تفسير الصافي ج 3 ص 341 الى ص 360
وفي الكافي والمجمع عن الصادق عليه السلام ننقصها يعني بموت العلماء قال نقصانها ذهاب عالمها وقد مر بيانه في سورة الرعد .
( 45 ) قل إنما أنذركم بالوحي بما أوحي إلي ولا يسمع الصم الدعاء إذا ما ينذرون وضع الصم موضع الضمير للدلالة على تصامهم وعدم انتفاعهم بما يسمعون وقرء ولا تسمع الصم على خطاب النبي صلى الله عليه وآله .
( 46 ) ولئن مستهم نفحة أدنى شيء من عذاب ربك من الذي ينذرون به ليقولن يا ويلنا إنا كنا ظالمين لدعوا على أنفسهم بالويل واعترفوا عليها بالظلم .
( 47 ) ونضع الموازين القسط العدل يوزن بها الأعمال ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا من حقه أو من الظلم وإن كان مثقال حبة وقرء بالرفع من خردل أتينا بها أحضرناها .
في الجوامع عن الصادق عليه السلام إنه قرء آتينا بالمد .
والقمي أي جازينا بها وهي ممدودة وكفى بنا حاسبين إذ لا مزيد على علمنا وعدلنا .
في الكافي والمعاني عن الصادق عليه السلام أنه سئل عن هذه الآية فقال هم الأنبياء والأوصياء وفي رواية اخرى نحن الموازين القسط .
وفي التوحيد عن أمير المؤمنين عليه السلام في جواب من اشتبه عليه بعض الآيات وأما قوله ونضع الموازين القسط فهو ميزان العدل يؤخذ به الخلايق يوم القيامة يدين الله تبارك وتعالى الخلق بعضهم من بعض بالموازين .
أقول : قد سبق منا معنى كون الأنبياء والأوصياء موازين وتحقيق معنى الميزان في تفسير والوزن يومئذ الحق من سورة الأعراف .
وفي الكافي عن السجاد عليه السلام في كلامه في الوعظ والزهد قال ثم رجع القول من الله في الكتاب على أهل المعاصي والذنوب فقال عز وجل ولئن مستهم نفحة من عذاب ربك ليقولن يا ويلنا إنا كنا ظالمين فإن قلتم أيها الناس إن الله عز وجل


( 342 )

إنما عني بهذا أهل الشرك فكيف ذلك وهو يقول ونضع الموازين القسط ليوم القيامة الآية إعلموا عباد الله إن أهل الشرك لا ينصب لهم الموازين ولا ينشر لهم الدواوين وإنما يحشرون إلى جهنم زمرا وإنما نصب الموازين ونشر الدواوين لأهل الأسلام فاتقوا الله عباد الله .
( 48 ) ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان وضياء وذكرى للمتقين أي الكتاب الجامع لكونه فارقا بين الحق والباطل وضياء يستضاء به في ظلمات الحيرة والجهالة وذكرا يتعظ به المتقون .
( 49 ) الذين يخشون ربهم بالغيب وهم من الساعة مشفقون خائفون .
( 50 ) وهذا ذكر مبارك وهذا القرآن ذكر كثير خيره أنزلناه على محمد صلى الله عليه وآله أفأنتم له منكرون استفهام توبيخ .
( 51 ) ولقد آتينا إبراهيم رشده الأهتداء لوجوه الصلاح وأضافه إليه ليدل على أنه رشد مثله وأن له لشأنا من قبل من قبل موسى وهارون عليهما السلام أو محمد صلى الله عليه وآله وكنا به عالمين علمنا أنه أهل لما اتيناه .
( 52 ) إذ قال لابيه وقومه ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون تحقير لشأنها وتوبيخ على إجلالها فإن التمثال صورة لا روح فيها .
( 53 ) قالوا وجدنا آبائنا لها عابدين فقلدناهم .
( 54 ) قال لقد كنتم أنتم وآباؤكم في ضلال مبين لعدم استناد الفريقين إلى برهان .
( 55 ) قالوا أجئتنا بالحق أم أنت من اللاعبين كأنهم لأستبعادهم تضليل آبائهم ظنوا أن ما قاله على وجه الملاعبة فقالوا أبجد تقوله أم تلعب به .
( 56 ) قال بل ربكم رب السماوات والارض الذي فطرهن إضراب عن كونه لاعبا بإقامة البرهان على ما ادعاه وأنا على ذلكم من الشاهدين من المحققين له والمبرهنين عليه فإن الشاهد من تحقق الشيء وحفظه .


( 343 )

( 57 ) وتالله لاكيدن أصنامكم لأجتهدن في كسرها ولفظ الكيد وما في التاء من التعجب لصعوبة الأمر وتوقفه على نوع من الحيل بعد أن تولوا مدبرين إلى عيدكم ولعله قال ذلك سرا .
( 58 ) فجعلهم جذاذا قطاعا فعال بمعنى مفعول كالحطام من الجذ وهو القطع وقرء بالكسر إلا كبيرا لهم للأصنام لعلهم إليه يرجعون .
( 59 ) قالوا حين رجعوا من فعل هذا بآلهتنا إنه لمن الظالمين .
( 60 ) قالوا سمعنا فتى يذكرهم يعيبهم يقال له إبراهيم .
( 61 ) قالوا فأتوا به على أعين الناس بمرأىً منهم لعلهم يشهدون بفعله أو قوله .
( 62 ) قالوا حين احضروه ءأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم .
( 63 ) قال بل فعله كبيرهم هذا فاسئلوهم إن كانوا ينطقون في العيون عن الصادق عليه السلام إنما قال إبراهيم إن كانوا ينطقون فكبيرهم فعل وإن لم ينطقوا فلم يفعل كبيرهم شيئا فما نطقوا وما كذب إبراهيم .
وفي الكافي عنه عليه السلام إنما قال بل فعله كبيرهم إرادة الأصلاح ودلالة على أنهم لا يفعلون ثم قال والله ما فعلوه وما كذب .
( 64 ) فرجعوا إلى أنفسهم وراجعوا عقولهم فقالوا فقال بعضهم لبعض إنكم أنتم الظالمون بعبادة ما لا ينطق ولا يضر ولا ينفع لا من ظلمتموه .
( 65 ) ثم نكسوا على رؤسهم قيل يعني إنقلبوا إلى المجادلة بعدما استقاموا بالمراجعة شبه عودهم إلى الباطل بصيرورة أسفل الشيء مستعليا الى أعلاه لقد علمت ما هؤلاء ينطقون فكيف تأمر بسؤالهم وهو على إرادة القول .
( 66 ) قال أفتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم شيئا ولا يضركم إنكار لعبادتهم لها بعد إعترافهم بأنها جمادات لا تنفع ولا تضر فإنه ينافي الالوهية .


( 344 )

( 67 ) أف لكم ولما تعبدون من دون الله تضجر منه على إصرارهم بالباطل البين واف صوت المتضجر ومعناه قيحا ونتنا أفلا تعقلون قبح صنيعكم .
( 68 ) قالوا أخذا في المضارة لما عجزوا عن المحاجة حرقوه فإن النار أهول ما يعاقب به وانصروا آلهتكم بالأنتقام لها إن كنتم فاعلين إن كنتم ناصرين لها نصرا مؤزرا .
( 69 ) قلنا يا نار كوني بردا وسلاما ذات برد وسلام أي ابردي بردا غير ضار على إبراهيم .
( 70 ) وأرادوا به كيدا مكرا في إضراره فجعلناهم الاخسرين أخسر من كل خاسر عاد سعيهم برهانا قاطعا على أنهم على الباطل وإبراهيم عليه السلام على الحق وموجبا لمزيد درجته واستحقاقهم أشد العذاب .
في الأحتجاج عن الصادق عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله إن إبراهيم عليه السلام لما القي في النار قال اللهم إني أسألك بحق محمد وآل محمد لما أنجيتني منها فجعلها الله عليه بردا وسلاما .
( 71 ) ونجيناه ولوطا إلى الارض التي باركنا فيها للعالمين إلى الشام قيل بركته العامة إن أكثر الأنبياء بعثوا فيه فانتشرت في العالمين شرايعهم التي هي مبادي الكمالات والخيرات الدينية والدنيوية ولكثرة النعم فيها والخصب الغالب .
القمي قال فلما نهاهم إبراهيم عليه السلام واحتج عليهم في عبادتهم الأصنام فلم ينتهوا فحضر عيد لهم فخرج نمرود وجميع أهل مملكته إلى عيد لهم وكره أن يخرج إبراهيم عليه السلام معه فوكله ببيت الأصنام فلما ذهبوا عمد إبراهيم عليه السلام إلى طعام فأدخله ببيت أصنامهم فكان يدنو من صنم صنم فيقول له كل وتكلم فإذا لم يجبه أخذ القدوم فكسر يده ورجله حتى فعل ذلك بجميع الأصنام ثم علق القدوم في عنق الكبير منهم الذي كان في الصدر فلما رجع الملك ومن معه من العيد نظروا إلى الأصنام مكسرة فقالوا من فعل هذا بآلهتنا إنه لمن الظالمين قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم وهو ابن آزر فجاؤوا به إلى نمرود فقال نمرود لآزر خنتني وكتمت هذا


( 345 )

الولد عني فقال أيها الملك هذا عمل امه وذكر إنها تقوم بحجبه فدعا نمرود ام إبراهيم عليه السلام فقال لها ما حملك على أن كتمتني أمر هذا الغلام حتى فعل بآلهتنا ما فعل فقالت أيها الملك نظرا مني لرعيّتك قال وكيف ذلك قالت رأيتك تقتل أولاد رعيتك فكان يذهب النسل فقلت إن كان هذا الذي يطلبه دفعته إليه ليقتله ويكف عن قتل أولاد الناس وإن لم يكن ذلك فبقي لنا ولدنا وقد ظفرت به فشأنك وكفّ عن أولاد الناس وصوب رأيها ثم قال لإبراهيم عليه السلام من فعل هذا بآلهتنا يا إبراهيم قال إبراهيم فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون .
فقال الصادق عليه السلام والله ما فعل كبيرهم وما كذب إبراهيم فقيل فكيف ذلك فقال إنما قال فعله كبيرهم هذا إن نطق وإن لم ينطق فلم يفعل كبيرهم هذا شيئا فاستشار نمرود قومه في إبراهيم عليه السلام فقالوا احرقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين .
فقال الصادق عليه السلام كان فرعون إبراهيم عليه السلام وأصحابه لغير رشدة فإنهم قالوا لنمرود حرقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين وكان فرعون موسى وأصحابه لرشدة فإنه لما إستشار أصحابه في موسى قالوا أرجه وأخاه وأرسل في المدائن حاشرين يأتوك بكل سحار عليم فحبس إبراهيم عليه السلام وجمع له الحطب حتى إذا كان اليوم الذي ألقى فيه نمرود إبراهيم عليه السلام في النار برز نمرود وجنوده وقد كان بُني لنمرود بناء ينظر منه إلى إبراهيم عليه السلام كيف يأخذه النار فجاء إبليس وإتخذ لهم المنجنيق لأنه لم يقدر أحد أن يتقارب من النار وكان الطائر إذا مر في الهواء يحترق فوضع إبراهيم عليه السلام في المنجنيق فجاء أبوه فلطمه لطمة وقال له إرجع عما أنت عليه وأنزل الرب ملائكة إلى السماء الدنيا ولم يبق شيء إلا طلب إلى ربه وقالت الأرض يا رب ليس على ظهري أحد يعبدك غيره فيحرق وقالت الملائكة يا رب خليلك إبراهيم عليه السلام يحرق فقال الله عزوجل أما إنه إن دعاني كفيته وقال جبرئيل عليه السلام يا رب خليلك إبراهيم عليه السلام يحرق ليس في الأرض أحد يعبدك غيره سلّطت عليه عدوه يحرقه بالنار قال اسكت إنما يقول هذا عبد مثلك يخاف الفوت هو عبدي آخذه إذا شئت فإن دعاني أجبته فدعا إبراهيم عليه السلام ربه بسورة الأخلاص يا الله يا واحد يا أحد يا صمد يا من لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد نجني من النار برحمتك قال فالتقى معه


( 346 )

جبرئيل في الهواء وقد وضع في المنجنيق فقال يا إبراهيم هل لك إليّ من حاجة فقال إبراهيم أما إليك فلا وأما إلى رب العالمين فنعم فدفع إليه خاتما عليه مكتوب لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وآله ألجأت ظهري إلى الله وأسندت أمري إلى الله وفوضت أمري إلى الله فأوحى الله إلى النار كوني بردا فاضطربت أسنان إبراهيم من البرد حتى قال سلاما على إبراهيم عليه السلام وانحط جبرئيل وجلس معه يحدثه في النار ونظر نمرود إليه فقال من اتخذ إلها فليتخذ مثل إله إبراهيم فقال عظيم من عظماء أصحاب نمرود إني عزمت على النار أن لا تحرقه فخرج عمود من النار نحو الرجل فأحرقه فآمن له لوط فخرج مهاجرا إلى الشام فنظر نمرود إلى إبراهيم عليه السلام في روضة خضراء في النار مع شيخ يحدثه فقال لآزر يا آزر ما أكرم إبنك على ربه قال وكان الوزغ ينفخ في نار إبراهيم عليه السلام وكان الضفدع يذهب بالماء ليطفي به النار ، قال ولما قال الله تبارك وتعالى للنار كوني بردا وسلاما لم تعمل النار في الدنيا ثلاثة أيام ثم قال الله تبارك وتعالى وأرادوا به كيدا فجعلناهم الاخسرين فقال الله ونجيناه ولوطا إلى الارض التى باركنا فيها للعالمين إلى الشام وسواد الكوفة .
وفي الكافي عن الصادق عليه السلام ما يقرب من صدر هذا الحديث على حذف واختصار .
وعن الباقر عليه السلام ما يقرب من ذيله كذلك .
وعن الصادق عليه السلام إن إبراهيم عليه السلام لما كسر أصنام نمرود أمر به نمرود فاوثق وأمر له حيرا وجمع له فيه الحطب وألهب فيه النار لتحرقه ثم قذف إبراهيم عليه السلام في النار لتحرقه ثم اعتزلوها حتى خمدت النار ثم أشرفوا على الحير فإذا هم بإبراهيم عليه السلام سليما مطلقا من وثاقه فاخبر نمرود خبره فأمر أن ينفوا إبراهيم من بلاده وأن يمنعوه من الخروج بماشيته وماله فحاجهم إبراهيم عليه السلام عند ذلك فقال إن أخذتم ماشيتي ومالي فإن حقي عليكم أن تردوا عليّ ما ذهب من عمري في بلادكم واختصموا إلى قاضي نمرود فقضى على إبراهيم أن يسلم إليهم جميع ما أصاب في بلادهم وقضى على أصحاب نمرود أن يردوا على إبراهيم عليه السلام ما ذهب من عمره في بلادهم فاخبر بذلك


( 347 )

نمرود فأمرهم أن يخلوا سبيله وسبيل ماشيته وماله وأن يخرجوه وقال إنه إن بقي في بلادكم أفسد دينكم وأضر بآلهتكم .
( 72 ) ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة .
في المعاني عن الصادق عليه السلام في هذه الآية قال ولد الولد نافلة .
والقمي نافلة قال ولد الولد وهو يعقوب عليه السلام وكلا جعلنا صالحين .
( 73 ) وجعلناهم أئمة يقتدى بهم يهدون الناس إلى الحق بأمرنا .
في الكافي عن الصادق عليه السلام إن الأئمة في كتاب الله عز وجل إمامان قال الله تبارك وتعالى وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا لا بأمر الناس يقدمون ما أمر الله قبل أمرهم وحكم الله قبل حكمهم قال وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار يقدمون أمرهم قبل أمر الله وحكمهم قبل حكم الله ويأخذون بأهوائهم خلاف ما في كتاب الله وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة من عطف الخاص على العام وكانوا لنا عابدين موحدين مخلصين في العبادة ولذا قدم الصلة .
( 74 ) ولوطا آتيناه حكما وعلما ونجيناه من القرية التي كانت تعمل الخبائِثَ .
القمي قال كانوا ينكحون الرجال إنهم كانوا قوم سوء فاسقين .
( 75 ) وأدخلناه في رحمتنا إنه من الصالحين .
( 76 ) ونوحا إذ نادى إذ دعا الله على قومه بالهلاك من قبل من قبل من ذكر فاستجبنا له دعاءه فنجيناه وأهله من الكرب العظيم الغم الشديد وهو أذى قومه والطوفان .
( 77 ) ونصرناه جعلناه منتصرا من القوم الذين كذبوا بآياتنا إنهم كانوا قوم سوء فأغرقناهم أجمعين لتكذيبهم الحق وإنهماكهم في الشر .
( 78 ) وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث في الزرع أو الكرم إذ نفشت فيه غنم القوم رعته ليلا وكنا لحكمهم لحكم الحاكمين والمتحاكمين شاهدين .


( 348 )

( 79 ) ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكما وعلما .
في الكافي عن الصادق عليه السلام في هذه الآية قال إنه كان أوحى الله عز وجل إلى النبيين قبل داود إلى أن بعث الله داود أي غنم نفشت في الحرث فلصاحب الحرث رقاب الغنم ولا يكون النفش إلا بالليل فإن على صاحب الزرع أن يحفظ زرعه بالنهار وعلى صاحب الغنم حفظ الغنم بالليل فحكم داود بما حكم به الأنبياء عليهم السلام من قبله فأوحى الله عز وجل إلى سليمان عليه السلام أي غنم نفشت في زرع فليس لصاحب الزرع إلا ما خرج من بطونها وكذلك جرت السنة بعد سليمان وهو قول الله تعالى وكلا آتينا حكما وعلما فحكم كل واحد منهما بحكم الله عز وجل .
وفي رواية اخرى عنه عليه السلام ما يقرب منه .
وعنه عليه السلام قال أوحى الله إلى داود عليه السلام أن اتخذ وصيا من أهلك فإنه قد سبق في علمي أن لا أبعث نبيا إلا وله وصي من أهله وكان لداود عليه السلام عدة أولاد وفيهم غلام كانت امه عند داود وكان لها محبا فدخل داود عليها حين أتاه الوحي فقال لها إن الله عز وجل أوحى إليّ يأمرني أن أتخذ وصيا من أهلي فقالت له امرأته فليكن ابني قال ذاك اريد وكان السابق في علم الله المحتوم عنده إنه سليمان فأوحى الله تبارك وتعالى إلى داود أن لا تعجل دون أن يأتيك أمري فلم يلبث داود أن ورد عليه رجلان يختصمان في الغنم والكرم فأوحى الله عز وجل إلى داود عليه السلام أن اجمع ولدك فمن قضى بهذه القضية فأصاب فهو وصيك من بعدك فجمع داود عليه السلام ولده فلما أن قص الخصمان قال سليمان يا صاحب الكرم متى دخلت غنم هذا الرجل كرمك قال دخلته ليلا قال قد قضيت عليك يا صاحب الغنم بأولاد غنمك وأصوافها في عامك هذا ثم قال له داود عليه السلام فكيف لم تقض برقاب الغنم وقد قوم ذلك علماء بني إسرائيل فكان ثمن الكرم قيمة الغنم فقال سليمان إن الكرم لم يجتث من أصله وإنما أكل حمله وهو عايد في قابل فأوحى الله عز وجل إلى داود عليه السلام أن القضاء في هذه القضية ما قضى سليمان به يا داود أردت أمرا وأردنا أمرا غيره فدخل داود على إمرأته فقال أردنا أمرا


( 349 )

فأراد الله أمرا غيره ولم يكن إلا ما أراد الله فقد رضينا بأمر الله عز وجل وسلمنا وكذلك الأوصياء عليهم السلام ليس لهم أن يتعدوا بهذا الأمر فيجاوزون صاحبه إلى غيره .
والقمي عنه عليه السلام قال كان في بني إسرائيل رجل وكان له كرم ونفشت فيه غنم لرجل بالليل وقصمته وأفسدته فجاء به صاحب الكرم إلى داود فاستعدى على صاحب الغنم فقال داود عليه السلام إذهبا إلى سليمان ليحكم بينكما فذهبا إليه فقال سليمان إن كان الغنم أكلت الأصل والفرع فعلى صاحب الغنم أن يدفع إلى صاحب الكرم الغنم وما في بطنها وإن كانت ذهبت بالفرع ولم تذهب بالأصل فإنه يدفع ولدها إلى صاحب الكرم وكان هذا حكم داود عليه السلام وإنما أراد أن يعرف بني إسرائيل أن سليمان وصيه بعده ولم يختلفا في الحكم ولو اختلف حكمهما لقال كنا لحكمهما شاهدين .
وفي الفقيه عن الباقر عليه السلام قال لم يحكما إنما كانا يتناظران ففهمها سليمان وعن الكاظم عليه السلام كان حكم داود عليه السلام رقاب الغنم والذي فهم الله سليمان أن الحكم لصاحب الحرث باللبن والصوف ذلك العام كله .
وفي المجمع عنهما عليهما السلام إنه كان كرما قد بدت عناقيده فحكم داود عليه السلام بالغنم لصاحب الكرم فقال سليمان غير هذا يا نبي الله أرفق قال وما ذاك قال تدفع الكرم إلى صاحب الغنم فيقوم عليه حتى يعود كما كان ويدفع الغنم إلى صاحب الكرم فيصيب منها حتى إذا عاد الكرم كما كان ثم دفع كل واحد منهما إلى صاحبه ماله .
وعن النبي صلى الله عليه وآله إن سليمان قضى بحفظ المواشي على أربابها ليلا وقضى بحفظ الحرث على أربابه نهارا وسخرنا مع داود الجبال يسبحن يقدسن الله معه .
وقيل يسرن من السباحة والطير .
في الأكمال عن الصادق عليه السلام إن داود عليه السلام خرج يقرأ الزبور وكان إذا قرأ الزبور لا يبقى جبل ولا حجر ولا طائر إلا جاوبه .


( 350 )

وفي الأحتجاج عن أمير المؤمنين عليه السلام إن يهوديا قال له هذا داود عليه السلام بكى على خطيئته حتى سارت الجبال يسبحن معه لخوفه فقال انه صلى الله عليه وآله كان كذلك الحديث بطوله .
وفي المناقب عن السجاد عليه السلام إنه صلى ركعتين فسبح في سجوده فلم يبق شجر ولامدر إلا سبحوا معه وكنا فاعلين لأمثاله فليس ببدع منا وإن كان عجيبا عندكم .
( 80 ) وعلمناه صنعة لبوس لكم عمل الدرع وهو في الأصل اللباس لتحصنكم من بأسكم وقرء بالتاء والنون فهل أنتم شاكرون ذلك .
في الكافي عن الصادق عليه السلام إن أمير المؤمنين عليه السلام قال أوحى الله إلى داود عليه السلام إنك نعم العبد لولا إنك تأكل من بيت المال ولا تعمل بيدك شيئا قال فبكى داود عليه السلام أربعين صباحا فأوحى الله إلى الحديد أن لن لعبدي داود فألان الله له الحديد فكان يعمل في كل يوم درعا فيبيعها بألف درهم فعمل ثلاثمأة وستين درعا فباعها بثلاث مأة وستين ألفا واستغنى من بيت المال .
( 81 ) ولسليمان وسخرنا له الريح عاصفة شديدة الهبوب يقطع مسافة كثيرة في مدة يسيرة كما قال غدوها شهر ورواحها شهر تجري بأمره .
القمي قال تجري من كل جانب إلى الارض التي باركنا فيها قال إلى بيت المقدس والشام وكنا بكل شيء عالمين فيجريه على ما يقتضيه الحكمة .
( 82 ) ومن الشياطين من يغوصون له في البحار ويخرجون نفايسه ويعملون عملا دون ذلك ويتجاوزون ذلك إلى أعمال اخر كبناء المدن والقصور وإختراع الصنايع الغريبة لقوله تعالى يعملون له ما يشآء من محاريب وتماثيل وكنا لهم حافظين عن أن يزيغوا عن أمرنا أو يفسدوا على ما هو مقتضى جبلتهم .
( 83 ) وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر وهو بالفتح شايع في كل ضرر وبالضم خاص بما في النفس كمرض وهزال وأنت أرحم الراحمين وصف ربه


( 351 )

بغاية الرحمة بعد ما ذكر نفسه بما يوجبها واكتفى بذلك عن عرض المطلوب لطفا في السؤال قيل وكان روميا من ولد عيص بن إسحاق إستنبأه الله وكثر أهله وماله ثم ابتلاه الله بهلاك أولاده وذهاب أمواله والمرض في بدنه ويأتي ذكر قصته في سورة ص إن شاء الله تعالى .
( 84 ) فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر بالشفاء من مرضه وآتيانه أهله ومثلهم معهم .
في الكافي عن الصادق عليه السلام إنه سئل كيف اوتي مثلهم معهم قال أحيى له من ولده الذين كانوا ماتوا قبل ذلك بآجالهم مثل الذين هلكوا يومئذ رحمة من عندنا عليه وذكرى وتذكرة للعابدين .
في الخصال عنه عليه السلام قال ابتلى أيوب سبع سنين بلا ذنب .
وفي العلل عنه عليه السلام قال إنما كانت بلية أيوب عليه السلام التي إبتلي بها في الدنيا لنعمة أنعم الله بها عليه فأدى شكرها الحديث ويأتي تمامه إن شاء الله في سورة ص .
( 85 ) وإسماعيل وإدريس وذا الكفل هو يوشع بن نون .
رواه في العيون عن الرضا عن أمير المؤمنين عليه السلام في خبر الشامي كل كل هؤلاء من الصابرين على مشاق التكاليف وشدائد المصائب .
( 86 ) وأدخلناهم في رحمتنا النبوة في الدنيا والنعيم في الآخرة إنهم من الصالحين .
( 87 ) وذا النون وصاحب الحوت يونس بن متي إذ ذهب مغاضبا لقومه لما برم لطول دعوتهم وشدة شكيمتهم وتمادي إصرارهم مهاجرا عنهم قبل أن يؤمر به كما سبق قصته في سورته فظن أن لن نقدر عليه قيل أي لن نضيق عليه أو لن نقضي عليه بالعقوبة من القدر أو لن نعمل فيه قدرتنا وقيل هو تمثيل لحاله بحال من ظن أن لن نقدر عليه في امر مراغمة قومه من غير إنتظار لأمرنا أو خطرة شيطانية سبقت إلى وهمه فسمي ظنا للمبالغة فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من


( 352 )

الظالمين قيل أي لنفسي بالمبادرة إلى المهاجرة .
وفي العيون عن الرضا عليه السلام إنه سئل عن هذه الآية فقال ذاك يونس بن متي ذهب مغاضبا لقومه فظن بمعنى استيقن أن لن نقدر عليه أي لن نضيق عليه رزقه ومنه قول الله عز وجل وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه أي ضيق عليه وقتر فنادى في الظلمات ظلمة الليل وظلمة البحر وظلمة بطن الحوت أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين بتركي مثل هذه العبادة التي قد فرغتني لها في بطن الحوت فاستجاب الله وقال عز وجل فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون .
وفي رواية اخرى عنه عليه السلام بعد تفسير لن نقدر بما ذكر ولو ظن أن الله لا يقدر عليه لكان قد كفر .
والقمي عن الباقر عليه السلام في قوله وذا النون إذ ذهب مغاضبا يقول من أعمال قومه فظن أن لن نقدر عليه يقول ظن أن لن نعاقب بما صنع .
وعن الصادق عليه السلام إنه سئل ما كان سببه حتى ظن أن لن نقدر عليه قال وكله الله إلى نفسه طرفة عين .
وعن النبي صلى الله عليه وآله إنما وكل الله يونس بن متي إلى نفسه طرفة عين فكان منه ما كان .
وعن الصادق عليه السلام بعد ما ذكر من قصة يونس ما سبق في سورته قال فغضب يونس وفّر على وجهه مغاضبا لله كما حكى الله عنه حتى إنتهى إلى ساحل البحر فإذا سفينة قد شحنت الحديث .
ويأتي تمامه في سورة الصافات إن شاء الله ويذكر فيه ما دعاه إلى ندائه في الظلمات .
( 88 ) فاستجبنا له ونجيناه من الغم بأن قذفه الحوت إلى الساحل وأنبت الله عليه شجرة من يقطين وكذلك ننجي المؤمنين من عموم دعوا الله فيها بالأخلاص وقرء بنون واحدة وتشديد الجيم .
في الفقيه والخصال عن الصادق عليه السلام عجبت لمن يفزع من أربع كيف


( 353 )

لا يفزع إلى أربع إلى قوله عليه السلام عجبت لمن اغتم كيف لا يفزع إلى قوله تعالى لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين فإني سمعت الله يقول بعقبها فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين وروي عن النبي صلى الله عليه وآله ما من مكروب يدعوا بهذا الدعاء إلا استجيب له .
( 89 ) وزكريا إذ نادى ربه رب لا تذرني فردا وحيدا بلا ولد يرثني وأنت خير الوارثين فإن لم ترزقني من يرثني فلا ابالي به .
( 90 ) فاستجبنا له ووهبنا له يحيى وأصلحنا له زوجه .
القمي في روايته قال كانت لا تحيض فحاضت إنهم كانوا يسارعون في الخيرات يبادرون إلى أبواب الخير ويدعوننا رغبا ورهبا .
القمي قال راغبين راهبين .
أقول : لعل المراد الرغبة في الطاعة لا في الثواب والرهبة من المعصية لا من العقاب لارتفاع مقام الأنبياء عن ذلك .
قال أمير المؤمنين عليه السلام إلهي ما عبدتك خوفا من نارك ولا طمعا في جنتك ولكن وجدتك أهلا للعبادة فعبدتك .
وفي الخصال عن الصادق عليه السلام إن الناس يعبدون الله على ثلاثة أوجه فطبقة يعبدون الله رغبة في ثوابه فتلك عبادة الحرصاء وهي الطمع وآخرون يعبدونه فزعا من النار فتلك عبادة العبيد وهي الرهبة ولكني أعبده حبا له فتلك عبادة الكرام وفي بعض الألفاظ الاجراء مكان الحرصاء ولك أن تقول إن أولياء الله قد يعملون بعض الأعمال للجنة وصرف النار لأن حبيبهم يحب ذلك هذا أمير المؤمنين سيد الأولياء قد كتب كتابا لبعض ما وقفه من أمواله فصدر كتابه بعد التسمية بهذا هذا ما أوصى به وقضى به في ماله عبد الله على إبتغاء وجه الله ليولجني به الجنة ويصرفني به عن النار ويصرف النار عني يوم تبيض وجوه وتسود وجوه أو تقول إن جنة الأولياء لقاء الله وقربه ونارهم فراقه وبعده .


( 354 )

وفي الكافي عن الصادق الرغبة أن تستقبل ببطن كفيك إلى السماء والرهبة أن تجعل ظهر كفيك إلى السماء وكانوا لنا خاشعين مخبتين أو دائمي الوجل والمعنى أنهم نالوا من الله ما نالوا بهذه الخصال .
( 91 ) والتي أحصنت فرجها .
القمي قال مريم لم ينظر إليها شيء فنفخنا فيها من روحنا قد سبق تحقيق معنى الروح في سورة الحجر وجعلناها وابنها آية للعالمين فإن من تأمل حالهما تحقق كمال قدرة الصانع تعالى .
( 92 ) إن هذه أمتكم ملتكم وهي ملة الأسلام والتوحيد أمة واحدة غير مختلفة فيما بين الأنبياء وأنا ربكم لا إله لكم غيري فاعبدون لا غيري .
( 93 ) وتقطعوا أمرهم بينهم تفرقوا في الدين وجعلوا أمره قطعا موزعة كل من الفرق المتجزية إلينا راجعون فنجازيهم .
( 94 ) فمن يعمل من الصالحات وهو مؤمن بالله ورسله فلا كفران لسعيه فلا تضييع لسعيه استعير لمنع الثواب كما استعير الشكر لأعطائه وإنا له لسعيه كاتبون مثبتون في صحيفة عمله .
( 95 ) وحرام على قرية ممتنع على أهلها غير متصور منهم وقريء حرم بكسر الحاء وسكون الراء أهلكناها أنهم لا يرجعون قيل أي حرام رجوعهم إلى الدنيا أو إلى التوبة ولا مزيدة وقيل أي حرام عدم رجوعهم للجزاء وهو مبتدأ وحرام خبره .
في الفقيه في خطبة الجمعة لأمير المؤمنين عليه السلام ألم تروا إلى الماضين منكم لا يرجعون وإلى الخلف الباقين منكم لا يبقون قال الله تعالى وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون وهذا ناظر إلى المعنى الأول ويؤيده القراءة بالكسر في الشواذ كما أنها تؤيد المعنى الثاني أيضا والقراءة بالفتح المشهورة تؤيد المعنى الثالث .
والقمي عنهما عليهما السلام قالا كل قرية أهلك الله عز وجل أهلها بالعذاب لا


( 355 )

يرجعون في الرجعة .
وفي المجمع عن الباقر عليه السلام قال كل قرية أهلكها الله بعذاب فإنهم لا يرجعون .
( 96 ) حتى إذا فتحت وقرء بالتشديد يأجوج ومأجوج سدهما .
القمي قال إذا كان في آخر الزمان خرج يأجوج ومأجوج إلى الدنيا ويأكلون الناس وهم من كل حدب نشز من الأرض ينسلون يسرعون .
( 97 ) واقترب الوعد الحق فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا جواب الشرط وإذا للمفاجأة يا ويلنا مقدر بالقول قد كنا في غفلة من هذا لم نعلم أنه حق بل كنا ظالمين لأنفسنا بالأخلال بالنظر والأعتداء بالنذر .
( 98 ) إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم يرمى به إليها ويهيج به من حصبه يحصبه إذا رماه بالحصباء والقمي يقذفون فيها قذفا .
وفي المجمع وقراءة عليّ حطب بالطاء أنتم لها واردون عوض اللام من على للأختصاص والدلالة على أن ورودهم لأجلها .
( 99 ) لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها وكل فيها خالدون لا خلاص لهم عنها .
( 100 ) لهم فيها زفير أنين وتنفس شديد وهم فيها لا يسمعون .
في قرب الأسناد عن الصادق عن أبيه عليهما السلام إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال إن الله تبارك وتعالى يأتي يوم القيامة بكل شيء يعبد من دونه من شمس أو قمر أو غير ذلك ثم يسأل كل إنسان عما كان يعبد فيقول كل من عبد غير الله ربنا إنا كنا نعبدها لتقربنا إليك زلفى قال فيقول الله تبارك وتعالى للملائكة إذهبوا بهم وبما كانوا يعبدون إلى النار وما خلا من استثنيت فأولئك عنها مبعدون .
وفي العلل عنه عليه السلام إذا كان يوم القيامة اتي بالشمس والقمر في صورة ثورين فيقذف بهما وبمن يعبدهما في النار وذلك إنهما عبدا فرضيا .


( 356 )

أقول : ويأتي تأويل هذا الحديث في سورة الرحمن .
والقمي عن الباقر عليه السلام لما نزلت هذه الآية وجد منها أهل مكة وجدا شديدا فدخل عليهم عبد الله بن الزبعرى وكفار قريش يخوضون في هذه الآية فقال ابن الزبعرى أتكلم محمد صلى الله عليه وآله بهذه الآية قالوا نعم قال ابن الزبعرى لئن إعترف بها لأخصمنه فجمع بينهما فقال يا محمد أرايت الآية التي قرأت آنفا فينا وفي آلهتنا خاصة أم في الامم وآلهتهم قال بلى فيكم وفي آلهتكم وفي الامم وآلهتهم إلا من استثنى الله فقال ابن الزبعرى خصمتك والله ألست تثني على عيسى عليه السلام خيرا وقد عرفت أن النصارى يعبدون عيسى وامه ، وأن طائفة من الناس يعبدون الملائكة أفليس هؤلاء مع الالهة في النار فقال رسول الله صلى الله عليه وآله لا فضجت قريش وضحكوا قالت قريش خصمتك ابن الزبعرى فقال رسول الله صلى الله عليه وآله قلتم الباطل أما قلت إلا من استثنى الله وهو قوله إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون إلى قوله أنفسهم خلدون .
( 101 ) إن الذين سبقت لهم منا الحسنى الخصلة الحسنى أولئك عنها مبعدون .
القمي يعني الملائكة وعيسى بن مريم عليه السلام .
( 102 ) لا يسمعون حسيسها صوتها الذي يحس به وهم في ما اشتهت أنفسهم خالدون .
( 103 ) لا يحزنهم الفزع الاكبر وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون في الدنيا .
في المجالس عن النبي صلى الله عليه وآله إنه قال لعلي عليه السلام يا علي أنت وشيعتك على الحوض تسقون من أحببتم وتمنعون من كرهتم وأنتم الامنون يوم الفزع الأكبر في ظل العرش يفزع الناس ولا تفزعون ويحزن الناس ولا تحزنون وفيكم نزلت هذه الآية إن الذين سبقت لهم منا الحسنى الآية وفيكم نزلت لا يحزنهم الفزع الاكبر الآية .


( 357 )

وفي المحاسن عن الصادق عليه السلام قال إن الله يبعث شعيتنا يوم القيامة على ما فيهم من الذنوب أوغيره مبيضة وجوههم مستورة عوراتهم آمنة روعتهم قد سهلت لهم الموارد وذهبت عنهم الشدائد يركبون نوقا من ياقوت فلا يزالون يدورون خلال الجنة عليهم شرك من نور يتلألؤ توضع لهم الموائد فلا يزالون يطعمون والناس في الحساب وهو قول الله تبارك وتعالى إن الذين سبقت لهم منا الحسنى الآية .
( 104 ) يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب قيل كطي الطومار لأجل الكتابة أو للمكتوب فيه وقرء على الجمع أي للمعاني الكثيرة المكتوبة فيه .
والقمي قال السجل إسم الملك الذي يطوي الكتب ومعنى نطويها أي نفنيها فتحول دخانا والأرض نيرانا كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا أي علينا إنجازه إنا كنا فاعلين ذلك لا محالة .
في المجمع عن النبي صلى الله عليه وآله إنه قال يحشرون يوم القيامة عراة حفاة عزلا كما بدأنا أول خلق نعيده الآية .
( 105 ) ولقد كتبنا في الزبور في كتاب داود عليه السلام من بعد الذكر .
القمي قال الكتب كلها ذكر أن الارض يرثها عبادي الصالحون قال قال القائم عليه السلام وأصحابه قال والزبور فيه ملاحم وتحميد وتمجيد ودعاء .
وفي رواية اخرى وأنزل الله عليه يعني على داود الزبور فيه تحميد وتمجيد ودعاء وأخبار رسول الله وأمير المؤمنين والأئمة من ذريتهما عليهم السلام وأخبار الرجعة وذكر القائم عليه السلام .
وفي الكافي عن الصادق عليه السلام إنه سئل عن هذه الآية ما الزبور وما الذكر قال الذكر عند الله والزبور الذي أنزل على داود عليه السلام وكل كتاب نزل فهو عند أهل العلم ونحن هم .
وفي المجمع عن الباقر عليه السلام في قوله أن الارض يرثها عبادي الصالحون قال هم أصحاب المهدي عليه السلام في آخر الزمان .


( 358 )

قال صاحب المجمع ويدل على ذلك ما رواه الخاص والعام عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث رجلا من أهل بيتي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا .
( 106 ) إن في هذا فيما ذكر من الأخبار والمواعظ لبلاغا لكفاية في البلوغ إلى البغية لقوم عابدين همهم العبادة دون العادة .
( 107 ) وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين لأن ما بعثت به سبب لاسعادهم وموجب لصلاح معاشهم ومعادهم وكونه رحمة للكفار أمنهم به من الخسف والمسخ وعذاب الأستيصال .
وفي الأحتجاج عن أمير المؤمنين عليه السلام في حديث مجيبا لبعض الزنادقة وأما قوله لنبيه صلى الله عليه وآله وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين وإنك ترى أهل الملل المخالفة للأيمان ومن يجري مجراهم من الكفار مقيمين على كفرهم إلى هذه الغاية وأنه لو كان رحمة عليهم لاهتدوا جميعا ونجوا من عذاب السعير فإن الله تبارك وتعالى اسمه إنما عنى بذلك إنه جعله سبيلا لأنذار أهل هذه الدار لأن الأنبياء قبله بعثوا بالتصريح لا بالتعريض وكان النبي صلى الله عليه وآله منهم إذ صدع بأمر الله وأجابه قومه سلموا وسلم أهل دارهم من سائر الخليقة وإن خالفوه هلكوا وهلك أهل دارهم بالافة التي كانت نبيهم يتوعدهم بها ويخوفهم حلولها ونزولها بساحتهم من خسف أو قذف أو رجف أو ريح أو زلزلة أو غير ذلك من أصناف العذاب الذي هلكت به الامم الخالية وأن الله علم من نبينا صلى الله عليه وآله ومن الحجج في الأرض الصبر على ما لم يطق من تقدمهم من الأنبياء الصبر على مثله فبعثه الله بالتعريض لا بالتصريح وأثبت حجة الله تعريضا لا تصريحا بقوله في وصيه من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه وهو مني بمنزلة هارون من موسى إلا إنه لا نبي بعدي وليس من خليقة النبي صلى الله عليه وآله ولا من شيمته أن يقول قولا لا معنى له فلزم الامة أن تعلم أنه لما كانت النبوة والاخوة موجودتين في خلق هارون ومعدومتين فيمن جعله النبي صلى الله عليه وآله بمنزلته أنه قد إستخلفه على امته كما إستخلف موسى هرون عليه السلام حيث


( 359 )

قال له اخلفني في قومي ولو قال لهم لا تقلدوا الأمامة إلا فلانا بعينه وإلا نزل بكم العذاب لأتاهم العذاب وزال باب الأنظار والأمهال .
وفي المجمع عن النبي صلى الله عليه وآله إنه قال لجبرئيل لما نزلت هذه الآية هل أصابك من هذه الرحمة شيء قال نعم إني كنت أخشى عاقبة الامر فآمنت بك لما أثنى الله عليّ بقوله ذي قوة عند ذي العرش مكين .
وفي العلل عن الباقر عليه السلام أما لو قد قام قائمنا ردت بالحميراء حتى يجلدها الحد وحتى ينتقم لأبنة محمد صلى الله عليه وآله فاطمة عليها السلام منها قيل ولم يجلدها قال لفريتها على ام إبراهيم قيل فكيف أخره الله للقائم عليه السلام قال ان الله تبارك وتعالى بعث محمد صلى الله عليه وآله رحمة وبعث القائم عليه السلام نقمة .
( 108 ) قل إنما يوحى إليّ أنما إلهكم إله واحد ما يوحى إليّ إلا أنه لا إله لكم إلا إله واحد وذلك لأن المقصود الأصلي من بعثته مقصور على التوحيد فهل أنتم مسلمون مخلصون العبادة لله على مقتضى الوحي .
في المناقب عن الصادق عليه السلام فهل أنتم مسلمون الوصية لعلي بعدي نزلت مشددة .
أقول : ومالهما واحد لأن مخالفة الوصية عبادة للهوى والشيطان .
( 109 ) فإن تولوا عن التوحيد أو الوصية فقل آذنتكم أعلمتكم ما أمرت به على سوآء عدل وإن أدري وما أدري أقريب أم بعيد ما توعدون لكنه كائن لا محالة :
( 110 ) إنه يعلم الجهر من القول ما تجاهرون به من الطعن في الأسلام ويعلم ما تكتمون من الاحن والاحقاد للمسلمين فيجازيكم عليه .
( 111 ) وإن أدري لعله فتنة لكم وما أدري لعل تأخير جزائكم استدراج لكم وزيادة في افتتانكم أو امتحان لينظر كيف تعملون ومتاع إلى حين تمتيع إلى أجل مقدر يقتضيه مشيته .


( 360 )

( 112 ) قال رب احكم بالحق .
القمي قال معناه لا تدع للكفار والحق الأنتقام من الظالمين قال ومثله في سورة آل عمران ليس لك من الامر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون وقريء قال على حكاية قول الرسول صلى الله عليه وآله وربنا الرحمن كثير الرحمة على خلقه المستعان المطلوب منه المعونة على ما يصفون من الحال بأن الشوكة تكون لهم وأن راية الأسلام تخفق أياما ثم تسكن وأن الموعد به لو كان حقا لنزل بهم فأجاب الله دعوة رسوله فخيب أمانيهم ونصر رسوله عليهم وقرء بالتاء .
في ثواب الأعمال والمجمع عن الصادق عليه السلام من قرأ سورة الأنبياء حبا لها كان كمن رافق النبيين أجمعين في جنات النعيم وكان مهيبا في أعين الناس في حياة الدنيا .