تفسير الصافي ج 3 ص 401 الى ص 420
( 50 ) وجعلنا ابن مريم وأمه آية بولادتها إياه من غير مسيس وآويناهما إلى ربوة وقرء بفتح الراء وجعلنا مأويهما مكانا مرتفعا ذات قرار منبسطة تصلح للأستقرار والزرع ومعين ماء طاهر جار على وجه الأرض .
في الكافي عن الصادق عليه السلام قال الربوة نجف الكوفة والمعين الفرات .
وفي المجمع عنهما عليهما السلام الربوة حيرة الكوفة وسوادها والقرار مسجد الكوفة والمعين الفرات .
( 51 ) يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إنى بما تعملون عليم .
في المجمع عن النبي صلى الله عليه وآله إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا وأنه أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال يا أيها الرسل كلوا من الطيبات وقال يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم .
( 52 ) وإن هذه أمتكم أمة واحدة .
القمي قال على مذهب واحد وقرء وإن بالكسر وبالفتح والتخفيف وانا ربكم فاتقون في شق (1) العصا ومخالفة الكلمة .
( 53 ) فتقطعوا أمرهم بينهم فتخربوا وافترقوا وجعلوا دينهم أديانا متفرقة زبرا قطعا جمع زبور الذي بمعنى الفرقة كل حزب من المتحزبين بما لديهم من الدين فرحون معجبون معتقدون أنهم على الحق .
القمي قال كل من اختار لنفسه دينا فهو فرح به .
( 54 ) فذرهم في غمرتهم في جهالتهم شبهها بالماء الذي يغمر القامة حتى حين إلى أن يقتلوا أو يموتوا .
( 55 ) أيحسبون أنما نمدهم به ما نعطيهم ونجعله مددا لهم من مال وبنين بيان لما .
____________
(1) إنشقاق العصا : تفرق الأمر .
( 402 )

( 56 ) نسارع لهم في الخيرات فيما فيه خيرهم وإكرامهم بل لا يشعرون إن ذلك إستدراج .
في المجمع عن الصادق عن أبيه عن آبائه عليهم السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله إن الله تعالى يقول يحزن عبدي المؤمن إذا اقترت عليه شيئا من الدنيا وذلك أقرب له مني ويفرح إذا بسطت له الدنيا وذلك أبعد له مني ثم تلا هذه الآية ثم قال إن ذلك فتنة لهم .
( 57 ) إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون من خوف عذابه حذرون .
( 58 ) والذين هم بآيات ربهم يؤمنون .
( 59 ) والذين هم بربهم لا يشركون شركا جليا ولا خفيا .
( 60 ) والذين يؤتون ما آتوا قيل يعطون ما اعطوه من الصدقات .
والقمي قال من العبادة والطاعة ويؤيده قراءة يأتون ما أتوا في الشواذ وما يأتي من الروايات وقلوبهم وجلة خائفة أن لا يقبل منهم وأن لا يقع على الوجه اللائق فيؤاخذ به أنهم إلى ربهم راجعون لأن مرجعهم إليه وهو يعلم ما يخفى عليهم .
في الكافي عن الصادق عليه السلام إنه سئل عن هذه الآية فقال مم إشفاقهم ورجاؤهم يخافون أن ترد عليهم أعمالهم إن لم يطيعوا الله عز ذكره ويرجون أن تقبل منهم .
وفي المجمع عنه عليه السلام وقلوبهم وجلة معناه خائفة أن لا يقبل منهم قال : وفي رواية اخرى يؤتى ما أتى وهو خائف راج .
وفي المحاسن عنه عليه السلام في هذه الآية قال يعملون ما عملوا من عمل وهم يعلمون أنهم يثابون عليه .
وفي الكافي عنه عليه السلام قال إن استطعت أن لا تعرف فافعل وما عليك أن


( 403 )

لا يثني عليك الناس وما عليك أن تكون مذموما عند الناس إذا كنت محمودا عند الله ثم قال قال أبي علي ابن أبي طالب عليه السلام لا خير في العيش إلا لرجلين رجل يزداد كل يوم خيرا ورجل يتدارك السيئة بالتوبة وأنى له بالتوبة والله لو سجد حتى ينقطع عنقه ما قبل الله تبارك وتعالى منه إلا بولايتنا أهل البيت ألا ومن عرف حقنا ورجا الثواب فينا ورضي بقوته نصف مد في كل يوم وما ستر عورته وما أكن رأسه وهم والله في ذلك خائفون وجلون ودوا أنه حظهم من الدنيا وكذلك وصفهم الله تعالى فقال والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون ثم قال ما الذي اتوا اتوا والله الطاعة مع المحبة والولاية وهم في ذلك خائفون ليس خوفهم خوف شك ولكنهم خافوا أن يكونوا مقصرين في محبتنا وطاعتنا .
( 61 ) أولئك يسارعون في الخيرات يرغبون في الطاعات أشد الرغبة فيبادرون بها وهم لها سابقون .
القمي عن الباقر عليه السلام هو علي بن أبي طالب عليه السلام لم يسبقه أحد .
( 62 ) ولا نكلف نفسا إلا وسعها دون طاقتها يريد به التحريض على ما وصف به الصالحون وتسهيله على النفوس ولدينا كتاب هو صحيفة الأعمال ينطق بالحق بالصدق لا يوجد فيه مايخالف الواقع وهم لا يظلمون بزيادة عقاب أو نقصان ثواب .
في المناقب عن السجاد عليه السلام إنه كان إذا دخل شهر رمضان يكتب على غلمانه ذنوبهم حتى إذا كان آخر ليلة دعاهم ثم أظهر الكتاب وقال يا فلان فعلت كذا وكذا ولم اؤدبك فيقرون أجمع فيقوم وسطهم ويقول ارفعوا أصواتكم وقولوا يا علي بن الحسين ربك قد أحصى عليك ما عملت كما أحصيت علينا ولديه كتاب ينطق بالحق لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها فاذكر ذل مقامك بين يدي ربك الذي لا يظلم مثقال ذرة وكفى بالله شهيدا فاعف واصفح يعف عنك المليك لقوله تعالى وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم ويبكي وينوح .
( 63 ) بل قلوبهم قلوب الكفرة في غمرة في غفلة غامرة من هذا قيل من


( 404 )

الذي وصف به هؤلاء أو من كتاب الحفظة .
والقمي يعني من القرآن ولهم أعمال خبيثة من دون ذلك سوى ماهم عليه من الشرك هم لها عاملون معتادون فعلها .
( 64 ) حتى إذا أخذنا مترفيهم متنعميهم القمي يعني كبرائهم بالعذاب في الجوامع هو قتلهم يوم بدرا والجوع حين دعا عليهم رسول الله صلى الله عليه وآله فقال اللهم أشدد وطأتك على مضر واجعلها عليهم سنين كسنين يوسف عليه السلام فابتلاهم بالقحط حتى أكلوا الجيف والكلاب والعظام المحترقة والقذر والأولاد إذا هم يجارون فاجئوا الصراخ بالأستغاثة .
( 65 ) لا تجأروا اليوم إنكم منا لا تنصرون قيل لهم ذلك .
( 66 ) قد كانت آياتي تتلى عليكم فكنتم على أعقابكم تنكصون تعرضون مدبرين عن سماعها وتصديقها والعمل بها والنكوص الرجوع قهقري .
( 67 ) مستكبرين به قيل أي بالقرآن بتضمين الأستكبار معنى التكذيب وقيل أي بالبيت العتيق وشهرة استكبارهم وافتخارهم بأنهم قوامه أغنت عن سبق ذكره سامرا أي يسمرون بذكر القرآن والطعن فيه قيل كانوا يقصون بالليل في مجالسهم حول البيت تهجرون أما من الهجر بمعنى القطيعة أو الهذيان أي تعرضون عن القرآن أو تهذون في شأنه أو من الهجر بالضم بمعنى الفحش وقريء بضم التاء .
( 68 ) أفلم يدبروا القول أي القرآن ليعلموا أنه الحق من ربهم باعجاز لفظه ووضوح مدلوله أم جائهم ما لم يأت آبائهم الاولين من الرسول والكتاب وفي الجوامع حيث خافوا الله فآمنوا به وأطاعوه قال وآباؤهم إسمعيل وأعقابه .
وعن النبي صلى الله عليه وآله لا تسبوا مضر ولا ربيعة فإنهما كانا مسلمين ولا تسبوا الحارث بن كعب ولا أسد بن خزيمة ولا تميم بن مرة فإنهم كانوا على الأسلام وما شككتم فيه من شيء فلا تشكوا في أن تبعا كان مسلما .
( 69 ) أم لم يعرفوا رسولهم بالأمانة والصدق وحسن الخلق وكمال العلم مع


( 405 )

عدم التعلم إلى غير ذلك مما هو صفة الأنبياء فهم له منكرون .
( 70 ) أم يقولون به جنة فلا يبالون بقوله وكانوا يعلمون أنه أرجحهم عقلا وأثبتهم نظرا بل جائهم بالحق وأكثرهم للحق كارهون لأنه يخالف شهواتهم وأهوائهم فلذلك أنكروه قيل إنما قيد الحكم بالأكثر لأنه كان منهم من ترك الأيمان استنكافا من توبيخ قومه أو لقلة فطنته وعدم فكرته لا لكراهة الحق .
( 71 ) ولو اتبع الحق اهوائهم لفسدت السماوات والارض ومن فيهن لذهب ما قام به العالم فلا يبقى .
القمي قال الحق رسول الله صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام قال فساد السماء إذا لم تمطر وفساد الأرض إذا لم تنبت وفساد الناس في ذلك بل آتيناهم بذكرهم بالكتاب الذي هو ذكرهم أي وعظهم أو صيتهم وفخرهم أو الذكر الذي تمنوه بقولهم لو أن عندنا ذكرا من الاولين فهم عن ذكرهم معرضون .
( 72 ) أم تسئلهم خرجا أجرا على أداء الرسالة فخراج ربك خير فأجره في الدنيا والآخرة خير لسعته ودوامه ففيه مندوحة لك عن عطائهم والخرج بإزاء الدخل والخراج غالب في الضريبة على الأرض ففيه إشعار بالكثرة واللزوم وقرء الخرج في الموضعين وبالخراج فيهما .
القمي عن الباقر عليه السلام يقول أم تسألهم أجرا فأجر ربك خير وهو خير الرازقين تقرير لخيرية خراجه .
( 73 ) وإنك لتدعوهم إلى صراط مستقيم .
القمي قال إلى ولاية أمير المؤمنين عليه السلام .
( 74 ) وإن الذين لا يؤمنون بالآخرة عن الصراط لناكبون لعادلون عنه فإن خوف الآخرة أقوى البواعث على طلب الحق وسلوك طريقه .
القمي قال عن الأمام لحادون .


( 406 )

وفي الكافي عن الصادق عليه السلام قال قال أمير المؤمنين عليه السلام إن الله تبارك وتعالى لو شاء لعرف العباد نفسه ولكن جعلنا أبوابه وصراطه وسبيله والوجه الذي يؤتى منه فمن عدل عن ولايتنا أو فضّل علينا غيرنا فإنهم عن الصراط لناكبون .
( 75 ) ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضر يعني القحط للجوا لتمادوا في طغيانهم إفراطهم في الكفر والأستكبار عن الحق وعداوة الرسول والمؤمنين يعمهون عن الهدى .
روي أنهم قحطوا حتى أكلوا العلهر فجاء أبو سفيان إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال أنشدك الله والرحم ألست تزعم إنك بعثت رحمة للعالمين قتلت الاباء بالسيف والأبناء بالجوع فنزلت كذا في الجوامع .
( 76 ) ولقد أخذناهم بالعذاب قيل يعني القتل يوم بدر .
والقمي هو الجوع والخوف والقتل فما استكانوا لربهم وما يتضرعون بل أقاموا على عتوهم واستكبارهم .
في الكافي عن الباقر عليه السلام إنه سئل عن هذه الآية قال الأستكانة هي الخضوع والتضرع رفع اليدين والتضرع بهما .
وفي المجمع عن الصادق عليه السلام الأستكانة الدعاء والتضرع رفع اليدين في الصلاة .
( 77 ) حتى إذا فتحنا عليهم بابا ذا عذاب شديد .
في المجمع عنه عليه السلام وذلك حين دعا النبي صلى الله عليه وآله عليهم فقال اللهم إجعلها عليهم سنين كسني يوسف عليه السلام فجاعوا حتى أكلوا العلهر وهو الوبر بالدم .
وعن الباقر عليه السلام هو في الرجعة إذا هم فيه مبلسون متحيرون آيسون من كل خير حتى جاءك أغناهم يستعطفك .
____________
(1) العلهر : بالكسر القراد الضخم وطعام من الدم والوبر كان يتخذ في المجاعة .
( 407 )

( 78 ) وهو الذي أنشأ لكم السمع والابصار لتحسوا بهما ما نصب من الآيات والافئدة لتتفكروا فيها وتستدلوا بها إلى غير ذلك من المنافع قليلا ما تشكرون تشكرونها شكرا قليلا لأن العمدة في شكرها إستعمالها فيما خلقت لأجلها والأذعان لمنعمهما من غير إشراك .
( 79 ) وهو الذي ذرأكم في الارض خلقكم وبثكم فيها بالتناسل واليه تحشرون تجمعون بعد تفرقتكم .
( 80 ) وهو الذي يحيي ويميت وله اختلاف الليل والنهار أفلا تعقلون بالنظر والتأمل إن الكل منا وأن قدرتنا تعم كل شيء .
( 81 ) بل قالوا كفار مكة مثل ما قال الاولون .
( 82 ) قالوا أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمبعوثون إستبعادا ولم يتأملوا إنهم كانوا قبل ذلك أيضا ترابا فخلقوا .
( 83 ) لقد وعدنا نحن وآباؤنا هذا من قبل إن هذا إلا أساطير الاولين إلا أكاذيبهم التي كتبوها جمع أسطور لأنه يستعمل فيما يتلهى به كالأعاجيب والأضاحيك وقيل جمع أسطار جمع سطر .
( 84 ) قل لمن الارض ومن فيها إن كنتم تعلمون .
( 85 ) سيقولون لله لأن العقل الصريح إضطرهم بأدنى نظر بأنه خالقها قل بعد ما قالوه أفلا تذكرون فتعلمون أن من فطر الأرض ومن فيها إبتداء قدر على إيجادها ثانيا وأن بدء الخلق ليس بأهون من إعادته .
( 86 ) قل من رب السماوات السبع ورب العرش العظيم فإنها أعظم من ذلك .
( 87 ) سيقولون لله فيه وقرء بغير لام فيه وفيما بعده على ما يقتضيه لفظ السؤال قل أفلا تتقون عقابه فلا تشركوا به بعض مخلوقاته ولا تنكروا قدرته على بعض مقدوراته .


( 408 )

( 88 ) قل من بيده ملكوت كل شيء الملك الذي وكل به وهو يجير يغيث من يشاء ويحرسه ولا يجار عليه ولا يغاث أحد ولا يحرس وتعديته بعلى التضمين معنى النصرة إن كنتم تعلمون .
( 89 ) سيقولون لله قل فأنى تسحرون فمن أين تخدعون فتصرفون من الرشد مع ظهور الأمر وتظاهر الأدلة .
( 90 ) بل أتيناهم بالحق من التوحيد والوعد بالنشور وإنهم لكاذبون حيث أنكروا ذلك .
( 91 ) ما اتخذ الله من ولد لتقدسه عن مماثلة أحد وما كان معه من إله يساهمه في الألوهية إذا لذهب كل إله بما خلق وإستبد به وامتاز ملكه عن ملك آخر ولعلا بعضهم على بعض كما هو حال ملوك الدنيا فهذا التدبير المحكم وإتصاله وقوام بعضه ببعض يدل على صانع واحد سبحان الله عما يصفون من الولد والشريك .
( 92 ) عالم الغيب والشهادة وقرء بالرفع فتعالى عما يشركون .
في المعاني عن الصادق عليه السلام الغيب ما لم يكن والشهادة ما قد كان .
( 93 ) قل رب إما تريني إن كان لابد من أن تريني فإن ما والنون للتأكيد ما يوعدون .
( 94 ) رب فلا تجعلني في القوم الظالمين قرينا لهم .
في المجمع عن النبي صلى الله عليه وآله قال في حجة الوداع وهو بمنى لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض وأيم الله لئن فعلتموها لتعرفني في كتيبة يضاربونكم قال الراوي فغمز من خلفه منكبه الأيسر فالتفت فقال أو عليّ فنزلت .
أقول : ومن طريق الخاصة ما رواه سعد بن عبد الله في مختصر بصائره بإسناده عن جابر بن عبد الله قال رسول الله صلى الله عليه وآله وقد خطبنا يوم الفتح أيها الناس لأعرفنكم ترجعون بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض ولئن فعلتم


( 409 )

أضربكم بالسيف ثم التفت عن يمينه فقال الناس غمزه جبرئيل فقال له أو عليّ أو عليّ .
وفي رواية أبان بن تغلب عن الصادق عليه السلام قال فنزل عليه جبرئيل فقال يا محمد إن شاء الله أو يكون ذلك علي بن أبي طالب عليه السلام فقال رسول الله أو يكون ذلك علي بن أبي طالب عليه السلام فقال له جبرئيل واحدة لك وإثنتان لعلي عليه السلام وموعدكم السلام قال أبان جعلت فداك وأين السلام فقال يا أبان السلام من ظهر الكوفة .
أقول : وذلك إنما يكون في الرجعة .
( 95 ) وإنا على أن نريك ما نعدهم لقادرون يعني الرجعة .
( 96 ) ادفع بالتي هي أحسن السيئة وهي الصفح عنها والأحسان في مقابلتها وهو أبلغ من ادفع بالحسنة السيئة لما فيه من التنصيص على التفصيل .
وفي الكافي عن الصادق عليه السلام التي هي أحسن التقية نحن أعلم بما يصفون بما يصفونك به .
( 97 ) وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين وساوسهم وأصل الهمزة النخس .
القمي قال ما يقع في قلبك من وسوسة الشياطين .
( 98 ) وأعوذ بك رب أن يحضرون ويحوموا حولي في شيء من الأحوال .
( 99 ) حتى إذا جاء أحدهم الموت متعلق بيصفون وما بينهما اعتراض قال تحسرا على ما فرط فيه من الأيمان والطاعة لما اطلع على الأمر رب ارجعوني ردون إلى الدنيا والواو لتعظيم المخاطب كقوله ألا فارحموني يا إله محمد فإن لم أكن أهل فأنت له أهل .
( 100 ) لعلي أعمل صالحا فيما تركت .


( 410 )

القمي نزلت في مانع الزكاة .
وفي الكافي عن الصادق عليه السلام من منع الزكاة سئل الرجعة عند الموت وهو قوله تعالى رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت كلا ردع عن طلب الرجعة وإستبعاد لها إنها كلمة هو قائلها لتسلط الحسرة عليه ومن ورائهم أمامهم برزخ إلى يوم يبعثون .
القمي قال البرزخ أمر بين أمرين وهو الثواب والعقاب بين الدنيا والآخرة وهو قول الصادق عليه السلام والله ما أخاف عليكم إلا البرزخ وأما إذا صار الأمر إلينا فنحن أولى بكم .
وفي الكافي عن الصادق عليه السلام إنه قيل له إني سمعتك وأنت تقول كل شيعتنا في الجنة على ماكان منهم قال صدقتك كلهم والله في الجنة قيل إن الذنوب كثيرة كبار فقال أما في القيامة فكلكم في الجنة بشفاعة النبي المطاع أو وصي النبي صلى الله عليه وآله ولكني والله أتخوف عليكم في البرزخ قيل وما البرزخ فقال القبر منذ حين موته إلى يوم القيامة .
وفي الخصال عن السجاد عليه السلام إنه تلا هذه الآية وقال هو القبر وأن لهم فيها معيشة ضنكا والله إن القبر لروضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار .
( 101 ) فإذا نفخ في الصور لقيام الساعة فلا أنساب بينهم تنفعهم بالتعاطف والتراحم أو يفتخرون بها وذلك من فرط الحيرة واستيلاء الدهشة بحيث يفر المرء من أخيه وامه وأبيه وصاحبته وبنيه يومئذ كما هو اليوم .
في المجمع عن النبي صلى الله عليه وآله كل حسب ونسب منقطع إلا حسبي ونسبي ولا يتسائلون ولا يسئل بعضهم بعضا لاشتغاله بنفسه وهو لا يناقض قوله تعالى وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون لأن هذا عند النفخة وذلك عند المحاسبة .
والقمي عن الصادق عليه السلام في هذه الآية قال لا يتقدم يوم القيامة أحد إلا بالأعمال .


( 411 )

وفي المناقب عن السجاد عليه السلام فيها والله لا ينفعك غدا إلا مقدمة تقدمها من عمل صالح .
( 102 ) فمن ثقلت موازينه موزونات عقايده واعماله .
القمي قال بالأعمال الحسنة فأولئك هم المفلحون .
( 103 ) ومن خَفَّتْ موازينه قال من تلك الأعمال الحسنة .
أقول : قد مضى تحقيق معنى الوزن في سورة الأعراف فأولئك الذين خسروا أنفسهم غبنوها حيث ضيعوا زمان استكمالها وأبطلوا إستعدادها لنيل كمالها في جهنم خالدون .
( 104 ) تلفح وجوههم النار تحرقها .
القمي قال تلهب عليهم فتحرقهم قيل اللفح كالنفخ إلا أنه أشد تأثيرا من النفخ وهم فيها كالحون من شدة الأحتراق والكلوح تقلص الشفتين عن الأسنان .
القمي أي مفتوحي الفم متربدي الوجوه .
( 105 ) ألم تكن آياتي تتلى عليكم فكنتم بها تكذبون أي يقال لهم ذلك تأنيبا وتذكيرا .
( 106 ) قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا ملكتنا بحيث صارت أحوالنا مؤدية إلى سوء العاقبة وقريء شقاوتنا بالألف وفتح الشين .
في التوحيد عن الصادق عليه السلام قال بأعمالهم شقوا وكنا قوما ضالين عن الحق .
( 107 ) ربنا أخرجنا منها من النار فإن عدنا إلى التكذيب فانا ظالمون لأنفسنا .
( 108 ) قال اخسئوا فيها اسكتوا سكوت هوان فانها ليست مقام سؤال من خسئات الكلب إذا زجرته فانزجر ولا تكلمون .


( 412 )

القمي بلغني والله أعلم أنهم تداكوا بعضهم على بعض سبعين عاما حتى انتهوا إلى قعر جهنم .
( 109 ) إنه كان فريق من عبادي يقولون ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين .
( 110 ) فاتخذتموهم سخريا هزوا قرء بضم السين حتى أنسوكم ذكري من فرط تشاغلكم بالأستهزاء بهم فلم تخافوني في أوليائي وكنتم منهم تضحكون إستهزاء بهم .
( 111 ) إني جزيتهم اليوم بما صبروا على أذاكم أنهم هم الفائزون مخصوصون بالفوز بمراداتهم وقريء بكسر الهمزة .
( 112 ) قال قال الله تعالى أو الملك المأمور بسؤالهم وقريء قل على الأمر للملك كم لبثتم في الارض احياء وأمواتا في القبور عدد سنين .
( 113 ) قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم استقصارا لمدة لبثهم فيها فاسئل العادين .
القمي قال سل الملائكة الذين يعدون علينا الايام ويكتبون ساعاتنا وأعمالنا التي اكتسبناها فيها .
( 114 ) قال وقرء قل إن لبثتم إلا قليلا لو أنكم كنتم تعلمون .
( 115 ) أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا توبيخ لهم على تغافلهم أي لم نخلقكم تلهيا بكم وإنما خلقناكم لنتعبدكم ونجازيكم على أعمالكم وهو كالدليل على البعث وأنكم إلينا لا ترجعون وقرء بفتح التاء وكسر الجيم .
في العلل عن الصادق عليه السلام إن الله تبارك وتعالى لم يخلق خلقه عبثا ولم يتركهم سدى بل خلقهم لأظهار قدرته وليكلفهم على طاعته فيستوجبوا بذلك رضوانه وما خلقهم ليجلب منهم منفعة ولا ليدفع بهم مضرة بل خلقهم لينفعهم ويوصلهم إلى نعيمه .
وعنه عليه السلام إنه قيل له خلقنا للفناء فقال مه خلقنا للبقاء وكيف وجنته


( 413 )

لا تبيد وناره لا تخمد ولكن إنما نتحول من دار إلى دار .
( 116 ) فتعالى الله الملك الحق الذي يحق له الملك لا إله إلا هو رب العرش الكريم .
( 117 ) ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به فإن الباطل لا برهان به نبه بذلك على أن التدين بما لا دليل عليه ممنوع فضلا عما دل الدليل على خلافه فإنما حسابه عند ربه فإنه مجازيه مقدار ما يستحقه إنه لا يفلح الكافرون بدأ السورة بتقرير فلاح المؤمنين وختمها بنفي الفلاح عن الكافرين .
( 118 ) وقل رب اغفر وارحم وأنت خير الراحمين .
في ثواب الأعمال والمجمع عن الصادق عليه السلام قال من قرأ سورة المؤمنين ختم الله له بالسعادة وإذا كان يدمن قراءتها في كل جمعة كان منزله في الفردوس الأعلى مع النبيين والمرسلين اللهم ارزقنا تلاوته بحق محمد وآله صلوات الله عليه وآله .



( 414 )


سورة النور
مدنية بلا خلاف عدد آيها أربع وستون آية عراقي شامي آيتان حجازي
اختلافها آيتان بالغدو والآصال ويذهب بالابصار كلاهما عراقي

بسم الله الرحمن الرحيم
( 1 ) سورة أنزلناها وفرضناها وفرضنا ما فيها من الأحكام وقريء بالتشديد وأنزلنا فيها آيات بينات واضحات الدلالة لعلكم تذكرون فتتقون المحارم .
( 2 ) الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مأة جلدة القمي هي ناسخة لقوله واللاّتي يأتين الفاحشة من نسائكم الآية .
في الكافي عن الباقر عليه السلام في حديث سورة النور انزلت بعد سورة النساء وتصديق ذلك أن الله عز وجل أنزل عليه في سورة النساء واللاّتي يأتين الفاحشة من نسائكم إلى قوله لهن سبيلا والسبيل الذي قال الله عز وجل سورة أنزلناها إلى قوله من المؤمنين .
وفيه وفي التهذيب عن الصادق عليه السلام الحر والحرة إذا زنيا جلد كل واحد منهما مائة جلدة فأما المحصن والمحصنة فعليهما الرجم .
وعنه عليه السلام الرجم في القرآن قوله تعالى الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة فإنهما قضيا الشهوة ، القمي : وكانت آية الرجم نزلت في الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة فإنهما قضيا الشهوة نكالا من الله والله عليم حكيم .
وفيهما وفي رواية في الشيخ والشيخة الجلد ثم الرجم وفي اخرى في المحصن والمحصنة أيضا كذلك وفي البكر والبكرة جلد مائة ونفي سنة في غير مصرهما وهما اللذان قد أملكا ولم يدخل بها .


( 415 )

وفي الكافي عنه عليه السلام إنه سئل عن المحصن فقال الذي يزني وعنده ما يغنيه .
وفيهما عن الباقر عليه السلام من كان له فرج يغدو عليه ويروح فهو محصن .
وعن الكاظم عليه السلام إنه سئل عن الجارية أتحصن قال نعم إنما هو على وجه الأستغناء قيل المتعة قال لا إنما ذاك على الشيء الدائم .
وعن الصادق عليه السلام لا يرجم الرجل ولا المرأة حتى تشهد عليهما أربعة شهداء على الجماع والأيلاج والأدخال كالميل في المكحلة .
أقول : وتأتي العلة في اعتبار الأربعة شهداء إن شاء الله وعن الاصبغ بن نباتة أن عمر اوتي بخمسة نفر اخذوا في الزنا فأمر أن يقام على كل واحد منهم الحد وكان أمير المؤمنين عليه السلام حاضرا فقال يا عمر ليس هذا حكمهم قال فأقم أنت الحد عليهم فقدم واحدا منهم فضرب عنقه وقدم الاخر فرجمه وقدم الثالث فضربه الحد وقدم الرابع فضربه نصف الحد وقدم الخامس فعزره فتحير عمر وتعجب الناس من فعله فقال له عمر يا أبا الحسن خمسة نفر في قضية واحدة أقمت عليهم خمسة حدود وليس شيء منها يشبه الاخر فقال أمير المؤمنين عليه السلام أما الأول فكان ذمّياً فخرج عن ذمته ولم يكن له حد إلا السيف وأما الثاني فرجل محصن كان حده الرجم وأما الثالث فغير محصن حده الجلد وأما الرابع فعبد ضربناه نصف الحد وأما الخامس فمجنون مغلوب على عقله .
والقمي مثله إلا أنه قال ستة نفر قال وأطلق السادس ثم قال وأما الخامس فكان منه ذلك الفعل بالشبهة فعزرناه وأدبناه وأما السادس فمجنون مغلوب على عقله سقط منه التكليف .
وفيهما عن الباقر عليه السلام قال يضرب الرجل الحد قائما والمرأة قاعدة ويضرب كل عضو ويترك الرأس والمذاكير .
وعن الكاظم عليه السلام إنه سئل عن الزاني كيف يجلد قال أشد الجلد فقيل فوق الثياب فقال لا بل يجرد .


( 416 )

أقول : وباقي الأحكام تطلب من الوافي ولا تأخذكم بهما رأفة رحمة وقريء بفتح الهمزة في دين الله في طاعته وإقامة حده فتعطلوه أو تسامحوا فيه .
وفي التهذيب عن أمير المؤمنين عليه السلام قال في إقامة الحدود إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الاخر فإن الأيمان يقتضي الجد في طاعة الله والاجتهاد في إقامة أحكامه وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين .
القمي عن الباقر عليه السلام قال وليشهد عذابهما يقول ضربهما طائفة من المؤمنين يجمع لهما الناس إذا جلدوا .
وفي التهذيب عن أمير المؤمنين عليه السلام قال الطائفة واحد .
وفي العوالي عن الباقر عليه السلام قال الطائفة الحاضرة هي الواحدة .
وفي الجوامع عنه عليه السلام إن أقلها رجل واحد .
( 3 ) الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين .
القمي هو رد على من يستحل التمتع بالزواني والتزويج بهن وهن المشهورات المعروفات في الدنيا لا يقدر الرجل على تحصينهن قال ونزلت هذه الآية في نساء مكة كن مستعلنات بالزنا سارة وخثيمة والرباب كن يغنين بهجاء رسول الله صلى الله عليه وآله فحرم الله نكاحهن وجرت بعدهن في النساء من أمثالهن .
وفي الكافي عن الصادق عليه السلام إنه سئل عن هذه الآية فقال هن نساء مشهورات بالزنا ورجال مشهورون بالزنا شهروا به وعرفوا به والناس اليوم بتلك المنزلة فمن اقيم عليه حد الزنا أو شهر بالزنا لم ينبغ لأحد أن يناكحه حتى يعرف منه التوبة .
وعنه عليه السلام إنما ذلك في الجهر ثم قال لو أن إنسانا زنى ثم تاب تزوج حيث شاء .
وعن الباقر عليه السلام هم رجال ونساء كانوا على عهد رسول الله صلى الله


( 417 )

عليه وآله مشهورين بالزنا فنهى الله عن أولئك الرجال والنساء والناس اليوم على تلك المنزلة من شهر شيئا من ذلك أو اقيم عليه الحد فلا تزوجوه حتى تعرف توبته .
وعنه عليه السلام في حديث إنها نزلت بالمدينة قال فلم يسمّ الله الزاني مؤمنا ولا الزانية مؤمنة قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن فإنه إذا فعل ذلك خلع عنه الأيمان كخلع القميص .
( 4 ) والذين يرمون المحصنات يقذفوهن بالزنا ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة لا فرق في الطرفين بين الذكر والانثى .
ففي الكافي والتهذيب عن الصادق عليه السلام في الرجل يقذف الرجل بالزنا قال يجلد هو في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله .
وعن الباقر عليه السلام في امرأة قذفت رجلا قال تجلد ثمانين جلدة وأما إذا كان أحدهما غلاما أو جارية أو مجنونا لم يحد كما وردت به الأخبار عنهم عليهم السلام .
وفيهما عن الصادق عليه السلام قال إذا قذف العبد الحر جلد ثمانين قال وهذا من حقوق الناس .
وعنه عليه السلام لو أتيت برجل قد قذف عبدا مسلما بالزنا لا يعلم منه إلا خيرا لضربته الحد حد الحر إلا سوطا وعنه عليه السلام من افترى على مملوك عزر لحرمة الأسلام .
وعنه عليه السلام في الحر يفتري على المملوك قال يسئل فإن كانت امه حرة جلد الحد .
وعنه عليه السلام قال قضى أمير المؤمنين عليه السلام إن الفرية ثلاثة يعني ثلاث وجوه إذا رمى الرجل الرجل بالزنا وإذا قال امه زانية وإذا دعي لغير أبيه فذلك فيه حد ثمانون .


( 418 )

وعنه عليه السلام في رجل قال لرجل يابن الفاعلة يعني الزنا فقال إن كانت امه حية شاهدة ثم جاءت تطلب حقها ضرب ثمانين جلدة وإن كانت غائبة انتظر بها حتى تقدم فتطلب حقها وإن كانت قد ماتت ولم يعلم منها إلا خيرا ضرب المفتري عليها الحد ثمانين جلدة .
وعنه عليه السلام قال إذا قذف الرجل الرجل فقال إنك لتعمل عمل قوم لوط تنكح الرجال قال يجلد حد القاذف ثمانين جلدة .
وعنه عليه السلام قال كان عليّ عليه السلام يقول إذا قال الرجل للرجل يا معفوج ويا منكوحا في دبره فإن عليه الحد حد القاذف .
أقول : العفج بالمهملة والفاء والجيم الجماع .
وعنه عليه السلام إنه سئل عن رجل افترى على قوم جماعة قال إن أتوا به مجتمعين ضرب حدا واحدا وإن أتوا به متفرقين ضرب لكل واحد منهم حدا .
وعن الباقر عليه السلام في الرجل يقذف القوم جميعا بكلمة واحدة قال إذا لم يسمهم فإنما عليه حد واحد وإن سمى فعليه لكل رجل حد .
وعن الصادق عليه السلام قال قال أمير المؤمنين عليه السلام أمر رسول الله صلى الله عليه وآله أن لا ينزع شيء من ثياب القاذف إلا الرداء .
وعنه عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله الزاني أشد ضربا من شارب الخمر وشارب الخمر أشد ضربا من القاذف والقاذف أشد ضربا من التعزير .
وعن الكاظم عليه السلام يجلد المفتري ضربا بين الضربين يضرب جسده كله ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون .
في الكافي عن الباقر عليه السلام في حديث ونزل بالمدينة والذين يرمون المحصنات الآية قال فبرّأه الله ما كان مقيما على الفرية من أن يسمى بالأيمان قال الله عز وجل أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستون وجعله الله منافقا فقال الله إن المنافقين هم الفاسقون وجعله الله من أولياء ابليس فقال إلا ابليس كان من الجن ففسق


( 419 )

عن أمر ربه وجعله ملعونا فقال إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون وليست تشهد الجوارح على مؤمن إنما تشهد على من حقت عليه كلمة العذاب فأما المؤمن فيعطى كتابه بيمينه قال الله عز وجل فأما من اوتي كتابه بيمينه فأولئك يقرؤون كتابهم ولا يظلمون فتيلا .
( 5 ) إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم .
القمي عن الصادق عليه السلام القاذف يجلد ثمانين جلدة ولا يقبل له شهادة أبدا إلا بعد التوبة أو يكذب نفسه وإن شهد ثلاثة وأبى واحد يجلد الثلاثة ولا تقبل شهادتهم حتى يقول أربعة رأينا مثل الميل في المكحلة ومن شهد على نفسه أنه زنى لم تقبل شهادته حتى يعيدها أربع مرات .
وفي الكافي والتهذيب إنه عليه السلام سئل كيف تعرف توبته فقال يكذب نفسه على رؤوس الخلائق حين يضرب ويستغفر ربه فإذا فعل ذلك فقد ظهرت توبته .
وعنه عليه السلام إنه سئل عن الرجل يقذف الرجل فيجلد حدا ثم يتوب ولا يعلم منه إلا خيرا تجوز شهادته قال نعم ما يقال عندكم قيل يقولون توبته فيما بينه وبين الله ولا تقبل شهادته أبدا فقال بئس ما قالوا كان أبي يقول إذا تاب ولم يعلم منه إلا خيرا اجازت شهادته .
( 6 ) والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات وقرء بالرفع بالله انه لمن الصادقين أي فيما رماها به من الزنا .
( 7 ) والخامسة أن لعنة الله عليه وقرء بتخفيف ان اِنْ كان من الكاذبين في الرمي .
( 8 ) ويدرء ويدفع عنها العذاب الرجم أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين فيما رماني به .
( 9 ) والخامسة وقريء بالنصب أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين في


( 420 )

ذلك وقريء بتخفيف أن وكسر الضاد .
في الكافي عن الصادق عليه السلام إنه سئل عن هذه الآية فقال هو القاذف الذي يقذف إمرأته فإذا قذفها ثم أقر أنه كذب عليها جلد الحد وردت إليه إمرأته وإن أبى إلا أن يمضي فليشهد عليها أربع شهادات بالله أنه لمن الصادقين والخامسة يلعن فيها نفسه إن كان من الكاذبين وإن أرادت أن تدرء عن نفسها العذاب والعذاب هو الرجم شهدت أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين فإن لم تفعل رجمت وإن فعلت درأت عن نفسها الحد ثم لا تحل له إلى يوم القيامة قيل أرأيت إن فرّق بينهما ولها ولد فمات قال ترثه امه وإن ماتت امه ورثه أخواله ومن قال إنه ولد زنا جلد الحد قيل يرد إليه الولد إذا أقر به قال لا ولا كرامة ولا يرث الأبن ويرثه الأبن .
وعنه عليه السلام إن رجلا من المسلمين أتى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال يا رسول الله أرأيت لو أن رجلا دخل منزله فوجد مع إمرأته رجلا يجامعها ما كان يصنع قال فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وآله وانصرف الرجل وكان ذلك الرجل هو الذي ابتلي بذلك من إمرأته قال فنزل الوحي من عند الله بالحكم فيهما فأرسل رسول الله صلى الله عليه وآله إلى ذلك الرجل فدعاه فقال له أنت الذي رأيت مع إمرأتك رجلا فقال نعم فقال له إنطلق فأتني بإمرأتك فإن الله قد أنزل الحكم فيك وفيها قال فأحضرها زوجها فأوقفهما رسول الله صلى الله عليه وآله ثم قال للزوج إشهد أربع شهادات بالله إنك لمن الصادقين فيما رميتها به قال فشهد ثم قال له إتق الله فإن لعنة الله شديدة ثم قال له إشهد الخامسة أن لعنة الله عليك إن كنت من الكاذبين قال فشهد ثم أمر به فنحي ثم قال للمرأة إشهدي أربع شهادات بالله إن زوجك لمن الكاذبين فيما رماك به قال فشهدت ثم قال لها إمسكي فوعظها وقال لها إتقي الله فإن غضب الله شديد ثم قال لها إشهدي الخامسة أن غضب الله عليك إن كان زوجك من الصادقين فيما رماك به قال فشهدت قال ففرق بينهما وقال لهما لا تجتمعا بنكاح أبدا بعد ما تلاعنتما .
والقمي إنها نزلت في اللّعان وكان سبب ذلك إنه لما رجع رسول الله صلى الله