161
وَاَوْصِياءِ نَبِيِّ اللّهِ (1)
تعالى إلاّ علي بن أبي طالب والأئمّة من بعده (عليهم السلام) » (1) .
3 ـ حديث عبدالأعلى مولى آل سام قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول : « والله إنّي لأعلم كتاب الله من أوّله إلى آخره كأنّه في كفّي ، فيه خبر السماء وخبر الأرض ، وخبر ما كان وخبر ما هو كائن ، قال الله عزّوجلّ : (تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْء) (2) » (3) .
4 ـ حديث عبدالرحمن بن كثير ، عن الإمام الصادق (عليه السلام) جاء فيه : « ...ففرّج أبو عبدالله (عليه السلام) بين أصابعه فوضعها على صدره ، ثمّ قال : وعندنا والله علم الكتاب كلّه » (4) .
ولاحظ أحاديث باب أنّهم الذكر وأهل الذكر (5) .
(1) ـ أوصياء : جمع وصيّ ، وهو لغة مأخوذ من الوصيّة على وزن فعيلة ، من وصى يصي : إذا وصل الشيء بغيره ، لأنّ الموصي يوصل تصرّفه بعد الموت بما قبله . والوصاية : هي إستنابة الموصي غيره بعد موته في التصرّف فيما كان له التصرّف فيه (6) ، و : (أوصى الرجل ووصّاه أي عهد إليه) (7) .
(1) الكافي : ج1 ص228 ح1 .
(2) سورة النحل : الآية 89 .
(3) الكافي : ج1 ص229 ح4 .
(4) الكافي : ج1 ص229 ح5 .
(5) بحار الأنوار : ج23 ص172 ب9 الأحاديث .
(6) مجمع البحرين : مادّة وصا ص93 .
(7) لسان العرب : ج15 ص394 .
162
وهذه الوصاية كانت ثابتة مستمرّة من النبي آدم (عليه السلام) إلى الرسول الخاتم (صلى الله عليه وآله) .
وأوصياء نبي الله (صلى الله عليه وآله) هم الذين أوصى إليهم الرسول بأمر ربّه ، وجعلهم أولى بالمؤمنين من أنفسهم كنفسه ، ونصبهم حججاً على خلقه ، وأئمّة على بريّته ، وخلفاء في أرضه .
وهم كرسول الله عليه وآله صلوات الله إلاّ في النبوّة فهو نبي وهم أئمّة .
وهؤلاء الأوصياء هم الأئمّة الإثنى عشر ، أوّلهم أمير المؤمنين وسيّد الوصيين علي بن أبي طالب ، وآخرهم الوصي الغائب والنجم الثاقب الحجّة بن الحسن المنتظر أرواحنا فداهم الذين ثبتت وصايتهم بالمعجزات الباهرات والآيات الظاهرات ، والنصوص المتواترات .
فقد تواترت الأحاديث الصريحة بالألسنة الفصيحة على وصايتهم وخلافتهم من طرق الخاصّة والعامّة ممّا جمعها في غاية المرام (1) من الخاصّة في 119 حديثاً ، ومن العامّة في 135 حديثاً .
ومنها ما رواها العامّة عن النبي (صلى الله عليه وآله) في صحاحهم فقط بما يزيد على ستّين حديثاً بطرق عديدة (2) ممّا صرّحت بوصاية الأئمّة الإثنى عشر (عليهم السلام) .
وفي بعضها التنصيص على أسمائهم إلى الإمام المهدي (عليه السلام) ، مع ذكر سيّدة النساء فاطمة الزهراء سلام الله عليها بالنصّ الجلي .
ففي حديث الزمخشري والحمويني والقندوزي وابن حسنويه الحنفي :
(1) غاية المرام : ص32 ـ 27 ب12 ـ 13 ، وص152 ـ 168 ب22 ـ 23 .
(2) إحقاق الحقّ : ج13 ص1 ـ 86 .
163
« فاطمة قلبي ، وإبناها ثمرة فؤادي ، وبعلها نور بصري ، والأئمّة من ولدها أمارتي وحبلي الممدود ، فمن إعتصم بهم نجى ، ومن تخلّف عنهم هوى » (1) .
هذا إلى جانب ما تواتر من الأحاديث الشريفة من طرق الخاصّة المعتبرة الواردة في اُصولهم الأصيلة .
ويكفيك في ذلك حديث لوح فاطمة سلام الله عليها الذي أهداه الله تعالى إلى رسوله وأعطاه رسول الله للزهراء (عليها السلام) بمناسبة ميلاد الإمام الحسين (عليه السلام)ليسرّها بذلك ويبشّرها بالأوصياء والأزكياء الذين يكونون من ولدها .
والحديث من طرائف الحكمة ننقله للإنتفاع والبركة .
روى جماعة من الأعلام الأعاظم منهم ثقة الإسلام الكليني عن محمّد بن يحيى ومحمّد بن عبدالله ، عن عبدالله بن جعفر ، عن الحسن بن ظريف وعلي بن محمّد ، عن صالح بن أبي حمّاد ، عن بكر بن صالح ، عن عبدالرحمن بن سالم ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : قال أبي لجابر بن عبدالله الأنصاري : إنّ لي إليك حاجة فمتى يخفّ عليك أن أخلو بك فأسألك عنها .
فقال له جابر : أي الأوقات أحببته ، فخلا به في بعض الأيّام .
فقال له : ياجابر أخبرني عن اللوح الذي رأيته في يد اُمّي فاطمة (عليها السلام) بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) وما أخبرتك به اُمّي أنّه في ذلك اللوح مكتوب ؟
فقال جابر : أشهد بالله أنّي دخلت على اُمّك فاطمة (عليها السلام) في حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله) فهنّيتها بولادة الحسين (عليه السلام) ورأيت في يديها لوحاً أخضر ، ظننت أنّه
(1) إحقاق الحقّ : ج13 ص79 .
164
من زمرّد ورأيت فيه كتاباً أبيض ، شبه لون الشمس .
فقلت لها : بأبي واُمّي يابنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما هذا اللوح ؟
فقالت : هذا لوح أهداه الله إلى رسوله (صلى الله عليه وآله) فيه إسم أبي واسم بعلي واسم إبنيّ واسم الأوصياء من ولدي ، وأعطانيه أبي ليبشّرني بذلك .
قال جابر : فأعطتنيه اُمّك فاطمة (عليها السلام) فقرأته واستنسخته .
فقال له أبي : فهل لك ياجابر أن تعرضه علىّ ؟
قال : نعم ، فمشى معه أبي إلى منزل جابر فأخرج صحيفة من رقّ .
فقال : ياجابر اُنظر في كتابك لأقرأ أنا عليك ، فنظر جابر في نسخته فقرأه أبي فما خالف حرف حرفاً ، فقال جابر : فأشهد بالله أنّي هكذا رأيته في اللوح مكتوباً :
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا كتاب من الله العزيز الحكيم لمحمّد نبيّه ونوره وسفيره وحجابه ودليله ، نزل به الروح الأمين من عند ربّ العالمين ، عظِّم يامحمّد أسمائي واشكر نعمائي ولا تجحد آلائي ، إنّي أنا الله لا إله إلاّ أنا قاصم الجبّارين ، ومُديل المظلومين ، وديّان الدِّين ، إنّي أنا الله لا إله إلاّ أنا ، فمن رجا غير فضلي ، أو خاف غير عدلي ، عذّبته عذاباً لا اُعذّب به أحداً من العالمين ، فإيّاي فاعبد وعلىّ فتوكّل ، إنّي لم أبعث نبيّاً فاُكملت أيّامه وإنقضت مدّته إلاّ جعلت له وصيّاً ، وإنّي فضّلتك على الأنبياء وفضّلت وصيّك على الأوصياء ، وأكرمتك بشبليك وسبطيك حسن وحسين ، فجعلت حسناً معدن علمي ، بعد إنقضاء مدّة أبيه ، وجعلت حسيناً خازن وحيي وأكرمته بالشهادة وختمت له بالسعادة ، فهو أفضل من
165
ـ إستشهد وأرفع الشهداء درجةً ، جعلت كلمتي التامّة معه وحجّتي البالغة عنده ، بعترته اُثيب واُعاقب ، أوّلهم علي سيّد العابدين وزين أوليائي الماضين ، وإبنه شبه جدّه المحمود محمّد الباقر علمي والمعدن لحكمتي ، سيهلك المرتابون في جعفر ، الرادُّ عليه كالرادّ عليّ ، حقّ القول منّي لأكرمنّ مثوى جعفر ولاُسرّنّه في أشياعه وأنصاره وأوليائه ، اُتيحت بعد موسى فتنة عمياء حندس لأنّ خيط فرضي لا ينقطع وحجّتي لا تخفى وأنّ أوليائي يسقون بالكأس الأوفى ، من جحد واحداً منهم فقد جحد نعمتي ومن غيّر آية من كتابي فقد افترى عليّ ، ويل للمفترين الجاحدين عند إنقضاء مدّة موسى عبدي وحبيبي وخيرتي في علي وليّي وناصري ومن أضع عليه أعباء النبوّة وأمتحنه بالإضطّلاع بها ، يقتله عفريت مستكبر يدفن في المدينة التي بناها العبد الصالح إلى جنب شرّ خلقي ، حقّ القول منّي لاُسرّنّه بمحمّد إبنه وخليفته من بعده ووارث علمه ، فهو معدن علمي وموضع سرّي وحجّتي على خلقي ، لا يؤمن عبد به إلاّ جعلت الجنّة مثواه وشفّعته في سبعين من أهل بيته كلّهم قد استوجبوا النار ، وأختم بالسعادة لإبنه علي وليّي وناصري والشاهد في خلقي وأميني على وحيي ، اُخرج منه الداعي إلى سبيلي والخازن لعلمي الحسن ، واُكمّل ذلك بإبنه « م ح م د » رحمة للعالمين ، عليه كمال موسى ، وبهاء عيسى ، وصبر أيّوب ، فيذلّ أوليائي في زمانه ، وتتهادى رؤوسهم كما تتهادى رؤوس الترك والديلم ، فيُقتلون ويُحرقون ، ويكونون خائفين ، مرعوبين ، وجلين ، تصبغ الأرض بدمائهم ويفشوا الويل والرنّة في نسائهم ، اُولئك أوليائي حقّاً ، بهم أدفع كلّ فتنة عمياء حندس ، وبهم أكشف الزلازل ، وأدفع الآصار والأغلال ، اُولئك عليهم صلوات من ربّهم ورحمة ، واُولئك
166
وَذُرِّيَّةِ رَسُولِ اللّهِ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ (1) وَرَحْمَةُ اللّهِ وَبَرَكاتُهُ .
هم المهتدون .
قال عبدالرحمن بن سالم : قال أبو بصير : لو لم تسمع في دهرك ، إلاّ هذا الحديث لكفاك ، فصُنه إلاّ عن أهله (1) .
هؤلاء خلفاء الله تعالى في أرضه ، وأوصياء الرسول في بريّته ، ووسائل الخير إلى يوم القيامة وما بعد يوم القيامة .
وتتمثّل الخلافة والوصاية هذا اليوم في خاتمهم وقائمهم ومهديّهم المنتظر (عليه السلام) الذي هو المحور الأساسي لفلك الوجود ، والوسيط الرئيسي لفيض كلّ موجود ; فينتفع بوجوده ، ويستضاء بنور ولايته في غيبته كما ينتفع بالشمس وإن جلّلها السحاب ، كما بيّنه الرسول الناطق (صلى الله عليه وآله) في حديث جابر بن عبدالله الأنصاري (2) ، ثمّ ولده الإمام الصادق (عليه السلام) في حديث سليمان بن مهران الأعمش (3) ، ثمّ نفس الإمام المهدي (عليه السلام) في جواب مسائل إسحاق بن يعقوب (4) .
(1) ـ ذرّية على وزن فُعْليّة ، وجمعها ذرّيّات وذراري .
هي في اللغة اسم لجميع نسل الإنسان من ذكر واُنثى (5) .
(1) الكافي ، للكليني : ج1 ص527 ، إكمال الدين ، للصدوق : ص308 ، الإختصاص ، للشيخ المفيد : ص210 ، إعلام الورى ، لأمين الإسلام : ص225 ، الإحتجاج ، للطبرسي : ج1 ص41 ، بحار الأنوار ، للمجلسي : ج36 ص196 .
(2) إعلام الورى : ص376 .
(3) أمالي الصدوق : ص164 .
(4) الغيبة ، للشيخ الطوسي : ص177 .
(5) مجمع البحرين : مادّة ذرر ص261 .
167
وذرّية الرجل : ولده (1) .
مأخوذة من الذرّ بمعنى البثّ والنشر والتفريق (2) .
فسمّي نسل الإنسان بالذرّية لأنّ الله تعالى ذرّهم ونشرهم في الأرض حين أخرجهم من صلب آدم (عليه السلام) في عالم الذرّ (3) .
وكان القياس في نسبته أن يقال : ذَريّة بالفتح ، لكنّها لم تجيء إلاّ مضمومة الأول (4) .
وذرّية رسول الله (صلى الله عليه وآله) هم أهل البيت سلام الله عليهم بدليل القرآن والسنّة ، ثمّ اللغة .
وتشمل الذرّية أمير المؤمنين (عليه السلام) الذي هو أخ الرسول لا ولده بالتغليب كما أفاده العلاّمة المجلسي (قدس سره) (5) .
والتغليب باب شائع في اللغة وهو إيثار أحد اللفظين على الآخر ، إذا كان بين مدلوليهما عُلقة وإختلاط (6) .
وتشمل أيضاً الصدّيقة الطاهرة سيّدة الذرّية المطهّرة وبضعة النبي بالنصّ الجليّ ، وليس ذلك بخفي .
(1) المصباح المنير : مادّة ذرّ .
(2) المحيط في اللغة : ج10 ص55 .
(3) مرآة الأنوار : ص102 .
(4) لسان العرب : ج4 ص34 .
(5) بحار الأنوار : ج102 ص136 .
(6) المعجم الوسيط : ج2 ص658 .
168
وتشمل السيّدين الإمامين الحسنين ثمّ أولاد الإمام الحسين (عليهما السلام) بالنصّ القرآني والروائي ، فهم ذرّية الرسول وأبناؤه .
والدليل من نصّ الكتاب :
1 ـ أنّ الله تعالى سمّاهم أبناء الرسول في آية المباهلة : (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَّعْنَةَ اللهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ) (1) .
ومن المتّفق عليه من الفريقين أنّه لم يكن مع الرسول من الرجال إلاّ علي ابن أبي طالب ، ومن النساء إلاّ فاطمة الزهراء ، ومن الأبناء إلاّ الحسن والحسين (عليهم السلام) رويت في طرق الخاصّة بخمسة عشر حديثاً ، وفي طرق العامّة بتسعة عشر حديثاً (2) .
2 ـ أنّ الله تعالى أطلق عليهم الذرّية في كتابه الكريم : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَان أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ) (3) .
فقد نزلت في الرسول والأمير والزهراء والأبناء (عليهم السلام) في تفسير ابن عبّاس (4) بل في حديث التفسير (5) .
والدليل من نصوص السنّة أحاديث كثيرة ، في أبواب كثار ممّا صرّحت
(1) سورة آل عمران : الآية 61 .
(2) غاية المرام : ص302 ـ 303 .
(3) سورة الطور : الآية 21 .
(4) بحار الأنوار : ج25 ص241 ح22 .
(5) كنز الدقائق : ج12 ص454 .
169
ونصّت على الإمامين الهمامين الحسن والحسين بالذرّية ، وجعلتهما إبنا رسول الله ، وجعلت الذرّية النبوية من صلبه وصلب علي بن أبي طالب (عليهم السلام) » (1) .
من ذلك حديث أبي الجارود ، عن الإمام الباقر (عليه السلام) قال :
« ياأبا الجارود ما يقولون في الحسن والحسين ؟
قلت : ينكرون علينا أنّهما إبنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) .
قال : فبأي شيء احتججتم عليهم ؟
قلت : بقول الله في عيسى بن مريم : (وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ ـ إلى قوله : ـ كُلٌّ مِنْ الصَّالِحِينَ) (2) فجعل عيسى من ذرّية إبراهيم ، واحتججنا عليهم بقوله تعالى : (قُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ) (3) .
قال : فأي شيء قالوا ؟
قال : قلت : قد يكون ولد البنت من الولد ولا يكون من الصلب .
قال : فقال أبو جعفر (عليه السلام) : والله ياأبا الجارود لاُعطينّكها من كتاب الله آية تسمّي لصلب رسول الله (صلى الله عليه وآله) لا يردّها إلاّ كافر .
قال : قلت : جعلت فداك وأين ؟
قال : حيث قال الله : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ
(1) بحار الأنوار : ج25 ص241 ، وج43 ص229 ب9 الأحاديث ، وص270 ح30 ، وص284 ح50 .
(2) سورة الأنعام : الآية 84 و85 .
(3) سورة آل عمران : الآية 61 .
170
ـ إلى قوله ـ وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمْ الَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ) (1) فسلهم ياأبا الجارود هل يحلّ لرسول الله (صلى الله عليه وآله) نكاح حليلتهما ؟ فإن قالوا : نعم فكذبوا والله ، وإن قالوا : لا ، فهما والله إبنا رسول الله لصلبه ، وما حرّمت عليه إلاّ للصلب » (2) .
هذا مضافاً إلى دليل اللغة وتصريح أهلها بتفسير الذرّية بالأولاد الشامل للذكور والإناث كما تقدّم .
ومضافاً إلى أنّه قد اُطلق على الحسنين (عليهما السلام) الإبن ، والأصل في الإستعمال الحقيقة .
ولإبن أبي الحديد كلام شاف وإعتراف واف قال فيه :
فإن قلت : أيجوز أن يقال للحسن والحسين وولدهما : أبناء رسول الله وولد رسول الله ، وذرّية رسول الله ، ونسل رسول الله ؟
قلت : نعم ; لأنّ الله تعالى سمّاهم « أبناءه » في قوله تعالى : (نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ) ، وإنّما عنى الحسن والحسين ، ولو أوصى لولد فلان بمال دخل فيه أولاد البنات ، وسمّى الله تعالى عيسى ذرّية إبراهيم في قوله : (وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيَْمانَ) إلى أن قال : (وَيَحْيَى وَعِيسَى) ; ولم يختلف أهل اللغة في أنّ ولد البنات من نسل الرجل .
فإن قلت : فما تصنع بقوله تعالى : (مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَد مِّن رِّجَالِكُمْ) (3) ؟
قلت : أسألك عن اُبوّته لإبراهيم بن مارية ; فكما تجيب به عن ذلك ;
(1) سورة النساء : الآية 23 .
(2) بحار الأنوار : ج43 ص232 ب9 ح8 .
(3) سورة الأحزاب : الآية 40 .