وقال الزبرقان بن عبد الله السكوني :
| معاوي أخدجت الخلافــــة بالتــي | * | شرطت فقد بوالـــك الملـــــك |
| مالك ببيعة فصل ليس فيهـــا غميزة | * | ألا كل ملك ضمــــه الشـرط هالك |
| وكان كبيــت العنكبــوت مذبذبــا | * | فأصبح محجوبــا عليـــه الأرائك |
| وأصبح لا يرجــــوه راج لعلــة | * | ولا تنتحي فيـــه الرجال الصعالـك |
| وما خير ملك يا معــاوي مخــدج | * | تجرع فيه الغيظ والوجـــه حالــك |
| إذا شاء ردته السكـــون وحميــر | * | وهمدان والحي الخفــاف السكاسـك |
نصر : صالح بن صدقة ، عن ابن إسحاق ، عن خالد الخزاعي وغيره عمن لا يتهم (1) ، أن عثمان لما قتل وأتى معاوية كتاب علي بعزله عن الشام خرج حتى صعد المنبر ثم نادى في الناس أن يحضروا ، فحضروا المسجد فخطب الناس معاوية فحمد الله وأثنى عليه وصلى على نبيه صلى الله عليه وسلم ثم قال :
« يا أهل الشام ، قد علمتم أني خليفة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ، وخليفة عثمان وقتل مظلوما ، وقد تعلمون أني وليه (2) ، والله يقول في كتابه : ( ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا ) : وأنا أحب أن تعلموني ما في أنفسكم من قتل عثمان » .
قال : فقام كعب بن مرة السلمي وفي المسجد يومئذ أربعمائة رجل
« والله لقد قمت مقامي هذا وإني لأعلم أن فيكم من هو أقدم صحبة لرسول الله صلى الله عليه وآله مني ، ولكني قد شهدت من رسول الله مشهدا لعل كثيرا منكم لم يشهده . وإنا كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نصف النهار في يوم شديد الحر فقال : « لتكونن فتنة حاضرة » . فمر رجل مقنع فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هذا المقنع يومئذ على الهدى قال : فقمت فأخذت بمنكبيه (1) وحسرت عن رأسه فإذا عثمان ، فأقبلت بوجهه إلى رسول الله فقلت : هذا يارسول الله ؟ قال : « نعم » .
فأصفق أهل الشام على معاوية ، وبايعوه على الطلب بدم عثمان أميرا لا يطمع في الخلافة ، ثم الأمر شورى .
وفي حديث محمد بن عبيد الله عن الجرجاني قال :
لما قدم عبيد الله بن عمر بن الخطاب على معاوية بالشام ، أرسل معاوية إلى عمرو بن العاص فقال :
« يا عمرو ، إن الله قد أحيا لك عمر بن الخطاب بالشام بقدوم عبيد الله ابن عمر ، وقد رأيت أن أقيمه خطيبا فيشهد على علي بقتل عثمان ، وينال منه » . فقال : الرأي ما رأيت . فبعث إليه فأتى ، فقال له معاوية : يا ابن أخي ، إن لك اسم أبيك ، فانظر بملء عينيك ، وتكلم بكل فيك (2) فأنت المأمون المصدق ! فا [ صعد المنبر ، وا ] شتم عليا واشهد عليه أنه قتل عثمان . فقال : يا أمير المؤمنين (3) أما شتميه فإنه علي بن أبي طالب ، وأمه فاطمة بنت أسد بن
فلما خرج عبيد الله قال معاوية : أما والله لولا قتله الهرمزان ، ومخافة علي على نفسه (2) ما أتانا أبدا . ألم تر إلى تقريظه عليا ؟ ! فقال عمرو : « يا معاوية ، إن لم تغلب فاخلب " . فخرج حديث إلى عبيد الله ، فلما قام خطيبا تكلم بحاجته ، حتى إذا أتى إلى أمر علي أمسك [ ولم يقل شيئا ] ، فقال له معاوية (3) : ابن أخي (4) ، إنك بين عي أو خيانة ! فبعث إليه : » كرهت أن أقطع الشهادة على رجل لم يقتل عثمان ، وعرفت أن الناس محتملوها عني [ فتركتها ] « . فهجره معاوية ، واستخف بحقه ، وفسقه فقال عبيد الله :
| وقذفي عليا بابن عفـــان جهــرة | * | يجدع بالشحنـــا أنوف الأقــارب (1) |
| فأما انتقافي أشهد اليــوم وثبـــة | * | فلست لكم فيها ابن حـرب بصاحـب (2) |
| ولكنه قــد قرب القــوم جهــده | * | ودبوا حواليه دبيـــب العقــارب (3) |
| فما قال أحسنتم ولا قـــد أسأتــم | * | وأطرق إطراق الشجــــاع المواثب |
| فأما ابن عفان فأشهــــد أنـــه | * | أصيـــب بريئا لابسا ثــوب تائب |
| حرام على آهالــه نتــف شعـره | * | فكيف وقــد جازوه ضربــة لازب (4) |
| وقد كان فيها للزبيـــر عجاجــة | * | وطلحة فيهـــا جاهد غيــر لاعب |
| وقد أظهرا من بعــد ذلــك توبــة | * | فياليت شعري مـــا هما في العواقـب |
فلما بلغ معاوية شعره بعث إليه فأرضاه وقربه وقال : « حسبي هذا منك » .
نصر ، عن عمر بن سعد عن أبي ورق ، أن ابن عمر بن مسلمة الأرحبي أعطاه كتابا في إمارة الحجاج بكتاب من معاوية إلى علي . قال : وإن أبا مسلم الخولاني (1) قدم إلى معاوية في أناس من قراء أهل الشام ، [ قبل مسير أمير المؤمنين عليه السلام إلى صفين ، ] فقالوا [ له ] : يا معاوية علام تقاتل عليا ، وليس لك مثل صحبته ولا هجرته ولا قرابته ولا سابقته ؟ قال لهم : ما أقاتل عليا وأنا أدعى أن لي في الإسلام مثل صحبته ولا هجرته ولا قرابته ولا سابقته ، ولكن خبروني عنكم ، ألستم تعلمون أن عثمان قتل مظلوما ؟ قالوا : بلى . قال : فليدع إلينا (2) قتلته فنقتلهم به ، ولا قتال بيننا وبينه . قالوا : فاكتب [ إليه ] كتابا يأتيه [ به ] بعضنا . فكتب إلى علي هذا الكتاب مع أبي مسلم الخولاني ، فقدم به على علي ، ثم قام أبو مسلم خطيبا فحمد الله وأثنى عليه ثم قال :
« أما بعد فإنك قد قمت بأمر وتوليته (3) ، والله ما أحب أنه لغيرك إن أعطيت الحق من نفسك ، إن عثمان قتل مسلما محرما (4) مظلوما ، فادفع
فقال له على : اغد على غدا ، فخذ جواب كتابك . فانصرف ثم رجع من الغد ليأخذ جواب كتابه فوجد الناس قد بلغهم الذي جاء فيه ، فلبست الشيعة أسلحتها ثم غدوا فملؤوا المسجد وأخذوا ينادون : كلنا قتل ابن عفان [ وأكثروا من النداء بذلك ] ، وأذن لأبي مسلم فدخل على علي أمير المؤمنين فدفع إليه جواب كتابه معاوية ، فقال له أبو مسلم : قد رأيت قوما ما لك معهم أمر . قال : وما ذاك ؟ قال : بلغ القوم أنك تريد أن تدفع إلينا قتلة عثمان فضجوا واجتمعوا ولبسوا السلاح وزعموا أنهم كلهم قتلة عثمان . فقال علي : « والله ما أردت أن أدفعهم إليك طرفة عين ، لقد ضربت هذا الأمر أنفه وعينيه ما رأيته ينبغي لي أن أدفعهم إليك ولا إلى غيرك » .
فخرج بالكتاب وهو يقول : الآن طاب الضراب .
وكان كتاب معاوية إلى علي عليه السلام (1) :
بسم الله الرحمن الرحيم
من معاوية بن أبي سفيان إلى علي بن أبي طالب . سلام عليك ، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو . أما بعد فإن الله اصطفى محمدا بعلمه ، وجعله الأمين على وحيه ، والرسول إلى خلقه ، واجتبى له من المسلمين أعوانا أيده الله بهم ،
فكتب إليه علي عليه السلام :
بسم الله الرحمن الرحيم
من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى معاوية بن أبي سفيان . أما بعد فإن أخا خولان قدم على بكتاب منك تذكر فيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، وما أنعم الله عليه به من الهدى والوحي . والحمد لله الذي صدقه الوعد ، وتمم له النصر (1) ، ومكن له في البلاد ، وأظهره على أهل العداء (2) والشنآن ، من قومه الذين وثبوا به ، وشنفوا له (3) ، وأظهروا له التكذيب ، وبارزوه بالعداوة ، وظاهروا على إخراجه وعلى إخراج أصحابه [ وأهله ] ، وألبوا عليه العرب ، وجامعوهم على حربه ، وجهدوا في أمره كل الجهد ، وقلبوا له الأمور حتى ظهر أمر الله وهم كارهون . وكان أشد الناس عليه ألبة (4) أسرته والأدنى فالأدنى من قومه إلا من عصمه الله (5) يا ابن هند . فلقد خبأ لنا الدهر منك عجبا ، ولقد قدمت فأفحشت ، إذ طفقت تخبرنا عن بلاء الله تعالى في نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وفينا ، فكنت في ذلك كجالب التمر إلى هجر ، أو كداعي مسدده إلى النضال (6) . وذكرت أن الله اجتبى له من المسلمين أعوانا أيده الله بهم ، فكانوا في منازلهم عنده عل قدر فضائلهم في الإسلام ،
نصر بن مزاحم ، عن عمر بن سعد ، عن إسماعيل بن يزيد ، والحارث بن حصيرة ، عن عبد الرحمن بن عبيد بن أبي الكنود قال :
لما أراد علي المسير إلى أهل الشام دعا إليه من كان معه من المهاجرين والأنصار ، فحمد الله وأثنى عليه وقال : « أما بعد فإنكم ميامين الرأي ، مراجيح الحلم ، مقاويل بالحق ، مباركو الفعل والأمر . وقد أردنا المسير إلى عدونا ، وعدوكم فأشيروا علينا برأيكم » .
فقام هاشم بن عتبة بن أبي وقاص ، فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال : « أما بعد يا أمير المؤمنين فأنا بالقوم جد خبير ، هم لك ولأشياعك أعداء ، وهم لمن يطلب حرث الدنيا أولياء ، وهم مقاتلوك ومجاهدوك (1) لا يبقون (2) جهدا ، مشاحة على الدنيا ، وضنا بما في أيديهم منها . وليس لهم إربة غيرها إلا ما يخدعون به الجهال من الطلب بدم عثمان بن عفان (3) . كذبوا ليسوا بدمه يثأرون (4) ولكن الدنيا يطلبون . فسر بنا إليهم (5) ، فإن أجابوا إلى الحق فليس بعد الحق إلا الضلال . وإن أبو إلا الشقاق فذلك الظن بهم (6) . والله ما أراهم يبايعون وفيهم أحد ممن يطاع إذا نهى ، و [ لا ] يسمع إذا أمر » .
نصر : عمر بن سعد ، عن الحارث بن حصيرة ، عن عبد الرحمن بن عبيد ابن أبي الكنود ، أن عمار بن ياسر قام فذكر الله بما هو أهله ، وحمده وقال : يا أمير المؤمنين ، إن استطعت ألا تقيم يوما واحدا فا [ فعل . ا ] شخص بنا
وفي هذا الحديث : ثم قام قيس بن سعد بن عبادة فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : " يا أمير المؤمنين ، انكمش بنا إلى عدونا ولا تعرد (1) ، فوالله لجهادهم أحب إلى من جهاد الترك والروم ؛ لإدهانهم في دين الله (2 ) ، واستذلالهم أولياء الله من أصحاب محمد صلى الله عليه وآله ، من المهاجرين والأنصار والتابعين بإحسان . إذا غضبوا على رجل حبسوه أو ضربوه أو حرموه أو سيروه (3) . وفيئنا لهم في أنفسهم حلال ، ونحن لهم ـ فيما يزعمون ـ قطعين (4) . قال : يعني رقيق .
فقال أشياخ الأنصار ، منهم خزيمة بن ثابت ، وأبو أيوب الأنصاري وغيرهما : لم تقدمت أشياخ قومك وبدأتهم يا قيس بالكلام ؟ فقال : أما إني عارف بفضلكم ، معظم لشأنكم ، ولكني وجدت في نفسي الضغن الذي جاش في صدوركم حين ذكرت الأحزاب .
فقال بعضهم لبعض : ليقم رجل منكم فليجب أمير المؤمنين عن جماعتكم . فقالوا : قم يا سهل بن حنيف . فقام سهل فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : « يا أمير المؤمنين ، نحن سلم لمن سالمت ، وحرب لمن حاربت ، ورأينا رأيك ونحن كف يمينك . وقد رأينا أن تقوم بهذا الأمر في أهل الكوفة ، فتأمرهم بالشخوص ، وتخبرهم بما صنع الله لهم في ذلك من الفضل ؛ فإنهم هم أهل البلد
نصر : عمر بن سعد ، عن أبي مخنف ، عن زكريا بن الحارث ، عن أبي حشيش (1) ، عن معبد قال : قام علي خطيبا على منبره ، فكنت تحت المنبر حين حرض الناس وأمرهم بالمسير إلى صفين لقتال أهل الشام . فبدأ فحمد الله وأثنى عليه ثم قال :
« سيروا إلى أعداء [ الله . سيروا إلى أعداء ] السنن والقرآن ، سيروا إلى بقية الأحزاب ، قتلة المهاجرين والأنصار » .
فقام رجل من بني فزارة يقال له أربد فقال : أتريد أن تسيرنا إلى إخواننا من أهل الشام فنقتلهم لك ، كما سرت بنا إلى إخواننا من أهل البصرة فقتلناهم . كلا ، ها الله إذا لا نفعل ذلك (2) . فقام الأشتر فقال : من لهذا إيها الناس (3) ؟ وهرب الفزاري واشتد الناس على أثره ، فلحق بمكان من السوق تباع فيه البراذين ، فوطئوه بأرجلهم وضربوه بأيديهم ونعال سيوفهم (4) حتى قتل ، فأتى علي فقيل : يا أمير المؤمنين ، قتل الرجل . قال : ومن قتله ؟ قالوا : قتلته همدان وفيهم شوبة من الناس (5) . فقال : قتيل عمية لا يدري
قال : وقام الأشتر فحمد الله وأثنى عليه فقال : « يا أمير المؤمنين ، لا يهدنك ما رأيت ، ولا يؤيسنك من نصرنا ما سمعت من مقالة هذا الشقي الخائن . جميع من ترى من الناس شيعتك ، وليسوا يرغبون بأنفسهم عن نفسك ، ولا يحبون بقاء بعدك . فإن شئت فسر بنا إلى عدوك . والله ما ينجو من الموت من خافه ، ولا يعطى البقاء من أحبه ، وما يعيش بالآمال إلا شقى . وإنا لعلى بينة من ربنا أن نفسا لن تموت حتى يأتي أجلها ، فكيف لا نقاتل قوما هم كما وصف أمير المؤمنين ، وقد وثبت عصابة منهم على طائفة من المسلمين [ بالأمس ] فأسخطوا الله ، وأظلمت بأعمالهم الأرض ، وباعوا خلاقهم (3) بعرض من الدنيا يسير » .
فقال علي عليه السلام : « الطريق مشترك ، والناس في الحق سواء ، ومن اجتهد رأيه في نصيحة العامة فله ما نوى وقد قضى ما عليه » . ثم نزل فدخل منزله .
نصر : عمر بن سعد قال : حدثني أبو زهير العبسي ، عن النضر بن صالح ، أن عبد الله بن المعتم العبسي ، وحنظلة بن الربيع التميمي ، لما أمر علي عليه السلام الناس بالمسير إلى الشام ، دخلا في رجال كثير من غطفان وبني تميم على
وقام ابن المعتم فتكلم ، وتكلم القوم الذين دخلوا معهما بمثل ما تكلم به ، فحمد على الله وأثنى عليه ، وقال :
" أما بعد فإن الله وارث العباد والبلاد ، ورب السموات السبع والأرضين السبع ، وإليه ترجعون . يؤتي الملك من يشاء وينزعه ممن يشاء ، ويعز من يشاء ويذل من يشاء . أما الدبرة فإنها على [ الضالين ] العاصين ، ظفروا أو ظفر بهم . وايم الله إني لأسمع كلام قوم ما أراهم يريدون أن يعرفوا معروفا ، ولا ينكروا منكرا " .
فقام إليه معقل بن قيس اليربوعي ثم الرياحي فقال :
" يا أمير المؤمنين ، إن هؤلاء والله ما أتوك بنصح ، ولا دخلوا عليك إلا بغش ، فاحذرهم فإنهم أدنى العدو " .
فقال له مالك بن حبيب : يا أمير المؤمنين ، إنه بلغني أن حنظلة هذا يكاتب معاوية ، فادفعه إلينا نحبسه حتى تنقضي غزاتك ثم تنصرف .
وقام إلى علي عياش بن ربيعة ، وقائد بن بكير العبسيان ، فقالا : يا أمير المؤمنين ، إن صاحبنا عبد الله بن المعتم قد بلغنا أنه يكاتب معاوية ، فأحبسه أو أمكنا منه نحبسه حتى تنقضي غزاتك وتنصرف . فأخذا يقولان : هذا جزاء من نظر لكم (1) وأشار عليكم بالرأي فيما بينكم وبين عدوكم . فقال
قال : فلما هرب حنظلة أمر علي بداره فهدمت ، هدمها عريفهم بكر بن تميم ، وشبث بن ربعي ، فقال في ذلك :
| أيا راكبا إما عرضــت فبلغـــن | * | مغلغلة عني سراة بنــي عمــرو |
| فأوصيكم بالله والبــر والتقـــي | * | ولا تنظروا في النائبات إلى بكــر |
| ولا شبث ذي المنخريـن كأنـــه | * | أزب جمال في ملاحيــــة صفر (1) |
وقال أيضا يحرض معاوية بن أبي سفيان :
| أبلغ معاوية بن حــرب خطــة | * | ولكل سائلة تسيــل قــــرار |
| انقبلن دنيـــــة تعطونهـــا | * | في الأمر حتـــى تقتل الأنصار |
| وكما تبوء دماؤهــم بدمائكــم | * | وكما تهدم بالديــــار ديــار (2) |
| وترى نساؤهم يجلــن حواسـرا | * | ولهن من علق الدمــاء خـوار (3) |
نصر : عمر بن سعد ، عن سعد بن طريف ، عن أبي المجاهد ، عن المحل ابن خليفة قال : قام عدي بن حاتم الطائي [ بين يدي علي عليه السلام ] فحمد الله بما هو أهله وأثنى عليه ثم قال : « يا أمير المؤمنين ، ما قلت إلا بعلم ، ولا دعوت إلا إلى حق ، ولا أمرت إلا برشد . فإن رأيت (4) أن تستأني هؤلاء القوم وتستديمهم حتى تأتيهم كتبك ، ويقدم عليهم ررسلك ـ فعلت .
فقام زيد بن حصين الطائي ـ وكان من أصحاب البرانس (5) المجتهدين فقال : الحمد لله حتى يرضى ، ولا إله إلا الله ربنا ، ومحمد رسول الله نبينا . إما بعد فوالله لئن كنا في شك من قتال من خالفنا ، لا يصلح لنا النية في قتالهم حتى نستديمهم ونستأنيهم . ما الأعمال إلا في تباب ، ولا السعي إلا في ضلال . والله يقول : ( وأما بنعمة ربك فحدث ) . إنا والله ما ارتبنا طرفة عين فيمن يبتغون دمه (6) ، فكيف بأتباعه القاسية قلوبهم ، القليل في الإسلام حظهم ، أعوان الظلم ومسددي أساس الجور والعدوان (7) . ليسوا من المهاجرين ولا الأنصار ، ولا التابعين بإحسان .
فقام رجل من طيئ فقال : يا زيد بن حصين ، أكلام سيدنا عدي بن حاتم تهجن ؟ قال : فقال زيد : ما أنتم بأعرف بحق عدي مني ، ولكني لا أدع القول بالحق وإن سخط الناس . قال : فقال عدي بن حاتم : الطريق مشترك ، والناس في الحق سواء . فمن اجتهد رأيه في نصيحة العامة فقد قضى الذي عليه (1) .
نصر : عمر بن سعد ، عن الحارث بن حصيرة (2) قال : دخل أبو زبيب (3) بن عوف على علي فقال : « يا أمير المؤمنين ، لئن كنا على الحق لأنت أهدانا سبيلا ، وأعظمنا في الخير نصيبا ، ولئن كنا في ضلالة إنك لأثقلنا ظهرا وأعظمنا وزرا : أمرتنا بالمسير إلى هذا العدو وقد قطعنا ما بيننا وبينهم من الولاية ، وأظهرنا لهم العداوة ، نريد بذلك ما يعلم الله [ من طاعتك ] ، وفي أنفسنا من ذلك ما فيها . أليس الذي نحن عليه الحق المبين ، والذي عليه عدونا الغي والحوب الكبير ؟ » .
فقال علي : « [ بلى ] ، شهدت أنك إن مضيت معنا ناصرا لدعوتنا ، صحيح النية في نصرتنا ، قد قطعت منهم الولاية ، وأظهرت لهم العداوة كما زعمت ، فإنك ولي الله تسيح (4) في رضوانه ، وتركض في طاعته : فأبشر أبا زبيب » .
( 4 ) ح : « تسبح » من السباحة .
![]() |
![]() |