201
    قال (عليه السلام) : « لقد أعطانا الله ربّنا ما هو أجلّ وأعظم وأعلى وأكبر من هذا كلّه » .
    قلنا : ياأمير المؤمنين ما الذي أعطاكم ما هو أعظم وأجلّ من هذا كلّه ؟
    قال : « قد أعطانا ربّنا عزّوجلّ علمنا للإسم الأعظم ، الذي لو شئنا خرقت السماوات والأرض والجنّة والنار ، ونعرج به إلى السماء ونهبط به الأرض ، ونغرّب ونشرّق وننتهي به إلى العرش فنجلس (1) عليه بين يدي الله عزّوجلّ ، ويطيعنا كلّ شيء حتّى السماوات والأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب والبحار والجنّة والنار ، أعطانا الله ذلك كلّه بالاسم الأعظم الذي علّمنا وخصّنا به ، ومع هذا كلّه نأكل ونشرب ونمشي في الأسواق ، ونعمل هذه الأشياء بأمر ربّنا ونحن عباد الله المكرمون الذين لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون .
    وجعلنا معصومين مطهّرين وفضّلنا على كثير من عباده المؤمنين ، فنحن نقول : الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنّا لنهتدي لولا أن هدانا الله وحقّت كلمة العذاب على الكافرين ، أعني الجاحدين بكلّ ما أعطانا الله من الفضل والإحسان ، ياسلمان وياجندب فهذا معرفتي بالنورانية فتمسّك بها راشداً فإنّه لا يبلغ أحد من شيعتنا حدّ الإستبصار حتّى يعرفني بالنورانية ، فإذا عرفني بها كان مستبصراً بالغاً كاملا قد خاض بحراً من العلم ، وارتقى درجة من الفضل ، واطّلع على سرّ من سرّ الله ، ومكنون خزائنه » (2) .
(1) في الهامش : هذا كناية عن شدّة قربهم وعظم منزلتهم عند الله ، أو كناية عن إحاطتهم العلمية باُمور السماوات والأرضين بإفاضة الله تعالى إيّاهم ، أو قدرتهم عليها واطاعتها لهم (عليهم السلام) .
(2) بحار الأنوار : ج26 ص6 ـ 7 ب1 ح1 .



202
    4 ـ حديث جابر ، عن الإمام السجّاد (عليه السلام) أنّه قال : « ... اخترَعَنا من نور ذاته وفوّض إلينا اُمور عباده ، فنحن نفعل بإذنه ما نشاء ، ونحن إذا شئنا شاء الله ، وإذا أردنا أراد الله ونحن أحلّنا الله عزّوجلّ هذا المحلّ ، واصطفانا من بين عباده ، وجعلنا حجّته في بلاده .
    فمن أنكر شيئاً وردّه فقد ردّ على الله جلّ إسمه وكفر بآياته وأنبيائه ورسله ياجابر من عرف الله تعالى بهذه الصفة فقد أثبت التوحيد » (1) .
    5 ـ حديث زرارة ، عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السلام)يحدّث عن آبائه (عليهم السلام) أنّ مريضاً شديد الحمّى عاده الحسين (عليه السلام) فلمّا دخل باب الدار طارت الحمّى عن الرجل ، فقال له : رضيت بما اُوتيتم به حقّاً حقّاً ، والحمّى تهرب عنكم .
    فقال له الحسين (عليه السلام) : « والله ما خلق الله شيئاً إلاّ وقد أمره بالطاعة لنا » ... الحديث (2) .
    6 ـ حديث ابن فضّال ، عن الإمام الصادق (عليه السلام) في وفد خراسان جاء فيه : « سبحان الذي سخّر للإمام كلّ شيء ، وجعل له مقاليد السماوات والأرض لينوب عن الله في خلقه ويقيم فيهم حدوده ، كما تقدّم إليه ليثبت حجّة الله على خلقه ، فإنّ الإمام حجّة الله تعالى في خلقه » (3) .
    7 ـ حديث سليمان بن خالد المتقدّم عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال :
(1) بحار الأنوار : ج26 ص14 ب1 ح2 .
(2) بحار الأنوار : ج44 ص183 ب25 ح8 .
(3) الثاقب في المناقب : ص418 ح2 .



203
سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول : « ما من شيء ولا من آدمي ، ولا إنسي ولا جنّي ، ولا ملك في السماوات إلاّ ونحن الحجج عليهم ، وما خلق الله خلقاً إلاّ وقد عرض ولايتنا عليه ، واحتجّ بنا عليه ، فمؤمن بنا وكافر جاحد حتّى السماوات والأرض والجبال ... » (1) .
    8 ـ حديث محمّد بن سنان ، عن الإمام الجواد (عليه السلام) أنّه قال له : « يامحمّد إنّ الله تبارك وتعالى لم يزل متفرّداً بوحدانيته ثمّ خلق محمّداً وعلياً وفاطمة ، فمكثوا ألف دهر ، ثمّ خلق جميع الأشياء ، فأشهدهم خلقها وأجرى طاعتهم عليها وفوّض اُمورها إليهم ، فهم يحلّون ما يشاؤون ويحرّمون ما يشاؤون ، ولن يشاؤوا إلاّ أن يشاء الله تبارك وتعالى .
    ثمّ قال : يامحمّد هذه الديانة التي من تقدّمها مَرَق ومن تخلّف عنها محق ومن لزمها لحق ، خذها إليك يامحمّد » (2) .
    9 ـ حديث الثمالي ، عن الإمام الباقر (عليه السلام) قال : سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول : « أوحى الله تعالى إلى محمّد (صلى الله عليه وآله) إنّي خلقتك ولم تك شيئاً ، ونفخت فيك من روحي كرامة منّي أكرمتك بها حين اُوجبت لك الطاعة على خلقي جميعاً ، فمن أطاعك فقد أطاعني ومن عصاك فقد عصاني ، وأوجبت ذاك في علي وفي نسله ممّن اختصصته منهم لنفسي » (3) .
    10 ـ حديث يونس ، عن الإمام الصادق (عليه السلام) في زيارة الإمام
(1) مستطرفات السرائر : ج3 ص575 .
(2) الكافي : ج1 ص441 ح5 .
(3) الكافي : ج1 ص440 ح4 .



204
وَالذّادَةِ الْحُماةِ (1)

الحسين (عليه السلام) قلت : جعلت فداك إنّي اُريد أن أزوره فكيف أقول وكيف أصنع ؟
    قال : إذا أتيت أبا عبدالله (عليه السلام) فاغتسل على شاطيء الفرات ، ثمّ البس ثيابك الطاهرة ، ثمّ امش حافياً فإنّك في حرم من حرم الله وحرم رسوله ، وعليك بالتكبير والتهليل والتسبيح والتحميد والتعظيم لله عزّوجلّ كثيراً ، والصلاة على محمّد وأهل بيته ، حتّى تصير إلى باب الحير ، ثمّ تقول :
    السلام عليك ياحجّة الله وابن حجّته ... من أراد الله بدأ بكم ، بكم يبيّن الله الكذب وبكم يباعد الزمان الكَلِب ، وبكم فتح الله ، وبكم يختم الله ، وبكم يمحو الله ما يشاء وبكم يثبت ، وبكم يفكّ الذلّ من رقابنا ، وبكم يدرك الله ترة كلّ مؤمن يطلب بها وبكم تنبت الأرض أشجارها ، وبكم تخرج الأشجار أثمارها ، وبكم تنزّل السماء قطرها ورزقها ، وبكم يكشف الله الكرب ، وبكم ينزّل الله الغيث ، وبكم تسيخ الأرض (1) التي تحمل أبدانكم ، وتستقرّ جبالها عن مراسيها .
    إرادة الربّ في مقادير اُموره تهبط إليكم وتصدر من بيوتكم ، والصادر عمّا فصل من أحكام العباد » (2) .
    (1) ـ الذادة : جمع الذائد مأخوذ من الذّود وهو دفع الضرر والضارّ ، مثل الذبّ بمعنى المنع والدفع ، أي الذين يدفعون عن دين الله تعالى ، ويُبَعّدون الناس عمّا
(1) « وبكم تسيخ » ـ بالسين المهملة والياء المثنّاة التحتانية والخاء المعجمة ـ أي تستقرّ وتثبت الأرض بكم لكونها حاملة لأبدانكم الشريفة أحياءً وأمواتاً ، وفي بعض النسخ بالباء الموحّدة والهاء المهملة يعني تسبّح فيمكن أن يقرأ على بناء المفعول أي تُقدّس وتُنزّه وتُذكر بالخير بيوتكم وضرائحكم ومواضع آثاركم ، كما في مرآة العقول .
(2) الكافي : ج4 ص576 ـ 577 ح2 .



205
يهلكهم ويردّون كيد الكائدين كما في حديث ابن وهب (1) .
    وفي الحديث الجامع لصفات الإمام (عليه السلام) « يَذُبّ عن دين الله » و « الذابّ عن حُرَمِ الله » (2) .
    وصرّح بها حديث جابر : « نحن الكفاة والولاة والحماة » (3) .
    والحماة : جمع الحامي من الحماية ، يقال : حمى الطبيبُ المريضَ أي منعه وجنّبه عمّا يضرّه ، وحمى الضعيف أي ساعَدَه .
    وأهل البيت سلام الله عليهم يحمون شيعتهم عن المذاهب الفاسدة ، والمهالك الكبيرة في الدنيا والآخرة ، بعناياتهم وبركاتهم وشفاعتهم .
    وقد وردت بذلك الأخبار المتواترة ، والأدلّة المتظافرة وعرفه الوجدان ، وأقرّ به كلّ ذي إيمان كما تلاحظه في أحاديث الاستشفاع (4) وأحاديث الشفاعة (5) .
    وتلاحظ لطفهم (عليهم السلام) في عدم إهمال ذكرنا ومراعاتنا في توقيع الناحية المقدّسة للشيخ المفيد (قدس سره) .
    جاء في التوقيع الأوّل : « إنّا غير مهملين لمراعاتكم ، ولا ناسين لذكركم ، ولولا ذلك لنزل بكم اللأواء واصطلمكم الأعداء » .
(1) الكافي : ج1 ص54 ح5 .
(2) الكافي : ج1 ص200 ح1 .
(3) بحار الأنوار : ج25 ص22 ب1 ح38 .
(4) بحار الأنوار : ج26 ص319 ب7 الأحاديث .
(5) بحار الأنوار : ج8 ص29 ب21 ح42 و31 و59 .



206
وَاَهْلِ الذِّكْرِ (1)

    وجاء في التوقيع الثاني : « لأنّنا من وراء حفظهم بالدعاء الذي لا يحجب عن ملك الأرض والسماء ، فليطمئن بذلك من أولياءنا القلوب ، وليثقوا بالكفاية منه وإن راعتهم بهم الخطوب ، والعاقبة بجميل صنع الله سبحانه تكون حميدة لهم ما اجتنبوا المنهي عنه من الذنوب » (1) .
    (1) ـ إشارة إلى أنّ أهل بيت العصمة سلام الله عليهم هم أهل الذكر الذين أمر الله تعالى بمسألتهم في القرآن الكريم حيث قال : (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالا نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) (2) .
    كما ورد تفسيره بهم في الأخبار المتواترة (21) حديثاً من طرق الخاصّة ، و (23) حديثاً من طرق العامّة (3) .
    والذِّكر في اللغة هو المذكِّر .
    وهو إمّا عبارة عن القرآن الكريم الذي لا يزال يُذكِّر ويُذَكّرُ به بدليل قوله تعالى : (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ) (4) .
    وأمّا عبارة عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) الذي هو أعظم مذكّر بالله إلى يوم القيامة ، بدليل قوله عزّ إسمه : (قَدْ أَنزَلَ اللهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً * رَّسُولا يَتْلُوْا عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللهِ) (5) .
(1) الاحتجاج : ج2 ص323 ـ 324 .
(2) سورة النحل : الآية 43 .
(3) غاية المرام : ص240 .
(4) سورة الزخرف : الآية 44 .
(5) سورة الطلاق : الآية 10 ـ 11 .



207
وَاُولِي الاَْمْرِ (1)

    وبكلا المعنيين يكون المعصومون أهل الذكر ، إذ هم أهل بيت الوحي القرآني ، وأهل البيت النبوي ، كما تلاحظه في أحاديثه الوافرة (1) من ذلك :
    1 ـ حديث محمّد بن مسلم ، عن الإمام الباقر (عليه السلام) قال : « إنّ من عندنا يزعمون أنّ قول الله عزّوجلّ : (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) أنّهم اليهود والنصارى .
    قال : إذاً يدعونكم إلى دينهم ، قال : ـ قال بيده إلى صدره ـ : نحن أهل الذكر ونحن المسؤولون » (2) .
    2 ـ حديث الفضل ، عن الإمام الصادق (عليه السلام) في قول الله تبارك وتعالى : (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ) .
    قال : « الذكر القرآن ونحن قومه ونحن المسؤولون » (3) .
    3 ـ حديث عبدالله بن عجلان ، عن الإمام الباقر (عليه السلام) : في قول الله عزّوجلّ : (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : « الذكر أنا ، والأئمّة أهل الذكر » (4) .
    (1) ـ تقدّم أنّ اُولي جمع لا واحد له من لفظه ، ويستعمل ذو مكان مفرده ، واُولو بمعنى أصحاب .
(1) الكافي : ج1 ص210 الأحاديث التسعة ، وبحار الأنوار : ج23 ص173 ب9 65 حديثاً .
(2) الكافي : ج1 ص211 ح7 .
(3) الكافي : ج1 ص211 ح5 .
(4) الكافي : ج1 ص210 ح1 .



208
    واُولو الأمر أي الذين هم أولياء الأمر وولاة التدبير .
    والأمر تقدّم معناه في فقرة « والمستقرّين في أمر الله » .
    وهذا إشارة إلى أنّ أهل البيت سلام الله عليهم هم الذين أمر الله بإطاعتهم في قوله عزّ إسمه : (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الاَْمْرِ مِنكُمْ) (1) .
    وقد وردت الأخبار المتواترة أيضاً من طرق الفريقين بتفسيرها بالآل الكرام صلوات الله عليهم (14) حديثاً من الخاصّة ، و (11) حديثاً من العامّة (2) .
    فمن الخاصّة مثل حديث الشيخ الصدوق باسناده عن جابر بن عبدالله الأنصاري أنّه قال : سألت النبي (صلى الله عليه وآله) عن قوله تعالى : (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الاَْمْرِ مِنكُمْ) عرفنا الله ورسوله فمن اُولوا الأمر الذين قرن الله طاعتهم بطاعتك ؟
    قال (صلى الله عليه وآله) : « هم خلفائي ياجابر وأئمّة المسلمين من بعدي أوّلهم علي بن أبي طالب ، ثمّ الحسن ، ثمّ الحسين ، ثمّ علي بن الحسين ، ثمّ محمّد بن علي المعروف في التوراة بالباقر ستدركه ياجابر فإذا لقيته فاقرأه منّي السلام ، ثمّ الصادق جعفر بن محمّد ، ثمّ موسى بن جعفر ، ثمّ علي بن موسى ، ثمّ محمّد بن علي ، ثمّ علي بن محمّد ، ثمّ الحسن بن علي ، ثمّ سميّي وكنيّي حجّة الله في أرضه وبقيّته في عباده ابن الحسن بن علي ، ذلك الذي يفتح الله تعالى ذكره على يديه مشارق الأرض ومغاربها ... » (3) .
(1) سورة النساء : الآية 59 .
(2) غاية المرام : ص263 ، إحقاق الحقّ : ج3 ص424 ، وج14 ص348 .
(3) غاية المرام : ص267 ح10 .



209
وَبَقِيَّةِ اللّهِ (1)

    ومن العامّة مثل حديث الحاكم الحسكاني بسنده عن علي (عليه السلام) قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) :
    « شركائي الذين قرنهم الله بنفسه وبي وأنزل فيهم : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) الآية ، فإن خفتم تنازعاً في أمر فأرجعوه إلى الله والرسول واُولي الأمر .
    قلت : يانبي الله مَن هم ؟
    قال : أنت أوّلهم » (1) .
    فهم أصحاب ولاية الأمر المقترنة ولايتهم مع ولاية الله والرسول ، بل إنحصرت بهم الولاية العظمى في قوله عزّ إسمه : (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ) (2) .
    فقد فسّرت بأهل البيت (عليهم السلام) من طرق الخاصّة في (19) حديثاً ومن طرق العامّة في (24) حديثاً (3) ، واعترف به العامّة في (66) كتاباً من مصادرهم (4) ، وقد فصّلنا بيان الإستدلال به في كتاب العقائد (5) .
    (1) ـ بقيّة : جمعها بقايا وبقيّات مثل عطيّة التي جمعها عطايا وعطيّات ، هي ما يُبقى ويدّخر ، وهي تكون طبعاً ممّا هي نفيسة في ذاتها وينتفع بها في بقائها .
(1) إحقاق الحقّ : ج13 ص348 .
(2) سورة المائدة : الآية 55 .
(3) غاية المرام : ص103 .
(4) الغدير : ج3 ص156 .
(5) العقائد الحقّة الطبعة الاُولى : ص291 .



210
    وبقيّة الله هم من أبقاهم الله رحمة لعباده ، وحججاً على خلقه .
    وهي إشارة إلى الآية المباركة قوله تعالى : (بَقِيَّةُ اللهِ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) (1) .
    فقد فُسّرت بأهل البيت الذين هم بقيّة خلفاء الله وحججه في الأرض من الأنبياء والأوصياء ، فهم الذين أبقاهم الله ويبقيهم إلى آخر الدنيا حججاً لهداية الخلق إلى الله ، ولا يخلو منهم عصر .
    هذا وتأتي البقيّة أيضاً بمعنى الرحمة فهم رحمة الله التي مَنّ بها على عباده كرسول الله الذي كان رحمةً للعالمين .
    والآية الشريفة هذه وإن كان تنزيلها في النبي شعيب (عليه السلام) ، إلاّ أنّ تأويلها في المعصومين سلام الله عليهم أجمعين .
    وقد تمثّل بها المعصومون (عليهم السلام) ووُصفوا بها في عدّة موارد وأحاديث :
    1 ـ تمثّل بها الإمام الباقر (عليه السلام) في حديث سفره إلى الشام ننقله بتفصيله لجزيل فائدته :
    ذكر السيّد ابن طاووس (رحمه الله) في كتاب أمان الأخطار ناقلا عن كتاب دلائل الإمامة تصنيف محمّد بن جرير الطبري الإمامي ، من أخبار معجزات مولانا محمّد بن علي الباقر (عليهما السلام) . ذكره باسناده عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال :
    حجّ هشام بن عبدالملك بن مروان سنة من السنين ، وكان قد حجّ في تلك السنة محمّد بن علي الباقر وإبنه جعفر بن محمّد (عليهم السلام) فقال جعفر بن
(1) سورة هود : الآية 86 .