المكاسب ـ جلد الأول ::: 21 ـ 30
(21)
الكشف والنقل ، وقال : إن الأول هو المشهور ، ثم ذكر استدلال جامع المقاصد عليه ، وأن العقد سبب تام وإنما يعلم تماميته في الفضولي بعد العلم برضى المالك ، فالإجازة تكون كاشفة عن تمامية سببية العقد.
    ثم ناقشه : بأن لازم صحة عقد الفضولي قيام الإجازة مقام الرضى المقارن ، فيكون لها دخل في تمامية السبب.
    15 ـ ثم نقل كلام القائلين بأن الشرط هو لحوق الإجازة ، وصفة اللحوق مقارنة للعقد ـ وممن اختار هذا الرأي صاحب الجواهر قدس سره ـ ثم ناقشه.
    16 ـ ثم ناقش استدلال فخر الدين ـ وهو أن الإجازة لو لم تكن كاشفة لزم تأثير المعدوم في الموجود ـ بأنه كما أن الزمان يكون ظرفا للعقد لا قيدا له فكذلك الإجازة ، فكما إذا أمضى الشارع العقد حصل النقل منزمانه ، فكذا إذا أمضى الإجازة حصل النقل من زمانها.
    17 ـ ثم قال : إن كاشفية الإجازة تتصور على أنحاء ثلاثة :
    أ ـ أن تكون كاشفة كشفا حقيقيا والتزام كون الإجازة فيها شرطا متأخرا كما هو المشهور.
    ب ـ أن تكون كاشفة كشفا حقيقيا مع كون الشرط تعقب العقد بالإجازة ، لا نفس الإجازة.
    ج ـ أن تكون كاشفة كشفا حكميا ، وهو إجراء أحكام الكشف بقدر الإمكان مع عدم تحقق الملك واقعا إلا بعد الإجازة.
    ثم قال : إن الأنسب بالقواعد والعمومات هو النقل ، ثم الكشف الحكمي.


(22)
وأما الأخبار فيظهر منها الكشف ، فلا بد من حملها على الكشف الحكمي ... .
    18 ـ ثم ذكر الثمرات بين القول بالنقل والكشف.
    19 ـ ثم ذكر شرائط الإجازة ضمن التنبيه على امور.
    20 ـ ثم بحث حول المجيز وشرائطه ضمن بيان امور.
    21 ـ ثم دخل في البحث حول المجاز ، ومنه دخل في موضوع ترتب العقود.
    22 ـ وبعد ذلك دخل في موضوع أحكام الرد ، ثم بحث في بعض فروعات المسألة.
    عقد الفضولي في الجواهر :
    وأما صاحب الجواهر فقد دخل في البحث واستمر فيه على النحو التالي :
    1 ـ فإنه بعدما نقل كلام المحقق قدس سره ـ بأن من شرائط المتعاقدين أن يكون البائع مالكا أو ممن له أن يبيع عن المالك كالأب والجد للأب والوكيل ... فلو باع ملك غيره وقف على إجازة المالك أو وليه على الأظهر ... ـ قال صاحب الجواهر مكملا العبارة : ... الأشهر بل المشهور ، بل قيل : إنه كاد يكون إجماعا ... ثم ذكر الإجماعات المنقولة.
    2 ـ ثم استدل له : بأن عقد الفضولي ـ بعد رضى المالك ـ مندرج في البيع والعقد والتجارة عن تراض ، فيشمله ما دل على صحتها ولزومها.
    وعلى فرض الشك في اشتراط مباشرة المالك للعقد فيمكن التمسك


(23)
في نفيه بإطلاق ( أوفوا ... ) ونحوه.
    3 ـ ثم فرق بين عقد الفضولي وعقد المكره.
    4 ـ ثم استدل على لزوم مراعاة مباشرة المالك للعقد بلزوم كون العقد بلفظ الإيجاب والقبول ، حيث يكشف ذلك عن رضى المالك بنقل المال عنه إلى المشتري ، ثم ناقشه.
    5 ـ ثم نقل استدلالين على صحة الفضولي وناقشهما ، وهما :
    الف ـ إن عقد الفضولي كان متعارفا عند نزول الآية ـ أوفوا ... ـ فتشمله ، ورده بمنع ذلك ، وعلى فرض الشك تبقى أصالة عدم نقل المال بحالها.
    ب ـ إن السيرة المستمرة تدل على وقوع مثل هذا العقد في ذلك الزمان فتشمله الآية.
    ورد الاستدلال ـ أيضا ـ بأنه لو كانت السيرة ثابتة لما كانت حاجة إلى اندراج مثل هذا العقد في الآية ، لأنها تكون دليل امستقلا ، وعلى فرض ثبوتها فإن منشأها هو التسامح.
    6 ـ ثم استدل على صحة عقد الفضولي في البيع بما دل على صحة عقده في النكاح ، لأن صحته في البيع أولى من صحته في النكاح ، لكونه في الفروج والأنساب ، وهي تحتاج إلى الاحتياط.
    ( راجع في هذا الموضوع ما تقدم في كلام الشيخ قدس سره ).
    7 ـ ثم استدل على صحة عقد الفضولي بقضية عروة البارقي ، وصحيحة محمد بن قيس ودفع عنهما الإشكالات التي اثيرت حولهما ، وذكر روايات عديدة من أبواب مختلفة دالة على المطلوب أو مؤيدة له.


(24)
    8 ـ ثم نقل القول بالبطلان عن الشيخ وابني زهرة وإدريس ، وفخر المحققين والمحدث البحراني ، وذكر استدلالاتهم ثم ناقشها.
    9 ـ ثم دخل في البحث في الإجازة وأنها هل هي ناقلة أو كاشفة من دون ذكر مقدمة ، فقال : ثم إن الأقوى كون الإجازة المتعقبة للعقد وغيره مما يعتبر في الصحة كاشفة ، وفاقا لصريح الشهيدين ...
    ثم استدل للقول بالكشف الذي اختاره ، إلى أن قال :
    وحاصل الكلام : أن الوجه في الكشف أحد امور ثلاثة :
    الأول ـ أنه من قبيل الأوضاع الشرعية على معنى أن الشارع قد جعل نقل المال في الزمان السابق عند حصول الرضى في المستقبل.
    الثاني ـ أن يكون الرضى المتأخر مؤثرا في نقل المال في السابق.
    الثالث ـ وهو التحقيق أن يكون الشرط حصول الرضى ولو في المستقبل ، وهو حاصل عند العقد ، ولا يكفي فيه الرضى التعليقي ، بمعنى أنه لو علم لرضى ، بل لا بد من العلم بحصوله حين العقد.
    10 ـ ثم ذكر الثمرة بين القولين : الكشف والنقل ، ودخل فيه من دون تمهيد.
    11 ـ ثم دخل في البحث عن كيفية تحقق الإجازة ، وأن السكوت هل يدل عليه أو لا ؟ فاختار عدمه وأنه لا بد من دال عليه من لفظ أو قول ، ثم دخل في بعض فروعات المسألة وعقد المكره لو تعقبه الرضى.
    12 ـ ثم دخل في البحث عن اشتراط أن يكون للعقد مجيز في الحال ، فإنه دخل فيه من دون تمهيد أيضا.
    ثم ناقش ذلك واختار عدم الاشتراط.


(25)
    13 ـ وكذا دخل في البحث عن عدم اعتبار قصد الفضولية في صحة عقد الفضولي ، ثم عن اعتبار قصد الصحة وعدمها.
    14 ـ ثم دخل في البحث عن رد المالك ورجوعه إلى الفضولي لو دفع ماله إلى المشتري ...
    15 ـ وبعد ذلك بحث عن بيع ما يملك وما لايملك ...
    مقارنة بين الدراستين :
    وبعد المقارنة بين ما تقدم من الكتابين نلاحظ :
    1 ـ أن الشيخ قدس سره بين في صدر المسألة أن مورد البحث هو مطلق عقد الفضولي لا خصوص بيعه ، كما أن البحث في عقده لا في إيقاعه ، للاتفاق على بطلانه.
    أما صاحب الجواهر قدس سره فلم يتعرض لذلك في صدر المسألة ، وإنما تعرض له في خلال أبحاثه.
    2 ـ أن الشيخ قدس سره عرف الفضولي في أول بحثه ، ولم يعرفه صاحب الجواهر قدس سره.
    3 ـ أن الشيخ قدس سره قسم الفضولي إلى أقسام ثلاثة ، فبحث في كل قسم في مسألة مستقلة ، لكن لم يفعل صاحب الجواهر قدس سره ذلك ، بل لم يذكر إلا المسألة الاولى مما ذكره الشيخ ، وهي المسألة المتعارفة في الفضولي.
    4 ـ أن الشيخ قدس سره راعى الترتيب في الاستدلال فبدأ بالعمومات ثم بقضية عروة البارقي ، ثم برواية محمد بن قيس ، ثم بالأولوية


(26)
( أي أولوية صحة البيع من النكاح الذي ثبت صحة الفضولية فيه ) ، ثم ناقش غيرالعمومات ، ثم ذكر استدلال القائلين بالبطلان ثم ناقشهم.
    أما صاحب الجواهر فقد ذكر استدلاله على صحة الفضولي ، ثم ذكر استدلالا على البطلان وأجابه ، ثم نقل استدلالين على الصحة وناقشهما ، ثم استدل بالأولوية ( أولوية صحة البيع من النكاح في الفضولي ) ، ثم بقضية عروة البارقي ، ثم بصحيحة محمد بن قيس ، ثم بروايات اخرى ، ثم أجاب عن المناقشات.
    ثم نقل القول بالبطلان مع أدلته ثم ناقشها.
    وهنا تبدو ظاهرة التموج في كلام صاحب الجواهر ، فلاحظ وتأمل.
    5 ـ قسم الشيخ البحث في الإجازة إلى البحث في حكمها ، ثم في المجيز ثم في المجاز.
    وأما صاحب الجواهر فقد دخل في الموضوع بصورة فجائية وقال :
    ( ثم إن الأقوى كون الإجازة المتعقبة للعقد وغيره مما يعتبر في الصحة كاشفة ... ) من دون أن يقسم البحث إلى البحث في حكم الإجازة والمجيز والمجاز ...
    6 ـ أن الشيخ قدس سره دخل في البحث في الإجازة وشرائطها ، ثم في المجيز وشرائطه بصورة مستقلة وبترتيب.
    أما صاحب الجواهر فلم يبحث إلا في بعض شروط الإجازة والمجيز بصورة متفرقة.
    وموارد كثيرة اخرى.
    ويمكننا أن نقول باختصار : إنه لم يتوسع أحد ممن تقدم على


(27)
الشيخ قدس سره من الفقهاء في الفقه المعاملي وخاصة في بيع الفضولي كما توسع فيه الشيخ قدس سره ، اللهم إلا المحققين : القمي ـ في الغنائم ـ والكاظمي ـ في المقابس ـ ، ومع ذلك فقد قدر لأن يكون كتاب المكاسب هو الحائز لقصب السبق ، ولذلك صار مطمح أنظار الفقهاء والمحققين إلى يومنا هذا.
    ثالثا ـ كيفية التعبير :
    ومن الفوارق الموجودة بين كتابي الجواهر والمكاسب هو الفرق في التعبير ، فإن تعابير المكاسب خالية من التعقيد اللفظي والتعبيري ـ إلى حد ما ـ فهي في حد ذاتها قابلة للفهم لمن كان على مستوى المكاسب من الجانب العلمي ، بخلاف الجواهر ، فإن عباراته مغلقة في كثير من الأحيان ، ولذلك تحتاج إلى تأمل ودقة كثيرين لفهمها ، ولسنا نزعم براءة كتب الشيخ عن الإغلاق في التعبير تماما ، وإنما المقصود بيانه هو أن الصفة الغالبة في تعبير الشيخ هي السلاسة والوضوح بخلاف عبارات الجواهر.
    رابعا ـ الاقتباس من الآخرين :
    قد جرت عادة بعض على الاقتباس من عبارات الآخرين وإشراب مقصودهم فيها ، ولكن برزت هذه الظاهرة في الجواهر بصورة واضحة ، فإننا نرى صاحب الجواهر قدس سره قد ذكر عدة أسطر أو صفحة أو أكثر من كتب اخرى ـ كالمسالك وكشف اللثام والرياض وغيرها ـ من دون


(28)
تصريح بذلك ، بينما نرى أن الشيخ قدس سره لم يتخذ هذه الطريقة مطلقا ، بل اعتمد على عباراته في بيان مقصوده.
    والطريقة التي سلكها صاحب الجواهر توقع ـ كثيرا ما ـ القارئ في إبهامات وإشكالات عديدة.
    كانت هذه أهم الفوارق الكيفية التي سمحت لنا الظروف بالتطرق لها ، وبقي الأهم منها ، وهي الفوارق الجوهرية التي تجعل ميزة للمكاسب على الكتب المتقدمة عليه ، كالاعتماد على العرف والعرفيات في فهم كثير من موضوعات الأحكام والنصوص ، وكتبيين المفاهيم الحقوقية ، مثل الحكم والحق والمال والمالية ونحوها ، وإعطاء صيغة عامة للبحث عن العقد ، بحيث يشمل غير البيع ، وامور اخرى نسأل الله تعالى أن يوفقنا للبحث فيها في فرصة اخرى.


(29)
تحقيق كتاب المكاسب
    إنطلاقا مما قدمناه في بيان أهمية كتاب المكاسب اهتمت لجنة التحقيق ـ منذ بدء عملها ـ بتحقيق الكتاب وتقديمه للمراكز العلمية ، ولذلك قمنا بتحضير مقدمات العمل ، وأول ما قمنا به هو تحضير النسخ التي يمكن الاعتماد عليها في تحقيق الكتاب ، فكانت كالآتي :
    أولا ـ مصورة النسخة الأصلية :
    إننا لم نعثر ـ مع الأسف ـ إلى الآن على مخطوطة المؤلف في المكاسب إلا على قسم الخيارات منه ، حيث توجد نسخته في مكتبة الإمام الرضا عليه السلام في مشهد برقم ( 11129 ) وبمقياس ( 14 ب 5 / 9 ) ، وقدمت لنا مصورتها إدارة المكتبة مشكورة.
    والنسخة جيدة الخط ، خالية من التشويش الموجود في بعض ما كتبه قدس سره كالصلاة والوصايا والنكاح والقضاء ونحوها.
    ورمزنا لهذه النسخة برمز ق.


(30)
    ثانيا ـ نسخة خطية :
    وهي نسخة كاملة تحتوي على المكاسب المحرمة والبيع والخيارات ، تمتاز بالدقة ووضوح الخط ، ويظهر منها أنها كتبت في حياة المؤلف قدس سره ، حيث دعى له كاتب النسخة بالبقاء في آخر قسم البيع ضمن التعريف بالمؤلف والكتاب ، فقال : قد تم بفضله وعونه المجلد الأول من هذه النسخة الشريفة ويتلوه إن شاء الله ، الثاني في الخيارات ، وهو مع أنه قد جمع الأهم من القواعد وشمل الأنفع والأصح من المسائل والاصول والشوارد ، وأودع فيه من الثمرة كل لباب ، ومن النكت ما لا يوجد منتظما في كتاب ، قد تضمن من التحقيق كل شارد ، ومن التدقيق كل وارد ، واندرج فيه من النوادر ما حلى وضعها ، وحسن طرزها ، يشهد به من مارس الصناعة ، ويشاهده من تتبع أقاويل الجماعة وكتب العلماء الأجلة ، بل هو مع أنه كثيرا مقتصر على مخزون الخاطر ومقترح القريحة ، مشتمل على تفصيل مجمل ، وبسط موجز ، وتقرير أسئلة ، وتحرير أجوبة ، ومنع اعتراضات ، ودفع معارضات ، وكشف شبهات ، وتحقيق حق ، وإبطال باطل ، ففيه فوائد باهرة وشواهد على صدق المدعى ظاهرة ، يكاد من قوة الحدس يستشفق الواقع من وراء حجابه ويستشهد المستور من وراء ستره ونقابه ، فهو حينئذ قد بلغ الغاية القصوى والدرجة العليا ، فلله دره دام ظله حيث أحسن وأجاد ، نفعنا الله بوجوده وإفادته ، وسائر المحصلين ، بمحمد وآله الأمجاد ، والحمد لله على فضل الإتمام ، والصلاة والسلام على النبي وآله أئمة الأنام ...
المكاسب ـ جلد الأول ::: فهرس