعه إلا أن يتكفل برضاعه رجل من المسلمين ، فهذا سبيل من في صلبه مؤمن إذا وجب عليه القتل لم يقتل حتى يزايله ، ولا يعلم ذلك إلا من يكون حجة من قبل علام الغيوب ، ولهذا لا يقيم الحدود إلا هو ، وهذه هي العلة التي من أجلها ترك أمير المؤمنين عليه السلام مجاهدة أهل الخلاف خمسا وعشرين سنة بعد رسول الله صلى الله عليه واله .
حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور رضي الله عنه قال : حدثنا الحسين ابن محمد بن عامر ، عن عمه عبد الله بن عامر ، عن محمد بن أبي عمير ، عمن ذكره ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : قلت له : ما بال أمير المؤمنين عليه السلام لم يقاتل مخالفيه في الاول ؟ قال : لآية في كتاب الله تعالى : « لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما » ، قال : قلت : وما يعني بتزايلهم ؟ قال : ودائع مؤمنون في أصلاب قوم كافرين .
وكذلك القائم عليه السلام لم يظهر أبدا حتى تخرج ودائع الله عزوجل فإذا خرجت ظهر على من ظهر من أعداء الله عزوجل فقتلهم .
حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي رضي الله عنه قال :
____________
( 1 ) أباده أي أهلكه .
( 642 )

حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود ، عن أبيه ، عن علي بن محمد ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن محبوب ، عن إبراهيم الكرخي قال : قلت لابي عبد الله عليه السلام ـ أو قال له رجل ـ : أصلحك الله ألم يكن علي عليه السلام قويا في دين الله عزوجل ؟ قال : بلى ؟ قال : فكيف ظهر عليه القوم ، وكيف لم يدفعهم وما يمنعه ( 1 ) من ذلك ؟ قال : آية في كتاب الله عزوجل منعته ؟ قال : قلت : وأية آية هي ؟ قال : قوله عزوجل : « لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما » إنه كان لله عزوجل ودائع مؤمنون في أصلاب قوم كافرين ومنافقين فلم يكن علي عليه السلام ليقتل الآباء حتى يخرج الودائع فلما خرجت الودائع ظهر على من ظهر فقاتله . وكذلك قائمنا أهل البيت لن يظهر أبدا حتى تظهر ودائع الله عزوجل فإذا ظهرت ظهر على من يظهر فقتله .
حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر السمرقندي العلوي رضي الله عنه قال : حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود ، عن أبيه قال : حدثنا جبرئيل ابن أحمد قال : حدثني محمد بن عيسى بن عبيد ، عن يونس بن عبد الرحمن عن منصور بن حازم ، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عزوجل : « لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما » ، لو أخرج الله عزوجل ما في أصلاب المؤمنين من الكافرين وما في أصلاب الكافرين من المؤمنين لعذب الذين كفروا .

* * *

و ( 2 ) حدثنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن أحمد الفقيه الاسواري بايلاق قال : حدثنا مكي بن أحمد البرذعي قال : سمعت إسحاق بن إبراهيم الطرسوسي يقول ـ وكان قد أتى عليه سبع وتسعون سنة على باب يحيى بن منصور ـ قال : رأيت سربانك ملك الهند في بلدة تسمى « قنوج » ( 3 ) فسألناه كم أتى عليك من السنين ؟ فقال : تسعمائة
____________
( 1 ) في بعض النسخ « لم يمنعهم وما منعه » .
( 2 ) عطف على ما سبق من أخبار المعمرين .
( 3 ) بقتح القاف وتشديد النون وآخره جيم ، موضع ببلاد الهند . ( المراصد ) .

( 643 )

سنة وخمس وعشرون سنة وهو مسلم وزعم أن النبي صلى الله عليه وآله أنفذ إليه عشرة من أصحابه فيهم حذيفة بن اليمان وعمرو بن العاص واسامة بن زيد وأبو موسى الاشعري وصهيب الرومي وسفينة وغيرهم يدعونه إلى الاسلام فأجاب وأسلم وقبل كتاب النبي صلى الله عليه وآله فقلت له : كيف تصلي مع هذا الضعف ؟ فقال لي : قال الله تعالى : « الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ـ الاية » فقلت له : وما طعامك ، فقال : آكل ماء اللحم والكراث ، وسألته هل يخرج منك شيء فقال : في كل أسبوع مرة شيء يسير ، قال : وسألته عن أسنانه : فقال أبدلتها عشرين مرة ورأيت ( له ) في اصطبله شيئا من الدواب أكبر من الفيل يقال له : زند فيل ، فقلت له : وما تصنع بهذا ؟ قال : يحمل بها ثياب الخدم إلى القصار . ومملكته مسيرة أربع سنين في مثلها ، ومدينته طولها خمسون فرسخا في مثلها ، وعلى كل باب منها عسكر في مائة ألف وعشرين ألفا ، إذا وقع في أحد من تلك الابواب حدث خرجت تلك الفرقة إلى الحرب لا يستعان بغيرها وهو في وسط المدينة وسمعته يقول : دخلت المغرب ( 1 ) فبلغت إلى الرمل ـ رمل العالج ـ وصرت إلى قوم موسى عليه السلام ، فرأيت سطوح بيوتهم مستوية وبيدر الطعام ( 2 ) خارج القرية يأخذون منه القوت والباقي يتركونه هناك وقبورهم في دورهم وبساتينهم من المدينة على فرسخين ليس فيهم شيخ ولا شيخة ولم أر فيهم علة ولا يعتلون إلى أن يموتوا ، ولهم أسواق إذا أراد إنسان منهم شراء شيء صار إلى السوق فوزن لنفسه وأخذ ما يصيبه وصاحبه غير حاضر ، وإذا أرادوا الصلاة حضروا فصلوا وانصرفوا ، لا يكون بينهم خصومة أبدا ولا كلام يكره إلا ذكر الله عزوجل والصلاة وذكر الموت .
قال مصنف هذا الكتاب ـ رحمه الله ـ : فإذا كان جاز عند مخالفينا مثل هذه الحال لسربانك ملك الهند فينبغي أن لا يحيلوا مثل ذلك في حجة الله في التعمير ولا قوة إلا بالله .
____________
( 1 ) في بعض النسخ « دخلت إلى العرب » .
( 2 ) يعني الموضع الذي يجمع فيه الحصيد والقمح ويداس .

( 644 )

55
( باب )
* ( ماروى في ثواب المنتظر للفرج ) *
1 ـ حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي السمرقندي رضي الله عنه قال : حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود قال : حدثنا جعفر بن محمد ( 1 ) قال : حدثني العمركي ابن علي البوفكي ، عن الحسن بن علي بن فضال ، عن ثعلبة بن ميمون ، عن موسى النميري ( 2 ) ، عن العلاء بن سيابة ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : من مات منكم على هذا الامر منتظرا له كان كمن كان في فسطاط القائم عليه السلام .
2 ـ وبهذا الاسناد ، عن ثعلبة ، عن عمر بن أبان ، عن عبد الحميد الواسطي عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليهما السلام قال : قلت له : أصلحك الله لقد تركنا أسواقنا إنتظارا لهذا الامر ، فقال عليه السلام : يا عبد الحميد أترى من حبس نفسه على الله عزوجل لا يجعل الله له مخرجا ؟ بلى والله ليجعلن الله له مخرجا ، رحم الله عبدا حبس نفسه علينا ، رحم الله عبدا أحيا أمرنا ، قال : قلت : فإن مت قبل أن أدرك القائم ؟ قال : القائل منكم أن لو أدركت قائم آل محمد نصرته ، كان كالمقارع بين يديه بسيفه ، لابل كالشهيد معه .
3 ـ وبهذا الاسناد ، عن محمد بن مسعود ، عن جعفر بن معروف قال : أخبرني محمد بن الحسين ، عن جعفر بن بشير ، عن موسى بن بكر الواسطي ، عن أبي الحسن عن آبائه عليهم السلام أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : أفضل أعمال أمتي انتظار الفرج من الله عزوجل
____________
( 1 ) كذا في بعض النسخ وفي بعضها « جعفر بن أحمد » ولعل الصواب « جعفر بن معروف » .
( 2 ) هو موسى بن أكيل النميري من اصحاب الصادق عليه السلام ثقة ، وصحف في بعض النسخ « بالهرمزي » وفي بعضها « بالبربري » . وفي بعضها « بالنهريري » .

( 645 )

4 ـ وبهذا الاسناد ، عن محمد بن عبد الحميد ، عن محمد بن الفضيل ( 1 ) عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال : سألته عن الفرج ؟ قال : إن الله عزوجل يقول : « إنتظروا إني معكم من المنتظرين » ( 2 ) .
5 ـ وبهذا الاسناد ، عن محمد بن مسعود قال : حدثني أبو صالح خلف بن حماد الكشي قال : حدثنا سهل بن زياد ( 3 ) قال : حدثني محمد بن الحسين ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال : قال الرضا عليه السلام : ما أحسن الصبر وانتظار الفرج أما سمعت قول الله عزوجل : « وارتقبوا إني معكم رقيب » ( 4 ) ، « فانتظروا إني معكم من المنتظرين » ، فعليكم بالصبر فإنه إنما يجئ الفرج على اليأس ، فقد كان الذين من قبلكم أصبر منكم .
6 ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال : حدثنا محمد ابن الحسن الصفار ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن القاسم بن يحيى ، عن جده الحسن بن راشد ، عن أبي بصير ، ومحمد بن مسلم ، عن أبي عبد الله ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين عليهم السلام قال : المنتظر لامرنا كالمتشحط بدمه في سبيل الله
7 ـ حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي السمرقندي رضي الله عنه قال : حدثنا حيدر بن محمد ، وجعفر بن محمد بن مسعود قالا : حدثنا محمد بن مسعود قال : حدثنا القاسم بن هشام اللؤلؤي قال : حدثنا الحسن بن محبوب ، عن هشام
____________
( 1 ) محمد بن الفضيل من أصحاب الرضا عليه السلام أزدي صيرفي ، يرمى بالغلو ( صه ) وقال الشيخ ( ره ) في رجاله : محمد بن الفضيل الكوفي الازدي ضعيف .
( 2 ) الاعراف : 71 . والظاهر ومن السياق المراد انتظار العذاب . والتأويل بالصاحب عليه السلام غريب جدا والعلم عند الله .
( 3 ) سهل بن زياد ضعيف في الحديث غير معتمد عليه وكان احمد بن محمد بن عيسى يشهد عليه بالغلو والكذب وأخرجه من قم إلى الرى . ( جش )
( 4 ) تمام الاية في سورة هود : 94 « يا قوم اعملوا على مكانتكم اني عامل سوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ومن هو كاذب وارتقبوا اني معكم رقيب »

( 646 )

ابن سالم ، عن عمار الساباطي قال : قلت لابي عبد الله عليه السلام : العبادة مع الامام منكم المستتر في دولة الباطل أفضل ، أم العبادة في الظهور الحق ودولته مع الامام الظاهر منكم ؟ فقال : يا عمار الصدقة والله في السر [ في دولة الباطل ] أفضل من الصدقة في العلانية وكذلك عبادتكم في السر مع إمامكم المستتر في دولة الباطل أفضل لخوفكم من عدوكم في دولة الباطل وحال الهدنة ممن يعبد الله عزوجل في ظهور الحق مع الامام الظاهر في دولة الحق ، وليس العبادة مع الخوف وفي دولة الباطل مثل العبادة مع الامن في دولة الحق ، إعلموا أن من صلى منكم صلاة فريضة وحدانا مستترا بها من عدوه في وقتها فأتمها كتب الله عزوجل له بها خمسا وعشرين صلاة فريضة وحدانية ، ومن صلى منكم صلاة نافلة في وقتها قاتمها كتب الله عزوجل له بها عشر صلوات نوافل ، ومن عمل منكم حسنة كتب الله له بها عشرين حسنة ، ويضاعف الله حسنات المؤمن منكم أذا أحسن أعماله ودان الله عزوجل بالتقية على دينه وعلى إمامه وعلى ونفسه وأمسك من لسانه أضعافا مضاعفة كثيرة ، إن الله عزوجل كريم .
قال : فقلت : جعلت فداك قد رغبتني في العمل وحثثتني عليه ولكني احب أن أعلم كيف صرنا اليوم أفضل أعمالا من أصحاب الامام منكم الظاهر في دولة الحق ونحن وهم على دين واحد وهو دين الله عزوجل ؟
فقال : إنكم سبقتموهم إلى الدخول في دين الله عزوجل وإلى الصلاة والصوم والحج وإلى كل فقه وخير وإلى عبادة الله سرا مع عدوكم مع الامام المستتر مطيعون له ، صابرون معه ، منتظرون لدولة الحق ، خائفون على إمامكم وأنفسكم من الملوك ، تنظرون إلى حق إمامكم وحقكم في أيدي الظلمة قد منعوكم ذلك واضطروكم إلى حرث الدنيا ( 1 ) وطلب المعاش مع الصبر على دينكم وعبادتكم وطاعة إمامكم والخوف من عدوكم ، فبذلك ضاعف الله أعمالكم ، فهنيئا لكم هنيئا .
قال : فقلت له : جعلت فداك فما نتمنى إذا أن نكون من أصحاب الامام القائم في ظهور الحق ونحن اليوم في إمامتك وطاعتك أفضل أعمالا من أعمال أصحاب دولة
____________
( 1 ) في بعض النسخ « إلى جدب الارض » .
( 647 )

الحق ؟ فقال : سبحان الله : أما تحبون أن يظهر الله عزوجل الحق والعدل في البلاد ، ويحسن حال عامة العباد ( 1 ) ، ويجمع الله الكلمة ويؤلف بين قلوب مختلفة ولا يعصى الله عزوجل في أرضه ، ويقام حدود الله في خلقه ، ويرد الله الحق إلى أهله فيظهروه حتى لا يستخفى بشيء من الحق مخافة أحد من الخلق ، أما والله يا عمار لا يموت منكم ميت على الحال التي أنتم عليها إلا كان أفضل عند الله عزوجل من كثير ممن شهد بدرا واحدا فأبشروا .
8 ـ حدثنا علي بن أحمد رضي الله عنه قال : حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي قال : حدثنا موسى بن عمران النخعي ، عن الحسين بن يزيد النوفلي ، عن أبي إبراهيم الكوفي قال : دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فكنت عنده إذ دخل عليه أبو الحسن موسى ابن جعفر عليهما السلام وهو غلام فقمت إليه وقبلت رأسه وجلست فقال لي أبو عبد الله عليه السلام : يا أبا إبراهيم أما إنه صاحبك من بعدي ، أما ليهلكن فيه أقوام ويسعد آخرون ، فلعن الله قاتله ، وضاعف على روحه العذاب ، أما ليخرجن الله عزوجل من صلبه خير أهل الارض في زمانه بعد عجائب تمر به حسدا له ، ولكن الله تعالى بالغ أمره ولو كره المشركون يخرج الله تبارك وتعالى من صلبه تكملة اثني عشر مهديا ، واختصهم الله بكرامته و أحلهم دار قدسه ، المنتظر للثاني عشر كالشاهر سيفه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله يذب عنه . فدخل رجل من موالي بني امية فانقطع الكلام وعدت إلى أبي عبد الله عليه السلام خمس عشرة مرة اريد استتمام الكلام فما قدرت على ذلك ، فلما كان من قابل دخلت عليه وهو جالس فقال لي : يا أبا إبراهيم هو المفرج للكرب عن شيعته بعد ضنك شديد وبلاء طويل وجور ، فطوبى لمن أدرك ذلك الزمان ، حسبك الله يا أبا إبراهيم قال أبو إبراهيم : فما رجعت بشيء أسر إلي من هذا ولا أفرح لقلبي منه ( 2 ) .
____________
( 1 ) في بعض النسخ « عامة الناس » .
( 2 ) تقدم هذا الخبر بتمامه ص 334 .

( 648 )

56
( باب )
* ( النهى عن تسمية القائم عليه السلام ) *
1 ـ حدثنا أبي رضي الله عنه قال : حدثني سعد بن عبد الله ، عن يعقوب بن يزبد عن الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : صاحب هذا الامر رجل لا يسميه باسمه إلا كافر .
2 ـ حدثنا أبي ، ومحمد بن الحسن رضي الله عنهما قالا : حدثنا سعد بن عبد الله عن جعفر بن محمد بن مالك ، عن علي بن الحسن بن فضال ، عن الريان بن الصلت قال : سئل الرضا عليه السلام عن القائم عليه السلام فقال : لا يرى جسمه ، ولا يسمى باسمه
3 ـ حدثنا أبي ، ومحمد بن الحسن رضي الله عنهما قالا : حدثنا سعد بن عبد الله عن محمد بن عيسى بن عبيد ، عن إسماعيل بن أبان ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر بن يزيد الجعفي قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : سأل عمر أمير المؤمنين عليه السلام عن المهدي فقال : يا ابن أبي طالب أخبرني عن المهدي ما اسمه ؟ قال أما اسمه فلا ، إن حبيبي وخليلي عهد إلي أن لا احدث باسمه حتى يبعثه الله عزوجل وهو مما استودع الله عزوجل رسوله في علمه .
4 ـ حدثنا أبي رضي الله عنه قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن محمد بن أحمد العلوي ، عن أبي هاشم الجعفري قال : سمعت أبا الحسن العسكري عليه السلام يقول : الخلف من بعدي الحسن ابني فكيف لكم بالخلف من بعد الخلف ؟ قلت : ولم جعلني الله فداك ؟ قال : لانكم لا ترون شخصه ولا يحل لكم ذكره باسمه ، قلت : فكيف نذكره ؟ فقال : قولوا : الحجة من آل محمد صلوات الله عليه وسلامه .


( 649 )

57
( باب )
* ( ما روى في علامات خروج القائم عليه السلام ) *
1 ـ حدثنا أبي رضي الله عنه قال : حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري ، عن إبراهيم بن مهزيار ، عن أخيه علي ، عن الحسين بن سعيد ، عن صفوان بن يحيى عن محمد بن حكيم ، عن ميمون البان ، عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال : خمس قبل قيام القائم عليه السلام : اليماني والسفياني والمنادي ينادي من السماء وخسف بالبيداء وقتل النفس الزكية .
2 ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال : حدثنا محمد ابن الحسن الصفار ، عن العباس بن معروف ، عن علي بن مهزيار ، عن عبد الله بن محمد الحجال ، عن ثعلبة بن ميمون ، عن شعيب الحذاء ، عن صالح مولى بني العذراء قال : سمعت أبا عبد الله الصادق عليه السلام يقول : ليس بين قيام قائم آل محمد وبين قتل النفس الزكية إلا خمسة عشر ليلة .
3 ـ حدثنا أبي رضي الله عنه قال : حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري ، عن أحمد بن هلال ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبي أيوب الخزاز ، والعلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : إن قدام القائم علامات تكون من الله عزوجل للمؤمنين ، قلت : وما هي جعلني الله فداك ؟ قال : ذلك قول الله عز وجل « ولنبلونكم » يعني المؤمنين قبل خروج القائم عليه السلام « بشيء من الخوف والجوع ونقص من الاموال والانفس والثمرات وبشر الصابرين » ( 1 ) قال : يبلوهم بشيء من الخوف من ملوك بني فلان في آخر سلطانهم ، والجوع بغلاء أسعارهم « ونقص من الاموال » قال : كساد التجارات وقلة الفضل . ونقص من الانفس قال : موت ذريع ( 2 ) .
____________
( 1 ) البقرة : 155 .
( 2 ) الذريع : السريع .

( 650 )

ونقص من الثمرات قال : قلة ريع ما يزرع « وبشر الصابرين » عند ذلك بتعجيل خروج القائم عليه السلام .
ثم قال لي : يا محمد هذا تأويله إن الله تعالى يقول : « وما يعلم تأويله إلا الله و الراسخون في العلم » ( 1 ) .
4 ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال : حدثنا الحسين ابن الحسن بن أبان ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى الحلبي عن الحارث بن المغيرة البصري ، عن ميمون البان قال : كنت عند أبي جعفر عليه السلام في فسطاطه فرفع جانب الفسطاط فقال : إن أمرنا قد كان أبين من هذه الشمس ، ثم قال : ينادي مناد من السماء فلان بن فلان هو الامام باسمه ، وينادي إبليس لعنه الله من الارض كما نادى برسول الله صلى الله عليه وآله ليلة العقبة
5 ـ وبهذا الاسناد ، عن الحسين بن سعيد ، عن صفوان بن يحيى ، عن عيسى ابن أعين ، عن المعلي بن خنيس ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : إن أمر السفياني من الامر المحتوم ، وخروجه في رجب .
6 ـ وبهذا الاسناد ، عن الحسين بن سعيد ، عن حماد بن عيسى ، عن إبراهيم ابن عمر ، عن أبي أيوب ، عن الحارث بن المغيرة ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : الصيحة التي في شهر رمضان تكون ليلة الجمعة لثلاث وعشرين مضين من شهر رمضان
7 ـ وبهذا الاسناد ، عن الحسين بن سعيد ، عن محمد بن أبي عمير ، عن عمر بن ـ حنظلة قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : قبل قيام القائم خمس علامات محتومات اليماني ، والسفياني ، والصيحة ، وقتل النفس الزكية ، والخسف بالبيداء .
8 ـ حدثنا أبي رضي الله عنه قال : حدثنا سعد بن عبد الله قال : حدثنا محمد ابن الحسين بن أبي الخطاب ، عن جعفر بن بشير ، عن هشام بن سالم ، عن زرارة ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : ينادي مناد باسم القائم عليه السلام ، قلت : خاص أو عام ؟ قال : عام يسمع كل قوم بلسانهم ، قلت : فمن يخالف القائم عليه السلام وقد نودي باسمه ؟ قال : لا
____________
( 1 ) آل عمران : 7 .
( 651 )

يدعهم إبليس حتى ينادي ( في آخر الليل ) ( 1 ) ويشكك الناس .
9 ـ حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رضي الله عنه قال : حدثنا عمي محمد بن أبي القاسم ، عن محمد بن علي الكوفي ، عن محمد بن أبي عمير ، عن عمر بن اذينة قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : قال : أبي عليه السلام : قال : أمير المؤمنين عليه السلام : يخرج ابن آكلة الاكباد من الوادي اليابس وهو رجل ربعة ، وحش الوجه ( 2 ) ، ضخم الهامة ، بوجهه أثر جدري إذا رأيته حسبته أعور ، إسمه عثمان وأبوه عنبسة ، وهو من ولد أبي سفيان حتى يأتي أرضا ذات قرار ومعين ( 3 ) فيستوي على منبرها
10 ـ حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي الله عنه قال : حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه إبراهيم بن هاشم ، عن محمد بن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان عن عمر بن يزيد قال : قال لي أبو عبد الله الصادق عليه السلام : إنك لو رأيت السفياني لرأيت أخبث الناس ، أشقر أحمر أزرق ، يقول : يا رب ثاري ثاري ثم النار ( 4 ) ، وقد بلغ من خبثه أنه يدفن ام ولد له وهي حية مخافة أن تدل عليه .
11 ـ حدثنا أبي ، ومحمد بن الحسن رضي الله عنهما قالا : حدثنا محمد بن أبي القاسم ماجيلويه ، عن محمد بن علي الكوفي قال : حدثنا الحسين بن سفيان ، عن قتيبة بن محمد ، عن عبد الله بن أبي منصور البجلي قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن اسم السفياني فقال : وما تصنع باسمه ؟ إذا ملك كور الشام الخمس : دمشق ، وحمص ، وفلسطين ، و
____________
( 1 ) قال في البحار : الظاهر « في آخر النهار » كما سيأتي تحت رقم 14 ، ولعله من النساخ ولم يكن في بعض النسخ « في أخر الليل » أصلا فالزيادة من النساخ .
( 2 ) أي يستوحش من يراه ولا يستأنس به وفى بعض النسخ « وخش الوجه » بالخاء المعجمة ، والوخش : الردي من كل شيء ، ورذال الناس وسقاطهم للواحد والجمع و المذكر والمؤمث ، ( القاموس ) وفى بعض النسخ المصححة « خشن الوجه » .
( 3 ) يعني الكوفة كما جاءت به الاخبار .
( 4 ) في غيبة النعماني بسند آخر عنه عليه السلام « يا رب ثاري والنار ، يا رب ثاري والنار » ولعل المعنى يا رب اني اطلب ثارى ولو بدخول النار .

( 652 )

الاردن ، وقنسرين ، فتوقعوا عند ذلك الفرج ، قلت : يملك تسعة أشهر ؟ قال : لا ولكن يملك ثمانية أشهر لا يزيد يوما
12 ـ حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي الله عنه قال : حدثنا أحمد بن علي الانصاري ، عن أبي الصلت الهروي قال : قلت للرضا عليه السلام : ما علامات القائم منكم إذا خرج ؟ قال : علامته أن يكون شيخ السن ، شاب المنظر حتى أن الناظر إليه ليحسبه ابن أربعين سنة أو دونها ، وإن من علاماته أن لا يهرم بمرور الايام والليالي حتى يأتيه أجله .
13 ـ حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رضي الله عنه ، عن عمه محمد بن أبي القاسم عن محمد بن على الكوفي ، عن أبيه ، عن أبي المغرا ، عن المعلى بن خنيس ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : صوت جبرئيل من السماء ، وصوت إبليس من الارض ، فاتبعوا الصوت الاول ، وإياكم والاخير أن تفتتنوا به
14 ـ حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضي الله عنه قال : حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبي حمزة الثمالي قال : قلت لابي عبد الله عليه السلام : إن أبا جعفر عليه السلام كان يقول : إن خروج السفياني من الامر المحتوم ؟ قال ( لي ) : نعم ، واختلاف ولد العباس من المحتوم ، وقتل النفس الزكية من المحتوم ، وخروج القائم عليه السلام من المحتوم ، فقلت له : كيف يكون ( ذلك ) النداء ؟ قال : ينادي مناد من السماء أول النهار : ألا إن الحق في علي وشيعته ، ثم ينادي إبليس لعنه الله في آخر النهار : ألا إن الحق في السفياني وشيعته ، فيرتاب عند ذلك المبطلون .
15 ـ حدثنا محمد بن الحسن رضي الله عنه قال : حدثنا الحسين بن الحسن بن أبان عن الحسين بن سعيد ، عن صفوان بن يحيى ، عن عيسى بن أعين ، عن المعلى بن خنيس عن أبي عبد الله عليه السلام قال : إن أمر السفياني من المحتوم وخروجه في رجب .
16 ـ وبهذا الاسناد ، عن الحسين بن سعيد ، عن حماد بن عيسى ، عن إبراهيم ابن عمر ، عن أبي أيوب ، عن الحارث بن المغيرة ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : الصيحة التي في شهر رمضان تكون ليلة الجمعة لثلاث وعشرين مضين من شهر رمضان .


( 653 )

17 ـ حدثنا علي بن أحمد بن موسى رضي الله عنه قال : حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي قال : حدثنا محمد بن إسماعيل البرمكي قال : حدثنا إسماعيل بن مالك ، عز محمد بن سنان ، عن أبي الجارود زياد بن المنذر ، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر ، عن أبيه ، عن جده عليهم السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام ـ وهو على المنبر ـ : يخرج رجل من ولدي في آخر الزمان أبيض اللون ، مشرب بالحمرة ، مبدح البطن ( 1 ) عريض الفخذين ، عظيم مشاش المنكبين ( 2 ) بظهره شامتان : شامة على لون جلده ( 3 ) وشامة على شبه شامة النبي صلى الله عليه وآله ، له اسمان : اسم يخفى واسم يعلن ، فأما الذي يخفى فأحمد وأما الذي يعلن فمحمد ، إذا هز رايته أضاء لها ما بين المشرق والمغرب ، و وضع يده على رؤوس العباد فلا يبقى مؤمن إلا صار قلبه أشد من زبر الحديد ، و أعطاه الله تعالي قوة أربعين رجلا ، ولا يبقى ميت إلا دخلت عليه تلك الفرحة ( في قلبه ) وهو في قبره ، وهم يتزاورون في قبورهم ، ويتباشرون بقيام القائم صلوات الله عليه .
18 ـ وبهذا الاسناد ، عن محمد بن سنان ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : إن العلم بكتاب الله عزوجل وسنة نبية صلى الله عليه وآله لينبت في قلب مهدينا كما ينبت الزرع على أحسن نباته ، فمن بقي منكم حتى يراه فليقل حين يراه : السلام عليكم يا أهل بيت الرحمة والنبوة ومعدن العلم وموضع الرسالة . وروي أن التسليم على القائم عليه السلام أن يقال له : « السلام عليك يا بقية الله في أرضه »
19 ـ حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس رضي الله عنه قال : حدثنا أبي ، عن
____________
( 1 ) مبدح البطن أي واسعه وعريضه ـ والبداح . المتسع من الارض . والبدح ـ بالكسر ـ : الفضاء الواسع وامرأة بيدح أي بادن . والابدح : الرجل الطويل ( السمين والعريض الجنين من الدواب ( القاموس ) .
( 2 ) « مشاش » جمع المشاشة ـ بالضم ـ وهي رأس العظم الممكن المضغ
( 3 ) الشامة علامة تخالف البدن الذي هي فيه اما باللون أو التورم ، وهي الخال .

( 654 )

أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير قال : قال : أبو جعفر عليه السلام : يخرج القائم عليه السلام يوم السبب يوم عاشورا يوم الذي قتل فيه الحسين عليه السلام
20 ـ وبهذا الاسناد ، عن الحسين بن سعيد ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي أيوب ، عن أبي بصير قال : سأل رجل من أهل الكوفة أبا عبد الله عليه السلام : كم يخرج مع القائم عليه السلام ؟ فإنهم يقولون : إنه يخرج معه مثل عدة أهل بدر ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا ، قال : وما يخرج إلا في أولي قوة ، وما تكون أولوا القوة أقل من عشرة آلاف .
21 ـ حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار رضي الله عنه قال : حدثنا أبي : عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن محمد بن سنان ، عن أبي خالد القماط ، عن ضريس ، عن أبي خالد الكابلي ، عن سيد العابدين علي بن الحسين عليهما السلام قال : المفقودون عن فرشهم ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا عدة أهل بدر فيصبحون بمكة ، وهو قول الله عزوجل : « أينما تكونوا يأت بكم الله جميعا » ( 1 ) وهم أصحاب القائم عليه السلام .
22 ـ حدثنا محمد بن الحسن رضي الله عنه قال : حدثنا محمد بن يحيى العطار ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن صفوان بن يحيى ، عن مندل ( 2 ) ، عن بكار ابن أبي بكر ، عن عبد الله بن عجلان قال : ذكرنا خروج القائم عليه السلام عند أبي عبد الله عليه السلام فقلت له : كيف لنا أن نعلم ذلك ؟ فقال : يصبح أحدكم وتحت رأسه صحيفة عليها مكتوب « طاعة معروفة » .
وروي أنه يكون في راية المهدي عليه السلام « البيعة لله عزوجل »
23 ـ حدثنا أبي رضي الله عنه قال : حدثنا علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن محمد بن أبي عمير ، عن عمرو بن أبي المقدام ، عن أبيه ، عن عبيد بن كرب ( 3 ) قال : سمعت عليا عليه السلام يقول : إن لنا أهل البيت راية من تقدمها مرق ومن تأخر عنها محق ، ومن تبعها ( 4 ) لحق .
____________
( 1 ) البقرة : 148 .
( 2 ) في أكثر النسخ « منذر » .
( 3 ) كذا والظاهر أنه تصحيف والصواب عبيد الكندي الكوفي ذكره ابن حبان في الثقات .
( 4 ) في بعض النسخ « من لزمها » .

( 655 )

24 ـ حدثنا علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله البرقي قال : حدثني أبي ، عن جده أحمد بن أبي عبد الله البرقي ، عن أبيه محمد بن خالد ، عن إبراهيم ابن عقبة ، عن زكريا ، عن أبيه ، عن عمرو بن أبي المقدام ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : يموت سفيه من آل العباس بالسر ، يكون سبب موته أنه ينكح خصيا فيقوم فيذبحه ويكتم موته أربعين يوما ، فإذا سارت الركبان في طلب الخصي لم يرجع أول من يخرج [ إلى آخر من يخرج ] حتى يذهب ملكهم .
25 ـ حدثنا محمد بن الحسن رضي الله عنه قال : حدثنا الحسين بن الحسن ابن أبان ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى الحلبي ، عن الحكم الحناط ، عن محمد بن همام ، عن ورد ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : إثنان بين يدي هذا الامر : خسوف القمر لخمس ، وكسوف الشمس لخمس عشرة [ و ] لم يكن ذلك منذ هبط آدم عليه السلام إلى الارض ، وعند ذلك يسقط حساب المنجمين ( 1 ) .
26 ـ وبهذا الاسناد ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى الحلبي ، عن معمر بن يحيى ، عن أبي خالد الكابلي ، عن علي بن الحسين عليهما السلام قال : إذا بنى بنو العباس مدينة على شاطئ الفرات كان بقاؤهم بعدها سنة .
27 ـ وبهذا الاسناد ، عن الحسين بن سعيد ، عن صفوان بن يحيى ، عن عبد الرحمن بن الحجاج ، عن سليمان بن خالد قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : قدام القائم موتتان : موت أحمر وموت أبيض ، حتى يذهب من كل سبعة خمسة ، الموت الاحمر السيف ، والموت الابيض الطاعون .
28 ـ حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضي الله عنه قال : حدثنا علي بن الحسين السعد آبادي ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبيه ، عن محمد بن أبي عمير ، عن أبي أيوب ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : تنكسف الشمس لخمس مضين من شهر رمضان قبل قيام القائم عليه السلام .
29 ـ وبهذا الاسناد ، عن أبي أيوب ، عن أبي بصير ، ومحمد بن مسلم قالا : سمعنا
____________
( 1 ) ذلك لان الخسوف في أواسط الشهر والكسوف في أواخره كما هو المعهود .
( 656 )

أبا عبد الله عليه السلام يقول : لا يكون هذا الامر حتى يذهب ثلث الناس ، فقيل له : إذا ذهب ثلث الناس فما يبقى ؟ فقال عليه السلام : أما ترضون أن تكونوا الثلث الباقي .
قال [ أبو جعفر محمد بن علي بن بابويه ] مصنف هذا الكتاب رضي الله عنه : وقد أخرجت ما روي في علامات القائم عليه السلام وسيرته وما يجري في أيامه في الكتاب السر المكتوم إلى الوقت المعلوم [ ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ] .

58
( باب )
* ( في نوادر الكتاب ) *
1 ـ حدثنا أحمد بن هارون القاضي ( 1 ) ، وجعفر بن محمد بن مسرور ، وعلي بن الحسين بن شاذويه المؤدب رضي الله عنهم قالوا : حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر بن جامع الحميري قال : حدثنا أبي ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب الدقاق ، عن محمد بن سنان ، عن المفضل بن عمر قال : سألت الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام عن قول الله عزوجل : « والعصر إن الانسان لفي خسر » قال عليه السلام : العصر عصر خروج القائم عليه السلام « إن الانسان لفي خسر » يعني أعداءنا « إلا الذين آمنوا » يعني بآياتنا « وعملوا الصالحات » يعني بمواساة الاخوان « وتواصوا بالحق » يعني بالامامة « وتواصوا بالصبر » يعني في الفترة .
قال مصنف هذا الكتاب رضي الله عنه : إن قوما قالوا بالفترة واحتجوا بها ، وزعموا أن الامامة منقطعة كما انقطعت النبوة والرسالة من نبي إلى نبي ورسول إلى رسول بعد محمد صلى الله عليه واله .
فأقول وبالله التوفيق : إن هذا القول مخالف للحق لكثرة الروايات التي وردت أن الارض لا تخلو من حجة إلى يوم القيامة و
____________
( 1 ) في بعض النسخ « الفامي » .
( 657 )

لم تخل من لدن آدم عليه السلام إلى هذا الوقت ، وهذه الاخبار كثيرة شائعة ( 1 ) قد ذكرتها في هذا الكتاب وهي شائعة في طبقات الشيعة وفرقها ، لا ينكرها منهم منكر ، ولا يجحدها جاحد ، ولا يتأولها متأول ، وإن الارض لا تخلو من إمام حي معروف إما ظاهر مشهور ، أو خاف مستور ، ولم يزل إجماعهم عليه إلى زماننا هذا فلامامة لا تنقطع ولا يجوز انقطاعها لانها متصلة ما اتصل الليل والنهار .
2 ـ حدثنا أبي رضي الله عنه قال : حدثنا سعد بن عبد الله قال : حدثنا محمد ابن عيسى بن عبيد قال : حدثنا علي بن الحكم ، وعلي بن الحسن ( 2 ) ، عن نافع الوراق عن هارون بن خارجة قال : قال لي هارون بن سعد العجلي ( 3 ) : قد مات إسماعيل الذي كنتم تمدون أعناقكم إليه وجعفر شيخ كبير يموت غدا أو بعد غد ، فتبقون بلا إمام ، فلم أدر ما أقول له ، فأخبرت أبا عبد الله عليه السلام بمقالته ، فقال : هيهات هيهات أبى الله والله أن ينقطع هذا الامر حتى ينقطع الليل والنهار فإذا رأيته فقل له : هذا موسى ابن جعفر ، يكبر ويزوجه فيولد له ولد فيكون خلفا إن شاء الله .
فهذا أبو عبد الله الصادق عليه السلام يحلف بالله أنه لا ينقطع هذا الامر حتى ينقطع الليل والنهار ، والفترات بين الرسل عليهم السلام كانت جائزة لان الرسل مبعوثة بشرائع الملة وتجديدها ونسخ بعضها بعضا ، وليس الانبياء والائمة عليهم السلام كذلك ولا لهم ذلك لانه لا ينسخ بهم شريعة ولا يجدد بهم ملة ، وقد علمنا أنه كان بين نوح وإبراهيم ، وبين إبراهيم وموسى ، و بين موسى وعيسى ، وبين عيسى ومحمد عليهم السلام أنبياء وأوصياء كثيرون ( 4 ) وإنما كانوا مذكرين لامر الله ، مستحفظين مستودعين لما جعل الله تعالى عندهم من الوصايا والكتب والعلوم وما جاءت به الرسل عن الله عزوجل
____________
( 1 ) في بعض النسخ « متتابعة » .
( 2 ) في بعض النسخ « علي بن الحسين » .
( 3 ) زيدي . ( رجال ابن دادد ) .
( 4 ) في بعض النسخ « يكثر عددهم » .

( 658 )

إلى أممهم ، وكان لكل نبي منهم مذكر عنه ووصي يؤدي ما استحفظه من علومه ووصاياه ، فلما ختم الله عزوجل الرسل بمحمد صلى الله عليه وآله لم يجز أن يخلو الارض من وصي هاد مذكر يقوم بأمره ويؤدي عنه ما استودعه ، حافظا لما ائتمنه عليه من دين الله عزوجل فجعل الله عزوجل ذلك سببا لامامة منسوقة منظومة متصلة ما اتصل أمر الله عزوجل لانه لا يجوز أن تندرس آثار الانبياء والرسل وأعلام محمد صلى الله عليه وآله وملته وشرائعه وفرائضه وسننه وأحكامه أو تنسخ أو تعفى ( 1 ) عليها آثار رسول آخر وشرائعه إذ لا رسول بعده صلى الله عليه واله ولا نبي .
والامام ليس برسول ولا نبي ولا داع إلى شريعة ولا ملة غير شريعة محمد صلى الله عليه وآله وملته ، فلا يجوز أن يكون بين الامام والامام الذي بعده فترة ، فالفترات جائزة بين الرسل عليهم السلام وفي الامامة غير جائزة ، فلذلك وجب أنه لا بد من إمام محجوج به .
ولا بد أيضا أن يكون بين الرسول والرسول ـ وإن كان بينهما فترة ـ إمام وصي يلزم الخلق حجته ويؤدي عن الرسل ما جاؤوا به عن الله تعالى ، وينبه عباده على ما أغفلوا ، ويبين لهم ما جهلوا ، ليعلموا أن الله عزوجل لم يتركهم سدى ولم يضرب عنهم الذكر صفحا ، ولم يدعهم من دينهم في شبهة ، ولا من فرائضه التي وظفها عليهم في حيرة ، والنبوة و الرسالة سنة من الله جل جلاله ، والامامة فريضة ، والسنن تنقطع و يجوز تركها في حالات ، والفرائض لا تزول ولا تنقطع بعد محمد صلى الله عليه وآله ، وأجل الفرائض وأعظمها خطرا الامامة التي تؤدى بها الفرائض والسنن ، وبها كمل الدين وتمت النعمة ، فالائمة من آل محمد صلى الله عليه وآله لانه لا نبي بعده ، ليحملوا العباد على محجة دينهم ، ويلزموهم سبيل نجاتهم ويجنبوهم موارد هلكتهم ، ويبينوا لهم من فرائض الله عزوجل ما شذ عن أفهامهم ويهدوهم بكتاب الله عزوجل إلى مراشد ، امورهم ، فيكون
____________
( 1 ) كذا في جميع النسخ ولعله « تقفي عليها » .
( 659 )

الدين بهم محفوظا لا تعترض فيه الشبهة ، وفرائض الله عزوجل بهم مؤداة لا يدخلها باطل ، وأحكام الله ماضية لا يلحقها تبديل ولا يزيلها تغيير .
فالرسالة والنبوة سنن ، ولامامة فرض وفرائض الله عزوجل الجارية علينا بمحمد لازمة لنا ، ثابتة لا تنقطع ولا تتغير إلى يوم القيامة مع أنا لا ندفع الاخبار التي رويت أنه كان بين عيسى ومحمد صلى الله عليه واله فترة لم يكن فيها نبي ولا وصي ولا ننكرها ونقول : إنها أخبار صحيحة ولكن تأويلها غير ما ذهب إليه مخالفونا من انقطاع الانبياء والائمة والرسل عليهم السلام .
وإنما معنى الفترة أنه لم يكن بينهما رسول ، ولا نبي . ولا وصي ظاهر مشهور كمن كان قبله ، وعلى ذلك دل الكتاب المنزل أن الله عزوجل بعث محمد صلى الله عليه واله على حين فترة من الرسل ، لا من الانبياء و الاوصياء ، ولكن قد كان بينه وبين عيسى عليهما السلام أنبياء وأئمة مستورون خائفون ، منهم خالد بن سنان العبسي نبي لا يدفعه دافع ولا ينكره منكر لتواطئ الاخبار بذلك عن الخاص والعام وشهرته عندهم ، وأن ابنته أدركت رسول الله صلى الله عليه واله ودخلت عليه فقال النبي : هذه ابنة نبي ضيعه قومه خالد بن سنان العبسي ، وكان بين مبعثه ومبعث نبينا محمد صلى الله عليه وآله خمسون سنة ، وهو خالد بن سنان بن بعيث ( 1 ) بن مريطة بن مخزوم ابن مالك بن غالب بن قطيعة بن عبس حدثني بذلك جماعة من أهل الفقه والعلم :
3 ـ حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال : حدثنا سعد
____________
( 1 ) في بعض النسخ « لعيث » . وفي المعارف لابن قتيبة « أتت ابنته رسول الله صلى الله عليه وآله فسمعته يقرأ « قل هو الله أحد » فقالت : كان أبي يقول هذا .
( 660 )

ابن عبد الله قال : حدثنا محمد بن الوليد الخزاز ، والسندي بن محمد البزاز جميعا ، عن محمد بن أبي عمير ، عن أبان بن عثمان الاحمر ، عن بشير النبال ، عن أبي جعفر الباقر وأبي عبد الله الصادق عليهما السلام قالا : جاءت ابنة خالد بن سنان العبسي إلى رسول الله وصلى الله عليه وآله فقال لها : مرحبا يا ابنة أخي وصافحها وأدناها وبسط لها رداءه ، ثم أجلسها إلى جنبه ، ثم قال : هذه ابنة نبي ضيعة قومه خالد بن سنان العبسي .
وكان اسمها محياة ابنة خالد بن سنان .
وبعد فلو لا الكتاب المنزل وما أخبرنا الله تعالى به على لسان نبينا المرسل صلى الله عليه وآله وما اجتمعت عليه الامة من النقل عنه عليه السلام في الخبر الموافق للكتاب أنه لا نبي بعده لكان الواجب اللازم في الحكمة أن لا يجوز أن يخلو العباد من رسول منذر ما دام التكليف لازما لهم ، وأن تكون الرسل متواترة إليهم على ما قال الله عزوجل : « ثم أرسلنا رسلنا تترا كلما جاء امة رسولها كذبوه فأتبعنا بعضهم بعضا » ( 1 ) ولقوله عزوجل : « لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل » ( 2 ) لان علتهم لا تنزاح إلا بذلك كما حكى تبارك وتعالى عنهم في قوله عزوجل « لو لا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك من قبل أن نذل ونخزى » ( 3 ) .
فكان من احتجاج الله عزوجل في جواب ذلك أن قال : « قل قد جاءكم رسل من قبلي بالبينات وبالذي قلتم فلم قتلتموهم إن كنتم صادقين » ( 4 ) فعلل العباد مع التكليف لا تنزاح ( 5 ) إلا برسول منذر مبعوث إليهم ليقيم أودهم ويخبرهم بمصالح أمورهم دينا ودنيا ، وينصف مظلومهم من ظالمهم ، و
____________
( 1 ) المؤمنون : 44 .
( 2 ) النساء : 164 .
( 3 ) طه : 134 .
( 4 ) آل عمران : 183 .
( 5 ) أي لا تبعد ولا تزول .