تاريخ مقام الإمام المهدي ( عج ) في الحلة ::: 91 ـ 100
(91)
في الحلة اثرٌ يتجدديتـوارثه أهـل بلاديحتى يرث الارض جميعاًقد شيده من قد سلفوارحم الله الماضي منهموالقادم يتصل بهمقف واخلع نعليك وصلِّواهتف ( يا ابن الحسن المهدي
من آثارِ آلِ محمدابناءً آباءً عن جدالصـالح من آل محمدوبأيدي الابناء تجددوالحاضر يحفظه الاوحـدوسيقـى البنـيان مشيدفي هـذا المحراب الأمجديا غائباً جـُدَداً جَدّدْ )
وتتميماً للفائدة في آخر هذا الباب نذكر ترجمة السيد العلامة الكبير محمد القزويني رَحَمَهُ الله للتبرك بذكره الشريف ، وقد حفلت بترجمته العاطرة كثير من كتب التراجم ، ونحن نختصر ما ورد في ( الكنى و الالقاب ) للشيخ المرحوم عباس القمي رَحَمَهُ الله ، ج 3 ص 51 ، قائلاً : « سلالة الفقهاء وسلافة الادباء ابو المعز السيد محمد ابن السيد مهدي حسن ابن السيد احمد الذي هو أول من انتقل من قزوين الىالعراق وقطن النجف الاشرف ابن الحسين ابن الامير ابي القسم امير الحاج في الدولة الصفوية ينتهي نسبه الى محمد بن زيد الشهيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السّلام ولد في الحلة سنة 1262 هـ وأخذ في التعلم الى أن راهق البلوغ فهاجر هو وأخويه الاعلام وهم الميرزا جعفر والسيد حسين المتوفي سنة 1325 هـ الى النجف مقر العلم والعلماء ومنتدى الادب والادباء فأتقن العلوم العقلية والنقلية على كثير من الاساتذة العظام والفضلاء الفخام وكان بعكس
(92)
أبيه قليل التأليف والتصنيف لا يكاد يرتضي ما صنفه حتى يغيره بعد الملاحظة والمراجعة فظهر له منظومة في المواريث ورسالة في علم التجويد ومنسك في الحج وديوان شعره وله اثار إصلاحية كاصلاح نهر الحلة وتعمير قبور العلماء في الحلة كقبر المحقق وال طاوس وابن ادريس والشيخ ورام وغيرهم ومقام الغيبة وتجديد مقام مشهد الشمس ولما خلت الحلة من أعلام هذه الاسرة واستأصل الموت شأفتهم كتب اليه الحليون وحثوه على المجئ فلبى دعوتهم فهاجر الى الحلة سنة 1313 هـ فاستقبله جمهور هم على مسافة ميلين وكان يوماً مشهوداً كيوم وفاته وأخذت العلماء والشعراء يفدون عليه لتهنئته ، وكان في الحلة الى أن باغتته المنية وأنشبت فيه أظفارها وذلك في أول سنة 1335 ونقل الى النجف الاشرف ودفن في مقبرة ال قزوين قدِّس سِرُّه ).
(93)
الباب السادس
في ذكر الساحة الأصلية للمقام
وتاريخ الجامع الكبير المجاور للمقام
(94)
(95)
هذا الباب من أبواب كتابنا يتضمن فوائد مهمة تتعلق بأمور تأريخية كادت أن تنسج عليها عناكب النسيان وكشف حقائق حاولت طمسها والتضبيب عليها أيد ي العبث والتمويه ، ولتسليط الضوء على هذه الامور لا بدّ من جمع حقائق تحص مساحة المقام الاصلية التي صارت تتضائل جيلاً بعد جيل ، فالمساحة الكلية للمقام اليوم هي نحو 35 متراً مربعاً ، ولقد علمت أنه في سنة ( 1422 هـ / 2001 م ) أرادوا هدم المقام بحجة جعله بيتاً خاصاً لأمام وخطيب أهل السنة في جامع الحلة الكبير المجاور للمقام ، لكن أبى الله إلاّ أن يتم نوره ، حيث أن النقول التاريخية المبثوثة في المصادر المعتبرة تثبت سعة مساحة المقام الشريف كما يظهر ذلك مما جمعناه من شوارد متناثرة وموارد مشتتة في بطون الكتب وطيات الآثار وقد استعنا الله تعالى في جمعها وتصنيفها أولاً فأولاً ودونك التفصيل :
مقامات الائمة عليهم السَّلام ومشاهدهم على كثرتها في العراق لم نرها خالية من المنارة وهذا مما يدل على أن الجامع الذي يختوي على المنارة وهو بدون قبة والمقام الذي يحتوى على القبة وبدون منارة مكان واحد.
ج ـ
أن جامع الحلة الكبير يحتوي على المنارة فقط دون القبة والحال ان المساجد الاسلامية على كثرتها في العالم الاسلامي صغيرها وكبيرها تحتوي على منارة وقبة وهذا يدل على أن الجامع الذي يحتوي على منارة بدون قبة والمقام الذي يحتوي على قبة بدون منارة مكان واحد وخصوصاً إذا ما عرفنا أن الكتابة التي كانت على المنارة ( أي حولها من الاعلى ) كانت تحتوي على لفظ الجلالة واسم الرسول وأهل بيته الاثني عشر صلوات الله عليهم أجمعين ، وفي عام ( 1395 هـ / 1975 م ) هدمت تلك المنارة وكتابتها ضاعت علينا وجعل بدلها منارة جديدة وكتب عليها سورة الاخلاص لتغيير تلك المعالم والخصائص التاريخية.
حدثني بذلك أقدم موظف في دائرة الوقف الشيعي ( وقد رغب بعدم ذكر اسمه ) وكان مشرفاً على بناء بلك المنارة الجديدة وذكر لي انه رأى تلك الكتابة القديمة التي على المنارة السابقة الذكر ، وكان باني المنارة الجديدة من أهالي الديوانية وكان القاشي المكتوب عليه أسماء الاثني عشر عليهما السَّم محفوظاً لمدة في دائرة الاوقاف ، وطلبت منه تصويره فوتوغرافيا فقال لا أعلم أين هو الآن ، وكذلك سألنا الوجيه الشاعر عبد الامير محمود الجبوري صاحب كتاب ( صرخة الثقلين ) في مدح ورثاء أهل البيت عليهم السلام وهو رجل كبير السن ، انه هل رأى تلك الكتابة ؟ قال : نعم ، وسألنا الوجيه أمجد هلال
مبارك وهو من مواليد 1935 م ومحله قريب من الجامع الكبير
، فقال انا رأيت بلك المنارة وما هو مكتوب عليها سابقا ، وانها هدّمت في سنة 1975 م وبني على أسها منارة جديدة وذلك لتغيير معالم ذلك الجامع ، منكراً ما قاله لي موظف من دائرة الوقف الشيعي بأن المنارة القديمة كانت آيلة للسقوط ، فقال الحاج أمجد انه لم تكن آيلة للسقوط ، ووانها هدمت بسبب ما علنها من الاسماء الطاهرة ، كما ذكر لي هذا الرجل أن مقام الغيبة كان في وسط الجامع الكبير ويقرب المنارة التي في الجامع ولكثرة زائري المقام من الرجال والنساء وبغية عدم اختلاطهم جعل مقام رمزي الأمام عليه السلام خاص بالنساء في جنوب الجامع ومن ثم اخبزل هذا المقام الذي كان خاصا بالنساء واغتصب المقام الاصلي الذي هو في الجامع من قبل الدولة العثمانية ، ثم قال هذا ما سمعته من والدي هلال عبود وهو من مـواليد 1898 م ومن أهل السوق القدماء.
أقول :
وهذا لا يبعد مما عرفناه من أفعال الدولة العثمانية وما نثبته تأريخيا بعد هذه الاسطر كاف ، وكان سبب تدويني لأقوال هذا الرجل ، لقربه من الجامع ، ولكبر سنة ، ولعلاقة أجداده بتاريخ هذا الجامع كما ستعرف ، كما ذكر لي السيد حيدر آل وتوت صاحب كتاب المزارات ومراقد العلماء في الحلة الفيحاء ) إن رجلاً من آل القيم وهم من سدنة المقام لقرون رأى بلك الكتابة ، ومما يؤيد هذا الكلام قرب المسافة بين المنارة والقبة ، وهذا ما تراه في الصورة الفوتغرافية التي نوردها في آخر الكتاب ، إذ المسافة بينهما تبعد نحو 25 متراً.
حـ ـ
ما ذكره الشيخ محمد علي اليعقوبي رَحَمَهُ الله في كتابه ( البابليات ) ج 2 ص 105 في ترجمة الملا محمد القيم قال : ( ابو الحسن محمد بن يوسف بن يوسف ين ابراهيم بن اسماعيل بن سلمان بن عبد المهدي ، وكان جده هذا سادناً وقيماً على مقام الامام المهدي عليه السلام الواقع في سوق الهرج في الحلة المسمى بالغيبة وهو المقام الذي ذكره ابن بطوطة في رحلته وابن خلدون في مقدمته ، وكان السادن المذكور يتولى أيضاً اوقاف الجامع الكبير الذي يجاوره مقام الغيبة جنوبا وذلك قبل أربعة قرون تقريبا ، كما بحكيه الصكوك والوثائق التي بأيدي هذه الاسرة من الحكومتين الصفوية والعثمانية ، ومن ثم عرفوا بآل ( القيم ) وهم حتى اليوم يستغلون ثمرة بلك الاوقاف الواقعة شمالي الحلة في الزاضع المعروف بـ [ الزوير ].
أقول :
إن هذا الكلام يدل على أن أوقاف الجامع والمقام وهي الواقعة في الموضع المفروف بـ ( الزوير ) كانت واحدة ، كما إن الرجل المتولي عليها واحد ، وهذا مما يؤيد أن المكان ( أي المقام والجامع ) كان واحدا.
ز ـ
قول الرحالة ابن بطوطة في أثناء زيارته الاولى للحلة في سنة 725 هـ « و بمقربة من السوق الاعظم مسجد على بابه ستر حرير مسدول وهم يسمونه مشهد صاحب الزمان ، ومن عادتهم أن يخرج في كل ليلة مائة رجل من أهل المدينة ، عليهم السلاح وبأيديهم سيوف مشهورة فيأتون أمير المدينة بعد صلاة العصر فيأخذون منه فرساً ملجماً أو بغلة ، كذلك ويضربون الطبول والانفار والبوقات أمام بلك الدابة تتقدمها خمسون منه ويتبعها مثلهم ويمشي
(99)
آخـرون عن يمينها وشمالها ويأتون مشهد صـاحب الـزمان فيقفون بالباب ... ».
(1)
وقوله في زيارته الثانية : « ثم الى الحلة حيث مشهد صاحب الزمان واتفق في بعض تلك الايام أن وليها بعض الامراء فمنع أهلها من التوجه على عادتهم الى مسجد صاحب الزمان ... ».
(2)
فلنستخرج من كلامه ما يهمنا :
1 ـ
قوله عن موضع المقام ( وبمقربة من السوق الاعظم مسجد على بابه حرير مسدول وهم يسمونه مشهد صاحب الزمان ) أنظر قوله من السوق الاعظم ، ولم يقل أن موضعه خارج السوق ، كما هو الآن ، وخصوصا إذا ما عرفنا أن السوق كان أضيق من الآن بكثير فلقد وسِّع مرتين مرة في أواخر العهد العثمانـي ( في عهد الوالي عمر باشا ) وفي عهد الستينات الميلادية من عصرنا هذا.
2 ـ
وصف المقام ومساحته : مرةً ذكره بأنه مسجد صاحب الزمان ومرةً مشهد صاحب الزمان وأنه من السوق وأنه يسع لنحو مئة رجل ، فهذا الوصف الذي قال عنه ابن بطوطة لا يشبه وصف المقام الحالي وذلك لمساحته الصغيرة التي لا تزيد على 39 متراً مربعاً ، فأن المقام الآن لا يسع لعشرين رجلاً ، ثم لو أن المقام على موضعه الحالي في ظهر السوق ومساحته الصغيرة لو كان هكذا في عصر ابن بطوطة لما التفت اليه ابن بطوطة ولما نوه عنه أصلا لما عرفت من تعصبه
1 ـ أنظر : رحلة ابن بطوطة ص 139.
2 ـ أنظر : المصدر السابق ص 174.
(100)
لأهل السنة ولو كان الجامع الذي بظهر المقام وهـو لأهل السنة الآن موجوداً في عصر ابن بطوطة لأشاد به وتبجح بذكره أي تبجح.
ط ـ موضع الشباك الحالي في داخل المقام :
دأب الشيعة أن يضعوا في مقامات أئمتهم ( شباكاً ) أو نحو ذلك وعلى جهة القبلة فهذا مسجد السهلة ومقاماته وكذلك مسجد الكوفة ومقاماته وغيرها من المقامات المشهورة عند الشيعة ، لكن ما نراه الآن أن شباك هذا المقام يقع في ظهر القبلة بالنسبة للسصلي في داخل المقام وهذا يخالف القاعدة ومما يؤيد قول الشيخ محمد بن قارون في حكاية أبي راجح الحمامي التي أوردناها في الباب الثالث ( كان حاكم الحلة المسمى مرجان الصغير كلما يدخل هذا المقام يعطي ظهره القبلة الشريفة إذا جلس فيه وعندما شاهد فضية أبو راجح الحمامي ، تغيرت عقيدته ، وصار يستقبل القبلة إذا جلس فيه ) أنتهى.
والحال أن في الوقت الحالي جميع الداخلين للمقام حالهم كحال هذا الحاكم في جلوسه الأول ، لأن القبلة الشريفة كناية عن هذا الشباك الموضوع في جهة القبلة.
ظ ـ
قول الراوي في حكاية ابن الخطيب ، التي أوردناها في الباب الثالث ( وبتنَ بأجمعهنّ بباب القبة ) أي مجموعة النساء اللواتي كنّ يرافقن أم عثمان ، والحال أن من يبيت الآن بباب القبة ينام في وسط السوق لضيق المحل.
م ـ
قول الشسخ الزهدري في حكايته الواردة في الباب الثالث من كتابنا هـذا ( وانطبق عليّ الناس حتى كادوا أن يقتلونني ، وأخذوا ما كان عليّ من