(61)
فكيف تسمح نفوسهم أن تخدش غيرتهم وكرامتهم بهذه القضايا ؟!
     أضف إلى أن اجتماع الفرزدق وجرير غير ممكن في ظروف الهجاء والتفاخر الذي شاع بينهما ، فالنفرة التي كانت بين الشاعرين تأبى التوفيق بينهما على باب واحدة يستعطفون رضا أحد ، وقد عرف ذلك الوقوف على باب خليفة أو وال يغدق بعطاء الشعراء ، ويستريح على تزاحم المادحين ، ويأنس لاجتماع المغنين ، وهو ديدن الامويين ومنهج الزبيريين ، ولم يعرف من آل علي عليه السلام هذا.
     وإذا أراد هؤلاء الوضاعون دفع هذه الوصمة عن أسيادهم إلى الهاشميين من آل علي عليه السلام ، فإن الواقع يظهر لهم خلاف ذلك ، وأعطيات خلفاء بني أمية وبني العباس وغيرهم مشهورة ، وتسول الشعراء لمديحهم أشهر من أن تذكر له شواهد.
     قال جرجي زيدان وهو يتحدث عن ملوك بني أمية : واقتضت سياستهم تألف الشعراء بالمال ، فضلا عن اضطرار الشعراء وغيرهم إلى استرضائهم خوفا من قطع العطاء عنهم ، والعطاء يومئذ رواتب الجند وسائر المسلمين ، وكان المسلمون في صدر الإسلام كلهم جندا ، ولكل منهم راتب يتناوله من بيت المال على شروط مذكورة في الديوان ، فمن قبض على بيت المال قبض على رقاب الرعية ، ويجدر بهم أن يتقربوا منه ويتزلفوا إليه ، فإذا كان القابض عليه حكيما يعرف كيف يعطي ولمن يعطي ، أغناه ذلك عن سائر الأسباب ، فيزيد العطاء أو ينقصه أو يقطعه على حسب الاقتضاء.
     كذلك كان يفعل الدهاة من بني أمية وقدوتهم معاوية بن أبي سفيان ، أكبر دهاة العرب.. فلم يكن الشعراء يرون بدا من استرضاء بني أمية خوفا


(62)
من قطع أعطيتهم ، فضلا عما يرجونه من الجوائز إذا أحسنوا إرضاءهم (1) .
     هذا هو ديدن بني أمية وأمثالهم ، وإذا أرادوا أن يدفعوا وصمة العطاء لموارد العبث والمجون من بيت المال وهو حال الخلفاء ، فإن آل علي عليه السلام لم يعرفوا بذلك ، بل كان عطاؤهم لله تعالى غير متجاوزين على غيرهم ، ويرون أن التعدي في صرف الأموال في غير حقها خيانة للمسلمين ، لذا وجد أعداؤهم أن يلصقوا بهم هذه التهمة للتخفيف عما ارتكبه أسيادهم ، الذين عاثوا في أموال المسلمين ، ومنعوا خيارهم ووصلوا فساقهم ، وقد عرف عن آل علي عليه السلام ورعهم في الأموال ، وزهدهم ومحاسبتهم في الأعطيات إلا لله تعالى.
النموذج الثالث :
     روى أبو الفرج ، عن حماد ، عن أبيه ، عن أبي عبدالله الزبيري قال : اجتمع بالمدينة راوية جرير وراوية كثير وراوية جميل وراوية نصيب ورواية الأحوص فافتخر كل واحد منهم بصاحبه ، وقال : صاحبي أشعر فحكموا سكينة بنت الحسين (2) .
     والخبر كسابقه ، إلا أنهم استبدلوا الشعراء برواتهم ، وهو أضعف من غيره كما ترى.
النموذج الرابع :
     قال الزبير : وحدثني عمي ، عن الماجشون قال :
     قالت سكينة لعائشة بنت طلحة : أنا أجمل منك ، وقالت عائشة : بل أنا ،
(1) تاريخ آداب اللغة العربية لجرجي زيدان 1 : 229 .
(2) الأغاني 16 : 173 .

(63)
فاختصمتا إلى عمر بن أبي ربيعة ، فقال : لأقضين بينكما ، أما أنت يا سكينة فأملح منها ، وأما أنت ياعائشة فأجمل منها (1) .
     رجال الخبر :
     الزبير بن بكار : قال ابن أبي حاتم : رأيته ولم أكتب عنه ، وقال أحمد بن علي السليماني في كتاب الضعفاء : كان منكر الحديث .
     ثم ذكر ان سبب تضعيفه هو روايته عن الضعفاء ، مثل محمد بن حسن بن زبالة ، وعمرو بن ابي بكر المؤملي ، وعامر بن صالح الزبيري وغيرهم ، فإن في كتاب النسب عن هؤلاء أشياء كثيرة منكرة (2) .
     مصعب الزبيري عم الزبير بن بكار : الذي حدثه بالخبر.
     نود التنويه إلى أن مصعب الزبيري هذا أساس روايات قصة سكينة بنت الحسين ، والتي أخذها منه أبو الفرج الإصفهاني المرواني ، وقد ضعفه أهل الجرح ولم يقروا له بوثاقة ، بل اتفقوا على ضعفه ، لذا فإن روايات سكينة مقطوعة الضعف لما أوردها مصعب الزبيري الضعيف المطعون بوثاقته ، وهذه جملة أقوالهم فيه :
     قال النديم في الفهرست : [كان] راوية ، أديبا ، محدثا ، وهو عم الزبير ابن بكار ، وكان أبوه عبدالله من أشرار الناس ، متحاملا على ولد علي عليهم السلام ، وخبره مع يحيى بن عبدالله معروف (3) .
     قال عنه في تقريب التهذيب : لين الحديث (4) . وتوقف فيه مالك بن
(1) الأغاني 16 : 159 .
(2) تهذيب التهذيب 3 : 269 .
(3) تهذيب التهذيب 11 : 34 .
(4) تقريب التهذيب 1 : 533 .

(64)
أنس كما عن المغني في الضعفاء (1) .
     وفي تهذيب الكمال : قال أبو حاتم : مصعب الزبيري لا يحمدونه وليس بقوي ، وقال محمد بن سعد : كان قليل الحديث ، وقال النسائي فيما قرأت بخطه : مصعب منكر الحديث ، وقال في موضع آخر : في حديثه شيء ، وروى له الجماعة سوى البخاري (2) .
     وفي الكامل في التاريخ لابن الأثير قال في مصعب الزبيري : وكان عالما فقيها ، إلا أنه كان منحرفا عن علي عليه السلام (3) .
     وقال ابن حجر في تهذيب التهذيب : قال عبدالله بن أحمد ، عن أبيه : أراه ضعيف الحديث ، لم أرَ الناس يحمدون حديثه. وقال عثمان الدارمي ، عن ابن معين : ضعيف. وقال معاوية بن صالح ، عن ابن معين : ليس بشيء . وقال النسائي : مصعب ليس بالقوي في الحديث. وقال ابن حبان في الضعفاء : تفرد بالمناكير عن المشاهير ، فلما كثر ذلك فيه استحق مجانبة حديثه. وقال ابن سعد : كان كثير الحديث يستضعف. وقال الدار قطني : مدني ليس بالقوي (4) .
     وقد ورث مصعب تحامله وعداءه لآل علي عليه السلام من أبيه ، فأخذ يضع من الأخبار ما يحط به كرامة آل علي وقداستهم.
     الماجشون : قال ابن حجر : الماجشون ، يعقوب بن أبي سلمة التميمي ، مولى آل المنكدر أبو يوسف المدني ، قال مصعب الزبيري : إنما
(1) المغني في الضعفاء 2 : 660 .
(2) تهذيب الكمال 28 : 36 .
(3) الكامل في التاريخ 5 : 288 حوادث سنة 236.
(4) تهذيب التهذيب 10 : 159 .

(65)
سمي الماجشون لكونه كان يعلم الغناء ويتخذ القيان ، وكان يجالس عروة ابن الزبير وعمر بن عبدالعزيز في إمرته ، وكان عمر يأنس إليه ، فلما استخلف عمر قدم عليه فقال له : إنا تركناك حين تركنا لبس الخز ، فانصرف عنه (1) .
     فالماجشون إذن صاحب لهو ومجون ، فكيف يؤخذ بخبره لا سيما هو صنيعة زبيرية وأموية ؟! فاحتفاء عروة بن الزبير ومصاحبته له ، أو مجالسته لعمر بن عبد العزيز الأموي أيام إمارته ، يغني عن حاله في الضعف واللامبالاة وعدم التحرج ، وهو يجاري توجهات بني أمية وآل الزبير في الحط من كرامة آل علي صلوات الله عليهم.
     فالخبر ضعيف برجاله.
     على أن الخبر يتنافى والمسلمات الشرعية التي نهت الشرعية عن الإتيان بها ومزاولتها ، كتعرض المرأة إلى الأجنبي وكشف وجهها وبيان محاسنها.
حرمة نظر الأجنبي للأجنبية في الشريعة الإسلامية
     نهى الإسلام عن النظر إلى الأجنبية ، وكذلك نظرها إلى الأجنبي ، وذلك لقوله تعالى : ( ولا يبدين زينتهن) وقد فسرت الآية بأن الزينة هي مواضع الزينة ، فالآية تحث على وجوب الستر وعدم إبداء مواضع الزينة ، واحتج قوم بالإجماع ، وقد عرفت حاله ، فإن المنقول غير حجة ، والمحصل غير حاصل.
     واستدل بوجوب غض النظر بما رواه سعد الإسكاف في معتبرته عن
(1) تهذيب التهذيب 11 : 340 .
(66)
أبي جعفر عليه السلام قال : « استقبل شاب من الأنصار امرأة بالمدينة وكان النساء يتقنعن خلف آذانهن فنظر إليها وهي مقبلة ، فلما جازت نظر إليها ودخل في زقاق قد سماه ببني فلان فجعل ينظر خلفها ، واعترض وجهه عظم في الحائط أو زجاجة فشق وجهه ، فلما مضت المرأة نظر فإذا الدماء تسيل على ثوبه وصدره فقال : والله لآتين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولأخبرنه ، فأتاه فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : ما هذا ؟ فأخبره ، فهبط جبرئيل عليه السلام بهذه الآية ( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون ) (1) » (2) .
     فمورد نزول الآية هو النظر إلى المرأة ، وإطلاقها موجب إلى حرمة مورد النظر ، وإن ذهب بعضهم إلى أنّها خصّصت بالنظر الاستمتاعي بقرينة مورد النزول ، فإن الشاب الأنصاري كان نظره إلى المرأة بتلذذ ، إلا أن المورد لا يخصص الوارد كما هو معلوم.
     نعم ، في رواية أحمد بن أبي عبدالله البرقي قال :
     استأذن ابن أم مكتوم على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعنده عائشة وحفصة فقال لهما : « قوما فادخلا البيت » ، فقالتا : إنه أعمى ، فقال : « إن لم يركما فانكما تريانه » (3) .
     وغير ذلك من الأخبار ، والملازمة تدل على ثبوت الحكم في الرجل كما تدل على ثبوته في المرأة كذلك. كما أن إرادة الشارع في الغض عن النظر عدم الوقوع في الافتتان المقتضي للإتيان بالزنا ونحوه ، لذا شدد على عدم جواز النظر العمدي مع الريبة.
     من هنا أمكن دفع هذا الخبر المنافي لقواعد حرمة النظر إلى الأجنبية ،
(1) النور 24 : 30 .
(2) الوسائل 20 : 192 ، ب 104 من أبواب مقدمات النكاح ، ح 4.
(3) الوسائل 20 : 232 ، ب 129 من أبواب مقدمات النكاح ، ح1.

(67)
ومحادثتها بريبة ، فكيف بالسيدة « آمنة » سكينة بنت الحسين التي تربت في حجور العفة والورع والتقوى ، على أن تحكيم عمر بن أبي ربيعة « الخليع » والمشهور بالعبث في أيتها أجمل ، يتنافى وأحكام الشريعة ، فضلا عن سيرة المسلمين ، وأعراف المجتمع المدني وقتذاك.
رمتني بدائها وانسلت
     وإذا أوعزنا أسباب هذه القصص التي وضعت في حق سكينة بنت الحسين عليهما السلام ، لوجدنا أن دوافعها سياسية صرفة كما قدمنا. فإن بني أمية بحثوا عن كل أمر يشين آل علي عليه السلام فلم يجدوا ، فانحازوا إلى أسلوب الشتم والسب ، فسبوا عليا على منابرهم ثمانين عاما ، وحرصوا على إظهار معائبه فلم يجدوا لذلك سبيلا ، فألصقوا تهمهم في قصص يستملحها العامة ويجعلوها من المسلمات ، ليقابلوا بذلك ما اشتهر عنهم من العبث والمجون ومنادمة المغنين ، وما عرف عن نسائهم في ارتكاب هذا المحذور ، من مجالسة الشعراء ، والاستماع إلى المغنين ، وما اشتهر عن الشعراء كذلك في التشبيب بالنساء الأمويات المتهتكات ، وسنذكر شواهد ذلك.
     ومن جهة أخرى احتدم الصراع بين الزبيرين وبين منافسيهم من العلويين ، وعرف العلويون بقداستهم ، فضلا عن مشروعية خلافتهم الإلهية ، التي تحاصر كل مدع لها ، ولا يزال معارضوهم يضيقون ذرعا بذلك. فوجدوا أن محاولة التخفيف من قداسة البيت العلوي لدى الأمة ، هو أيسر السبل في اقتناص فرص النصر الزبيري المزعوم ، فضلا عما يعانيه تاريخهم من العبث ، ومنادمة الشعراء ، ومجالسة المغنين ، وما اشتهر من أمر


(68)
سكينة بنت خالد بن مصعب الزبيري ، ومجالسها المشهورة مع عمر بن أبي ربيعة. فأرادوا دفع هذ المنقصة وإلصاقها بمنافسيهم الأقوياء ، فاستغلوا تشابه الاسمين في إلصاق هذه التهمة ، وخلط ما وقع لسكينة بنت خالد الزبيرية ، مع سكينة بنت الحسين.
     هذا كما أن الشعراء قد أكثروا من التشبيب بنساء الأمويين والزبيريين ، وتاريخ الأدب العربي سجل هذه الملاحم الشعرية ، فكانت وثائق دامغة تدين تصرفاتهم ، والتي عرف بها بنو أمية وآل الزبير ، فزحزحوا هذه التهم وألصقوها في السيدة « آمنة » سكينة بنت الحسين ، تلافيا لما أحدثه تاريخهم العبثي المشهور. وإليك من ملاحم عمر بن أبي ربيعة ، والعرجي ، والحارث بن خالد المخزومي ، وأبو دهبل الجمحي ، وحماد عجرد ، والأحوص ، وعبدالرحمن بن حسان بن ثابت وغيرهم من شعراء الغزل ، شواهد التشبيب ، وقصائد الغزل ، وما عرفوا من منادمتهم لنساء الأمويين والزبيريين :
عائشة بنت طلحة بن عبيدالله زوجة مصعب بن الزبير
     1 ـ قال عمر بن أبي ربيعة مشببا بها :
لعـائشة بـنة التـيمي عـنـدي يـذكـرني ابـنة التـيمي ظـبي فـقلت له وكـاد يـراع قـلبـي سوى حـمش بسـاقك مسـتبين وأنك عاطـل عـار وليــست حمى في القلب ، لا يرعى حماها يـرود بـروضة سـهل ربـاها فـلم أر قـط كـاليوم اشـتباهـا وأن شـواك لم يـشـبه شـواهـا بـعـارية ولا عـطـل يـداها (1)

(1) الأغاني 1 : 204 .


(68)
2 ـ إن عمر بن أبي ربيعة لقي عائشة بنت طلحة بمكة وهي تسير على بغلة لها ، فقال لها : قفي حتى أسمعك ما قلت فيك ، قالت : أوقد قلت يا فاسق ؟ قال : نعم ، فوقفت فأنشدها :
ياربة البغلة الشهباء هل لك في قالت بدائك مت أو عش تعالجه أن تنشري ميتا لا ترهقي حرجا فما نرى لك فيما عندنا فرجا (1)
     3 ـ ومما يغني فيه من أشعار عمر بن أبي ربيعة في عائشة بنت طلحة ، قوله في قصيدته التي أولها :
مـن لقـلب أمسـى رهـينا معنى إثر شخص نفسي فدت ذاك شخصا مسـتكيـنا قـد شفـه مـا أجـنا نـازح الدار بـالمديـنة عـنا (2)
     4ـ كان ابن محرز أحسن الناس غناء ، فمر بهند بنت كنانة بن عبدالرحمن حليف قريش ، فسألته أن يجلس لها ولصواحب لها ، ففعل وقال : أغنيكن صوتا أمرني الحارث بن خالد بن العاص بن هشام أن أغنيه عائشة بنت طلحة بن عبيد الله في شعر له قاله فيها ، وهو يومئذ أمير مكة ؟ قلن : نعم ، فغناهن :
فوددت إذ شحطوا وشطت دارهم أنـا نطاع وأن تـنقل أرضـنا وعـدتهم عـنا عـواد تشـغل أو أن أرضهم إليـنا تـنقل (3)
     5ـ حجت عائشة بنت طلحة بن عبيدالله ، فجاءتها الثريا وإخوتها ، ونساء أهل مكة القرشيات وغيرهن . وكان الغريض فيمن جاء ، فدخل النسوة عليها فأمرت لهن بكسوة وألطاف كانت قد أعدتها لمن يجيؤها ،
(1) الأغاني 1 : 206 ـ 207 .
(2) المصدر السابق : 208 .
(3) المصدر السابق : 366 .

(70)
فجعلت تخرج كل واحدة ومعها جاريتها ومعها ما أمرت لها به عائشة ، والغريض بالباب حتى خرج مولياته مع جواريهن الخلع والألطاف ، فقال الغريض: فأين نصيبي من عائشة ؟ فقلن له : أغفلناك وذهبت عن قلوبنا ، فقال : ما أنا ببارح من بابها أو آخذ بحظي منها ، فإنها كريمة بنت كرام ، واندفع يغني بشعر جميل :
تذكرت ليلى فالفؤاد عميد وشطت نواها فالمزار بعيد
     فقالت: ويلكم هذا مولى العبلات بالباب يذكر بنفسه هاتوه ، فدخل ، فلما رأته ضحكت وقالت: لم أعلم بمكانك ، ثم دعت له بأشياء أمرت له بها ، ثم قالت له : إن أنت غنيتني صوتا في نفسي فلك كذا وكذا .. فغناها في شعر كثير :
ومازلت من ليلى لدن طر شاربي إلى اليوم أخفي حبـها وأداجن (1)
     6ـ قال الحارث بن خالد المخزومي متغزلا بعائشة بنت طلحة لما تزوجها مصعب بن الزبير ورحل بها إلى العراق :
ظـعن الأمـير بأحسـن الخـلق في البيت ذي الحسب الرفيع ومن فـظـللت كـالمقهـور مـهجته أتـرجـة عـبق العـبير بـها مـا صـبحت أحـدا بـرؤيتها وغـدا بـلبك مـطـلع الشـرق أهـل التـقى والبـر والصـدق هـذا الجـنون وليــس بالغسق عـبق الدهـان بـجـانب الحـق إلا غـدا بكـواكـب الـطـلق (2)
     قال أبوالفرج : والحارث بن خالد أحد شعراء قريش المعدودين
(1) الأغاني 3 : 327 ، 1 : 366 .
(2) تاريخ آداب اللغة العربية لجرجي زيدان : 283 ، الأغاني 3 : 316 وراجع أيضا 15 : 122 .