العمل وحقوق العامل في الاسلام ::: 136 ـ 150
(136)
    إني أحب أن يتأذى الرجل بحر الشمس في طلب المعيشة (1).
    وروى أبو بصير ، قال : سمعت أبا عبد اللّه (ع) يقول : « إني لأعمل في بعض ضياعي حتى أعرق ، وان لي من يكفيني ليعلم اللّه عز وجل اني أطلب الرزق الحلال » (2).
    إن أئمة أهل البيت (ع) بقيامهم بالعمل لاعاشة عوائلهم مع وجود من يغنيهم عن ذلك إنما كان الغرض منه أن يعطوا للمسلمين دروساً عن الاسلام من أنه يأمر بالعمل وينهى عن الكسل والخمول ، وان الشخص مهما عظم شأنه وعلت منزلته فهو مأمور بالعمل ليكف نفسه ومن يعول به عما في أيدي الناس.
    (ه‍) رد دعاء تارك العمل
    ونظراً لخطورة العمل وأهميته في الاسلام فقد ذمّ تارك العمل وتوعده بعدم استجابة دعائه في طلب الرزق ، فقد أثر عن النبي (ص) انه قال : « إن أصنافاً من أمتي لا يستجاب لهم دعاء ، وهم : رجل يدعو على غريم له ذهب بماله فلم يكتب له ولم يشهد عليه ، ورجل يدعو على امرأته وقد جعل اللّه تخلية سبيلها بيده ، ورجل يقعد في بيته ، ويقول : يا رب
1 ـ التهذيب.
2 ـ نفس المصدر.


(137)
ولا يخرج ، ولا يطلب الرزق ، فيقول اللّه عز وجل عبدي أجعل لك السبيل الى الطلب والتصرف في الأرض بجوارح صحيحة ، فتكون قد أعذرت فيما بيني وبينك في الطلب لاتباع أمري ولكيلا تكون كّلا على أهلك فان شئت رزقتك ، وان شئت قترت عليك وأنت معذور عندي » (1).
    إن اللّه قد منح الانسان من الطاقات والقوى وأمره ، بأن يستعملها لطلب معيشته ، وأما ترك الكسب والاتكال على الدعاء فانه ليس من الاسلام في شيء ، وقد حذر أئمة أهل البيت (ع) شيعتهم من ذلك فقد روى علي بن عبد العزيز ان الامام الصادق عليه السلام قال له ما فعل عمر بن مسلم ؟
    جعلت فداك ، أقبل على العبادة ، وترك التجارة.
    فتألم الامام (ع) وأزعجه ذلك ، واندفع يقول :
    ويحه أما علم ان تارك الطلب لا تستجاب له دعوة ، إن قوماً من أصحاب رسول اللّه (ص) لما نزلت الآية : « ومن يتق اللّه يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب » اغلقوا الأبواب ، وأقبلوا على العبادة ، وقالوا : قد كفينا الطلب ، فبلغ ذلك النبي (ص) فارسل اليهم فلما مثلوا عنده قال لهم :
1 ـ الوسائل كتاب التجارة.

(138)
    ما حملكم على ما صنعتم ؟
    فقالوا : يا رسول اللّه ، تكفل اللّه لنا بأرزاقنا ، فأقبلنا على العبادة.
    فنهرهم (ص) وقال لهم : « إنه من فعل ذلك لم يستجب له ، عليكم بالطلب » (1).
    وقد دل هذا الحديث الشريف على مدى الأهمية البالغة للعمل في الإسلام ، وإنه لا يصح من المسلم أن يتركه وينصرف الى العبادة ، أو يلتجئ الى الدعاء وسأل عمر بن يزيد الامام الصادق (ع) قال له ان رجلاً قال « لأقعدن في بيتي ، ولأصلينّ ولأصومن ، ولأعبدن ربي عز وجل فأما رزقي فسيأتيني ».
    فقال الامام (ع) : « هذا أحد الثلاثة الذين لا يستجاب لهم » (2).
    وسأل العلاء بن كامل الامام الصادق (ع) أن يدعو له اللّه في أن يرزقه ، ويوسع عليه.
    فقال له الامام (ع) :
1 ـ التهذيب كتاب المكاسب.
2 ـ تذكرة الفقهاء.


(139)
    « لا أدعو لك اطلب كما أمرك اللّه » (1).
    ويقول الامام أبو جعفر محمد الباقر (ع) :
    « إني اجدني أمقت الرجل يتعذر عليه المكاسب ، فيستلقي على قفاه ، ويقول اللهم ارزقني ، ويدع أن ينتشر في الأرض ويلتمس من فضل اللّه ، والذرة (2) تخرج من جحرها تلتمس رزقها (3).
    وبهذا المعنى وردت أخبار كثيرة من أهل البيت (ع) تدعو المسلمين الى العمل في حقل هذه الحياة ، وذم تاركه والمعول على العبادة والمنصرف الى الدعاء لأنه بذلك يكون كّلا على المجتمع وعالة على الغير.
    (و) النهي عن الكسل
    ونهى الاسلام عن الكسل لأنه موجب لشل الحركة الاقتصادية وتجميد طاقات الانسان وفساد المجتمع ، ويعود بالخسارة الكبرى على الناس وقد ورد في الأدعية المأثورة عن أئمة الهدى بالتعوذ منه فقد جاء في الدعاء « اللهم اني أعوذ بك
1 ـ تذكرة الفقهاء.
2 ـ الذرة النملة الصغيرة.
3 ـ من لا يحضره الفقيه ـ 3 ـ 95.


(140)
من الكسل والسأم والفترة والملل » ووردت أخبار كثيرة تنهى عنه فقد قال الامام الصادق (ع) لبعض أصحابه :
    « إياك والكسل والضجر ، فانهما مفتاح كل سوء انه من كسل لم يؤد حقاً ، ومن ضجر لم يصبر على حق » (1).
    وقال الامام موسى بن جعفر (ع) لبعض ولده :
    إياك والكسل والضجر فإنهما يمنعانك من حظك من الدنيا والآخرة (2).
    إن الاسلام يكره الكسل ويحرم البطالة ، ويمقت صاحبها لأنها تؤدي الى فقره وسقوطه ، وذهاب مروءته ، واستخفاف الناس به فان من يتصف بها يكون في حكم الموتى لا تفكير له ولا تدبر ، وكان السلف الصالح لا يألفون الراحة ، ولا يخلدون الى السكون والبطالة ، قد أقبلوا على العمل والتجارة ، وقد عرض الامام الصادق (ع) على أصحابه سيرتهم وجهدهم في العمل وإقبالهم عليه قائلاً :
    « لا تكسلوا في طلب معائسكم فان آباءنا كانوا يركضون
1 ـ من لا يحضره الفقيه.
2 ـ حياة الامام موسى بن جعفر.


(141)
فيها ويطلبونها » (1).
    وقصد معاذ بن كثير الامام الصادق ، وعرض عليه أن يدع العمل ، ويستغني بما عنده فنهاه الامام (ع) عن ذلك وقال له :
    إذن يسقط رأيك ولا يستعان بك على شيء.
    إن الاسلام يدعو الى الجد والنشاط ، والى الانطلاق في ميادين العمل من أجل حياة حرة كريمة تعمها الرفاهية ، ويسود فيها الخير ، وزعم الشيوعيون أن الاسلام يعرقل سير العمل ، ويقلل من قيمة الجهد ، ويغري بالانحطاط والكآبة (2).
    كيف الاسلام يغري بالانحطاط ، وقد تركزت تعاليمه على رفع مستوى الناس خلقياً واقتصادياً ؟!!!
    هل الاسلام يقلل من قيمة الحياة وقد جاء ليضيء جوانبها وينفي عنها كابوس الكآبة والخزن ؟!!.
    كيف يقلل الاسلام من قيمة الجهد الخلاق ، وقد ميز كل جهد ، ودعا الناس الى الابداع والتقدم ، وحفزهم الى العمل بمفهومه الواسع ، وجعل الهم والاهتمام به كفارة عن الذنب ،
1 ـ من لا يحضره الفقيه.
2 ـ الاسلام اصله وجوهره.


(142)
وطهارة للنفس فقد جاء في الحديث : « من الذنوب ذنوب لا يكفرها إلا الهم في طلب المعيشة ».
    كما صب اللعن على من ترك العمل ، والقى كله على الناس فقد روى الامام الصادق عليه السلام أن رسول اللّه (ص) قال : ملعون ملعون من القى كله على الناس (1).
    لقد حث الاسلام على العمل ، ونعت العمال بأنهم أحباء اللّه وأوداؤه فقد جاء في الحديث : « إن اللّه يحب العبد يتخذ المهنة ليستغني عن الناس » وفي حديث آخر « إن اللّه يحب المؤمن المحترف ، ويكره المكفي الفارغ » الى غير ذلك من الأخبار التي تظافرت بها كتب الحديث وقد دلت بوضوح على الأمر بالعمل والنهي عن البطالة والكسل.
    إن اتهام الشيوعيين الاسلام من أنه يدعو الى البطالة ما هو إلا لون من ألوان أكاذيبهم ومفترياتهم ، فهم لا يبالون بالكذب ولا يرون أي حريجة في ارتكاب المنكر ، فان التنكر للقيم ونبذ المقاييس إنما عنصر أساسي تركزت عليه أخلاقهم وطبائعهم ، وقد ذكرنا ـ فيما تقدم ـ بأنهم لا يؤمنون بأي مقياس من مقياس الفضيلة ، فان الأخلاق الرفيعة والمثل
1 ـ تهذيب الاحكام.

(143)
الكاملة عندهم لون من ألوان الرجعية وضرب من ضروب الخرافة التي يجب إزالتها من واقع الحياة.

    العمل في الشريعة الاسلامية تارة يكون موضوعاً للوجوب ـ على اختلاف أنواعه ـ وأخرى يكون موضوعاً للحرمة ، كما يكون موضوعاً لغيرهما من الأحكام الخمسة ، ونقدم عرضاً موجزاً لبعض تلك الأنواع.
    1 ـ العمل الواجب
    وأوجب الاسلام بعض الاعمال على المكلفين ، وهي تارة تكون موضوعاً للوجوب العيني ، وأخرى تكون موضوعاً للوجوب الكفائي ، أما ( الواجب العيني ) من الاعمال فهو ما كان واجباً عينياً على المكلف لا يسقط عنه بحال ، وذلك كالعمل لاعاشة الانسان نفسه ، ومن يعول به فانه يجب على كل مكلف أن يقوم بذلك ، وقد تظافرت الاخبار بذلك فقد أثر عن النبي (ص) انه قال « ملعون ملعون من ترك من يعول به » (1).
1 ـ تهذيب الاحكام.

(144)
    وقال الامام زين العابدين (ع) « كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يعول به » الى غير ذلك من الأخبار التي دلت على وجوبه وجوباً عينياً لا يمكن التخلف عنه بحال.
    وأما ( الواجب الكفائي ) فهو ما كان التكليف فيه لجميع المسلمين ، فان قام به بعضهم سقط الوجوب عن الآخرين ، وإن لم يقم به أحد وأهمل من قبلهم أثم الجميع ، وهو تارة مما لا يتوقف عليه النظام العام كانقاذ الغرقى وتجهيز الأموات وأخرى مما يتوقف عليه النظام كالصناعات والحرف ومنه تعلم بعض العلوم النافعة كالطب ، وبعض العلوم الحديثة خصوصاً التي تحفظ كيان المسلمين ، وتمنع عنهم عدوهم كالصناعة الدفاعية التي تحفظ عز البلد وتقيه من الاخطار ، ان هذه الاعمال تجب على عموم المسلمين فان قام بها بعضهم سقط الوجوب عن الآخرين.
    2 ـ الاعمال المحرمة
    وحرم الشارع بعض الاعمال التي تعود بالضرر والفساد وتوجب هلاك المجتمع ودماره ، والى القراء بعضها :
    (أ) صنع آلات القمار
    حرم الاسلام صنع آلات القمار ، فلا يجوز للمسلم أن


(145)
يعملها ، كما لا يجوز له أن يقامر بها ، وقد صرح القرآن الكريم بذلك قال اللّه تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب (1) والأزلام (2) رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر فهل أنتم منتهون ) (3).
    والمراد بالميسر هو القمار ، فعن أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام انه قال : وأما الميسر ـ الذي ورد في الآية ـ فالنرد (4) ، والشطرنج ، وكل قمار ميسر ، وأضاف الامام (ع) يقول : وكل هذا بيعه وشراؤه ، والانتفاع بشيء منه حرام محرم (5).
1 ـ الانصاب : حجارة او صنم كان العرب يذبحون قرابينهم عندها ، وروي انهم كانوا يعبدونها.
2 ـ الأزلام : قطع رقيقة من الخشب بهيئة السهام كانوا يستقسمون بها في الجاهلية لأجل التفاؤل او التشاؤم بها.
3 ـ سورة المائدة : آية 90 ـ 91.
4 ـ النرد : جوالق واسع الاسفل مخروط الاعلى يتخذ من خوص النخل لعبة وضعها احد ملوك الفرس ، وتعرفها العامة بلعب الطاولة.
5 ـ تفسير القمي.


(146)
    وقد يسمى القمار بالآية الكريمة بالرجس ، وهو ما يكون في نهاية القبح والخبث ، وذلك لما ينشأ منه من الشرور والآثام وقد الزم الشارع المسلمين باجتنابه ، ورتب على ذلك الفلاح والنجاح في الدنيا ، كما مزاولته مثار للعداوة والشحناء بين الناس ، وانه مما يصرف ويصد عن ذكر اللّه وعن الصلاة.
    إن الاسلام إنما حرم القمار لأنه آفة على الأخلاق فهو يصد المقامرين عن الطريق القويم لكسب العيش ، ويعودهم الكسل وانتظار الرزق من السبل الوهمية ، وإضعاف القوى العقلية بترك الاعمال المفيدة كالزراعة والتجارة ، والصناعة التي تترقى بها الأمة ، كما انه في نفس الوقت تضييع للعمر واشغال الوقت من دون فائدة تجنى من ورائه.
    إن في القمار تخريباً للبيوت فجأة بالانتقال من الغنى الى الفقر فكم من عائلة نشأت في الغنى والعز وانحصرت ثروتها في رجل أضاعها في ليلة واحدة فصارت فقيرة لا قدرة لها على أن تعيش عيشة الكفاف والاستغناء عن الناس (1).
    إن القمار يجلب الشحناء والبغضاء بين الناس وذلك لأن ربح المقامر لا يقوم إلا على خسران الغير ، فالمقامر غاصب
1 ـ روح الدين الاسلامي : ص 302 ـ 303.

(147)
لمال الغير على مرأى منه ، وكلما أوغل الانسان في الخسارة اشتد حنقه على الرابح الذي يسلبه ماله في لحظات قليلة ، هذا المال الذي بذل في جمعه عصارة جهده ، وعقله ، وكثيراً ما يتمادى لاعب القمار في الخسران حتى يفقد كل ماله ، فيؤدي به ذلك الى عدم السيطرة على نفسه فيتعرض للرابح بالشتم ويضمر له كل شر وربما ينتهي الأمر الى وقوع الجريمة بينهما (1).
    إن القمار من أعظم الآفات الخلقية التي يجب القضاء عليها لأنها مدعاة الى الفسق والخنوع ، وسلب الكرامة ، ومن ظريف ما يؤيد ذلك ان أبا لهب قامر العاصي بن هشام فقمره حتى أخرجه من ماله ، ثم عرض عليه العاصي أن يقامره فايهما قمر كان عبداً لصاحبه (2).
    إن الطمع والجشع الذي يصيب الرابح لا ينتهيان الى حد فانه يحاول بعد سلب ثروة صاحبه أن يجعله رقاً وعبداً له.
    إن القمار من الرذائل والموبقات التي حرمها الاسلام ، وحكم بأن الأموال التي يأخذها الشخص من هذا السبيل باقية
1 ـ روح الدين الاسلامي : 196.
2 ـ الاغاني 3 ـ 100.


(148)
على ملك صاحبها ، كما الزم الشارع تحطيم آلاته دفعاً لمادة الفساد في الأرض.
    ومن الغريب حقاً أن تنتشر الرذيلة في البلاد الاسلامية التي يؤمن مجتمعها بالقرآن وشريعة الاسلام ولم يكن عند حكامها تفكير جدي للتمسك بأحكام دينهم ليخلصوا مجتمعهم من اضرارها الخطرة الفتاكة.
    (ب) آلات اللهو
    وحرم الاسلام صنع آلات اللهو على اختلاف أنواعها كالمزامير والعيدان والبرابط وغيرها لأنها مدعاة الى فساد الاخلاق ونشر الدعارة والمجون ، وكما يحرم صنعها كذلك تحرم اجارتها وشراؤها ، وسائر وجوه التقلب فيها ، ويجب تحطيمها وتغيير هيئتها لئلا تنتشر في المجتمع هذه الصور الهزيلة التي تؤدي الى انحطاطه وصرفه عن مهام الأمور.
    (ج) عمل الخمر
    ونهى الاسلام عن صنع الخمر فلا يجوز للمسلم أن يدخل في معامل تقطيره أو يؤجر نفسه في سائر الاعمال التي يتوقف عليها كالشحن والكتابة في المعمل ، وغيرها من الأعمال.


(149)
    ونظراً لخطورة هذه الجريمة فقد حرم الاسلام بيع العنب والتمر على من يعملهما خمراً بقصد ذلك ، وكذا حرم إجارة المحل على من يعمل فيه الخمر أو يبيعه فيه.
    لقد حرم الاسلام الخمر وجعله من كبائر الذنوب وسماه في القرآن رجساً قال اللّه تعالى : ( إنما الخمر والميسر رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه ) ان الخمر منبع الفساد ومصدر الجرائم وأساس الرذائل وبالاضافة الى ذلك فانه آفة على الصحة وقد أحصت كتب الطب أربعاً وعشرين ضرراً مترتباً على شربه ، والى القراء بعضها :
    1 ـ ضرره على النسل
    لقد ثبت في الطب الحديث ان تأثير المسكر ينتقل بالوراثة الى الأولاد ، قال الدكتور ( بوجونوس ) : أما الخمرة فالادمان عليها من مسببات العقم ، قال : وقد كتب ( رمانيوس دنكان ) عن العقم في محاضرته قصة فتاة مدمنة ظلت أعواماً بلا حمل مع انه لم يكن في جسمها ما يدعو الى هذه العاهة ولما عولجت بالامتناع عن الخمر مدة عام حملت ، ولا يفرق في ذلك بين الرجل والمرأة ويعود السبب في ذلك الى تضعف


(150)
مركز الصلب وتنبه مركز المخ ، والشخص المتسمم به تنتقل سمومه وعلله الى ذريته ، فهو خطر عليه وعلى ذريته وعائلته ، وعلى الأمة والنوع الانساني بالتالي ، وذكر ايضاً أن من يولد من أبوين مدمنين فانه يحمل آثار الضعف البنى ويكون عرضة للاصابة باضطرابات خطيرة قد تنتهي بالعته أو الشلل العام أو العقم ، ثم ذكر عن تأثير الوراثة ان تأثيرها قاتل للجنين والطفل بعد ولادته حتى انه قد تلاشت عائلات باجمعها في عقبين أو ثلاثة أعقاب ، وزيادة على ذلك فان ذرية المدمنين قد تصاب بتشوهات مؤلمة كعدم تساوي الجمجمة ، أو قصر القامة ، أو استسقاء الدماغ ، أو بتاخير وانحراف في نمو القوى العقلية كضعف الذاكرة أو تحفظ الحالة الصبيانية أو البله أو الهستريا وغير ذلك من العلل النفسية ، وقد حرم هذا النطاسي وغيره من أئمة الطب تزويج المدمن نظراً لهذه الاخطار الفظيعة المترتبة على زواجه.
    2 ـ تأثيره على الدم والقلب
    ذهب المحللون للخمرة الى أن العنصر الفعال في الخمرة هي الكحول أو السبيرتو ، والكحول تتسرب الى الدم بكل سهولة
العمل وحقوق العامل في الاسلام ::: فهرس