العمل وحقوق العامل في الاسلام ::: 211 ـ 225
(211)
بالفسق والفجور ، والختل والغدر ، والتآمر على حقوق الضعيف وإشاعة الجوع في البلاد إن النظام الرأسمالي لا يمت بصلة الى الأخلاق الرفيعة ، لأن الوسيلة الأولى فيه هي الظفر بالمادة وتحصيلها بأي طريق كان ، فان الانسان ما دام لا يؤمن بسوى المادة ، ولا يقيم وزناً إلا لمنفعته الخاصة فلا يهمه أن يؤسس بيتاً للدعارة أو للمقامرة ، أو للخمور ، أو يتجر بالمخدرات المهلكة وبآلات الحروب المبيدة في سبيل تراكم ثروته ، وإشباع رغباته المادية.
    فالنظام الرأسمالي قد أقصى الأخلاق ، وحطم المثل العليا ونحى الناس عن كل معنى من معاني الخير والتعاون ، وملأ الأرض بالمآسي والخطوب ، وترك أفكار الناس مشغولة بالناحية الاقتصادية من حياتهم ، وأبعد عنهم روح المودة والصفاء.
    إن الأهداف النبيلة ، والقيم الرفيعة لا ظل لها في النظام الرأسمالي الذي بني على خلق الطبقات وايجاد التفاوت والامتياز بين الناس ، ومن طريف ما ينقل عن واقع ذلك المجتمع المنهار ان صاحب مقبرة للكلاب في واشنطن أعلن عام ( 1947 ) انه لا يقبل جثث الكلاب التي تملكها الزنوج ويعلل ذلك بأنه يعلم ان الكلاب لا تجد غضاضة في أن تدفن كلها في جبانة


(212)
واحدة ولكنه لاحظ ان زبائنه البيض قد ساءهم أن تعامل كلابهم المدللة هذه المعاملة المنكرة بعد وفاتها فتساوي كلاب الزنوج (1) كما انه قد قضت القوانين في بعض أنحاء الولايات المتحدة بعدم السماح للعمال والزنوج أن يقيموا مع العمال البيض على صعيد واحد في المصانع كما لا يجوز للزنوج أن يدخلواأو يخرجوا من الأبواب التي يدخل منها البيض أو يخرجون منها.
    فاالمبادئ الأصيلة لا وجود لها في الحياة الرأسمالية التي بنيت على التمايز العنصري حيث قوبل الزنوج في أمريكا بكل قسوة وجفاء ، وكذلك الملونون في جنوب أفريقيا فانهم قد حرموا من حقوقهم الطبيعية وعوملوا معاملة الحيوان السائم بينما الاسلام قد ساوى بين جميع الطبقات فالعربي والفارسي وغيرهما في صعيد واحد لا فضل لعنصر على آخر إلا بالتقوى ، فان سين بلال خير من شينهم ، و ( سلمان منا أهل البيت ) كما قال الرسول (ص) : إنه لا يفرق بين جنس وآخر فالأبيض والأسود سواء « إن أكرمكم عند اللّه أتقاكم ».
    إن الاسلام ينشد كرامة الانسان ، ويتطلب رفع مستواه ويحطم جميع الامتيازات بين الناس فهم في شرعه العادل ونظامه
1 ـ مجلة المسلمون.

(213)
الرفيع سواسية كاسنان المشط لا فضل لأحد على أحد ولا تقديم لقوم على آخرين إلا بالتقوى والعمل الصالح الذي يقرب الانسان من ربه ، ويبعده عن الشر ويوجهه نحو عمل الخير ، فلا المال ولا الملك ولا المتع الملذوذة في الدنيا لها دخالة في حساب الشرف والفخر عند الاسلام.
    5 ـ الغاء الأديان
    إن النظام الرأسمالي قد بنى على اقصاء الدين عن واقع الحياة فانه يدعو الى توفير الانتاج بأي طريق كان فالربا والاحتكار والرشوة والاستغلال وغير ذلك من الطرق المحرمة هي سائغة في العرف الرأسمالي بينما الأديان لا ترضى بذلك وقد حرمته في جميع المجالات.
    فالفلسفة الرأسمالية لا تقيم أي وزن للأديان فهي لا ترى سوى المادة وتدعو الناس الى أن يكرسوا جهودهم ونشاطهم في سبيلها ، أما الإيمان باللّه ، والإنقياد لأوامر رسله وأنبيائه فكل ذلك لا ظل له في النظام الرأسمالي.
    6 ـ حالة العمال
    إن النظام الرأسمالي خال من المواساة ، والتعاون ، والتراحم وسائر العواطف الانسانية وقد عانى العمال فيه ألواناً من الاضطهاد


(214)
ولاقوا أبشع صور الأرهاق والمجاعة ، فقد قامت الشركات الرأسمالية باضطهادهم واحتكار جهودهم ، وأشاعت البؤس في أوساطهم.
    إن المجتمع الرأسمالي قد تكدست فيه الثروة وتضخمت عند أفراد قلائل من الناس لا يهمها شقاء الشعب وهلاكه جوعاً ، وفقراً.
    إن الغاليبة العظمى من العمال تعاني الإرهاق والآلام قد أحاط بها البؤس والشقاء وألم بها المرض والحرمان ، وسدت عليها نوافذ الحياة ، فلم تظفر بالراحة ، ولا بالدعة ، ولا بالعيش قد استغلتها فئة من الاحتكاريين الذين لا بصيص من الرحمة والرأفة في مشاعرهم وعواطفهم ، وقد أترعت نفوسهم بالجشع والطمع فنهبوا جهود العمال وامتصوا دماءهم ولم يمنحوهم إلا اجوراً زهيدة لا تكفيهم ولا تقيم أودهم ، ولا تفي بسد حاجاتهم.
    لقد زاد في شقاء العمال وعنائهم اختراع الآلات الحديثة التي استعني بها عن الكثيرين منهم فازدحموا على أبواب المعامل واضطروا الى العمل باجور بسيطة لأنها خير من البطالة ، ولكنهم مع ذلك قد منوا بدخول النساء والاطفال في المعامل باجور بسيطة ، وقد أدى ذلك الى نشر البطالة وتردي الحالة


(215)
الاقتصادية الأمر الذي أوجب ذيوع الأعمال المنكرة ، كالبغاء واللصوصية وما ضارعها من الأعمال الاجرامية.
    إن استغلال العمال قد أحدث النزاع الطبقي ، والتناحر بين العمال وأصحاب العمل فثار العمال ، وأضربوا عن العمل مطالبين بزيادة الاجور وتحسين حالتهم الاقتصادية ، وقد ملئت قلوب أرباب المصانع بالذعر والخوف من العمال فقد ألحقوا بهم الخسائر الفادحة ، والأضرار الفظيعة ، وقد قامت الحكومات الرأسمالية بدورها في الحماية والذب عن أصحاب رؤوس الأموال فمنعوا العمال من الاضرابات والمظاهرات وأطلقوا عليهم النار وزجوا الكثيرين منهم في السجون بحجة ان أعمالهم هذه تخل بالأمن العام ولكن ذلك لم يكن يجدي شيئاً فان الفقر والبؤس لا يمكن الصبر عليهما والرضوح لهما.
    واستمر الصراع والتناحر بين العمال وأرباب المعامل حتى ظهرت الرأسمالية الجديدة فمنحت العمال بعض حقوقهم فرفعت من أجور العمال والمستخدمين ، وقللت من ساعات العمل ، وروجت بعض مشروعات التأمين الاجتماعي كما أجازت بصفة رسمية تشكيل نقابات العمال ، واعترفوا بالمبدأ القائل « ينبغي أن يفرض على الاستثمار الفردي من القيود والحدود ما لا يعود


(216)
مضراً بالمصلحة الاجتماعية ولا يقوم بفرض مثل هذه القيود والحدود إلا الحكومة » ولكنها مع ذلك لا يمكن بأي حال من الأحوال أن توفر الحياة الكريمة للعمال فان الاستغلال الفظيع لهم لا يزال موجوداً ، ولاتزال الشركات الرأسمالية الكبرى تصب العذاب الأليم على الانسان وتتآمر على مصالحه ، ولا تحفل بأي مصلحة عامة تعود بالخير على البلاد.
    والرأسمالية الجديدة لم تفلح في معالجتها لمشاكل العمال حيث ان الازمات الاقتصادية لا تزال موجودة ولا تزال إضرابات العمال ومظاهراتهم مستمرة وذلك ينم عن تردي حالتهم الاقتصادية وعدم استطاعة النظام الرأسمالي الجديد على نشر الاستقرار والرفاهية بين العمال.
    وخلاصة القول ان النظام الرأسمالي بجميع أشكاله وألوانه لا يمكن أن تسعد به الانسانية لأنه نظام الفقر والغناء فالفقر والجوع والعري للعمال ولسواد الشعب وللرأسماليين الثراء والرخاء والنعيم.
    إن النظام الرأسمالي لا يؤمن بمصلحة العامل ولا يهمه ما مني به من البؤس والفقر قد الغيت فيه مصلحة المجتمع ، وانعدمت فيه الرحمة والايثار ، كما شكل في نفس الوقت الصراع


(217)
الدائم بين أفراد المجتمع ، ولا بد أن تطوى معالمه ، ويقضى عليه إن عاجلاً وإن آجلاً.

    إن النظام الشيوعي الذي رفع شعاره ماركس ، وتبنته روسيا والدول الاشتراكية يبتني على فلسفة مادية خاصة فهي تفسر التأريخ والاجتماع والاقتصاد بتفسير مادي بحت ، وتنظر الى الانسان بأنه كائن ارضي بحت لا يرتفع بمشاعره وعواطفه عن واقع المادة ، وانه لا بد أن يصاغ في قالب خاص من حيث تفكيره ، ووجهة نظره الى الحياة ، وانه لا بد من تجريده من غريزة حب الذات ، وسكب العقلية الجماعية في نفسه بحيث لا يفكر إلا في المصلحة الاجتماعية ولا يندفع إلا في سبيلها ، ولذلك بنوا على الغاء الملكية الفردية وقضوا بتمليك جميع وسائل الانتاج للدولة باعتبارها الوكيل الشرعي عن المجموع ولكن من المعلوم عدم إمكان ذلك واستحالته فان الغزائز الاصيلة في الانسان يستحيل عليها التغيير والتبديل ، فان حب الانسان لنفسه من أقوى الغرائز الذاتية فيه فكيف يمكن أن


(218)
يتجرد منها ؟ والقول بذلك إنما هو خيال محض ، وتزييف للحقيقة ، وإنكار للضرورة ، والشيء متى صادم الواقع ، وخالف الفطرة ، وشذ عن طباع الناس فانما هو أمر وهمي لا ينبغي أن يصدق أو يلتقت اليه.
    لقد ذكرنا في غضون هذا الكتاب بعض الخطوط الرئيسية التي تبتني عليها الفلسفة الشيوعية ، وأثبتنا هزالها ومجافاتها لمنطق العلم والواقع ، وانها لا تلتقي بأي حال من الاحوال بمصلحة المجتمع ولا بأهدافه ، ولكن لا بد لنا مع ذلك أن نبين حالة العامل في ظل أنظمتهم ، والى القراء ذلك :
    1 ـ سحق الحريات
    لقد بذل الشيوعيون المزيد من الدعايات في البلاد الاسلامية من أن النظام الشيوعي يضمن للعامل حريته وكرامته ، ويغدق عليه بالرزق الموفور ، والحياة الكريمة ، ولكن ذلك لون من ألوان الاضاليل والخداع فان الدولة قد تدخلت في صميم الشؤون العمالية ، وسيطرت على نشاطهم المهني فصاروا ملزمين باتباع أوامرها لا إرادة لهم ، ولا اختيار ، وإنما هم مستعبدون أقنان تتحكم الدولة في جميع شؤونهم لا أثر للحرية ، ولا ظل لها في واقع حياتهم ، فانها تحصي عليهم أنفاسهم وتحاسبهم على


(219)
كل همسة أو خاطر يتنافى مع التعاليم الشيوعية ، تحاسبهم بالقتل وتحاسبهم بالاعتقالات والسجون حتى أصبح الشعب باسره مكبلاً بالقيود لا يعرف معنى لحرية الرأي والقول قد اكرهه النظام على طراز الزامي في الحياة والتفكير.
    إن استعباد العمال في النظام الشيوعي أمر واضح لا جدال فيه فليس لهم ولا لغيرهم من المواطنين نصيب من الحرية والكرامة ، وقد أدلى لينين بذلك بعد قيام الثورة الشيوعية عام ( 1920 ) فقال : « نحن لا نستطيع أن نأخذ بآراء المخبولين الذين يطالبون بالحرية فنحن في ظل ديكتاتورية البروليتاريا لا نستطيع أن نمنح المواطنين حريتهم السياسية » (1).
    إن النظام الشيوعي يقوم على سحق الحريات ، وهدر الكرامات ، وقد صرح لينين بأن القوانين الشيوعية لم توضع لحماية جماهير الشعب ، وإنما وضعت لحماية الدولة فقال :
    « يقع كثير من الناس في خطأ فاحش هو الاعتقاد بأن القوانين يجب أن تحمي الحريات ونحن نرد على هؤلاء البلهاء قائلين : بأن القوانين لا توضع لحماية الحريات ، وإنما توضع
1 ـ النظام الشيوعي.

(220)
لحماية الدولة » (1).
    إن الشعب الذي يعيش من دون حرية انما يعيش عيشة السجين والمعتقل فالحرية كالهواء للرئة لا تستقيم الحياة ولا تطيب بدونها.
    ان الاستعباد يسير مع الحكم الشيوعي جنباً الى جنب فلا يسمح للفرد بالتعبير عن حقه كما لا يسمح له أن ينال ما يريده إلا بسماح الدولة ، كما لا يمكن أن تطبع صحيفة أو مجلة ما لم تقم الدولة بالاشراف عليهما يقول ( مسيمو ) : « انه لا وجود عندهم لحرية القول أو لحرية الاجتماع ، ولا لأي إجراءات تمكن المواطنين من ممارسة أية رقابة على السلطات العامة ، والخطب التي تمثل رأي جانب واحد تأخذ عندهم مكان المناقشات العامة. فحكومة الاقليات الصغيرة التي تتألف من الهيئة التنفيذية للحزب الشيوعي لا تدير شؤون الدولة فحسب بل تمتد سلطتها الى إرادة دفة الاقتصاد والتعليم فهم يتحكمون في النشاط الديني والثقافي ، وفي أوقات الفراغ ، وهم يدعون أنهم يقومون بهذا العمل نيابة عن الشعب مع أنه لا وجود عندهم لانتخابات حرة تمكن الشعب من التعبير عن رغباته
1 ـ النظام الشيوعي ص 28.

(221)
الحقة. ويقولون أيضاً إنهم يعملون على إسعاد دعاياهم » (1).
    إن العقلية الشيوعية لا تتصور سوى الارهاب والاستبداد ولا تؤمن بالتسامح والتساهل فان سلاحها التهديد والقتل والاعدام ولا ظل لحرية الفرد في نظامهم الحديدي.
    2 ـ الاجبار على العمل
    والنظام الشيوعي يجبر المواطنين على العمل فليس لهم الحق في تركه ، وعللوا ذلك بأن نجاح حركة الانشاء الاشتراكية لا يمكن ضمانها على الأسس الاختيارية ، ويجب أن يحل محلها برنامج مرسوم لتوزيع العاملين في الحياة الصناعية على سبيل الارغام (2).
    إن النظام الشيوعي إنما أجبر المواطنين على العمل لأن المحفز الذاتي الى الكدح هو ملكيتهم لثمار كدهم وكسبهم فاذا زال ذلك فلا باعث لهم على العمل سوى جبروت الدولة فهي التي تسوقهم الى المصنع سوق الانعام لا يملكون من أمرهم شيئاً.
    ان إجبار المواطنين على العمل له مضاعفاته السيئة التي
1 ـ مذهب الاحرار ص 59.
2 ـ الدستور السوفياتي ص 100.


(222)
تعود بالأضرار الجسيمة على الدولة والشعب ، يقول الاستاذ ( بفرج ) :
    « إن الأحرى والاكثر لياقة هو أن يكون الباعث للناس في مجال الابداع والنشاط الطموح والرغبة في القيام بشيء هو الأمل لا الخوف واذ كانت البهائم مساقة بعامل الخوف ، فالناس مقادون أو يجب أن يقادوا بالامل لا بالخوف » (1).
    إن روسيا انما أجبرت المواطنين على العمل ، ودفعتهم اليه قسراً لانها قد حرمت الملكية الفردية ، فلم يوجد ثمة أي باعث نحو العمل ، فلذا التجأت الى الجبر والقسر لايجاد الانتاج ، وقد صرح لينين عن إجبار العمال وارغامهم على العمل فقال :
    « نحن لا نستخدم العمال باعتبارهم أحراراً يعملون أو لا يعملون ، وانما نستخدمهم باعتبارهم بالعمل ... ولهذا فانهم لا يملكون حق ترك العمل المحدد لهم » (2).
    ولم تفرض روسيا العمل على الرجال فقط فقد فرضته على المرأة أيضاً (3) فليس لها أن تتخلى عنه ، كما انه يجب على
1 ـ الضمان الاجتماعي ص 197.
2 ـ النظام الشيوعي ص 47.
3 ـ دستور الاتحاد السوفييتي ص 5.


(223)
العامل أن يقبل أي عمل يعهد به اليه في أي بلد وفي أي مكان كان (1) وليس له أن يرفض ذلك.
    3 ـ العقوبات الصارمة :
    وفرضت روسيا العقوبات الصارمة على تارك العمل أو المتهاون فيه فقد صدر مرسوم في 24 سبتمير سنة ( 1930 ) نص على أنه ليس للعامل أن يتخلى من تلقاء نفسه عن أي عمل أسند اليه وإلا فانه يعد هارباً ، ويحكم عليه بأن يقضي عشرة أعوام في معسكرات العمل الاجباري ، كما انه صدر عين هذا المرسوم في 10 اغسطس سنة ( 1940 ) (2) كما ان مدير المعمل مسؤول عن غياب العامل ويشاركه في المسؤولية ، والعقاب ، وعقابه أما أن يقدم الى المحاكم أو يعزل عن منصبه (3).
    لقد صبت روسيا وابلاً من العذاب الأليم على العمال ففرضت عليهم القوانين الصارمة التي تمثلت فيها القسوة والعذاب فقد صدر مرسوم في 11 سبتمبر سنة ( 1932 ) نص على أن العامل إذا غاب يوماً واحداً أو تكرر تأخره عن مواعيد
1 ـ حقيقة الشيوعية ص 36.
2 ـ حقيقة الشيوعية.
3 ـ الدستور السوفييتي ص 100.


(224)
العمل ثلاث مرات في شهر واحد فانه يفصل من عمله ، ويحرم من بطاقة الاتحاد المثبتة لمهنته ، والتي تعطيه حق السكنى والغذاء ، ويتعرض للحكم عليه بالسجن مدة تتراوح بين ستة أشهر أو سنة ، وكذلك صدر مثل هذا المرسوم في 16 يونيو سنة ( 1940 ) (1) وبعد هذه القوانين الجائرة التي سنت ضد العمال فاي معنى من معاني الاشتراكية يبدو في ظلها ؟ وأين حقوق العامل عند الشيوعيين ، وهل تجلب هذه القوانين إلا الموت والدمار لهم ؟
    إن العامل في الاتحاد السيوفياتي يعيش في ظل هذه القوانين عيشة الحيوان السائم لا حرية له ولا اختيار يحيط به الارهاب والاضطهاد والعناد.
    لقد أعطيت مدير المعمل صلاحيات واسعة النطاق لارهاق العامل فقد نص المرسوم الصادر في 26 يونيو ( 1940 ) على أن من حق مدير المعمل أن يفوض عقوبة السجن على العامل لمدة أربعة أشهر من دون تحقيق ولا محاكمة أما اذا أتى العامل في مخالفة أو أخطأ خطأ يستحق عقوبة أكثر فانه يقدم الى ( محكمة الشعب ) وهذه تصل أحكامها الى الاعدام ، حتى ان
1 ـ حقيقة الشيوعية.

(225)
التغيب عن العمل في أيام المرض يجعل العامل عرضة للمحاكمة (1) وبعد سن هذه القوانين القاسية فاين الحياة الكريمة للعمال التي يتمشدق بها الشيوعيون ؟ واين الوطن الحر والشعب السعيد في ظل هذه الأحكام الجائرة التي تحمل في أعماقها الموت والعذاب نعم إنه وطن حر ولكن للشيوعيين الذين يتصرفون في مقدرات المجتمع يهبونها لمن شاؤوا ويمنعونها عمن يشاؤون.
    إن النظام الشيوعي لم يحتو إلا على إرهاق العمال والتنكيل بهم في جميع المجالات فانهم يغدون في ضلاله مكبلين بالقيود ليس في وسعهم أن يدفعوا عنهم ضراً أو يجلبوا لهم نفعاً ، ولولا صرامة ذلك الحكم وقسوته لما أمكن أن يستقيم ، وقد صرح بذلك لينين بقوله :
    « إن جميع الناس يرون أن البلاشفة كانوا يستطيعون البقاء في الحكم لا قول سنتين ونصف سنة ، بل شهرين ونصف شهر لولا نظام الطاعة الصارم ولولا نظام الطاعة الحديدي حقاً في حزبنا » (2).
    ولما انتهى دور الحكم الى ستالين ، وقام بالأعمال المجافية
1 ـ الحياة السوفيتية ص 300.
2 ـ اسس اللينية ص 97 ـ 98.
العمل وحقوق العامل في الاسلام ::: فهرس