(351)
ومعناه : ان يطلب غيره من المسلمين ابتياع الذي يريد أن يشتريه ، ويبذل زيادة عنه ليقدمه البائع او يطلب البائع بيع سلعته بسعر اقل مما اتفق عليه البائع مع المشتري او يبذل شخص آخر غير المتساومين الى المشتري متاعاً غير ما اتفق هو والبائع عليه. فنرى أن احد المتبايعين قد ركن في المعاملة الى الآخر ولم يبق الا العقد والصفقة ، فاذا أراد أحد أن يدخل في مابين المتراكنين ليفسد عليهما صفقتهما فيكون مشمولاً لهذا النهي ، وهذا النهي دالٌ على الحرمة ظاهراً ، فقد يقال بتعارضه مع صحة عقد المناقصة.
    ولكن اقول : بعد الغضِّ عن ضعف سند الحديث :
    ان هذا النهي وإن كان ظاهراً يدل على الحرمة ، الا أن ارتكازية « تسلط الناس على أموالهم » التي ورد فيها النص تدلّ على أن السلطنة على مال الانسان تمتدّ الى تمامية البيع او العقد ، ومادام هنا في المساومة لا يوجد بيع ولا عقد فتكون قرينة على ان المراد من النهي المتقدم هو الكراهة ، ولذا اورد الفقهاء هذه الرواية في باب الآداب ، وعلى هذا فلا تكون معارضة لصحة عقد المناقصة بناء على وردها في مورد عقد المناقصة. ولكننا نقول ان المناقصة التي نحن بصدد الكلام عنها تختلف اختلافاً اساسياً عن مورد النهي عن بيع الرجل على بيع أخيه ، ومورد النهي عن الدخول في سوم الاخ المسلم وذلك :
    لان المناقصات التي توجد في الخارج ويحصل التوارد على المناقصة في العملية الواحدة لا يوجد فيها بيع حتى يكون بيع الرجل على بيع أخيه ، ولا يوجد ركون حتى يكون دخول على سوم الاخ المسلم ، وانما هي عروضات تحصل من المتناقصين ، للمشتري أن يختار احدها الموافق له وحينئذ تكون هاتان الطائفتان من الروايات خارجتين عن صحة المناقصات التي نحن بصدد الكلام عنها.
    على انه قد صرح عض الفقهاء (1) بعدم شمول النهي في الدخول على سوم
     (1) الشهيد الاول ، الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية ، ج 3 ، 296.
(352)
الاخ المسلم للدِلالة التي يتعارف وجودها في المزايدات والمناقصات حيث أنها موضوعة عرفاً لطلب الزيادة أو النقيصة ، فما دام الدلال يطلب الزيادة او النقيصة لا يكون هناك سوم او ركون حتى يأتي النهي عن الدخول في سوم الاخ المسلم.
    ويمكن توجيه عدم التنافي بشكل اخر وهو ان يقال : ان حديث النهي عن الدخول في السوم ناظر الى المعاملة الخاصة الجارية بين طرفين خاصين ولا يشمل مثل بيع المناقصة التي تكون المعاملة فيه مبنية من الاول على عدم السوم مع شخص واحد بل مع جماعة.

3 ـ الدخول في المناقصة لمن لا يمتلك السلعة أهو من المواعدة ؟ اوالإستصناع ؟ او بيع ما ليس عند الانسان ؟
    لابد لنا من التفرقة بين الاستصناع او السلم وبين بيع ماليس عند الانسان الذي روي فيه النهي عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) لنرى أن ما نحن فيه ( بيع المناقصة ) من اي القسمين. ثم لابدّ من التفرقة بين ما نحن فيه وبين المواعدة التي تحصل بين اثنين على أمر من بيع او عمل.

بيع ما ليس عندك :
    إن الروايات الواردة في بيع ما ليس عندك على طوائف :
    الطائفة الاولى : روايات حاكية لنهي النبي ( صلى الله عليه وآله ) عندك بيع ماليس عند فقد روى سليمان بن صالح عن الامام الصادق ( عليه السلام ) انه قال : « نهى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) عن سلف وبيع ، وعن بيعين في بيع ، وعن بيع ماليس عندك ، وعن ربح مالم يضمن » (1).

     (1) وسائل الشيعة ، ج 12 ، باب 7 من احكام العقود ، ح 2 ، وكذا ح 5.
(353)
وهذه الروايات مطلقة لبيع ما ليس عند الانسان سواء كان بيعاً كلياً او شخصياً.
    ولكن يتعين علينا رفع اليد عن الاطلاق وحمله على صورة كون المبيع شخصيا ، وذلك لورود الروايات المعتبرة الدالة على جواز بيع الكلي على العهدة مع عدم ملك الشخص حال البيع كما سيأتي.
    ويتعيّن علينا أيضاً رفع اليد عن اطلاق بطلان بيع ما ليس عنده بالاضافة الى مالك المال ، لما ورد من الادلة الدالة على صحة بيع الفضولي باجازة المالك ، وهذا واضح.
    فالخلاصة : ان النهي المتقدم هو في ( خصوص المبيع الشخصي لغير المالك ) ، وهذا النهي يدل على عدم حصول النقل والانتقال شرعاً ( اي فساد البيع باعتبار اشتراط الملك في البيع الشخصي اذا باعه لغير المالك ).
    الطائفة الثانية : روايات تصحح البيع بعد ان يشتري العين الخارجية وتبطله اذا باعها قبل الشراء ، منها :
    1 ـ صحيحة يحيى بن الحجاج قال : سألت الامام الصادق ( عليه السلام ) عن رجل قال لي « اشتر لي الثوب او هذه الدابة ، وبعنيها ، أربحُك فيها كذا وكذا ، قال : لا بأس اشترها ولا تواجبه البيع قبل ان تستوجبها او تشتريها » (1) والاستيجاب عام لمطلق التملك ولو بغير الشراء ، بينما الشراء خاص لخصوص التملك بالشراء.
    2 ـ روى ثقة الاسلام الكليني (2) في باب ( لا تبع ما ليس عندك ) عن ابن
     (1) المصدر نفسه ، باب 8 من احكام العقود ، ح 13.
     (2) روى هذه الرواية الشيخ الطوسي في باب ( النقد والنسيئة ) ولعل الذي جعله يرويها في هذا الباب هو احتمال ان الحديث بصدد بيان تحصيل الانسان مالاً بدون محذور الربا وهو ما يسمى به ( بيع العينة ) وحينئذ فان لم يكن البيع الثاني مشروطاً في البيع الاول فلا بأس به.

(354)
عمير عن يحيى بن الحجاج عن خالد بن الحجاج قال قلت للصادق ( عليه السلام ) : « الرجل يجيئني ويقول : اشتر هذا الثوب واربحك كذا وكذا ، فقال ( عليه السلام ) : أليس إن شاء اخذوإن شاءترك؟قلت بلى ، قال ( عليه السلام ) لابأس :انمايحلل الكلام ، ويحرم الكلام » (1).
    فكأن الامام الصادق ( عليه السلام ) لا يرى بأساً بالمواعدة والمقاولة مالم يوجب بيع المتاع قبل أن يشتريه من صاحبه ، وانما المانع اذا باع الثوب ثم اشتراه من صاحبه ، ودفعه الى المشتري ، فان هذا باطل. اقول : وإذا ناقشنا بكون طائفة الروايات الاولى ضعيفة وطائفة الروايات الثانية غير ظاهرة في المفروض (2) لاحتمال كونها في من اراد الحصول على المال بدون محذور الربا وهو ما يسمى ( بيع العينة ) فان كان البيع الثاني مشروطاً في الاول فهو باطل ، ولا ربط لها في من باع ثم ملك ، فتاتي.
    الطائفة الثالثة : وهي روايات تصحح البيع بعد أن يشتري المتاع ، سواء كان كليا او شخصياً ، منها :
    1 ـ صحيحة محمد بن مسلم عن الامام الباقر ( عليه السلام ) : قال : « سألته عن رجل أتاه رجل فقال له : ابتع لي متاعاً لعلّي اشتريه منك بنقد او نسيئة ، فابتاعه الرجل من أجله ، قال ( عليه السلام ) : ليس به بأس ، انما يشتريه منه بعدما يملكه » (3).
    2 ـ صحيحة منصور بن حازم عن الامام الصادق ( عليه السلام ) : « في رجل أمر رجلاً يشتري له متاعاً ، فيشتريه منه ؟ قال ( عليه السلام ) : لا بأس بذلك انما البيع بعد ما يشتريه » (4).
     (1) وسائل الشيعة ، ج 12 ، باب 8 من احكام العقود ، ح 4.
     (2) هذا الاحتمال غير وارد في الصحيحة الاولى ، لانه يقول « اشتر لي هذا الثوب او هذه الدابة وانا اربحك فيها كذا وكذا » فوجود كلمة ( لي ) تبعد الاحتمال المذكور وهي ظاهرة في ارادة أن يشتري له ملك الغير.
     (3) وسائل الشيعة ، ج 12 ، باب 8 من احكام العقود ، ح 8.
     (4) المصدر السابق ، ح 6.

(355)
وهاتان الروايتان تقضيان بأنَّ الجواز بعد ان يشتري الشيء وبعد ما يملكه ، اما بيع الشيء قبل تملكه فهو باطل. ولكن لابد من تخصيصهما بصورة العين الخارجية ، وذلك : لورودالروايات الصحيحة الدالة على صحة بيع الكلي كما سيأتي.

بيع الكلي ( بيع ما في الذمة ) :
    وهو يتصور على قسمين :
    الأول : بيع السلم.
    الثاني : بيع الكلي.
    اما الاول : فهو عبارة عن ابتياع مال مضمون الى أجل معلوم بمال حاضر او ما في حكمه ) (1). والدليل على صحته بالاضافة الى عمومات صحة البيع والتجارة عن تراض هو :
    1 ـ ما رواه زرارة في الصحيح عن الامام الصادق ( عليه السلام ) قال : « لا بأس بالسلم في الحيوان اذا وصفت أسنانها » (2).
    2 ـ صحيحة الحلبي عن الامام الصادق ( عليه السلام ) قال : « سئل عن الرجل يسلم في الغنم ثنيان وجذعان وغير ذلك الى أجل مسمى ؟ قال : لا بأس » (3).
    3 ـ موثقة سماعة قال : « سئل الامام الصادق ( عليه السلام ) عن السلم في الحيوان ؟ فقال : « اسنان معلومة واسنان معدودة الى أجل مسمى لا بأس به » (4).
    وأما الثاني ( بيع الكلي حالاً ) : فقد ذكر الفقهاء ان بيع الكلي في الذمة حالاً صحيح تشمله الادلة العامة لصحة البيع مع خصوص صحيح ابن الحجاج قال : « سألت الامام الصادق ( عليه السلام ) عن الرجل يشتري الطعام من الرجل ليس عنده
     (1) جواهر الكلام ، ج 24 ، ص 267.
     (2) وسائل الشيعة ، ج 13 ، باب 1 من السلف ، ح 3.
     (3) المصدر السابق ، ح 4.
     (4) المصدر والباب نفسه ، ح 7.

(356)
فيشتري منه حالاً ؟
    قال : ليس به بأس.
    قلت : إنهم يفسدونه عندنا.
    قال : فأيّ شيء يقولون في السلم ؟
    قلت : لا يرون فيه بأساً ، يقولون : هذا الى أجل فاذا كان الى غير أجل وليس هو عند صاحبه فلا يصلح.
    قال : اذا لم يكن أجل كان احق به.
    ثم قال : لا بأس ان يشتري الرجل الطعام وليس هو عند صاحبه الى أجل ، وحالاً لا يسمي له أجلاً إلا ان يكون بيعا لا يوجد ، مثل العنب والبطيخ في غير زمانه ، فلا ينبغي شراء ذلك حالاً » ونحوه آخر (1).
    النتيجة : أن المناقصة ليست من بيع ما ليس عندك :
    وبعد ان اتضحت هذه الامور :
    1 ـ ان المرادمن لاتبع ماليس عندك هوفي خصوص العين الشخصية التي تكون ملكاً للغير ، فلا يجوز لغير صاحبها أن يبيعها ثم يشتريها ويسلمها الى المشتري.
    2 ـ وان بيع الكلي في الذمة صحيح ، سواء كان سلماً ( مؤجلاً ) او حالاً ، مادام تسليمه الى المشتري مقدوراً.
    نأتي الى ما نحن فيه وهو بيع المناقصة فنقول :
    اذا كانت المناقصة عبارة عن رغبة المشتري في الحصول على شيء كلي له مواصفاته الخاصة فيكون المناقص بائعاً لهذا الكلي بثمن يعرضه ، فان رست عليه العملية فهو صحيح لصحة بيع الكلي.
    أ ـ فان كان هذا الكلي سلعة مؤجلة الى اجل معين فهو بيع سلم.
     (1) وسائل الشيعة ، ج 12 ، باب 7 من احكام العقود ، ح 1 و ح 3.
(357)
    ب ـ وان كان هذا الكلي سلعة حالّة فهو بيع الكلي الحال.
    ج ـ وان كان هذا الكلي عبارة عن صنع شيء معين الى اجل معين فهو بيع الاستصناع الذي هو قسم من السلم.
    د ـ وان كان هذا الكلي عملاً في المستقبل كالزرع والسقي والضرب في الارض بحصة من الربح فهو مزارعة ومساقاة ومضاربة.
    هـ ـ واذا كان هذا الكلي عملاً له شرائطه كالبناء والخياطة والطباخة بأجرة معينة فهو اجارة ، وهكذا. وعلى هذا تبيّن ان المناقصة التي يدعو لها فرد او جهة معينة لا تتصور في الرغبة في شراء شيء معين خارجي له مالك واحد او متعددون ، بل يتصور هنا المساومة والمراوضة معهم للوصول الى الاتفاق على شيء خاص وهو غير المناقصة.
    إذن تبين أنَّ علاقة الاستصناع بالمناقصة هي علاقة الخاص بالعام ، اذ قد تكون المناقصة استصناعاً وقد لا تكون.

الفرق بين المواعدة والمناقصة :
    بقي أن نعرف الفرق بين المواعدة والمناقصة ، فنقول : اذا كانت المناقصة ( عبارة عن بذل سلعة كلية او عمل كلي بمواصفات معينة بثمن معين ، وهو معنى الايجاب وصاحبها يكون هو البائع ، وارساء المناقصة على أي واحد من المتناقصين هو القبول من قبل المشتري فمعنى ذلك : أن العقد يتم ويكون ملزِماً بهذه الامور التي تكون على صورة الجزم والبت ) (1) فقد اتضح فرقها عن المواعدة التي لا تكون ملزمة للطرفين ، بل يكون صاحباها بالخيار إن شاءا عقدا وإن شاءا تركا ، كما ذكرت ذلك الروايات كصحيحة معاوية بن عمار قال : « قلت للصادق ( عليه السلام )
     (1) وانما يبرم العقد بعد ذلك ، بمعنى كتابته كوثيقة.
(358)
يجيئني الرجل يطلب منّي بيع الحرير وليس عندي منه شيء ، فيقاولني عليه ، واقاوله في الربح والأجل حتى نجتمع على شيء ، ثم اذهب فاشتري له الحرير ، فادعوه اليه ، فقال ( عليه السلام ) أرأيت إن وجد بيعا هو أحبُّ اليه مما عندك أيستطيع أن ينصرف اليه ويدعك ، أو وجدت انت ذلك اتستطيع أن تنصرف اليه وتدعه ؟
    قلت : نعم. قال : فلا بأس » (1).
    والمفهوم من هذه الصحيحة هو أن الرجل الذي طلب الحرير من الآخر لم يحصل بينهما البيع الكلي في الذمة وانما تقاولا ، وبما ان التقاول قد يكون ملزِماً كالعهد ، وقد لا يكون ملزِماً كالوعد ، اراد الامام ( عليه السلام ) أن يُفهمه بأنَّ التقاول غير الملزِم وهو المواعدة او الوعد الذي ليس لها صفة الزام في البيع او الشراء ، بينما الذي له صفة الالزام هو العهد او البيع الكلي ولم يحصل أياً منهما.
    اذن حصل الفرق بين المناقصة والمواعدة بالالزام وعدمه ، فاذا تمت المناقصة مع احد الاطراف فهي اما بيع ، او بيع خاص ( كالسلم ) ، او استصناع ، او اجارة ، او استثمار على احد الطرق المتقدمة وهذا كله يختلف عن المواعدة التي لا تكون ملزِمة وليست هي من العقود.

4 ـ بيع وثائق المناقصة بالتكلفة او بأي ثمن للحصول على ربح
    اقول : إن المناقصات التي هي عبارة عن قائمة احتياجات ( مشاريع او مقاولات ) يحتاجها المعلِن بمواصفات معينة تسدّ حاجته وتشبع رغبته ، تستدعي توظيف بعض الخبرات والاستشارات التي يُنفق عليها المحتاج مقداراً من المال. ثم
     (1) وسائل الشيعة ، ج 12 ، باب 8 من احكام العقود ، ح 7.
(359)
يقوم المحتاج بتزويد المتناقصين بهذه المواصفات والدراسات التي يرغب في تنفيذ احتياجاته على وفقها ، وهذه الدراسات تفيد المناقص اذا رست عليه المناقصة ، اذ ليس عليه بعد ذلك الا التنفيذ. وهنا قد يقوم المشتري على استعادة هذه التكلفة من الرسوم التي يأخذها من المتقدمين للمناقصة ، أو يأخذ اكثر منها للحصول على ربح ، فهل هذا العمل جائز ؟
    اقول : ان هنا معاملتين :
    الاولى : يقوم بها المشتري مع الاخصائيين الذين يتصدون لتهيئة المعلومات الكاملة لكي تعرض للمشتركين في المناقصة مثل تهيئة خريطة المشروع او صفة السلعة او نوع الشركة او شروط الاجارة او الاستصناع وما يتربط بهذه المشروعات من امور ، وهذه المعاملة بين المشتري والمُعدِّين لهذه المعلومات يمكن أن تكون على أساس الجعالة ، كما يمكن أن تكون من قبيل استئجار المتصدِّين لتهيئتها ، وهو عقد صحيح.
    ثم هناك معاملة ثانية : هي بين من استحق هذه المعلومات لصالحه ـ وهو المشتري ـ وبين من يريد ان تعرض تلك المعلومات له ، فهي معاملة ثانية صحيحة سواء كانت بسعر الكلفة او أزيد لدخولها تحت عنوان التجارة عن تراض ، او احلّ الله البيع ، حيث ان هذه المعلومات قد تكون كراساً صغيراً ذا قيمة ومنفعة بذل في اعداده وقتاً وجهداً ومالاً ، فبيعه على من يريد ان يقتنيه للدخول في المناقصة جائز بلا اشكال.
    ولعل هذا من قبيل شراء الجريدة لمن يريد أن يرى اسمه من المقبولين في الجامعة أو من الفائزين في مسابقة أم لا.
    ونحن لا نريد بهذا أن نقول : أن بذل هذا الكراس إلى المتناقصين مجاناً أو بسعر التكلفة لا يجوز ، بل كل أمر من الامور الثلاثة جائز ، والله اعلم ، ولا بأس بالتنبيه على أنَّ بيع دفتر المعلومات الى الداخل في المناقصة صحيح وإن لم يكن فيه


(360)
نفع للمناقص ، فإنَّ البيع الصحيح : هو تمليك عين بمال ، سواء كانت العين فيها نفع للمالك أم لا ، ( مع افتراض أنّها فيها نفع حتى يصح البيع ).

5 ـ طلب المشتري ضماناً بنكياً :
    طلب المشتري ضماناً بنكياً من كل من المشتركين في المناقصة وطلبه تأميناً نقدياً منهم ، فهل يحق اخذه كلياً او جزئياً عند النكول ؟
    ولايضاح الحقيقة في هذا الامر ينبغي لنا أن نتكلم في عدة نقاط :
    الاولى : ما هو الضمان البنكي الذي يطلبه المشتري من كل من المشتركين في المناقصة ؟ وما هو التأمين النقدي منهم ؟
    الثانية : ما هي أقسام هذا الضمان البنكي ؟
    الثالثة :هل يجوزشرعاًللمشتري أن يأخذهذاالضمان مطلقاًعندنكول المقاول ؟
    اما النقطة الاولى : فخلاصة الكلام فيها هو عبارة عن طلب الجهات التي تقوم بالمناقصة من مطالبة : كل مشترك في هذه العملية. وكل من ترسو عليه العملية ويبرم معه العقد ، بتقديم تأمينات نقدية تبلغ نسبة معينة من قيمة العملية ، بشرط ان تصبح هذه التأمينات من حق الجهة التي قامت بالمناقصة في حالة عدم اتخاذ المشترك الاجراءات اللازمة لرسوّ العملية عليه او عدم تنفيذ العقد.
    ولكن بدلاً عن تكليف المشترك بتقديم هذه التأمينات النقدية وتجميدها ، حصل الاتجاه القائل : بأن يتقدم المشترك الى البنك طالباً منه خطاب الضمان (1).
     (1) أقول : إنَّ صورة خطاب الضمان متعددة وهي :
    1 ـ الضمان النقدي ، وقد استبعدنا هذه الصورة لأنها تؤدي الى تجميد النقد.
    2 ـ ضمان بحوالة أو شيك مصرفي ، ويشترط أن يقرض عليه المصرف المسحوب عليه بالقبول. وقد استبعدت هذه الصورة حيث يكون الشرط والحوالة أداة وفاء وليس اداة ائتمان.
    3 ـ ضمان بالاقتطاع من مبالغ مستحقة ( للمناقص الذي تمت المناقصة له ) لدى الداعي الى المناقصة ، وقد استبعدت هذه الصورة لأنها تؤدي الى تجميد النقد من التداول والاستثمار.
    4 ـ ضمان بخطاب ضمان مصرفي يدفع لدى الطلب الى الجهة الداعية الى المناقصة ، دون التفات الى معارضة قد تصدر من صاحب العرض.
    5 ـ ضمان بتعهد من شركة وتأمين واجب الدفع عند أول طلب من الجهة الداعية الى المناقصة دون اعتبار لأيّ معارضة يمكن ان تصدر من صاحب العرض. اما الصور الثلاث الاولى فليس فيها اى مشكلة سوى استبعادها عن مجال الضمان ، أما الصورتان الاخيرتان فهما اللَّتان عليها العمل وقد اخترنا هنا خطاب الضمان المصرفي.