تفسير الصافي ج 3 ص 281 الى ص 300
في العيون عن الصادق عليه السلام إنه عد من الكباير العقوق قال لأن الله جعل العاق جبارا شقيا في قوله تعالى حكاية عن عيسى عليه السلام وبرا بولدتي ولم يجعلني جبارا شقيا .
( 33 ) والسلام عليّ يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا كما هو على يحيى .
( 34 ) ذلك عيسى ابن مريم لا ما يصفه النصارى وهو تكذيب لهم فيما يصفونه على الوجه الأبلغ حيث جعله الموصوف بأضداد ما يصفونه ثم عكس الحكم قول الحق أي هو قول الحق الذي لاريب فيه وقريء بالنصب على المصدر المؤكد الذي فيه يمترون .
القمي أي يتخاصمون .
( 35 ) ما كان لله أن يتخذ من وَلَدٍ سبحانه تكذيب للنصارى وتنزيه لله عما بهتوه إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون تبكيت لهم بأن من إذا أراد شيئا أوجده بكن كان منزها من شبه الخلق والحاجة في إتخاذ الولد باحبال الأناث .
( 36 ) وإن الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم سبق تفسيره في سورة آل عمران وقريء أن بالفتح أي ولأن أو عطف على الصلاة .
( 37 ) فاختلف الاحزاب من بينهم اليهود والنصارى أو فرق النصارى فإن منهم من قال ابن الله ومنهم من قال هو الله هبط إلى الأرض ثم صعد إلى السماء ومنهم من قال هو عبد الله ونبيه فويل(1) للذين كفروا من مشهد يوم عظيم من شهود يوم عظيم هوله وحسابه وجزاؤه .
( 38 ) أسمع بهم وأبصر يوم يأتوننا أي ما أسمعهم وأبصرهم يوم القيامة لكن الظالمون اليوم في ضلال مبين أوقع الظاهر موقع المضمر إيذانا بأنهم ظلموا أنفسهم حيث أغفلوا الأستماع والنظر حين ينفعهم .
( 39 ) وأنذرهم يوم الحسرة يوم يتحسر لناس المسئ على اساءته والمحسن على قلة إحسانه .
____________
(1) أي فشدة عذاب ، وقيل : ويل واد في جهنم .
( 282 )


في المعاني عن الصادق عليه السلام قال يوم الحسرة يوم يؤتى بالموت فيذبح إذ قضى الامر فرغ من الحساب وتصادر الفريقان إلى الجنة والنار .
القمي عن الصادق عليه السلام أنه سئل عن هذه الآية فقال ينادي مناد من عند الله عز وجل وذلك بعد ما صار أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار يا أهل الجنة ويا أهل النار هل تعرفون الموت في صورة من الصور فيقولون لا فيؤتى بالموت في صورة كبش أملح فيوقف بين الجنة والنار ثم ينادون جميعا أشرفوا وانظروا إلى الموت فيشرفون ثم يأمر الله عز وجل به فيذبح ثم يقال يا أهل الجنة خلود فلا موت أبدا ويا أهل النار خلود فلا موت أبدا وهو قوله تعالى وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضى الامر أي قضي على أهل الجنة بالخلود فيها وقضى على أهل النار بالخلود فيها .
وفي المجمع مثله من طريق العامة عن النبي صلى الله عليه وآله إلا أنه قال فيجاء بالموت كأنه كبش أملح فيقال لهم تعرفون الموت فيقولون هذا هذا وكل قد عرفه الحديث قال ورواه أصحابنا عن الباقر والصادق عليهما السلام ثم جاء في آخره فيفرح أهل الجنة فرحا لو كان أحد يومئذ ميتا لماتوا فرحا ويشهق أهل النار شهقة لو كان أحد ميتا لماتوا وهم في غفلة وهم لا يؤمنون متعلق بقوله في ضلال مبين وما بينهما إعتراض أو بأنذرهم أي أنذرهم غافلين غير مؤمنين .
( 40 ) إنا نحن نرث الارض ومن عليها لا يبقى فيها مالك ولا متصرف .
القمي قال كل شيء خلقه الله يرثه الله يوم القيامة وإلينا يرجعون مردودون للجزاء .
( 41 ) واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صديقا نبيا ملازما للصدق كثير التصديق لكتب الله وآياته وأنبيائه وكان نبيا في نفسه .
( 42 ) إذ قال لابيه قد سبق الكلام في كونه أباه أو أنه كان عمه أو جده لأمه لطهارة آباء الأنبياء عن الشرك يا أبت التاء معوضة عن ياء الأضافة وإنما يذكر للأستعطاف ولذلك كررها لِمَ تعبد ما لا يسمع ولا يبصر فيعرف حالك ويسمع ذكرك ويرى خضوعك ولا يغني عنك شيئا في جلب نفع ودفع ضر .


( 283 )

( 43 ) يا أبتِ إني قد جائني من العلم ما لم يأتك فاتبعني أهدك صراطا سويا .
( 44 ) يا أبتِ لاتعبد الشيطان إن الشيطان كان للرحمن عصيا .
( 45 ) يا أبتِ إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان وليا دعا صلوات الله عليه إلى الهدى وبين ضلاله واحتج عليه أبلغ إحتجاج وأرشقه برفق وحسن أدب حيث لم يصرح بضلاله بل طلب العلة التي تدعوه إلى عبادة ما لا يستحق للعبادة بوجه ثم دعاه إلى أن يتبعه ليهديه الحق القويم والصراط المستقيم لما لم يكن مستقلا بالنظر السوي ولم يسمه بالجهل المفرط ولا نفسه بالعلم الفائق بل جعل نفسه كرفيق له في مسير يكون أعرف بالطريق ثم ثبطه عما كان عليه بأنه مع خلوه عن النفع مستلزم للضر فإنه في الحقيقة عبادة الشيطان فإنه الامر به وبيّن أن الشيطان مستعص لربك المولى للنعم كلها وكل عاص حقيق بأن يسترد منه النعم وينتقم منه ولذلك عقبه بتخويفه سوء عاقبته وما يجره إليه من صيرورته قرينا للشيطان في اللعن والعذاب .
( 46 ) قال أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم قابل إستعطافه ولطفه في الأرشاد بالفظاظة وغلظة العناد فناداه باسمه ولم يقابل بيا بني وأخره وقدم الخبر على المبتدأ وصدره بهمزة الأنكار على ضرب من التعجب ثم هدده لئن لم تنته عن مقالك فيها والرغبة عنها لارجمنك بلساني أو بالحجارة واهجرني فاحذرني أو إهجرني بالذهاب عني مليا زمانا طويلا .
( 47 ) قال سلام عليك توديع ومتاركة ومقابلة للسيئة بالحسنة أي لا اصيبك بمكروه ولا أقول لك بعد ما يؤذيك سأستغفر لك ربي لعله يوفقك للتوبة والأيمان إنه كان بي حفيا بليغا في البر والأعطاف .
( 48 ) وأعتزلكم وما تدعون من دون الله بالمهاجرة بديني وأدعوا ربي وأعبده وحده عسى ألا أكون بدعاء ربي شقيا خائبا ضايع السعي مثلكم في دعاء آلهتكم وفي تصدير الكلام بعسى التواضع وهضم النفس والتنبيه على أن الأجابة والأثابة تفضل غير واجب وأن ملاك الأمر خاتمته وهو غيب .


( 284 )

( 49 ) فلما اعتزلهم وما يعبدون من دون الله بالهجرة إلى الشام وهبنا له إسحاق ويعقوب بدل من فارقهم من الكفرة وكلا جعلنا نبيا .
( 50 ) ووهبنا لهم من رحمتنا وجعلنا لهم لسان صدق عليا قيل الرحمة النبوة والأموال والأولاد وهي عامة في كل خير ديني ودنيوي ولسان الصدق الثناء الحسن عبر باللسان عما يوجد به كما يعبر باليد عما يطلق باليد وهي العطية والعلي المرتفع فإن كل أهل الأديان يتولونه ويثنون عليه وعلى ذريته ويفتخرون به وهي إجابة لدعوته حيث قال واجعل لي لسان صدق في الاخرين .
والقمي عن الزكي عليه السلام ووهبنا لهم يعني لإبراهيم وإسحاق ويعقوب عليهم السلام من رحمتنا رسول الله صلى الله عليه وآله وجعلنا لهم لسان صدق عليا يعني أمير المؤمنين .
وفي الكافي عن الصادق عن أمير المؤمنين عليهما السلام لسان الصدق للمرء يجعله الله في الناس خير من المال يأكله ويورثه .
( 51 ) واذكر في الكتاب موسى إنه كان مخلصا موحدا أخلص عبادته عن الشرك والرياء وأسلم وجهه لله وقريء بفتح اللام أي أخلصه الله وكان رسولا نبيا قيل أرسله الله إلى الخلق فأنبأهم عنه ولذلك قدم رسولا مع أنه أخص وأعلى .
في الكافي عن الباقر عليه السلام أنه سئل عن هذه الآية ما الرسول وما النبي فقال النبي الذي يرى في منامه ويسمع الصوت ولا يعاين الملك والرسول الذي يسمع الصوت ويرى في المنام ويعاين الملك .
( 52 ) وناديناه من جانب الطور الايمن وقربناه نجيا مناجيا تقريب تشريف شبهه بمن قربه الملك لمناجاته .
( 53 ) ووهبنا له من رحمتنا أخاه معاضدة أخيه وموازرته إجابة لدعوته واجعل لي وزيرا من أهلي فإنه كان أسن من موسى عليه السلام هارون نبيا في الأكمال عاش موسى عليه السلام مأة وستة وعشرين سنة وعاش هارون مأة وثلاثة وثلاثين سنة .
( 54 ) واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا


( 285 )

في الكافي عن الصادق عليه السلام إنما سمي صادق الوعد لأنه وعد رجلا في مكان فانتظره في ذلك المكان سنة فسماه الله عز وجل صادق الوعد ثم إن الرجل أتاه بعد ذلك فقال له إسماعيل ما زلت منتظرا لك .
وفي العيون عن الرضا عليه السلام في معناه والقمي قال وعد وعدا وانتظر صاحبه سنة قال وهو إسماعيل بن حزقيل .
وفي المجمع هو إسماعيل بن إبراهيم وكان إذا وعد بشيء وفى ولم يخلف وكان مع ذلك رسولا نبيا إلى جرهم .
قال وقيل إن إسماعيل بن إبراهيم مات قبل أبيه وأن هذا هو إسماعيل بن حزقيل وذكر ما يأتي من العلل ونسبه إلى الصادق عليه السلام .
وفي العلل عنه عليه السلام قال إن إسماعيل الذي قال الله في كتابه واذكر في الكتاب الآية لم يكن إسماعيل بن إبراهيم بل كان نبيا من الأنبياء بعثه الله إلى قومه فأخذوه فسلخوا فروة رأسه ووجهه فأتاه ملك فقال إن الله جل جلاله بعثني إليك فمرني بما شئت فقال لي أسوة بما يصنع بالأنبياء وفي رواية أخرى فقال لي بالحسين بن علي عليهما السلام أسوة .
( 55 ) وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضيا .
( 56 ) واذكر في الكتاب إدريس قيل هو سبط شيث وجد أبي نوح وإسمه أخنوخ .
وروي أنه أنزل عليه ثلاثون صحيفة وأنه أول من خط بالقلم ونظر في علم النجوم والحساب وأول من خاط الثياب ولبسها وكانوا يلبسون الجلود .
القمي قال وسمي إدريس لكثرة دراسته الكتب إنه كان صديقا نبيا .
( 57 ) ورفعناه مكانا عليا قيل شرف النبوة والزلفى عند الله .
وفي الكافي عن الباقر عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله أخبرني جبرئيل أن ملكا من الملائكة كانت له عند الله منزلة عظيمة فعتب عليه فأهبطه من السماء


( 286 )

إلى الأرض فأتى إدريس عليه السلام فقال له إن لك عند الله منزلة فاشفع لي عند ربك فصلى ثلاث ليال لا يفتر وصام أيامها لا يفطر ثم طلب إلى الله عزوجل في السحر في الملك فقال الملك إنك قد اعطيت سؤلك وقد أطلق الله لي جناحي وأنا أحب أن أكافيك فاطلب إليّ حاجة فقال تريني ملك الموت لعلي آنس به فإنه ليس يهنئني مع ذكره شيء فبسط جناحه ثم قال إركب فصعد به فطلب ملك الموت في السماء الدنيا فقيل له إصعد فاستقبله بين السماء الرابعة والخامسة فقال الملك يا ملك الموت مالي أراك قاطبا قال العجب إني تحت ظل العرش حيث أمرت أن أقبض روح آدمي بين السماء الرابعة والخامسة فسمع إدريس فاستعض ( فامتعض خ ل ) فخر من جناح الملك فقبض روحه مكانه قال الله عز وجل ورفعناه مكانا عليا .
والقمي ما يقرب منه .
وفي الكافي عن الصادق عليه السلام إنه قال في حديث يذكر فيه مسجد السهلة أما علمت إنه موضع بيت إدريس النبي صلى الله عليه الذي كان يخيط فيه .
( 58 ) أولئك إشارة إلى المذكورين في السورة من زكريا إلى إدريس عليهما السلام الذين أنعم الله عليهم بأنواع النعم الدينية والدنياوية من النبيين من ذرية آدم وممن حملنا مع نوح أي ومن ذرية من حملنا خصوصا وهم من عدا إدريس فإن إبراهيم عليه السلام كان ومن ذرية سام بن نوح ومن ذرية إبراهيم الباقون وإسرائيل أي ومن ذرية إسرائيل وكان منهم موسى وهارون وزكريا ويحيى وعيسى عليهم السلام وفيه دلالة على أن أولاد البنات من الذرية وممن هدينا واجتبينا للنبوة والكرامة .
في المناقب والمجمع عن السجاد عليه السلام نحن عنينا بها إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا خشية من الله وإخباتا له .
روي عن النبي صلى الله عليه وآله أتلوا القرآن وابكوا فإن لم تبكوا فتباكوا والبكي جمع باك كالسجود في جمع ساجد وقريء بكسر الباء .
( 59 ) فخلف من بعدهم خلف فعقبهم وجاء من بعدهم عقب سوء يقال خلف صدق


( 287 )

بالفتح وخلف سوء بالسكون أضاعوا الصلاة أخروها عن وقتها .
وفي الكافي عن الصادق عليه السلام في حديث وليس أن عجلت قليلا أو أخرت قليلا بالذي يضرك ما لم تضيع تلك الأضاعة فإن الله عز وجل يقول لقوم أضاعوا الصلاة الآية .
وفي المجمع عنه عليه السلام أضاعوها بتأخيرها عن مواقيتها من غير أن تركوها أصلا واتبعوا الشهوات .
في الجوامع عن أمير المؤمنين عليه السلام من بني الشديد وركب المنظور ولبس المشهور فسوف يلقون غيا شرا .
( 60 ) إلا من تاب وآمن وعمل صالحا فأولئك يدخلون الجنة وقرء على البناء للمفعول ولا يظلمون شيئا .
( 61 ) جنات عدن التي وعد الرحمن عباده بالغيب إنه كان وعده مأتيا يأتيه أجله الموعود لهم أو هو من أتى إليه إحسانا أي مفعولا منجزا .
( 62 ) لا يسمعون فيها لغوا فضول الكلام إلا سلاما ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا على عادة المتغمين والتوسط بين الزهادة والرغابة .
في المحاسن وطب الأئمة عن الصادق عليه السلام إنه شكى إليه رجل ما يلقى من الأوجاع والتخم فقال تغد وتعش ولا تأكل بينهما شيئا فإن فيه فساد البدن أما سمعت الله يقول لهم رزقهم فيها بكرة وعشيا القمي قال ذلك في جنات الدنيا قبل القيامة لأن البكرة والعشي لا يكونان في الآخرة في جنات الخلد وإنما يكونان في جنات الدنيا التي ينتقل إليها أرواح المؤمنين وتطلع فيها الشمس والقمر .
( 63 ) تلك الجنة التي نورث من عبادنا من كان تقيا .
في التهذيب في أدعية نوافل شهر رمضان سبحان من خلق الجنة لمحمد وآل محمد سبحان من يورثها محمدا وآل محمد وشيعتهم .


( 288 )

( 64 ) وما نتنزل إلا بأمر ربك حكاية قول جبرئيل .
في المجمع عن النبي صلى الله عليه وآله إنه قال لجبرئيل ما منعك أن تزورنا فنزلت له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك وهو ما نحن فيه من الأماكن والأحانين لا ننتقل من مكان إلى مكان ولا ننزل في زمان دون زمان إلا بأمره ومشيته وما كان ربك نسيا تاركا لك .
في التوحيد عن أمير المؤمنين عليه السلام في هذه الآية فإن ربنا تبارك وتعالى علوا كبيرا ليس بالذي ينسى ولا يغفل بل هو الحفيظ العليم .
( 65 ) رب السماوات والارض وما بينهما بيان لأمتناع النسيان عليه فاعبده واصطبر لعبادته خطاب للرسول مرتب عليه هل تعلم له سميا .
في التوحيد عن أمير المؤمنين عليه السلام تأويله هل تعلم أحدا إسمه الله غير الله .
( 66 ) ويقول الأنسان ءأذا ما مت لسوف أخرج حيا لما كانت هذه المقالة موجودة في جنسهم اسند إلى الجنس .
وروي أن ابي بن خلف أخذ عظاما بالية ففتها وقال يزعم محمد صلى الله عليه وآله إنا نبعث بعد ما نموت .
( 67 ) أولا يذكر الانسان وقيل قريء يذكر من الذكر الذي يراد به التفكر أنا خلقناه من قبل أي قدرناه في العلم حيث كان الله ولم يكن معه شيء ولم يك شيئا بل كان عدما صرفا .
في الكافي عن الصادق عليه السلام قال لا مقدرا ولا مكونا .
وفي المحاسن عنه عليه السلام قال لم يكن شيئا في كتاب ولا علم .
والقمي أي لم يكن ثمة ذكره .
( 68 ) فوربك لنحشرنهم والشياطين عطف أو مفعول معه لما روي أن الكفرة يحشرون مع قرنائهم من الشياطين الذين أغووهم كل مع شيطانه في سلسلة ثم لنحضرنهم حول جهنم جثيا .
القمي قال على ركبهم .


( 289 )

أقول : وهذا كما يكون المعتاد في مواقف التقاول وهو كقوله تعالى وترى كل أمة جاثية .
( 69 ) ثم لننزعن من كل شيعة من كل امة شاعت دينا أي تبعت أيهم أشد على الرحمن عتيا من كان أعصى وأعتى منهم فنطرحهم فيها .
( 70 ) ثم لنحن أعلم بالذين هم أولى بها صليا أولى بالصلي .
( 71 ) وإن منكم إلا واردها .
القمي عن الصادق عليه السلام قال أما تسمع الرجل يقول وردنا ماء بني فلان فهو الورود ولم يدخل كان على ربك حتما مقضيا كان ورودهم واجبا أوجبه الله على نفسه وقضى به .
( 72 ) ثم ننجي الذين اتقوا فيساقون إلى الجنة وقريء ننجي بالتخفيف ونذر الظالمين فيها جثيا على هيأتهم كما كانوا .
في المجمع عن النبي صلى الله عليه وآله قال يرد الناس النار ثم يصدرون بأعمالهم فأولهم كلمع البرق ثم كمر الريح ثم كحضر الفرس ثم كالراكب ثم كشد الرحل ثم كمشيه .
وعنه صلى الله عليه وآله الورود الدخول لا يبقى بر ولا فاجر إلا يدخلها فيكون على المؤمنين بردا وسلاما كما كانت على إبراهيم عليه السلام حتى إن للنار أو قال لجهنم ضجيجا من بردها ثم ينجى الله الذين اتقوا ويذر الظالمين فيها جثيا .
وعنه صلى الله عليه وآله تقول النار للمؤمن يوم القيامة جزيا مؤمن فقد أطفأ نورك لهبي .
وفي رواية إن الله تعالى يجعل النار كالسمن الجامد ويجمع عليها الخلق ثم ينادي المنادي أن خذي أصحابك وذري أصحابي قال والذي نفسي بيده لهي أعرف بأصحابه من الوالدة بولدها .
قيل الفائدة في ذلك ما روي في بعض الأخبار أن الله تعالى لا يدخل أحدا الجنة حتى يطلعه


( 290 )

على النار وما فيها من العذاب ليعلم تمام فضل الله عليه وكمال لطفه وإحسانه إليه فيزداد لذلك فرحا وسرورا بالجنة ونعيمها ولا يدخل أحدا النار حتى يطلعه على الجنة وما فيها من أنواع النعيم والثواب ليكون ذلك زيادة عقوبة له وحسرة على ما فاته من الجنة ونعيمها .
قال وقد ورد في الخبر أن الحمى من قيح جهنم .
وروي أن رسول الله صلى الله عليه وآله عاد مريضا فقال أبشر إن الله عز وجل يقول هي ناري اسلطها على عبدي المؤمن في الدنيا ليكون حظه من النار .
وفي الكافي عن الصادق عليه السلام الحمى رايد الموت وهي سجن المؤمن في الأرض وهي حظ المؤمن من النار .
وعنه عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله الحمى رائد الموت وسجن الله تعالى في أرضه وفورها من جهنم وهي حظ كل مؤمن من النار .
وفي الأعتقادات روي أنه لا يصيب أحدا من أهل التوحيد ألم في النار إذا دخلوها وإنما يصيبهم الألم عند الخروج منها فتكون تلك الآلام جزاء بما كسبت أيديهم وما الله بظلام للعبيد إنتهى .
وروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه سئل عن هذه الآية فقال إذا دخل أهل الجنة الجنة قال بعضهم لبعض أليس قد وعدنا ربنا أن نرد النار فقال لهم قد وردتموها وهي خامدة قيل وأما قوله تعالى فاولئك عنها مبعدون فالمراد من عذابها .
وقيل ورودها الجواز على الصراط فإنها ممدود عليها .
أقول : والكل صحيح ولا تنافي بينهما عند اولي الألباب .
( 73 ) وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات مرتلات الألفاظ مبينات المعاني أو واضحات الأعجاز قال الذين كفروا للذين آمنوا لأجلهم أو معهم أي الفريقين المؤمنين بها أو الجاحدين لها خير مقاما مكانا أو موضع قيام وقريء بضم الميم الى موضع إقامة وأحسن نديا مجلسا ومجتمعا والمعنى أنهم لما سمعوا الآيات الواضحات وعجزوا عن معارضتها


( 291 )

والدخل عليها أخذوا في الأفتخار بما لهم من حظوظ الدنيا وزعموا أن زيادة حظهم فيها تدل على فضلهم وحسن حالهم عند الله .
( 74 ) وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أحسن اَثاثا متاعا ورئيا منظرا وقريء ريا على قلب الهمزة وإدغامها أو على أنه من الري بمعنى النعمة وقرء ريا على القلب .
القمي قال عني به الثياب والأكل والشرب .
وعن الباقر عليه السلام الأثاث المتاع ورئيا الجمال والمنظر الحسن .
وفي الكافي عن الصادق عليه السلام قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله دعا قريشا إلى ولايتنا فنفروا وأنكروا فقال الذين كفروا من قريش للذين آمنوا الذين أقروا لأمير المؤمنين عليه السلام ولنا أهل البيت أي الفريقين خير مقاما وأحسن نديا تعبيرا منهم فقال الله ردا عليهم وكم أهلكنا قبلهم من قرن من الأمم السابقة الآية .
( 75 ) قل من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مدا فيمده ويمهله بطول العمر والتمتع به وإنما أخرجه على لفظ الأمر إيذانا بإن إمهاله مما ينبغي أن يفعله إستدراجا وقطعا لمعاذيره كقوله إنما نملي لهم ليزدادوا إثما وقوله أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر حتى إذا رأوا ما يوعدون إما العذاب وإما الساعة تفضيل للموعود .
القمي قال العذاب القتل والساعة الموت فسيعلمون ( 1 ) من هو شر مكانا من الفريقين بأن عاينوا الأمر على عكس ما قدروه وعاد ما متعوا به خذلانا ووبالا عليهم وأضعف جندا أي فئة وأنصارا قابل به أحسن نديا فإن حسن النّد باجتماع وجوه القوم وظهور شوكتهم .
( 76 ) ويزيد الله الذين اهتدوا هدى .
في الكافي عن الصادق عليه السلام في هذه الآية قال كلهم كانوا في الضلالة لا يؤمنون بولاية أمير المؤمنين عليه السلام ولا بولايتنا فكانوا ضالين مضلين فيمدّ لهم في ضلالتهم وطغيانهم حتى يموتوا فيصيرهم الله شرا مكانا وأضعف جندا قال وأما قوله حتى إذا رأوا ما يوعدون فهو خروج القائم عليه السلام وهو الساعة فسيعلمون ذلك اليوم وما نزل بهم من
____________
(1) هذا رد لقولهم : أي الفريقين خير مقاما واحسن نديا .
( 292 )

الله على يدي قائمه فذلك قوله من هو شر مكانا يعني عند القائم وأضعف جندا ويزيد الله قال يزيدهم في ذلك اليوم هدى على هدى بإتباعهم القائم عليه السلام حيث لا يجحدونه ولا ينكرونه والباقيات الصالحات الطاعات التي تبقى عايدتها أبد الآباد خير عند ربك ثوابا عايدة مما متع به كفرة من النعم مخدجة الغانية التي يفتخرون بها وخير مردا مرجعا وعاقبة فإن مالها النعيم المقيم ومئال هذه الحسرة والعذاب الدائم الصالحات تفسير الباقيات والخير هاهنا لمجرد الزيادة وقد سبق أخبار في سورة الكهف .
( 77 ) أفرايت الذي كفر بآياتنا وقال لاوتين مالا وولدا يعني في الآخرة .
القمي عن الباقر عليه السلام إن العاص بن وايل بن هشام القرشي ثم السهمي وهو أحد المستهزئين وكان لخباب بن الأرث عليه حق فأتاه يتقاضاه فقال له العاص ألستم تزعمون أن في الجنة الذهب والفضة والحرير قال بلى قال فموعد ما بيني وبينك الجنة فوالله لاوتين فيها خير مما اوتيت في الدنيا .
( 78 ) أطلع الغيب قد بلغ من عظمة شأنه إلى أن ارتقى إلى عالم الغيب الذي توحد به الواحد القهار حتى إدعاه أن يؤتى في الآخرة مالا وولدا وتألى عليه أم اتخذ عند الرحمن عهدا أم اتخذ من علاّم الغيوب عهدا بذلك فإنه لا يتوصل إلى العلم به إلا بأحد هذين الطريقين .
( 79 ) كلا ردع وتنبيه على أنه مخطئ فيما تصوره لنفسه سنكتب ما يقول ونمد له من العذاب مَدّاً ونطول له منه .
( 80 ) ونرثه بإهلاكنا إياه ما يقول يعني المال والولد مما عنده منهما ويأتينا يوم القيامة فردا لا يصحبه مال ولا ولد مما كان له في الدنيا فضلا أن يؤتى ثمة زائدا .
( 81 ) واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزا ليتعززوا بهم حيث يكونون لهم وصلة إلى الله وشفعاء عنده .
( 82 ) كلا ردع وإنكار لتعززهم بها سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضدا القمي عن الصادق عليه السلام في هذه الآية أي يكونون هؤلاء الذين اتخذوهم


( 293 )

آلهة من دون الله ضدا يوم القيامة ويتبرؤون منهم ومن عبادتهم ثم قال ليس العبادة هي السجود ولا الركوع وإنما هي طاعة الرجال من أطاع مخلوقا في معصية الخالق فقد عبده .
أقول : يعني عليه السلام بذلك أن المراد بالآلهة المتخذة من دون الله رؤساؤهم الذين أطاعوهم في معصية الخالق .
( 83 ) ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا تهزهم وتغريهم على المعاصي بالتسويلات وتحبيب الشهوات .
القمي قال لما طغوا فيها وفي فتنتها وفي طاعتهم ومد لهم في طغيانهم وضلالتهم أرسل عليهم شياطين الأنس والجن تؤزهم أزا أي تنخسهم نخسا وتحضهم على طاعتهم وعبادتهم .
( 84 ) فلا تَعْجَل عليهم إنما نعد لهم عدا قال أي في طغيانهم وفتنتهم وكفرهم .
أقول : والمعنى لا تعجل بهلاكهم لتستريح من شرورهم فإنه لم يبق لهم إلا أنفاس معدودة .
وفي الكافي عن الصادق عليه السلام إنه سئل عن قوله تعالى إنما نعد لهم عدا فقال ما هو عندك قال السائل عدد الأيام قال إن الآباء والأمهات يحصون ذلك لا ولكنه عدد الأنفاس .
والقمي مثله وفي نهج البلاغة نفس المرء خطاؤه إلى أجله وقال عليه السلام كل معدود منقصّ وكل متوقع آت .
( 85 ) يوم نحشر المتقين نجمعهم الى الرحمن إلى ربهم الذي غمرهم برحمته وفدا وافدين عليه كما يفد الوفاد على الملوك منتظرين لكرامتهم وانعامهم .
( 86 ) ونسوق المجرمين كما يساق البهائم إلى جهنم وردا عطاشا فإن من يرد الماء لا يرده إلاّ العطش أو كالدواب التي ترد الماء وفي قراءة رسول الله صلى الله عليه وآله من رواية أهل البيت عليهم السلام يوم يحشر المتقون إلى الرحمن وفدا ويساق


( 294 )

المجرمون إلى جهنم وردا وقد سمع هكذا من قبر الرضا عليه السلام وقصته مذكورة في العيون .
وفي المحاسن عن الصادق عليه السلام يحشرون على النجائب .
وفي الكافي عن الباقر عليه السلام والقمي عن الصادق عليه السلام : قال سأل علي عليه السلام رسول الله صلى الله عليه وآله عن تفسير قوله تعالى يوم نحشر المتقين الآية قال يا علي أن الوفد لا يكون إلا ركبانا أولئك رجال إتقوا الله فأحبهم الله واختصهم ورضي أعمالهم فسماهم المتقين ثم قال يا علي أما والذي فلق الحبة وبرئ النسمة إنهم ليخرجون من قبورهم وأن الملائكة لتستقبلهم بنوق من نوق العز عليها رحال الذهب مكللة بالدر والياقوت وجلالها الأستبرق والسندس وخطامها جدل الأرجوان وزمامها من زبرجد فتطير بهم إلى المحشر مع كل رجل منهم ألف ملك من قدامه وعن يمينه وعن شماله يزفونهم زفا حتى ينتهوا بهم إلى باب الجنة الأعظم وعلى باب الجنة شجرة الورقة منها تستظل تحتها مأة ألف من الناس وعن يمين الشجرة عين مطهرة مزكية قال فيسقون منها شربة شربة فيطهر الله بها قلوبهم من الحسد ويسقط عن أبشارهم الشعر وذلك قوله تعالى وسقيهم ربهم شرابا طهورا من تلك العين المطهرة ثم ينصرفون إلى عين اخرى عن يسار الشجرة فيغتسلون فيها وهي عين الحياة فلا يموتون أبدا .
ثم قال يوقف بهم قدام العرش وقد سلموا من الآفات والأسقام والحر والبرد أبدا قال فيقول الجبار للملائكة الذين معهم احشروا أوليائي إلى الجنة فلا توقفوهم مع الخلايق فقد سبق رضائي عنهم ووجبت رحمتي لهم فيكف اريد أن أوقفهم مع أصحاب الحسنات والسيئات قال فتسوقهم الملائكة إلى الجنة فإذا انتهوا إلى باب الجنة الأعظم ضربت الملائكة الحلقة ضربة فتصر صريرا فيبلغ صوت صريرها كل حوراء خلقها الله وأعدها لأوليائه فيتباشرون بهم إذا سمعوا صرير الحلقة ويقول بعضهم لبعض قد جاءنا أولياء الله فينفتح لهم الباب فيدخلون الجنة فيشرف عليهم


( 295 )

أزواجهم من الحور العين والادميين فيقلن مرحبا بكم فما كان أشد شوقنا إليكم ويقول لهن أولياء الله مثل ذلك .
وزاد القمي فقال علي عليه السلام من هؤلاء يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : هؤلاء شيعتك يا علي وأنت امامهم وهو قول الله عز وجل يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا على الرحايل .
( 87 ) لا يملكون الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا
في الكافي عن الصادق عليه السلام قال إلا من دان الله بولاية أمير المؤمنين عليه السلام والأئمة عليهم السلام من بعده فهو العهد عند الله .
والقمي عنه عليه السلام لا يشفع لهم ولا يشفعون إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا إلا من أذن له بولاية أمير المؤمنين والأئمّة عليهم السلام من بعده فهو العهد عند الله .
وفي الكافي والفقيه والتهذيب والقمي :
عنه عن أبيه عن آبائه عليهم السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله من لم يحسن وصيته عند موته كان نقصا في مروته قيل يا رسول الله وكيف يوصى عند الموت قال إذا حضرته الوفاة وإجتمع الناس إليه قال اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم إني أعهد إليك في دار الدنيا أني أشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك وأن محمدا عبدك ورسولك وأن الجنة حق وأن النار حق وأن البعث حق والحساب حق والقدر حق والميزان حق وأن الدين كما وصفت وأن الأسلام كما شرعت وأن القول كما حدثت وأن القرآن كما أنزلت وأنك أنت الله الحق المبين جزى الله محمدا عنا خير الجزاء وحيا الله محمدا وآل محمد بالسلام اللهم يا عدتي عند كربتي ويا صاحبي عند شدتي ويا ولي في نعمتي إلهي وإله آبائي لا تكلني إلى نفسي طرفة عين أبدا فإنك إن تكلني إلى نفسي طرفة عين كنت أقرب من الشر وأبعد من الخير فآنس في القبر وحشتي واجعل لي عهدا يوم ألقاك منشورا ثم يوصي


( 296 )

بحاجته وتصديق هذه الوصية في سورة مريم عليها السلام في قوله عز وجل لا يملكون الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا فهذا عهد الميت والوصية حق على كل مسلم وحق عليه أن يحفظ هذه الوصية ويتعلمها وقال علي عليه السلام علمنيها رسول الله صلى الله عليه وآله وقال علمنيها جبرئيل عليه السلام .
وفي الجوامع عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال لاصحابه ذات يوم أيعجز أحدكم أن يتخذ كل صباح ومساء عند الله عهدا قالوا وكيف ذاك قال يقول اللهم فاطر السماوات والأرض وعالم الغيب والشهادة إني أعهد إليك بأني أشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك وأن محمدا عبدك ورسولك وأنك إن تكلني إلى نفسي تقربني من الشر وتباعدني من الخير وأني لا أثق إلا برحمتك فأجعل لي عندك عهدا توفنيه يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد فإذا قال ذلك طبع عليه بطابع ووضع تحت العرش فإذا كان يوم القيامة نادى مناد أين الذين لهم عند الله عهد فيدخلون الجنة .
( 88 ) وقالوا اتخذ الرحمن ولدا وقريء ولدا وهو جمع ولد .
القمي عن الصادق عليه السلام قال هذا حيث قالت قريش إن لله عزوجل اتخذ ولدا من الملائكة اناثا .
( 89 ) لقد جئتم شيئا إدا قال أي عظيما .
( 90 ) تكاد السماوات وقريء بالياء يتفطرن منه وقريء ينفطرن منه قال يعني مما قالوه ومما رموه به وتَنْشَقّ الارض وتخر الجبال هدا أي مهدودة مكسورة أو تهد هدا أو تخر للهد مما قالوه . وتنشق
( 91 ) أن دعوا للرحمن ولدا .
( 92 ) وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا لا يليق به ولا يطلب له لو طلب لأستحالته فإن ابتغى مطاوع بغى .
( 93 ) إن كل من في السماوات والارض إلا آتي الرحمن عبدا يأوي إليه بالعبودية والأنقياد لا يدعي لنفسه ما يدعيه هؤلاء .


( 297 )

( 94 ) لقد أحصاهم أي حصرهم وأحاط بهم بحيث لا يخرجون عن حوزة علمه وقبضة قدرته وعدهم عدا عد أشخاصهم وأنفاسهم وأفعالهم فإن كل شيء عنده بمقدار .
( 95 ) وكلهم آتيه يوم القيامة فردا .
القمي عن الصادق عليه السلام قال واحدا واحدا .
قيل لعل ترتيب الحكم بصفة الرحمانية للأشعار بأن كل ما عداه نعمة ومنعم عليه فلا يجانس من هو مبدأ النعم كلها ومولى أصولها وفروعها فكيف يمكن أن يتخذه ولدا .
القمي عن أمير المؤمنين عليه السلام قال إن الشجر لم يزل خضيدا كله حتى دعا للرحمن ولد عزّ الرحمن وجل أن يكون له ولد فكادت السماوات يتفطرن منه وتنشق الارض وتخر الجبال هدا فعند ذلك إقشعر الشجر وصار له شوك حذار أن ينزل به العذاب .
( 96 ) إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا سيحدث لهم في القلوب مودة .
القمي عن الصادق عليه السلام قال كان سبب نزول هذه الآية إن أمير المؤمنين عليه السلام كان جالسا بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله فقال له قل يا علي اللهم اجعل لي في قلوب المؤمنين ودا فأنزل الله .
والعياشي عنه عليه السلام دعا رسول الله صلى الله عليه وآله لأمير المؤمنين عليه السلام في آخر صلاته رافعا بها صوته يسمع الناس يقول اللهم هب لعلي عليه السلام المودة في صدور المؤمنين والهيبة والعظمة في صدور المنافقين فأنزل الله إن الذين آمنوا الآية .
وفي الكافي عنه عليه السلام في هذه الآية مثله .
وفي المجمع عن الباقر عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله


( 298 )

لعلي عليه السلام قل اللهم اجعل لي عندك عهدا واجعل لي في قلوب المؤمنين ودا فقالهما فنزلت هذه الآية .
( 97 ) فإنما يسرناه بلسانك بأن أنزلناه بلغتك لتبشر به المتقين وتنذر به قوما لدا أشداء الخصومة .
القمي عن الصادق عليه السلام فإنما يسرناه يعني القرآن قوما لدا قال أصحاب الكلام والخصومة .
وفي روضة الواعظين عن النبي صلى الله عليه وآله في قوله إن الذين آمنوا قال هو علي عليه السلام قوما لدا قال بني امية قوما ظلمة .
وفي الكافي والقمي عن الصادق عليه السلام قال إنما يسره الله على لسانه حين أقام أمير المؤمنين عليه السلام علما فبشر به المؤمنين وأنذر به الكافرين وهم الذين ذكرهم الله في كتابه لدا أي كفارا .
( 98 ) وكم أهلكنا قبلهم من قرن تخويف للكفرة وتجسير للرسول على إنذارهم هل تحس منهم من أحد هل تشعر بأحد منهم وتراه أو تسمع لهم ركزا الركز الصوت الخفي .
القمي عن الصادق عليه السلام في هذه الآية قال أهلك الله من الامم ما لا تحصون فقال يا محمد هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا .
في ثواب الأعمال والمجمع عن الصادق عليه السلام قال من أدمن قراءة سورة مريم عليها السلام لم يمت حتى يصيب ما يغنيه في نفسه وماله وولده وكان في الآخرة من أصحاب عيسى بن مريم على نبينا وآله وعليهما الصلاة والسلام وأعطي من الأمر مثل ملك سليمان بن داود عليه السلام في الدنيا .


( 299 )


سورة طه
مكية عدد آيها مأة وخمس وثلاثون آية شامي وثلاثون كوفي وأربع حجازي
وآيتان بصري
بسم الله الرحمن الرحيم
( 1 ) طه سبق تأويله في سورة البقرة وفي المعاني عن الصادق عليه السلام وأما طه فإسم من أسماء النبي صلى الله عليه وآله ومعناه يا طالب الحق الهادي إليه .
( 2 ) ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى قال بل لتسعد .
والقمي عنهما عليهما السلام قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا صلى قام على أصابع رجليه حتى تورمت فأنزل الله تبارك وتعالى طه بلغة طي يا محمد ما أنزلنا الآية .
وفي الكافي عن الباقر عليه السلام قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله عند عايشة ليلتها فقالت يا رسول الله لم تتعب نفسك وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر فقال يا عايشة أولا أكون عبدا شكورا قال وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يقوم على أطراف أصابع رجليه فأنزل الله سبحانه طه ما أنزلنا الآية .
وفي الأحتجاج عن الكاظم عن أبيه عن آبائه عن أمير المؤمنين عليه السلام قال لقد قام رسول الله صلى الله عليه وآله عشر سنين على أطراف أصابعه حتى تورمت قدماه وأصفر وجهه يقوم الليل أجمع حتى عوتب في ذلك فقال الله عز وجل طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى بل لتسعد به قيل والشقاء شايع بمعنى التعب ومنه أشقى من رايض المهر وسيد القوم أشقاهم ولعله عدل إليه للأشعار بأنه انزل إليه ليسعد .
( 3 ) إلا تذكرة لكن تذكيرا لمن يخشى لمن في قلبه خشية ورقة يتأثر بالأنذار .


( 300 )

( 4 ) تنزيلا ممن خلق الارض والسماوات العلى جمع العليا مؤنث الأعلى عظم شأن المنزل بالفتح بنسبته إلى من هذه صفاته وأفعاله .
( 5 ) الرحمن على العرش استوى .
في التوحيد عن الصادق عليه السلام يقول على الملك إحتوى وقد سبق تمام تفسيره في آية السحرة من سورة الأعراف .
( 6 ) له ما في السماوات وما في الارض وما بينهما وما تحت الثرى .
في الخصال عن أمير المؤمنين عليه السلام إنه تلا هذه الآية فقال فكل شيء على الثرى والثرى على القدرة والقدرة تحمل كل شيء .
والقمي عن الصادق عليه السلام إن الأرض على الحوت والحوت على الماء والماء على الصخرة والصخرة على قرن ثور أملس والثور على الثرى وعند ذلك ضل علم العلماء قيل بدأ بخلق الأرض والسماوات التي هي اصول العالم وقدم الأرض لأنها أقرب إلى الحس وأظهر عنده من السماوات ثم أشار إلى وجه إحداث الكائنات وتدبير أمرها بأن قصد العرش فأجرى منه الأحكام والتقادير وأنزل منه الأسباب على ترتيب ومقادير حسبما إقتضته حكمته وتعلقت به مشيته ليدل بذلك على كمال قدرته وإرادته ولما كانت القدرة تابعة للأرادة وهي لا تنفك عن العلم عقب ذلك بإحاطة علمه بجليات الامور وخفياتها على سواء فقال .
( 7 ) وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفى .
في المعاني عن الصادق عليه السلام وفي المجمع عنهما عليهما السلام في هذه الآية السر ما أكننته في نفسك وأخفى ما خطر ببالك ثم أنسيته .
( 8 ) الله لا إله إلا هو له الاسماء الحسنى .
في المجمع عن النبي صلى الله عليه وآله إن لله تعالى تسعة وتسعين إسما من أحصاها دخل الجنة .
وفي التوحيد عن الصادق عليه السلام مثله .