سورة الشعراء
مكية كلها غير قوله والشعراء يتبعهم الغاوون الآيات الى آخر السورة فإنها نزلت بالمدينة
عدد آيها مائتان وسبع وعشرون آية

بسم الله الرحمن الرحيم

(1) طسم في المجمع عن علي عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله لما انزلت طسم قال الطاء طور سينا والسين اسكندرية والميم مكة وقال الطاء شجرة طوبى والسين سدرة المنتهى والميم محمد المصطفى صلى الله عليه وآله.
والقمي قال طسم هو من حروف اسم الله الاعظم.
وفي المعاني عن الصادق عليه السلام واما طسم فمعناه انا الطالب السميع المبدئ المعيد.
(2) تلك آيات الكتاب المبين .
(3) لعلك باخع نفسك قاتل نفسك الا يكونوا مؤمنين .
(4) ان نشأ ننزل عليهم من السماء آية دلالة ملجأة الى الايمان وبلية قاسرة عليه فظلت اعناقهم لها خاضعين منقادين.
في الكافي عن الصادق عليه السلام ان القائم عليه السلام لا يقوم حتى ينادي مناد من السماء تسمع الفتاة في خدرها ويسمعه اهل المشرق والمغرب وفيه نزلت هذه الآية ان نشأ ننزل الآية.
والقمي عنه عليه السلام في هذه الآية قال تخضع رقابهم يعني بني امية وهي الصيحة من السماء باسم صاحب الأمر عليه السلام.


(30)

وفي ارشاد المفيد عن الباقر عليه السلام في هذه الآية قال سيفعل الله ذلك بهم قيل من هم قال بنو امية وشيعتهم قيل وما الآية قال ركود الشمس ما بين زوال الشمس الى وقت العصر وخروج صدر ووجه في عين الشمس يعرف بحسبه ونسبه وذلك في زمان السفياني وعندها يكون بواره وبوار قومه.
وفي الاكمال عن الرضا عليه السلام في حديث يصف فيه القائم عليه السلام قال وهو الذي ينادي مناد من السماء يسمعه جميع اهل الأرض بالدعاء إليه يقول الا ان حجة الله قد ظهرت عند بيت الله فاتبعوه فان الحق معه وفيه وهو قول الله عز وجل ان نشأ ننزل عليهم الآية.
(5) وما ياتيهم من ذكر من الرحمن بوحيه الى نبيه صلى الله عليه وآله محدث مجدد انزاله الا كانوا عنها معرضين الا جددوا اعراضا واصرارا على ما كانوا عليه.
(6) فقد كذبوا اي بالذكر بعد اعراضهم وامعنوا في تكذيبه بحيث ادى بهم الى الاستهزاء فسياتيهم انباء ما كانوا به يستهزؤن من انه كان حقا ام باطلا وكان حقيقا بان يصدق ويعظم قدره أو يكذب فيستخف امره.
(7) اولم يروا الى الارض اولم ينظروا الى عجائبها كم انبتنا فيها من كل زوج صنف كريم محمود كثير المنفعة.
(8) ان في ذلك لآية على ان منبتها تام القدرة والحكمة سابغ النعمة والرحمة وما كان اكثرهم مؤمنين .
(9) وان ربك لهو العزيز الغالب القادر على الانتقام من الكفرة الرحيم حيث امهلهم.
(10) واذ نادى ربك موسى ان ائت القوم الظالمين بالكفر والاستعباد بني اسرائيل وذبح اولادهم.
(11) قوم فرعون لعل الاقتصار على القوم للعلم بان فرعون اولى بذلك الا يتقون تعجيب من افراطهم في الظلم واجترائهم.
(12) قال ربِ اني اخاف ان يكذبون


(31)

(13) ويضيق صدري ولا ينطلق لساني فارسل الى هارون ليقوى به قلبي وينوب منابي إذا اعتراني الحبسة في اللسان.
(14) ولهم عليّ ذنب تبعة ذنب وهو قتل القبطي سماه ذنبا على زعمهم فأخاف ان يقتلون به قبل اداء الرسالة.
(15) قال كلا فاذهبا اجابة له الى الطلبتين يعني ارتدع يا موسى عما تظن فاذهب انت والذي طلبته باياتنا انا معكم يعني موسى وهارون وفرعون مستمعون لما يجري بينكما وبينه فأظهركما عليه.
(16) فاتيا فرعون فقولا انا رسول رب العالمين افرد الرسول لأنه مصدر وصف به فانه مشترك بين المرسل والرسالة.
(17) ان ارسل معنا بني اسرائيل خلهم يذهبوا معنا الى الشام.
(18) قال اي فرعون لموسى بعد ان اتياه فقالا له ذلك الم نربّك فينا في منازلنا وليدا طفلا ولبثت فينا من عمرك سنين .
(19) وفعلت فعلتك التي فعلت يعني قتل القبطي وبخه به معظما اياه بعد ما عدد عليه نعمته وانت من الكافرين بنعمتي.
القمي عن الصادق عليه السلام قال لما بعث الله موسى الى فرعون اتى بابه فاستأذن عليه فلم يأذن له فضرب بعصاه الباب فاصطكت الابواب مفتحة ثم دخل على فرعون فأخبره اني رسول رب العالمين وسأله ان يرسل معه بني اسرائيل فقال له فرعون كما حكى الله ألم نربك الى قوله وفعلت فعلتك التي فعلت يعني قتلت الرجل وانت من الكافرين يعني كفرت نعمتي.
(20) قال فعلتها إذا وانا من الضالين قيل من الجاهلين.
وفي العيون عن الرضا عليه السلام انه سئل عن ذلك مع ان الأنبياء معصومون فقال قال وانا من الضالين عن الطريق بوقوعي الى مدينة من مداينك.
اقول : لعل المراد انه ورّى لفرعون فقصد الضلال عن الطريق وفرعون انما


(32)

فهم منه الجهل والضلال عن الحق فان الضلال عن الطريق لا يصلح عذرا للقتل.
(21) ففررت منكم لما خفتكم فوهب لي ربي حكما حكمة وجعلني من المرسلين .
(22) وتلك نعمة تمنها عليّ ان عبدّت بني اسرئيل اي وتلك التربية نعمة تمنها عليّ بها ظاهرا وهي في الحقيقة تعبيدك بني اسرائيل وقصدهم بذبح ابنائهم فانه السبب في وقوعي اليك وحصولي في تربيتك ويحتمل تقدير همزة الانكار اي أو تلك نعمة تمنها علي وهي ان عبدت.
(23) قال فرعون وما رب العالمين لما سمع جواب ما طعن به فيه ورأى انه لم يرعوا بذلك شرع في الاعتراض على دعواه فبدء بالاستفسار عن حقيقة المرسل.
(24) قال رب السماوات والارض وما بينهما عرفه باظهر خواصه وآثاره.
في الكافي عن امير المؤمنين عليه السلام في خطبة جوامع التوحيد قال الذي سألت الأنبياء عنه فلم تصفه بحد ولا ببعض بل وصفته بفعاله ودلت عليه بآياته ان كنتم موقنين علمتم ذلك.
(25) قال لمن حوله الا تستمعون جوابه سألته عن حقيقته وهو يذكر افعاله.
القمي في الحديث السابق قال وانما سأله عن كيفية الله فقال موسى رب السماوات والارض وما بينهما ان كنتم موقنين فقال فرعون متعجبا لأصحابه الا تستمعون اسأله عن الكيفية فيجيبني عن الحق.
أقول : يعني عن الثبوت.
(26) قال ربكم ورب آبائكم الأولين عدل الى ما لا يشك في افتقاره الى مصور حكيم وخالق عليم ويكون اقرب الى الناظر واوضح عند المتأمل.
(27) قال ان رسولكم الذي ارسل اليكم لمجنون اسأله عن شيء ويجيبني عن آخر وسماه رسولا على السخرية


(33)

(28) قال رب المشرق والمغرب وما بينهما تشاهدون كل يوم انه يأتي بالشمس من المشرق ويذهب بها الى المغرب على وجه نافع ينتظم به امور الخلق ان كنتم تعقلون ان كان لكم عقل علمتم ان لا جواب لكم فوق ذلك لا ينهم اولا ثم لما رأى شدة شكيمتهم خاشنهم وعارضهم بمثل مقالتهم.
(29) قال لئن اتخذت الها غيري لأجعلنك من المسجونين عدل الى التهديد على المحاجة بعد الإنقطاع وهكذا ديدن المعاند المحجوج.
(30) قال اولو جئتك بشيء مبين اي اتفعل ذلك ولو جئتك بشيء مبين على صدق دعواي يعني المعجزة فانها الجامعة بين الدلالة على وجود الصانع وحكمته والدلالة على صدق مدعي نبوته.
(31) قال فات به ان كنت من الصادقين
(32) فالقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين ظاهر الثعبانية.
في المجمع عن الباقر عليه السلام فالتقمت الايوان بلحييها فدعاه ان يا موسى اقلني الى غد ثم كان من امره ما كان.
(33) ونزع يده فإذا هي بيضاء للناظرين قال قد حال شعاعها بينه وبين وجهه.
والقمي في الحديث السابق قال فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين فلم يبق احد من جلساء فرعون الا هرب ودخل فرعون من الرعب ما لم يملك نفسه فقال فرعون يا موسى انشدك بالله وبالرضاع الا ما كففتها عني ثم نزع يده فإذا هي بيضاء للناظرين فلما اخذ موسى العصا رجعت الى فرعون نفسه وهم بتصديقه فقام إليه هامان فقال له بينا انت اله تعبد إذ صرت تابعا تعبد.
(34) قال للملأ حوله ان هذا لساحر عليم فائق في علم السحر.
(35) يريد ان يخرجكم من ارضكم بسحره فماذا تأمرون بهره سلطان المعجزة حتى حطه عن دعوى الربوبية الى مؤامرة القوم وائتمارهم


(34)

(36) قالوا ارجه واخاه اخر امرهما وابعث في المدائن حاشرين شرطا يحشرون السحرة.
(37) ياتوك بكل سحار عليم يفضلون عليه في هذا الفن.
(38) فجمع السحرة لميقات يوم معلوم لما وقت به من ساعات يوم معين وهو وقت الضحى يوم الزينة كما سبق في سورة طه.
(39) وقيل للناس هل انتم مجتمعون فيه استبطاء لهم في الاجتماع حثا على مبادرتهم إليه.
(40) لعلنا نتبع السحرة ان كانوا هم الغالبين لعلنا نتبعهم في دينهم ان غلبوا كأن مقصودهم الاصلي ان لا يتبعوا موسى لا ان يتبعوا السحرة فساقوا الكلام مساق الكنآية.
(41) فلما جاء السحرة قالوا لفرعون ائن لنا لأجرا إن كنا نحن الغالبين .
(42) قال نعم وإنكم إذا لمن المقربين التزم لهم الأجر والقربة عنده زيادة عليه ان غلبوا.
(43) قال لهم موسى القوا ما انتم ملقون اي بعد ما قالوا له اما ان تلقي واما ان نكون نحن الملقين.
(44) فالقوا حبالهم وعصيهم وقالوا بعزة فرعون انا لنحن الغالبون اقسموا بعزته على ان الغلبة لهم لفرط اعتقادهم في انفسهم واتيانهم بأقصى ما يمكن ان يؤتى به من السحر وهي من اقسام الجاهلية وفي الاسلام لا يصح الحلف الا بالله عز وجل.
(45) فالقى موسى عصاه فإذا هي تلقف تتبلع وقرء بالتخفيف ما يافكون ما يقلبونه عن وجهه بتمويههم وتزويرهم فيخيلون حبالهم وعصيهم انها حيات تسعى.
(46) فالقي السحرة ساجدين لعلمهم بأن مثله لا يتأتى بالسحر وانما عبر عن الخرور بالإلقاء ليشاكل ما قبله ويدل على انهم لما رأوا ما رأوا لم يتمالكوا انفسهم


(35)

وكأنهم اخذوا فطرحوا على وجوههم وانه تعالى القاهم بما خولهم من التوفيق.
(47) قالوا آمنا برب العالمين
(48) رب موسى وهارون ابدال للتوضيح ودفع للتوهم والاشعار على ان الموجب لايمانهم ما اجراه على ايديهما.
(49) قال آمنتم له وقرء بهمزتين قبل ان آذن لكم انه لكبيركم الذي علمكم السحر فعلمكم شيئا دون شيء ولذلك غلبكم أو تواعدكم ذلك تواطأتم عليه اراد به التلبيس على قومه كي لا يعتقدوا انهم آمنوا على بصيرة وظهور حق فلسوف تعلمون وبال ما فعلتم لأقطعن ايديكم وأرجلكم من خلاف ولأصلبنكم اجمعين
(50) قالوا لا ضير لا ضرر علينا في ذلك انا الى ربنا منقلبون بما توعدنا إليه فان الصبر عليه ممحاة للذنوب موجب للثواب والقرب من الله.
(51) انا نطمع ان يغفر لنا ربنا خطايانا ان كنا اول المؤمنين من اهل المشهد وقرء ان بكسر الهمزة.
القمي في الحديث السابق قال عليه السلام وكان فرعون وهامان قد تعلما السحر وانما غلبا الناس بالسحر وادعى فرعون الربوبية بالسحر فلما اصبح بعث في المدائن حاشرين مدائن مصر كلها وجمعوا الف ساحر واختاروا من الالف مأة ومن المأة ثمانين فقال السحرة لفرعون قد علمت انه ليس في الدنيا اسحر منا فان غلبنا موسى فما يكون لنا عندك قال انكم إذاً لمن المقربين عندي اشارككم في ملكي قالوا فان غلبنا موسى وابطل سحرنا علمنا ان ما جاء به ليس من قبل السحر ولا من قبل الحيلة آمنا به وصدقناه قال فرعون ان غلبكم موسى صدقته انا ايضا معكم ولكن اجمعوا كيدكم اي حيلتكم قال وكان موعدهم يوم عيد لهم فلما ارتفع النهار وجمع فرعون الخلق والسحرة وكانت له قبة طولها في السماء ثمانون ذراعا وقد كانت ألبست الحديد والفولاذ المصقول وكانت إذا وقعت الشمس عليها لم يقدر احد ان ينظر إليها من لمع الحديد ووهج الشمس وجاء فرعون وهامان وقعدا عليها ينظران واقبل


(36)

موسى ينظر الى السماء فقالت السحرة لفرعون انا نرى رجلا ينظر الى السماء ولم يبلغ سحرنا السماء وضمنت السحرة من في الأرض فقالوا لموسى اما ان تلقي واما ان نكون نحن الملقين قال لهم موسى القوا ما انتم ملقون فالقوا حبالهم وعصيهم فأقبلت تضطرب مثل الحيات فقالوا بعزة فرعون انا لنحن الغالبون فأوجس في نفسه خيفة موسى فنودي لا تخف انك انت الاعلى والق ما في يمينك تلقف ما صنعوا ان ما صنعوا كيد ساحر فألقى موسى العصا فذابت في الارض مثل الرصاص ثم طلع رأسها وفتحت فاها ووضعت شدقها العليا على رأس قبة فرعون ثم دارت وارخت شفتها السفلى والتقمت عصا السحرة وحبالهم وغلبت كلهم وانهزم الناس حين رأوها وعظمها وهولها بما لم تر العين ولا وصف الواصفون مثله فقتل في الهزيمة من وطئ الناس بعضهم بعضا عشرة آلاف رجل وامرأة وصبي ودارت على قبة فرعون قال فأحدث فرعون وهامان في ثيابهما وشاب رأسهما من الفزع ومر موسى في الهزيمة مع الناس فناداه الله عز وجل خذها ولا تخف سنعيدها سيرتها الاولى فرجع موسى ولف على يده عبائه وكانت عليه ثم ادخل يده في فمها فإذا هي عصا كما كانت وكان كما قال الله عز وجل فالقي السحرة ساجدين لما رأوا ذلك قالوا آمنا برب العالمين رب موسى وهرون فغضب فرعون عند ذلك غضبا شديدا وقال آمنتم له قبل ان آذن لكم انه لكبيركم يعني موسى الذي علمكم السحر الآية فقالوا له كما حكى الله عز وجل لا ضير الآيتين فحبس فرعون من آمن بموسى في السجن حتى انزل الله عز وجل عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم فأطلق عنهم.
(52) واوحينا الى موسى ان اسر بعبادي قيل وذلك بعد سنين اقام بين اظهرهم يدعوهم الى الحق ويظهر لهم الآيات فلم يزيدوا الا عتوا وفسادا انكم متبعون يتبعكم فرعون وجنوده.
(53) فارسل فرعون حين اخبر بسراه في المدائن حاشرين العساكر ليتبعوهم.
(54) ان هؤلاء لشرذمة قليلون على ارادة القول.


(37)

القمي عن الباقر عليه السلام يقول عصبة قليلة.
(55) وانهم لنا لغائظون لفاعلون ما يغيظنا.
(56) وانا لجميع حاذرون وانا لجميع من عادتنا الحذر واستعمال الحزم في الامور وقرء بحذف الالف.
القمي في الحديث السابق فخرج موسى ببني اسرائيل ليقطع بهم البحر وجمع فرعون اصحابه وبعث في المدائن حاشرين وحشر الناس وقدم مقدمته في ستة مأة الف وركب هو في الف الف وخرج كما حكى الله.
(57) فاخرجناهم من جنات وعيون
(58) وكنوز ومقام كريم يعني المنازل الحسنة والمجالس البهية.
(59) كذلك مثل ذلك الاخراج واورثناها بني اسرائيل
(60) فاتبعوهم مشرقين داخلين في وقت شروق الشمس.
(61) فلما تراء الجمعان تقاربا بحيث رأى كل منهما الآخر قال اصحاب موسى انا لمدركون لملحقون.
(62) قال كلا لن يدركوكم فان الله وعدكم الخلاص منهم ان معي ربي بالحفظ والنصرة سيهدين طريق النجاة منهم.
(63) فأوحينا الى موسى ان اضرب بعصاك البحر فانفلق اي ضرب فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم كالجبل المنيف الثابت في مقره فدخلوا في شعابها.
(64) وازلفنا وقربنا ثم الآخرين فرعون وقومه حتى دخلوا على اثرهم مداخلهم.
(65) وانجينا موسى ومن معه اجمعين بحفظ البحر على تلك الهيئة حتى عبروا.
(66) ثم اغرقنا الآخرين باطباقه عليهم.


(38)

(67) ان في ذلك لآية وآية آية وما كان اكثرهم مؤمنين وما تنبه عليها اكثرهم إذ لم يؤمن بها احد ممن بقي في مصر من القبط وبنو اسرائيل بعدما نجوا سألوا بقرة يعبدونها واتخذوا العجل وقالوا لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة.
(68) وان ربك لهو العزيز المنتقم من اعدائه الرحيم بأوليائه.
القمي في الحديث السابق فلما قرب موسى عليه السلام من البحر وقرب فرعون من موسى قال اصحاب موسى انا لمدركون قال موسى كلا ان معي ربي سيهدين اي سينجين فدنا موسى من البحر فقال له انفرق فقال البحر استكبرت يا موسى ان انفرق لك ولم اعص الله عز وجل طرفة عين وقد كان فيكم العاصي فقال له موسى فاحذر ان تعصي وقد علمت ان آدم اخرج من الجنة بمعصيته وانما لعن ابليس بمعصيته فقال البحر ربي عظيم مطاع امره ولا ينبغي لشيء ان يعصيه فقام يوشع بن نون فقال لموسى يا نبي الله ما امرك ربك قال بعبور البحر فاقحم يوشع فرسه في الماء فأوحى الله عز وجل الى موسى ان اضرب بعصاك البحر فضربه فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم اي كالجبل العظيم فضرب له في البحر اثني عشر طريقا فأخذ كل سبط منهم في طريق فكان الماء قد ارتفع وبقيت الأرض يابسة طلعت الشمس فيبست كما حكى الله عز وجل فاضرب لهم طريقا في البحر يبسا لا تخاف دركا ولا تخشى ودخل موسى (ع) واصحابه البحر وكان اصحابه اثني عشر سبطا فضرب الله عز وجل لهم في البحر اثني عشر طريقا فأخذ كل سبط في طريق وكان الماء قد ارتفع على رؤوسهم مثل الجبال فجزعت الفرقة التي كانت مع موسى في طريقه فقالوا يا موسى اين اخواننا فقال لهم معكم في البحر فلم يصدقوه فأمر الله عز وجل البحر فصار طاقات حتى كان ينظر بعضهم الى بعض ويتحدثون واقبل فرعون وجنوده فلما انتهى الى البحر قال لأصحابه ألا تعلمون اني ربكم الاعلى قد فرج لي البحر فلم يجسر احد ان يدخل البحر وامتنعت الخيل منه لهول الماء فتقدم فرعون حتى جاء الى ساحل البحر فقال له منجمه لا تدخل البحر وعارضه فلم يقبل منه واقبل على فرس حصان فامتنع الحصان ان يدخل الماء فعطف عليه جبرئيل وهو على ماذيانة فتقدمه فدخل فنزل الفرس الى الرمكة فطلبها ودخل البحر واقتحم اصحابه خلفه فلما


(39)

دخلوا كلهم حتى كان آخر من دخل من اصحابه وآخر من خرج اصحاب موسى امر الله عز وجل الرياح فضربت البحر بعضه ببعض فأقبل الماء يقع عليهم مثل الجبال فقال فرعون عند ذلك آمنت انه لا اله الا الذي آمنت به بنو اسرائيل وانا من المسلمين فأخذ جبرئيل كفا من حماة فدسها في فيه ثم قال الآن وقد عصيت من قبل وكنت من المفسدين وقد مر بعض هذه القصة في سورة يونس وآخر في سورة طه.
وفي الكافي عن الصادق عليه السلام قال ان قوما ممن آمن بموسى قالوا لو آتينا عسكر فرعون وكنا فيه ونلنا من دنياه فإذا كان الذي نرجوه من ظهور موسى صرنا إليه ففعلوا فلما توجه موسى ومن معه هاربين من فرعون ركبوا دوابهم واسرعوا في السير ليلحقوا بموسى وعسكره فيكونوا معهم فبعث الله عز وجل ملكا فضرب وجوه دوابهم فردهم الى عسكر فرعون فكانوا فيمن غرق مع فرعون.
(69) واتل عليهم على مشركي العرب نبأ ابرهيم
(70) إذ قال لأبيه وقومه ما تعبدون سألهم ليريهم ان ما يعبدونه لا يستحق العبادة.
(71) قالوا نعبد اصناما فنظل لها عاكفين اطالوا جوابهم تحججا وافتخارا.
(72) قال هل يسمعونكم إذ تدعون يسمعون دعاءكم.
(73) أو ينفعونكم على عبادتكم لها أو يضرون من اعرض عنها.
(74) قالوا بل وجدنا آبائنا كذلك يفعلون اضربوا على جوابه والتجؤوا الى التقليد.
(75) قال افرايتم ما كنتم تعبدون
(76) انتم وآباؤكم الاقدمون
(77) فانهم عدو لي يريد عدو لكم ولكنه صور الامر في نفسه تعريضا له لأنه انفع في النصح من التصريح والبدئة بنفسه في النصيحة ادعى للقبول الا رب


(40)

العالمين استثناء منقطع أو متصل على ان الضمير لكل معبود عبدوه وكان من آبائهم من عبد الله.
(78) الذي خلقني فهو يهدين لأنه يهدي كل مخلوق لما خلق له من امور المعاش والمعاد كما قال الذي احسن كل شيء خلقه ثم هدى هدآية مدرجة من مبدء الايجاد الى منتهى اجله.
(79) والذي هو يطعمني ويسقين
(80) وإذا مرضت فهو يشفين انما لم ينسب المرض إليه لأن مقصوده تعديد النعم ولأنه في غالب الامر انما يحدث بتفريط الانسان في مطاعمه ومشاربه وفي اوامر الله ونواهيه كما قال الله سبحانه ما اصابكم من مصيبة فبما كسبت ايديكم.
(81) والذي يميتني عد الموت من جملة النعم واضافه الى الله لأنه لاهل الكمال وصلة الى نيل المحاب التي يستحقر دونها الحياة الدنيوية وخلاص من انواع المحن والبلية ثم يحيين في الآخرة.
(82) والذي اطمع ان يغفر لي خطيئتي يوم الدين ذكر ذلك هضما لنفسه وتعليما للامة ان يجتنبوا المعاصي ويكونوا على حذر وطلب لأن يغفر لهم ما يفرط منهم واستغفار لما عسى ان يندر منه من خلاف الاولى وحمل الخطيئة على كلماته الثلاث اني سقيم بل فعله كبيرهم وقوله هي اختي لا وجه له لأنها معاريض وليست بخطايا.
(83) رب هب لي حكما كمالا في العلم والعمل استعد به لخلافة الحق ورياسة الخلق والحقني بالصالحين ووفقني للكمال في العمل لانتظم به في عداد الكاملين في الصلاح.
(84) واجعل لي لسان صدق في الآخرين جاها وحسن صيت في الدنيا يبقى اثره الى يوم الدين ولذلك ما من امة الا وهم محبون له مثنون عليه.
في الكافي عن الصادق عليه السلام قال قال امير المؤمنين عليه السلام لسان صدق للمرء يجعله الله في الناس خير له من المال يأكله ويورثه أو المراد واجعل صادقا من ذريتي يجدد أصل ديني ويدعو الناس إلى ما كنت أدعوهم إليه


(41)

وهو محمد وعلي والأئمة عليهم السلام من ذريتهما.
القمي قال هو امير المؤمنين عليه السلام.
(85) واجعلني من ورثة جنة النعيم في الآخرة وقد سبق معنى الوراثة فيها في سورة المؤمنين.
(86) واغفر لأبي بالهدآية والتوفيق للايمان انه كان من الضالين طريق الحق وانما دعا له بالمغفرة لما وعده بأنه سيؤمن كما قال الله تعالى وما كان استغفار ابراهيم لأبيه الا عن موعدة وعدها اياه.
(87) ولا تخزني بمعاتبتي على ما فرطت من الخزي بمعنى الهوان أو من الخزآية بمعنى الحياء يوم يبعثون الضمير للعباد لأنهم معلومون.
(88) يوم لا ينفع مال ولا بنون
(89) الا من اتى الله بقلب سليم اي لا ينفعان احدا الا مخلصا سليم القلب.
في المجمع عن الصادق عليه السلام قال هو القلب الذي سلم من حب الدنيا وفي الكافي عنه عليه السلام انه سئل عن هذه الآية فقال القلب السليم الذي يلقى ربه وليس فيه احد سواه قال وكل قلب فيه شرك أو شك فهو ساقط وانما ارادوا بالزهد في الدنيا لتفرغ قلوبهم للآخرة.
وفي مصباح الشريعة قال الصادق عليه السلام صاحب النية الصادقة صاحب القلب السليم لأن سلامة القلب من هواجس المذكورات تخلص النية لله في الامور كلها ثم تلا هذه الآية.
(90) وازلفت الجنة للمتقين بحيث يرونها من الموقف فيتبجحون بانهم المحشورون إليها.
(91) وبرزت الجحيم للغاوين فيرونها مكشوفة ويتحسرون على انهم المسوقون إليها وفي اختلاف الفعلين ترجيح لجانب الوعد.
(92) وقيل لهم اينما كنتم تعبدون


(42)

(93) من دون الله اين الهتكم الذين تزعمون انهم شفعاؤكم هل ينصرونكم بدفع العذاب عنكم أو ينتصرون بدفعه عن انفسهم لأنهم وآلهتهم يدخلون النار.
(94) فكبكبوا فيها هم والغاوون اي الآلهة وعبدتهم والكبكبة تكرير الكب. لتكرير معناه كأن من القى في النار ينكب مرة بعد اخرى حتى يستقر في قعرها.
في الكافي والقمي عن الصادق عليه السلام هم قوم وصفوا عدلا بألسنتهم ثم خالفوه الى غيره.
القمي وفي خبر آخر هم بنو امية والغاوون بني العباس.
(95) وجنود ابليس اجمعون
في الكافي عن الباقر عليه السلام جنود ابليس ذريته من الشياطين.
(96) قالوا وهم فيها يختصمون
(97) تالله ان كنا أي كنا لفي ضلال مبين
(98) إذ نسويكم برب العالمين
القمي يقولون لمن تبعوهم اطعناكم كما اطعنا الله فصرتم اربابا.
(99) وما اضلنا الا المجرمون
في الكافي عن الباقر عليه السلام يعني المشركين الذين اقتدوا بهم هؤلاء فاتبعوهم على شركهم وهم قوم محمد صلى الله عليه وآله ليس فيهم من اليهود والنصارى احد وتصديق ذلك قول الله عز وجل كذبت قبلهم قوم نوح كذب اصحاب الايكة كذب قوم لوط ليس هم اليهود الذين قالوا عزير ابن الله ولا النصارى الذين قالوا المسيح ابن الله سيدخل الله اليهود والنصارى النار ويدخل كل قوم باعمالهم وقولهم وما اضلنا الا المجرمون إذ دعونا الى سبيلهم ذلك قول الله عز وجل فيهم حين جمعهم الى النار قالت اخراهم لاولاهم ربنا هؤلاء اضلونا فاتهم عذابا ضعفا من النار وقوله كلما دخلت امة لعنت اختها حتى إذا اداركوا فيها جميعا بريء بعضهم من بعض


(43)

ولعن بعضهم بعضا يريد ان بعضهم يحج بعضا رجاء الفلج فيفلتوا من عظم ما نزل بهم وليس بأوان بلوى ولا اختبار ولا قبول معذرة ولا حين نجاة.
(100) فما لنا من شافعين
(101) ولا صديق حميم
في المحاسن عن الصادق عليه السلام الشافعون الأئمة عليهم السلام والصديق من المؤمنين.
والقمي عنهما عليهما السلام والله لنشفعن في المذنبين من شيعتنا حتى يقول اعداؤنا إذا رأوا ذلك فما لنا من شافعين ولا صديق حميم.
وفي الكافي عن الباقر عليه السلام ان الشفاعة لمقبولة وما تقبل في ناصب وان المؤمن ليشفع لجاره وماله حسنة فيقول يا رب جاري كان يكف عني الأذى فيشفع فيه فيقول الله تبارك وتعالى انا ربك وانا احق من كافى عنك فيدخله الله الجنة وماله من حسنة وان ادنى المؤمنين شفاعة ليشفع لثلاثين انسانا فعند ذلك يقول اهل النار فما لنا من شافعين ولا صديق حميم.
وفي المجمع عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ان الرجل يقول في الجنة ما فعل صديقي فلان وصديقه في الجحيم فيقول الله اخرجوا له صديقه الى الجنة فيقول من بقي في النار فما لنا من شافعين ولا صديق حميم.
(102) فلو ان لنا كرة فنكون من المؤمنين
القمي قال من المهتدين قال لأن الايمان قد لزمهم بالاقرار.
(103) ان في ذلك لآية لحجة وعظة لمن اراد ان يستبصر بها ويعتبر وما كان اكثرهم مؤمنين به.
(104) وان ربك لهو العزيز القادر على تعجيل الانتقام الرحيم بالامهال لكي يؤمنوا هم أو واحد من ذريتهم.
(105) كذبت قوم نوح المرسلين قد مر الكلام في تكذيبهم.
وفي الاكمال عن الباقر عليه السلام انه قدم على قوم مكذبين للأنبياء الذين كانوا بينه وبين آدم عليه السلام وذلك قوله تعالى كذبت قوم نوح المرسلين يعني من كان بينه