لكل شيء زينة في الدنيا وزينة المرء كمال الأدب.
مما يجب على الولد أن يكون مؤدبّا في كل حال وكل حين ، لا سيما
وبالخصوص عند والديه ، فان الأدب عند الوالدين مما يزيد في توفيق
الانسان ، لذا ترى القرآن الكريم ينادي بأعلى صوته :
1 ـ وقضى ربّك الاّ تعبدوا الاّ ايّاه ، وبالوالدين احسانا امّا
يبلغن عندك الكبر احدهما او كلاهما ، فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما
وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذّل من الرحمة وقل رب
ارحمهما كما ربيّاني صغيراً .... ( بني اسرائيل ـ 23 ).
2 ـ قال ـ اي ابو ولاد الحناط ـ ثم قال ابو عبد الله عليه الصلاة
والسلام : وأمّا قول الله تعالى ( امّا يبلغّن عندك الكبر احدهما او
كلاهما ، فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما ) قال عليه
السلام : ان اضجرالك فلا تقل ليهما أف ، ولا تنهرهما ان ضرباك. قال
عليه السلام : ( وقل لهما قولا كريما ) : قال عليه السلام : ان ضرباك
فقل لهما غفرالله لكما ، فذلك منك قول كريم ... ذرايع البيان ، الأفه
الثامنة ، ص 174.
3 ـ قال مجاهد معناه ان بلغا عندك من الكبر ما يبولان ويحدثان
(32)
فلا تتقذّرهما ، وامط عنهما كما كانا يميطان عنك في حال الصغر، والمتبرم
ويكثر قول أف ، وهي كلمة تدل على الضجر ... مجمع البيان
ج6 ، ص 409 ، ذيل آية ( وقضى ربك ) من سورة بني اسرائيل.
الأعمال علىشطرين : اعمال ذات فضيلة ، واعمال ذات رذيلة. أما
الرذائل فلسنا هنا بصددها. وأما الفضائل : فهي من الكلّي المشك ،
أي لها مراتب متعددة ، فبعضها أفضل من البعض الآخر. ان قلت :
كيف نرتّب هذا الترتيب ؟. قلنا هذا ترتيب رتّبه المولى جلّ وعلا شأنه ،
وهو أعلم بالمصالح ، فكلما كانت المصلحة فيها أتم وأكمل فهي افضل ،
وهذا ما يحكم به العقل و النقل. وما بعد الحّق الاّ الضلال.
1 ـ حدثنا أبي (رض ) قال : حدثنا علي بن الحسين السعد
آبادي ، عن احمد بن أبي الله البرقي ، عن محمد بن احمد
الأيادي ، عن عبد الله بم محمد عن عمرو بن شمر ، عن ابان بن محمد
عن محمد بن علي عليهما السلام ، قال : ما من عمل افضل يوم النحرمن
دم مسفوك ، او مشى في بر الوالدين ، أو ذي رحم قاطع يأخذ عليه
بالفضل ويبدأه بالسلام ، او رجل اطعم من صالح نسكه ودعا الى
بقيّتها جيرانه من اليتامى واهل المسكنة والمملوك ، وتعاهد الأسراء.
... الخصال ، باب الخمسة ، ص 242 ، الحديث 86.
لا ناصح كالأب بالنسبة الى ولده ، ولا يتصوّر أنّ هناك اب يبخل
على ولده بالنصيحة ، ومن المستحيل أن يخرج الولد من قلب ابيه مهما
كلّف الأمر ، لذا ترى الآباء يبالغون في نصح ابنائهم جزاهم الله خيرا.
1 ـ قال العباس بن عبد المطلب لا بنه : يا بني لاتعلم العل ـ م
لثلاث خصال : لتماري به ، ولترائي فيه ، ولتباهي به. ولا تدعه لثلاث
خصال : لرغبة في الجهل ، ولزهد في العلم ، ولاستحياء في التعليم
.... معدن الجواهر ص 36.
2 ـ ومن كلام لقمان لابنه : ثلاثة لا تعرفهم الاعند ثلاثة : لا تعرف
الحليم الا عند الغضب ، والشجاع الاّ عند الحرب ، ولا اخاك الاّ عند
الحاجة ... معدن الجواهر ص 37.
من المعلوم لزوم نصح الأبناء على الاباء ولما كان التعبّد لله اولى
من كل شيء لزم على الأبناء ايضاً نصح الآباء في هذا المورد ، لذا ترى
ابراهيم عليه السلام ينصح آذر ـ سواء كان عمّه اوجدّه لأمه كما جاء في
التفسير ـ فكلاهما يسمون أب عند العرب.
1 ـ قال تعالى : اذ قال لا بيه يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر.
( 42 ـ مريم )
2 ـ يا ابت اني قد جاءني من العلم ما لم يأتك فأتبعني . ( 43 ـ مريم )
3 ـ يا ابت لا تعبد الشيطان. ( 44 ـ مريم )
4 ـ يا ابت اني اخاف أن يمسسك عذاب من الرحمن . ( 45 ـ مريم )
لو نظرنا الى أبعاد الوالدين لرأيناها ابعد مما تتصور ، وذلك
على لسان القرآن الكريم حيث قال : حاكيا عن اسماعيل ذبيح الله :
1 ـ قال يا ابت افعل ما تؤمر. ( 102 ـ الصافات ) وهو ـ اي ابراهيم
عليه السلام يريد ذبحه.
2 ـ عن الراوندي ، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم : أنّه
قال : ـ في حديث الى أن قال ـ وان امراك ان تخرج من اهلك و
مالك فاخرج ولا تحزنهما ... ذرايع البيان ، ص 200 ، تكمله.
3 ـ وقال صلى الله عليه وآله وسلّم : طاعة الله طاعة الوالد ...
غوالي الدرر، حرف الطاء ، ص 107.
4 ـ واخفض لهما جناح الذل من الرحمه ... ( بني اسرائل 24 ).
5 ـ وان جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما ...
( العنكبوت ـ 8 ).
6 ـ قال (( الصادق عليه السلام )) : ( واخفض لهما جناح الذل
(37)
من الرحمه ) قال : لا تملأ عينيك من النظر اليهما الاّ برأفة ورحمة ، ولا ترفع صوتك فوق اصواتهما ، ولا يدك فوق ايديهما ، ولا تقدّم قدّامهما
... مجمع البيان ، ج 6 ، ص 409 ، ذيل آية ( وقضى ربك ) من سورة
بني اسرائيل.
7 ـ محمد بن يحيى ، عن احمد بن محمد بن عيسى ، وعلي بن
ابراهيم ، عن أبيه جميعا ، عن الحسين بن محبوب ، عن أبي ولاّد
الحنّاط ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام ، عن قول الله عزوجلّ :
( وبالوالدين احسانا ) ما هذا الاحسان ؟. فقال عليه الصلاة والسلام :
الاحسان أن تحسن صحبتهما وأن لا تكلفهما أن يسألاك شيئا مما
ممّا يجتاجان اليه ، وان كانا مستغنيين ، أليس يقول عزوجلّ :
( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ) قال : ثم قال أبو عبدالله عليه
أفضل التحيات ، وأما قول الله عزوجلّ : ( اما يبلغن عندك الكبر
احدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما ). قال سلام الله عليه:
ان اضجراك فلا تقل لهما أف ، ولا تنهرهما ان ضرباك. قال : ( وقل
لهما قولا كريما ) قال عليه السلام : ان ضرباك فقل لهما : غفر الله لكما ،
فذلك منك قول كريم قال : ( واخفض لهما جناح الذل من الرحمة )
قال عليه السلام لا تملأ عينيك من النظر اليهما الاّ برحمة ورقّة ولا ترفع
صوتك فوق اصواتهما ، ولا يدك فوق ايديهما ، ولا تقدم قدّامهما ...
الكافي ، ج 2 ، ص 126 ، باب البر ، الحديث 1.
8 ـ ابن محبوب ، عن خالد بن نافع التجلّي ، عن محمد بن مروان
قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : ان رجلا أتى النبي صلى الله
( 38)
عليه وآله وسلّم ، فقال : يا رسول الله أوصنى ! فقال صلى الله عليه وآله
وسلّم : لا تشرك بالله شيئا وان حرقت بالنار وعذبت الاّ وقلبك مطمئن
بالايمان ، ووالديك فأطعهما وبرّهما ، حيين ّ كانا أو ميتين ، وان أمراك
أن تخرج من أهلك ومالك فافعل ، فان ذلك من الايمان ... الكافي ،
ج2 ، ص 126 ، باب البر ، الحديث 2.
من حق الولد على الوالد أن يوصيه بما ينفعه ويرشده ويأدبّه ، كي
لا يكون عضوا فاسدا في المجتمع وعالة وكلاّ عليه ، ولكي يكون بعده احد
الثلاثة الذين يخلف بهم المرء وهو الولد الصالح ، ولو صلح الولد لكان
عاملا مهمّا في جلب الرحمة لوالديه بعد الموت ، وهذا هو المطلوب.
1 ـ اوصى حكيم ولده فقال : يا بني احذر خصلة واحده تسلم ، واتبع
خصلة واحدة تغنم : لا تدخل مداخل السؤ تتهم ، واشكر تدم لك النعم
واعلم أن العز في خصلة واحدة ، وهي طاعة الله ، والذل في خلصة
واحدة ، وهي معصية الله ، والغنا في خصلة واحدة وهو الرضا بقسم
الله ، والفقر في خصلة واحدة ، وهي استقلال نعم الله ، والناس يا
بني يتفاضلون بشيء واحد وهو العقل ، ويتميزون بشيء واحد وهو العلم ،
ويفوزون بشيء واحد وهو العمل ، ويسودون بشيء واحد وهو الحلم.
فعليك يا بني في دينك بشيء واحد وهو الازدياد ، وفي دنياك بشيء
واحد وهو الاقتصاد. معدن الجواهر ص 24.
2 ـ قال لقمان لا بنه : يا بني أنهاك عن شيئين ، عن الكسل والضجر ،
فانك اذا كسلت لم تؤدي حقا ، واذا ضجرت لم تصبر على حق. معدن
الجواهر ص 27.
(40)
3 ـ أوصى حكيم ولده فقال : يا بني ان آردت الخلاص فعليك بشيئين :
لا تضع ما عندك الاّ في حقه ، ولا تأخذ ما ليس لك الاّ بحقه. تحصّن يا
بني من الساعي عليك بشيئين : بالمداراة وحسن المعاشرة ، فانك لا
تعدم احد شيئين : اما صداقة تحدث بينكما بؤمنك شره ، واما فرصة
تظفرك به. معدن الجواهر ... باب ذكر ما جاء في اثنين ـ ص 29.
4 ـ وصية أخرى : يا بني احفظ عنّي ثلاثة : وقّر أباك تطل ايامك ،
وقّر امك ترى لبنيك بنينا ، ولا تحد النظر الى والديك فتعقهما. معدن
الجواهر ص 37.
5 ـ واعلم يا بني : أن الايام ثلاثة : أمس : يوم ماضي كأن لم يكن ،
وغد : يوم منتظر كأن قد أتى ، واليوم : مقيم بغنيمة الا كآيس لتزود
الخيرات وتقطعه الفجرة بالأماني ، مع أنها ليست ايام ولكنها ساعات ،
وليست ساعات ولكنها اوقات أقل من ارتداد الطرف. معدن الجواهر
ص 37.
6 ـ واعلم ان الناس في الدنيا بين ثلاثة احوال حسنات وسيئات ولذات
، وفي الآخرة بين ثلاثة احوال درجات ودركات ومحاسبات ، فمن
عمل في الدنيا بالحسنات نال في الآخرة الدرجات ، ومن ترك في الدنيا
السيئآت نجى في الآخرة من الدركات ، ومن هجر في الدنيا الل ـ ذات
خلص في الآخرة من المحاسبات ... معدن الجواهر ... باب ذكر ما
جاء في ثلاثة. ص 37.