مكارم الأخلاق ::: 136 ـ 150
(136)
    قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : إن أول من يدخل الجنة المعروف وأهله وأول من يرد علي الحوض.
    عن الصادق ( عليه السلام ) قال : أيما مؤمن أوصل إلى أخيه المؤمن معروفا فقد أوصله إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ).
    وعنه ( عليه السلام ) قال : رأيت المعروف كاسمه. وليس شيء أفضل من المعروف إلا ثوابه وذلك هو الذي يراد منه. وليس كل من يحب أن يصنع المعروف إلى الناس يصنعه. وليس كل من يرغب فيه يقدر عليه. ولا كل من يقدر عليه يؤذن له فيه ، فإذا اجتمعت الرغبة والقدرة والاذن فهنالك تمت السعادة للطالب والمطلوب إليه.
    وعنه ( عليه السلام ) قال : رأيت المعروف لا يصلح إلا بثلاث خصال : تصغيره وستره وتعجيله ، فإنك إذا صغرته عظمته عند من تصنعه إليه وإذا سترته تممته وإذا عجلته وهنأته. وإن كان غير ذلك محقته ونكدته.
    وعنه ( عليه السلام ) قال : إذا أردت أن تعلم أشقى الرجل أم سعيد فانظر معروفه إلى من يصنعه ، فإن كان يصنعه إلى من هو أهله فاعلم أنه خير. وإن كان يصنعه إلى غير أهله فاعلم أنه ليس له عند الله خير.
    وعنه ( عليه السلام ) قال : خياركم سمحاؤكم وشراركم بخلاؤكم ، ومن خالص الايمان البر بالاخوان والسعي في حوائجهم.
    وعنه ( عليه السلام ) قال : شاب سخي مرهق في الذنوب أحب إلى الله عز وجل من شيخ عابد بخيل.
    وقال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : من أدى ما افترض الله عليه فهو أسخى الناس.
    وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ما محق الاسلام ماحق مثل الشح ، ثم قال : إن لهذا الشح دبيبا كدبيب النمل وشعبا كشعب الشرك.
    وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : صدقة رغيف خير من نسك مهزول (1).
    عن الباقر ( عليه السلام ) قال : البر والصدقة ينفيان الفقر ويزيدان في العمر ويدفعان ميتة السوء.
1 ـ النسك : الذبيحة وما يقدم لله تعبدا.

(137)
    عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : الصدقة باليد تقي ميتة السوء وتدفع سبعين نوعا من أنواع البلاء وتفك عن صاحبها سبعين شيطانا كلهم يأمره أن لا يفعل.
    عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : صدقة السر تطفئ غضب الرب.
    عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) قال : اتبعو قول رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فإنه قال : من فتح على نفسه باب مسألة فتح الله عليه باب فقر.
    عن الصادق ( عليه السلام ) قال : ما من عبد يسأل من غير حاجة فيموت إلا أحوجه الله عزوجل إلى السؤال قبل أن يموت ويثبت له بها في النار.
    وعنه ( عليه السلام ) قال : قال رجل للنبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : يا رسول الله علمني شيئا إذا فعلته أحبني الله من السماء وأحبني أهل الارض ؟ قال : ارغب فيما عند الله يحببك الله وازهد فيما عند الناس يحببك الناس.
    قال الباقر ( عليه السلام ) : لو يعلم السائل ما في المسألة ما سأل أحد أحدا. ولو يعلم المعطي ما في العطية ما رد أحد أحدا. وكان علي بن الحسين ( عليه السلام ) إذا كان اليوم الذي يصوم فيه أمر بشاة فتذبح وتقطع أعضاؤه فتطبخ ، فإذا كان عند المساء أكب على القدور حتى يجد ريح المرق (1) وهو صائم ، ثم يقول : هاتوا القصاع واغرفوا لآل فلان واغرفوا لآل فلان ، ثم يؤتى بخبز وتمر فيكون ذلك عشاؤه.
    عن الصادق ( عليه السلام ) قال : من فطر صائما فله أجر مثله.
    وقال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ليس بمؤمن من بات شبعانا وجاره طاويا (2) وقال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : من فطر في هذا الشهر مؤمنا صائما كان له بذلك عند الله عزوجل عتق رقبة ومغفرة لما مضى من ذنوبه. فقيل له : يا رسول الله ليس كلنا نقدر على أن نفطر صائما ، فقال : إن الله تبارك وتعالى كريم يعطي هذا الثوب منكم من لم يقدر إلا على مذقة من لبن يفطر بها صائما ، أو شربة من ماء عذب أو تميرات لا يقدر على أكثر من ذلك.
    عن الرضا ( عليه السلام ) قال : تفطيرك أخاك الصائم أفضل من صيامك.
1 ـ المرق ـ بالتحريك ـ : ماء اللحم إذا طبخ فصار دسما. واغرفوا أي أخذوا بالمغرفة.
2 ـ طاويا : جائعا. ورجل طيان : لم يأكل شيئا.


(138)
    وقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لاصحابه : ألا أخبركم بشيء إن أنتم فعلتموه تباعد الشيطان منكم كما تباعد المشرق من المغرب ؟ قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : الصوم يسود وجهه والصدقة تكسر ظهره والحب في الله والمؤازرة على العمل الصالح تقطع دابره والاستغفار يقطع وتينه. ثم قال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : لكل شيء زكاة وزكاة الابدان الصيام. وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : الصائم في عبادة وإن كان نائما على فراشه ما لم يغتب مسلما.
    وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : قال الله تبارك وتعالى : الصوم لي وأنا أجزي به. والصائم فرحتان : حين يفطر وحين يلقى ربه عزوجل. والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم عند الله أطيب من ريح المسك.
    عن الصادق ( عليه السلام ) قال : كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يصوم حتى يقال : لا يفطر.
    ويفطر حتى يقال : لا يصوم. ثم صام يوما وأفطر يوما ، ثم صام الاثنين والخميس ، ثم آل ذلك إلى صيام ثلاثة أيام من الشهر : الخميس في أول الشهر ، والاربعاء في وسط الشهر ، والخميس في آخر الشهر. وكان يقول : ذلك صوم الدهر.
    وعنه ( عليه السلام ) قال : إذا صام أحدكم الثلاثة الايام من الشهر فلا يجادلن أحدا.
    ولا يجهل ولا يسرع إلى الحلف والايمان بالله. وإن جهل عليه أحد فليتحمل.
    عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) قال : صيام شهر الصبر وصيام ثلاثة أيام من كل شهر يذهبن ببلابل الصدر. وصيام ثلاثة أيام من كل شهر صيام الدهر. إن الله عزوجل يقول : ( من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ) (1).
    سئل الصادق ( عليه السلام ) عمن لم يصم الثلاثة في كل شهر وهو يشتد عليه الصيام هل فيه فداء ؟ قال : مد من طعام في كل يوم.
    عن علي ( عليه السلام ) قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : من صام يوما تطوعا أدخله الله عزوجل الجنة.
    عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : لافطارك في منزل أخيك أفضل من صيامك بسبعين ضعفا او تسعين ضعفا.
1 ـ سورة الانعام : آية 161.

(139)
    وعنه ( عليه السلام ) قال : من دخل على أخيه وهو صائم فأفطر عنده ولم يعلمه بصومه فيمن عليه كتب [ الله ] له صوم سنة.
    وكان النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إذا أفطر يقول : اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت.

    من كتاب من لا يحضره الفقيه وغيره ، قال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : من أراد أن يكثر خيره فليتوضأ عند حضور طعامه.
    وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : اجمعوا وضوءكم جمع الله شملكم.
    وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : الوضوء قبل الطعام ينفي الفقر وبعده ينفي الهم ويصحح البصر.
    عن الصادق ( عليه السلام ) : من غسل يده قبل الطعام وبعده بورك له في أوله وآخره وعاش في سعة وعوفي من بلوى في جسده.
    وقال ( عليه السلام ) : اجعلوا في أسنانكم السعد فإنه يطيب الفم [ ويزيد في الجماع ]. (1) وعنه ( عليه السلام ) قال : من غسل يده قبل الطعام فلا يمسحها بالمنديل ، فإنه لا تزال البركة في الطعام ما دام النداوة في اليد.
    وعن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : إذا أكل أحدكم فلا يمسحن بالمنديل حتى يلعقها أو يلعقها.
    وعنه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : يبدأ أولا رب المنزل بغسل يده ومن عن يمينه ، فإذا فرغ من الطعام يبدأ [ بمن عن يساره ] بغير صاحب المنزل ، لانه أولى بالصبر على الغمر (2) ويتمندل بعد ذلك.
    وروي عنه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أنه كان يغسل يده من الغمر ، ثم يمسح بها وجهه ورأسه قبل أن يمسحها بالمنديل ، ثم يقول : اللهم اجعلني ممن لا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة.
1 ـ السعد ـ بالضم ـ : طيب معروف.
2 ـ الغمر ـ بالتحريك ـ : زنخ اللحم وما يتعلق باليد من دسمه.


(140)
    وعنه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : الوضوء قبل الطعام وبعده ينفي الفقر كما ينفي الكبر خبث الحديد وعاش ما عاش في سعة وأن الملائكة تصلي على من يلعق أصابعه في آخر الطعام.
    و [ روي ] عنه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أنه كان يكره عند الطعام رفع الطست حتى يمتلئ ويهراق ويقول : من أحب أن يكثر خير بيته فليتوضأ عند حضور الطعام وبعده ، فإنه من غسل يده عند الطعام وبعده عاش ما عاش في وعوفي من بلوى في جسده.
    وعنه ( عليه السلام ) قال : إذا توضأت بعد الطعام فامسح عينيك بفضل ما في يديك فإنه أمان من الرمد.
    عن صفوان الجمال قال : كنا عند أبي عبد الله ( عليه السلام ) فحضرت المائدة فأتى الخادم بالوضوء فناوله المنديل فعافه ، ثم قال : منه غسلنا.
    وعنه ( عليه السلام ) قال : الوضوء قبل الطعام وبعده ينفي الفقر ويزيد في الرزق.
    من كتاب تهذيب الاحكام ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : الوضوء قبل الطعام وبعده يذيبان الفقر.
    عن يونس قال : لما تغذى عندي أبوالحسن ( عليه السلام ) وجئ بالطست بدأ الخادم به وكان في صدر المجلس ، فقال : ابدأ بمن عن يمينك. فلما توضأ واحد أراد الغلام أن يرفع الطست ، فقال أبوالحسن ( عليه السلام ) دعها.
    وعن نزار قال : رأيت أباالحسن ( عليه السلام ) إذا توضأ قبل الطعام لم يمس المنديل وإذا توضأ بعد الطعام مس المنديل.
    وفي كتاب مواليد الصادقين عليهما السلام ، كان النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إذا فرغ من غسل اليد بعد الطعام مسح بفضل الماء الذي في يده وجهه ، ثم يقول : الحمد لله الذي هدانا وأطعمنا وسقانا وكل بلاء صالح أولانا.

    من طب الائمة ، روي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) أنه قال : اذكروا الله عزوجل عند الطعام ولا تلغوا فيه : فإنه نعمة من نعم الله يجب عليكم فيها


(141)
شكره وحمده. أحسنوا صحبة النعم قبل فراقها ، فإنها تزول وتشهد على صاحبها بما عمل فيها.
    وقال ( عليه السلام ) : إذا جلس أحدكم على الطعام فليجلس جلسة العبد. وليأكل على الارض. ولا يضع إحدى رجليه على الاخرى ولا يتربع ، فإنها جلسة يبغضها الله عزوجل ويمقت صاحبها.
    عن الصادق ( عليه السلام ) قال : أطيلوا الجلوس على الموائد ، فإنها ساعة لا تحسب من أعماركم.
    من كتاب من لا يحضره الفقيه ، عن الصادق ، عن آبائه ، عن الحسن بن علي عليهم السلام قال : في المائدة اثنتا عشرة خصلة يجب على كل مسلم أن يعرفها : أربع منها فرض وأربع منها سنة وأربع منها تأديب ، فأما الفرض فالمعرفة والرضا والتسمية والشكر. وأما السنة فالوضوء قبل الطعام والجلوس على الجانب الايسر والاكل بثلاث أصابع ولعق الاصابع (1). وأما التأديب فالاكل مما يليك وتصغير اللقمة والمضغ الشديد وقلة النظر في وجوه الناس.
    وعن عمرو بن قيس قال : دخلت على أبي جعفر ( عليه السلام ) بالمدينة وبين يديه خوان (2) وهو يأكل. فقلت له : ما حد هذا الخوان ؟ فقال : إذا وضعته فسم الله.
    وإذا رفعته فاحمد الله. وقم ما حول الخوان (3) ، فهذا حده.
    قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : من وجد كسرة أو تمرة (4) فأكلها لم تفارق جوفه حتى يغفر الله له.
    عن الرضا ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ما سقط من المائدة مهور الحور العين.
    عن محمد بن الوليد قال : أكلت بين يدي أبي جعفر الثاني ( عليه السلام ) حتى إذا
1 ـ لعق الاصابع : لحسها.
2 ـ الخوان ـ بالكسر والضم ـ : الذي يؤكل عليه ، وهو معرب ، ويقال له : السفرة أيضا.
3 ـ قم الرجل كاقتمه : أكل ما على الخوان. وفي بعض النسخ ( واقتم ).
4 ـ الكسرة ـ بالكسر ـ : القطعة من الشيء المكسور.


(142)
فرغت ورفع الخوان ذهب الغلام يرفع ما وقع من فتات الطعام (1) ، فقال له : ما كان في الصحراء فدعه ولو فخذ شاة وما كان في البيت فتتبعه والتقطه.
    عن الصادق ( عليه السلام ) أنه كره أن يأكل بشماله أو يشرب بها أو يتناول بها.
    قال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لعلي ( عليه السلام ) : يا علي افتح بالملح واختتم به ، فإنه شفاء من سبعين داء ، منها الجنون والجذام والبرص ووجع الحلق ووجع الاضراس ووجع البطن.
    عن ابن عباس قال : قال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ثلاث لقمات بالملح قبل الطعام وثلاث بعد الطعام تصرف بهن عن ابن آدم اثنين وسبعين نوعا من البلاء ، منها الجنون والجذام والبرص.
    قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) : إبدؤا بالملح في أول الطعام ، فلو علم الناس ما في الملح لاختاروه على الترياق المجرب (2).
    عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) : إنا نبدأ بالملح ونختم بالخل.
    قال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) نعم الادام الخل ، ما افتقر بيت فيه الخل.
    عن الصادق ( عليه السلام ) قال : إن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : إذا وضعت المائدة حفها أربعة أملاك ، فإذا قال العبد : بسم الله قالت الملائكة للشيطان : اخرج يا فاسق فلا سلطان لك عليهم. وإذا فرغوا فقالوا : الحمد لله قالت الملائكة : قوم أنعم الله عليهم فأدوا الشكر لربهم. وإذا لم يقل : بسم الله قالت الملائكة للشيطان : ادن يا فاسق فكل معهم. فإذا رفعت المائدة ولم يحمدوا الله قالت الملائكة : قوم أنعم الله عليهم فنسوا ربهم.
    وقال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لعلي ( عليه السلام ) : يا علي إذا أكلت فقل : بسم الله وإذا فرغت فقل : الحمد لله ، فإن حافظيك لا يستريحان من أن يكتبا لك الحسنات حتى تنبذه عنك.
    وقال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : ضمنت لمن سمى على طعامه أن لا يشتكى منه.
1 ـ الفتات ـ بالضم ـ : ما تفتت من الشيء المفتوت أي المكسور بالاصابع كسرا صغيرة.
2 ـ الترياق ( معرب على زنة فعيال بالكسر ) : ما يستعمل لدفع السم من الادوية والمعاجين.


(143)
فقال ابن الكوا (1) : يا أمير المؤمنين لقد أكلت البارحة طعاما فسميت عليه ثم آذاني ، فقال : أكلت ألوانا فسميت على بعضها ولم تسم على بعض يا لكع (2).
    وروي عن الصادق ( عليه السلام ) : أن من نسي أن يسمي على كل لون فليقل : بسم الله على أوله وآخره.
    عن الصادق ( عليه السلام ) قال : ما اتخمت قط (3) وذلك لاني لم أبدأ بطعام إلا قلت : بسم الله ، ولم أفرغ منه إلا قلت : الحمد لله.
    وقال ( عليه السلام ) : إن البطن إذا شبع طغا.
    عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) قال لابنه الحسن ( عليه السلام ) : يا بني لا تطعمن لقمة من حار ولا برد ولا تشربن شربة ولا جرعة إلا وأنت تقول قبل أن تأكله وقبل أن تشربه : اللهم إني أسألك في أكلي وشربي السلامة من وعكه (4) والقوة به على طاعتك وذكرك وشكرك فيما بقيته في بدني وأن تشجعني بقوته على عبادتك وأن تلهمني حسن التحرز من معصيتك فإنك إن فعلت ذلك أمنت وعثه وغائلته (5).
    وكان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إذا وضعت المائدة بين يديه قال : اللهم اجعلها نعمة مشكورة تصل بها نعمة الجنة. وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إذا وضع يده في الطعام قال : بسم الله ، اللهم بارك لنا فيما رزقنا وعليك خلفه.
    وكان علي بن الحسين عليهما السلام إذا طعم قال : الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وكفانا وأيدنا وآوانا وأنعم علينا وأفضل ، الحمد لله الذي يطعم ولا يطعم.
    عن الباقر ( عليه السلام ) قال : كان سلمان إذا رفع يده من الطعام يقول : اللهم أكثرت وأطيبت فزد ، وأشبعت وأرويت فهنئه.
1 ـ هو عبد الله بن الكوا ، خارجي ملعون ، وهو الذي قرأ خلف علي ( عليه السلام ) جهرا : ولقد أوحى إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين.
2 ـ اللكع كصرد : العبد ، الاحمق ، اللئيم. وأكثر ما يستعمل في النداء ويراد به الذم.
3 ـ يقال : تخم فلان ، كضرب : ثقل عليه الاكل. والتخمة : حالة تعرض للانسان من كثرة الاكل.
4 ـ الوعك ، المرض واشتداده. وفي بعض النسخ وعكة وكلاهما مصدر.
5 ـ الوعث : المشقة. وأصله المكان السهل الكثير الرمل الذي يتعب فيه الماشي ويشق عليه.


(144)
    عن الصادق ( عليه السلام ) إنه أكل فقال : الحمد لله الذي أطعمنا في جائعين وسقانا في ظمآنين وكسانا في عارين [ وهدانا في ضالين وحملنا في راجلين وآوانا في ضاحين (1) وأخدمنا في عانين ] وفضلنا على كثير من العالمين.
    وقال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : إذا رفعت المائدة فقل : الحمد لله رب العالمين ، اللهم اجعلها نعمة مشكورة.
    ومن كتاب النجاة ، الدعاء عند الطعام الحمد لله الذي يطعم ولا يطعم ويجير ولا يجار عليه ويستغني ويفتقر إليه. اللهم لك الحمد على ما رزقتني من طعام وإدام في يسر وعافية من غير كد مني ولا مشقة. بسم الله خير الاسماء رب الارض والسماء.
    [ بسم الله الذي لا يضر مع اسمه سم ولا داء ]. بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء وهو السميع العليم. اللهم اسعدني في مطعمي هذا بخيره وأعذني من شره وانفعني بنفعه وسلمني من ضره. والدعاء عند الفراغ منه الحمد لله الذي أطعمني فأشبعني ، وسقاني فأرواني ، وصانني وحماني. الحمد لله الذي عرفني البركة واليمن بما أصبته وتركته منه.
    اللهم اجعله هنيئا مريئا لا وبيا ولا دويا ، وأبقني بعده سويا قائما بشكرك محافظا على طاعتك ، وارزقني رزقا دارا وأعشني عيشا قارا واجعلني ناسكا بارا واجعل ما يتلقاني في المعاد مبهجا سارا برحمتك يا أرحم الراحمين.
    من كتاب البصائر ، عن محمد بن جعفر بن العاصم ، عن أبيه ، عن جده قال : حججت ومعي جماعة من أصحابنا فأتيت المدينة فقصدنا مكانا ننزله فاستقبلنا غلام
    لابي الحسن موسى بن جعفر ( عليه السلام ) على حمار له أخضر يتبعه الطعام. فنزلنا بين النخل وجاء هو فنزل. وأتي بالطست والماء فبدأ وغسل يديه وأدير الطست عن يمينه حتى بلغ آخرنا. ثم أعيد من يساره حتى أتي على آخرنا. ثم قدم الطعام فبدأ بالملح ثم قال : كلوا بسم الله الرحمن الرحيم ، ثم ثنى بالخل. ثم أتي بكتف مشوي ، فقال : كلوا بسم الله الرحمن الرحيم ، فإن هذا طعام كان يعجب النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ). ثم أتي بالخل والزيت ، فقال : كلوا بسم الله الرحمن الرحمن ، فإن هذا طعام كان يعجب فاطمة
1 ـ الضاحي من كل شيء : البارز الظاهر الذي لا يستر حائط ولا غيره.

(145)
( عليها السلام ). ثم أتي بالسكباج (1) ، فقال : كلوا بسم الله الرحمن الرحيم ، فإن هذا طعام كان يعجب أمير المؤمنين ( عليه السلام ). ثم أتي بلحم مقلو فيه باذنجان ، فقال : كلوا بسم الله الرحمن الرحيم ، فإن هذا طعام كان يعجب الحسن بن علي عليهما السلام.
    ثم أتي بلبن حامض قد ثرد ، فقال : كلوا بسم الله الرحمن الرحيم ، فإن هذا طعام كان يعجب الحسين بن علي عليهما السلام. ثم أتي بأضلاع باردة فقال : كلوا بسم الله الرحمن الرحيم فإن هذا طعام كان يعجب علي بن الحسين ( عليهما السلام ). ثم أتي بجبن مبزر (2) ، فقال : كلوا بسم الله الرحمن الرحيم ، فإن هذا طعام كان يعجب محمد بن علي عليهما السلام. ثم أتي بتور فيه بيض كالعجة (3) ، فقال : كلوا بسم الله الرحمن الرحيم ، فإن هذا طعام كان يعجب أبي جعفر ( عليه السلام ). ثم أتي بحلواء ، فقال : كلوا بسم الله الرحمن الرحيم ، فإن هذا طعام يعجبني. ورفعت المائدة فذهب أحدنا ليلتقط ما كان تحتها فقال : مه إنما ذلك في المنازل تحت السقوف ، فأما في مثل هذا الموضع فهو لعافية الطير والبهائم (4). ثم أتي بالخلال ، فقال : من حق الخلال أن تدير لسانك في فمك فما أجابك تبتلعه وما امتنع تحركه بالخلال ، ثم تخرجه فتلفظه. وأتي بالطست والماء فابتدأ بأول من على يساره حتى انتهى إليه فغسل ، ثم غسل من على يمينه حتى أتي على آخرهم. ثم قال : يا عاصم كيف أنتم في التواصل والتبار ؟ فقال : على أفضل ما كان عليه أحد. فقال : أيأتي أحدكم منزل أخيه عند الضيقة فلا يجده فيأمر بإخراج كيسه فيخرج فيفض ختمه فيأخذ من ذلك حاجته فلا ينكر عليه ؟ قال : لا. قال : لستم على أفضل ما كان أحد عليه من التواصل. ( والضيقة : الفقر ).
    من طب الائمة ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : لا تأكل وأنت تمشي إلا أن تضطر إلى ذلك.
1 ـ السكباج ـ بالكسر ـ : مرق يعمل من اللحم والخل.
2 ـ الجبن : ما جمد من اللبن ، والمبزر : المطيب بالبزور.
3 ـ التور ـ بفتح فسكون ، معرب ـ : إناء صغير يشرب فيه ، والعجة ـ بضم فتشديد ـ : طعام يعمل من بيض ودقيق وسمن او زيت.
4 ـ العافية والعافي : الوارد ، وكل طالب فضل او رزق. ( مكارم الاخلاق ـ 10 )


(146)
    عن عمر بن أبي شعبة قال : ما رأيت أبا عبد الله ( عليه السلام ) يأكل متكئا ، ثم ذكر رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فقال : ما أكل متكئا حتى مات.
    وقال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : كل ما يسقط من الخوان ، فإنه شفاء من كل داء لمن أراد أن يستشفي به.
    من كتاب الفردوس ، عن أنس قال : قال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : من أكل ما يسقط من المائدة عاش ما عاش في سعة من رزقه وعوفي في ولده وولد ولده من الجذام.
    وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : النفخ في الطعام يذهب بالبركة.
    ورأى النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أبا أيوب الانصاري يلتقط نثارة المائدة (1) ، فقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : بورك لك وبورك عليك وبورك فيك. فقال أبوأيوب : يا رسول الله ولغيري ؟ قال : نعم ، من أكل ما أكلت فله ما قلت لك. أو قال : من فعل ذلك وقاه الله الجنون والجذام والبرص والماء الاصفر (2) والحمق.
    وروي عن العالم ( عليه السلام ) أنه قال : ثلاثة لا يحاسب عليها المؤمن : طعام يأكله وثوب يلبسه وزوجة صالحة تعاونه ويحرز بها دينه.
    عن علي ( عليه السلام ) قال : أقروا الحار حتى يبرد ويمكن ، فإن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قرب إليه طعام حار فقال : أقروه حتى يبرد ويمكن ، ما كان الله ليطعمنا النار.
    والبركة في البارد ، والحار غير ذي بركة.
    وقال ( عليه السلام ) : من لعق قصعة صلت عليه الملائكة ودعت له بالسعة في الرزق وتكتب له حسنات مضاعفة.
    وقال ( عليه السلام ) : من أكل الطعام على النقاء وأجاد الطعام تمضغا وترك الطعام وهو يشتهيه ولم يجس الغائط إذا أتى لم يمرض إلا مرض الموت.
    عن الصادق ( عليه السلام ) قال : كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إذا أتي بفاكهة حديثة قبلها ووضعها على عينه ويقول : اللهم كما أريتنا أولها في عافية فأرنا آخرها في عافية.
1 ـ النثارة ـ بالضم ـ : ما يتناثر من الشيء أي ما يتساقط متفرقة منه.
2 ـ وهو الماء الذي يجتمع في البطن ويعتريه داء الاستسقاء.


(147)
    وعنه ( عليه السلام ) قال : لا ينبغي للشيخ الكبير أن ينام إلا وجوفه ممتلئ من الطعام ، فإنه أهدأ لنومه وأطيب لنكهته.
    وقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : عجبا لمن يحتمي من الطعام مخافة من الداء كيف لا يحتمي من الذنوب مخافة من النار.
    من كتاب تهذيب الاحكام ، عن الصادق ( عليه السلام ) : إذا دعي أحدكم إلى الطعام فلا يستتبعن ولده ، فإنه إن فعل أكل حراما ودخل عاصيا.
    عنه ( عليه السلام ) قال : الاكل على الشبع يورث البرص.
    عنه ( عليه السلام ) قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : أطولكم جشاءا (1) أطولكم جوعا يوم القيامة.
    عنه ( عليه السلام ) قال : إذا حضرت المائدة وسمى رجل من القوم أجزأ عنهم أجمعين.
    عنه ( عليه السلام ) قال : إذا وضع الخوان فقل : بسم الله ، فإذا أكلت فقل : بسم الله على أوله وآخره ، فإذا رفع فقل : الحمد لله.
    عنه ( عليه السلام ) قال : إذا اختلفت الانية فسم عند كل إناء. قلت : فإن نسيت ؟
    قال : تقول : بسم الله على أوله وآخره.
    عن الرضا ( عليه السلام ) قال : إذا أكلت فاستلق على قفاك وضع رجلك اليمنى على اليسرى.
    وقال الصادق ( عليه السلام ) : كثرة الاكل مكروهة.
    عنه ( عليه السلام ) قال : من أكل طعاما لم يدع إليه فكأنما أكل قطعة من النار.
    من كتاب زهد أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، عن أبي عبد الله ، عن أبيه ، عن جده ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين عليهم السلام قال : توقوا الذنوب فما من بلية أشد وأفظع منها. ولا يحرم الرزق إلا بذنب حتى الخدش والنكبة والمصيبة (2) ، قال الله عز وجل : ( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير ) (3). أكثروا
1 ـ الجشاء ـ كغراب ـ : صورت مع ريح يخرج من الفم عند الشبع.
2 ـ الخدش : تفرق اتصال في الظفر أو الجلد ونحو ذلك وإن لم يخرج الدم. والنكبة : الجرحة بحجر أو شوكة.
3 ـ سورة الشورى : آية 29.


(148)
ذكر الله على الطعام ولا تطغوا ، فإنها نعمة من نعم الله ورزق من رزقه يجب عليكم فيه شكره وحمده. أحسنوا صحبة النعم قبل فراقها ، فإنها تزول وتشهد على صاحبها بما عمل فيها. من رضي من الله باليسير من الرزق رضي الله منه بالقليل من العمل. إياكم والتفريط فتقع الحسرة حين لا ينتفع بالحسرة. إذا لقيتم عدوكم في الحرب فأقلوا الكلام وأكثروا ذكر الله عزوجل ولا تولوهم الادبار فتسخطوا الله وتستوجبوا غضبه. من أراد منكم أن يعلم كيف منزلته عندالله فلينظر كيف منزلة الله منه عند ارتكاب الذنوب ، فإن كانت منزلة الله عنده عظيمة تمنعه منها فكذلك منزلته عندالله.
    من كتاب تهذيب الاحكام ، عن مروك بن عبيد مرفوعا ، عن الصادق ( عليه السلام ) قال : قلت له : الرجل يمر على قراح الزرع (1) فيأخذ منه السنبلة. قال : لا. قلت : أي شيء سنبلة ؟ قال : لو كان كل من يمر به يأخذ منه سنبلة لا يبقى منه شيء.
    من مجموع في الاداب لمولاي أبي طول الله عمره ، روى عن الفضل بن يونس قال : إني في منزلي يوما فدخل علي الخادم فقال : إن بالباب رجلا يكنى أباالحسن يسمى موسى بن جعفر عليهما السلام ، فقلت : يا غلام إن كان الذي أتوهم فأنت خر لوجه الله. قال : فبادرت إليه فإذا أنا به ( عليه السلام ) ، فقلت : انزل يا سيدي. فنزل ودخل المجلس. فذهبت لارفعه في صدر البيت ، فقال لي : يا فضل صاحب المنزل أحق بصدر البيت إلا أن يكون في القوم رجل [ يكون ] من بني هاشم. فقلت : فأنت إذا جعلت فداك ، ثم قلت : جعلني الله فداك إنه قد حضر طعام لاصحابنا [ فإن رأيت أن تحضر إلينا فذاك إليك ]. فقال يا فضل إن الناس يقولون : إن هذا طعام الفجأة وهم يكرهونه ، أما إني لا أرى به بأسا. فأمرت الغلام فأتى بالطست فدنا منه فقال : الحمد لله الذي جعل لكل شيء حدا. فقلت : جعلت فداك فما حد هذا ؟ فقال : أن يبدأ رب البيت لكي ينشط الاضياف ، فإذا وضع الطست سمى وإذا رفع حمد الله.
    ثم أتى بالمائدة ، فقلت : ما حد هذا ؟ قال : أن يسمى إذا وضع ويحمد الله إذا رفع.
    ثم أتى بالخلال ، فقلت : ما حد هذا ؟ قال : أن تكسر رأسه لئلا يدمي اللثة. فأتى
1 ـ القراح : المزرعة التي ليس عليها بناء ولا فيها شجر.

(149)
بإناء الشراب ، فقلت : فما حده ؟ قال : أن لا تشرب من موضع العروة ولامن موضع كسر إن كان به ، فإنه مجلس الشيطان ، فإذا شربت سميت وإذا فرغت حمدت الله.
    وليكن صاحب البيت يا فضل إذا فرغ من الطعام وتوضأ القوم آخر من يتوضأ. ثم قال : إن أمير المؤمنين أمرك لبني فلان بعشرة آلاف درهم فأنا أحب أن تنفذها إليهم.
    فقلت : جعلت فداك إن خرج عني لم يعد إلي درهم أبدا. فقال : اخرج إليهم فلا يصل إليهم او يعود إليك إن شاء الله. قال : فلا والله ما وصلت إليهم حتى عادت إلى العشرة آلاف [ تمام الخبر ].
    قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : الاكل في السوق دناءة.
    سأل رجل رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فقال : يا رسول الله إنا نأكل ولا نشبع ، قال : لعلكم تفترقون عن طعامكم ، فاجتمعوا عليه واذكروا اسم الله عليه يبارك لكم فيه.
    عن ابن عمر قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : إذا وضعت المائدة بين يدي الرجل فليأكل مما يليه. ولا يتناول مما بين يدي جليسه. ولا يأكل من ذروة القصعة ، فإن من أعلاها تأتي البركة. ولا يرفع يده وإن شبع ، فإنه إذا فعل ذلك خجل جليسه وعسى أن يكون له في الطعام حاجة.
    عن أنس قال : ما أكل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على خوان ولا في سكرجة (1) ولا من خبز مرقق. فقيل لانس : على ماذا كانوا يأكلون ؟ قال : على السفرة.
    ومن كتاب روضة الواعظين روي عن علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، عن أبي جحيفة (2) قال : أتيت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وأنا أتجشأ فقال : يا أبا جحيفة أخفض جشاءك ، فإن أكثر الناس شبعا في الدنيا أطولهم جوعا يوم القيامة.
    وقال صلى الله عليه وآله وسلم : نور الحكمة الجوع. والتباعد من الله الشبع. والقربة إلى الله حب المساكين والدنو منهم.
1 ـ السكرجة ـ كقنفذة ـ : الصفحة التي يوضع فيها الاكل.
2 ـ بتقديم الجيم على الحاء مصغرا ، هو وهب بن عبد الله من أصحاب أمير المؤمنين ( عليه السلام ) بل من خواصه.


(150)
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : لا تميتوا القلوب بكثرة الطعام والشراب ، فإن القلوب تموت كالزروع إذا كثر عليه الماء.
    وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : لا تشبعوا فيطفأ نور المعرفة من قلوبكم. ومن بات يصلي في خفة من الطعام باتت الحور العين حوله.
    وسئل رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ما أكثر ما يدخل النار ؟! قال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : الاجوفان البطن والفرج.
    وقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : من أكل الحلال قام على رأسه ملك يستغفر له حتى يفرغ من أكله.
    وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : إذا وقعت اللقمة من حرام في جوف العبد لعنه كل ملك في السماوات وفي الارض. وما دامت اللقمة في جوفه لا ينظر الله إليه. ومن أكل اللقمة من الحرام فقد باء بغضب من الله ، فإن تاب تاب الله عليه وإن مات فالنار أولى به.

    من كتاب من لا يحضره الفقيه قال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : آنية الذهب والفضة متاع الذين لا يوقنون.
    عن الصادق ( عليه السلام ) قال : لا ينبغي الشرب في آنية الذهب والفضة ولا الاكل فيهما.
    عن الباقر ( عليه السلام ) قال : لا تأكل في آنية الذهب والفضة.
    عن أبي عبد الله قال : إنه كره الشرب في الفضة والقدح المفضض. وكره أن يدهن من مدهن مفضض والمشط كذلك. فمن لم يجد بدأ من الشرب في الفضة والقدح المفضض عدل بفمه عن موضع الفضة.
    وروي أنه استسقى ماءا فاتي بقدح من صفر فيه ماء. فقال له بعض جلسائه : إن عباد البصري يكره الشرب في الصفر (1). قال ( عليه السلام ) : فاسأله ذهب أم فضة.
1 ـ الصفر ـ بالضم ـ النحاس الاصفر.
مكارم الأخلاق ::: فهرس