321
وَبَذَلْتُمْ اَنْفُسَكُمْ فِي مَرْضاتِهِ (1)
الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ) ؟
فقال الله تعالى في ردّه : (قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّة وَهُوَ بِكُلِّ خَلْق عَلِيمٌ * الَّذِي جَعَلَ لَكُم مِّنَ الشَّجَرِ الاَْخْضَرِ نَاراً فَإِذَآ أَنْتُم مِّنْهُ تُوقِدُونَ) (1) كما في حديث التفسير (2) .
وأهل البيت (عليهم السلام) هم المثل الأعلى للدعوة إلى سبيل الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة .
ومن لاحظ سيرتهم ومواعظهم الحسان أيقن بذلك غاية الإيقان .
والدليل الوجداني ظاهرٌ بالتدبّر في مواعظهم (عليهم السلام) المرويّة وإرشاداتهم العالية (3) .
وأخصّ بالذكر مواعظ الإمام الصادق (عليه السلام) في رسالته المباركة إلى أصحابه ، التي رواها ثقة الإسلام الكليني في أوّل حديث من الروضة وهي موعظة جليلة الشأن ، بليغة المتن ، مفصّلة مستوفية ، يأتي مقدار منها في فقرة « وسننتم سنّته » فراجع (4) .
(1) ـ البذل في اللغة هو العطاء ضدّ المنع .
والمرضاة : مصدر ميمي من الرضا .
أي أنّكم أهل البيت سلام الله عليكم فديتم بأرواحكم الشريفة في
(1) سورة يس : الآيات 78 ـ 80 .
(2) تفسير البرهان : ج1 ص585 .
(3) بحار الأنوار : كتاب الروضة ج78 أبواب مواعظ الأئمّة الطاهرين سلام الله عليهم أجمعين .
(4) روضة الكافي : ج8 ص2 .
322
سبيل ما يُرضي الله تعالى من المداومة على أوفر العبادات ، والإلتزام بأعظم الطاعات وإعلاء كلمة الله في جميع المجالات ، حتّى تحملّتم ما تحمّلتم من المشاقّ ، وأصابكم ما أصابكم من المحن ، ولاقيتم ما لاقيتم من المصائب ، إلى درجة الشهادة في سبيل الله وتحصيل مرضاته ، حتّى لم يكن منكم إلاّ مسموم أو مقتول ، كما في حديث جُنادة عن الإمام المجتبى (عليه السلام) أنّه عهد إلينا من رسول الله (صلى الله عليه وآله) (1) .
وفي خطبته (عليه السلام) :
« لقد حدّثني حبيبي جدّي رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنّ الأمر يملكه إثنا عشر إماماً من أهل بيته وصفوته ، ما منّا إلاّ مقتول أو مسموم » (2) .
ودراسة حياتهم المليئة بهذه المفاخر كفيلة بمعرفة غاية جهدهم ، في عبادتهم وجهادهم ، والإطّلاع على مدى محنهم ومصائبهم موصلٌ إلى العلم ببذل أنفسهم في سبيل مرضاة ربّهم .
وللنموذج تلاحظ بذل نفسهم في العبادة في مثل حديث عبادة الإمام السجّاد (عليه السلام) الذي رواه شيخ الطائفة الطوسي جاء فيه :
أنّ فاطمة بنت علي بن أبي طالب (عليه السلام) لمّا نظرت إلى ما يفعل ابن أخيها علي ابن الحسين (عليهما السلام) بنفسه من الدأب في العبادة ، أتت جابر بن عبدالله بن عمرو بن حزام الأنصاري ، فقالت له : ياصاحب رسول الله ، إنّ لنا عليكم حقوقاً ، ومن
(1) بحار الأنوار : ج27 ص217 ب9 ح18 .
(2) بحار الأنوار : ج27 ص217 ب9 ح19 .
323
حقّنا عليكم أن إذا رأيتم أحدنا يهلك نفسه إجتهاداً أن تذكّروه الله ، وتدعوه إلى البُقيا على نفسه .
وهذا علي بن الحسين بقيّة أبيه الحسين (عليهما السلام) ، قد انخرم أنفه ، وثفنت جبهته وركبتاه وراحتاه دأباً منه لنفسه في العبادة .
فأتى جابر بن عبدالله باب علي بن الحسين (عليهما السلام) ، وبالباب أبو جعفر محمّد ابن علي (عليهما السلام) في اُغيلمة من بني هاشم قد اجتمعوا هناك ، فنظر جابر إليه مقبلا ، فقال : هذه مشية رسول الله (صلى الله عليه وآله) وسجيّته ، فمن أنت ياغلام ؟
قال : فقال : أنا محمّد بن علي بن الحسين ، فبكى جابر بن عبدالله (رضي الله عنه) . ثمّ قال : أنت والله الباقر عن العلم حقّاً ، اُدنُ منّي بأبي أنت واُمّي ، فدنا منه فحلّ جابر ازاره ووضع يده في صدره فقبّله ، وجعل عليه خدّه ووجهه ، وقال له : اُقرئك عن جدّك رسول الله (صلى الله عليه وآله) السلام ، وقد أمرني أن أفعل بك ما فعلت ، وقال لي : يوشك أن تعيش وتبقى حتّى تلقى من ولدي من إسمه محمّد يبقر العلم بقراً . وقال لي : إنّك تبقى حتّى تعمى ثمّ يكشف لك عن بصرك .
ثمّ قال لي : ائذن لي على أبيك ، فدخل أبو جعفر على أبيه (عليهما السلام) فأخبره الخبر ، وقال : إنّ شيخاً بالباب ، وقد فعل بي كيت وكيت .
فقال : يابني ذلك جابر بن عبدالله . ثمّ قال : أمن بين ولدان أهلك قال لك ما قال وفعل بك ما فعل ؟ قال : نعم [ قال : ] إنّا لله ، إنّه لم يقصدك فيه بسوء ، ولقد أشاط بدمك .
ثمّ أذن لجابر ، فدخل عليه فوجده في محرابه قد أنضته العبادة ، فنهض علي (عليه السلام) فسأله عن حاله سؤالا حفيّاً ، ثمّ أجلسه بجنبه .
324
فأقبل جابر عليه يقول : يابن رسول الله ، أما علمت أنّ الله تعالى إنّما خلق الجنّة لكم ولمن أحبّكم ، وخلق النار لمن أبغضكم وعاداكم ، فما هذا الجهد الذي كلّفته نفسك ؟
قال له علي بن الحسين (عليهما السلام) : ياصاحب رسول الله ، أما علمت أنّ جدّي رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد غفر الله له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر فلم يدع الإجتهاد له ، وتعبّد ـ بأبي هو واُمّي ـ حتّى انتفخ الساق وورم القدم ، وقيل له : أتفعل هذا وقد غفر لك ما تقدّم من ذنبك وما تأخّر !
قال : أفلا أكون عبداً شكوراً .
فلمّا نظر جابر إلى علي بن الحسين (عليهما السلام) وليس يغني فيه من قول يستميله من الجهد والتعب إلى القصد ، قال له : يابن رسول الله ، البُقيا على نفسك ، فإنّك لمن اُسرة بهم يُستدفع البلاء ، وتستكشف اللأواء ، وبهم تُستمطر السماء .
فقال : ياجابر ، لا أزال على منهاج أبويّ مؤتسيّاً بهما صلوات الله عليهما حتّى ألقاهما ، فأقبل جابر على من حضر فقال لهم : والله ما أرى في أولاد الأنبياء مثل علي بن الحسين إلاّ يوسف بن يعقوب (عليهما السلام) ، والله لذرّية علي بن الحسين (عليهما السلام)أفضل من ذرّية يوسف بن يعقوب ، إنّ منهم لمن يملأ الأرض عدلا كما ملئت جوراً (1) .
وتلاحظ بذل النفس في مصائبهم ومحنهم في الأحاديث التي عقد لها شيخ الإسلام المجلسي باباً ، من ذلك :
(1) أمالي الشيخ الطوسي : ص636 ح1314 .
325
حديث أبان ، عن الإمام الباقر (عليه السلام) جاء فيه : قال أبان : ثمّ قال لي أبو جعفر الباقر (عليه السلام) : « ما لقينا أهل البيت من ظلم قريش وتظاهرهم علينا وقتلهم إيّانا ، وما لقيت شيعتنا ومحبّونا من الناس .
إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) قُبض وقد قام بحقّنا وأمر بطاعتنا وفرض ولايتنا ومودّتنا ، وأخبرهم بأنّا أولى الناس بهم من أنفسهم وأمرهم أن يبلّغ الشاهد منهم الغائب .
فتظاهروا على علي (عليه السلام) ، فاحتجّ عليهم بما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيه وما سمعته العامّة . فقالوا : صدقت ، قد قال ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولكن قد نَسَخَه فقال : « إنّا أهل بيت أكرمنا الله عزّوجلّ وإصطفانا ولم يرض لنا بالدنيا ، وإنّ الله لا يجمع لنا النبوّة والخلافة » ! فشهد بذلك أربعة نفر : عمر وأبو عبيدة ومعاذ بن جبل وسالم مولى أبي حذيفة ، فشبّهوا على العامّة وصدّقوهم وردّوهم على أدبارهم وأخرجوها من معدنها من حيث جَعَلها الله .
واحتجّوا على الأنصار بحقّنا وحجّتنا فَعَقَدوها لأبي بكر . ثمّ ردّها أبو بكر إلى عمر يكافيه بها . ثمّ جعلها عمر شورى بين ستّة ، فقلّدوها عبدالرحمن . ثمّ جعلها ابن عوف لعثمان على أن يردّها عليه ، فغدر به عثمان وأظهر ابن عوف كفره وجهله وطعن عليه (1) في حياته وزعم ولده أنّ عثمان سمّه فمات .
(1) وفي « د » هكذا : فأظهر ابن عوف خلعه وكفره فذكر لنا أنّ عثمان سمّه ، فمات ابن عوف .
روى العلاّمة الأميني في الغدير : ج9 ص86 : أنّه لمّا أحدث عثمان ما أحدث قيل لعبدالرحمن ابن عوف : هذا كلّه فعلك . فقال : ما كنت أظنّ هذا به . لكن لله عليّ أن لا اُكلّمه أبداً . ومات عبدالرحمن وهو مهاجر لعثمان ، ودخل عليه عثمان عائداً في مرضه فتحوّل إلى الحائط ولم يكلّمه . مات عبدالرحمن سنة (32) .
وروى العلاّمة المجلسي في البحار : ج8 ص319 الطبع القديم عن الثقفي في تاريخه قال : كثر الكلام بين عبدالرحمن وبين عثمان حتّى قال عبدالرحمن : أما والله لئن بقيت لك لاُخرجنّك من هذا الأمر كما أدخلتك فيه وما غررتني إلاّ بالله .
326
ثمّ قام طلحة والزبير فبايعا عليّاً (عليه السلام) طائعين غير مكرهين . ثمّ نَكَثا وغَدَرا ، ثمّ ذهبا بعائشة معهما إلى البصرة مطالبة بدم عثمان . ثمّ دعا معاوية طغاة أهل الشام إلى الطلب بدم عثمان ونصب لنا الحرب . ثمّ خالفه أهل حروراء على أن يحكم بكتاب الله وسنّة نبيّه ، فلو كانا حكما بما اشترط عليهما لَحَكما أنّ عليّاً (عليه السلام)أمير المؤمنين في كتاب الله وعلى لسان نبيّه وفي سنّته ، فخالفه أهل النهروان وقاتلوه .
ثمّ بايعوا الحسن بن علي (عليه السلام) بعد أبيه وعاهدوه ، ثمّ غَدَروا به وأسلموه ووثبوا عليه حتّى طعنوه بخنجر في فخذه وانتهبوا عسكره وعالجوا خلاخيل اُمّهات أولاده . فصالح معاوية وحقن دمه ودم أهل بيته وشيعته ، وهم قليل حقّ قليل ، حين لا يجد أعواناً .
ثمّ بايع الحسين (عليه السلام) من أهل الكوفة ثمانية عشر ألفاً . ثمّ غدروا به ثمّ خرجوا إليه فقاتلوه حتّى قُتل .
ثمّ لم نَزَل أهل البيت ـ منذ قُبض رسول الله (صلى الله عليه وآله) ـ نذلّ ونقصي ونحرم ونقتل ونطرد ونخاف على دمائنا وكلّ مَن يحبّنا . ووجد الكاذبون لكذبهم موضعاً يتقرّبون به إلى أوليائهم وقُضاتهم وعمّالهم في كلّ بلدة ، يحدّثون عدوّنا عن ولاتهم الماضين بالأحاديث الكاذبة الباطلة ، ويروون عنّا ما لم نقل تهجيناً =
327
منهم لنا وكذباً منهم علينا وتقرّباً إلى ولاتهم وقضاتهم بالزور والكذب .
وكان عظم ذلك وكثرته في زمن معاوية بعد موت الحسن (عليه السلام) ، فقُتلت الشيعة في كلّ بلدة وقطعت أيديهم وأرجلهم وصلبوا على التهمة والظنّة من ذكر حبّنا والإنقطاع إلينا .
ثمّ لم يزل البلاء يشتدّ ويزداد إلى زمان ابن زياد بعد قتل الحسين (عليه السلام) . ثمّ جاء الحجّاج فقتلهم بكلّ قتلة وبكلّ ظنّة وبكلّ تهمة ، حتّى أنّ الرجل ليقال له : « زنديق » أو « مجوسي » كان ذلك أحبّ إليه من أن يُشار إليه أنّه من « شيعة الحسين صلوات الله عليه !! » (1) (2) .
وزيارة جامعة أئمّة المؤمنين التي رواها السيّد ابن طاووس نوّهت عن شيء من مصائبهم ومحنهم صلوات الله عليهم أجمعين ولعن الله أعدائهم إلى يوم الدين ، جاء فيها :
« ياموالي ، فلو عاينكم المصطفى وسهام الاُمّة مغرقة في أكبادكم ، ورماحهم مشرعة في نحوركم ، وسيوفها مولعة في دمائكم ، يشفي أبناء العواهر غليل الفسق من ورعكم ، وغيظ الكفر من إيمانكم ، وأنتم بين صريع في المحراب قد فلق السيف هامته ، وشهيد فوق الجنازة قد شكّت أكفانه بالسهام ، وقتيل بالعراء قد رفع فوق القناة رأسه ، ومكبّل في السجن قد رضّت بالحديد أعضاؤه ، ومسموم قد قطّعت بجرع السمّ أمعاؤه ، وشملكم عباديد تفنيهم العبيد وأبناء
(1) كتاب سليم بن قيس : ج2 ص630 .
(2) بحار الأنوار : ج27 ص211 ب9 الأحاديث .
328
وَصَبَرْتُمْ عَلى ما اَصابَكُمْ فِي جَنْبِهِ (1)
العبيد .
فهل المحن ياسادتي إلاّ التي لزمتكم ، والمصائب إلاّ التي عمّتكم ، والفجائع إلاّ التي خصّتكم ، والقوارع إلاّ التي طرقتكم صلوات الله عليكم وعلى أرواحكم ، وأجسادكم ورحمة الله وبركاته » (1) .
(1) ـ أي أنّكم أهل البيت سلام الله عليكم صبرتم على ما أصابكم من المشقّة والتعب والظلم والأذى وسفك الدماء وسبي النساء ونهب الأموال ، في جنب الله وجهته وفي طريقه ومرضاته .
والصبر في اللغة : نقيض الجزع (2) .
وفي الإصطلاح : (حبس النفس على المكروه إمتثالا لأمر الله تعالى) (3) .
وفسّر بالإمساك في الضيق وحبس النفس على ما يقتضيه العقل والشرع (4) .
وفي الشموس بيّن أنّ حقيقة الصبر هو وقار النفس ، ولازمه عدم الإضطراب عند الإبتلاء (5) .
وعرّفه المحقّق الطوسي أنّه (حبس النفس عن الجزع عند المكروه ، وهو يمنع الباطن عن الإضطراب ، واللسان عن الشكاية ، والأعضاء عن الحركات
(1) مصباح الزائر : ص464 .
(2) المحيط في اللغة : ج8 ص134 .
(3) مجمع البحرين : مادّة صبر ص272 .
(4) المفردات : ص373 .
(5) الشموس الطالعة : ص298 .
329
غير المعتادة) (1) .
والصبر يكون في مواطن كثيرة كالصبر على الطاعة ، والصبر على المعصية ، والصبر على المصيبة .
ولقد أشاد الله تعالى بذكر الصبر والصابرين في أكثر من (70) موضع من القرآن الكريم (2) .
كما مدحه المعصومون (عليهم السلام) بفائق المدح والثناء في أحاديث كثيرة تلاحظها في كتب الأخبار (3) .
وأهل البيت سلام الله عليهم بلغوا أعلى مراتب الصبر ، وأعلى درجات الصابرين الذي كان جزاؤه معيّة الله تعالى والزلفى عنده عزّ إسمه (إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) .
ويكفي لذلك دليلا ومثالا ، كلام أمير المؤمنين (عليه السلام) :
« فنظرت فإذا ليس لي معين إلاّ أهل بيتي فضننت بهم عن الموت ، وأغضيت على القذى ، وشربت على الشجى ، وصبرت على أخذ الكظم وعلى أمرّ من العلقم ، وآلم للقلب من حرّ الشفار » (4) .
وتلاحظ صبرهم في أحاديثهم الشريفة الواردة في البحار (5) .
(1) سفينة البحار : ج2 ص4 .
(2) المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم : مادّة صبر .
(3) بحار الأنوار : ج71 ص56 ب62 الأحاديث .
(4) نهج البلاغة : قسم الخطب ، الخطبة 26 .
(5) بحار الأنوار : ج41 ص1 ب99 ، وج24 ص214 ب57 .
330
وَاَقَمْتُمُ الصَّلاةَ (1)
ولقد عجبت من صبرهم ملائكة السماء ، كما في زيارة الناحية المقدّسة (1) .
وقد اعترف بعظيم صبرهم شيعتهم وغير شيعتهم كما تلاحظه في ما تقدّم من حديث ابن دأب (2) .
وفي نسخة الكفعمي بعد هذه الفقرة : « وصدعتم بأمره ، وتلوتم كتابه ، وحذّرتم بأسه ، وذكّرتم بأيّامه ، وأوفيتم بعهده » .
(1) ـ الصلاة هي العبادة القربيّة المعروفة التي هي معراج المؤمن ، وقربان كلّ تقيّ ، وقرّة عين الصالحين .
وإقامتها فُسّرت بمعان ثلاثة :
1 / بمعنى تعديل أركانها وحفظها من أن يقع زيغ وإنحراف في أفعالها ، أخذاً من أقام العُود يعني عود الخيمة : أي قوّمه .
2 / بمعنى المواظبة على الصلاة وترويجها ، أخذاً من قامت السوق : أي راجت .
3 / بمعنى التشمير والاستعداد لأدائها من غير فتور ولا توان ولا تهاون ، أخذاً من قام بالأمر : أي جدّ فيه ، وتجلّد ، ولم يتهاون (3) .
ولعلّ جامع المعاني في إقامة الصلاة هي المحافظة عليها ، تلك المحافظة التي أمر بها في قوله عزّ إسمه : (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاَةِ
(1) بحار الأنوار : ج101 ص240 ب18 ح38 .
(2) الاختصاص : ص108 .
(3) مجمع البحرين : مادّة قَوَمَ ص532 .