الكرابيس (1) وجلس تحتها ، وزحف عبد الله بن بديل في الميمنة نحو حبيب بن مسلمة [ وهو على ميسرة أهل الشام ] ، فلم يزل يحوزه (2) ، ويكشف خيله من الميسرة حتى اضطرهم إلى قبة معاوية عند الظهر .
نصر ، عن عمر ، عن مالك بن أعين ، عن زيد بن وهب ، أن عبد الله بن بديل قام في أصحابه فقال : إن معاوية ادعى ما ليس له ، ونازع الأمر أهله ومن ليس مثله ، وجادل بالباطل ليدحض به الحق ، وصال عليكم بالأعراب والأحزاب ، وزين لهم الضلالة (3) ، وزرع في قلوبهم حب الفتنة ، ولبس عليهم الأمر ، وزادهم رجسا إلى رجسهم ، وأنتم والله على نور من ربكم وبرهان مبين . قاتلوا الطغام الجفاة ولا تخشوهم . وكيف تخشونهم وفي أيديكم كتاب من ربكم ظاهر مبروز (4) ؟ ! ( أتخشونهم فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين . قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين ) . وقد قاتلتهم مع النبي صلى الله عليه (5) والله ما هم في هذه بأزكى ولا أتقى ولا أبر . قوموا إلى عدو الله وعدوكم (6) .
____________
( 1 ) الكرابيس : ضرب من الثياب ، فارسي معرب .
( 2 ) حازهم يحوزهم : نحاهم فانحازوا ، أي تركوا مركزهم ومعركه قتالهم ، والحوزاء : الحرب تحوز القوم . في الأصل : « يجوره » . وفي ح ( 1 : 483 ) : « يجوزه » ، صوابه بالحاء والزاي . وقد جاءت على هذا الصواب الذي أثبت ، في الطبري ( 6 : 9 ) .
( 3 ) في الأصل : « الضلال » وأثبت ما في ح والطبري .
( 4 ) المبروز : الظاهر المنشور . انظر اللسان « برز » . وفي الأصل : « مبرور » . وفي الطبري : « طاهرا مبرورا » ح : « ظاهر مبين » . وبعد هذه الكلمة في الأصل وح لفظة : « قوله » وليست في الطبري .
( 5 ) الطبري : « وقد قاتلناهم مع النبي صلى الله عليه وسلم مرة ، وهذه ثانية » .
( 6 ) الطبري : « قوموا إلى عدوكم بارك الله عليكم » .

( 235 )

نصر ، قال : قال عمر بن سعد ، عن عبد الرحيم بن عبد الرحمن (1) ، عن أبيه (2) أن عليا أمير المؤمنين حرض الناس فقال : إن الله عز وجل قد دلكم على تجارة تنجيكم من العذاب ، وتشفي بكم على الخير (3) إيمان بالله ورسوله ، وجهاد في سبيله ؛ وجعل ثوابه مغفرة الذنوب ، ومساكن طيبة في جنات عدن ، ورضوان من الله أكبر (4) ، فأخبركم بالذي يحب فقال : ( إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص ) . فسووا صفوفكم كالبنيان المرصوص ، وقدموا الدارع ، وأخروا الحاسر ، وعضوا على الأضراس ؛ فإنه أنبى للسيوف عن الهام (5) ، وأربط للجأش ، وأسكن للقلوب . وأميتوا الأصوات ؛ فإنه أطرد للفشل ، وأولى بالوقار . والتووا في أطراف الرماح ؛ فإنه أمور للأسنة (6) . وراياتكم فلا تميلوها ولا تزيلوها ، ولا تجعلوها إلا في أيدي شجعانكم المانعي الذمار ، والصبر عند نزول الحقائق ، أهل الحفاظ ، الذين يحفون براياتكم ويكتنفونها ، يضربون خلفها وأمامها ، ولا تضيعوها (7) أجزأ كل امرئ منكم ـ رحمه الله ـ [ وقذ (8) ] قرنه ، وواسى أخاه بنفسه ، ولم يكل قرنه إلى أخيه ، فيجتمع عليه قرنه وقرن أخيه ، فيكتسب بذلك لأئمة ، ويأتي به دناءة . وأني هذا ، وكيف يكون هكذا ؟ ! هذا يقاتل اثنين
____________
( 1 ) هو عبد الرحيم بن عبد الرحمن بن محمد المحاربي أبو زياد الكوفي توفى سنة 111 . انظر تهذيب التهذيب .
( 2 ) أبوه هو عبد الرحمن بن محمد بن زياد المحاربي أبو محمد الكوفي ، توفى سنه 95 . وفي ح : « عن أبي عمرو عن أبيه » .
( 3 ) أشفي على الشيء : أشرف . وفي الحديث : « فأشفوا على المرج » .
( 4 ) كذا في الأصل وح . ورفعه على الاستئناف . وهذه الجملة لم ترد في الطبري .
( 5 ) أنبي : أبعد . والهام : الرؤوس .
( 6 ) أمور : تفضيل من المور ، وهو الاضطراب والمجئ والذهاب . في الطبري : « أصون للأسنة » .
( 7 ) ح : « ولا يضيعوها » تحريف . وفي الطبري : « ولا يضعونها » .
( 8 ) هذه التكملة من الطبري . وقذه : ضربه شديدا .

( 236 )

وهذا ممسك يده ، قد خلى قرنه على أخيه هاربا منه ، وقائما ينظر إليه . من يفعل هذا يمقته الله . فلا تعرضوا لمقت الله ؛ فإنما مردكم إلى الله . قال الله لقوم : ( قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل وإذا لا تمتعون إلا قليلا ) . وايم الله لئن فررتم من سيف العاجلة لا تسلمون من سيف الآخرة . استعينوا بالصدق والصبر ؛ فإنه بعد الصبر ينزل النصر .
نصر ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن الشعبي ، عن مالك بن قدامة الأرحبي (1) قال : قام سعيد بن قيس يخطب أصحابه بقناصرين (2) فقال : " الحمد لله الذي هدانا لدينه ، وأورثنا كتابه ، وامتن علينا بنبيه صلى الله عليه فجعله رحمة للعالمين ، وسيدا للمسلمين ، وقائدا للمؤمنين ، وخاتم النبيين ، وحجة الله العظيم على الماضين والغابرين . وصلوات الله عليه ورحمة الله وبركاته . ثم كان مما قضى الله وقدره ـ والحمد لله على ما أحببنا وكرهنا ـ أن ضمنا وعدونا بقناصرين ، فلا يحمد بنا اليوم الحياص (3) . وليس هذا بأوان انصراف ، ولات حين مناص . وقد اختصنا الله منه بنعمة فلا نستطيع أداء شكرها ، ولا نقدر قدرها : أن أصحاب محمد المصطفين الأخيار معنا ، وفي حيزنا . فوالله الذي هو بالعباد بصير أن لو كان قائدنا حبشيا مجدعا (5) إلا أن معنا من البدريين (4) سبعين رجلا ، لكان ينبغي لنا أن تحسن بصائرنا
____________
( 1 ) ح : « الأزدي » .
( 2 ) في القاموس : « قناصرين بالضم : موضع بالشام » .
( 3 ) الحياص : العدول والهرب . ح ( 1 : 483 ) : « فلا يجمل بنا » .
( 4 ) ح : « رجلا مخدوعا » محرف . وهو إشارة إلى حديث أبي ذر ، قال : « إن خليلي أوصاني أن أسمع وأطيع وإن كان عبدا حبشيا مجدع الأطراف » . انظر صحيح مسلم ( 2 : 85 ) .
( 5 ) البدريون : الذي حضروا وقعة بدر . وفي الأصل : « البدوبين » ، صوابه في ح .

( 237 )

وتطيب أنفسنا . فكيف وإنما رئيسنا ابن عم نبينا ، بدري صدق ، صلى صغيرا ، وجاهد مع نبيكم كبيرا . ومعاوية طليق من وثاق الإسار ، وابن طليق . ألا إنه أغوى جفاة فأوردهم النار ، وأورثهم العار ، والله محل بهم الذل والصغار . ألا إنكم ستلقون عدوكم غدا ، فعليكم بتقوى الله والجد والحزم ، والصدق والصبر ؛ فإن الله مع الصابرين . ألا إنكم تفوزون بقتلهم ويشقون بقتلكم . والله لا يقتل رجل منكم رجلا منهم إلا أدخل الله القاتل جنات عدن ، وأدخل المقتول نارا تلظى ، ( لا يفتر عنهم وهم فيه مبلسون ) . عصمنا الله وإياكم بما عصم به أولياءه ، وجعلنا وإياكم ممن أطاعه واتقاه ، وأستغفر الله لنا ولكم وللمؤمنين .
ثم قال الشعبي : لعمري لقد صدق بفعله ، وبما قاله في خطبته (1) .
نصر : عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر وزيد بن حسن قالا : طلب معاوية إلى عمرو بن العاص أن يسوى صفوف أهل الشام ، فقال له عمرو : على أن لي حكمي إن قتل الله ابن أبي طالب ، واستوسقت لك البلاد (2) . قال : أليس حكمك في مصر ؟ قال : وهل مصر تكون عوضا عن الجنة ، وقتل ابن أبي طالب ثمنا لعذاب النار الذي لا يفتر عنهم وهم فيه مبلسون ؟ فقال معاوية : إن لك حكمك أبا عبد الله إن قتل ابن أبي طالب . رويدا لا يسمع الناس كلامك . فقال لهم عمرو : « يا معشر أهل الشام ، سووا صفوفكم ، وأعيروا ربكم جماجمكم ، واستعينوا بالله إلهكم ، وجاهدوا عدو الله وعدوكم ، واقتلوهم قتلهم الله وأبادهم ، ( واصبروا إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين ) »
____________
( 1 ) ح : « صدق فعله ما قال في خطبته » .
( 2 ) استوسقت البلاد : اجتمعت على الطاعة واستقر فيها الملك . ح : « استوثقت » تحريف .

( 238 )

نصر . عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن الفضل بن أدهم قال : حدثني أبي أن الأشتر قام يخطب الناس بقناصرين ، وهو يومئذ على فرس أدهم مثل [ حلك (1) ] الغراب ، فقال :
الحمد لله الذي خلق السموات العلى ، ( الرحمن على العرش استوى . له ما في السموات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى ) . أحمده على حسن البلاء ، وتظاهر النعماء ، حمدا كثيرا بكرة وأصيلا . من يهده الله فقد اهتدى ، ومن يظلل الله فقد غوى . أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، أرسله بالصواب والهدى ، وأظهره على الدين كله ولو كره المشركون . صلى الله عليه وسلم . ثم كان مما قضى الله وقدر أن ساقتنا المقادير إلى هذه البلدة من الأرض (2) ، ولف بيننا وبين عدونا ، فنحن بحمد الله ونعمته ومنه وفضله قريرة أعيننا ، طيبة أنفسنا ، ونرجو في قتالهم حسن الثواب ، والأمن من العقاب ، معنا ابن عم نبينا ، وسيف من سيوف الله ، علي بن أبي طالب ، صلى مع رسول الله صلى الله عليه ، لم يسبقه بالصلاة ذكر حتى كان شيخا ؛ لم يكن له صبوة ولا نبوة ولا هفوة . فقيه في دين الله ، عالم بحدود الله ، ذو رأي أصيل ، وصبر جميل ، وعفاف قديم . فاتقوا الله ، وعليكم بالحزم والجد ، واعلموا أنكم على الحق ، وأن القوم على الباطل يقاتلون مع معاوية ، وأنتم مع البدريين قريب من مائة بدري ، ومن سوى ذلك (3) من أصحاب محمد صلى الله عليه ، أكثر ما معكم رايات قد كانت مع رسول الله صلى الله عليه ، ومع معاوية رايات قد كانت مع المشركين
____________
( 1 ) وردت الكلمة محرفة في ح ( 1 : 484 ) بلفظ : « حثل » والصواب ما أثبت . وحلك الغراب : شدة سواده ، انظر ما مضى في ص 174 .
( 2 ) في هامش الأصل : « خ : البقعة » ، أي في نسخة .
( 3 ) أي ومع من سوى ذلك . وفي ح : « سوى من حولكم » .

( 239 )

على رسول الله صلى الله عليه . فما يشك في قتال هؤلاء إلا ميت القلب . فإنما أنتم على إحدى الحسنيين : إما الفتح ، وإما الشهادة . عصمنا الله وإياكم بما عصم به من أطاعة واتقاه ، وألهمنا وإياكم طاعته وتقواه . وأستغفر الله لي ولكم (1) .
نصر : عمرو بن شمر ، عن جابر عن الشعبي ، عن صعصعة بن صوحان العبدي قال : سمعت زامل بن عمرو الجذامي يقول : طلب معاوية إلى ذي الكلاع أن يخطب الناس ويحرضهم على قتال علي ومن معه من أهل العراق ، فعقد فرسه ـ وكان من أعظم أصحاب معاوية خطرا ـ ثم قال :
الحمد لله حمدا كثيرا ، ناميا جزيلا ، واضحا منيرا ، بكرة وأصيلا . أحمده وأستعينه ، وأومن به وأتوكل عليه ، وكفى بالله وكيلا . ثم إني أشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، أرسله بالفرقان حين ظهرت المعاصي ودرست الطاعة ، وامتلأت الأرض جورا وضلالة ، واضطرمت الدنيا كلها نيرانا وفتنة ، وورك (2) عدو الله إبليس على أن يكون قد عبد في أكنافها ، واستولى بجميع أهلها ، فكان الذي أطفأ الله به نيرانها ، ونزع به أوتادها وأوهى به قوى إبليس ، وآيسه مما كان قد طمع فيه من ظفره بهم ـ رسول الله محمد بن عبد الله ، صلى الله عليه ، فأظهره على الدين كله ولو كره المشركون . ثم كان مما قضى الله أن ضم بيننا وبين أهل ديننا بصفين ، وإنا لنعلم أن فيهم قوما كانت لهم مع رسول الله صلى الله عليه سابقة ذات شأن وخطر ، ولكني ضربت الأمر ظهرا وبطنا فلم أر يسعني أن يهذر
____________
( 1 ) في الأصل : « واستعفروا » والوجه ما أثبت من ح .
( 2 ) ورك بالمكان وروكا : أقام .

( 240 )

دم عثمان صهر رسول الله صلى الله عليه نبينا ، الذي جهز جيش العسرة (1) ، وألحق في مسجد رسول الله بيتا وبنى سقاية ، وبايع له نبي الله صلى الله عليه بيده اليمني [ على اليسرى ] ، واختصه رسول الله بكريمتيه : أم كلثوم ورقية ، ابنتي رسول الله صلى الله عليه وآله . فإن كان أذنب ذنبا فقد أذنب من هو خير منه . وقد قال الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه : ( ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ) . وقتل موسى نفسا ثم استغفر الله فغفر له ، ولم يعر أحد من الذنوب ! وأنا لنعلم أنه قد كانت لابن أبي طالب سابقة حسنة مع رسول الله ، فإن لم يكن مالا على قتل عثمان فقد خذله ، وإنه لأخوه في دينه وابن عمه (2) ، وسلفه (3) ، وابن عمته (4) . ثم قد أقبلوا من عراقهم حتى نزلوا في شامكم وبلادكم ، وإنما عامتهم بين قاتل وخاذل . فاستعينوا بالله واصبروا ، فلقد ابتليتم أيتها الأمة والله . ولقد رأيت في منامي في ليلتي هذه ، لكأنا وأهل العراق اعتورنا مصحفا نضربه بسيوفنا ، ونحن في ذلك جميعا ننادي : « ويحكم الله » . ومع أنا والله ما نحن لنفارق العرصة (5) حتى نموت . فعليكم بتقوى الله ، ولتكن النيات لله (6) ؛ فإني سمعت عمر بن الخطاب يقول سمعت : رسول الله صلى الله عليه يقول : « إنما يبعث المقتتلون على
____________
( 1 ) وذلك في غزوة تبوك ، إذ حدثت عسرة في الظهر ، وعسرة في الزاد ، وعسرة في الماء ، فكان العشرة يعتقبون على بعير ، وكانت الجماعة تتعاور التمرة الواحدة ، وكان الرجل ينحر بعيره فيعصر فرثه ويشربه . وقد أنفق عثمان في جيش العسرة ألف دينار . انظر تفسير الآية 117 من سورة التوبة وكتب السير .
( 2 ) يعني بذلك العمومة البعدى لا الدنيا ، فإن عبد شمس جد عثمان الأعلى ، وهاشما جد علي الأعلى ـ هما ولدا عبد مناف بن قصي بن كلاب .
( 3 ) السلفان : الرجلان يتزوجان بأختين ، كل منهما سلف صاحبه .
( 4 ) أم عثمان هي أروى بنت كريز ، وأم أمه هي البيضاء بنت عبد المطلب .
( 5 ) أي عرصة الحرب ، وهي ساحتها . ح ( 1 : 485 ) : « ومع أنا والله لا نفارق العرصة » .
( 6 ) ح ( 1 : 485 ) : « وليكن الثبات لله » . تحريف .

( 241 )

النيات (1) » ، أفرغ الله علينا وعليكم الصبر ، وأعزلنا ولكم النصر ، وكان لنا ولكم في كل أمر . وأستغفر الله لي ولكم .
نصر ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن عامر (2) ، عن صعصعة العبدي (3) [ عن أبرهة بن الصباح ] قال : قام يزيد بن أسد البجلي [ في أهل الشام ] يخطب الناس بصفين ، وعليه يومئذ قباء خز ، وعمامة سوداء ، آخذا بقائم سيفه ، واضعا نعل السيف (4) على الأرض متوكئا عليه . قال صعصعة : فذكر لي أبرهة (5) أنه [ كان ] يومئذ من أجمل العرب وأكرمه وأبلغه (6) فقال :
« الحمد لله الواحد القهار ، ذي الطول والجلال ، العزيز الجبار ، الحليم الغفار ، الكبير المتعال ، ذي العطاء والفعال ، والسخاء والنوال ، والبهاء والجمال ، والمن والإفضال . مالك اليوم الذي لا ينفع فيه بيع ولا خلال (7) . أحمده على حسن البلاء ، وتظاهر النعماء ، وفي كل حالة من شدة أو رخاء . أحمده على نعمه التؤام (8) ، وآلائه العظام ، حمدا قد استنار ، بالليل والنهار . ثم
____________
( 1 ) ح : « على الثبات » تحريف . وانظر لسان الميزان ( 4 : 367 ) . والحديث رواه السيوطي في الجامع الصغير ( 1 : 351 ) من رواية ابن عساكر عن عمر . وروى السيوطي أيضا نظيرا لهذا الحديث وهو : « إنما يبعث الناس على نياتهم » . رواه ابن ماجه عن أبي هريرة .
( 2 ) هو عامر بن شراحيل الشعبي ، المترجم في ص 23 .
( 3 ) هو صعصعة بن صوحان العبدي ، تابعي كبير مخضرم فصيح ثقة . مات في خلافه معاوية . وصوحان ، بضم الصاد . تهذيب التهذيب . وفي الأصل : « بن عامر بن صعصعة العبدي » ، والصواب : « عن عامر عن صعصعة » كما أثبت .
( 4 ) نعل السيف : حديدة في أسفل غمده . ح : « نصل السيف »تحريف .
( 5 ) هو أبرهة بن الصباح الحبشي ، أو الحميري . ذكره ابن حجر في الإصابة 15 . وفي الأصل : « ابن أبرهة » صوابه في ح .
( 6 ) أي من أجمل من وجد من العرب ، فلذا وحد الضمير ذهابا إلى المعنى . انظر اللسان ( 18 : 221 س 21 ـ 25 ) . وفي ح : « وأكرمها وأبلغها » .
( 7 ) في الأصل : « يملك يوم لا ينفع فيه بيع ولا خلال » ، صوابه من ح .
( 8 ) التؤام ، كغراب : جمع توأم . ح : « التوام » : جمع تامة .

( 242 )

إني أشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له ، كلمة النجاة في الحياة ، وعند الوفاة ، وفيها الخلاص ، يوم القصاص . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله النبي المصطفى ، وإمام الهدى ، صلى الله عليه وسلم كثيرا . ثم قد كان مما قضى الله (1) أن جمعنا وأهل ديننا في هذه الرقعة من الأرض ، والله يعلم أني كنت لذلك كارها ، ولكنهم لم يبلعونا ريقنا ، ولم يتركونا نرتاد لأنفسنا ، وننظر لمعادنا حتى نزلوا بين أظهرنا ، وفي حريمنا وبيضتنا . وقد علمنا أن في القوم أحلاما وطغاما ، فلسنا نأمن طغامهم على ذرارينا ونسائنا . وقد كنا نحب ألا نقاتل أهل ديننا ، فأخرجونا حتى صارت الأمور إلى أن قاتلتاهم كراهية (2) فإنا لله وإنا إليه راجعون ، والحمد لله رب العالمين . أما والله الذي بعث محمدا بالرسالة لوددت أني مت منذ سنة ؛ ولكن الله إذا أراد أمرا لم يستطع العباد رده . فنستعين بالله العظيم ؛ وأستغفر الله لي ولكم » . ثم انكفأ .
قال نصر : وفي حديث عمر ، عن مالك بن أعين ، عن زيد بن وهب ، أن عمرو بن العاص قال يومئذ :

لا تأمننا بعـــدها أبــا حســن (3) * إنا نمــر الحرب إمـرار الرسن (4)
لتصبحــن مثلهـــا أم لبـــن (5) * طاحنة تدقكـــم دق الحفـــن (6)

فأجابه شاعر من شعراء أهل العراق :
____________

( 1 ) ح : « من قضاء الله » .
( 2 ) في الأصل وح ( 1 : 485 ) : « غدا حمية » والوجه ما أثبت .
( 3 ) في الأصل : « بعده أبا الحسن » وأثبت ما في ح . وكتب ناسخ الأصل : « ويروي : خذها إليك فاعلمن أبا حسن » .
( 4 ) الرسن : الحبل . وإمراره : إحكام قتله . ح : « تمر الأمر » .
( 5 ) اللبن : جمع لبون ، وهي ذات اللبن من الإبل . عني كثرة ما بهذه الحرب من الإبل وركبانها .
( 6 ) الحفن : جمع حفنة ، بالفتح ، وهي ملء الكفين من طعام ، ولا يكون إلا من شيء يابس كالدقيق ونحوه .

( 243 )

ألا احذروا فـي حربكم أبــا الحسن * ليثا أبـــا شبلين محـذورا فطـن
يدقكــم دق المهـاريس الطحـن (1) * لتغبنــن يا جاهــلا أي غبــن (2)
حتى تعض الكف أو تقـــرع سن * ندامـــة أن فاتكم عــدل السنــن (3)

نصر : عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن الشعبي ، أن أول فارسين التقيا في هذا اليوم ـ وهو اليوم السابع من صفر ، وكان من الأيام العظيمة في صفين ، ذا أهوال شديدة ـ حجر الخير وحجر الشر . أما حجر الخير فهو حجر بن عدي صاحب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب . وحجر الشر ابن عمه . وذلك أن حجر الشر دعا حجر بن عدي (4) إلى المبارزة ، وكلاهما من كندة ، فأجابه فاطعنا برمحيهما ، ثم حجز بينهما امرؤ من بني أسد ، وكان مع معاوية (5) ، فضرب حجرا ضربة برمحه (6) ، وحمل أصحاب علي فقتلوا الأسدي ، وأفلتهم حجر بن يزيد (7 ) [ حجر (8) ] الشر هاربا ، وكان اسم الأسدي خزيمة بن ثابت .
نصر : عمرو بن شمر ، عن عطاء بن السائب قال : أخبرني مروان بن الحكم أن حجرا يوم قتل الحكم بن أزهر جعل يرتجز ويقول :
____________
( 1 ) المهاريس : جمع مهراس ، وهو حجر مستطيل منقور يهرس به الحب .
( 2 ) في الأصل : « لتغبنن راكبا » صوابه في ح ( 1 : 485 ) .
( 3 ) عدل السنن ، أي الطريق العادل المستقيم . وهذا البيت لم يرو في ح . وفي الأصل : « إن فاته » .
( 4 ) هو حجر بن عدي بن معاوية بن جبلة بن عدي بن ربيعة بن معاوية الأكرمين الكندي ، وفد على النبي فأسلم . وقتل سنة 51 أو 53 . انظر الإصابة 1624 .
( 5 ) ح ( 1 : 486 ) : « من عسكر معاوية » .
( 6 ) في الأصل : « رمخه » صوابه في ح .
( 7 ) هو حجر بن يزيد بن سلمة بن مرة بن حجر بن عدي بن ربيعة بن معاوية الأكرمين الكندي . وفد على النبي فأسلم ، وكان شريفا ، وكان مع علي يوم الجمل ، واتصل بعد بمعاوية فاستعمله على أرمينية . انظر الإصابة 1626 . وقد ورد ذكره في حواشي الاشتقاق ص 219 أنه حجر بني زيد ، صوابه ( بن يزيد ) .
( 8 ) تكملة يقتضيها السياق .

( 244 )

أنــا الغلام اليمنـــي الكنــدي * قــد لبس الديبــاج والإفـرنــدي (1)
أنــا الشريــف الأريحي المهـدي * يا حكـــم بن أزهــر بـن فهـــد
لقـــد أصبــت غارتي وحــدي * وكرتــــي وشدتــي وجـــدي
أثبــت أقاتلـــك الغـــداة وحدي

فلما أن أصاب الحكم بن أزهر حمل عليه رفاعة بن ظالم الحميري وهو يقول :

أنــا ابن عــم الحكم بن أزهــر * الماجـــد القمقام حيــن يذكــر
في الذروتين مــن ملــوك حمير * يـــا حجر الشر تعالى فــانظـر
أنـــا الغلام المــلك المحبــر * الواضح الوجــه كريــم العنصـر
أقـــدم إذا شئـت ولا تأخـــر * والله لا ترجـــع ولا تــعثـــر
في قـــاع صفيــن بواد معفـر

ثم إن رفاعة حمل على حجر الشر فقتله فقال علي : الحمد لله الذي قتل حجرا بالحكم بن أزهر .
نصر ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن تميم ، أن عليا قال : من يذهب بهذا المصحف إلى هؤلاء القوم فيدعوهم إلى ما فيه ؟ فأقبل فتى اسمه سعيد فقال : أنا صاحبه . ثم أعادها فسكت الناس وأقبل الفتى (2) فقال : أنا صاحبه . فقال علي دونك . فقبضه [ بيده ] ثم أتى معاوية فقرأه عليهم ودعاهم إلى
____________
( 1 ) في اللسان والقاموس أن « الفرند » ضرب من الثياب ، دخيل معرب . وفي المعرب 135 ، 243 أن الفرند الحرير ، وأنشد للفرزدق :

ليسن الفرند الخسروانــي فوقه * مشاعر مــن خز العراق المفوف

ولذي الرمة :

كأن الفرند الخسروانـــي لثنه * بأعطاف أنقـــاء العقوق العواتك

وأما الإفرندي ، فلم أجده إلا المنسوب إلى الإفرند ، لغة في فرند السيف .
( 2 ) ح : « وتقدم الفتى » .

( 245 )

ما فيه فقتلوه . وزعم تميم (1) أنه سعيد بن قيس .
نصر ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر (2) قال : سمعت الشعبي يقول : كان عبد الله بن بديل الخزاعي مع علي يومئذ ، وعليه سيفان ودرعان ، فجعل يضرب الناس بسيفه قدما وهو يقول :

لم يبـق إلا الصبــر والتوكـــل * وأخذك التـــرس وسيفا مقصـل (3)
ثم التمشـــي في الرعيــل الأول (4) * مشى الجمال في حياض المنهل (5)
والله يقضي مـــا يشــا ويفعــل

فلم يزل يحمل حتى انتهى إلى معاوية [ والذين بايعوه على الموت ، فأمرهم أن يصمدوا لعبد الله بن بديل ، وبعث إلى حبيب بن مسلمة الفهري وهو في الميسرة أن يحمل عليه بجميع من معه ، واختلط الناس واضطرم الفيلقان : ميمنة أهل العراق ، وميسرة أهل الشام . وأقبل عبد الله بن بديل يضرب الناس بسيفه قدما ] حتى أزال معاوية عن موقفه (6) ، وجعل ينادي : يا لثارات عثمان ! ـ يعني أخا كان له قد قتل ـ وظن معاوية وأصحابه أنه إنما يعني
____________
( 1 ) هو تميم بن حذلم ـ بكسر المهملة وسكون المعجمة وفتح اللام ـ الضبي ، أبو سلمة الكوفي ، ثقة مات سنة 100 . وقد اختلف في اسم أبيه فقيل « خزيم » و « حذيم » والصواب « حذلم » . انظر تقريب التهذيب ومنتهى المقال .
( 2 ) هو جابر بن يزيد الجعفي ، ثقة في نفسه ، ولكن جل من روى عنه ضعيف فمن أكثر عنه من الضعفاء عمرو بن شمر الجعفي ، ومفضل بن صالح السكوني . وفي الميزان أنه روى عن أبي الطفيل الصحابي . مات سنة 127 أو 132 . تهذيب التهذيب ، وميزان الاعتدال ، ومنتهى المقال .
( 3 ) ح ( 1 : 486 ) : « والترس والرمح » ، وفي الأصل وح : « وسيف مصقل » تحريف ، وإنما هو « مقصل » يقال سيف قاصل ومقصل وقصال : قطاع . وانظر للرجز الإصابة . 455 في ترجمة عبد الله بن بديل حيث نقل الخبر عن وقعه صفين .
( 4 ) التمشي : المشي . وفي الأصل : « التمسني » صوابه في ح .
( 5 ) في الأصل : « في الحياض » صوابه في ح .
( 6 ) في الأصل : « فأزاله عن موقفه » وأثبت ما في ح لتلتئم التكملة السابقة بالكلام .

( 246 )

عثمان بن عفان (1) . [ وتراجع معاوية عن مكانه القهقري كثيرا ، وأشفق على نفسه ، وأرسل إلى حبيب بن مسلمة مرة ثانية وثالثة يستنجده ويستصرخه . ويحمل حبيب حملة شديدة بميسرة معاوية على ميمنة العراق فكشفها ، حتى لم يبق مع ابن بديل إلا نحو مائة إنسان من القراء ، فاستند بعضهم إلى بعض يحمون أنفسهم ، ولجج ابن بديل في الناس وصمم على قتل معاوية ، وجعل يطلب موقفه ويصمد نحوه حتى انتهى إليه ] عبد الله بن عامر واقفا ، [ فنادى معاوية بالناس : ويلكم ! الصخر والحجارة إذا عجزتم عن السلاح ] . فأقبل أصحاب معاوية على عبد الله بن بديل يرضخونه بالصخر (2) حتى أثخنوه وقتل الرجل ، وأقبل إليه معاوية وعبد الله بن عامر [ حتى وقفا عليه ] . فأما عبد الله ابن عامر فألقى عمامته على وجهه وترحم عليه ، وكان له [ من قبل ] أخا وصديقا ، فقال معاوية : اكشف عن وجهه . [ فقال : لا والله ، لا يمثل به وفي روح . فقال معاوية : اكشف عن وجهه ، فإنا لا نمثل به ] ، فقد وهبته لك (3) . فكشف [ ابن عامر ] عن وجهه فقال معاوية : هذا كبش القوم ورب الكعبة اللهم أظفرني بالأشتر النخعي والأشعث الكندي . والله ما مثل هذا إلا كما قال الشاعر (4) :

أخو الحرب إن عضت به الحرب عضها * وإن شمرت عن ساقها الحرب شمرا

____________
( 1 ) بعد هذا في الأصل : « حتى إذا أزال معاوية عن موقفه » وهي عبارة مقحمة .
( 2 ) ح : « فرضخه الناس بالصخر والحجارة » .
( 3 ) ح : « قد وهبناه لك » .
( 4 ) هو حاتم الطائي من قصيدة له في ديوانه ( خمسة دواوين العرب 121 ـ 122 ) .

( 247 )

ويحمي ، إذا ما الموت كان لقاؤه * قدي الشبر ، يحمي الأنف أن يتأخرا (1)
كليث هزبر كان يحمــي ذماره * رمته المنايا قصدهــا فتقطــرا (2)

مع أن نساء خزاعة لو قدرت على أن تقاتلني فضلا عن رجالها فعلت . نصر : عمرو ، عن أبي روق الهمداني أن يزيد بن قيس الأرحبي حرض الناس بصفين . قال : فقال : « إن المسلم السليم (3) من سلم دينه ورأيه . إن هؤلاء القوم والله ما إن يقاتلونا (4) على إقامة دين رأونا ضيعناه ، ولا إحياء عدل رأونا أمتناه ، ولا يقاتلونا (5) إلا على إقامة الدنيا ؛ ليكونوا جبابرة فيها ملوكا ، فلو ظهروا عليكم ـ لا أراهم الله ظهورا ولا سرورا ـ إذا ألزموكم (6) مثل سعيد والوليد (7)
____________
( 1 ) قدى الشبر ، بكسر القاف والقصر ، أي قدره ، كأنه مقلوب من قيد ، بالكسر . يقال قدى رمح وقد رمح وقاد رمح . وأنشد :

ولكن إقدامي إذا الخيل أحجمت * وصبري إذا ما الموت كان قدى الشبر

وقد نسب بيت حاتم هذا في اللسان ( 20 : 32 ) إلى هدبة بن الخشرم . وروايته فيه :

وإني إذا ما الموت لم يك دونه * قدى الشبر أحمي الأنف أن يتأخرا

وفي اللسان : « أتأخرا » . في الأصل : « لدى الشر » وفي ح : « قدى السير » صوابهما ما أثبت .
( 2 ) تقطر : سقط صريعا . وهذا البيت لم يرو في الديوان .
( 3 ) هذه الكلمة ليست في ح .
( 4 ) في الأصل : « يقاتلوا » صوابه في ح ( 1 : 485 ) .
( 5 ) في الأصل : « ولن يقاتلونا » وأثبت ما في ح .
( 6 ) ح ( 1 : 485 ) : « إذا لوليكم » والعبارتان متقاربتان .
( 7 ) يعني سعيد بن العاص ، والوليد بن عقبة . أما سعيد فكان واليا لعثمان على الكوفة بعد الوليد بن عقبة ، وولاه معاوية المدينة وتوفى سنة 53 . وأما الوليد بن عقبة بن أبي معيط فكان أخا عثمان لأمه ، وولاه الكوفة ثم عزله عنها وجلده لشربه الخمر . وكان ممن يحرض معاوية على قتال علي . انظر ما سبق في ص 52 ـ 54 .

( 248 )

وعبد الله بن عامر (1) السفيه ، يحدث (2) أحدهم في مجلسه بذيت وذيت ، ويأخذ مال الله ويقول : هذا لي ولا إثم علي فيه ، كأنما أعطى تراثه من أبيه ، وإنما هو مال الله أفاءه الله علينا بأسيافنا ورماحنا . قاتلوا ، عباد الله ، القوم الظالمين ، الحاكمين بغير ما أنزل الله ، ولا تأخذكم في جهادهم لومة لائم ، إنهم إن يظهروا عليكم يفسدوا دينكم ودنيا كم ، وهم من قد عرفتم وجربتم . والله ما أرادوا إلى هذا إلا شرا (3) . [ وأستغفر الله العظيم لي ولكم ] " .
فقاتلهم عبد الله بن بديل في الميمنة حتى انتهى إلى معاوية مع الذين بايعوه على الموت . فأقبلوا إلى معاوية فأمرهم أن يصمدوا لعبد الله بن بديل في الميمنة ، وبعث معاوية إلى حبيب بن مسلمة في الميسرة ، فحمل بمن كان معه على ميمنة الناس فهزمهم ، وكشف أهل العراق ميلا من قبل الميمنة ، حتى لم يبق مع ابن بديل إلا نحو مائة من القراء ، واستند بعضهم إلى بعض ، وانجفل الناس عليهم (4) ، فأمر على سهل بن حنيف فاستقدم فيمن كان مع علي من أهل المدينة ، فاستقبلتهم جموع أهل الشام في خيل عظيمة ، فحملوا عليهم وألحقوهم بالميمنة ، وكانت الميمنة متصلة إلى موقف علي في القلب في أهل اليمن ، فلما انكشفوا انتهت الهزيمة إلى علي ؛ فانصرف علي يمشي نحو
____________
( 1 ) هو عبد الله بن عامر بن كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس ، ابن خال عثمان ابن عفان ، ولاه عثمان البصرة ثم وليها لمعاوية . وكان قد فتح خراسان في أيام عثمان ، فأحرم من نيسابور وقدم عليه ، فلامه على ما صنع وقال : « غررت بنسكك » . الإصابة 6175 والمعارف 139 ـ 140 .
( 2 ) في الأصل : « الذي يحدث » وكلمة : « الذي » مقحمة .
( 3 ) ح ( 1 : 485 ) : « ما أرادوا باجتماعهم عليكم إلا شرا » .
( 4 ) انجفلوا عليهم : ذهبوا مسرعين نحوهم . وفي الحديث : « لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة انجفل الناس قبله » ، أي ذهبوا مسرعين نحوه . وفي الأصل : « انحفل » صوابه بالجيم .