سورة ص مكية
عدد آيها ثمان وثمانون آية كوفي وست حجازي بصري شامي

بسم الله الرحمن الرحيم
(1) ص قد سبق تأويله.
وفي المعاني عن الصادق عليه السلام وأما ص فعين تنبع من تحت العرش وهي التي توضأ منها النبي صلى
الله عليه وآله لما عرج به ويدخلها جبرئيل كل يوم دخلة فينغمس فيها ثم يخرج منها فينفض أجنحته فليس من قطرة تقطر من أجنحته إلا خلق الله تبارك وتعالى منها ملكا يسبح الله ويقدسه ويكبره ويحمده إلى يوم القيامة.
وفي الكافي عنه عليه السلام في حديث المعراج ثم أوحى الله إليّ يا محمد ادن من صاد فاغسل مساجدك وطهرها وصل لربك فدنا رسول الله صلى الله عليه وآله من صاد وهو ماء يسيل من ساق العرش الأيمن الحديث.
وفي العلل عن الكاظم عليه السلام في حديث أنه سئل وما صاد الذي امر أن يغتسل منه يعني النبي صلى الله عليه وآله لما أسرى به فقال عين تتفجر من ركن من أركان العرش يقال لها ماء الحياة وهو ما قال الله عز وجل ص والقرآن ذي الذكر.
وفي المجمع عن الصادق عليه السلام أنه اسم من أسماء الله تعالى أقسم به.
والقرآن ذي الذكر مقسم به عطفا على صاد وجوابه محذوف أي أنه لحق يدل عليه قوله تعالى.
(2) بل الذين كفروا في عزة وشقاق أي ما كفر به من كفر لخلل وجد فيه بل الذين كفروا في إستكبار عن الحق وخلاف لله ورسوله ولذلك كفروا به.


(291)

والقمي قال هو قسم وجوابه بل الذين كفروا وهو يرجع إلى ما قلناه.
(3) كم أهلكنا قبلهم من قرن وعيد لهم على كفرهم به إستكبارا وشقاقا فنادوا إستغاثة ولات حين مناص أي ليس الحين حين منجى ومفر زيدت التاء على لا للتأكيد.
(4) وعجبوا أن جائهم منذر منهم بشر مثلهم وقال الكافرون وضع فيه الظاهر موضع الضمير غضبا عليهم وذما لهم وإشعارا بأن كفرهم جسرهم على هذا القول هذا ساحر فيما يظهره معجزة كذاب فيما يقول على الله.
(5) أجعل الآلهة إلها وحدا إن هذا لشيء عجاب بليغ في العجب فإنه خلاف ما أطبق عليه آباؤنا.
(6) وانطلق الملؤ منهم أن امشوا قائلين بعضهم لبعض امشوا واصبروا واثبتوا على آلهتكم على عبادتها فلا ينفعكم مكالمته إن هذا لشيء يراد قيل أي إن هذا لشيء من ريب الزمان يراد بنا فلا مرد له وقيل إن هذا الذي يدعيه من الرياسة والترفع على العرب لشيء يريده كل أحد.
(7) ما سمعنا بهذا بالذي يقوله في الملة الاخرة في الملة التي أدركنا عليها آبائنا إن هذا إلا اختلاق كذب اختلقه.
القمي قال نزلت بمكة لما أظهر رسول الله صلى الله عليه وآله الدعوة بمكة اجتمعت قريش إلى أبي طالب عليه السلام وقالوا يا أبا طالب إن ابن أخيك قد سفه أحلامنا وسب آلهتنا وأفسد شباننا وفرق جماعتنا فإن كان الذي يحمله على ذلك العدم جمعنا له مالا حتى يكون أغنى رجل في قريش ونملكه علينا فأخبر أبو طالب رسول الله صلى الله عليه وآله فقال لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري ما أردته ولكن يعطوني كلمة يملكون بها العرب ويدين لهم بها العجم ويكونون ملوكا في الجنة فقال لهم أبو طالب ذلك فقالوا نعم وعشر كلمات فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله يشهدون أن لا إله إلا الله وأني رسول الله صلى الله عليه وآله فقالوا ندع ثلاثمائة وستين إلها ونعبد إلها واحدا فأنزل الله سبحانه بل عجبوا أن جائهم منذر منهم إلى قوله إلا اختلاق أي تخليط ءانزل عليه الذكر إلى قوله من الاحزاب.


(292)

وفي الكافي عن الباقر عليه السلام قال أقبل أبو جهل بن هشام ومعه قوم من قريش فدخلوا على أبي طالب فقالوا إن ابن أخيك قد آذانا وآذى آلهتنا فادعه ومره فليكف عن آلهتنا ونكف عن إلهه قال فبعث أبو طالب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فدعاه فلما دخل النبي صلى الله عليه وآله لم ير في البيت إلا مشركا فقال السلام على من اتبع الهدى ثم جلس فخبره أبو طالب بما جاؤا له فقال أو هل لهم في كلمة خير لهم من هذا يسودون بها العرب ويطأون أعناقهم فقال أبو جهل نعم وما هذه الكلمة قال تقولون لا إله إلا الله قال فوضعوا أصابعهم في آذانهم وخرجوا هُرّاباُ وهم يقولون ما سمعنا بهذا في الملّة الآخرة إن هذا إلا اختلاق فأنزل الله في قولهم ص والقرآن إلى قوله إلا اختلاق.
(8) ءانزل عليه الذكر من بيننا انكار لإختصاصه بالوحي وهو مثلهم أو أدون منهم في الشرف والرياسة لقولهم لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم وأمثال ذلك دليل على ان مبدأ تكذيبهم لم يكن إلا الحسد وقصور النظر على الحطام الدنيوي بل هم في شك من ذكري من القرآن والوحي لميلهم إلى التقليد وإعراضهم عن الدليل بل لما يذوقوا عذاب بل لم يذوقوا عذابي بعد فإذا ذاقوه زال شكهم والمعنى أنهم لا يصدقون به حتى يمسهم العذاب فيلجئهم إلى تصديقه.
(9) أم عندهم خزائن رحمة ربك العزيز الوهاب بل أعندهم خزائن رحمته وفي تصرفهم حتى يصيبوا بها من شاؤوا ويصرفوها عمن شاؤوا فيتخيروا للنبوة بعض صناديدهم يعني أن النبوة عطية من الله يتفضل بها على من يشاء من عباده لا مانع له فإنه العزيز الغالب الذي لا يغلب الوهاب الذي له أن يهب كل ما يشاء لمن يشاء.
(10) أم لهم ملك السماوات والارض وما بينهما أم لهم مدخل في هذا العالم الذي هو جزء يسير من خزائنه فليرتقوا في الاسباب أي إن كان لهم ذلك فليصعدوا في المعارج التي يتوصل بها إلى العرش حتى يستووا عليه ويدبروا أمر العالم فينزلوا الوحي إلى من يستصوبون وهو غآية التهكم لهم وقيل اريد بالأسباب السماوات لأنها أسباب الحوادث السفلية


(293)

(11) جند ما هنالك مهزوم من الاحزاب أي هم جند ما من الكفار المتحزبين على الرسل.
القمي يعني الذين تحزبوا عليك يوم الخندق وقيل مهزوم أي مكسور عما قريب فمن أين لهم التدابير الألهية والتصرف في الامور الربانية أو فلا تكترث لما يقولون وهنالك إشارة إلى حيث وضعوا فيه أنفسهم من الأبتداء لهذا القول.
(12) كذبت قبلهم قوم نوح وعاد وفرعون ذو الاوتاد في العلل عن الصادق عليه السلام أنه سئل عن قوله تعالى وفرعون ذو الاوتاد لأي شيء سمي ذا الأوتاد فقال لأنه كان إذا عذب رجلا بسطه على الأرض على وجهه ومد يديه ورجليه فأوتدها بأربعة أوتاد في الأرض وربما بسطه على خشب منبسط فوتد رجليه ويديه بأربعة أوتاد ثم تركه على حاله حتى يموت فسماه الله عز وجل فرعون ذا الاوتاد.
والقمي عمل الأوتاد التي أراد أن يصعد بها إلى السماء.
(13) وثمود وقوم لوط وأصحاب الايكة وأصحاب الغيضة وهم قوم شعيب أولئك الاحزاب يعني المتحزبين على الرسل الذي جعل الجند المهزوم منهم.
(14) إن كل إلا كذب الرسل فحق عقاب .
(15) وما ينظر هؤلاء وما ينتظر قومك أو الأحزاب جميعا إلا صيحة واحدة هي النفخة ما لها من فواق قيل أي من توقف مقدار فواق وهو ما بين الحلبتين أو رجوع وترداد فإنه فيه يرجع اللبن إلى الضرع والقمي أي لا يفيقون من العذاب وقرء بضم الفاء وهما لغتان.
(16) وقالوا ربنا عجل لنا قطنا قسطنا من العذاب الذي توعدنا به في المعاني عن أمير المؤمنين عليه السلام في معناه قال نصيبهم من العذاب قبل يوم الحساب استعجلوا ذلك استهزاء.
(17) اصبر على ما يقولون واذكر عبدنا داود ذا الايد في التوحيد عن الباقر عليه السلام اليد في كلام العرب القوة والنعمة ثم تلا هذه الآية إنه أواب قيل أي


(294)

رجاع إلى مرضاة الله لقوته في الدين.
والقمي أي دعاء قيل كان يصوم يوما ويفطر يوما ويقوم نصف الليل.
(18) إنا سخرنا الجبال معه يسبحن قد سبق تفسيره في سورة الأنبياء وسبأ بالعشي والاشراق حين تشرق الشمس أي تضيء ويصفو شعاعها.
(19) والطير محشورة إليه من كل جانب كل له أواب كل من الجبال والطير لاجل تسبيحه رجاع التسبيح.
(20) وشددنا ملكه وقويناه بالهيبة والنصرة وكثرة الجنود.
وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب قيل هو فصل الخصام يتميز الحق عن الباطل وقيل الكلام المفصول الذي لا يشتبه على السامع.
وفي العيون عن الرضا عليه السلام إنه معرفة اللغات.
وفي الجوامع عن علي عليه السلام هو قوله البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه وقد ورد أخبار كثيرة بأن أئمتنا عليهم السلام اعطوا الحكمة وفصل الخطاب.
(21) وهل أتاك نبؤ الخصم فيه تعجيب وتشويق إلى إستماعه إذ تسوروا المحراب إذ تصعدوا سور الغرفة.
(22) إذ دخلوا على داود ففزع منهم لأنهم نزلوا عليه من فوق وفي يوم الأحتجاب والحرس على الباب قالوا لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط ولا تجر في الحكومة واهدنا إلى سوآء الصراط إلى وسطه وهو العدل.
(23) إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة وليَ نعجة واحدة هي الانثى من الضأن وقد يكنى بها عن المرأة فقال أكفلنيها ملكنيها وأصله واجعلني أكفلها أو اجعلها كفلي أي نصيبي وعزني في الخطاب وغلبني في مخاطبته إياي.


(295)

(24) قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه وإن كثيرا من الخلطآء الشركاء الذين خلطوا أموالهم جمع خليط ليبغي ليتعدى بعضهم على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم وهم قليل ما مزيدة للأبهام والتعجب من قلتهم وظن داود أنما فتناه امتحناه بتلك الحكومة هل تنبه بها فاستغفر ربه وخر راكعا ساجدا وأناب ورجع إلى الله بالتوبة.
(25) فغفرنا له ذلك أي ما استغفر عنه وإن له عندنا لزلفى لقربة بعد المغفرة وحسن مآب مرجع في الجنة.
(26) يا داود إنا جعلناك خليفة في الارض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب قد سبق في سورة لقمان كلام في خلافة داود عليه السلام.
وفي العيون عن الرضا عليه السلام في حديث عصمة الأنبياء قال وأما داود فما يقول من قبلكم فيه فقيل يقولون إن داود عليه السلام كان يصلي في محرابه إذ تصور له إبليس على صورة طير أحسن ما يكون من الطيور فقطع داود عليه السلام صلاته وقام ليأخذ الطير فخرج الطير إلى الدار فخرج في أثره فطار الطير إلى السطح فصعد السطح في طلبه فسقط الطير في دار اوريا بن حيان فاطلع داود عليه السلام في أثر الطير فإذا بإمرأة اوريا تغتسل فلما نظر إليها هواها وكان قد أخرج اوريا في بعض غزواته فكتب إلى صاحبه أن قدم اوريا أمام التابوت فقدم فظفر اوريا بالمشركين فصعب ذلك على داود عليه السلام فكتب إليه ثانية أن قدمه أمام التابوت فقدم فقتل اوريا فتزوج داود عليه السلام بإمرأته قال فضرب الرضا عليه السلام يده على جبهته وقال إنا لله وإنا إليه راجعون لقد نسبتم نبيا من أنبياء الله إلى التهاون بصلاته حتى خرج في أثر الطير ثم بالفاحشة ثم بالقتل فقيل يا ابن رسول الله فما كانت خطيئته فقال ويحك إن داود عليه السلام إنما ظن أنه ما خلق الله عز وجل خلقا هو أعلم منه فبعث الله عز وجل إليه الملكين فتسورا المحراب فقالا له خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط واهدنا إلى سواء الصراط إن هذا أخى له تسع وتسعون نعجة وليَ نعجة واحدة فقال أكفلنيها وعزني في


(296)

الخطاب فعجل داود عليه السلام على المدعى عليه فقال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه ولم يسأل المدعى البينة على ذلك ولم يقبل على المدّعي عليه فيقول له ما تقول فكان هذا خطيئته رسم حكم لا ما ذهبتم إليه ألا تسمع الله تعالى يقول يا داود إنا جعلناك خليفة في الارض فاحكم بين الناس بالحق إلى آخر الآية فقيل يا ابن رسول الله فما قصته مع اوريا قال الرضا عليه السلام إن المرأة في أيام داود عليه السلام كانت إذا مات بعلها أو قتل لا تتزوج بعده أبدا فأول من أباح الله تعالى أن يتزوج بامرأة قتل بعلها داود عليه السلام فتزوج بامرأة اوريا لما قتل وانقضت عدّتها فذلك الذي شق على الناس من قبل اوريا.
والقمي عن الصادق عليه السلام ما يقرب مما روته العامة وكذبه الرضا عليه السلام كما مر مع زيادات وفيه ما فيه وعن الباقر عليه السلام في قوله وظن داود عليه السلام أي علم وأناب أي تاب وذكر أن داود عليه السلام كتب إلى صاحبه أن لا تقدم اوريا بين يدي التابوت ورده فقدم اوريا إلى أهله ومكث ثمانية أيام ثم مات.
وفي المجالس عن الصادق عليه السلام قال ان رضا الناس لا يملك وألسنتهم لا تضبط ألم ينسبوا إلى داود عليه السلام أنه تبع الطير حتى نظر إلى إمرأة اوريا فهواها وأنه قدم زوجها أمام التابوت حتى قتل ثم تزوج بها.
وفي المجمع عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال لا أوتي برجل يزعم أن داود عليه السلام تزوج إمرأة اوريا إلا جلدته حدين حد للنبوة وحد للأسلام وروي أنه قال من حدث بحديث داود عليه السلام على ما يرويه القصاص جلدته مأة وستين.
(27) وما خلقنا السماء والارض وما بينهما باطلا لا حكمة فيه ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار بسبب هذا الظن.
(28) أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الارض إنكار للتسوية أم نجعل المتقين كالفجار قيل كأنه أنكر التسوية أولاً بين المؤمنين والكافرين ثم بين المتقين من المؤمنين والمجرمين منهم ويجوز أن يكون تكريرا للأنكار الأول باعتبار وصفين آخرين يمنعان التسوية من الحكيم الرحيم.


(297)


والقمي عن الصادق عليه السلام أنه سئل عن هذه الآية فقال الذين آمنوا وعملوا الصالحات أمير المؤمنين وأصحابه كالمفسدين في الارض قال حبتر وزيق وأصحابهما ام نجعل المتقين امير المؤمنين كالفجار حبتر وزلام واصحابهما وهذه الألفاظ كنايات عن الثلاثة.
وفي الكافي عنه عليه السلام قال لا ينبغي لأهل الحق أن ينزلوا أنفسهم منزلة أهل الباطل لأن الله لم يجعل أهل الحق عنده بمنزلة أهل الباطل ألم يعرفوا وجه قول الله في كتابه إذ يقول أم نجعل الذين آمنوا الآية.
في الخصال عن أمير المؤمنين عليه السلام إن لأهل التقوى علامات يعرفون بها صدق الحديث وأداء الأمانة والوفاء بالعهد وقلة الفخر والتحمل وصلة الأرحام ورحمة الضعفاء وقلة المواتاة للنساء وبذل المعروف وحسن الخلق وسعة الحلم واتباع العلم فيما يقرب إلى الله تعالى وفي روآية اخرى عنه عليه السلام قال الفاجر إن ائتمنته خانك وإن صاحبته شانك وإن وثقت به لم ينصحك.
(29) كتاب أنزلناه إليك مبارك نفّاع ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الالباب الثاقبة.
القمي عن الصادق عليه السلام ليدبروا آياته أمير المؤمنين والأئمة عليهم السلام فهم أولو الألباب قال وكان أمير المؤمنين عليه السلام يفتخر بها ويقول ما اعطي أحد قبلي ولا بعدي مثل ما اعطيت.
(30) ووهبنا لداود سليمان نعم العبد أي نعم العبد سليمان إنه أواب كثير الرجوع إلى الله بالتوبة والذكر.
(31) إذ عرض عليه بالعشي بعد الظهر الصافنات الجياد الصافن الخيل الذي يقوم على طرف سنبك يد أو رجل وهو من الصفات المحمودة في الخيل والجياد قيل جمع جواد أو جود وهو الذي يسرع في جريه وقيل الذي يجود بالركض وقيل جمع جيد.


(298)

(32) فقال إني أحببت حب الخير عن ذكر ربي قيل أصل أحببت أن يعدى بعلى لأنه بمعنى آثرت لكن لما انيب مناب أنبت عدّي تعديته بعن وقيل هو بمعنى تقاعدت وحب الخير مفعول له والخير المال الكثير والمراد به هنا الخيل التي شغلته عن الذكر وفي الحديث الخيل معقود بنواصيها الخير حتى توارت بالحجاب غربت الشمس شبه غروبها بتواري المخبأة بحجابها وإضمارها من غير ذكر لدلالة العشي عليه.
(33) ردوها عليّ الضمير للشمس فطفق مسحا فأخذ يسمح مسحا بالسوق والاعناق .
في الفقيه عن الصادق عليه السلام قال إن سليمان بن داود عليه السلام عرض عليه ذات يوم بالعشي الخيل فاشتغل بالنظر إليها حتى توارت الشمس بالحجاب فقال للملائكة ردوا الشمس عليّ حتى اصلي صلاتي في وقتها فردوها فقام فمسح ساقيه وعنقه وأمر أصحابه الذين فأتتهم الصلاة معه بمثل ذلك وكان ذلك وضوءهم للصلاة ثم قام فصلى فلما فرغ غابت الشمس وطلعت النجوم وذلك قول الله عز وجل ووهبنا لداود سليمان إلى قوله والاعناق.
وفي المجمع عن أمير المؤمنين عليه السلام إن هذه الخيل كانت شغلته عن صلاة العصر حتى فات وقتها قال وفي روايات أصحابنا أنه فاته أول الوقت.
وفي الكافي والفقيه عن الباقر عليه السلام أنه سئل عن قول الله عز وجل إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا قال يعني مفروضا وليس يعني وقت فوتها إذا جاز ذلك الوقت ثم صلاها لم يكن صلاته هذه مؤداة ولو كان ذلك كذلك لهلك سليمان بن داود عليه السلام حين صلاها لغير وقتها ولكنه متى ما ذكرها صلاها.
وفي العلل عنه عليه السلام ما يقرب منه.
وفي المجمع قال ابن عباس سألت عليا عليه السلام عن هذه الآية فقال ما بلغك فيها يا ابن عباس قلت بلى سمعت كعبا يقول اشتغل سليمان بعرض الأفراس


(299)

حتى فاتته الصلاة فقال ردّوها عليّ يعني الأفراس وكانت أربعة عشر فأمر بضرب سوقها وأعناقها بالسيف قتلها فسلبه الله ملكه أربعة عشر يوما لأنه ظلم الخيل بقتلها فقال علي عليه السلام كذب كعب لكن اشتغل سليمان بعرض الأفراس ذات يوم لأنه أراد جهاد العدو حتى توارت الشمس بالحجاب فقال بأمر الله للملائكة الموكلين بالشمس ردوها عليّ فردت فصلى العصر في وقتها وأن أنبياء الله لا يظلمون ولا يأمرون بالظلم لأنهم معصومون مطهرون.
والقمي ذكر قريبا مما قاله كعب ثم روى قصة خاتمه عن الصادق عليه السلام وأنه ضل عنه أربعين يوما بسبب قتله الخيل سرقه شيطان وجلس مكانه في تلك المدة إلى آخر ما ذكره مما لا يليق بالأنبياء إلا إذا كان مرموزا وأريد به شيء آخر كما سبق مثله في قصة هاروت وماروت.
(34) ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسدا ثم أناب .
في المجمع عن النبي صلى الله عليه وآله أن سليمان قال يوما في مجلسه لأطوفن الليلة على سبعين إمراة تلد كل إمراة منهن غلاما يضرب بالسيف في سبيل الله ولم يقل إن شاء الله فطاف عليهن فلم تحمل منهن إلا إمراة واحدة جاءت بشق ولد قال ثم قال فوالذي نفس محمد صلى الله عليه وآله بيده لو قال إن شاء الله لجاهدوا في سبيل الله فرسانا والجسد الذي كان على كرسيه كان هذا وعن الصادق عليه السلام أن الجن والشياطين لما ولد لسليمان عليه السلام ابن قال بعضهم لبعض إن عاش له ولد لنلقين منه ما لقينا من أبيه من البلاء فأشفق منهم عليه فاسترضعه في المزن وهو السحاب فلم يشعر إلا وقد وضع على كرسيه ميتا تنبيها على أن الحذر لا ينفع من القدر وإنما عوتب على خوفه من الشياطين وقيل الجسد ذاك الشيطان الذي كان قد جلس مكانه على كرسيه سمي بالجسد الذي لا روح فيه لأنه كان متمثلا بما لم يكن كذلك وهذا قول العامة الراوين لتلك القصة التي فيها ذكر الخاتم إلا أنهم ذكروا في سبب ابتلائه بسلب ملكه أنه كانت إمرأته تعبد في بيته صورة أربعين يوما وهو لم يشعر بذلك.
(35) قال رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لاحد من بعدي إنك أنت الوهاب


(300)

(36) فسخرنا له الريح فذللناها لطاعته اجابة لدعوته تجري بأمره رخاء لينة لا تزعزع حيث أصاب أراد.
(37) والشياطين كل بناء وغواص .
(38) وآخرين مقرنين في الاصفاد قرن بعضهم مع بعض في السلاسل ليكفوا عن الشر كذا قيل ، والقمي هم الذين عصوا سليمان حين سلبه الله ملكه وقد سبق بعض هذا القصة في سورة سبأ.
(39) هذا عطاؤنا أي هذا الذي أعطيناك من الملك والبسطة والتسلط على ما لم يسلط به غيرك عطاؤنا فامنن أو أمسك فاعط من شئت وامنع من شئت بغير حساب غير محاسب على منّه وإمساكه لتفويض التصرف فيه إليك.
(40) وإن له عندنا لزلفى في الآخرة مع ماله من الملك العظيم في الدنيا وحسن مآب هو الجنة.
في العلل عن الكاظم عليه السلام انه سئل أيجوز أن يكون نبي الله بخيلا فقال لا فقيل فقول سليمان عليه السلام رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لاحد من بعدي ما وجهه وما معناه فقال الملك ملكان ملك مأخوذ بالغلبة والجور وإجبار الناس وملك مأخوذ من قبل الله تعالى ذكره كملك آل ابراهيم وملك طالوت وذي القرنين فقال سليمان هب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي أن يقول أنه مأخوذ بالغلبة والجور وإجبار الناس فسخر الله عز وجل له الريح تجري بأمره رخاء حيث أصاب وجعل غدوها شهرا ورواحها شهرا وسخر الله عز وجل له الشياطين كل بناء وغواص وعلم منطق الطير ومكن له في الأرض فعلم الناس في وقته وبعده أن ملكه لا يشبه ملك الملوك الجبارين من الناس والمالكين بالغلبة والجور قيل فقول رسول الله صلى الله عليه وآله رحم الله أخي سليمان بن داود عليه السلام ما كان أبخله فقال لقوله وجهان أحدهما ما كان أبخله بعرضه وسوء القول فيه والوجه الآخر يقول ما كان أبخله إن كان أراد ما كان يذهب إليه الجهال


(301)

وفي الكافي عن الصادق عليه السلام في قوله تعالى هذا عطاؤنا الآية قال اعطى سليمان عليه السلام ملكا عظيما ثم جرت هذه الآية في رسول الله صلى الله عليه وآله فكان له أن يعطي من شاء وما شاء ويمنع من شاء ما شاء وأعطاه أفضل مما أعطى سليمان عليه السلام لقوله ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا.
وعن الرضا عليه السلام أنه قيل له حقا علينا أن نسألكم قال نعم قيل حقا عليكم أن تجيبونا قال لا ذاك إلينا إن شيءنا فعلنا وإن شيءنا لم نفعل أما تسمع قول الله تعالى هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب.
(41) واذكر عبدنا أيوب إذ نادى ربه أنّي مسّني الشيطان بنصب بتعب وقريء بفتح النون وبفتحتين وعذاب ألم وهو حكآية لكلامه.
(42) اركض برجلك حكآية لما اجيب به أي اضرب برجلك الى الأرض هذا مغتسل بارد وشراب أي فضربها فنبعت عين فقيل هذا مغتسل أي تغتسل به وتشرب منه فيبرئ باطنك وظاهرك.
(43) ووهبنا له أهله ومثلهم معهم بأن أحييناهم بعد موتهم.
في الكافي عن الصادق عليه السلام إنه سئل كيف أوتي مثلهم معهم قال أحيى لهم من ولده الذين كانوا ماتوا قبل ذلك بآجالهم مثل الذين هلكوا يومئذ.
والقمي عنه عليه السلام قال أحيى الله له أهله الذين كانوا قبل البلية وأحيى له الذين ماتوا وهو في البلية رحمة منا وذكرى لاولى الالباب لينتظروا الفرج بالصبر واللجأ إلى الله فيما يحيق بهم.
(44) وخذ بيدك ضغثا حزمة صغيرة من خشب فاضرب به ولا تحنث وذلك أنه حلف أن يضرب زوجته في أمر ثم ندم عليه فحل الله يمينه بذلك وهي رخصة باقية في الحدود كما ورد عنهم عليهم السلام إنا وجدناه صابرا فيما أصابه في النفس والأهل والمال نعم العبد أيوب (ع) إنه أوّاب مقبل بشراشره على الله.
في العلل عن الصادق عليه السلام قال إنما كانت بلية أيوب عليه السلام التي ابتلي بها