|
|||
(316)
من حيث الانتاج » (1).
ان النقابة ـ على هذا التحديد ـ شخصية معنوية معترف بها تؤهلها للمطالبة بحقوق العامل وللتوسط بينه وين أرباب العمل في المفاوضات والمنازعات وحل الخصومات. والاسلام يهتم بالتنظيم النقابي بشرط أن لا تكون أداة ميسرة بيد حزب أو منظمة كما هي اليوم في عصورنا الحاضرة وإنما يريدها أن تكون جمعية مهنية هدفها صالح العمال وتحسين العمل ورفع مستوى المعيشة لهم. 2 ـ أهدافها ان أهداف النقابة بما انها جمعية حرفية هي الاهتمام بالمصالح الحرفية والدفاع عنها ، ويمكن أن نلخص أهدافها بالطرق الآتية : 1 ـ التوسط لدى أرباب العمل لتحسين شروط العمل كادخال أساليب العمل الحديثة التي ترمي الى تخفيف عبء العمل والمحافظة على صحة العامل وقواه. 2 ـ تمثيل العمال في المنظمات التي تتناول قضايا العمال كتحسين الاجور وتقليل ساعات العمل وما أشبه ذلك. 1 ـ قانون العمل المادة ( 110 ). (317)
3 ـ انشاء المؤسسات الاجتماعية ، والتعاونية والثقافية المفيدة للعمال كانشاء المدارس لتعليم الاميين وتنظيم المحاضرات التي تهم المهنة أو حياة العامل.
4 ـ مكافحة البطالة وذلك بالبحث عن الطرق المؤدية لتشغيل الأيدي العاطلة. هذه بعض الأهداف الرئيسية التي من أجلها تأسست النقابات العمالية وهي بأي حال لا تتنافى مع المبادئ الاسلامية التي تنشد صالح المجتمع بجميع طبقاته بل إنه يشجعها ويعمل على ازدهارها وتهيئه الجو الصالح لها. 3 ـ النقابات الشيوعية إن النقابات القائمة في ظل الحكم الشيوعي لا ترعى مصلحة العامل ، ولا تعمل من أجل صالحه ، وإنما هي أداة مسخرة بيد الحزب الشيوعي تعمل لتحقيق أهدافه وأمانيه ، والعامل إنما هو من أدوات الانتاج لا أهمية له ، وقد أدلى ستالين بذلك قوله : ( يجب أن يكون مفهوماً أن نقابات العمال لا تعمل لحساب العامل باعتباره عاملاً ، وانما تعمل لحساب العمال باعتبارهم أدوات من أدوات الانتاج .. ولهذا فان هذه النقابات لا تحمي مصالح (318)
العمال التي تتعارض مع مصالح الحزب ) (1).
إن العامل في نظر الشيوعية قطعة من الجهاز الانتاجي ، والنقابات إنما تلاحظه بهذا الاعتبار لا باعتبار انه مواطن يجب أن ينال حقوقه ويتمتع بالكرامة والرفاهية ، وهل يرضى العامل بهذه الحياة الكريهة التي يعيش فيها وهو مهان الجانب محطم الكيان قد فقد كرامته وحريته ؟ ومع ذلك يزعم الشيوعيون ان حكومتهم حكومة عمالية جاءت لاسعاد العامل ورفاهيته ؟!! إن نقابات العمال أجهزة خاصة تعمل لصالح الشيوعية ، ولا يهمها بأي حال صالح العامل ، وقد حدد ستالين دور النقابات في ظل نظامهم بقوله : ( دعوني اوضح بصراحة ان نقابات العمال هي أجهزة تابعة لاجهزة الحزب ، ويجب أن يكون مفهوماً ان الحزب هو الذي يختار قادة النقابة لأن فروع النقابات داخل الحزب هي المسؤولة عن هذه النقابات ) (2). إن نقابات العمال يجب أن تكون مستقلة عن جهاز الحكم وان لا تكون خاضعة لأي جهة من الجهات لتتمكن من المطالبة 1 ـ الارقام التوجيهية ص 92. 2 ـ النظام الشيوعي : ص 48. (319)
بحقوق العامل ورفع مستوى معيشته ، وأما إذا كانت خاضعة للجهاز الرسمي فانه من الطبيعي انها تعمل لصالحه ، وبذلك تصبح النقابة أجنبية عن العامل ولا ترتبط به يقول ستالين : إن نقابات العمال يجب أن تكون في خدمة الحزب (1) وإذا سارت النقابة في خدمة الحزب فانها قد خالفت الأهداف الاصيلة التي تأسس من أجلها.
إن نقابات العمال في ظل الحكم الشيوعي تنحصر وظيفتها في نقل أوامر الحزب وتعليماته الى العمال ، ولا تقوم بأي عمل ايجابي يعود بالخير على العمال ، وقد أدلى لينين بالاعمال التي تلزم النقابة بتنفيذها فقال : ( إن النقابات عليها واجبان : الواجب الأول هو حث العمال على التفاني في العمل ، والواجب الثاني تؤديه باعتبارها ذات نصيب في استخدام سلطان الدولة ويقضي هذا الواجب بأن لا تتردد في استخدام أشد وسائل الضغط والاكراه على أعضائها في تنفيذ تعليمات الحزب ) (2). إن الصلاحيات التي خولتها الحكومة الشيوعية للنقابة 1 ـ النظام الشيوعي : ص 48. 2 ـ مقررات لينين 2 ـ 767. (320)
هي الضغط على العمال ومعاملتهم بالعنف والاكراه ، ومما يدل على ذلك ما جاء في ( لينكوباناميا ) في 28 تشرين الأول سنة ( 1958 ) ان نجاراً في مراكز مواد البناء احتج على تشغيله 18 ساعة يومياً لمدة اسبوعين فطرده مدير العمل حالاً وفوق هذا فقد اعتبرت هيئة نزاعات العمال ولجنة اشغال النقابات ان ذلك الطرد كان حقاً وأضاف الناقل يقول : ان هذه القضية ليست هي الوحيدة من نوعها فلها أمثال كثيرة (1).
وكيف يسعد العامل في ظل هذه النقابات الجائرة التي لا تألو جهداً في الضغط وصب العذاب الأليم عليه. ويرى كل من لينين وستالين بأن تتخذ النقابات جميع الاجراءات الحاسمة للضغط على العمال في ضبط نشاطهم ، وبذل المزيد من الدقة البالغة في إخراج العمل وانجازه ، والى القراء ما جاء في ذلك : ( يجب على الاتحادات الشيوعية أن تدرب كل فرد على إلزام الدقة في تنفيذ الأوامر وانجاز العمل وهذا في سن مبكرة من السنة الثانية عشر ) (2). 1 ـ ادراك الحقائق عن روسيا ص 129. 2 ـ مقررات لينين 2 ـ 673. (321)
هذا حال النقابات في ظل النظام الشيوعي فهي لا تمثل بأي حال العمال ولا تعتني بمشاعرهم وعواطفهم بالاضافة الى هذا فانها أداة لاضطهادهم وإرهاقهم في جميع المجالات.
إن النقابات الشيوعية قطعة من الجهاز الحاكم تقوم بارهاق العامل واجهاده ، وتحول بينه وبين المطالبة بحقوقه ، وأما البلاد التي لم تخضع للنظام الشيوعي ، فان الشيوعيين يبذلون قصارى جهودهم للتدخل في شؤون نقاباتها ليوقدوا الخصومة والنزاع ما بين العمال ورب العمل ، ويشجعوا العمال على الاضراب ، وتخريب أدوات الانتاج ونسف المعالم الاقتصادية لأجل أن تسود الفوضى ويضطرب الامن ، ويشيع التذمر حتى تجر البلاد الى عجلة الشيوعية العالمية. وعلى أي حال فانا نهيب بالنقابات في الوطن الاسلامي الكبير أن تعمل على رفع مستوى معيشة العامل ، وتطالب برفاهيته وزيادة أجوره ، وان تغرس في نفسه روح التعاون وتساعده على المهارة والتدريب الاجتماعي الذي يؤهله لحسن التصرف والاندماج في بيئته. إن الواجب على النقابات أن تقوم بنشر التعليم الفني ، وان تنمي الروح الخيرة في نفوس العمال ، وترشدهم الى (322)
الاستقامة ، وعدم صرف أجورهم على الدعارة واللهو ، وان تجنبهم عن المآثم والمفاسد وتدلهم على الوسائل الخيرة التي بها سعادتهم.
وبهذا ينتهي بنا المطاف عن هذا الكتاب سائلين من العلي القدير أن ينقذ العالم الاسلامي مما هو فيه من الواقع المرير ، وان يهيئ للمسلمين من يقيم في بلادهم حكم الاسلام العادل ونظامه الرفيع. اللهم إنا نرغب اليك في دولة كريمة تعز بها الاسلام وأهله ، وتذل بها النفاق وأهله وتجعلنا فيها من الدعاة الى طاعتك والقادة الى سبيلك إنك ولي القصد والتوفيق. |
|||
|