السنة فارس والروم.
والقمي عن الصادق عليه السلام إنه قال لرجل سأله أخبرني عن الرسول كان عاما للناس أليس قد قال الله عز وجل في محكم كتابه وما أرسلناك إلا كافة للناس لأهل الشرق والغرب وأهل السماء والأرض من الجن والأنس هل بلغ رسالته إليهم كلهم قال لا أدري قال إن رسول الله لم يخرج من المدينة فكيف أبلغ أهل الشرق والغرب ثم قال إن الله تعالى أمر جبرئيل عليه السلام فاقتلع الأرض بريشة من جناحه ونصبها لرسول الله صلى الله عليه وآله فكانت بين يديه مثل راحته في كفيه ينظر إلى أهل الشرق والغرب ويخاطب كل قوم بألسنتهم ويدعوهم إلى الله عز وجل وإلى نبوته بنفسه فما بقيت قرية ولا مدينة إلا ودعاهم النبي صلى الله عليه وآله بنفسه.
(29) ويقولون متى هذا الوعد الموعود بقوله يجمع بيننا ربنا إن كنتم صادقين يخاطبون به رسول الله صلى الله عليه وآله والمؤمنين.
(30) قل لكم ميعاد يوم لا تستاخرون عنه ساعة ولا تستقدمون إذا فاجأكم وهو جواب تهديد في مقابل تعنتهم وإنكارهم.
(31) وقال الذين كفروا لن نؤمن بهذا القرآن ولا بالذي بين يديه ولا بما تقدمه من الكتب الدالة على البعث ولو ترى إذ الظالمون موقوفون عند ربهم في موضع المحاسبة يرجع بعضهم إلى بعض القول يتحاورون ويتراجعون القول يقول الذين استضعفوا لأتباع للذين استكبروا للرؤساء لولا أنتم لولا إضلالكم وصدكم إيانا عن الأيمان لكنا مؤمنين باتباع الرسول.
(32) قال الذين استكبروا للذين استضعفوا أنحن صددناكم عن الهدى بعد إذ جائكم بل كنتم مجرمين أنكروا أنهم كانوا صادين لهم عن الأيمان وأثبتوا أنهم هم الذين صدوا أنفسهم حيث أعرضوا عن الهدى وآثروا التقليد عليه.
(33) وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا بل مكر الليل والنهار إضراب عن إضرابهم أي لم يكن إجرامنا الصاد بل مكركم لنا دائبا ليلا ونهارا حتى أغرتم


(222)

علينا رأينا إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أندادا وأسروا الندامة لما رأوا العذاب وأضمر الفريقان الندامة عن الضلالة والأضلال وأخفاها كل عن صاحبه مخافة التعيير.
القمي قال يسرون الندامة في النار إذا رأوا ولي الله فقيل يا ابن رسول الله وما يغنيهم إسرارهم الندامة وهم في العذاب قال يكرهون شماتة الأعداء وجعلنا الاغلال في أعناق الذين كفروا أي في أعناقهم فجاء بالظاهر تنويها بذمّهم وإشعارا بموجب إغلالهم هل يجزون إلا ما كانوا يعملون أي لا يفعل بهم ما يفعل إلا جزاء على أعمالهم.
(34) وما أرسلنا في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا بما أرسلتم به كافرون تسلية لرسول الله مما مني به من قومه وتخصيص المتنعمين بالتكذيب لأن الداعي المعظم إلى التكبر والمفاخرة بزخارف الدنيا والأنهماك في الشهوات والأستهانة بمن لم يحظ منها ولذلك ضم المفاخرة والتهكم إلى التكذيب.
(35) وقالوا نحن أكثر أموالا وأولادا فنحن أولى بما تدعونه إن أمكن وما نحن بمعذبين إما لأن العذاب لا يكون أو لأنه اكرمنا بذلك فلا يهيننا بالعذاب.
(36) قل ردا لحسبانهم إن ربي يبسط الرزق لمن يشآء ويقدر يوسع لمن يشاء ويضيق على من يشاء وليس ذلك لكرامة وهو ان ولكن أكثر الناس لا يعلمون إن ذلك كذلك في نهج البلاغة وأما الأغنياء من مترفة الامم فتعصبوا لاثار مواقع النعم فقالوا نحن أكثر أموالا وأولادا وما نحن بمعذبين فإن كان لابد من العصبية فليكن تعصبكم لمكارم الخصال ومحامد الأفعال ومحاسن الامور التي تفاضلت فيها المجد والنجد من بيوتات العرب ويعاسيب القبايل بالأخلاق الرغيبة والأحلام العظيمة والأخطار الجليلة والاثار المحمودة.
(37) وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى قربة إلا من آمن وعمل صالحا بانفاق ماله في سبيل الله وتعليم ولده الخير والصلاح فأولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا وهم في الغرفات آمنون من المكاره وقريء بالتوحيد.


(223)

القمي عن الصادق عليه السلام وقد ذكر رجل الأغنياء ووقع فيهم فقال عليه السلام اسكت فإن الغني إذا كان وصولا برحمه بارا بإخوانه أضعف الله له الأجر ضعفين لأن الله يقول وما أموالكم الآية.
وفي العلل ما يقرب منه.
(38) والذين يسعون في آياتنا بالرد والطعن معاجزين أولئك في العذاب محضرون
(39) قل إن ربى يبسط الرزق لمن يشآء من عباده ويقدر له هذا في شخص واحد باعتبار وقتين وما سبق في شخصين فلا تكرير وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه عوضا إما عاجلا أو آجلا وهو خير الرازقين فإن غيره وسط في إيصال رزقه لا حقيقة لرازقيته.
القمي عن الصادق عليه السلام قال إنّ الربّ تبارك وتعالى ينزل أمره كلّ ليلة جمعة الى السماء الدنيا من أوّل وفي كلّ ليلة الثلث الأخير وأمامه ملك ينادي هل من تائب يتاب عليه هل من مستغفر يغفر له هل من سائل فيعطى سؤله اللهم اعط كل منفق خلفا وكل ممسك تلفا إلى أن يطلع الفجر فإذا طلع الفجر عاد أمر الرب إلى عرشه فيقسم الأرزاق بين العباد ثم قال وهو قول الله وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه.
وفي الكافي عن أمير المؤمنين عليه السلام من بسط يده بالمعروف إذا وجده يخلف الله له ما أنفق في دنياه ويضاعف له في آخرته.
وعن النبي صلى الله عليه وآله من صدق بالخلف جاد بالعطية وفي روآية من أيقن بالخلف سخت نفسه بالنفقة وقيل للصادق عليه السلام إني أنفق ولا أرى خلفا قال أفترى الله عز وجل أخلف وعده قيل لا قال فمم ذلك قيل لا أدري قال لو أن أحدكم اكتسب المال من حله لم ينفق درهما إلا أخلف عليه.
وعن الرضا عليه السلام قال لمولى له هل أنفقت اليوم شيئا فقال لا والله فقال


(224)

عليه السلام فمن أين يخلف الله علينا.
(40) ويوم نحشرهم جميعا المستكبرين والمستضعفين ثم نقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون تقريعا للمشركين وتبكيتا وإقناطا لهم عما يتوقعون من شفاعتهم وتخصيص الملائكة لأنهم أشرف شركائهم والصالحون للخطاب منهم وقريء بالياء فيها.
(41) قالوا سبحانك أنت ولينا من دونهم أنت الذي نواليه من دونهم لا موالاة بيننا وبينهم كأنهم بينوا بذلك براءتهم عن الرضا بعبادتهم ثم أضربوا عن ذلك ونفوا أنهم عبدوهم على الحقيقة بقولهم بل كانوا يعبدون الجن أي الشياطين حيث أطاعوهم في عبادة غير الله أكثرهم بهم مؤمنون
(42) فاليوم لا يملك بعضكم لبعض نفعا ولا ضرا إذ الأمر فيه كله له لأن الدار دار جزاء وهو المجازي وحده ونقول للذين ظلموا ذوقوا عذاب النار التي كنتم بها تكذبون
(43) وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قالوا ما هذا يعنون به النبي صلى الله عليه وآله إلا رجل يريد أن يصدكم عما كان يعبد ابآؤكم فيستتبعكم بما يستبدعه وقالوا ما هذا يعنون القرآن إلا إفك كذب مفترى على الله وقال الذين كفروا للحق لما جائهم إن هذا إلا سحر مبين
(44) وما آتيناهم من كتب يدرسونها تدعوهم إلى ما هم عليه وما أرسلنا إليهم قبلك من نذير ينذرهم على تركه فمن أين وقع لهم هذه الشبهة.
(45) وكذب الذين من قبلهم كما كذبوا وما بلغوا معشار ما آتيناهم قيل وما بلغ هؤلاء عشر ما آتينا اولئك من القوة وطول العمر وكثرة المال أو ما بلغ اولئك عشر ما آتينا هؤلاء من البينات والهدى.
أقول : كأنه اريد على التقديرين أن اولئك كانوا أحرى بتكذيب رسلهم من هؤلاء وعليه يحمل ما رواه القمي مرفوعا قال كذب الذين من قبلهم رسلهم وما بلغ ما


(225)

اتينا رسلهم معشار ما اتينا محمدا وآل محمد عليهم السلام أو يحمل على أن المراد أن فضائل محمد وآله أحرى بالحسد والتكذيب وإيتاء محمد وآل محمد صلى الله عليه وآله إيتاء لهم فلا ينافي الحديث ظاهر القرآن فكذبوا رسلي لا تكرير فيه لأن الأول مطلق والثاني مقيد فكيف كان نكير أي إنكاري لهم بالتدمير فليحذر هؤلاء ومن مثله.
(46) قل إنما أعظكم بواحدة أرشدكم وأنصح لكم بخصلة واحدة (1) أن تقوموا لله معرضين عن المراء والتقليد مثنى وفرادى متفرقين اثنين اثنين أو واحد واحد فإن الأزدحام يشوش الخاطر ويخلط القول ثم تتفكروا في أمري وما جئت به لتعلموا حقيته ما بصاحبكم من جنة فتعلموا ما به من جنون يحمله على ذلك إن هو إلا نذير لكم بين يدي عذاب شديد أي قدامه.
في الكافي والقمي عن الباقر عليه السلام قال إنما أعظكم بولآية علي عليه السلام هي الواحدة التي قال الله.
وفي الأحتجاج عن أمير المؤمنين عليه السلام في حديث إن الله جل ذكره أنزل عزائم الشرايع وآيات الفرائض في أوقات مختلفة كما خلق السماوات والأرض في ستة أيام ولو شاء أن يخلقها في أقل من لمح البصر لخلق ولكنه جعل الأناة والمداراة مثالا لأمنائه وإيجابا للحجة على خلقه فكان أول ما قيدهم به الأقرار بالوحدانية والربوبية والشهادة بأن لا إله إلا الله فلما أقروا بذلك تلاه بالأقرار لنبيه بالنبوة والشهادة له بالرسالة فلما انقادوا لذلك فرض عليهم الصلاة ثم الصوم ثم الحج ثم الجهاد ثم الزكاة ثم الصدقات وما يجري مجراها من مال الفئ فقال المنافقون هل بقي لربك علينا بعد الذي فرض علينا شيء آخر يفرضه فتذكره لتسكن أنفسنا إلى أنه لم يبق غيره فأنزل الله في ذلك قل إنما أعظكم بواحدة يعني الولآية فأنزل الله إنما وليكم الله ورسوله الآية.
(47) قل ما سئلتكم من أجر على الرسالة فهو لكم
____________
(1) وقيل بكلمة واحدة وهي كلمة التوحيد وقيل بطاعة الله.


(226)

القمي عن الباقر عليه السلام في هذه الآية قال وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وآله سأل قومه أن يودوا أقاربه ولا يؤذوهم وأما قوله فهو لكم يقول ثوابه لكم.
وفي المجمع عنه عليه السلام معناه إن أجر ما دعوتكم إليه من إجابتي وذخره هو لكم دوني.
وفي الكافي عنه عليه السلام يقول أجر المودة الذي لم أسألكم غيره فهو لكم تهتدون به وتنجون من عذاب يوم القيامة إن أجرِيَ إلا على الله وهو على كل شيء شهيد مطلع يعلم صدقي وخلوص نيتي.
(48) قل إن ربي يقذف بالحق يلقيه وينزله على من يجتبيه من عباده علام الغيوب .
(49) قل جاء الحق الاسلام وما يبدئ الباطل وما يعيد وزهق الباطل أي الشرك بحيث لم يبق له أثر.
في الأمالي عن الرضا عن أبيه عن آبائه عليهم السلام دخل رسول الله صلى الله عليه وآله مكة وحول البيت ثلاثمائة وستون صنما فجعل يطعنها بعود في يده ويقول جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد.
وفي المجمع مثله عن ابن مسعود
(50) قل إن ضللت عن الحق فإنما أضل على نفسي فإن وبال ضلالي عليها وإن اهتديت فبما يوحى إليّ ربّي إنه سميع قريب يسمع كل قول ويرى كل فعل وإن كان خفيا.
(51) ولو ترى إذ فزعوا لرأيت فظيعا فلا فوت فلا يفوتون الله بهرب أو حصن.
القمي عن الباقر عليه السلام قال إذ فزعوا من الصوت وذلك الصوت من السماء وأخذوا من مكان قريب قال من تحت أقدامهم خسف بهم.


(227)

وعنه عليه السلام لكأني أنظر إلى القائم عليه السلام وقد أسند ظهره إلى الحجر وساق الحديث إلى أن قال فإذا جاء إلى البيداء يخرج إليه جيش السفياني فيأمر الله عز وجل الأرض فتأخذ بأقدامهم وهو قوله عز وجل ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت وأخذوا من مكان قريب.
(52) وقالوا آمنا به قال يعني بالقائم من آل محمد وقيل بمحمد صلى الله عليه وآله وأنى لهم التناوش التناول يعني تناول الأيمان من مكان بعيد يعني بعد انقضاء زمان التكليف قال إنهم طلبوا الهدى من حيث لا ينال وقد كان لهم مبذولا من حيث ينال.
(53) وقد كفروا به من قبل يعني أوان التكليف ويقذفون بالغيب ويرجمون بالظن ويتكلمون بما لم يظهر لهم من مكان بعيد من جانب بعيد من أمره.
(54) وحيل بينهم وبين ما يشتهون قال يعني أن لا يعذبوا كما فعل بأشياعهم من قبل قال يعني من كان قبلهم من المكذبين هلكوا إنهم كانوا في شك مريب
في المجمع عن السجاد والحسن بن الحسن بن علي عليهما السلام في هذه الآية هو جيش البيداء يؤخذون من تحت أقدامهم وعن النبي صلى الله عليه وآله أنه ذكر فتنة تكون بين أهل المشرق والمغرب قال فبينا هم كذلك يخرج عليهم السفياني من الوادي اليابس في فور ذلك حتى ينزل دمشق فيبعث جيشين جيشا إلى المشرق وآخر إلى المدينة حتى ينزلوا بأرض بابل من المدينة الملعونة يعني بغداد فيقتلون فيها أكثر من ثلاثة آلاف ويفضحون أكثر من مأة إمرأة ويقتلون بها ثلاثمأة كبش من بني العباس ثم ينحدرون إلى الكوفة فيخربون ما حولها ثم يخرجون متوجهين إلى الشام فتخرج رآية هدى من الكوفة فتلحق ذلك الجيش فيقتلونهم لا يفلت منهم مخبر ويستنقذون ما في أيديهم من السبي والغنائم ويحل الجيش الثاني بالمدينة فينهبونها ثلاثة أيام بلياليها ثم يخرجون متوجهين إلى مكة حتى إذا كانوا بالبيداء بعث الله جبرئيل فيقول يا جبرئيل اذهب فأبدهم فيضربها برجله ضربة يخسف الله بهم عندها ولا يفلت


(228)

منهم إلا رجلان من جهينة فلذلك جاء القول (وعند جهينة الخبر اليقين) فذلك قوله تعالى ولو ترى إذ فزعوا الآية قال وروى أصحابنا في أحاديث المهدي عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام مثله.
وفي ثواب الأعمال والمجمع عن الصادق عليه السلام من قرأ الحمدين جميعا حمد سبأ وحمد فاطر في ليلة لم يزل في ليله في حفظ الله وكلاءته فإن قرأهما في نهاره لم يصبه في نهاره مكروه واعطي من خير الدنيا وخير الاخرة ما لم يخطر على قلبه ولم يبلغ مناه.