5 ـ مدفنه ومرقده

توجد في مواضع ثلاثة مراقد تنسب إليه :

1 ـ في قم :

قال المجلسي الأول : كان بقم ، حتى مات بها ، وقبره بقم مشهور(1).
وقال المجلسي الثاني : أما كونه مدفونا بقم ، فغير مذكور في الكتب المعتبرة ، لكن أثر قبره الشربف موجود ، قديم ، وعليه اسمه مكتوب (2).
نقول : إن المقام المنسوب إلى علي بن جعفر في مدينة قم ظاهر ، مشهور ، ومزار يقصده المؤمنون للتبرك به .
وقد ذكر في ما كتب لهذه المدينة المقدسة من تواريخ قديمة وحديثة :
ففي بعض التواربخ القديمة ما ترجمته :
من البقاع المقدسة في قم الضريح المقدس لعلي بن جعفر ومحمد بن موسى ، والواقع خارج المدينة .
بنيت البقعة والضريح من القاشاني الذهبي ، الذي هو أغلى بكثير من الآجر المذهب .
والذي يبدو من تاريخ الاجر ، أنه بني في سنة 666 للهجرة(3).
وقال المدرسي الطباطبائي! ـ في مزارات قم ـ ما ترجمته : مزار علي بن جعفر
____________
(1) روضة المتقين 14|191 .
(2) أعيان الشيعة 8|177 ، والكنى والألقاب 3|120 .
(3) تأريخ دارالايمان قم :

( 34 )

المشهور بـ« باب الجنة» والذي تتحدّث المصادر عنه ، وعن القاشاني النفيس في مرقده ومحرابه ، وهزارات جدرانه ، وبوابته ، يقع في شرق المدينة ، وراء الممر المعروف بـ « دروازهء كاشان » .
يعتبرونه قبر علي بن جعفر العُريضيّ ، ابن الامام الصادق عليه السلام ، ولا يمكن أن يكون كذلك .
وأصل ذلك أنّه مرقد حفيده علي بن حسن بن عيسى العلوي العُريضيّ ، الذي نزل مدينة قم مع والده [ ترجمة تاريخ قم : 224] وتنسب إليه واحدة من أبواب المدينة [ ترجمة تاريخ قم : 228](1).
وقال حول تاريخ بناء البقعة الشريفة :
إن بناء بقعة باب الجنة ، ونقوشها تعود الى النصف الأول من القرن الثامن ، وقد بنيت البقعة بأمر عطا ملك مير محمد الحسني ، وتم العمل فيه سنة 740 هـ .
وقال : إن المظهر الخارجي للبناء مثمن الشكل ، تعلوه قبة هرمية ، ذات أضلاغ اثني عشر ، وارتفاع المظهر الداخلي يبلغ حوالي عشرة أمتار(2).
وأطال في وصف البناء وما يتعلق به وصفا رائعاً في منتهى الدقة . وقد كتب على المرقد مانصه :

هذا المرقد ، والمزار المتبرك ، للإمام المعصوم المظلوم ،
الراوي ، علي العُريضيّ ، ابن المولانا (كذا) والسيدنا (كذا)
الإمام المعصوم جعفر الصادق ، ابن الإمام المعصوم
محمد الباقر ابن الإمام المعصوم ، السجاد ، علي ، زين




____________
(1) تربت پاكان 2 | 42.
(2) تربت پاكان 2 | 43 ـ 51 .

( 35 )

العابدين ابن الامام المعصوم الشهيد المظلوم ، أبي عبدالله ،
الحسين ابن الامام الشهيد الأمير (كذا) المؤمنين علي بن أبي
طالب صلوات الله عليهم (1).




أقول : قد ذكر في عداد من بقم من منتقلة الطالبية : أحمد بن القاسم بن أحمد الشعراني بن علي العريضي ، وقال : مات هناك ، بمقبرة « مالون » وقبره يزار ويستشفي به (2).
ولم أجد لمقبرة « مالون » ذكرا في ما بيدي من الكتب المؤلفة حول مدينة قم .

2 ـ في سمنان :

قال السيد بحر العلوم : في خارج قلعة سمنان [من بلاد الجبل شمالي ايران] ، في وسط بستان نضرة ، مع قبة وبقعة ، وعمارة نزهة(3).
وقال السيد الأمين : وفي خارج سمنان قبة عالية ، وصحن في غاية السعة ، معروف بقبر علي بن جعفر(4).

3 ـ في العريض ، بالمدينة المنورة :

قال النوري : الحق أن قبره بالعريض ، كما هو معروف عند أهل المدينة وقد نزلنا عنده في بعض أسفارنا ، وعليه قبة عالية ، ويساعده الاعتبار.
____________
(1) تربت پاكان 2|48.
(2) منتقلة الطالبية : 5 ـ 256 .
(3) تحفة العالم 2|19.
(4) أعيان الشيعة 8|177.

( 36 )

وأما الموجود في قم فيمكن أن يكون لواحد من أحفاده (1).
وقال السيد الأمين : الحق أن قبره بالعريض في ناحية المدينة ، كما هو معروف عند أهل المدينة ، وعليه قبة عالية ، وقبره مزور.
والظاهر أن القبر الذي في « قم » والذي في « سمنان » لشخصين آخرين مشاركين له في الاسم واسم الأب ، فتبادر الذهن إلى الفرد الأكمل كما يقع كثيراً ، ويحصل به الاشتباه (2).
____________
(1) مستدرك الوسائل 3|626.
(2) أعيان الشيعة 8|177 .

( 37 )

6 ـ عقبه وذريته

قال ابن عنبة : يقال لولده : العريضيون ، وهم كثير ، فأعقب من أربعة رجال : محمد ،
وأحمد الشعراني ،
والحسن ،
وجعفر الأحمر(1) .
وقال ابن طباطبا : عقبه من أربعة رجال :
محمد الأكبر ـ أعقب ـ ، والحسن ـ أعقب ـ ، امهما ام ولد.
وجعفر ـ أعقب ـ بهلثوم ، وقيل : وكلثوم ، امهم : فاطمة بنت الأرقط ابن عبدالله الباهر.
وأحمد ـ أعقب ـ لقبه الشعراني ، لام ولد.
ومليكة ، وخديجة ، وحمدونة ، وزينب ، لامهات شتى .
وفاطمة ، وعلي ، ومحمد الأصغر ، وقيل : عبدالله (2).
وقال ـ أيضا ـ : من ورد قم من أولاد علي العريضي :
من نازلة المدينة ، من أولاد الحسن بن عيسى الأكبر ابن محمد بن علي العريضي :
عقبه علي ، امه زينب بنت الحسين بن الحسن بن الحسين بن الحسن الأفطس .
____________
(1) عمدة الطالب : 241 .
(2) منتقلة الطالبية : 224 .

( 38 )

بقم : علي بن علي بن الحسن بن علي بن عيسى النقيب بن محمد الاكبر ابن علي العريضي .
عن أبي علي ، الحسن بن محمد بن الحسن بن السائب بن مالك ، الأشعري صاحب كتاب قم (1).
بقم : أبو الحسين ، أحمد بن القاسم بن أحمد ، الشعراني ابن علي العريضي ، ومات هناك بمقبرة « مالون » وقبره يزار ، ويستشفى به .
بقم : أبو عبدالله ، الحسين بن أحمد بن الحسين بن أحمد الشعراني ابن علي العريضيّ .
بقم : أحمد بن حمزة بن محمد بن أحمد بن الحسين بن أحمد الشعراني (2).
وذكر أيضا جمعاً من أولاده وذريته ، وخاصة من نزل منهم بالمدينة أو انتقل إليها(3) كما ذكرهم سائرالنسابين في كتبهم .
وقال المجلسي الأول : وانتشر أولاده في العالم : ففي أصفهان قبر بعض أولاده ، منهم :
السيد كمال الدين في قرب « سين برخوار» وقبره مزار.
والسيد أبو المعالي .
وأولادهما في أصفهان من الأعاظم في الدين والدنيا(4).
وذكر القمي منهم : مجد الدين الحلبي ، العريضي ، السيد الأجل ، علي بن الحسن بن إبراهيم بن علي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسن ابن عيسى بن محمد بن عيسى بن علي العريضي ـ صاحب المسائل ـ.
____________
(1) علق محقق المصدر ، بأنه لم يجد هذا المورد في ترجمة كتاب قم ، المطبوع بإيران ، واحتمل كونه من جملة ما سقط من الكتاب .
(2) منتقلة الطالبية : 255ـ 256 .
(3) منتقلة الطالبية : 311ـ 312 .
(4) روضة المتقين 14|191 .

( 39 )

وقال : فاضل ، جليل ، من مشايخ المحقق الحلي (1).
____________
(1) الكنى والألقاب 3|120 .
( 40 )


( 41 )

الفصل الثاني


نشاطه العلمي

1 ـ مكانته عند الرجاليين .
2 ـ وثاقته .
3 ـ طبقته .
أ ـ مشايخه .
ب ـ الرواة عنه .
4 ـ كتابه .
5 ـ الطرق إلى كتابه .
6 ـ المصادر


( 42 )


( 43 )

1 ـ مكانته عند الرجاليين

قال الشيخ المفيد : كان راوية للحديث ، سديد الطريق ، شديد الورع ، كثير الفضل ، ولزم أخاه موسى ، وروى عنه شيئاً كثيراً من الأخبار(1).
وقال : كان من الفضل والورع على ما لا يختلف فيه اثنان (2).
وقال الشيخ الطوسي : جليل القدر ، ثقة(3).
وعده ابن شهراشوب من الثقات الذين رووا النص على موسى بن جعفر الكاظم عليه السلام (4).
وقال ابن عنبة : كان عالماً كبيراً(5).
وقال العلامة : ثقة ، روى الكشي ما يشهد بصحة عقيدته ، وتأدبه مع أبي جعفر الثاني ، وحاله أجل من ذلك (6).
وقال ابن داود : ولد الصادق عليه السلام ، معظم (7).
وقال أبو علي الحائري : وفي الكشي ما يدل على فضله ، وجلالته ، وغاية إخلاصه ، وتأدّبه معهم (8) .
____________
(1) الارشاد للمفيد : 287 .
(2) الارشاد ، باب إمامة الكاظم عليه السلام ، فصل النّص عليه من أبيه .
(3) الفهرست ، للطوسي : 87 رقم 367 .
(4) مناقب ال أبي طالب 4 .
(5) عمدة الطالب : 241 .
(6) رجال العلامة الحلي : 92 رقم 4 .
(7) رجال ابن داود : 136 رقم 126 .
(8) منتهى المقال : 262.

( 44 )

وقال الذهبي : كان من جلة السادة الأشراف (1) وكذا قال اليافعي (2) وابن العماد (3) .
وقال المجلسي الأول : جلالة قدره أجل من أن يذكر(4) .
وقال المجلسي الثاني : علي بن جعفر المدفون بقم ، وجلالته أشهر من أن يحتاج إلى البيان (5) .
____________
(1) العبر 1|282 .
(2) مرآة الجنان 2|68.
(3) شذرات الذهب 2|240 .
(4) روضة المتقين 14|191
(5) الكنى والألقاب 3|120 .

( 45 )

2 ـ وثاقته

وثقه الشيخ الطوسي في موضعين :
1 ـ في أصحاب الرضا عليه السلام ، فقال : عمه عليه السلام ، له كتاب ، ثقة ، من أصحاب أبي الحسن موسى الكاظم عليه السلام (1).
2 ـ في الفهرست ، فقال : جليل القدر ، ثقة(2).
وعده ابن شهراشوب من الثقات الذين رووا النص على الكاظم عليه السلام من أبيه (3).
وعده ـ أيضا ـ من ثقات الكاظم عليه السلام (4).
وعده ـ أيضاً ـ من ثقات أبي جعفر الثاني عليه السلام (5) .
وقال العلامة الحلي : من أصحاب الكاظم عليه السلام ، ثقة . . . وحاله أجل من ذلك (6).
وقد جمع المامقاني الكلام في ذلك ، فقال ـ ونعم ما قال ـ : الظاهر اتفاق الفقهاء والمحدثين على ثقته ، وجلالته ، والاعتماد على أخباره ، وقد سمعت التوثيق وما فوقه من جمع ، وعلى منوالهم جرى الباقون ، وممن وثقه : الفاضل المجلسي رحمه
____________
(1) الرجال ، للطوسي : 379 رقم 3 .
(2) الفهرست ، للطوسي : 87 رقم 367 .
(3) مناقب آل أبي طالب .
(4) مناقب ال أبي طالب 4|325.
(5) مناقب ال أبي طالب 4|380 .
(6) رجال العلامة الحلي : 92 رقم 4 .

( 46 )

الله في « الوجيزة » والمحقق البحراني في « البلغة » والشيخان في « المشتركاتين » وغيرهم .
وسكوت النجاشي ، وابن داود عن التنصيص على ثقته ، ليس للتوقف فيه ، بل كأنه للأيماء إلى غنائه ـ لاشتهاره ـ عن التوثيق ، كسكوتهم عن توثيق الأئمة (1) .
وأما العامة :
فقد ذكره منهم : المزي في تهذيب الكمال (2) والذهبي في الكاشف (3) وابن حجر في التهذيب (4) والخزرجي في الخلاصة(5) .
وصرح ابن حجر بأنه مقبول (6).
والذهبي ـ وإن أورده في ميزانه الموضوع لعد الضعفاء على رأيه ـ إلآ أنه استدرك ذلك بقوله : ما هو من شرط كتابي ، لأني ما رأيت أحدا لينه (7).
واعتذر عن ذلك بقوله : نعم ، ولا من وثقه ، ولكن حديثه منكر جدا ، ما صححه الترمذي ، ولا حسنه ، ورواه عن نصر بن علي ، عنه ، عن أخيه ، عن أبيه ، عن أجداده (8).
أقول : وهذا العُذْر أشنع من تقصيره ، لأن في كلامه هذا مواقع للنظر والرد :
فقوله : ولامن وثقه .
____________
(1) تنقيح المقال 2|272 .
(2) مخطوط .
(3) الكاشف في الرجال 2|280.
(4) تهذيب التهذيب 7|293.
(5) خلاصة تذهيب التهذيب 2|244.
(6) تقريب التهذيب 2|33 .
(7) ميزان الاعتدال 3|117 .
(8) ميزان الاعتدال 3|117 .

( 47 )

يرد عليه :
أولا : إن عدم رؤية الذهبي للتوثيق ، لا يعني ـ مطلقاً عدم التوثيق ، فهل يدعي الذهبي الاحاطة بجميع ما قاله العلماء في الرجال ؟ أو يدعي أحدٌ ذلك له ؟ !
كيف ، وقد صرح هو في ميزانه ، بقوله : في رواة الصحيحين عددٌ كثير ماعلمنا أن أحدا نص على توثيقهم (1).
فهل يحق له أن يدرج اولئك في الضعفاء ؟ !
وثانيا : إن لكل طائفة رجالا لحديثهم ، ورواة لأسانيدهم ، من الخاصين بهم ، وليس من الضروري اطلاع الذهبي على جميع رواة الحديث وأحوالهم .
ألا ترى أن علي بن جعفر ـ وهو من كبار الرواة عندنا ، ورواياته في غاية الكثرة ، كتابه في نهاية الشهرة ، بين الامامية ـ لا نجد في كتب العامة أثرا بارزاً لأيّ شيء من ذلك ؟
وقد عرفت أن علماءنا اتفقوا على جلالة الرجل وثقته ،
وعلى من تكون تبعة جهل الذهبي وأمثاله بكل ذلك ؟ !
ليس ذلك إلا على أثربعدهم وتجافيهم عن حديث أهل البيت عليهم السلام ، وتراثهم ، ومعارفهم ، ورجالهم ، فكيف يتوقع منهم أن يقفوا على توثيق رواتهم ؟ !
وأما قوله : ما صحّحه الترمذي ولا حسنه ، ورواه . . . .
أقول : يرد عليه :
أولا : إن الذهبي لم يتعامل مع هذا الحديث ، ولا مع راويه بسلامة نفس ، وحسن طوية ، فالمعتاد : أن يذكر حديث الرجل ، الذي رواه الترمذي ويعقبه بكلام الترمذي في الحديث ، ثم يبدي رأيه هو.
لكنه عدل عن ذلك ، فحكم ـ أولاً ـ على الحديث بالنكارة جداً ، ثم نفى
____________
(1) ميزان الاعتدال 3|426 .

( 48 )

تصحيح الترمذي وتحسينه ، ثم ذكر روايته للحديث بسنده .
وانما عمد إلى ذلك تمهيداً للطعن عليه ، وتبريرا لادراجه في ميزانه المائل عن الحق .
وهذا عمل يجل عن مثله العالم الامين .
وثانيا : قوله عن الترمذي : « ولا حسنه ».
كذب على الترمذي ، حيث أن الترمذي قال بعد إيراده للحديث مانصه : هذا حديث « حسن » غريب (1) .
مع أن مجرد إيراد الترمذي للحديث في سننه ـ الذي يعد من الامهات الست عند العامة ـ كاف في الحكم بحسنه ، لأنه من مصادر الحديث الحسن كما صرح به علماء المصطلح (2).
فهل يجهل الذهبي ذلك ، أو يتجاهل عنه ؟ !
ولقد أصاب ابن حجر في نقله عن الترمذي ، حيث قال في ترجمة علي بن جعفر : له في الترمذي حديث واحد في الفضائل ، واستغربه (3).
فلم ينف التحسين ، إلا أنه قصر حيث لم يذكر تحسين الترمذي للحديث ، فكان عليه أن يقول : حسنه واستغربه ، لأن الترمذي ـ كما عرفت ـ قال فيه : « حسن غريب » . فلماذا ذكر ابن حجر الاستغراب ولم يذكر التحسين ؟ !
إلا أن يكون اعتمد على ماهو المسلم من وضع كتاب الترمذي على جمع الحديث الحسن ، وأنه من مظانه ، كما مرّ نقله عن علماء مصطلحاً لحديث .
وأما . قول الذهبي : حديثه مُنكرٌ جداً.
ففيه .
أولا : إن الذهبي قد تفرد بحكمه بنكارة الحديث ، حتى أن ابن حجر ـ وهو
____________
(1) الجامع الصحيح ، للترمذي 5|641.
(2) لاحظ : منهج النقد في علوم الحديث ، لعتر : 274 ـ 275.
(3) تهذيب التهذيب 7|293 رقم 502 .

( 49 )

خريت فن الحديث ورجاله ـ لم يحكم على الحديث إلا بما نقله من « الاستغراب » عن الترمذي .
وكم فرق بين « نكارة الحديث » وبين « غرابته »(1).
فهل يجهل الذهبي هذا ، أيضاً ، أو يتجاهل عنه ؟ أو يريد إيهام أن الترمذي حكم على الحديث بذلك ؟ !.
فهذا تعد آخر من الذهبي على الترمذي !
وثانيا : أن حكم الترمذي بالغرابة غير وارد على « علي بن جعفر » فإنه قال : هذا حديث حسن غريب ، لا نعرفه من حديث جعفر إلا من هذا الوجه (2).
فليس الاستغراب راجعاً إلى حديث علي بن جعفر ، حتى يورد ذلك في ترجمته !!
فقد روى ذلك الحديث من طريق الامام علي بن موسى الرضا عليه السلام عن أبيه موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر عليهم السلام
ذكر ابن العديم ـ بعد إيراد حديث نصر عن أخيه موسى ، عن أبيه جعفر ـ قول الطبراني : لم يروه عن موسى بن جعفر ، إلا أخوه علي بن جعفر ، تفرد به نصر بن علي ، ثم قال :
قلت : وقد رواه علي بن موسى الرضا رضي الله عنه ، عن موسى بن جعفر ، كما أوردناه قبله (3) .
فإذن لم يتفرد علي بن جعفر عن أخيه ، حتى يكون الحديث غريباً من جهته.
وثالثا : إذا كان الحديث « غريباً » ـ كما يقول الترمذي ـ ، فثم ماذا !
____________
(1) لاحظ علوم الحديث ، لابن الصلاح : 80 و 270 ومنهج النقد : 396 و 430 .
(2) الجامع للترمذي 5|641 .
(3) بغية الطلب في تاريخ حلب : ج 4 ورقة 43 ب في ترجمة الامام الحسين عليه السلام .

( 50 )

مادام أن الغرابة لا تنافي الصحة أيضاً(1) .
ومادام أن الحديث ـ بعد علي ـ مروي بطريق سلسلة الذهب أئمة أهل البيت عليهم السلام .
ولنتبرك ـ بعد هذه الوقفة الطويلة ـ بذكر الحديث الشريف :
قال الترمذي : حدثنا نصر بن علي الجهضمي ، حدّثنا علي بن جعفر بن محمد بن علي ، أخبرني أخي موسى بن جعفر بن محمد ، عن أبيه جعفر بن محمد ، عن أبيه محمد بن علي ، عن أبيه علي بن الحسين ، عن أبيه ، عن جده علي بن أبي طالب :
أن رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم أخذ بيد حسن وحسين ، فقال : « من أحبني ، وأحب هذين ، وأباهما ، واُمّهما ، كان معي في درجتي يوم القيامة ».
قال محمد بن عيسى : هذا حديث حسن غريب ، لا نعرفه من حديث جعفر إلا من هذا الوجه (2).
وقد ذكر الخطيب هذا الحديث في ترجمة نصر بن علي الجهضمي ، وقال بعده : عن عبدالله : إن نصرا لما حدث بهذا الحديث أمر المتوكل بضربه ألف سوط ، فكلمه جعفر بن عبد الواحد ، فلم يزل به حتى تركه (3).
____________
(1) اُنظر منهج النقد : 272 .
(2) الجامع الصحيح 5|641 رقم 3733 .
ورواه عبد الله في زيادات مسند أحمد 1|101 برقم 756 ، كما ورد في مناقب علي بن أبي طالب تأليف أحمد ، ومن رواية عبدالله ابنه عن نصر بن علي الجهضمي ، أورده برقم 308 من تحقيق السيد الطباطبائي ، وقد ذكر له تخريجاً واسعاً نورد بعضه فيما يلي :
أخرجه ابن الغطريف في جزء ، وأبو القاسم البغوي ، والطبراني في المعجم الكبير : ج 3 رقم 2654 عن زكريا ، وفي المعجم الصغير 2|70 عن ابن خلاد ، والدولابي في الذريّة الطاهرة ص ... عن يزيد بن سنان ، وأبو نعيم في تأريخ أصفهان 1|191 بسنده ، وابن المغازلي في مناقب علي عليه السلام رقم 417 عن زكريا الساجي ، وخالد بن النضر ، ومحمد بن علي الصيرفي ومحمد بن امية ، والباغندي ، وأبي القاسم ابن منيع ، وعبدالله بن قحطبة ، كلهم عن نصر.
(3) تاريخ بغداد 13|288 .

( 51 )
أقول : لكن سياط المتوكل انقلبت إلى سلاطة لسان الذهبي وحزبه ، بتعابير النكارة والاستغراب ، التي كالوها على هذا الحديث الشريف وأمثاله من أحاديث فضائل أهل البيت عليهم السلام .
( 52 )

3 ـ طبقته

لقد اكثر أبو الحسن العريضي من الأخذ والتحمل ، ولاسيما من أخيه الإمام الكاظم عليه السلام .
وأكثر كذلك من الأداء والتحميل ، فارتوى جمع غفير من الرواة من نمير علومه التي استقاها من معين أهل البيت عليهم السلام وهو من أفاضلهم .
ونرى أن عاملين اثنين كان لهما الأثر البليغ في بلوغ الرواة عنه هذا المبلغ الكبير :
1 ـ أن الأئمة المعصومين من أهل البيت عليهم السلام كانوا في كثير من أوقاتهم تحت مراقبات أعداء الدين ، من خلفاء الجور وامراء الفجور من آل امية وعباس ، فلم تصل اكثر الأيدي إلى مجالسهم ، ولم تتح الفرص لكثير من الرواة للأخذ منهم مباشرة ، فلذا كانوا يلجأون الى رواتهم وثقاتهم لتلقي معارفهم .
2 ـ أن علي بن جعفر بما أنه ابن الامام الصادق ، وأخ الامام الكاظم وعمّ الإمام الرضا عليهم السلام ، كان يتمتع بين الأوساط العلميّة بسمعة طيبة ، لأن حديثه متصل مباشرة بينبوع العلم ومعين المعرفة ، فلاغرو في اتساع قائمة أسماء الرواة عنه ، بما لم يسبق لأمثاله من رواة عصره .
ولابد من التذكير بأنا لم نجد المجال الكافي لتتبع الموارد المسجلة في قائمة المشايخ والرواة ، للتاكد من صحة اتصال السند فيها ، وعدم وقوع إرسال فيها ، وإنّما اكتفينا بتسجيل ماتدل عليه ظاهر تلك الأسانيد ، وما ذكره الرجاليون ، آملين العود إليه في مجال اخر أوسع ، بعون الله.
وإليك أسماء مشايخه ، والرواة عنه في قسمين :
( 53 )

القسم الأول : المشايخ

1 ـ أبوه ، الإمام جعفر بن محمد ، أبو عبدالله الصادق عليه السلام :
ذكره البرقي في باب من روى عن الصادق عليه السلام (1).
وذكر المفيد أن علياً ممّن روى النص عن أبي عبدالله الصادق عليه السلام على الإمام الكاظم عليه السلام بالامامة بعده (2).
وذكره الشيخ الطوسي في باب من روى عن الصادق عليه السلام وقال : علي بن جعفر ابنه (3).
وقال في باب من روى عن الكاظم عليه السلام : علي بن جعفر عليه السلام ، أخوه له كتاب ما سأله عنه ، روى عن أبيه (4) .
وعده ابن شهرآشوب من الثقات الذين رووا عن الصادق عليه السلام نصه على موسى الكاظم عليه السلام بالامامة(5).
وذكر ابن داود روايته عن أبيه (6).
وذكر روايته عن أبيه من العامة :
الذهبي (7) .
وابن حجر(8).
____________
(1) رجال البرقي : 25 .
(2) الارشاد : 29 .
(3) رجال الطوسي : 241 رقم 289.
(4) رجال الطوسي : 353 رقم 5 .
(5) مناقب ال أبي طالب 4 .
(6) رجال ابن داود : رقم .
(7) ميزان الاعتدال : 3|117 والعبر : 1|282 .
(8) لسان الميزان 7|310 .

( 54 )

لكنه في التهذيب ، قال : روى عن أبيه إن كان سمع منه (1).
وذكر روايته عن أبيه ـ أيضاً ـ ابن العماد الحنبلي (2) .
وقد ورد في الكتب روايات له عن أبيه ذكرها :
الكليني (3) والكشي(4) والنعماني (5) والصدوق (6)والمفيد(7) والطوسي(8) وابن الشجري (9).
2 ـ أخوه ، الإمام الكاظم موسى بن جعفر عليه السلام :
وروايته عنه واضحة .
ومضى قول المفيد ، أنه : لزم أخاه موسى عليه السلام ، وروى عنه شيئاً كثيرا(10).
وذكر روايته عن أخيه :
الشيخ الطوسي في باب أصحاب الكاظم عليه السلام ، فقال : أخوه ، له كتاب ما سأله عنه (11) .
وقال في أصحاب الرضا عليه السلام : عمه .. من أصحاب أبي الحسن موسى الكاظم عليه السلام (12).
____________
(1) تهذيب التهذيب 7|293 .
(2) شذرات الذهب 2|24 .
(3) الكافي 1|271 .
(4) رجال الكشي : 497 رقم 955.
(5) الغيبة ، للنعماني : 204 .
(6) إكمال الدين : 359 ، وعلل الشرائع : 344 .
(7) الإرشاد ، للمفيد : 29 .
(8) الغيبة ، للطوسي : 154 .
(9) الأمالي الخميسية 1|376.
(10) الإرشاد : 287 .
(11) رجال الطوسي : رقم .
(12) رجال الطوسي : 379 رقم 3.