491
هتكوا حجاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) ونكثوا بيعة إمامهم وأخرجوا المرأة وحاربوا أمير المؤمنين (عليه السلام) وقتلوا الشيعة المتّقين رحمة الله عليهم واجبة .
    والبراءة ممّن نفى الأخيار وشرّدهم وآوى الطرداء اللعناء وجعل الأموال دولة بين الأغنياء واستعمل السفهاء مثل معاوية وعمرو بن العاص لعينَي رسول الله (صلى الله عليه وآله) .
    والبراءة من أشياعهم والذين حاربوا أمير المؤمنين (عليه السلام) وقتلوا الأنصار والمهاجرين وأهل الفضل والصلاح من السابقين .
    والبراءة من أهل الاستيثار ومن أبي موسى الأشعري وأهل ولايته (الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً * أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ) وبولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) (وَلِقَائِهِ) كفروا بأن لقوا الله بغير إمامته (فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلاَ نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً) (1) فهم كلاب أهل النار .
    والبراءة من الأنصاب والأزلام أئمّة الضلالة وقادة الجور كلّهم أوّلهم وآخرهم .
    والبراءة من أشباه عاقري الناقة أشقياء الأوّلين والآخرين وممّن يتولاّهم .
    والولاية لأمير المؤمنين (عليه السلام) والذين مضوا على منهاج نبيّهم (صلى الله عليه وآله) ولم يغيّروا ولم يبدّلوا مثل سلمان الفارسي وأبي ذرّ الغفاري والمقداد بن الأسود وعمّار بن ياسر وحذيفة اليماني وأبي الهيثم بن التيهان وسهل بن حنيف وعبادة ابن الصامت وأبي أيّوب الأنصاري وخزيمة بن ثابت ذي الشهادتين وأبي سعيد الخدري
(1) سورة الكهف : الآية 104 و105 .


492
سِلْمٌ لِمَنْ سالَمَكُمْ وَحَرْبٌ لِمَنْ حارَبَكُمْ (1) مُحَقِّقٌ لِما حَقَّقْتُمْ مُبْطِلٌ لِما اَبْطَلْتُمْ (2)

وأمثالهم رضي الله عنهم ورحمة الله عليهم والولاية لأتباعهم وأشياعهم والمهتدين بهداهم والسالكين منهاجهم رضوان الله عليهم ... » (1) .
    (1) ـ السِّلم : بكسر السين هي المسالمة والمصالحة والإنقياد ، مقابل الحرب .
    أي إنّي مسالم ومصالح ومنقاد لمن كان مسالماً ومصالحاً ومنقاداً لكم أهل البيت وكذلك إنّي حربٌ وعدوٌّ لمن كان حرباً معكم وعدوّاً لكم .
    وقد ثبت عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) إنّه كان سلماً لمن سالم أهل البيت ، وحرباً لمن حاربهم .
    ورواه الفريقان وجاء حتّى من طريق العامّة متواتراً (2) .
    (2) ـ الحقّ : ضدّ الباطل ، وحقائق الشيء هي ما ثبتت ، والباطل : غير الثابت .
    وتحقيق الشيء هو إثباته وإظهاره ، ويُحقّ الله الحقّ أي يُثبته ويُظهره (3) .
    فمعنى الفقرة الشريفة إنّي اُثبت واُظهر واُبيّن حقّية ما حقّقتموه وأثبتموه ، وكذا إنّي اُبطل واُنفي ما أبطلتموه ونفيتموه .
    وفُسّر أيضاً بأنّي أعتقد حقّية ما حقّقتم ، وبطلان ما أبطلتم .
    فإنّ أهل البيت (عليهم السلام) مدار الحقّ ومحور الحقيقة ، وليس بعد الحقّ إلاّ الضلال ، فيكون كلّ ما أثبتوه حقّاً ، وكلّ ما نفوه باطلا .
    وقد تقدّم دليل أنّ أهل البيت (عليهم السلام) مع الحقّ والحقّ معهم ، لا يفارقهم ولا
(1) عيون الأخبار : ج2 ص125 .
(2) إحقاق الحقّ : ج9 ص161 ـ 174 .
(3) مجمع البحرين : ص425 .



493
مُطِيعٌ لَكُمْ (1)

يفارقونه (1) .
    وفي حديث مناقب الخوارزمي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) : « علي أمير البررة وقاتل الفجرة ، منصور من نصره ، مخذول من خذله ، ألا وإنّ الحقّ معه ويتبعه ، ألا فميلوا معه » (2) .
    (1) ـ الطاعة في اللغة : إسم من طاعَ طوعاً إذا أذعن وانقاد .
    فالطاعة هو الإذعان والإنقياد (3) .
    وحقيقة الطاعة جَرْيُ العامل على ما وافق رضا الآمر ابتغاء مرضاته (4) .
    فالمعنى : إنّي مذعن بكم ومنقاد لكم ومعترف بوجوب إطاعتكم ، وإن صدر منّي مخالفة في بعض الأحيان .
    فإنّهم اُولو الأمر الذين أوجب الله طاعتهم ، وأمر في كتابه بإطاعتهم كما تلاحظه في أحاديث باب وجوب إطاعتهم المشتمل على (65) حديثاً منها حديث الإمام الباقر (عليه السلام) في قول الله تبارك وتعالى : (فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكاً عَظِيماً) (5) « فجعلنا منهم الرسل والأنبياء والأئمّة فكيف يقرّون في آل إبراهيم وينكرون في آل محمّد (صلى الله عليه وآله) ؟
    قلت : فما معنى قوله : (وَآتَيْنَاهُم مُّلْكاً عَظِيماً) .
(1) إحقاق الحقّ : ج9 ص479 .
(2) لاحظ الحديث بطرقه وأسانيده في إحقاق الحقّ : ج4 ص237 وص27 .
(3) مجمع البحرين : ص387 .
(4) الشموس الطالعة : ص388 .
(5) سورة النساء : الآية 54 .



494
عارِفٌ بِحَقِّكُمْ (1)

    قال : الملك العظيم أن جعل فيهم أئمّة ، من أطاعهم أطاع الله ، ومن عصاهم عصى الله ، فهو الملك العظيم » (1) .
    وترى وجوب طاعتهم بدليل الكتاب في أحاديث الفريقين في الغاية ص263 .
    (1) ـ معرفة الشيء : إدراكه ، ومعرفة أهل البيت (عليهم السلام) هو تصديقهم ، والاعتراف بإمامتهم .
    وعارفٌ بحقّكم أي بحقّهم الواجب علينا مثل وجوب طاعتهم ومعرفتهم والوفاء بعهدهم وإجابتهم وعدم خيانتهم .
    وقد ورد ذلك في باب حقّ الإمام على الرعية ، في مثل :
    1 ـ حديث أبي حمزة قال : سألت أبا جعفر (عليه السلام) : ما حقّ الإمام على الناس ؟
    قال : « حقّه عليهم أن يسمعوا له ويطيعوا .
    قلت : فما حقّهم عليه ؟
    قال : يقسّم بينهم بالسويّة ويعدل في الرعية ، فإذا كان ذلك في الناس فلا يبالي من أخذ ههنا وههنا » .
    2 ـ حديث هارون بن صدقة ، عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال : قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : « لا تختانوا ولاتكم ، ولا تغشّوا هداتكم ، ولا تجهّلوا أئمّتكم ، ولا تصدّعوا عن حبلكم فتفشلوا وتذهب ريحكم ، وعلى هذا فليكن تأسيس اُموركم ، والزموا هذه الطريقة ، فإنّكم لو عاينتم ما عاين من قدمات منكم ممّن خالف ما قد تدعون إليه لبدرتم وخرجتم ولسمعتم ، ولكن محجوب عنكم ما قد عاينوا
(1) بحار الأنوار : ج23 ص287 ب17 ح10 .


495
مُقِرٌّ بِفَضْلِكُمْ (1) مُحْتَمِلٌ لِعِلْمِكُمْ (2)

وقريباً ما يطرح الحجاب » .
    3 ـ حديث النهج الشريف قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في بعض خطبه : « أيّها الناس إنّ لي عليكم حقّاً ، ولكم عليّ حقٌّ ، فأمّا حقّكم عليّ فالنصيحة لكم وتوفير فيئكم عليكم وتعليمكم كي لا تجهلوا وتأديبكم كي ما تعلموا .
    وأمّا حقّي عليكم فالوفاء بالبيعة والنصيحة في المشهد والمغيب ، والإجابة حين أدعوكم ، والطاعة حين آمركم » (1) .
    (1) ـ من الإقرار وهو الإعتراف أي معترف بفضلكم الشامخ .
    والفضل والفضيلة : هي الدرجة الرفيعة (2) .
    وأهل البيت (عليهم السلام) بلغوا ذروة الفضيلة ، وأعلى درجات الفضل .
    ففي حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) :
    « ياعلي إنّ الله تبارك وتعالى فضّل أنبياءه المرسلين على ملائكته المقرّبين ، وفضّلني على جميع النبيّين والمرسلين ، والفضل بعدي لك ياعلي وللأئمّة من بعدك ... » (3) .
    (2) ـ محتمل : من الاحتمال بمعنى التحمّل .
    أي إنّي أتحمّل علمكم الفيّاض ، وأعلمُ أنّه حقّ ، ولا أردّ ما ورد عنكم وإن لم يبلغه فكري القاصر .
    فإنّ تحمّل علمهم يستدعي الإيمان ، وحديثهم إنّما يتحمّله المؤمن
(1) بحار الأنوار : ج27 ص242 ب13 ح4 و5 ، وص251 ح12 .
(2) مجمع البحرين : ص489 .
(3) بحار الأنوار : ج26 ص335 ب8 ح1 .



496
الممتحن كما في حديث ميثم التمّار قال :
    بينما أنا في السوق إذ أتى أصبغ بن نباتة قال : ويحك ياميثم لقد سمعت من أمير المؤمنين (عليه السلام) حديثاً صعباً شديداً .
    قلت : وما هو ؟
    قال : سمعته يقول : « إنّ حديث أهل البيت صعب مستصعب لا يحتمله إلاّ ملك مقرّب ، أو نبي مرسل ، أو عبد مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان » ، فقمت من فورتي فأتيت علياً (عليه السلام) .
    فقلت : ياأمير المؤمنين حديث أخبرني به أصبغ عنك قد ضقت به ذرعاً .
    فقال (عليه السلام) ما هو ؟
    فأخبرته به فتبسّم ثمّ قال : « اجلس ياميثم ، أوَكلّ علم يحتمله عالم ؟ إنّ الله تعالى قال للملائكة : (إِنِّي جَاعِلٌ فِي الاَْرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَآءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ) (1) فهل رأيت الملائكة احتملوا العلم ؟
    قال : قلت : وإنّ هذا أعظم من ذلك .
    قال : والاُخرى أنّ موسى بن عمران أنزل الله عليه التوراة فظنّ أن لا أحد أعلم منه فأخبره أنّ في خلقه أعلم منه ، وذلك إذ خاف على نبيّه العُجب قال : فدعا ربّه أن يرشده إلى العالم قال : فجمع الله بينه وبين الخضر (عليهما السلام) فخرق السفينة فلم يحتمل ذلك موسى ، وقتل الغلام فلم يحتمله ، وأقام الجدار فلم يحتمله
(1) سورة البقرة : الآية 30 .


497
مُحْتَجِبٌ بِذِمَّتِكُمْ (1) مُعْتَرِفٌ بِكُمْ (2)

وأمّا النبيّون فإنّ نبيّنا (صلى الله عليه وآله) أخذ يوم غدير خمّ بيدي فقال : « اللهمّ مَن كنت مولاه فعلي مولاه » فهل رأيت احتملوا ذلك إلاّ من عصم الله منهم !
    فأبشروا ثمّ أبشروا ، فإنّ الله قد خصّكم بما لم يخصّ به الملائكة والنبيّين والمرسلين فيما احتملتم ذلك في أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعلمه ... » (1) .
    وفي نسخة الكفعمي هنا زيادة : « مقتد بكم » .
    (1) ـ الاحتجاب : هو الإستتار ، مأخوذ من الحجاب وهو الستر الحائل بين الرائي والمرئي (2) .
    والذمّة : هو العهد ، وما يجب أن يُحفظ ، وبمعنى الأمان ، والضمان ، والحرمة ، والحقّ (3) .
    أي إنّي مستتر عن المهالك بدخولي في ذمّتكم وأمانكم وإمامتكم ، فإنّ الدخول في ذلك هو الحصن الحصين من العذاب المهين ، وهو الأمان الأمين من وسوسة الشياطين .
    وقد ثبت من طريق الفريقين الحديث القدسي في قول الله عزّوجلّ : « ولاية علي بن أبي طالب حصني فمن دخل حصني أمن من عذابي » (4) .
    (2) ـ أي معترف ومقرّ بإمامتكم .
    وهي المنصب الإلهي الحقّ الذي يجب الإقرار به كما ثبت بأدلّته
(1) بحار الأنوار : ج25 ص383 ب13 ح38 .
(2) مجمع البحرين : ص119 .
(3) مجمع البحرين : ص516 .
(4) عيون الأخبار : ج2 ص135 ، إحقاق الحقّ : ج14 ص522 .



498
مُؤْمِنٌ بِاِيابِكُمْ (1) مُصَدِّقٌ بِرَجْعَتِكُمْ (2)

العلمية في مبحث الإمامة (1) .
    (1) ـ الإياب : هو الرجوع .
    أي أنّي مؤمنٌ ومعتقد ومقرّ برجوعكم إلى الدنيا قبل القيامة ، لإعلاء الدين المبين ، والإنتقام من المنافقين والكافرين .
    وهي الرجعة التي يأتي بيانها وتفسيرها في الفقرة التالية .
    (2) ـ يقال : صدّقَه أي نسبه إلى الصدق ، وصدّق الشيء أي اعترف بصدقه ، وصدّق كلامه أي اعتبره صحيحاً لا كذب فيه .
    أي إنّي على الصعيد الاعتقادي الإيماني بإيابكم ، معترف بصدق رجعتكم وصحّتها ووقوعها في وقتها .
    يعني رجعة الأئمّة الطاهرين في زمان ظهور الإمام المهدي المنتظر سلام الله عليهم أجمعين .
    وهاتان الفقرتان في زيارتهم الجامعة يستفاد منها رجعة جميع الأئمّة المعصومين (عليهم السلام) .
    والرجعة من الحقائق الجليّة الثابتة بالأدلّة القطعية من الكتاب العزيز ، والأحاديث المتواترة ، مع الإجماع المحقّق ، والحكم العقلي كما تلاحظ بيانها كاملا في مبحثها الخاصّ فلا نكرّر (2) .
    والمخالفون قد أنكروا الرجعة ، إلاّ أنّه يردّهم مفاد الأدلّة العلميّة ،
(1) العقائد الحقّة الطبعة الاُولى : ص259 .
(2) العقائد الحقّة الطبعة الاُولى : ص358 ـ 368 .



499
مضافاً إلى البراهين الوجدانية بوقوع الرجوع إلى الدنيا في الأنبياء السالفين ، والاُمم السابقين ، وأدلّ برهان على إمكان الشيء وقوعه ، وأصدق دليل على وقوعه إخبار الله تعالى به في آيات من الذكر الحكيم مثل :
    1 ـ قوله تعالى (وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ * ثُمَّ بَعَثْنَاكُم مِّنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (1) .
    2 ـ قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْل عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ) (2) .
    3 ـ قوله تعالى : (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَة وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللهُ مِائَةَ عَام ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْم قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِائَةَ عَام فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْماً فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْء قَدِيرٌ) (3) .
    وكذلك إخبار المعصومين (عليهم السلام) بوقوع الرجوع إلى الدنيا في الأحاديث المتظافرة مثل :
(1) سورة البقرة : الآية 55 ـ 56 .
(2) سورة البقرة : الآية 243 .
(3) سورة البقرة : الآية 259 .



500
    1 ـ حديث البزنطي قال : سمعت الرضا (عليه السلام) يقول : « إنّ رجلا من بني اسرائيل قتل قرابة له ، ثمّ أخذه فطرحه على طريق أفضل سبط من أسباط بني اسرائيل ، ثمّ جاء يطلب بدمه فقالوا لموسى : إنّ سبط آل فلان قتلوا فلاناً فأخبِرنا من قتله ؟ قال : ايتوني ببقرة (قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً قَالَ أَعُوذُ بِاللهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ) (1) ولو أنّهم عمدوا إلى بقرة أجزأتهم . ولكن شدّدوا فشدّد الله عليهم (إلى أن قال :) فاشتروها وجاءوا بها ، فأمر بذبحها ، ثمّ أمر أن يضربوا الميّت بذَنَبها ، فلمّا فعلوا ذلك حيى المقتول وقال :
    يارسول الله إنّ ابن عمّي قتلني دون من يدّعي عليه قتلي » الحديث (2) .
    2 ـ حديث الهاشمي في ذكر احتجاج الإمام الرضا (عليه السلام) على أهل المقالات جاء فيه : قال الرضا (عليه السلام) لبعض علماء النصارى : « ما أنكرت أنّ عيسى (عليه السلام) كان يحيي الموتى باذن الله ؟ » .
    قال الجاثليق : أنكرت ذلك من قبل أنّ مَن أحيى الموتى وأبرىء الأكمه والأبرص فهو ربّ مستحقّ لأن يُعبد .
    فقال الرضا (عليه السلام) : « فإنّ اليسع قد صنع مثل ما صنع عيسى (عليه السلام) : مشى على الماء ، وأحيى الموتى ، وأبرىء الأكمه والأبرص فلم تتّخذه اُمّته ربّاً ، ولم يعبده أحد من دون الله ، ولقد صنع حزقيل النبي مثل ما صنع عيسى بن مريم (عليه السلام) ، فأحيى خمسة وثلاثين رجلا بعد موتهم بستّين سنة .
(1) سورة البقرة : الآية 67 .
(2) بحار الأنوار : ج74 ص68 ب2 ح41 ، عن عيون أخبار الرضا : ج2 ص13 ب30 ح31 .