فيها ، وسارعوا إلى ما كانوا عليه بغير الحق مبطلين فيه ، وهو احتراز عن تخريب المسلمين ديار الكفرة فإنها إفساد بحق يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم فإن وباله عليكم أو أنه على أمثالكم وأبناء جنسكم متاع الحياة الدنيا منفعة الحيوة الدنيا لا تبقى ويبقى عقابها ، وهو خبر بغيكم أو خبر محذوف ، وقريء بالنصب أي يتمتعون متاع الحياة الدنيا .
العياشي : عن الصادق عليه السلام ثلاث يرجعن على صاحبهن : النكث ، والبغي ، والمكر ، ثم تلا هذه الآية ثم إلينا مرجعكم فينبئكم بما كنتم تعملون .
(24) إنما مثل الحياة الدنيا حالها العجيبة في سرعة تقضيها ، وذهاب نعيمها بعد اقبالها ، واغترار الناس بها كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الارض مما يأكل الناس والانعام من الزروع والبقول والحشيش حتى إذا أخذت الارض زخرفها زينتها وازينت وتزينت بأصناف النبات وأشكالها وألوانها المختلفة كعروس أخذت من ألوان الثياب والزين فتزينت بها وظن أهلها أنهم قادرون عليها متمكنون من حصدها ورفع غلتها أتهآ أمرنا ضربها عاهة وآفة بعد أمنهم وإيقانهم أن قد سلم ليلا أو نهارا فجعلناها فجعلنا زرعها حصيدا شبيها بما يحصد من الزرع من أصله كأن لم تغن بالامس كأن لم يوجد زرعها فيما قبله ، والامس : مثل في الوقت القريب ، والممثل به في الآية مضمون الحكاية ، وهو زوال خضرة النبات فجأة وذهابه حطاما (1) بعد ما كان غضا والتف وزين الارض حتى طمع فيه أهله وظنوا أنه قد سلم من الآفات ، لا الماء و ( إن ) وليه حرف التشبيه لأنه من التشبيه المركب كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون فإنهم المنتفعون به .
(25) والله يدعوا إلى دار السلام أي دار الله .
في المعاني : عن الباقر عليه السلام في هذه الآية قال إن السلام هو الله عز وجل ، وداره التي خلقها لعباده وأوليائه : الجنة ويهدي من يشآء بالتوفيق إلى صراط
____________
(1) الحطام ما يحطم عن عيدان الزرع إذا يبس من حطم الشيء حطما من باب تعب إذا انكسر وحطمه حطما من باب ضرب فانحطم م‍ .

( 400 )

مستقيم الذي هو طريقها .
(26) للذين أحسنوا الحسنى المثوبة الحسنى وزيادة : وما يزيد على المثوبة تفضلا .
القمي : هي النظر إلى رحمة الله .
وعن الباقر عليه السلام أما الحسنى : فالجنة ، وأما الزيادة : فالدنيا ، ما أعطاهم الله في الدنيا لم يحاسبهم به في الآخرة ، ويجمع لهم ثواب الدنيا والآخرة .
وفي المجمع عن أمير المؤمنين عليه السلام الزيادة : غرفة من لؤلؤة واحدة ، لها أربعة أبواب ولا يرهق وجوههم ولا يغشاها قتر غبرة فيها سواد ولا ذلة أثر هوان أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون دائمون لا زوال فيها ولا انقراض لنعيمها .
(27) والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها أي أن تجازى سيئة بسيئة مثلها لا يزاد عليها ، وفيه دلالة على أن المراد بالزيادة : الفضل وترهقهم ذلة ما لهم من الله من عاصم لا يعصمهم أحد من سخط الله وعذابه ، أو مالهم من عند الله من يعصمهم كما يكون للمؤمنين كأنمآ أغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما لفرط سوادها وظلمتها ، وقريء قطعا بسكون الطاء أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون .
القمي : عن الباقر عليه السلام هؤلاء أهل البدع والشبهات والشهوات يسود الله وجوههم ثم يلقونه ، قال : ويلبسهم الذلة والصغار .
وفي الكافي ، والعياشي : عن الصادق عليه السلام أما ترى البيت إذا كان الليل كان أشد سوادا ، فكذلك هم يزدادون سوادا .
(28) ويوم نحشرهم جميعا يعني الفريقين ثم نقول للذين أشركوا مكانكم ألزموا مكانكم لا تبرحوا حتى تنظروا ما يفعل بكم أنتم وشركاؤكم فزيلنا بينهم ففرقنا بينهم وقطعنا الوصل التي كانت بينهم .
والقمي : يبعث الله نارا تزيل بين (1) الكفار والمؤمنين وقال شركاؤهم ما كنتم إيانا
____________
(1) زيلته فنزيل أي فرقته فتفرق ص .
( 401 )

تعبدون لأنهم إنما عبدوا في الحقيقة أهوائهم التي حملتهم على الاشراك لا ما أشركوا به أو الشياطين حيث أمروهم أن يتخذوا لله أندادا فأطاعوهم .
(29) فكفى بالله شهيدا بيننا وبينكم : فإنه العالم بكنه الامر إن كنا : أنه كنا . عن عبادتكم لغافلين .
(30) هنالك في ذلك المقام تبلو كل نفس مآ أسلفت تختبر ما قدمت من عمل فتعاين نفعه وضره ، وقرء تتلو أي تقرء من التلاوة أو تتبع من التلو وردوا إلى الله مولاهم الحق ربهم الصادق ربوبيته ، المتولي لأمرهم على الحقيقة ، لا ما اتخذوه مولى وضل عنهم وضاع عنهم ما كانوا يفترون يدعون أنهم شركاء الله وأنهم تشفع لهم .
(31) قل من يرزقكم من السماء والارض جميعا بأسباب سماوية وأرضية أمن يملك السمع والأبصار من يستطيع خلقهما وتسويتهما وحفظهما من الآفات مع كثرتها وسرعة انفعالهما من أدنى شيء ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي من يحيي ويميت ومن يدبر الامر ومن يلي تدبير أمر العالم فسيقولون الله إذ لا يقدرون على المكابرة والعناد في ذلك لفرط وضوحه فقل أفلا تتقون عقابه في عبادة غيره .
(32) فذلكم الله ربكم الحق أي المتولي لهذه الامور المستحق للعبادة : هو ربكم الثابت ربوبيته لأنه الذي أنشأكم وأحياكم ورزقكم ودبر أموركم فماذا بعد الحق إلا الضلال يعني : لا واسطة بينهما ، فمن تخطى الحق وقع في الضلال فأنى تصرفون عن الحق .
(33) كذلك حقت كلمت ربك وحكمه على الذين فسقوا تمردوا في كفرهم وخرجوا عن الرشد أنهم لا يؤمنون بدل من الكلمة ، أي حق عليهم انتفاء الايمان أو أريد بالكلمة العدة بالعذاب ، وهذا تعليل له وقريء كلمات .
(34) قل هل من شركائكم من يبدؤ الخلق ثم يعيده قل الله يبدؤ الخلق ثم يعيده فأنى تؤفكون جعل الاعادة كالأبداء في الالزام بها لظهور برهانها وإن لم


( 402 )

يساعدوا عليها ولذلك أمر الرسول بأن ينوب عنهم في الجواب .
(35) قل هل من شركائكم من يهدي إلى الحق بنصب الحجج وإرسال الرسل ، والتوفيق للنظر والتدبر قل الله يهدي للحق أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي لا يهتدي ، وقريء بفتح الهاء وتشديد الدال وبالكسر والتشديد إلا أن يهدي يهديه غيره .
القمي : عن الباقر عليه السلام فأما من يهدي إلى الحق فهو محمد وآل محمد عليهم السلام من بعده ، وأما من لا يهدي فهو من خالف من قريش وغيرهم أهل بيته من بعده فما لكم كيف تحكمون بالباطل .
(36) وما يتبع أكثرهم فيما يعتقدون إلا ظنا مستندا إلى خيالات فاسدة إن الظن لا يغني من الحق من الاعتقاد الحق شيئا إن الله عليم بما يفعلون وعيد على اتباعهم الظن وإعراضهم عن البرهان .
(37) وما كان ما صح وما استقام هذا القرآن أن يفترى من دون الله أن يكون افتراء من الخلق ولكن تصديق الذي بين يديه من الكتب المنزلة لأنه معجز دونها وهو عيار عليها شاهد لصحتها وتفصيل الكتاب وتبيين ما شرع وفرض من الاحكام من قوله كتاب الله عليكم لا ريب فيه من رب العالمين
(38) أم يقولون بل أيقولون افتراه اختلقه قل إن افتريته كما زعمتم فأتوا بسورة مثله في البلاغة ، وحسن النظم على وجه الافتراء فإنكم مثلي في العربية والفصاحة وادعوا من استطعتم أن تدعوه للأستعانة به على الاتيان بمثله من دون الله سوى الله فإنه وحده قادر على ذلك لا غير إن كنتم صادقين إنه افتراء .
(39) بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله بل كذبوا بالقرآن قبل أن يعلموا كنه أمره ، ويقفوا على تأويله ومعانيه . لنفورهم عما يخالف ما ألفوه من دين آبائهم ولو لم يأتهم بعد تأويل ما فيه من الاخبار بالغيوب ، أي عاقبته حتى يتبين لهم أهو كذب أم صدق ، يعني أنه كتاب معجز من جهتين : إعجاز نظمه ، وما فيه من الاخبار


( 403 )

بالغايبات فسارعوا إلى التكذيب قبل أن ينظروا في بلوغه حد الاعجاز ، وقبل أن يختبروا إخباره بالمغيبات .
العياشي : عن الباقر عليه السلام أنه سئل عن الامور العظام من الرجعة وغيرها ، فقال : إن هذا الذي تسألوني عنه لم يأت أوانه قال الله : ( بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله ) ، ومثله : عن الصادق عليه السلام .
والقمي : قال : نزلت في الرجعة كذبوا بها أي أنها لا تكون .
في الكافي ، والمجمع ، والعياشي : عن الصادق عليه السلام إن الله خص هذه الآية بآيتين من كتابه ألا يقولوا ما لا يعلمون ، وأن لا يردوا ما لا يعلمون ، ثم قرأ ( ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب أن لا يقولوا على الله إلا الحق ) وقوله : ( بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله ) كذلك كذب الذين من قبلهم أنبياءهم فانظر كيف كان عاقبة الظالمين وعيد لهم بما عوقب به من قبلهم .
(40) ومنهم من يؤمن به في نفسه ويعلم أنه حق ولكنه يعاند ، أو ومنهم من يؤمن به في المستقبل ومنهم من لا يؤمن به في نفسه لفرط غباوته وقلة تدبره أو فيما يستقبل ويصر على الكفر .
القمي : عن الباقر عليه السلام هم أعداء محمد وآل محمد عليهم السلام من بعده وربك أعلم بالمفسدين بالمعاندين أو المصرين .
(41) وإن كذبوك وإن يئست من إجابتهم وأصروا على تكذيبك فقل لي عملي ولكم عملكم أنتم بريئون مما أعمل وأنا بريء مما تعملون لا تؤاخذون بعملي ولا اؤاخذ بعملكم ، يعني تبرأ منهم وخلهم فقد أعذرت إليهم ، قيل هي منسوخة بآية القتال .
(42) ومنهم من يستمعون إليك إذا قرأت القرآن وعلمت الشرايع ولكن لا يقبلون كالأصم الذي لا يسمع أفأنت تسمع الصم تقدر على اسماعهم . ولو كانوا لا


( 404 )

يعقلون ولو انضم إلى صممهم عدم تعقلهم .
وفيه تنبيه على أن حقيقة استماع الكلام فهم المعنى المقصود منه ، ولهذا لا يوصف به البهائم وهو لا يأتي إلا بإستعمال العقل السليم في تدبره ، وعقولهم لما كانت مؤفة بمعارضة الوهم ومشايعة الالف والتقليد تعذر أفهامهم الحكم والمعاني الدقيقة فلم ينتفعوا بسرد الالفاظ عليهم غير ما ينتفع به البهائم من كلام الناعق .
(43) ومنهم من ينظر إليك ويعاينون دلالات نبوتك ولكن لا يصدقون أفأنت تهدي العمى تقدر على هدايتهم ولو كانوا لا يبصرون وإن انضم إلى عدم البصر عدم البصيرة فإن المقصود من الابصار هو الاعتبار والاستبصار ، والعمدة في ذلك البصيرة ، ولذلك يحدس الاعمى المستبصر ويتفطن ما لا يدركه البصير الاحمق والآية مؤكدة للأمر بالتبري والاعراض عنهم .
(44) إن الله لا يظلم الناس شيئا لا ينقصهم شيئا مما يتصل بمصالحهم من الحواس والعقول . ولكن الناس أنفسهم يظلمون : بإفسادها وتفويت منافعها عليهم . في الكافي : عن الباقر عليه السلام إن الله الحليم العليم إنما غضبه على من لم يقبل منه رضاه ، وإنما يمنع من لم يقبل منه عطاءه ، وإنما يضل من لم يقبل منه هداه الحديث .
(45) ويوم نحشرهم : وقريء بالياء كأن لم يلبثوا إلاّ ساعة من النهار يستقصرون مدة لبثهم في الدنيا أو القبور لهول ما يرون يتعارفون بينهم يعرف بعضهم بعضا كأنهم لم يتفارقوا إلا قليلا ، قيل : إن ذلك عند خروجهم من القبور ثم ينقطع التعارف لشدة الامر عليهم قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله وما كانوا مهتدين .
(46) وإما نرينك بعض الذي نعدهم من العذاب في حياتك كما أراه يوم بدر .
القمي : من الرجعة وقيام القائم عليه السلام أو نتوفينك قبل أن نريك فإلينا مرجعهم فنريكه في الآخرة ثم الله شهيد على ما يفعلون مجاز عليه ذكر الشهادة وأراد


( 405 )

مقتضاها ولذلك رتبها على الرجوع بثم أو المراد يشهد على أفعالهم يوم القيامة .
(47) ولكل أمة رسول فإذا جاء رسولهم بالبينات فكذبوه أو يوم القيامة ليشهد عليهم قضي بينهم بين الرسول ومكذبيه بالقسط بالعدل ، فانجى الرسول ، وعذب المكذبون وهم لا يظلمون .
العياشي : عن الباقر عليه السلام تفسيرها في الباطن أن لكل قرن من هذه الامة رسولا من آل محمد - صلوات الله عليهم - يخرج إلى القرآن الذي هو إليهم رسول وهم الاولياء ، وهم الرسل ، وأما قوله : ( فإذا جاء رسولهم قضى بينهم بالقسط ) فإن معناه أن رسل الله يقضون بالقسط وهم لا يظلمون .
(48) ويقولون متى هذا الوعد استعجال لما وعدوا من العذاب ، أو استبعاد له إن كنتم صادقين شاركوا النبي والمؤمنين في الخطاب .
(49) قل لا أملك لنفسي ضرا ولا نفعا فكيف أملك لكم الضر إلا ما شآء الله أن أملكه أو ما شاء وقوعه فيقع لكل أمة أجل لهلاكهم إذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون إذا جاء ذلك الاجل أنجز وعدكم .
العياشي : عن الصادق عليه السلام هو الذي سمي لملك الموت في ليلة القدر .
(50) قل أرأيتم أخبروني إن أتاكم عذابه الذي تستعجلونه بياتا وقت بيات واشتغال بالنوم أو نهارا حين كنتم مشتغلين بطلب معاشكم ماذا يستعجل منه المجرمون أي شيء من العذاب يستعجلونه وليس شيء منه يوجب الاستعجال ، وضع المجرمون موضع الضمير للدلالة على أنهم لجرمهم ينبغي أن يفزعوا لمجيء الوعيد لا أن يستعجلوه .
القمي : عن الباقر عليه السلام هذا عذاب ينزل في آخر الزمان على فسقة أهل القبلة ، وهم يجحدون نزول العذاب عليهم .
وفي المجمع : عنه عليه السلام ما في معناه .


( 406 )

(51) أثم إذا ما وقع آمنتم به بعد وقوعه حين لا ينفعكم الايمان به ألآن على إرادة القول ، أي قيل لهم : إذا آمنوا بعد وقوع العذاب الآن آمنتم وقد كنتم به تستعجلون تكذيبا واستهزاء .
(52) ثم قيل للذين ظلموا ذوقوا عذاب الخلد هل تجزون إلاّ بما كنتم تكسبون من الكفر والمعاصي .
(53) ويستنبؤنك ويستخبرونك أحق هو أحق ما تقول من الوعد والوعيد وغير ذلك (1) .
وفي الكافي : عن الصادق عليه السلام ما تقول في علي عليه السلام .
وفي المجالس عن الباقر عليه السلام ويستنبئك أهل مكة عن علي إمام هو والقمي : مثله قل إي وربي إنه لحق وما أنتم بمعجزين فايتين إياه .
(54) ولو أن لكل نفس ظلمت ما في الارض من خزائنها وأموالها لافتدت به لجعلته فدية لها من العذاب وأسروا الندامة لما رأوا العذاب لأنهم بهتوا بما عاينوا مما لم يحتسبوه من فظاعة الامر وهوله .
القمي : ظلمت يعني آل محمد ـ صلوات الله عليهم ـ حقهم لافتدت به ، يعني في الرجعة .
في المجمع ، والقمي ، والعياشي : عن الصادق عليه السلام إنه سئل ما ينفعهم إسرار الندامة وهم في العذاب ؟ قال : كرهوا شماتة الاعداء وقضي بينهم بالقسط بين الظالمين والمظلومين وهم لا يظلمون .
(55) ألا إن لله ما في السموات والارض تقرير لقدرته تعالى على الاثابة والعقاب ألا إن وعد الله حق لا خلف فيه ولكن أكثرهم لا يعلمون لأن علمهم لا يتجاوز الظاهر من الحياة الدنيا .
____________
(1) وهذا الاستخبار منهم يحتمل أن يكون انما وقع منهم على وجه التعريف والاستفهام ويحتمل أن يكون وقع على وجه الاستهزاء م ن .
( 407 )

(56) هو يحيي ويميت وإليه ترجعون .
(57) يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين أي قد جائكم كتاب جامع لهذه الفوائد .
في الاهليلجة : عن الصادق عليه السلام إنه شفاء من أمراض الخواطر ، ومشتبهات الامور .
وفي الكافي : في الحديث القدسي من نفث الشيطان (1) .
والعياشي : عن الصادق عليه السلام عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه شكا إليه رجل وجعا في صدره فقال استشف بالقرآن فإن الله يقول : ( وشفاء لما في الصدور ) .
والقمي : قال : بعد ذكر الآية قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : والقرآن .
(58) قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا أي إن فرحوا بشيء فبهما ليفرحوا هو خير مما يجمعون من حطام الدنيا ، وقريء بالتاء .
في المجمع ، والجوامع : عن الباقر عليه السلام فضل الله : رسول الله ، ورحمته : علي ابن أبي طالب .
وزاد القمي : فبذلك فليفرح شيعتنا هو خير مما أعطوا أعداءنا من الذهب والفضة .
والعياشي : عن أمير المؤمنين عليه السلام ما في معناه .
وفي المجالس : عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فضل الله : نبوة نبيكم ، ورحمته : ولاية علي بن أبي طالب ، فبذلك : قال : بالنبوة والولاية ، فليفرحوا : يعني الشيعة ، هو خير مما يجمعون : يعني مخالفيهم من الاهل والمال والولد في دار الدنيا .
____________
(1) النفث شبه بالنفخ وهو اقل من التفل لان التفل لا يكون الا ومعه شيء من الريق والنفث نفخ لطيف بلا ريق وفي الدعاء واعوذ بك من نفث الشيطان وهو ما يلقيه في قلب الانسان ويوقعه في باله مما يصطاده به ونفث الشيطان على لسانه اي القى فتكلم ومن هذا لم يزل الامام مدفوعا عنه نفوث كل غاسق م .
( 408 )

والعياشي : عن الباقر عليه السلام ما يقرب منه .
(59) قل أرَأيتم أخبروني ما أنزل الله لكم من رزق حلال كله فجعلتم منه حراما وحلالا فجعلتم بعضه حراما وبعضه حلالا مثل ( هذه أنعام وحرث حجر ) ( ما في بطون هذه الانعام خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا ) قل آلله أذِن لكم في التحريم والتحليل فيقولون : ذلك بحكمه أم على الله تفترون في نسبة ذلك إليه .
(60) وما ظن الذين يفترون على الله الكذب أيّ شيء ظنهم يوم القيامة أيحسبون أن لا يجازوا عليه وهو تهديد عظيم حيث أبهم الامر إن الله لذو فضل على الناس بما فعل بهم من ضروب الانعام ولكن أكثرهم لا يشكرون نعمه .
(61) وما تكون يا محمد في شأن في أمر وما تتلو منه من الشأن من قرآن ولا تعملون أنتم جميعا من عمل إلاّ كنا عليكم شهودا إذ تفيضون فيه تخوضون فيه وتندفعون .
في المجمع : عن الصادق عليه السلام والقمي : قال : كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا قريء هذه الآية بكى بكاء شديدا وما يعزب عن ربك وما يبعد وما يغيب عن علمه ، وقريء بكسر الزاي من مثقال ذرة ما يوازن نملة صغيرة أو هباء في الارض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين إستناف مقرر لما قبله ، وقريء بالرفع فيهما .
(62) ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم من لحوق مكروه ولا هم يحزنون بفوات مأمول .
(63) الذين آمنوا وكانوا يتقون بيان لأولياء الله أو استيناف خبره ما بعده .
العياشي : عن أمير المؤمنين عليه السلام هم نحن ، وأتباعنا ممن تبعنا من بعدنا طوبى لنا ، وطوبى لهم ، وطوباهم أفضل من طوبانا ، قيل : ما شأن طوباهم أفضل من طوبانا ؟ ألسنا نحن وهم على أمر ؟ قال : لا ، أنهم حملوا ما لم تحملوا ، وأطاقوا ما لم تطيقوا .


( 409 )

وفي الاكمال : عن الصادق عليه السلام طوبى لشيعة قائمنا المنتظرين لظهوره في غيبته ، والمطيعين له في ظهوره ، اولئك أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون .
وفي الجوامع عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم إنه سئل عن أولياء الله ؟ فقال : هم الذين يذكرون الله برؤيتهم يعني في السمت والهيئة .
وفي الكافي : عن الصادق عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم من عرف الله وعظمه منع فاه من الكلام ، وبطنه عن الطعام ، وعنى نفسه بالصيام والقيام ، قالوا بآبائنا وامهاتنا يا رسول الله هؤلاء أولياء الله ؟ قال : إن أولياء الله سكتوا فكان سكوتهم ذكرا ، ونظروا فكان نظرهم عبرة ، ونطقوا فكان نطقهم حكمة ، ومشوا فكان مشيهم بين الناس بركة ، لولا الآجال التي كتبت عليهم لم تقر أرواحهم في أجسادهم خوفا من العذاب وشوقا إلى الثواب .
والعياشي : عن الباقر عليه السلام قال : وجدنا في كتاب علي بن الحسين عليه السلام ( ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) إذا أدوا فرض الله ، وأخذوا بسنن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وتورعوا عن محارم الله ، وزهدوا في عاجل زهرة الدنيا ، ورغبوا فيما عند الله ، واكتسبوا الطيب من رزق الله لا يريدون التفاخر والتكاثر ، ثم أنفقوا فيما يلزمهم من حقوق واجبة . فأولئك الذين بارك الله لهم فيما اكتسبوا ويثابون على ما قدموا لآخرتهم . وفي المجمع : عن السجاد عليه السلام مثله .
(64) لهم البشرى في الحياة الدنيا وفى الآخرة .
في الكافي ، والفقيه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، والقمي : ( البشرى في الحياة الدنيا ) : هي الرؤيا الحسنة يراها المؤمن فيبشر بها في دنياه .
وزاد في الفقيه : وأما قوله ( في الآخرة ) : فإنها بشارة المؤمن عند الموت يبشر بها عند موته ، إن الله عز وجل قد غفر لك ولمن يحملك إلى قبرك .
والقمي : ( وفي الآخرة ) : عند الموت ، وهو قوله تعالى : الذين تتوفيهم الملائكة طيبين


( 410 )

يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة .
وفي الجوامع : عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم هي في الدنيا الرؤيا الصالحة يراها المؤمن لنفسه ، أو يرى له ، وفي الآخرة الجنة .
وفي الكافي : عن الباقر عليه السلام في هذه الآية يبشرهم بقيام القائم ، وبظهوره ، وبقتل أعدائهم ، وبالنجاة في الآخرة ، والورود على محمد وآله الصادقين على الحوض .
وعن الصادق عليه السلام إن الرجل إذا وقعت نفسه في صدره يرى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيقول له أنا رسول الله أبشر ، ثم يرى علي بن أبي طالب عليه السلام فيقول له : أنا علي بن أبي طالب الذي كنت تحبه ، أنا أنفعك اليوم ، قال : وذلك في القرآن قوله عز وجل : ( الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة ) .
وفيه والعياشي : في معناه أخبار أخر .
والعياشي : عن الباقر عليه السلام إنما أحدكم حين يبلغ نفسه هيهنا ينزل عليه ملك الموت فيقول له : أما ما كنت ترجو فقد اعطيته ، وأما ما كنت تخافه فقد أمنت منه ويفتح له باب إلى منزله من الجنة ، ويقال له : انظر إلى مسكنك من الجنة ، وانظر هذا رسول الله وأمير المؤمنين والحسن والحسين ـ صلوات الله عليهم ـ رفقاؤك وهو قول الله تبارك وتعالى وتقدس : ( الذين آمنوا وكانوا يتقون ) ، الاية لا تبديل لكلمات الله لا تغيير لأقواله ولا إخلاف لمواعيده ، وهو اعتراض ذلك إشارة إلى كونهم مبشرين في الدارين هو الفوز العظيم .
(65) ولا يحزنك قولهم تكذيبهم وتدبيرهم في إبطال أمرك وسائر ما يتكلمون به في شأنك إن العزة لله جميعا إن القهر والغلبة جميعا لله لا يملك أحد شيئا منهما غيره ، فهو يغلبهم وينصرك عليهم : ( إنا لننصر رسلنا ) هو السميع لما يقولون العليم بما يعزمون فيكافيهم بذلك .
(66) ألا إن لله من في السموات ومن في الارض من الملائكة والثقلين ، وإذا كان هؤلاء عبيدا له وهم في مملكته لا يصلح أحد منهم للألهية مع كونهم عقلاء مميزون


( 411 )

فما لا يميز ولا يعقل أحق أن لا يكون شريكا له وما يتبع الذين يدعون من دون الله شركاء شركاء اقتصر على أحدهما ، اي شركاء على الحقيقة وإن كانوا يسمونها شركاء أو المعنى وما يتبعون يقينا ، فحذف لدلالة ما بعده عليه إن يتبعون إلاّ الظن إلاّ ظنهم أنهم شركاء وإن هم إلاّ يخرصون يقدرون تقديرا باطلا ، ويجوز أن يكون ( ما ) استفهامية يعني وأي شيء يتبعون ؟ أو موصولة عطفا على ( من ) بمعنى ولله ما يتبعونه .
(67) هو الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصرا تنبيه على كمال قدرته وعظيم نعمته ليدلهم على تفرده باستحقاق العبادة إن في ذلك لآيات لقوم يسمعون سماع تدبر وتفهم .
(68) قالوا اتخذ الله ولدا يعني بنتا . سبحانه : تنزيه وتعجب من كلمتهم الحمقاء هو الغني لا يحتاج إلى إتخاذ الولد له ما في السموات وما في الارض تقرير لغناه إن عندكم من سلطان بهذا ما عندكم من حجة بهذا القول أتقولون على الله ما لا تعلمون توبيخ وتقريع على اختلافهم وجهلهم لما نفي عنهم الحجة جعلهم غير عالمين فدل ذلك على أن كل قول ليس عليه برهان فهو جهل ليس بعلم .
(69) قل إن الذين يفترون على الله الكذب باتخاذ الولد وإضافة الشريك إليه لا يفلحون لا ينجون من النار ، ولا يفوزون بالجنة .
(70) متاع في الدنيا افتراؤهم تمتع في الدنيا يسير ، يقيمون به رياستهم في الكفر ثم إلينا مرجعهم بالموت فيلقون الشقاء المؤبد ثم نذيقهم العذاب الشديد بما كانوا يكفرون بسبب كفرهم .
(71) واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عظيم وشق عليكم مقامي مكاني وإقامتي بينكم مدة مديدة ، أو قيامي على الدعوة وتذكيري إياكم بآيات الله فعلى الله توكلت فبه وثقت فأجمعوا أمركم فاعزموا على ما تريدون وشركائكم مع شركائكم واجتمعوا على السعي في إهلاكي ثم لا يكن أمركم عليكم غمة مستورا واجعلوه ظاهرا مكشوفا من غمه إذا ستره والقمي لا تغتموا ثم اقضوا إليّ