تفسير الصافي ج 3 ص 321 الى ص 340
فيقف عليه فينادي بصاحبكم فيتقدم علي عليه السلام أمام الناس فيقف معه ثم يؤذن للناس فيمرون فبين وارد الحوض يومئذ وبين مصروف عنه فإذا رآى رسول الله صلى الله عليه وآله من يصرف عنه من محبينا بكى فيقول يا رب شيعة علي أراهم قد صرفوا تلقاء أصحاب النار ومنعوا ورود الحوض قال قال فيبعث الله إليه ملكا فيقول له ما يبكيك يا محمد فيقول للاناس من شيعة عليّ فيقول له الملك إن الله يقول لك يا محمد إن شيعة عليّ قد وهبتهم لك يا محمد وصفحت لهم عن ذنوبهم بحبهم لك ولعترتك وألحقتهم بك وبمن كانوا يقولون به وجعلناهم في زمرتك فأوردهم حوضك .
قال أبو جعفر عليه السلام فكم من باك يومئذ وباكية ينادون يا محمداه إذا رأوا ذلك ولا يبقى أحد يومئذ يتولانا ويحبنا ويتبرأ من عدونا ويبغضهم إلا كانوا في حزبنا ومعنا ويرد حوضنا .
( 109 ) يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولا إلا شفاعة من أذن له ورضي لمكانه عند الله أو إلا من أذن في أن يشفع له ورضي لأجله قول الشافع في شأنه أو قوله لأجله وفي شأنه .
( 110 ) يعلم ما بين أيديهم ما تقدمهم من الأحوال وما خلفهم وما بعدهم مما يستقبلونه .
القمي قال ما بين أيديهم ما مضى من أخبار الأنبياء وما خلفهم من أخبار القائم عليه السلام ولا يحيطون به علما .
في التوحيد عن أمير المؤمنين عليه السلام في هذه الآية لا يحيط الخلايق بالله عز وجل علما إذ هو تبارك وتعالى جعل على أبصار القلوب الغطاء فلا فهم يناله بالكيف ولا قلب يثبته بالحد فلا تصفه إلا كما وصف نفسه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير وهو الاول والاخر والظاهر والباطن الخالق البارئ المصور خلق الأشياء فليس من الأشياء شيء مثله تبارك وتعالى .
( 111 ) وعنت الوجوه للحي القيوم ذلت وخضعت له خضوع العناة وهم


( 322 )

الاسارى في يد الملك القهار وقد خاب من حمل ظلما .
( 112 ) ومن يعمل من الصالحات بعض الطاعات وهو مؤمن فلا يخاف ظلما منع ثواب مستحق بالوعد ولا هضما ولا كسرا منه بنقصان .
القمي عن الباقر عليه السلام ولا ينقص من عمله شيء وأما ظلما يقول لن يذهب به .
( 113 ) وكذلك أنزلناه قرآنا عربيا كله على هذه الوتيرة وصرفنا فيه من الوعيد مكررين فيه آيات الوعيد لعلّهم يتّقون المعاصي فيصير التقوى لهم ملكة أو يحدث لهم ذكرا عظة واعتبارا حين يسمعونها فيثبطهم عنها ولهذه النكتة اسند التقوى إليهم والأحداث إلى القرآن .
( 114 ) فتعالى الله في ذاته وصفاته عن مماثلة المخلوقين الملك الحق النافذ أمره ونهيه بالأستحقاق ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه .
القمي قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا نزل عليه القرآن بادر بقراءته قبل تمام نزول الآية والمعنى فأنزل الله ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه أي يفرغ من قراءته وقل رب زدني علما أي سل الله زيادة العلم بدل الأستعجال فإن ما أوحي إليك تناله لا محالة .
وفي المجمع عن النبي صلى الله عليه وآله قال إذا أتى عليّ يوم لا أزداد فيه علما يقربني إلى الله فلا بارك الله لي في طلوع شمسه .
وفي الخصال عن الصادق عليه السلام سئل أمير المؤمنين عليه السلام من أعلم الناس قال من جمع علم الناس إلى علمه . وعنه عن آبائه عليهم السلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال فضل العلم أحب إلى الله من فضل العبادة .
( 115 ) ولقد عهدنا إلى آدم من قبل لقد أمرناه يقال تقدم الملك إليه واوعز إليه


( 323 )

وعزم عليه وعهد إليه إذا أمره فَنَسِيَ العهد ولم يعن به ولم نجد له عزما تصميم رأي وثباتا على الأمر .
القمي قال فيما نهاه عنه من أكل الشجرة .
وفي الكافي والأكمال عن الباقر عليه السلام إن الله تعالى عهد إلى آدم أن لا يقرب هذه الشجرة فلما بلغ الوقت الذي كان في علم الله أن يأكل منها فنسي فأكل منها وهو قول الله تعالى ولقد عهدنا الآية .
وفي الكافي عنه عليه السلام في هذه الآية قال إن الله تعالى قال لادم وزوجته لا تقرباها يعني لا تأكلا منها فقالا نعم يا ربنا لا نقربها ولا نأكل منها ولم يستثنيا في قولهما نعم فوكلهما الله في ذلك إلى أنفسهما وإلى ذكرهما .
وفي العلل عن الصادق عليه السلام سمّي الأنسان إنسانا لأنه ينسى قال الله ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي .
والعياشي عن أحدهما عليهما السلام إنه سأل كيف أخذ الله آدم بالنسيان فقال إنه لم ينس وكيف ينسى وهو يذكره ويقول له إبليس ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين .
أقول : لعل المنسي عزيمة النهي بحيث لا يقبل التأويل والرخصة وغير المنسي أصل النهي أو يقال المنسي الأقرار بفضيلة النبي والوصي وذريتهما المعصومين عليهم السلام ويكون النسيان هنا بمعنى الترك كما يدل عليه الأخبار الأخر .
ففي الكافي عن الصادق عليه السلام قال في قوله تعالى ولقد عهدنا إلى آدم من قبل كلمات في محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والأئمة عليهم السلام من ذريتهم فنسي هكذا والله انزلت على محمد صلى الله عليه وآله وفيه .
وفي العلل والبصائر عن الباقر عليه السلام قال عهد إليه في محمد صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام من بعده فترك ولم يكن له عزم فيهم إنهم هكذا وإنما


( 324 )

سموا اولو العزم لأنه عهد إليهم في محمد صلى الله عليه وآله والأوصياء من بعده والمهدي وسيرته فأجمع عزمهم إن ذلك كذلك والأقرار به .
وفي العلل عنه عليه السلام في حديث قال وأخذ الميثاق على أولي العزم إنني ربكم ومحمد رسولي وعلي أمير المؤمنين وأوصيائه من بعده ولاة أمري وخزان علمي وأن المهدي عليه السلام أنتصر به لديني وأظهر به دولتي وأنتقم به من أعدائي واعبد به طوعا وكرها قالوا أقررنا يا رب وشهدنا ولم يجحد آدم ولم يقر فثبتت العزيمة لهؤلاء الخمسة في المهدي عجل الله فرجه الشريف ولم يكن لآدم عزم على الأقرار به وهو قوله تعالى ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما قال إنما هو فترك .
( 116 ) وإذ قلنا للملئكة اسجدوا لادم فسجدوا إلا إبليس أبى قد سبق الكلام فيه .
( 117 ) فقلنا يا آدم إن هذا عدو لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى قيل أفرده بإسناد الشقاء إليه بعد إشتراكهما في الخروج إكتفاء بإستلزام شقائه شقائها من حيث أنه قيم عليها ومحافظة على الفواصل أو لأن المراد بالشقاء التعب في طلب المعاش وذلك وظيفة الرجال ويؤيده ما بعده .
( 118 ) إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى .
( 119 ) وأنك لا تظمؤ فيها ولا تضحى .
( 120 ) فوسوس إليه الشيطان فأنهى إليه وسوسته قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد الشجرة التي من أكل منها خلد ولم يمت أصلا وملك لا يبلى لا يزول ولا يضعف .
( 121 ) فأكلا منها فبدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة أخذا يلزقان الورق على سؤاتهما للتستر وعصى آدم ربه بالأكل من الشجرة فغوى فضل عن المطلوب وخاب حيث طلب الخلد بأكلها .
( 122 ) ثم اجتباه ربه واصطفاه وقربه بالحمل على التوبة والتوفيق له فتاب عليه


( 325 )

فقبل توبته لما تاب وَهَدى إلى الثبات على التوبة والتشبث بأسباب العصمة .
( 123 ) قال اهبطا منها جميعا بعضكم لبعض عدو الخطاب لادم وحوا أو له ولأبليس ولما كانا أصلي الذرية خاطبهما فخاطبتهم وقد مضى تمام هذه القصة وتفسير هذه الآيات في سورة البقرة فاما يأتينكم مني هُدىً كتاب ورسول فمن اتبع هداي فلا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة .
في الكافي مضمرا أنه سأل عن هذه الآية فقال من قال بالأئمة واتبع أمرهم ولم يجز طاعتهم .
( 124 ) ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ضيقا ونحشره يوم القيامة أعمى .
( 125 ) قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا .
( 126 ) قال كذلك أي مثل ذلك فعلت ثم فسره أتتك آياتنا واضحة نيرة فنسيتها فعميت عنها وتركتها غير منظور إليها وكذلك ومثل تركك إياها اليوم تنسى تترك في العمى والعذاب .
القمي عن الصادق عليه السلام إن له معيشة ضنكا قال هي والله للنصاب قيل له رأيناهم في دهرهم الأطول في الكفاية حتى ماتوا قال ذلك والله في الرجعة يأكلون العذرة .
وفي الكافي في قوله تعالى من أعرض عن ذكري قال ولاية أمير المؤمنين عليه السلام أعمى قال يعني أعمى البصر في الآخرة وأعمى القلب في الدنيا عن ولاية أمير المؤمنين عليه السلام وهو متحير في القيامة يقول لم حشرتني الآية قال الآيات الأئمة عليهم السلام فنسيتها يعني تركتها وكذلك اليوم تترك في النار كما تركت الأئمة فلم تطع أمرهم ولم تسمع قولهم .
وفي الفقيه والمجمع والقمي عنه عليه السلام سأل عن رجل لم يحج قط وله مال فقال هو ممن قال الله ونحشره يوم القيامة أعمى قيل سبحان الله أعمى فقال أعماه


( 326 )

الله عن طريق الخير . والقمي عن طريق الجنة وفي الكافي ما يقرب منه .
( 127 ) وكذلك نجزي من أسرف ولم يؤمن بآيات ربه .
في الكافي عن الصادق عليه السلام يعني من أشرك بولاية أمير المؤمنين عليه السلام غيره ولم يؤمن بآيات ربه ترك الأئمة معاندة فلم يتبع آثارهم ولم يتولهم ولعذاب الآخرة أشد وأبقى من ضنك العيش ومن العمى .
( 128 ) أفلم يهد لهم القمي يقول يبين لهم كم أهلكنا قبلهم من القرون أهلاكنا إياهم يمشون في مساكنهم ويشاهدون آثار هلاكهم إن في ذلك لايات لاولي النهى لذوي العقول الناهية عن التغافل والتعامي .
( 129 ) ولولا كلمة سبقت من ربك وهي العدة بتأخير عذاب هذه الامة إلى الآخرة لكان لزاما لكان مثل ما نزل بعاد وثمود لازما لهذه الكفرة وأجل مسمى عطف على كلمة أي ولولا العدة بتأخير العذاب وأجل مسمى لأعمارهم أو لعذابهم لكان العذاب لزاما والفصل للدلالة على استقلال كل منهما بنفي لزوم العذاب .
القمي قال اللزام الهلاك قال وكان ينزل بهم العذاب ولكن قد أخرهم إلى أجل مسمى .
( 130 ) فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ومن آناء الليل ومن ساعاته جمع انا بالكسر والقصر وأناء بالفتح والمد فسبح وأطراف النهار لعلك ترضى طمعا أن تنال عند الله ما به ترضي نفسك وقريء بالبناء على المفعول أي يرضيك ربك .
وفي الخصال عن الصادق عليه السلام سئل عن هذه الآية فقال فريضة على كل مسلم أن يقول قبل طلوع الشمس وقبل غروبها عشر مرات لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير .


( 327 )

وفي الكافي عن الباقر عليه السلام في قوله وأطراف النهار قال يعني تطوع بالنهار .
( 131 ) ولا تمدن عينيك أن نظرهما إلى ما متعنا به إستحسانا له وتمنيا أن يكون لك مثله أزواجا منهم أصنافا من الكفرة زهرة الحياة الدنيا زينتها وبهجتها لنفتنهم فيه لنبلوهم ونختبرهم فيه أو لنعذبهم في الآخرة بسببه ورزق ربك خير وأبقى أي الهدى والنبوة لا ينقطع .
القمي عن الصادق عليه السلام لما نزلت هذه الآية أستوى رسول الله جالسا ثم قال من لم يتعز بعزاء الله تقطعت نفسه على الدنيا حسرات ومن أتبع بصره ما في أيدي الناس طال همه ولم يشف غيظه ومن لم يعرف أن لله عليه نعمة الا في مطعم ومشرب قصر أجله ودنا عذابه .
وفي الكافي عنه عليه السلام قال إياك وأن تطمح نفسك إلى من فوقك وكفى بما قال الله عز وجل لرسول الله صلى الله عليه وآله فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم وقال لا تمدن عينيك الآية .
( 132 ) وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها وداوم عليها لا نسئلك رزقا ان ترزق نفسك ولا أهلك نحن نرزقك وإياهم ففرغ بالك للآخرة والعاقبة المحمودة للتقوى لذي التقوى .
في العوالي والمجمع عن الباقر عليه السلام في هذه الآية قال أمر الله نبيه أن يخص أهل بيته وأهله دون الناس ليعلم الناس أن لأهله عند الله منزلة ليست لغيرهم فأمرهم مع الناس عامة ثم أمرهم خاصة .
وفي العيون عن الرضا عليه السلام في هذه الآية قال خصنا الله بهذه الخصوصية إذ أمرنا مع الامة بإقامة الصلاة ثم خصنا من دون الامة فكان رسول الله صلى الله عليه وآله يجيء إلى باب عليّ وفاطمة عليهما السلام بعد نزول هذه الآية تسعة أشهر في كل يوم عند حضور كل صلاة خمس مرات فيقول الصلاة رحمكم الله وما أكرم الله


( 328 )

أحدا من ذراري الأنبياء عليهم السلام بمثل هذه الكرامة التي أكرمنا بها وخصنا من دون جميع أهل بيتهم .
وزاد القمي مرسلا وفي المجمع عن الخدري بعد قوله يرحمكم الله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا القمي فلم يزل يفعل ذلك كل يوم إذا شهد المدينة حتى فارق الدنيا .
وفي نهج البلاغة وكان رسول الله صلى الله عليه وآله نصبا بالصلاة بعد التبشير له بالجنة لقول الله سبحانه وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها فكان يأمر بها ويصبر عليها نفسه وفي الكافي مثله .
( 133 ) وقالوا لولا يأتينا بآية من ربه تدل على صدقه في إدعاء النبوة أولم تأتهم بينة ما في الصحف الاولى من التوراة والأنجيل وساير الكتب السماوية فإن إشتمال القرآن على زبدة ما فيها من العقايد والأحكام الكلية مع أن الاتي بها لم يرها ولم يتعلم ممن علمها إعجاز بين .
( 134 ) ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله من قبل محمد صلى الله عليه وآله لقالوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك من قبل أن نذل بالقتل والسبي في الدنيا ونخزى بدخول النار في الآخرة .
( 135 ) قل كل متربص منتظر لما يؤل أمره فتربصوا فستعلمون من أصحاب الصراط السوي الوسط ومن اهتدى من الضلالة .
في كشف المحجة عن أمير المؤمنين عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله .
في حديث قيل ومن الولي يا رسول الله قال وليكم في هذا الزمان أنا ومن بعدي وصيي ومن بعد وصيي لكل زمان حجج الله لكيلا تقولون كما قال الضلال من قبلكم فارقهم نبيهم ربنا لولا أرسلت الآية وإنما كان تمام ضلالتهم جهالتهم بالآيات وهم الأوصياء فأجابهم الله قل كل متربص الآية وإنما كان تربصهم أن قالوا نحن في سعة


( 329 )

من معرفة الأوصياء حتى يعلن إمام علمه .
في ثواب الأعمال والمجمع عن الصادق عليه السلام قال لا تدعوا قراءة سورة طه فإن الله يحبها ويحب من قرأها ومن أدمن قراءتها أعطاه الله يوم القيامة كتابه بيمينه ولم يحاسبه بما عمل في الأسلام واعطي في الآخرة من الأجر حتى يرضى رزقنا الله تلاوته .



( 330 )


سورة الأنبياء
مكية كلها وهي مأة واثنتا عشرة آية كوفي وإحدى عشرة آية في الباقين
اختلافها آية واحدة ما لا ينفعكم شيئا ولا يضركم كوفي

بسم الله الرحمن الرحيم

( 1 ) اقترب للناس حسابهم .
القمي قربت القيامة والساعة والحساب .
وفي المجمع وإنما وصف بالقرب لأن أحد أشراط الساعة بعث رسول الله صلى الله عليه وآله فقد قال بعثت أنا والساعة كهاتين .
وفي الجوامع عن أمير المؤمنين عليه السلام إن الدنيا ولت حذاء ولم يبق منها إلا صبابة كصبابة الاناء وهم في غفلة معرضون في غفلة من الحساب معرضون عن التفكر فيه .
( 2 ) ما يأتيهم من ذكر من ربهم ينبههم عن سنة الغفلة والجهالة محدث ليكرر على أسماعهم التنبيه كي يتعظوا إلا استمعوه وهم يلعبون يستهزؤون يستسخرون منه لتناهي غفلتهم وفرط إعراضهم عن النظر في الامور والتفكر في العواقب .
( 3 ) لاهية قلوبهم .
القمي قال من التلهي وأسروا النجوى بالغوا في إخفائها أو جعلوها بحيث خفي تناجيهم بها الذين ظلموا بدل من واو أسروا للايماء بأنهم ظالمون فيما أسروا به هل هذا إلا بشر مثلكم أفتأتون السحر وانتم تبصرون قيل كأنهم إستدلوا بكونه بشرا على كذبه في إدعاء الرسالة لأعتقادهم أن الرسول لا يكون إلا ملكا واستلزموا منه أن ما جاء به من الخوارق كالقرآن سحر فأنكروا حضوره وإنما أسروا به تشاوراً في


( 331 )

إستنباط ما يهدم أمره ويظهر فساده للناس عامة .
( 4 ) قل ربي يعلم القول في السماء والارض جهرا كان أو سرا وقرء قال بالأخبار عن الرسول وهو السميع العليم فلا يخفى عليه ما يسرون ولا ما يضمرون .
( 5 ) بل قالوا أضغاث أحلام بل افتراه بل هو شاعر إضراب لهم من قولهم هو سحر إلى أنه تخاليط الأحلام ثم إلى أنه كلام افتراه ثم إلى أنه قول شاعر فليأتنا بآية كما أرسل به الاولون مثل اليد البيضاء والعصا وإبراء الأكمه وإحياء الموتى .
( 6 ) ما آمنت قبلهم من قرية من أهل قرية أهلكناها باقتراح الآيات لما جاءتهم أفهم يؤمنون وهم أعتى منهم القمي قال كيف يؤمنون ولم يؤمن من كان قبلهم بالآيات حتى هلكوا .
( 7 ) وما أرسلنا قبلك إلا رجالا يوحى إليهم وقريء نوحي بالنون فسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون قيل هو جواب لقولهم هل هذا إلا بشر مثلكم .
في الكافي عن الباقر عليه السلام قيل له إن من عندنا يزعمون أن قول الله عز وجل فاسألوا أهل الذكر إنهم اليهود والنصارى قال إذن يدعوكم إلى دينهم ثم قال وأومأ بيده إلى صدره نحن أهل الذكر ونحن المسؤولون وقد سبق هذا الحديث مع أخبار اخر في هذا المعنى في سورة النحل مع بيان .
( 8 ) وما جعلناهم جسدا لا يأكلون الطعام وما كانوا خالدين نفي لما إعتقدوه أن الرسالة من خواص الملك .
( 9 ) ثم صدقناهم الوعد أي في الوعد فأنجيناهم ومن نشاء يعني المؤمنين بهم ومن في إبقائه حكمة كمن سيؤمن هو أو واحد من ذريته وأهلكنا المسرفين في الكفر والمعاصي .
( 10 ) لقد أنزلنا إليكم يا قريش كتابا يعني القرآن فيه ذكركم صيتكم أو موعظتكم أفلا تعقلون فتؤمنون .
( 11 ) وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة وأنشأنا بعدها بعد إهلاك أهلها قوما


( 332 )

آخرين مكانهم .
( 12 ) فلما أحسوا بأسنا فلما أدركوا شدة عذابنا إدراك المشاهد المحسوس إذا هم منها يركضون يهربون مسرعين .
( 13 ) لا تركضوا على إرادة القول أي قيل لهم إستهزاء وارجعوا إلى ما أترفتم فيه من التنعم والتلذذ والأتراف إبطار النعمة ومساكنكم التي كانت لكم لعلكم تسئلون .
( 14 ) قالوا يا ويلنا إنا كنا ظالمين .
( 15 ) فما زالت تلك دعواهم فما زالوا يرددون ذلك وإنما سماه دعوى لأن المولول كأنه يدعو الويل ويقول يا ويل تعالى فهذا أوانك حتى جعلناهم حصيدا وهو النبت المحصود خامدين ميتين من خمدت النار قيل نزلت في أهل اليمن كذبوا نبيهم حنظلة وقتلوه فسلط الله عليهم بخت نصر حتى أهلكهم بالسيف ومعنى لعلكم تسئلون أي تسئلون شيئا من دنياكم فإنكم أهل ثروة ونعمة وهو إستهزاء بهم .
وفي الكافي عن السجاد عليه السلام لقد أسمعكم الله في كتابه ما فعل بالقوم الظالمين من أهل القرى قبلكم حيث قال وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة وإنما عنى بالقرية أهلها حيث يقول وأنشأنا بعدها قوما آخرين فقال عز وجل فلما أحسوا بأسنا إذا هم منها يركضون يعني يهربون قال فلما آتهم العذاب قالوا يا ويلنا إنا كنا ظالمين قال وأيم الله إن هذه عظة لكم وتخويف ان اتعظتم وخفتم .
وعن الباقر عليه السلام قال إذا قام القائم وبعث إلى بني امية بالشام هربوا إلى الروم فيقول لهم الروم لا ندخلكم حتى تتنصروا فيعلقون في أعناقهم الصلبان فيدخلونهم فإذا نزل بحضرتهم أصحاب القائم عليه السلام طلبوا الأمان والصلح فيقول أصحاب القائم عليه السلام لا نفعل حتى تدفعوا إلينا من قبلكم منا قال فيدفعونهم إليهم فذلك قوله لا تركضوا إلى قوله لعلكم تسئلون قال يسألهم الكنوز وهو أعلم بها قال فيقولون يا ويلنا إلى قوله خامدين أي بالسيف وهو سعيد بن عبد الملك الأموي صاحب نهر سعيد بالرحبة .


( 333 )

والقمي ما يقرب منه قال وهذا كله مما لفظه ماض ومعناه مستقبل وهو مما ذكرناه مما تأويله بعد تنزيله .
( 16 ) وما خلقنا السماء والارض وما بينهما لاعبين وإنما خلقناهما تبصرة للنظار وتذكرة لذوي الأعتبار وتسبيبا لما ينتظم به امور العباد في المعاش والمعاد فينبغي أن يتبلغوا بها إلى تحصيل الكمال ولا يغتروا بزخارفها السريعة الزوال .
( 17 ) لو أردنا أن نتخذ لهوا ( 1 ) ما يتلهى به ويلعب لاتخذناه من لدنا قيل أي من جهة قدرتنا أو من عندنا مما يليق بحضرتنا من الروحانيات لا من الأجسام إن كنا فاعلين ذلك .
( 18 ) بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فيمحقه فإذا هو زاهق هالك إضراب من إتخاذ اللهو وتنزيه لذاته سبحانه من اللعب أي من شأننا أن نغلب الحق الذي من جملته الجد على الباطل الذي من عداده اللهو واستعير القذف الذي هو الرمي البعيد المستلزم لصلابة المرمي والدمغ الذي هو كسر الدماغ بحيث يشق غشاءه المؤدي إلى زهوق الروح تصويرا لأبطاله به ومبالغة فيه ولكم الويل مما تصفون مما لا يجوز عليه .
في المحاسن عن الصادق عليه السلام ليس من باطل يقوم بإزاء حق إلا غلب الحق الباطل وذلك قول الله تعالى بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق .
وعنه عليه السلام ما من أحد إلا وقد يرد عليه الحق حتى يصدع قلبه قبله أو تركه وذلك أن الله يقول في كتابه بل نقذف بالحق الآية .
( 19 ) وله من في السماوات والارض خلقا وملكا ومن عنده يعني الملائكة لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون ولا يعيون منها .
( 20 ) يسبحون الليل والنهار ينزهونه ويعظمونه دائما لا يفترون .
في العيون عن الرضا عليه السلام إن الملائكة معصومون محفوظون من الكفر
____________
(1) اللهو : المرأة وقيل هو الولد .
( 334 )

والقبايح بألطاف الله تعالى قال الله فيهم لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون وقال عز وجل وله من في السماوات والارض ومن عنده يعني الملائكة لا يستكبرون الآية .
وفي الأكمال عن الصادق عليه السلام أنه سئل عن الملائكة أينامون فقال ما من حي إلا وهو ينام ما خلا الله وحده والملائكة ينامون فقيل يقول الله عز وجل يسبحون الليل والنهار ولا يفترون قال أنفاسهم تسبيح .
وفي رواية ليس شيء من أطباق أجسادهم إلا ويسبح الله عز وجل ويحمده من ناحيته بأصوات مختلفة .
( 21 ) أم اتخذوا آلهة من الارض بل اتخذوا والهمزة لأنكار إتخاذهم هم ينشرون الموتى وهم وإن لم يصرحوا به لكن لزم إدعاؤهم لها الألهية فإن من لوازمها الأقتدار على ذلك والمراد به تجهيلهم والتهكم بهم .
( 22 ) لو كان فيهما آلهة إلا الله غير الله لفسدتا لبطلتا وتفطرتا ولقد وجد الصلاح وهو بقاء العالم ووجوده فدل على أن الموجد له واحد وهو الله جل جلاله .
في التوحيد عن الصادق عليه السلام إنه سئل ما الدليل على أن الله واحد قال اتصال التدبير وكمال الصنع كما قال عز وجل لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا فسبحان الله رب العرش المحيط بجميع الأجسام الا الذي هو محل التدابير ومنشأ المقادير عما يصفون من إتخاذ الشريك والصاحبة والولد .
( 23 ) لا يسئل عما يفعل لعظمته وقوة سلطانه وتفرده بالالوهية والسلطنة الذاتية وهم يسئلون لأنهم مملوكون مستعبدون .
في العلل عن علي عليه السلام يعني بذلك خلقه أنهم يسئلوا .
وفي التوحيد عن الباقر عليه السلام إنه سئل وكيف لا يسئل عما يفعل فقال لأنه لا يفعل إلا ما كان حكمة وصوابا وهو المتكبر الجبار والواحد القهار فمن وجد في نفسه حرجا في شيء مما قضى كفر ومن أنكر شيئا من أفعاله جحد .


( 335 )

وعن الرضا عليه السلام قال قال الله تعالى يا ابن آدم بمشيتي كنت أنت الذي تشاء لنفسك ما تشاء وبقوتي أديت اليّ فرائضي وبنعمتي قويت على معصيتي جعلتك سميعا بصيرا قويا ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك وذلك إني أولى بحسناتك منك وأنت أولى بسيئاتك مني وذلك إني لا اسأل عما أفعل وهم يسئلون .
( 24 ) أم اتخذوا من دونه آلهة كرره استعظاما لكفرهم واستفظاعا لأمرهم وتبكيتا وإظهارا لجهدهم قل هاتوا برهانكم على ذلك فإنه لا يصح القول بما لا دليل عليه هذا ذكر من معي وذكر من قبلي قيل أي من الكتب السماوية فانظروا هل تجدون فيها إلا الأمر بالتوحيد والنهي عن الأشراك .
وفي المجمع عن الصادق عليه السلام يعني بذكر من معي ما هو كائن وبذكر من قبلي ما قد كان بل أكثرهم لا يعلمون الحق ولا يميزون بينه وبين الباطل فهم معرضون عن التوحيد واتباع الرسول من أجل ذلك .
( 25 ) وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه وقريء بالنون أنه لا إله إلا أنا فاعبدون تأكيد وتعميم .
( 26 ) وقالوا اتخذ الرحمن ولدا قيل نزلت في خزاعة حيث قالوا الملائكة بنات الله .
والقمي قال هو ما قالت النصارى إن المسيح ابن الله وما قالت اليهود عزير ابن الله وقالوا في الأئمة عليهم السلام ما قالوا فقال الله سبحانه سبحانه أنفة له بل عباد مكرمون يعني هؤلاء الذين زعموا أنهم ولد الله قال وجواب هؤلاء في سورة الزمر في قوله لو أراد الله أن يتخذ ولدا لاصطفى مما يخلق ما يشاء سبحانه .
( 27 ) لا يسبقونه بالقول لا يقولون شيئا حتى يقوله كما هو شيمة العبيد المؤدبين وهم بأمره يعملون لا يعملون قط ما لم يأمرهم به .
في الخرائج عن أمير المؤمنين عليه السلام إنه اختصم رجل وأمرأة إليه فعلا


( 336 )

صوت الرجل على المرأة فقال له علي عليه السلام اخسأ وكان خارجيا فإذا رأسه رأس الكلب فقال له رجل يا أمير المؤمنين صحت بهذا الخارجي فصار رأسه رأس الكلب فما يمنعك عن معاوية فقال ويحك لو أشاء أن آتي بمعاوية إلى هيهنا بسريره لدعوت الله حتى فعل ولكن لله خزان لا على ذهب ولا على فضة ولكن على أسرار هذا تأويل ما تقرأ بل عباد مكرمون الآية .
( 28 ) يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يخفي عليه خافية مما قدموا وأخروا وهو كالعلة لما قبله والتمهيد لما بعده فإنهم لأحاطتهم بذلك يضبطون أنفسهم ويراقبون أحوالهم ولا يشفعون إلا لمن ارتضى .
في العيون عن الرضا عليه السلام إلا لمن ارتضى الله دينه .
وفي الخصال عن الصادق عليه السلام وأصحاب الحدود فساق لا مؤمنون ولا كافرون لا يخلدون في النار ويخرجون منها يوما والشفاعة جائزة لهم وللمستضعفين إذا ارتضى الله دينهم .
وفي التوحيد عن الكاظم عليه السلام عن أبيه عن آبائه عن رسول الله صلوات الله عليه وعليهم قال إنما شفاعتي لأهل الكباير من امتي فأما المحسنون منهم فما عليهم من سبيل قيل يا بن رسول الله صلى الله عليه وآله كيف يكون الشفاعة لأهل الكبائر والله تعالى يقول ولا يشفعون إلا لمن ارتضى ومن يرتكب الكبيرة لا يكون مرتضى فقال ما من مؤمن يرتكب ذنبا إلا سائه ذلك وندم عليه .
وقال النبي صلى الله عليه وآله كفى بالندم توبة وقال من سرته حسنة وساءته سيئة فهو مؤمن فمن لم يندم على ذنب يرتكبه فليس بمؤمن ولم تجب له الشفاعة وكان ظالما والله تعالى ذكره يقول ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع فقيل له يا ابن رسول الله وكيف لا يكون مؤمنا من لم يندم على ذنب يرتكبه فقال ما من أحد يرتكب كبيرة من المعاصي وهو يعلم أن سيعاقبه عليها إلا ندم على ما ارتكب ومتى ندم كان تائبا مستحقا للشفاعة ومتى لم يندم عليها كان مصرا والمصر لا يغفر له لأنه غير مؤمن بعقوبة ما ارتكب ولو كان مؤمنا بالعقوبة لندم وقد قال النبي صلى الله عليه


( 337 )

وآله لا كبيرة مع الأستغفار ولا صغيرة مع الأصرار وأما قول الله عز وجل ولا يشفعون إلا لمن ارتضى فإنهم لا يشفعون إلا لمن ارتضى الله دينه والدين الأقرار بالجزاء على الحسنات والسيئات فمن ارتضى دينه ندم على ما ارتكبه من الذنوب لمعرفته بعاقبته في القيامة وهم من خشيته من عظمته ومهابته مشفقون مرتعدون وأصل الخشية خوف مع تعظيم ولذلك خص بها العلماء والأشفاق خوف مع إعتناء فإن عدى بمن فمعنى الخوف فيه أظهر وإن عدى بعلى فبالعكس .
( 29 ) ومن يقل منهم من الملائكة أو من الخلايق إنى إله من دونه فذلك نجزيه جهنم قيل يريد به نفي الربوبية وإدعاء نفي ذلك عن المخلوق وتهديد المشركين بتهديد مدعي الربوبية .
والقمي قال من زعم إنه إمام وليس بإمام .
أقول : لعل هذا التأويل وذاك التفسير كذلك نجزي الظالمين .
( 30 ) أو لم ير الذين كفروا أو لم يعلموا وقريء بغير واو أن السماوات والارض كانتا رتقا ففتقناهما .
في الكافي عن الباقر عليه السلام إنه سئل عن هذه الآية فقال فلعلك تزعم إنهما كانتا رتقا ملتزقتان ملتصقتان ففتقت إحداهما من الاخرى فقال نعم فقال عليه السلام إستغفر ربك فإن قول الله عز وجل كانتا رتقا يقول كانت السماء رتقا لا تنزل المطر وكانت الأرض رتقا لا تنبت الحب فلما خلق الله الخلق وبث فيها من كل دابة فتق السماء بالمطر والأرض بنبات الحب فقال السائل أشهد أنك من ولد الأنبياء وأن علمك علمهم .
وفي الأحتجاج عنه عليه السلام ما يقرب منه .
وفي الكافي عنه إنه سئل عنها فقال إن الله تبارك وتعالى أهبط آدم إلى الأرض وكانت السماء رتقا لا تمطر شيئا وكانت الأرض رتقا لا تنبت شيئا فلما تاب الله عز وجل على آدم أمر السماء فتقطرت بالغمام ثم أمرها فأرخت عزاليها ثم أمر الأرض


( 338 )

فأنبتت الأشجار وأثمرت الثمار وتشققت بالأنهار فكان ذلك رتقها وهذا فتقها .
والقمي عن الصادق عليه السلام إنه سئل عن ذلك فقال هو كما وصف نفسه كان عرشه على الماء والماء على الهواء والهواء لا يحد ولم يكن يومئذ خلق غيرهما والماء يومئذ عذب فرات فلما أراد الله أن يخلق الأرض أمر الرياح فضربت الماء حتى صار موجا ثم أزبد وصار زبدا واحدا فجمعه في موضع البيت ثم جعله جبلا من زبد ثم دحا الأرض من تحته فقال الله تبارك وتعالى إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا ثم مكث الرب تبارك وتعالى ما شاء فلما أراد أن يخلق السماء أمر الرياح فضربت البحور حتى أزبدتها فخرج من ذلك الموج والزبد من وسطه دخان ساطع من غير نار فخلق منه السماء وجعل فيها البروج والنجوم ومنازل الشمس والقمر وأجراها في الفلك وكانت السماء خضراء على لون الماء الأخضر وكانت الأرض غبرا على لون الماء العذب وكانتا مرتوقتين ليس لهما أبواب ولم يكن للأرض أبواب وهو النبت ولم تمطر السماء عليها ففتق السماء بالمطر وفتق الأرض بالنبات وذلك قوله أو لم ير الذين كفروا الآية وجعلنا من الماء كل شيء حَيّ وخلقنا من الماء كل حيوان كقوله والله خلق كل دابة من ماء لأنه أعظم مواده ولفرط احتياجه إليه وإنتفاعه به بعينه أو صيرنا كل شيء حي بسبب من الماء لا يحيى دونه القمي قال نسب كل شيء إلى الماء ولم يجعل للماء نسبا إلى غيره .
وفي الكافي عن الباقر عليه السلام مثله .
وعن الصادق عليه السلام إنه سئل عن طعم الماء فقال طعم الماء طعم الحياة .
وفي المجمع والعياشي وقرب الأسناد مثله وزاد قال الله تعالى وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون مع ظهور الآيات .
( 31 ) وجعلنا في الارض راوسي ثابتات أن تميد بهم كراهة أن تميل بهم وجعلنا فيها فجاجا سبلا مسالك واسعة لعلهم يهتدون إلى مصالحهم .
( 32 ) وجعلنا السماء سقفا محفوظا عن الوقوع والزوال والأنحلال إلى الوقت


( 339 )

المعلوم بمشيته كقوله تعالى ويمسك السماء أن تقع على الارض إلا بإذنه وقوله إن الله يمسك السماوات والارض أن تزولا والقمي يعني من الشياطين أي لا يسترقون السمع وهم عن آياتها أحوالها الدالة على كمال قدرته وعظمته وتناهي علمه وحكمته معرضون غير متفكرين .
( 33 ) وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر بيان لبعض تلك الآيات كل في فلك يسبحون يسرعون إسراع السابح في الماء .
( 34 ) وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفان مت فهم الخالدون .
( 35 ) كل نفس ذائقة الموت .
القمي لما أخبر الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وآله بما يصيب أهل بيته بعده صلوات الله عليهم وادعاء من ادعى الخلافة دونهم اغتم رسول الله صلى الله عليه وآله فأنزل الله عز وجل هذه الآية وقيل نزلت حين قالوا نتربص به ريب المنون وقد سبق عند تفسير هذه الآية من سورة آل عمران حديث في الفرق بين الموت والقتل ونبلوكم نعاملكم معاملة المختبرين بالشر والخير بالبلايا والنعم فتنة ابتلاء والينا ترجعون فنجازيكم حسب ما يوجد منكم من الصبر والشكر .
في المجمع عن الصادق عليه السلام إن أمير المؤمنين عليه السلام مرض فعاده إخوانه فقالوا كيف نجدك يا أمير المؤمنين قال بشر قالوا ما هذا كلام مثلك قال إن الله تعالى يقول ونبلوكم بالشر والخير فتنة فالخير الصحة والغنى والشر المرض والفقر .
( 36 ) وإذا رآك الذين كفروا إن يتخذونك إلا هزوا أهاذا الذي يذكر آلهتكم أي بسوء وهم بذكر الرحمن هم كافرون فهم أحق أن يهزء بهم .
( 37 ) خلق الانسان من عجل كأنه خلق منه لفرط إستعجاله وقلة ثباته .
القمي قال لما أجرى الله في آدم الروح من قدميه فبلغت إلى ركبتيه أراد أن يقوم فلم يقدر فقال الله عز وجل خلق الانسان من عجل .


( 340 )

وفي المجمع عن الصادق عليه السلام ما يقرب منه .
وفي نهج البلاغة إياك والعجلة بالأمور قبل أوانها والتساقط فيها عند إمكانها الحديث سأريكم آياتي فلا تستعجلون بالأتيان بها .
( 38 ) ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين يعنون النبي وأصحابه .
( 39 ) لو يعلم الذين كفروا حين لا يكفون عن وجوههم النار ولا عن ظهورهم ولا هم ينصرون محذوف الجواب يعني لما استعجلوا .
( 40 ) بل تأتيهم بغتة فجأة فتبهتهم فتغلبهم أو تحيرهم فلا يستطيعون ردها ولا هم ينظرون يمهلون .
( 41 ) ولقد استهزء برسل من قبلك تسلية لرسول الله صلى الله عليه وآله فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزؤن وعدله بأن ما يفعلونه يحيق بهم .
( 42 ) قل من يكلؤكم يحفظكم بالليل والنهار من الرحمن من بأسه إن أراد بكم وفي لفظ الرحمن تنبيه على أن لا كالئ غير رحمته العامة وإن إندفاعه بها مهلة بل هم عن ذكر ربهم معرضون لا يخطرونه ببالهم فضلا عن أن يخافوا بأسه .
( 43 ) أم لهم آلهة تمنعهم من دوننا بل الهم آلهة تمنعهم من العذاب يتجاوز منعنا أو من عذاب يكون من عندنا لا يستطيعون نصر أنفسهم ولا هم منا يصحبون استيناف بإبطال ما إعتقدوه فإن من لا يقدر على نصر نفسه ولا يصحبه نصر من الله كيف ينصر غيره .
( 44 ) بل متعنا هؤلاء وآبائهم حتى طال عليهم العمر اضراب عما توهموا ببيان الداعي إلى حفظهم وهو الأستدراج والتمتيع بما قدر لهم من الأعمار أو اضراب عن الدلالة على بطلانه ببيان ما أوهمهم ذلك فحسبوا أن لا يزالوا كذلك وأنه بسبب ما هم عليه وهذا أوفق لما بعده أفلا يرون أنا نأتي الارض قيل أرض الكفرة ننقصها من أطرافها قيل أي بتسليط المسلمين عليها وهو تصوير لما يجريه الله على أيدي المسلمين أفهم الغالبون رسول الله صلى الله عليه وآله والمؤمنين .