581
    فقلت : إلهي اجمع اُمّتي من بعدي على ولاية علي بن أبي طالب ليردوا جميعاً عليَّ حوضي يوم القيامة ؟
    فأوحى الله تعالى إليّ : يامحمّد إنّي قد قضيت في عبادي قبل أن أخلقهم ، وقضائي ماض فيهم ، لاُهلك به من أشاء وأهدي به من أشاء . وقد آتيته علمك من بعدك ، وجعلته وزيرك وخليفتك من بعدك على أهلك واُمّتك ، عزيمةً منّي لاُدخل الجنّة من أحبّه ، ولا اُدخل الجنّة من أبغضه وعاداه وأنكر ولايته بعدك ، فمن أبغضه أبغضك ، ومن أبغضك أبغضني ، ومن عاداه فقد عاداك ، ومن عاداك فقد عاداني ، ومن أحبّه فقد أحبّك ، ومن أحبّك فقد أحبّني ، وقد جعلت له هذه الفضيلة .
    وأعطيتك أن اُخرج من صلبه أحد عشر مهديّاً ، كلّهم من ذرّيتك من البكر البتول ، وآخر رجل منهم يصلّي خلفه عيسى بن مريم . يملأ الأرض عدلا كما ملئت منهم ظلماً وجوراً ، اُنجي به من الهلكة ، واُهدي به من الضلالة ، واُبرىء به من العمى ، واُشفي به المريض ... » .
    وفي حديث المعراج الآخر : « ... يامحمّد لو أنّ عبداً عبدني حتّى ينقطع ويصير كالشنّ البالي ، ثمّ أتاني جاحداً لولايتهم فما أسكنته جنّتي ولا أظللته تحت عرشي ، يامحمّد تحبّ أن تراهم ؟
    قلت : نعم ياربّ .
    فقال عزّوجلّ : ارفع رأسك فرفعت رأسي وإذا أنا بأنوار علي وفاطمة والحسن والحسين ، وعلي بن الحسين ، ومحمّد بن علي ، وجعفر بن محمّد ، وموسى بن جعفر ، وعلي بن موسى ، ومحمّد بن علي ، وعلي بن محمّد ،


582
طَأْطَأَ كُلُّ شَرِيف لِشَرَفِكُمْ (1)

والحسن بن علي ، و « م ح م د » بن الحسن القائم في وسطهم كأنّه كوكب درّي .
    قلت : ياربّ ومَن هؤلاء ؟
    قال : هؤلاء الأئمّة وهذا القائم الذي يحلّل حلالي ويحرّم حرامي وبه أنتقم من أعدائي ، وهو راحة لأوليائي ، وهو الذي يشفي قلوب شيعتك من الظالمين والجاحدين والكافرين ، فيخرج اللات والعزّى طريّين فيحرقهما » (1) .
    وكلّ هذه خصائص ودرجات اختصّ بها أهل البيت الطيبين دون العالمين .
    (1) ـ التطأطأ : هو الإنحناء والخضوع ، يقال : طأطأ رأسه أي خفضه .
    وطأطأ كلّ شريف أي تواضع وخضع .
    والشَرَف في أصل اللغة : هو العُلو ، وشرف الأرض : المكان العالي منها ، ومنه سمّي الشريف شريفاً تشبيهاً للعُلوّ المعنوي بالعلوّ المكاني كما تقدّم .
    فالمعنى أنّه تواضع وخضع كلّ شريف لشرافتكم العلياء التي تفوق كلّ شرافة ، ولم يصل إليها أيّ شريف .
    وهذا أمر وجداني نلاحظه في جميع الشرفاء تجاه أهل البيت (عليهم السلام) .
    فقد شرّفهم الله تعالى بأسمى الشرافات في علمهم وعملهم وحسبهم ونسبهم وسائر مزاياهم التي لا يدانيها أحد ، كما هو واضح مُبان من دون حاجة إلى دليل وبيان .
    وتجد شطراً منها في الخطبة الشريفة الغرّاء للإمام زين العابدين عليه آلاف الثناء فيما عرّف به أهل بيته الأزكياء (عليهم السلام) (2) .
(1) إكمال الدين : ص250 ب33 ح1 و2 .
(2) بحار الأنوار : ج45 ص138 .



583
وَنَجَعَ [ وَبَخَعَ ] كُلُّ مُتَكَبِّر لِطاعَتِكُمْ (1) وَخَضَعَ كُلُّ جَبّار لِفَضْلِكُمْ (2)

    (1) ـ في نسخة التهذيب : « بخع » بالباء ثمّ الخاء .
    البخوع : هو الإقرار والخضوع ، يقال : بخع بالحقّ أي أقرّ به وخضع له .
    لكن في العيون والفقيه وفي نسخة الكفعمي : « نجع » بالنون وهو بمعنى الخضوع أيضاً .
    والمعنى خضع كلّ متكبّر في طاعتكم ، أو في إطاعتكم لله تعالى ، حتّى أقرّ لهم بالطاعة ألدّ أعدائهم .
    وقد تقدّم بيانه .
    (2) ـ الخضوع : هو التواضع والإنقياد .
    والجبّار : هو المتسلّط وقيل : هو العظيم الشأن في المُلك والسلطان .
    أي تواضع وانقاد كلّ متسلّط لفضلكم ودرجتكم الرفيعة .
    وهذه اُمور وجدانية يجدها الإنسان ، ويراها بالعيان في سير الأزمان ويكفيك في ذلك اعترافات جائري عصورهم .
    في مثل اعترافات الثلاثة : (لولا علي لهلك فلان) كما ورد جميع تلك الاعترافات بمصادرها من العامّة في محلّه (1) .
    وفي مثل تصديق معاوية لذلك في آخر حديث عدي بن حاتم وحديث الطرماح ، أمّا حديث عدي فهو : أنّ عدي بن حاتم دخل على معاوية بن أبي سفيان فقال له معاوية : ياعدي أين الطَرَفات ؟ يعني بنيه طريفاً وطارفاً وطرفة .
    قال : قتلوا يوم صفّين بين يدي علي بن أبي طالب (عليه السلام) .
(1) الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) از ديدگاه خلفا : ص120 و129 و187 .


584
    فقال : ما أنصفك ابن أبي طالب إذ قدّم بنيك وأخّر بنيه .
    قال : بل ما نصفتُ أنا علياً إذ قُتِلَ وبقيتُ .
    قال : صف لي علياً .
    فقال : إن رأيت أن تعفيني .
    قال : لا أعفيك .
    قال : كان والله بعيد المدى ، شديد القوى ، يقول عدلا ، ويحكم فصلا ، تنفجر الحكمة من جوانبه والعلم من نواحيه ، يستوحش من الدنيا وزهرتها ويستأنس بالليل ووحشته ، وكان والله غزير الدمعة ، طويل الفكرة ، يحاسب نفسه إذا خلا ويقلّب كفّيه على ما مضى ، يعجبه من اللباس القصير ومن المعاش الخشن ، وكان فينا كأحدنا يجيبنا إذا سألناه ويدنينا إذا أتيناه ، ونحن مع تقريبه لنا وقربه منّا لا نكلّمه لهيبته ولا نرفع أعيننا إليه لعظمته ، فإن تبسّم فعن اللؤلؤ المنظوم ، يعظّم أهل الدين ويتحبّب إلى المساكين ، لا يخاف القوي ظلمه ، ولا ييأس الضعيف من عدله .
    فاُقسم لقد رأيته ليلة وقد مَثُل في محرابه ، وأرخى الليل سرباله وغارت نجومه ، ودموعه تتحادر على لحيته ، وهو يتململ تململ السليم ، ويبكي بكاء الحزين ، فكأنّي الآن أسمعه وهو يقول : يادُنيا ألِيَّ تعرّضت أم إليّ أقبلت ، غُرّي غيري لا حان حينُك قد طلّقتك ثلاثاً لا رجعة لي فيك ، فعيشُكِ حقير ، وخطرك يسير ، آه من قلّة الزاد وبُعد السفر وقلّة الأنيس .
    قال : فوكفت عينا معاوية وجعل ينشفهما بكمّه .
    ثمّ قال : يرحم الله أبا الحسن كان كذلك فكيف صبرُك عنه ؟


585
    قال : كصبر من ذُبح ولدُها في حِجرها فهي لا ترقأ دمعتها ولا تسكن عبرتها .
    قال : فكيف ذكرك له ؟
    قال : وهل يتركني الدهر أن أنساه ؟! » (1) .
    وأمّا حديث الطرماح فهو ما رواه الشيخ الأديب أبو بكر بن عبدالعزيز البستي بالأسانيد الصحاح أنّ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) لمّا رجع من وقعة الجمل كتب إليه معاوية بن أبي سفيان عليه اللعنة :
    بسم الله الرحمن الرحيم من عبدالله وابن عبدالله معاوية بن أبي سفيان إلى علي بن أبي طالب أمّا بعد فقد اتّبعت ما يضرّك وتركت ما ينفعك وخالفت كتاب الله وسنّة رسوله (صلى الله عليه وآله) وقد انتهى إليّ ما فعلت بحواري رسول الله (صلى الله عليه وآله) طلحة والزبير واُمّ المؤمنين عائشة ، فوالله لأرمينّك بشهاب لا تطفيه المياه ولا تزعزعه الرياح إذا وقع وقب ، وإذا وقب ثقب ، وإذا ثقب نقب ، وإذا نقب التهب ، فلا تغرنّك الجيوش واستعدّ للحرب فإنّي ملاقيك بجنود لا قبل لك بها والسلام .
    فلمّا وصل الكتاب إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فكّه وقرأه ودعى بدواة وقرطاس وكتب إليه :
    « بسم الله الرحمن الرحيم من عبدالله وابن عبده علي بن أبي طالب أخي رسول الله وابن عمّه ووصيّه ومغسّله ومكفّنه وقاضي دَينه وزوج إبنته البتول وأبي سبطيه الحسن والحسين إلى معاوية بن أبي سفيان .
    أمّا بعد فإنّي أفنيت قومك يوم بدر وقتلت عمّك وخالك وجدّك ،
(1) سفينة البحار : ج6 ص184 .


586
والسيف الذي قتلتهم به معي ، يحمله ساعدي بثبات من صدري ، وقوّة من بدني ، ونصرة من ربّي كما جعله النبي (صلى الله عليه وآله) في كفّي .
    فوالله ما اخترت على الله ربّاً ، ولا على الإسلام ديناً ، ولا على محمّد نبيّاً ، ولا على السيف بدلا ، فبالغ من رأيك ، فاجتهد ولا تقصّر فقد استحوذ عليك الشيطان ، واستفزّك الجهل والطغيان ، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون .
    والسلام على من اتّبع الهدى وخشي عواقب الردى .
    ثمّ طوى الكتاب وختمه ودعى رجلا من أصحابه يقال له : الطرماح بن عدي بن حاتم الطائي وكان رجلا جسيماً طويلا أديباً لبيباً فصيحاً لَسِناً متكلّماً لا يكلّ لسانه ولا يعيي عن الجواب ، فعمّمه بعمامته ، ودعى له بجمل بازل وثيق فائق أحمر ، فسوّى راحلته ، ووجّهه إلى دمشق ، فقال له : ياطرماح انطلق بكتابي هذا إلى معاوية بن أبي سفيان وخذ الجواب .
    فأخذ الطرماح الكتاب ، وكوّر بعمامته ، وركب مطيّته ، وانطلق حتّى دخل دمشق فسأل عن دار الإمارة فلمّا وصل إلى الباب قال له الحجّاب : من بغيتك ؟
    قال : اُريد أصحاب الأمير أوّلا ثمّ الأمير ثانياً .
    فقالوا له : من تريد منهم ؟
    قال : اُريد جعشماً وجرولا ومجاشعاً وباقعاً ـ وكان أراد أبا الأعور السلمي وأبا هريرة الدّوسي وعمرو بن العاص ومروان بن الحكم ـ .
    فقالوا : هم بباب الخضراء يتنزّهون في بستان .
    فانطلق وسار حتّى أشرف على ذلك الموضع فإذا قوم ببابه فقالوا : جاءنا أعرابي بدوي دوين إلى السماء تعالوا نستهزىء به ، فلمّا وقف عليهم قالوا :


587
ياأعرابي هل عندك من السماء خبر ؟
    فقال : بلى ، الله تعالى في السماء ، وملك الموت في الهواء ، وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب في القفاء ، فاستعدّوا لما ينزل عليكم من البلاء ، ياأهل الشقاوة والشقاء .
    قالوا : من أين أقبلت ؟
    قال : من عند حرّ تقي نقيّ زكيّ مؤمن رضيّ مرضيّ .
    فقالوا : وأي شيء تريد ؟
    فقال : اُريد هذا الدعي الرديّ المنافق المردي الذي تزعمون أنّه أميركم ، فعلموا أنّه رسول أمير المؤمنين علي (عليه السلام) إلى معاوية .
    فقالوا : هو في هذا الوقت مشغول .
    قال : بماذا بوعد أو وعيد ؟
    قالوا : لا ولكنّه يشاور أصحابه فيما يلقيه غداً .
    قال : فسحقاً له وبُعداً .
    فكتبوا إلى معاوية بخبره : أمّا بعد فقد ورد من عند علي بن أبي طالب رجل أعرابي بدوي فصيح لسن طلق ذلق ، يتكلّم فلا يكلّ ، ويطيل فلا يملّ فأعد لكلامه جواباً بالغاً ، ولا تكن عنه غافلا ولا ساهياً والسلام .
    فلمّا علم الطرماح بذلك أناخ راحلته ، ونزل عنها وعقلها ، وجلس مع القوم الذين يتحدّثون .
    فلمّا بلغ الخبر إلى معاوية أمر إبنه يزيد أن يخرج ويضرب المصاف على باب داره ، فخرج يزيد وكان على وجهه أثر ضربة ، فإذا تكلّم كان جهير


588
الصوت فأمر بضرب المصاف ففعلوا ذلك ، وقالوا للطرماح : هل لك أن تدخل على باب أمير المؤمنين ؟
    فقال : لهذا جئت وبه اُمرت ، فقام إليه ومشى ، فلمّا رأى أصحاب المصاف وعليهم ثياب سود فقال : من هؤلاء القوم كأنّهم زبانية لمالك على ضيق المسالك ؟ فلمّا دنى من يزيد نظر إليه فقال : من هذا الميشوم ابن الميشوم ، الواسع الحلقوم ، المضروب على الخرطوم ؟!
    فقالوا : مه ياأعرابي ابن الملك يزيد .
    فقال : ومن يزيد لا زاد الله مزاده ولا بلّغه مراده ومن أبوه ؟ كانا قدماً غائصين في بحر الجلافة ، واليوم استويا على سرير الخلافة ، فسمع يزيد ذلك واستشاط وهمّ بقتله غضباً ثمّ كره أن يحدث دون إذن أبيه فلم يقتله خوفاً منه وكظم غيظه وخبا ناره وسلّم عليه فقال : ياأعرابي إنّ أمير المؤمنين يقرأ عليك السلام .
    فقال : سلامه معي من الكوفة .
    فقال يزيد : سلني عمّا شئت ، فقد أمرني أمير المؤمنين بقضاء حاجتك .
    فقال : حاجتي إليه أن يقوم من مقامه حتّى يجلس من هو أولى منه بهذا الأمر !!
    قال : فماذا تريد آنفاً ؟
    قال : الدخول عليه .
    فأمر برفع الحجاب وأدخل إلى معاوية وصواحبه .
    فلمّا دخل الطرماح وهو متنعّل قالوا له : اخلع نعليك .


589
    فالتفت يميناً وشمالا ثمّ قال : هذا ربّ الواد المقدّس فأخلع نعلي ؟! فنظر فإذا هو معاوية قاعد على السرير مع قواعده وخاصّته ، ومثل بين يديه خدمه فقال : السلام عليك أيّها الملك العاصي .
    فقرب إليه عمرو بن العاص فقال : ويحك ياأعرابي ، ما منعك أن تدعوه بأمير المؤمنين ؟
    فقال الأعرابي : ثكلتك اُمّك ياأحمق ، نحن المؤمنون ، فمن أمّره علينا بالخلافة .
    فقال معاوية : ما معك ياأعرابي ؟
    فقال : كتاب مختوم من إمام معصوم .
    فقال : ناولنيه .
    قال : أكره أن أطأ بساطك .
    قال : ناوله وزيري هذا وأشار إلى عمرو بن العاص .
    فقال : هيهات هيهات ظلم الأمير وخان الوزير .
    فقال : ناوله ولدي هذا وأشار إلى يزيد .
    فقال : ما نرضى بإبليس فكيف بأولاده ؟
    فقال : ناوله مملوكي هذا وأشار إلى غلام له قائم على رأسه .
    فقال الأعرابي : مملوك اشتريته من غير حلّ وتستعمله في غير حقّ !!
    قال : ويحك ياأعرابي فما الحيلة وكيف نأخذ الكتاب ؟
    فقال الأعرابي : أن تقوم من مقامك وتأخذه بيدك على غير كره منك ، فإنّه كتاب رجل كريم وسيّد عليم وحبر حليم بالمؤمنين رؤوف رحيم .


590
    فلمّا سمع منه معاوية وثب من مكانه وأخذ منه الكتاب بغضب ، وفكّه وقرأه ووضعه تحت ركبتيه ، ثمّ قال : كيف خلّفت أبا الحسن والحسين ؟
    قال : خلّفته بحمد لله كالبدر الطالع ، حواليه أصحابه كالنجوم الثواقب اللوامع ، إذا أمرهم بأمر ابتدروا إليه ، وإذا نهاهم عن شيء لم يتجاسروا عليه ، وهو من بأسه يامعاوية في تجلّد بطل شجاع سميدع ، إن لقي جيشاً هزمه وأرداه ، وإن لقي قرناً سلبه وأفناه ، وإن لقي عدوّاً قتله وجزاه .
    قال معاوية : كيف خلّفت الحسن والحسين ؟
    قال : خلّفتهما بحمد الله شابّين نقيّين تقيّين زكيّين عفيفين صحيحين سيّدين طيّبين فاضلين عاقلين عالمين مصلحين في الدنيا والآخرة .
    فسكت معاوية ساعة فقال : ما أفصحك ياأعرابي ؟
    قال : لو بلغت باب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) لوجدت الاُدباء الفصحاء البلغاء الفقهاء النجباء الأتقياء الأصفياء ، ولرأيت رجالا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ، حتّى إذا استعرت نار الوغى قذفوا بأنفسهم في تلك الشعل ، لابسين القلوب على مدارعهم ، قائمين ليلهم صائمين نهارهم ، لا تأخذهم في الله ولا في وليّ الله علي لومة لائم ، فإذا أنت يامعاوية رأيتهم على هذه الحال غرقت في بحر عميق لا تنجو من لجّته .
    فقال عمرو بن العاص لمعاوية سرّاً : هذا رجل أعرابي بدوي لو أرضيته بالمال لتكلّم فيك بخير .
    فقال معاوية : ياأعرابي ما تقول في الجائزة أتأخذها منّي أم لا ؟
    قال : بل آخذها فوالله أنا اُريد استقباض روحك من جسدك ، فكيف