(221)
القبض موضوعاً لبعض الاحكام الشرعية « كتلف المبيع قبل قبضه فهو من مال بائعه » بمعنى أنه يوجب انفساخ البيع بحيث يكون التلف على البائع ويرجع الثمن على المشتري ، و« ككون القبض في الصرف في المجلس مصححاً للمعاملة الصرفية » بمعنى التقابض قبل التفرق في مجلس العقد ، وهذه الاحكام قد وردت على موضوع القبض بما هو مفهوم حقيقي خارجي ، فلا يقوم مقامه التحقق من القدرة على التقابض ، فما نحن فيه أيضاً كذلك.
    2 ـ وكذا مفهوم التأمين على بضاعة السَلَم فهو مباين لمفهوم القبض ، إذ التأمين على البضاعة السلمية يجعل المشتري مطمئناً بوصولها إلى يده أو وصول المبلغ الذي تدفعه شركة التأمين على فرض عدم وصوله إلى يده فهو شيء مفروض يؤول إلى التحقق ، يغاير القبض الذي يجعل المشتري متسلطاً على بضاعته السلمية ويطبق عليها قانون « الناس مسلطون على اموالهم » بحيث يتمكن ان يبيع أو يهب أو يأكل العين التي قبضها أو يتلفها ، فالقبض يحوّل ما في الذمة الذي هو دين إلى عين خارجية حيث ان الدين الذي في الذمّة لا يتعيّن الا بتعيين البائع أو قبض المشتري ، فيكون ما في الذمّة تحوّل إلى عين خارجية يمكن تلفها وأكلها ، وهذا بخلاف التأمين على البضاعة السلمية فهو وإن كان يمكّن المؤمّن له على هبته أو بيعه ، الا أنه لا يتمكن من اكله واتلافه فهو ليس مسلطاً عليه كما في السلعة المقبوضة ، ولهذا الفارق لا يرى العرف قيام التأمين على البضاعة السلمية مقام القبض.
    وبعبارة أخرى قد يكون التأكد من قدرت البائع في السلم على توفير السلعة والتأمين على السلعة المسلم فيها ، هو بمثابة الضمان للبائع على دفع البضاعة السلمية ، ومن الواضح ان الضمان يختلف عن القبض.
    3 ـ كما لا يقوم مقام القبض وجود السلعة في المخازن العمومية المنظَّمة إذ يكون هذا الوجود غير مفيد لمشتري السلعة السلمية ، وإنما المفيد له قبضها بحيث


(222)
يتحول ماله في ذمة الغير إلى عين خارجية يتسلط عليها ، وكم فرق بين ان يتسلط الانسان على ذمة الغير فيكون دائناً لها ، وهو شيء اعتباري فرضي وبين ان يتسلط على عين خارجية قد قبضها فهو تسلط حقيقي. فوجود السلعة في المخازن لا يجعله متسلطاً عليها حقيقة ، بل يبقى يطلب الذمة التي هي وعاء اعتباري اخترعه العقلاء للاموال الكلية التي لا وجود لها في الخارج. نعم وجود السلعة في المخازن العمومية يحقق القدرة على التسليم ، وهذا ليس قبضاً للمسلم فيه.

هل هناك تصرفات في المكيل والموزون ( السلمي أو غيره ) صحيحة قبل القبض؟
    اقول : قد انتهينا سابقاً إلى عدم جواز بيع المكيل أو الموزون قبل قبضه حتى في بيع السلم ، فهل هناك معاملات اخرى تجوز التصرفات في السلم بغير البيع مرابحة ؟ وكذا يأتي هذا البحث في التصرفات الصحيحة للبضاعة السلمية قبل حلول الأجل ، فنقول :
    هناك عدة معاملات للتصرف في المكيل والموزون قبل القبض ، وللبضاعة السلمية قبل حلول الأجل وهي :
    1 ـ التولية.
    2 ـ الشركة فيه بربح.
    3 ـ الاقالة فيه.
    فقد تقدمت الروايات الدالة على صحة الشركة والتولية في بيع مالم يقبض فيما تقدم :
    الأولى : صحيحة منصور بن حازم عن الامام الصادق ( عليه السلام ) قال : « اذا


(223)
اشتريت متاعاً فيه كيل أو وزن فلا تبعه حتى تقبضه إلاّ أن توليه... » (1).
    الثانية : موثقة سماعة ، قال : « سألته عن الرجل يبيع الطعام أو الثمرة ، وقد كان اشتراها ولم يقبضها ؟ قال : لا حتى يقبضها إلا أن يكون معه قوم يشاركهم فيخرجه بعضهم عن نصيبه من شركته بربح أو يوليه بعضهم فلا بأس » (2).
    فهاتان الروايتان جوزتا بيع الثمرة والمتاع على غير بائعه تولية ، كما جوزت موثقة سماعة بيع نصف الحصة التي لم يقبضها من البائع فيشترك معه غيره.
    وأما الاقالة : فقد دلّ الدليل العام على جوازها في كل بيع قبل القبض أو بعده سلماً أو غيره للحديث عن الامام الصادق ( عليه السلام ) قال : « أيما عبد أقال مسلماً في بيع أقاله الله عثرته يوم القيامة » (3) وقد ارسلها في الفقيه عن الامام الصادق ( عليه السلام ) لكن قال : « أيما مسلم اقال مسلماً بيع ندامة اقاله الله عزوجل عثرته يوم القيامة » (4). وفي استحبابها ورد عن سماعة بن مهران عن الامام الصادق ( عليه السلام ) قال : « أربعة ينظر الله عزّوجلّ اليهم يوم القيامة : من اقال نادماً أو أغات لهفان أو اعتق نسمة أو زوّج عزوباً » (5).
    والاقالة في الحقيقة : هي فسخ في حق المتعاقدين برضاهما ، وليست بيعاً ، لعدم قصد معنى البيع ولا غيره من المعاوضات الموجبة ملكاً جديداً ، بل هي تفيد ردّ الملك بفسخ العقد الذي اقتضى خلافه. ولهذا لا تجوز الاقالة بزيادة عن الثمن ، لعدم ما يصلح مملّكاً للزيادة المفروضة ، كما لا تجوز الاقالة بنقصان لعدم ما يصلح
     (1) وسائل الشيعة ، ج 12 ، باب 16 من أحكام العقود ، ح 1.
     (2) المصدر السابق ، ح 15.
     (3) المصدر نفسه ، باب 3 من أبواب آداب التجارة ، ح 2.
     (4) المصدر نفسه ، باب 3 من أبواب آداب التجارة ، ح 4.
     (5) المصدر نفسه ، باب 3 من أبواب آداب التجارة ، ح 5.

(224)
مملِّكاً لما بقي من الثمن بعد فسخ العقد فيما قابله تماماً. وقد صرح صحيح الحلبي عن الامام الصادق ( عليه السلام ) بذلك فقال : « سألته عن رجل اشترى ثوباً ولم يشترط على صاحبه شيئاً فكرهه ثم ردّه على صاحبه فأبى ان يقبله إلاّ بوضيعة ، قال ( عليه السلام ) : لا يصلح له أن يأخذه بوضيعة ، فإن جهل فأخذه فباعه بأكثر من ثمنه رد على صاحبه الاول مازاد » (1) بناء على ان مبنى ذلك فساد الاقالة وبقاء الثوب على ملك المشتري.
    وقد ذهب الى هذه النتيجة التى انتهينا اليها الامام مالك ، فقد جوّز البيع تولية والمشاركة فيه بربح في مالم يقبض ، فقد جاء في المدونة : « قلت : أرأيت إن اشتريت سلعة من رجل بنقد ، فلم اقبضها حتى أشركت فيها رجلاً أو وليتها رجلاً أيجوز ذلك ؟
    قال : لا بأس بذلك عند مالك.
    قلت : وإن كان طعاماً اشتريته كيلاً ، ونقدت الثمن فوليته رجلاً أو أشركته فيه قبل ان اكتاله من الذي اشتريته ؟
    قال مالك : لا بأس بذلك وذلك الحلال إذا انتقد مثل ما نقد.
    قلت : لم جوزه مالك وقد جاء في الحديث الذي يذكره مالك أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) نهى عن بيع الطعام قبل ان يُستوفى ؟
    قال : قد جاء هذا ، وقد جاء عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) أنه نهى عن بيع الطعام قبل أن يستوفى إلاّ ما كان من شرك أو اقالة أو تولية.
    قال سحنون : وأخبرني ابن القاسم عن سليمان بن بلال عن ربيعة عن أبي عبدالرحمن عن سعيد بن المسيب ان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قال : « من ابتاع طعاماً فلا يبعه حتى يستوفيه الا ماكان من شرك أو اقالة أو تولية.

     (1) المصدر نفسه ، باب 17 من احكام العقود ، ح 1.
(225)
قال مالك : اجتمع أهل العلم على أنّه لا بأس بالشرك والإقالة والتولية في الطعام قبل أن يستوفى إذا انتقد الثمن ممن يشركه أو يقيله أو يوليه » (1).
    4 ـ الصلح : اقول : لقد تقدم دليل المنع من بيع المكيل أو الموزون قبل قبضه ، أو المنع من بيع بضاعة السلم قبل حلول الأجل ، فهل الصلح الذي يذكر على أساس أنه عقد مستقل يختلف عن البيع والاجارة ، « وإن كانت نتيجته البيع أو الاجارة ». هل يشمله المنع المتقدم ؟
    الجواب : بالعدم وذلك للتباين بين البيع والمصالحة التي تتحمل من المسامحة أكثر مما يتحمل البيع. هذا بالاضافة الى عدم وجود نص من الكتاب او السنة يمنع من التصرف في البضاعة السلمية ( حتى وإن كانت مكيلة او موزونة ) على أساس المصالحة قبل القبض ، فلا مناص من القول بصحة الصلح على المكيل أو الموزون قبل قبضه ، ومن القول بصحة المصالحة على البضاعة السلمية قبل حلول اجلها ولكن بشرط ان ينقد الثمن حالاًّ ، اما إذا كان نسيئة فيكون من باب بيع الدين بالدين على تفسير مشهور.
    5 ـ الحوالة : وهو ما يسمى بفكرة السلم الموازي الذي تكلّمنا عليه سابقاً فلا نعيد ، بل نؤكد على ان عقد الحوالة عقد مستقل له شروطه الخاصة ومواصفاته فلا يمكن ان يكون داخلاً في عقد البيع ، ولذلك لا يشترط في عقد الحوالة التقابض حتى ولو كان الدينان من النقود ، ولا يدخل في بيع الدين بالدين الذي يمنعه الفقهاء.
    ونفس هذا الكلام قلناه في الوكالة في السلم الموازي فلا نعيد.
    6 ـ الحطيطة : وإذا نهت الروايات المتقدمة عن بيع المكيل أو الموزون مالم يقبض ، أو قام الاجماع على عدم جواز بيع مالم يحل أجله ، فهل تجوز الحطيطة عن
     (1) المدونة 4 ، 80 ـ 81.
(226)
رأس المال وانهاء هذه المعاملة ؟ أي بمعنى بيعها بأنقص من ثمنها.
    والجواب : إذا كانت علة النهي في بيع المكيل أو الموزون قبل القبض هو أن لا يربح بدون ضمان ، فلابد من تجويز الحطيطة ، لأنّها ليست ربحً بدون ضمان ، ولكن لم يتّضح لنا أنّ المانع هو ذلك لانتقاضه بالسلعة السلمية إذا لم تكن مكيلة أو موزونة ، بالاضافة إلى أن بعض الروايات لم تجوّز الا البيع تولية أو الشركة بربح. وبما ان الحطيطة ليست تولية ولا شركة فلا تجوز. ولا يجوز بيعها قبل الاجل بالاولوية. إلاّ أنه يمكن القول في خصوص الروايات القائلة : « لا يجوز البيع الى تولية » بان المقصود هو العقد الاضافي اي بالاضافة الى المرابحة ، فحينئذ يكون المعنى بأن البيع بنحو المرابحة قبل القبض لا يجوز ، بل يلزم ان يكون تولية ، وليس المقصود أن الحطيطة لا تجوز. وعليه فيمكن الحكم بجواز الحطيطة تمسكاً بقاعدة : ( تجارة عن تراض ).
    هذا كلّه في بيع المكيل والموزون قبل قبضه على غير بائعه ، اما إذا كان المشتري يريد بيع سلعته على نفس البائع بحطيطة ، لأنَّ سعر الحنطة الذي اشتراه قد تنزل فاصبح بعد الاجل قبل القبض أقل مما اشتراه إلى الاجل فهو جائز بل كلام لما سيأتي من جواز معاوضة السلعة المكيلة او الموزونة قبل قبضها بسعر يومها إذا وافق البائع على المعاوضة. وفي الحقيقة إنّ هذه ليست حطيطة عن الثمن ، بل هي معاوضة بسعر اليوم قبل القبض ، على مَنْ تكون السلعة المكيلة أو الموزونة في ذمته ، بل هي معاوضة بعد القبض لان ما في الذمة يكون مقبوضاً للمدين وان لم يكن مقبوضاً للدائن أو لفرد آخر. وقد ذكر الامام مالك جواز ذلك أيضاً فقال : « وما سلفت فيه من العروض إلى اجل من الآجال ، فاردت ان تبيعه من صاحبه فلا بأس ان تبيعه منه بمثل الثمن الذي دفعته إليه أو ادنى منه قبل محل الأجل ... » (1). اقول : ان هذا يختلف عن الاقالة بحطيطة لأنّه بيع ، بينما الحطيطة
     (1) المدونة الكبرى ، 4/88.
(227)
قبل الاجل على البائع اقالة ، والاقالة بوضيعة ممنوعة كما تقدم ذلك (1).
    7 ـ الاجارة : إذا كانت الروايات قد نهت عن بيع المكيل أو الموزون قبل قبضه ، فهل يجوز لنا ان نؤجره إذا كان قابلاً للاجارة بان كان يستفاد من عينه مع بقاء العين بدون تلف ؟ وإذا كان الاجماع قد منع من بيع السلعة السلمية قبل حلول اجلها ، فهل نتمكن ان نؤجرها قبل ذلك على ان تكون مدة الاجارة بعد الحلول والقبض ؟
    والجواب : إن القاعدة تقتضي ذلك ، فيصح عقد الاجارة على المكيل أو الموزون قبل قبض المشتري له وقبل حلول الاجل ، ولكن لا يجب على المستأجر لهذه العين تسليم الاجرة الا بعد تسلم العين المؤجرة ، الا مع الشرط فإذا اشترط المستأجر تسليم الاجرة قبل تسلّم العين المؤجرة فيمكن ان تدخل الاجارة للعين السلمية قبل حلول أجلها أو قبل القبض مورد الاستثمار.
    وربما يقال : بعدم فائدة هذا البحث لعدم وجود ما يكون سلعة سلمية مكيلة أو موزونة وتكون قابلة للاجارة. لأن شرط صحة الاجارة إمكان الإنتفاع بالشيء مع بقاء عينه ، والمكيل والموزون لا يمكن الانتفاع به عادة الا بانعدام عينه
    ولكن يقال : اننا نتكلم كلاماً عاماً ، سواء كان له مصداق في الخارج أو لا ، على انه يمكن ان نوجد مصداقاً له في الخارج الآن ، كما إذا افترضنا أن الالبسة ومجموعة ما يفرش على الارض كالسجاد ، وما يكون ملحفاً يلتحف به الانسان ، والحديد مما يباع بالكيل أو الوزن ، وحينئذ يمكن افتراض اجرتها مع بقاء عينها قبل القبض بشرط أن تُسلّم الاجرة مقدماً. على ان الزمان قد يوجد سلعاً تباع بالكيل أو الوزن مما تقبل الاجارة ، وقد قيل سابقاً ليس من دأب المحصل المناقشة في المثال.

     (1) لا بأس بالتنبيه إلى ان هذا البحث يختلف عن اخذ المسلم اقل ما شرط في المعاملة السلمية فان هذا امر جائز ومنصوص يراجع ج 13 من وسائل الشيعة ، باب 11 من السلم ، ح 1.
(228)
عجز البائع عن تسليم البضاعة عند حلول الاجل في السلم : ( استبدال المسلَم فيه )
    إنَّ المشتري لما كان مالكاً في ذمة البائع سلعة معينة موصوفة ، فإذا حلّ الاجل ولم تكن هذه السلعة موجودة لآفة سماوية ونحوها فمقتضى القاعدة هو تخيّر المشتري بين امور :
    1 ـ فسخ المعاملة واستعادة الثمن الاولي لتخلف الوفاء بالشرط.
    2 ـ ينتظر وجود السلعة لحين توفرها في السوق.
    3 ـ يعاوض البائع عليها بجنس آخر غير الثمن الاولي إذا رضي البائع بذلك.
    4 ـ يأخذ قيمة المتاع حين الاستحقاق إذا رضي البائع بذلك.
    5 ـ يعاوض البائع بجنس الثمن الاولي بزيادة (1) عنه أو نقيصة إذا رضي البائع بذلك.
    وواضح ان الامور الثلاثة الاخيرة لا تتعين على البائع كما اشرنا إلى ذلك ، وذلك لعدم وجود خطاب بدفع العين المتعذرة إلى المشتري ، وحينئذ لا تتعين قيمتها عند تعذرها ، بل إن تعذر العين يسقط أصل خطاب الدفع.
    وهذا الذي تقدم بالاضافة إلى أنه على طبق القاعدة في تعذر مال السلم ، قد وردت فيه روايات خاصة منها :
    1 ـ صحيحة الحلبي عن الامام الصادق ( عليه السلام ) قال : « لا بأس بالسلم في الحيوان اذا سميت الذي تسلم فيه ، فوصفته ، فان وفيته والا فأنت
     (1) في هذه الصورة يوجد خلاف ، فقد خالف الشيخ الطوسي ( رحمه الله ) استناداً الى خبر علي بن جعفر ( المتقدم الضعيف ) عن الامام موسى بن جعفر قال :
    « سألته عن رجل له على آخر تمر ، أو شعير ، أو حنطة ، أيأخذ بقيمته دراهم ؟ قال : اذا قوّمه دراهم فسد ، لأن الأصل الذي يشتري به دراهم ، فلا يصلح دراهم بدراهم ... » وسائل الشيعة ، ج 13 ، باب 11 من السلم ، ح 13.

(229)
أحق بدراهمك » (1).
    2 ـ موثقة عبدالله بن بكير قال : « سألت الامام الصادق ( عليه السلام ) عن رجل أسلف في شيء يسلف الناس فيه من الثمار فذهب زمانها ولم يستوفِ سلفه ، قال ( عليه السلام ) : فليأخذ رأس ماله او لينظره » (2).
    3 ـ صحيحة العيص بن القاسم عن الامام الصادق ( عليه السلام ) قال : « سألته عن رجل اسلف رجلاً دراهم بحنطة حتى اذا حضر الاجل لم يكن عنده طعام ووجد عنده دواباً ومتاعاً ورقيقاً ، أيحلّ له أن يأخذ من عروضه تلك بطعامه ؟ قال ( عليه السلام ) : نعم يسمي كذا وكذا بكذا وكذا صاعاً » (3).
    4 ـ ابان بن عثمان عن بعض أصحابنا عن الامام الصادق ( عليه السلام ) : « في الرجل يسلم الدراهم في الطعام الى أجل ، فيحلّ الطعام فيقول ليس عندي طعام ، ولكن انظر ما قيمته فخذ منّي ثمنه ؟ قال ( عليه السلام ) : لا بأس بذلك » (4) وعن علي بن محمد قال : « كتبت اليه : رجل له على رجل تمر أو حنطة او شعير او قطن ، فلما تقاضاه قال : خذ بقيمة مالك عندي دراهم ، أيجوز له ذلك أم لا ؟ فكتب : يجوز ذلك عن تراض منهما إن شاء الله (5).
    ولا يقال في الصور الثلاثة الاخيرة بان هذه بيع للمكيل او الموزون قبل القبض وهو منهي عنه.
    والجواب ( كما تقدم ) ان المنع فى بيع المكيل او الموزون قبل قبضه انما هو على غير البائع ، اما بيعه والمعاوضة عليه مع بائعه فلا بأس بذلك. وبعبارة اُخرى ان
     (1) وسائل الشيعة ، ج 13 ، باب 11 من السلف ، ح 17.
     (2) المصدر السابق ، ح 14.
     (3) المصدر السابق ، ح 6.
     (4) المصدر السابق ، ح 5.
     (5) المصدر السابق ، ح 11.

(230)
هذا الادلة الدالة على جواز المعاوضة مع البائع قبل ان يتسلم المشتري البضاعة تقيّد الروايات المانعة من بيع المكيل اوالموزون قبل قبضه بالبيع على غيرالبائع هذا ( كله بناءاً ) على أن الاستبدال ( في صورة ما اذا لم يوجدالمسلَم فيه ) بيع ، وهوغير مسلَّم.
    وفي حكم تعذر المبيع في السلم عند الحلول ، موت البائع قبل الأجل وقبل وجود المبيع ، حيث ان الموت يجعل الدين حالاًّ. وهناك صورة اخرى مختصة بما اذا كان البائع قد أحضر في الاجل قسماً من بضاعة السلم ولم يوجد القسم الآخر ، فهنا في حالة كون عدم القبض لا بتفريط من المشتري يكون بالخيار في أخذ المهيأ له ورأس ماله المقابل لغير الموجود او الفسخ بالجميع او الانتظار لحين وصول الباقي ، واما حالة ما اذا كان عدم القبض بتقصير من المشتري فلا خيار له ، بل يجب عليه اخذ الموجود وانتظار الباقي.
    وقد يقال في الحالة الاولى ـ عندما يأخذ المشتري الموجود ويفسخ في غير الموجود ـ بوجود خيار للبائع وهو خيار تبعض الصفقة ، كما هو ليس ببعيد لو لم يكن التقصير في تبعض الصفقة قد نشأ من البائع نفسه ويدل على الصورة الاخيرة صحيحة الحلبي عن الامام الصادق ( عليه السلام ) قال : « سألته عن الرجل يسلم في الغنم ثنيان وجذعان وغير ذلك الى أجل مسمى ؟ قال ( عليه السلام ) : لا بأس إن لم يقدر الذي عليه الغنم على جميع ما عليه ، ( له ) ان يأخذ صاحب الغنم نصفها أو ثلثها ويأخذ رأس مال ما بقي من الغنم دراهم ، ويأخذ دون شروطهم ... » (1).
    وصحيحة عبدالله بن سنان قال : « سألت الامام الصادق ( عليه السلام ) عن الرجل يسلم في الطعام ( الى ان قال ) : أرأيت إن اوفاني بعضاً وعجز عن بعض أيصلح إن آخذ بالباقي رأس مالي ؟ قال : نعم ما أحسن ذلك » (2) ومعنى ذلك
     (1) المصدر نفسه ، ح 1.
     (2) المصدر نفسه ، ح 2.