لابد للولد أن يشبه أما الأعمام وأما الاخوال ، ولهذا الشبه
أسرار عجيبة والاسلام العظيم كاشف الاسرار ، ما من معضلة الاّ ويحلّها
الاسلام لأنه جاء الكمال البشرية ، لذا ترى ( بونابرت نابليون ) يقول :
( ان أملي الوحيد في الحياة هي أن اعيش حتى تتاح لي الفرصة
لأجمع الحكماء والمفكرين من اقطار العالم لأضع معهم دستورا متحد
الشكل على اساس من تعاليم القرآن الرفيعة ، لأن هذه التعاليم هي
التي يمكنها أن تقود الناس الى الخير والسعادة والرفاه ) ( 1 ). هذا
هو الاسلام وهذه شهادات اعاظم العالم له.
1 ـ وأمّا شبه الولد واخواله : فاذا سبق نطفة الرجل نطفة
المرءة الى الرحم خرج شبه الوالد الى أعمامه ، ومن نطفة الرجل يكون
العظم والعصب. واذا سبق نطفة المرءة نطفة الرجل الى الرحم
خرج يشبه الى اخواله ، ومن نطفتها يكون الشعر والجلد واللحم
لأنها صفراء رقيقة .... علل الشرئع ، العلّة الثالثة ، ص1.
1 ـ الاسلام ابدا.
لاينبغي للعاقل أن يخالط كل من عرض له ، وانما ينبغي ل ـ ه
الانتقاء ، فان الناس صناديق مغلفة ، لايدري ما تحتويه ، وقد علّمتنا
التجارب أنّ ما تضر هي اكثر بكثير مما تنفع ، فيا ولدي عليك بالتأني
فيما تختار ، وعليك بالتأمّل فيمن تترك ، وكن على هون في مسيرك
الصعب ، واعلم أن الحذر ينجي من الخظر.
1 ـ حدثنا محمد بن علي ماجيلويه ( رض ) قال : حدثنا محمد بن
يحيى العطار ، عن محمد بن أحمد ، عن سهل بن زياد ، عم محمد بن
سنان ، عن عبيد الله بن عبد الله الدهقان ، عن ورست ، عن أبي ابراهيم
عليه صلوات رب العالمين ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم
: خمسة يجتنبون على كل حال : المجذوم. والأبرص. والمجنون
وولد الزنا ، والأعرابي ... الخصال ، باب الخمسه ، ص 233 ،
الحديث 42.
لعن الله ابليس ، انّه لا يترك الانسان في كل المجالات ، في العبادات والمعاملات والمجاملات ، وفي الاحوال والابدان ، فالكيّس كل الكيّس من اتقى شرّه وابتعد عنه بالاستعاذة منه بالله العظيم في كل وقت وآن ، حتى عند الاصابة فانّه من اخطر الأمور ، وأثره من أسوء الأثار ، فالحذار الحذار.
1 ـ قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : انّ الله حرّم الجنّة على كل فاحش بذئ ، قليل الحياء ، لايبالي ما قال وما قيل فيه ، أمّا أنّه ان تنسبه لم تجده الاّ لبغي او شرك الشيطان. قيل : يا رسول الله وفي الناس شيطانين ؟. قال صلّى الله عليه وآله وسلّم : نعم ، أو ما تقرأ قول الله عزّوجلّ : ( وشاركهم في الأموال والاولاد ). الأسراء آية 64 ... تحف العقول ، مواعظ النبي ( ص ) : ص 31.
أشياء ينبغي تعلّمها واستعمالها وهي مؤثّرة في الولد ، وأخرى
ينبغي تعلّمها والعمل بها فهي ايضا لها الأثر الوضعي بالنسبة
للولد ، بل الاولاد ، وكلاهما اي العمل والاستعمال يؤثّران في
الاولاد سواء كانوا في الصلب او في الرحم أو مولودين صغارا أم كبارا.
فاليك بعض ما فيها التأثير الحسن ان شاء الله تعالى.
1 ـ قال أمير المؤمنين عليه السلام في حديث الاربعمائه : أكل
السفرجل قوّة للقلب الضّعيف ، ويطيب المعدة ، ويزيد في قوّة الفوآد
ويشجع الجبان ، ويحسن الولد ... المواعظ العددية ، ص 289.
2 ـ وقال عليه السلام : حنكو اولادكم بالتمر ، هكذا فعل رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلّم ( بالحسن وبالحسين عليهما السلام ) ...
المواعظ العدديه ، باب الاربعمائه ، ص 308.
3 ـ قال أمير المؤمنين عليه صلوات رب العالمين : عن سيد الخلائق
اجمعين صلى الله عليه وآله وسلّم : وتوقوا على اولادكم لبن البغي
من النساء ، والمجنونة ، فان اللبن يعدي .... المواعظ العددية ،
باب الاربعمائة ، ص 191.
(25)
4 ـ وقال عليه السلام : اختنوا اولادكم يوم السابع لايمنعكم حرو
لا برد .... نفس المصدر ، ص 307.
البشارة هي الخبر المسّر المفرح الذي يرتاح اليه الانسان وكل ما
كانت البشارة من جليل او عظيم كانت هي الأخرى أجل واعظم وذات
قيمة كبيرة. ومن هنا يعلم أن اكبر البشائر هي ما كانت من المصدر الا
لاهي ، والتي يبشربها الخلاق المتعال.
لكن ، مع ذلك كلّه ، ترى أن من البشائر ما يعكس فيها المطلوب
فيبدل الفرح بالحزن ، والسرور بالهم والغم ، وذلك كما كان في زمن
الجاهلية الأولى. والقرآن الكريم يحدثنا بكلا الأمرين.
1 ـ ( اذ قالت الملائكة يامريم ان الله يبشرك بكلمة منه ، اسم ـ ه
المسيح عيسى بن مريم ، وجيها في الدنيا والأخرة ومن المقربين * و
يكلّم الناس في المهد وكهلا ومن الصالحين * قالت ربّ أنّى يكون لي
ولد ولم يمسسني بشر ، قال كذلك الله يخلق ما يشاء ، اذا قضى أمرا
فانّما يقول له كنّ فيكون )( آل عمران ـ 47 ).
2 ـ ويجعلون لله البنات سبحانه ، ولهم ما يشتهون * واذا بشر
احدهم بالأنثى ظل وجهه مسوداّ وهو كظيم * يتوارى من القوم من سوء
ما بشر به ، أيمسكه على هون أم يدسّه في التراب ؟ ألا ساء ما يحكمون
( النحل ـ 59 ).
كل انسان لا بد له من سرور يدخله عند اسباغ نعمة من الله تعالى
عليه ، وأي نعمة بعد الايمان بالله تعالى هي اعظم واكبر من نعمة
ولد صالح يستعين به الأب على دينه ودنياه ، والولد هو السب ـ ب
المباشر الوحيد في بقاء نسل الأب ، وهو أقرب الأرحام اليه ، وقد
جاء في الكتاب العزيز آيات عديدة في الرحم وصلتها ، فلأجل هذا كلّه
يفرح الوالد يوم له الولد ، وقد سن رسول الله صلى الله عليه و
آله وسلّم ما يعبر عن الفرح والسرور عند الوالدين ، الا وهي الواليمة
1 ـ حدثنا محمد بن علي ما جيلويه ( رض ) قال : حدثنا الاعمّى
محمد بن أبي القاسم ، عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي ، عن سجادة
العابد واسمه الحسن بن علي بن أبي عثمان ، عن موسى بن بكر ، قال
ابو الحسن الاول عليه الصلاة والسلام : قال رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم : لا وليمة الاّ في خمس : أ : في عرس. ب: او غرس. ج: او
عذار. د : او وكار. ه ـ : او ركاز. فأما العرس : فالتزويج ، والغرس :
النفاس بالولد : والعذار : الختان. والوكار : الرجل يشتري الدار.
والركاز : الذي يقدم من مكّة ... الخصال ، باب الخمسة ، ص 254 ،
الحديث 91. ومثله الحديث 92 فراجع.
احدى موارد التعارف هو الاسم ، وهو أهم من بقية اسباب
التعارف ، فالناس أنه لولا الاسم لما احضرت المعاني الكلية والجزئيه
باسهل مؤنة في الذهن ، مثلا لو كنت في بلد ما ، واردت احضار
الفيل في ذهن صاحبك ، كبف يمكن تناوله من غاباب الهند ، وكيف
يمكنك ادخاله في ذهن صاحبك ، فتبين أن الاسم له اهمية كبيرة جدا
بالنسبة الى جميع الاشياء والموجودات ، فمن هذا يلزم أن نسمي كل
شيء ليعرف وجوده الخارجي بوجوده اللفظي ، منه الجنين في بطن
أمّه فيستحب أن يسمى كي يثبت في الامة المرحومة ...
1 ـ قال أمير المؤمنين عليه السلام : سمّوا اولادكم ، فان
لم تدروا أذكر هم أم انثى فسموّهم بالأسماء التي تكون للذكر والانثى ،
فان اسقاطكم اذا لقوكم في القيامة ولم تسمّوهم ، يقول لأبيه الا سميتني
و قد سمّى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم محسنا قبل أن يولد
... المواعظ العددية ، باب الاربعمائة ، ص 305.
ان العرف قد جعل لكل موضوع علاقات ، وجعل علامات للاحترام
بالنسبة الى الآخرين ، فمثلا : جعل علامة احترام الوارد ، القيام أمامه
واحترام الراجل أن يبدأه الراكب بالسلام ، وهلّم جرّا علامات الاحترام
كثيرة وكثيرة جدا. وقد قرر الاسلام العظيم ما لا ينافيه من أعراف
الناس ، فقلّل وكثّر ، وجرح واعدل ، ونفى وأثبت ، وأسس مالم
يكن يدركه الناس من قبل ، وكل ذلك بأمر من السماء ، على لسان خير
البريّة محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، وآله الميامين عليهم صلوات
الملك العلاّم. فمن تعاليهم السّامية ، الأدب الرفيع ، حيث أن
الرجل ينادي بكنيته اجلالا واعظاما له. فتمسّك بهم تسعد.
1 ـ علي بن ابراهيم ، عن ابيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن
أبي عبد الله عليه السلام ، قال : من السنّة والبر ان يكنّى الرجل بأسم
أبيه ... الكافي ، ج2 ، ص 130 ، باب البر ، الحديث 16.
يخلف المرء في ثلاثة احدهما الولد ، فان من لم يكن له ولد لاذكر
له بعد الموت ، ولو أن هناك آثار أخرى تكون ذكرى له ، ولكن الولد
اثر اكبر واكبر لا سيّما ان كان من الصالحين ، فانه يحيى والده في كل
حين ، ربي لا تذرني فرداً وانت خير الوارثين ، فعليه امرنا بطلب الولد
كي يكون لنا ثمرا جنيّا ان شاء الله تعالى.
1 ـ قال أمير المؤمنين عليه افضل تحيات رب العالمين : عن النبي
صلى الله عليه وآله قال : اكاثر بكم الأمم غداً ... المواعظ العددية
باب الابعمائة ، ص 291.
2 ـ ( هنالك دعا زكريّا ربّه ، قال ربّ هب لي من لدنك ذرّية طيّبة
أنك سميع الدعاء * فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب ، ان
الله يبشرك بيحيى مصدّقا بكلمة من الله ، وسيّدا وحصورا ونبيّا من
الصالحين * قال ربّ أنّى يكون لي غلام وقد بلغني الكبر وامرأتي
عاقرا ، قال كذلك الله يفعل ما يشاء ) ( آل عمران ـ 40 ).