خَصائِصُ الأئمَة عليهم السلام ::: 16 ـ 30
(16)

الصفحة الاولى من نسخة الفقيه الراوندي


(17)

أول الكتاب من نسخة الامام الراوندي


(18)

آخر النسخة المذكورة


(19)
    وجاء في موضع آخر من الكتاب :
    ـ إنتهت الزيادة ...
    بحمد الله ومنه وصلواته على نبيه محمد وآله أجمعين.
    وفرغ من كتبه العبد المذنب عبد الجبار بن الحسين بن أبي العم الحاجي الفراهاني يوم الاربعاء التاسع عشر من جمادى الاولى من سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة ( 553 ) في خدمة مولانا الامير الاجل السيد ضياء الدين تاج الاسلام أبي الرضا فضل الله بن علي بن عبيد الله الحسني أدام الله ظله ، وقد آوى إلى قرية جوسقان راوند متفرجا حامدا لله ومصليا على النبي وآله اجمعين والسلام ـ.
    وجاء في هامش الصفحة الاخيرة :
    ـ وقع الفراغ من سماع هذا الكتاب بقراءة من قرأه على السيد الاجل الامام ضياء الدين تاج الاسلام حرس الله .. وقت الزوال في يوم الخميس من شهر جمادي .. سنة أربع وخمسين وخمسمائة حامدا لله ومصليا على نبيه محمد وآله اجمعين ـ.
    لقد حققت النسخة وأعلمت مصادر الموضاعات ، والاحاديث الواردة فيها ، بصورة كاملة إلى جانب ذكر أسانيد الاخبار والروايات ، بالاضافة إلى مقابلة نصوص النسخة مع سائر المراجع والمصادر التي وردت فيها تلكم النصوص.
    وختاما شكرى المتواصل لاعضاء ـ مجمع البحوث الاسلامية ـ متمنيا لهم التوفيق والنجاح في إخراجهم الكتاب بهذا الشكل الانيق .. كما أرجوا الله تعالى بعملي هذا بعد أن حققت أصل الكتاب وضبطت نصوصه ويسرته للانتفاع به .. أن يجعله مقرونا بالقبول ، وأن ينفع به انه نعم النصير .. وأكرم مسؤول ...
أبو علي
محمد هادي الاميني
عفا الله عنه وعن والديه
محرم 1406 هـ. ق


(20)
    أبو الحسن محمد بن ابي أحمد الطاهر « ذي المنقبتين » الحسين بن موسى الابرش بن محمد الاعرج بن موسى « المعروف بأبي سبحة » بن ابراهيم ( الاصغر ) بن الامام موسى بن جعفر عليهم السلام.
    وأمه فاطمة بنت أبي محمد الحسين الناصر الصغير بن أبي الحسين أحمد (2) ابن محمد الناصر الكبير الاطروش (3) بن علي بن الحسن بن علي الاصغر ابن عمر الاشرف بن الامام زين العابدين عليهم السلام.
    كانت أسرة الشريف من طرف الابوين بهاليل مساعير ، فيهم من دوخ الملوك ، ونابغ في العلم والادب ، وشاعر مجيد ، ولابيه الطاهر ذي المنقبتين احمد المقام الرفيع في الدولة مع اباء وشهامة (4) وقد قلد النقابة خمس مرات (5) ، و
1 ـ هذه الترجمة كانت بقلم المرحوم السيد عبد الرزاق المقرم .. وقد اجريت عليها زيادات هامة.
2 ـ سماه ابن الاثير ج 8 ص 26 حوادث سنة 301 الحسن.
3 ـ عند ابن الاثير السبب في صممه ضربة بالسيف على رأسه في حرب محمد بن زيد.
4 ـ يشهد لذلك ما في معجم الادباء ج 2 ص 110 ط 2 ان أحمد بن ابراهيم الضبي الوزير توفى سنة 399 في بروجرد وأوصى ان يدفن بمشهد الحسين عليه السلام ، وكتب إبنه إلى أبي بكر الخوارزمي شيخ الحنفية في بغداد ان يبتاع له تربة في المشهد الحسيني فذكر أبو بكر للشريف الطاهر أبي أحمد ( والد الرضي والمرتضى ) فقال : هذا رجل قد التجأ إلى جوار جدي ولا اخذ على تربته ثمنا ، ثم اخرج تابوته الى ( براثا ) وخرج معه الشريف أبو أحمد والاشراف والفقهاء ، وصلى عليه الشريف أبو أحمد ، واصحب معه خمسين رجلا من خاصته حتى أوصلوه الى كربلاء ودفن هناك.
5 ـ شرح النهج الحديدي ج 1 ص 10.


(21)
تولى النظر في المظالم ، والحج بالناس مرارا (1) ، وان جلالة قدره أهلته للسفارة بين معز الدولة ، والاتراك ، وبين بهاء الدولة ، وصمصام الدولة ، كما توسط للصلح بين بهاء الدولة ، ومهذب الدولة (2). وكان رسولا من معز الدولة إلى عضد الدولة في رد غلام أسره عنده (3) ووسيطا في الصلح بين معز الدولة ، وبين أبي تغلب بن حمدان (4) إلى أمثال هذه القضايا التي لم يعهد بها إلا لذي كرامة سامية بين الجماهير ، واحترام ذاتي غير مستعار.
    وأما عم الشريف الرضي ، وهو أبو عبد الله أحمد بن موسى الابرش ، فلم يكن خامل الذكر وضيع الشأن ، يعرفنا خروجه إلى واسط لاستقبال بهاء الدولة ، وكان من الطالبيين الذين أسهموا بالفخار والكرامة ، فإنه لا يستقبل الملوك إلا من يعرفه الملوك ، ويقدرون موقفه ومنزلته.
    ومن أسرة والدته : أبو علي الشاعر المجيد الذي أشخصه الرشيد من الحجاز ، وحبسه في بغداد وافلت من حبسه واختفى فيها (5).
    ومحمد بن القاسم الصوفي الزاهد الفقيه الذي ظهر ايام المعتصم في ( الطالقان ) وقبض عليه ابن طاهر وانفذه الى بغداد فسجن ثم فر فاخذ وقتل صبرا (6).
    والناصر الاطروش صاحب الديلم (7). والناصر الصغير الحسن بن أحمد بن
1 ـ وفيات الاعيان ج 2 ص 107 ط ايران.
2 ـ ذيل تجارب الامم ص 268 حوادث سنة 835.
3 ـ المنتظم لابن الجوزي ج 7 ص 83 حوادث سنة 366.
4 ـ ابن الاثير ج 8 ص 208.
5 ـ شاعر مغمور لم اجد له ترجمة في المعاجم.
6 ـ أبو جعفر محمد بن علي بن عمر الحسيني العلوي الطالبي المقتول بعد 219 وكان يلقب بالصوفي لادمانه لبس ثياب من الصوف الابيض ، وهو فقيه عالم زاهد قال المسعودي : وقد انقاد الى امامته خلق كثير.
مقاتل الطالبيين/577. البداية والنهاية 10/282. الاعلام 7/225. 7 ـ الحسن بن علي بن الحسن بن علي العلوي الاطروش .. اعيان الشيعة 21/170. تاريخ الطبري 10/149.


(22)
الناصر الكبير أبي محمد الحسن بن علي الحسيني المقتول بآمل سنة 304 والنقيب ببغداد صاحب الناصريات في الفقه المطبوع مع عدة كتب في مجموع عرف ( بجامع الفقه ) (1).
    وكانت والدة الشريف الرضي فاطمة من النساء البرزة الرزان ، أرضعته مع درها اماني النقابة والخلافة ، وقصت عليه مآثر ابائها المصاليت البهاليل ، وانفحته بالمال الذي احتوت عليه من آبائها ، وفي رثائها يقول الشريف ولدها :
آباؤك الغـر الـذين تفجـرت من نـاصر للحـق أو داع إلى نـزلوا بعرعرة السنام من العلى بهـم ينـابيـع من النعمـاء سبل الهدى أو كاشف الظلماء وعلوا على الاثباج والامطاء (2)
    كانت فاطمة والدة الشريف الرضي ، ابنة أخت زوجة معز الدولة أميرة البلاط ، وابنة خالة بختيار بن عز الدولة ، وهذه المصاهرة عقدت على حساب وتدبير ، ومن أسبابها تجليل مقام الناصر الكبير الاطروش الجد الاعلى لوالدة الشريف الرضي ، وربما كان أبو أحمد والد الشريف زوجها يعمل السعاة الذين يسرون بانباء العاصمة الى والي الاهواز معز الدولة ويعرفونه ضعف الخلافة ، و يستثيرون همته لامتلاكها ولجلالة والدة سيدنا الشريف وكبر شأنها الف شيخنا المفيد (3) كتاب احكام النساء (4) لها فانه قال في أوله : فاني عرفت من آثار السيدة الجليلة الفاضلة ادام الله عزها جميع الاحكام التي تعم المكلفين من النساء ، وتخص النساء منهن على التمييز لهن ، ليكون ملخصا في كتاب يعتمد
1 ـ الذريعة 20/370.
2 ـ ديوان الشريف الرضي 1/20.
3 ـ الشيخ الاكبر أبو عبد الله محمد بن محمد بن محمد بن نعمان البغدادي المتوفى 413 ه‍.
4 ـ الكتاب مرتب على ابواب أوله : الحمد لله الذي هدى العباد الى معرفته ويسر لهم سبيل .. كانت منه نسخة عتيقة في مكتبة المرحوم الشيخ عبد الحسين بن القاسم بن صالح بن القاسم الحلى المتوفى 1377. وكان من شيوخ الادب ومشاهير الفقهاء وله تأليف. الذريعة 1/302. معجم رجال الفكر والادب/137.


(23)
للدين ، ويرجع إليه فيما يثمر به العلم واليقين ، واخبرتني برغبتها ادام الله توفيقها في ذلك الخ (1).
    وعلى كل فالشريف الرضي كان بحاشيتي نسبه قابضا على عضادتي الامامة فهو ابن الامامين زين العابدين علي بن الحسين ، وابي ابراهيم موسى بن جعفر الكاظم عليهم السلام ، ومن ناحية الاعمام ولاخوال يكرع بكؤوس الفخار ويتزمل مطارف العلا وقد أثر هذا النسب الوضاح في شعره وتمشى في أدبه فيقول :
ما عذر من ضربت به أعراقه أن لا يمـد إلى المكارم باعه حتى بلغن إلـى النبي محمـد وينال منقطع العلا والسؤدد (2)
    ومن يقرأ شعر الشريف الرضي بتأمل يعرف نفسيته وطموحه الى الخلافة واولويته بها وتباهيهه بخيمه ، وتمجده بآبائه الاكارم ، وشعره ميادين حروب ، وغمرات اجال ، وشعور ملتهب ، ونفس جائشة تتلمض للوثبة والانطلاق والتحرر كل ذلك للاغلال التى ارهق بها رهطه الانجاد والسجون التي اوصدت عليهم ، والدماء السواجم التي اراقتها سيوف الظلم والعدوان والتمادي وهذا هو الذي أودع فيه روحا متحمسة وثابة ماثلة بين عيني المتصفح لديوانه.
    ولا غرابة في ذلك بعد ان انحدر السيد الشريف من أصلاب الشرف العلوي ، ودرت عليه اخلاف المجد الهاشمي ، وبزغ في ظلال اسرة الزعامة والعظمة ، ودرج في احضان الامامة فكان لهذا أثر بليغ في ترفعه وشممه ومحاولاته وعواطفه وميوله ، حتى اوجب لنفسه الكفاية في تسنم اريكة الخلافة ، فيقول مخاطبا الخليفة العباسي القادر بالله :
عطفا أمير المؤمنين فإننا ما بيننا يوم الفخار تفاوت عن دوحة العلياء لا نتفرق أبدا كلانا في المعالي معرق

1 ـ مستدرك الوسائل 3/516.
2 ـ ديوان الشريف الرضي 1/273.


(24)
إلا الخلافة ميزتـك فانـني انـا عاطل منهـا وانت مطوق (1)
    فلم ينكر عليه الخليفة ولا استظهر بطيب مغرسه ، نعم رد عليه بقوله :
    ( على الرغم أنف الشريف ) (2)
    ان نفس الشريف أبية صعبة المراس ذات اتجهات واسعة في السياسة ، وكان الامراء ورجال الدولة يقدمونه على اخيه « علم الهدى » لما يجدون فيه من الاباء والعزة والترفع ، وعدم قبول الصلات.
    ولكنه بالرغم من ذلك كان خاضعا لحكم عضد الدولة الشائن مع عمه وأبيه المعتقل لهما في القلعة من فارس (3).
    وكان اعتقاله حين دخول عضد الدولة إلى بغداد سنة 367 فبقي معتقلا فيها إلى سنة 376 أي بعد وفاة عضد الدولة بأربع سنين فانه توفى سنة 372 عندما دخلها شرف الدولة ، وللشريف الرضي المولود سنة 359 يوم اعتقال أبيه ثمان سنين ، واطلق سراحه وهو ابن ست عشرة سنة (4).
    ولما دخل شرف الدولة بغداد فاتحا سنة 375 ، انعقدت صلاته مع الطاهر ابي أحمد ، والد الشريف الرضي وأقره على النقابة وادنا قربه ، وهنا نرى الشريف الرضي في هذا الدور قلق الفكر لعدم توثق صلاته بالقادر بالله العباسي ولم يحصل على محاولاته وربما عضته نكبة في حياته السياسية ، فيثور ملتهبا وينبه اولياء الامور باهتضامه ويتوعدهم بالالتجاء إلى من يرعى حقه ويحفظ حرمته فيقول من مقطوعة له :
ألبس الذل في ديـار الاعادي وبمصر الخـليفـة العـلوي
    وعليها استشاط القادر ، وصرفه عن النقابة.
1 ـ ديوان الشريف الرضي 2/544.
2 ـ شرح النهج لابن ابي الحديد 1/11.
3 ـ تجارب الامم 2/399 حوادث سنة 369 هج‍.
4 ـ الشريف الرضي/156 و 157.


(25)
    وظائفه في الدولة
    في سنة 388 قلده بهاء الدولة خلافته في بغداد وخلع عليه خلعا فاخرة ، وفيها ولاه نقابة العلويين ، واما ولاية المظالم فكانت وظيفة تخص الملوك والخلفاء فانهم يجلسون يوما خاصا في السنة ، يؤذن فيه لارباب المظالم برفع ظلاماتهم مباشرة سواء نظر فيها القضاة أم لا ، وقد يقوم مقامهم نائب خاص ينظر في المظالم ويشترط فيه كونه من بيت شرف ومنعة وطهارة وعفاف وفقه واسع بجميع الاحكام الشرعية ، ففي سنة 388 قام الشريف الرضي بهذه الوظيفة بالنيابة عن بهاء الدولة.
    وفي سنة 397 بعث بهاء الملك من البصرة إلى بغداد مرسوما ، بتولية الشريف امارة الحج ، وكان الشريف ممارسا لها منذ صباه تولاها في أغلب أعوام عمره نائبا عن أبيه ومستقلا (1).
    القابه
    ان من العادات القديمة المنتشرة بين جميع الامم والشعوب أيا ك0ان شكل حكومتها منح الالقاب لزعماء الدولة ، وظالما تزلف بها رجال الحكم لرعاياهم ليصطنعوهم بها ، وقد استكان ذووا الالقاب لاولئك الذين منحوهم بها ما يخول لهم حق الرفعة على من كان عاطلا منها.
    وعلى هذا جرت الحكومات الاسلامية في تقدير عظمائها باسداء ألقاب إليهم ، وكان الشريف الرضي ممن يحمل أسمى الالقاب التي يرمز بها إلى مقامه الفخم ، فقد لقبه بهاء الدولة في سنة 388 ( بالشريف الجليل ) في واسط ، وسيره إلى بغداد في موكب ملوكي وفي سنة 498 صدر مرسوم من واسط بتلقيبه ( بذي المنقبتين ) وفيها لقبه بهاء الدولة ( بالرضي ذي الحسبين ) وفي سنة 401 أمر الملك قوام الدين ان تكون المكاتبة مع الشريف بعنوان ( الشريف
1 ـ الغدير 4/204. البداية والنهاية 11/335.

(26)
الاجل ) مضافا إلى مخاطبته بالكنية (1).
    علمه
    لقد كان الشريف مجيدا في العلم إلى الغاية كاجادته في الشعر غير انه لم يكثر منه كاكثاره في الشعر ، فلذلك لم يشتهر به ، وإن كتابه « حقايق التأويل » اكبر آية على اتقانه للفنون العلمية الدينية ومبادئها ووقوفه على اسرارها ، ولعل السبب الوحيد في قلة تأليف الشريف اشتغاله بشطر كبير من عمره بامارة الحج ، والنظر في المظالم ، ومقتضيات النقابة ، وهذه الاحوال لا تتفق مع التأليف والبحث ، اضف إلى ذلك شغل الوقت بالنظم في الاعياد والمواسم السنوية وما يتفق في العام الواحد من مراث وتهان ومعاتبات.
    ومع هذا فانا نعرف من شهادة ابن جني ، والسيرافي ، بأنه متوقد الذكاء جيد الحفظ سريع الانتقال ولما تتم له العشرون سنة حضر عند ابن السيرافي النحوي ، وله دون العشرة فقال له يوما : إذا قلنا رأيت عمر فما علامة النصب في عمر ؟ فقال الشريف على البديهة : علامة النصب بغض علي ، فتعجب ابن السيرافي ومن حضر من سرعة انتقاله وهو بهذا السن (2).
    ومحاوراته مع أخيه المرتضى تشهد بفقاهة الشريف ومعرفته بطرق الاستدلال والاجتهاد ، قال الشهيد الاول (3) في « الذكرى » (4) ، والشهيد الثاني (5) في
1 ـ الغدير 4/204.
2 ـ وفيات الاعيان 1/107 ط حجر ايران.
3 ـ شمس الملة والدين الامام الشيخ محمد بن جمال الدين مكي بن محمد بن حامد بن أحمد العاملي النبطي الجزيني المستشهد سنة 786 وهو اول من اشتهر بهذا اللقب. شهداء الفضيلة/97 ـ 80.
4 ـ ذكرى الشيعة في احكام الشريعة. في الفقه خرج منه كتاب الطهارة والصلاة بعد مقدمة فيها سبع اشارات في المباحث الاصولية. وللفقهاء عليه حواش وشروح وقد طبع الكتاب في ايران عام 1271 حجر. الذريعة 6/86 و 10/40
5 ـ الشيخ الامام شرف الاسلام زين الدين بن الامام نور الدين علي بن احمد بن محمد بن جمال الدين بن تقي الدين بن صالح الجبعي العاملي المستشهد 965 والمعروف لدى فقهاء الامامية


(27)
( روض الجنان ) (1) سأل الرضي ، أخاه المرتضى ، فقال : ان الاجماع واقع على ان من صلى صلاة لا يعلم احكامها فهي غير مجزية فأجاب المرتضى : بجواز تغيير الحكم الشرعي بسبب الجهل.
    فهذه المناظرة تدل بأن له قوة في الاستدلال وملكة راسخة في الاستنتاج.
    دار العـلم
    اتخذ الشريف الرضي لتلامذته مدرسة سماها « دار العلم » وارصد لها مخزنا فيه ما يحتاجه الطلاب ، وذكر شاهدا له ان الوزير المهلبي لما بلغه ولادة ولد للشريف ارسل إليه الف دينار فردها ، فبعث إليه الوزير ان هذا للقابلة فارجعها ثانيا يعلمه : أنا أهل بيت لم تكن قوابلنا غريبة ، وانما هي من عجائزنا ولا يأخذن اجرة ولا يقبلن صلة ، فاعلمه الوزير برغبته في تفريقه على ملازميه من طلاب العلم ، فقال الشريف : لمن رجع المال انهم حضور يسمعون كلامك ، فقام أحدهم وأخذ دينارا وقطع منه قطعة ورد الباقي ، وأخبر الشريف بانه احتاج ليلة إلى دهن السراج ولم يكن الخازن حاضرا وقد اقترض هذا المقدار فأمر السيد أعلى الله مقامه ، أن يتخذ للخزانة مفاتيح بعدد التلاميذ ولا ينتظر الخازن (2).
    وفي هذه الدار كان الشريف يلقي على التلاميذ افاداته ودروسه يوميا متتابعة لا يشغله عن ذلك وظائف الدولة من النقابة وغيرها ، ولم يتعلل بزيارة زائر أو مدح خليفة أو قصيدة في حميم فان هذا كله نقض لهمم الطلاب وفت في عزيمتهم.
بالشهيد الثاني. له تصانيف كثيرة وديوان شعر. شهداء الفضيلة/132 ـ 164.
1 ـ روض الجنان في شرح ارشاد الاذهان .. كتاب في الفقه خرج منه موضوع الطهارة والصلاة اوله : الحمد لله المتفضل بشرح معالم شريعته لارشاد الانام المتطول بارسال الرسل .. طبع في ايران سنة 1307. الذريعة 11/275.
2 ـ روضات الجنات 6/194. عمدة الطالب/199.


(28)
    على ان دار العلم لم تكن مدرسة فقط بل هي مكتبة ايضا فيها من امهات الكتب ما يحتاج إليه القاطن في المدرسة وغيره ، فهي كبيت الحكمة المؤسس للرشيد ، والمكتبة الحديثة التي انشأها وزير شرف الدولة البويهي ابو نصر سابور بن ازدشير سنة 381 وكان أبو أحمد عبد السلام بن الحسين البصري خازن ( دار العلم ) ولعبد السلام هذا مجمع علمي خاص ببغداد ينعقد يوم الجمعة من كل اسبوع.
    اساتذته
    قرأ الشريف على جماعة كثيرة منهم :
    1 ـ أبو بكر محمد بن موسى الخوارزمي قرأ عليه « مختصر الطحاوي » في الفقه (1).
    2 ـ أبو الحسن علي بن عيسى الربعي البغدادي النحوي المتوفى 420 قرأ عليه النحو (2).
    3 ـ أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي مات 392 قرأ عليه « مختصر الجرمي » ، وقطعة من « ايضاح » ابي علي الفارسي ، و « العروض » لابي اسحاق الزجاج ، و « القوافي » للاخفش (3).
    4 ـ ابن السيرافي النحوي ابو سعيد الحسن بن عبد الله بن المرزبان المتوفى 368 قرأ عليه النحو قبل ان تتم له العشرة (4).
    5 ـ ابن نباتة ابو يحيى عبد الرحيم بن محمد المتوفى 394 صاحب « الخطب » (5).
1 ـ المجازات النبوية/92. فصلنا القول عن شيوخه في كتابنا ( الشريف الرضي ).
2 ـ المجازات النبوية/250.
3 ـ حقائق التأويل/85 و 86. الغدير 4/184.
4 ـ الغدير 4/183.
5 ـ المجازات النبوية/233.


(29)
    6 ـ قاضي القضاة أبو الحسن عبد الجبار بن أحمد الشافعي المعتزلي ، قرأ عليه كتابه « شرح الاصول الخمس » ، وكتابه « العمدة » في اصول الفقه (1).
    7 ـ أبو حفص عمر بن ابراهيم الكناني ، صاحب ابن مجاهد قرأ عليه « القراءات » بروايات كثيرة (2).
    8 ـ أبو إسحاق ابراهيم بن احمد بن محمد الطبري الفقيه المالكي قرأ عليه « القرآن المجيد » وهو شاب (3).
    9 ـ شيخ الامة وفقيه الطائفة ومتكلمهم الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان البغدادي المتوفى 413. وكان السبب في ملازمته مع أخيه علم الهدى له ما يحدث عنه المؤرخون وهو :
    عن فخار بن معد الموسوي ، قال : رأى الشيخ المفيد أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان الفقيه الامامي في منامه كأن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله ، دخلت عليه وهو في مسجده بالكرخ ومعها ولداها الحسن والحسين عليهما السلام صغيرين ، وقالت له : علمهما الفقه فانتبه متعجبا من ذلك ، فلما تعالى النهار في صبيحة تلك الليلة التي رأى فيها الرؤيا ، دخلت عليه المسجد فاطمة بنت الناصر وحولها جواريها ، وبين يديها ابناها محمد الرضي ، وعلي المرتضى صغيرين فقام إليها وسلم عليها ، فقالت : أيها الشيخ هذان ولداي قد أحضرتهما اليك لتعلمهما الفقه ، فبكى أبو عبد الله وقص عليها المنام وتولى تعليمهما ، وأنعم الله عليهما ، وفتح لهما من أبواب العلوم والفضائل ما اشتهر عنهما في آفاق الدنيا ، وهو باق ما بقي الدهر (4).
    ولا غرابة في ذلك بعد ان كانت والدتهما من أشراف النساء ، وسليلة آبائها
1 ـ الغدير 4/184. المجازات النبوية/233.
2 ـ المجازات النبوية/155. الغدير 4/185.
3 ـ الغدير 4/185. المنتظم 7/223.
4 ـ الدرجات الرفيعة/466. شرح ابن ابي الحديد 1/13. الغدير 4/184. دار السلام 1/417.


(30)
علماء ادباء وملوك ، ولاجلها صنف الشيخ المفيد رسالة في احكام النساء ، وكان مجيؤها إلى المفيد بولديها أيام اعتقال أبيهما ، وعمهما بالقلعة من فارس ، وهما صغيران حينئذ ، وللرضي ثمان سنين.
    10 ـ وكان ممن يروي عنهم أبو محمد هاون بن موسى التلعكبري المتوفى 385 وذكر في ( خصائص أمير المؤمنين عليه السلام ) عنه حديث امير المؤمنين مع كميل بن زياد وهو طويل (1).
    ولسنا في حاجة إلى تعداد تلاميذه بعد أن عرفنا مدرسته ( دار العلم ) تحتوي على عدد كثير ممن يقطن هذه الدار للافادة منه والاستضاءة بانوار علومه وتحقيقاته.
    نعم : هنا شيء لابد من التنبيه عليه ، وهو ان صاحب « روضات الجنات » (2) ذكر رواية الشيخ الطوسي عن الشريف الرضي ، وقد عرفنا الميرزا النوري ان السيد الرضي توفى سنة 406 وقدوم الشيخ الطوسي إلى العراق سنة 408 فيكون ورود الشيخ الطوسي إلى العراق بعد وفاة السيد الرضي بأربع سنين فلم يدركه حتى يروي عنه ، واحتمال مسافرة الشريف إلى طوس واجتماعه بالشيخ الطوسي هنا بعيد ، اذلم يذكره أحد من أرباب التراجم ولا نبه عليه المؤرخون مع ان الشريف في اكثر ايام سنيه كان مشغولا بامر النقابة وولاية المظالم وامارة الحج (3).
1 ـ وذكر شيخنا الحجة العلامة الاميني كرم الله وجهه شيوخا آخرين للسيد الرضي غير من ذكرناهم وهم : ابو علي الحسن بن احمد الفارسي النحوي المتوفى 377 وله منه اجازة يروي عنه في كتابه المجازات النبوية.
أبو عبد الله محمد بن عمران بن موسى المرزباني الخراساني المتوفى 384/378.
ابو القاسم عيسى بن علي بن عيسى بن داود بن الجراح ... شيخه في الحديث كما في المجازات النبوية/153. ابو محمد عبد الله بن محمد الاسدي الاكفاني.
2 ـ روضات الجنات 6/190.
3 ـ مستدرك الوسائل 3/510.
خَصائِصُ الأئمَة عليهم السلام ::: فهرس