(91)
المقدار من المال ويدفعه لدائنه. ثم إن البنك يقسم المقترضين منه الى قسمين :
    1 ـ عميل من الدرجة الاولى.
    2 ـ عميل من الدرجة الثانية.
    ويعلن البنك أن من يلتزم بوفاء الديون في وقتها بدون تسامح ويحوّل القرض ـ الذي يأخذه البنك عوضا عن الفائدة في مقابل الاجل لمدة خمس سنين ـ الى حبوة فهو عميل من الدرجة الاولى يفضَّل على العميل من الدرجة الثانية ، فيقدّم إقراض العميل من الدرجة الاولى على إقراض غيره ممن تسامح بالوفاء او ممن لم يحوّل القرض الى حبوة للبنك ، عند تزاحم المقترضين على البنك ، وطبعا فإنَّ التجارب السابقة للبنك هي التي تحدد درجة العميل. وهذا الاعلان من قبل البنك لا يعني اشتراط الفائدة في القرض ، لان تبرع المدين بزيادة حين الوفاء دون الزام عقد القرض له ودون الزامه بشرط ، هو امر جائز شرعا ، وكذلك يمكن لأي دائن أن يؤثر بالقرض ( من كان قد اقترض منه في مرة سابقة ووفى بالوفاء بالوقت وتبرع بزيادة ) فيعطيه قرضا من دون شرط اي زيادة ، وانما يشترط عليه ( القرض الذي يكون بدلا عن الفائدة في مقابل الأجل ) ، وحينئذ اذا تبرع هذا العميل بهذا القرض وحوّله الى حبوة فهو يبقى عميلاً من الدرجة الاولى يفضَّل على غيره في حالات التزاحم على الاقتراض.
    نعم : يبقى البنك لا يمكنه أن يتفادى فوائد التأخير التي قد تنجم من تأخير محرر الورقة التجارية عن دفعها حين الأجل ، فان البنك الاسلامي هنا لا يمكنه اخذ هذه الفوائد من المستفيد من هذه الورقة التجارية بحكم كونه بنكاً اسلامياً ، ولكنه سوف يسجل هذا العميل عميلا من الدرجة الثانية ، فلا يقرضه مع وجود عميل من الدرجة الاولى.
    وقد يمكن للبنك الاسلامي أن يحتاط لهذه العملية فيشترط على المقترض أن يقرضه كمية من المال ( بقدر العوض عن الفائدة في مقابل الاجل ) لمدة اطول من


(92)
انتفاعه من هذا المال المقترض ( قدر الفائدة في مقابل الاجل ) فاذا كان مثلا امكان استيفاء قدر الفائدة في مقابل الاجل ( بالصورة المتقدمة ) لمدة خمس سنين ، فهو يشترط على المقترض أن يقرضه هذا المبلغ لمدة ثمان سنين ، فان كان العميل قد اوفى المبلغ في الوقت المحدد فيتمكن البنك أن يستدعي المستفيد على رأس الخمس سنين ليدفع له القرض الذي أخذه منه ، وبقي له مدة ثلاث سنين ، واما اذا لم يسدد العميل القرض في الوقت المحدد ، فيحق للبنك أن يبقي المال الذي اقترضه كمال المدة ويستفيد منه ( بالصورة المتقدمة ) أو بغيرها ثم يرجعه الى صاحبه إن لم يحوله الى حبوة. وبهذه العملية يتفادى البنك الاسلامي بعض فوائد التأخير التي قد تنجم من تأخير محرر الورقة التجارية في الدفع في الوقت المحدد ، او كل فوائد التأخير.
    أقول : هذا الطريقة متوقفة على أن نقول إن اشتراط البنك ( المقرض ) على المقترض القرض هو عملية جائزة ، ولعل القول بأنها عملية تجر الى المقرض نفعاً فهي غير جائزة اقرب للقبول.
    الطريق الثاني : اما الطريق الثاني للتخلص من الفائدة المحرمة في عملية خصم الاوراق التجارية فهي عملية خصم الاوراق التجارية على اساس البيع ، وتوضيح ذلك :
    هناك اتجاه فقهي سائد عند فقهاء الامامية يقول : إن المستفيد الذي صدرت الورقة التجارية ( كمبيالة أوشيكاً او غيرهما ) لصالحه ، يتمكن ان يتقدم الى البنك او الى اي مشتر آخر ، فيبيعه هذا الدين الذي له على محرر الورقة التجارية بأقل من قيمته (1) حالاً. وحينئذ يملك ( البنك او المشتري ) بموجب هذا البيع الدين الذي
     (1) كما يقول هذا الاتجاه الفقهي بجواز بيع هذه الورقة التجارية باكثر من قيمتها في بعض الصور ، كما اذا كانت الورقة التجارية صادرة من بنك حكومي معتبر ، وصاحب المال يريد ان يتخلص من عبّ النقد الذي لديه ولا يمكنه ان يودعه لدى البنك لوجود عطلة تستمر عشرة ايام ، فهنا يتمكن صاحب المال ان يشتري الورقة التجارية بأكثر من قيمتها لتلك الظروف الخاصة التي يمر بها ، كخوفه من سرقة النقد الذي عنده ، او أنه يريد السفر ولا يتمكن من حمله معه او غير ذلك. ç
(93)
كان المستفيد يملكه في ذمة المحرر للكمبيالة او الشيك لقاء الثمن الذي دفعه فعلا ، فيكون هذا من بيع الدين بأقل منه.

تحفُّظ :
    إن هذه العملية البيعية الجائزة لدى الامامية ، انما تجوز في غير بيع الدين اذا كان من النقدين ( الذهب والفضة ) باقل منهما ، اما في هذه الصورة فالبيع باطل لانه يشترط في هذا البيع التقابض في المجلس ، فان لم يكن تقابض بطل البيع ، كما ان في هذا البيع يُشترَط التساوي ، فان زاد احدهما حَرُمَ ، للربا ، فلا يجوز بيع الدين ( الذي لي على انسان ) لآخر بأقل منه ، لانه ربا. كما أن هذه العملية الجائزة هي في غير بيع الدين اذا كان مكيلا او موزونا بأقل عنه من جنسه ، حيث يلزم منه بيع الاقل بالأكثر في المكيل والموزون ، وهو ربا البيع المحرم بروايات الاصناف الستة وغيرها ، وحينئذ يكون الجواز مختصا بما اذا كان الدين من الاوراق النقدية مؤجلا ، وقد باعه الانسان بأقل من قيمته كما هو الموجود في بيع الاوراق التجارية (1). والدليل على جواز بيع الدين باقل منه ( او اكثر ) هو عموم قوله تعالى : ( يا ايها الذين آمنوا أوفوا بالعقود ) واطلاق ( وأحل الله البيع وحرم الربا ) حيث إن بيع الدين باقل منه هو عقد ، ولا يلزم منه اي محذور شرعي لعدم الربا ،
è (1) يوجد احتمال يقول : إن الاوراق النقدية المتداولة حاليا حكمها هو حكم النقدين من الذهب والفضة ، اذ ان النقدين في ذلك الزمان انما جاءت لها تلك الاحكام ( من التساوي في البيع ، والتقابض في المجلس ) من ناحية الثمنية ، لا من ناحية كونها مكيلة او موزونة ، فعلى هذا الاحتمال لا يجوز بيع الدين اذا كان اوراقا نقدية باقل منه. ولكن الامامية رأت أن الربا في النقدين ( الذهب والفضة ) انما هو لاجل الوزن لا للنقدية.
(94)
لاننا قلنا سابقا إن الربا اما أن يكون في القرض او يكون في البيع بشرط ان يكون العوضان متجانسين ومكيلين او موزونين ، اما هنا ، فالاوراق النقدية التي هي دين وتحل بعد مدة هي ليست مكيلة او موزونة ، بل هي معدودة فلا يجري الربا فيها اذا كانت المعاملة معاوضة.
    ثم إن البنك : يجعل المستفيد ( البائع ) هو المسؤول عن دفع المبلغ المذكور عند عدم تسديد محرر الكمبيالة للمبلغ المذكور حين الأجل ، وهذه المسؤولية يمكن تخريجها على اساس أن البائع لقيمة الورقة التجارية يتعهد بوفاء المحرر لقيمة الورقة عند الأجل ، فعند عدم الايفاء يكون هو المسؤول عن سداد قيمة الورقة حسب تعهده ، او أن يكون ( البنك او المشتري ) قد اشترط عليه في عقد شراء الدين أن يوفيه المبلغ عند حلول الأجل اذا طالبه البنك ، وفي هذه الصورة الثانية يحق للبنك أن يرجع الى البائع حتى اذا لم يمتنع المحرر عن سداد المبلغ ، بخلاف الصورة الاولى.
    لكن هناك روايتين : تمنع من أن يأخذ ( المشتري للدين ) اكثر مما دفع الى البائع وهما :
    1 ـ رواية محمد بن الفضيل قال : « قلت للرضا ( عليه السلام ) رجل اشترى دَيناً على رجل ثم ذهب الى صاحب الدين فقال له : ادفع إليَّ ما لفلان عليك فقد اشتريته منه قال ( عليه السلام ) : يدفع اليه قيمة ما دفع الى صاحب الدين وبرىء الذي عليه المال من جميع ما بقي عليه » (1).
    2 ـ رواية ابي حمزة قال : « سألت ابا جعفر ( عليه السلام ) عن رجل كان له على رجل دين فجاءه رجل فاشتراه منه بعرض ثم انطلق الى الذي عليه الدين فقال : اعطني ما لفلان عليك فاني قد اشتريته منه كيف يكون القضاء في ذلك ؟ فقال
     (1) وسائل الشيعة ، ج 13 ، باب 15 من ابواب الدين ، ح 3.
(95)
ابوجعفر ( عليه السلام ) ـ الامام الباقر ـ يردّ الرجل الذي عليه الدين ماله الذي اشترى به من الرجل الذي له الدين » (1).
    وقد عمل الشيخ الطوسي ( رحمه الله ) بهذين الحديثين وتبعه جملة من الامامية ، لكن الروايتين ضعيفتان من حيث السند ، فإنَّ في سندهما محمد بن الفضيل الذي فيه غلو وهو ضعيف ايضاً كما ذكر ذلك الرجاليون ، ولا جابر لهذين الحديثين من عمل الاصحاب ، بل شهرة الاصحاب على خلافهما ، وهما على خلاف اصول المذهب وقواعده من الوفاء بالعقد اذا لم يكن مانع شرعي يمنع من الوفاء ، بالاضافة الى أن الرواية الثانية ليس فيها أن الثمن الذي اشتري به الدين هو أقل ، فيمكن حمله على المساوي ، ولذلك وجدت هناك محاولات لحملهما على غير ظاهرهما ( مثل ان البيع فاسد ، وأن صاحب الدين قد أذن للمشتري أن يقبض من المديون مقدار ما أدى ، ويبقى الباقي لصاحب الدين ، فيكون المراد من البراءة في الحديث الاول هو البراءة التي تكون من قبل الدائن الى المديون مما بقي عليه لصاحب الدين ، أو يُحمل على أن الشراء هو للمديون نفسه ولو بصيغة الصلح بإذن من المديون او بإجازة لاحقة ، فيكون الشراء للمديون هو من صلح الحطيطة اذا فُرض كون العوض من الجنس.
    والنتيجة عند الامامية : هو العمل على وفق القواعد من : ( أحل الله البيع ) ، و : ( أوفوا بالعقود ) إذ إن هذا العقد وهو شراء الدين بأقل منه ، هو عقد وبيع وليس فيه اي محذور شرعي ، فيجب الوفاء به.
    اذن يتمكن البنك أو المشتري لقيمة الورقة التجارية ( كمبيالة أو شيكاً ) أن يشتري هذه الورقة التجارية بأقل من قيمتها ، وعند حلول الأجل يستحق جميع قيمة هذه الورقة لصالحه.
     (1) المصدر السابق ، ح 2.
(96)
تنبيه :
    إن هذا المقام الذي نحن فيه يختلف عن الربا القرضي الذي هو ( الزيادة في مقابل الأجل في عقد القرض ) ، اذ هنا لا يوجد دائن ومدين وانما يوجد هنا بائع لقيمة الورقة التجارية المؤجلة ( بأقل من قيمتها ) حالاً ، فيكون المشتري منتظراً الزمان ليحصل على كل قيمة الورقة التي اشتراها بأقل ، وهذا لا بأس به لأنه ليس بربا (1).
    اذن القاعدة الارتكازية والعرفية القائلة بأن الاجل يكون داعيا لزيادة الثمن ( إنَّ للأجل قسطاً من الثمن ) اذا طبقناها هنا ، فاشترى انسان هذه الورقة التجارية ( التي لها وقت محدد يأتي فيمابعد ) بأقل من قيمتها ، والمفروض انه لا يوجد هنا منع شرعي كما تقدم ، فلا بأس من صحة هذا العقد وهذا البيع. نعم ورد المنع من كون الزيادة في مقابل الأجل في موردين هما :
    1 ـ القرض مع الزيادة في مقابل الأجل.
    2 ـ في البيع بشروط معينة ، كما اذا بعتُ مَنّاً من الحنطة نقدا بمنٍّ ونصف نسيئة ، فلا يجوز أن يكون نصف المن في مقابل الاجل.
    اما في مقامنا : فقد قلنا إن الجواز هنا هو في غير ( المكيل او الموزون ) وفي غير ( الذهب والفضة ) بمثلهما وفي غير القرض ، فلا محذور من ناحية الربا اصلا.
    هذا ما ذهب اليه المشهور من علماء الامامية رضوان الله عليهم.

الفرق بين بيع الدينار بمثله في الذمة وما نحن فيه ( بيع الدين بأقل منه لشخص غير المدين )
    ذهب السيد الشهيد الصدر ( رحمه الله ) (2) الى أن عملية بيع وشراء « سند الدين » او
     (1) نحن نتكلم على مسلك المشهور المجمع عليه تقريبا من أن النقد الورقي ليس حكمه هو حكم النقدين ( الذهب والفضة ) وهو التقابض في مجلس البيع ، بل حكم الاوراق النقدية هو جواز بيع دينار بتومان في الذمة إن صدق عليه أنه بيع ، فلا يشترط التقابض في مجلس العقد.
     (2) يراجع البنك اللاربوي في الاسلام ، ص 162 و 175.

(97)
الورقة التجارية ، هو تغطية لفظية لعملية القرض التي تصدر من المشتري ، فإنَّ حقيقة القرض هو أن يملك شخص مالاً من آخر ، وتصبح ذمته مثقلة بمثله له ، وهذا هو تماما ما يقع في عمليات شراء السندات او الاوراق التجارية حيث إن البنك عندما يعطي تسعين ديناراً بحجة شرائه للكمبيالة التي هي بمائة دينار من موقّع الكمبيالة الى ستة أشهر يكون في حقيقة الامر أنه قد ملّك الغير تسعين ديناراً واصبحت ذمة الغير مثقلة بمثله له ، فاذا أخذ بعد ستة اشهر المائة دينار يكون قد أخذ زيادة في مقابل الاجل في عقد القرض وهو ربا. وهذا هو معنى أن بيع الدينار ( باكثر منه في الذمة ) الى أجل لا يجوز لأنه عبارة عن قرض مع الزيادة اُلْبِسَ ثوب البيع ، فلو بعت عشرة دنانيراً بأثني عشر ديناراً مؤجلة الى شهرين فهو قرض مع الزيادة لا يجوز. إلاّ أنَّ هذا يختلف عمَّا نحن فيه ، اذ المعاملة التي نتكلَّم عنها هي عبارة عن بيع الدين الذي لـ ( أ ) على ذمة ( ب ) الى ( ج ) بأقل منه ، وتكون العلاقة بين ( أ ) و ( ج ) هي علاقة بيع وليست العلاقة هي علاقة مقرض بمقترض ، ولذا لو لم يحصل ( ج ) على ما اشتراه فأن ( أ ) ليس مسؤولا عن ذلك ولذا يشترط ( ج ) على ( أ ) ضمان هذا المال على ذمة ( ب ) فيضمنه وحينئذ يكون ( أ ) مسؤولا عن المال عند عدم السداد من قبل ( ب ) من باب الضمان لا من باب أنَّه اقترض من ( ج ).
    هناك طريق ثالث وهو : بأن نبيع الدين الذي هو من الدينار على شخص آخر غير المدين بنقد اخر أقل منه بمقتضى الحساب في السوق التجارية ، فمثلا اذا كانت المائة دينار تساوي خمسين دولارا نقدا فيتمكن المشتري أن يشتريها مؤجلة الى شهرين بأربعين دولارا ويكون هذا من بيع احد الجنسين بغيره ، ونحصل على نفس النتيجة من بيع الدين بأقل منه ، وهذا ليس فيه أي محذور ، وهذه طريقة ثالثة للبنك في خصم الاوراق التجارية ، اي يشتريها بغير جنسها بأقل من قيمتها ، ويكون البائع متعهداً بسداد قيمتها لو تخلف المحرر من السداد في الوقت المحدد.


(98)
وهذه الطريقة الثالثة كالطريقة الاولى شاملة لكل دين سواء كان ذهبا أو فضة ، أو كان مكيلا او موزونا أو كان معدوداً كالاوراق النقدية ، فانه يجوز بيعه اذا كان نسيئة بجنس آخر أقل منه قيمة حالا ، وهذا هو بيع وعقد فيشمله : ( اوفوا بالعقود ) و : ( أحل الله البيع ) وليس عليه أي شائبة من ربا.

الفرق بين بيع الدينار بالدولار في الذمة وبيع الدين باقل منه بغير جنسه :
    هناك من يرى أن بيع الدينار بالدولار نسيئة هو ايضا معاملة قرضية بحسب النظر العرفي وذلك يتضح اذا قلنا بوجود ارتكازين هما :
    1 ـ الارتكاز القائل إن كل معاملة مؤدّاها تبديل الشيء بمثله في الذمة تعتبر قرضا عرفاً.
    2 ـ الارتكاز الناظر الى باب النقود يقول إن النظر في باب النقود هو الى ماليتها دون خصوصيتها ، اذن المنظور اليه عرفا في بيع ثمانية دنانير بخمسة دولارات هو عبارة عن تبديل مالية بمالية. وحينئذ يشمله عنوان القرض اذ يصدق عليه انه تبديل للشيء الى مثله في الذمة ( لأن المنظور اليه هو المالية فقط ) في الموردين ( الدينار والدولار ) فلا تبقى مغايرة بينهما الا في كون أحدهما خارجيا والاخر في الذمة وهو معنى القرض (1) ، فاذا كان في طرف المدين زيادة يأخذها الدائن كما اذا باعه مائة دينار في الذمة ( التي تساوي خمسين دولاراً ) بأربعين دولاراً نقدا ، فيكون المعطي للاربعين دولاراً دائنا ، وقد أخذ اكثر من اربعين دولاراً وهو ربا.
    ولكن ما نحن فيه ( بيع الدين بأقل منه على شخص آخر غير المدين ) يختلف عمّا تقدَّم حيث إن ( أ ) الذي يطلب ( ب ) كمية من الدنانير قد باعها الى ( ج ) بالدولار ( بأقل من قيمتها المالية للدولار ) نسيئة فتكون العلاقة بين ( أ ) و ( ج )
     (1) البنك اللاربوي في الاسلام ، للسيد الشهيد الصدر ، ص 176 ـ 177.
(99)
هي علاقة بائع بمشتر لا علاقة مقترض بمقرض ، ولذا لو لم يدفع ( ب ) الدينار الى ( ج ) فان ( أ ) لم يكن مسؤولا عن ذلك ، ولذا لأجل محافظة ( ج ) على ما اشتراه يشترط على ( أ ) ضمان المال الذي في ذمة ( ب ) فإنْ ضمنه فسوف يكون ( أ ) مسؤولا عن المال اذا لم يدفعه ( ب ) ولكن اصبح مسؤولا بواسطة الضمان ليس الا. ولكن اشكالنا الاساس على الطريق الثاني لبيع الدين ، والطريق الثالث هو : أن ( أ ) عندما يضمن لـ ( ج ) ما في ذمة ( ب ) بعد بيعه ، وطبعا ان هذا الضمان باذن ( ب ) ثم اذا لم يدفع ( ب ) المبلغ الى ( ج ) فسوف يأتي ( ج ) الى ( أ ) ويأخذ منه ما في ذمة ( ب ) بحسب قانون الضمان. ( ان لم يدفع ( ب ) فان ( أ ) هو المسؤول عن الدفع ) ولكن لماذا يرجع ( أ ) على ( ب ) في المبلغ الذي دفعه الى ( ج ) ؟ وعلاقة ( أ ) مع ( ب ) كانت قبل البيع هي علاقة مقرض بمقترض او علاقة دائن بمدين ، لكن بعد ان باع الدينار الذي له الى ( ج ) فقد زالت هذه العلاقة ، ثم بعد ذلك ضمن ( أ ) ما في ذمة ( ب ) لـ ( ج ) بدون اذن ( ب ) ، فان لم يدفع ( ب ) ، المبلغ ودفعه ( أ ) فلا يحق له ان يرجع عليه لأن ( أ ) قد وفى ما في ذمة ( ب ) الى ( ج ) بدون اذن ( ب ) فلا يستحق ان يرجع ( أ ) على ( ب ) ولكن وبما ان الواقع في الخارج هو رجوع ( أ ) على ( ب ) عند عدم تسديد ( ب ) المبلغ الى ( ج ) فتكون المعاملة هي عبارة عن قرض ( ج ) الى ( أ ) مقداراً من المال مع الزيادة في مقابل الاجل وهذا المقدار من المال مع الزيادة في مقابل الاجل له الحق في أخذها من ( ب ) وله الحق أن يأخذها من ( أ ) مع عدم دفع ( ب ) لها ، ولهذا تبقى علاقة ( أ ) مع ( ب ) هي علاقة دائن بمدين فيرجع ( أ ) على ( ب ) عند عدم تسديد ( ب ) الى ( ج ).

* * *