611
وَوَصِيَّتُكُمُ التَّقْوى (1)

أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِندَ اللهِ عَظِيماً * إِن تُبْدُوا شَيْئاً أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْء عَلِيماً) (1) ، وأنزل : (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالاْخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُّهِيناً) (2) (3) .
    (1) ـ الوصيّة : هو العهد .
    والتقوى وبالفارسية پرهيز كارى هي في اللغة : فرط الصيانة ، وفي العرف : صيانة النفس عمّا يضرّها في الآخرة وقصرها على ما ينفعها فيها ، ولها ثلاث مراتب كما تقدّم بيانه (4) ، وتقدّم التفصيل في فقرة : « وأعلام التقى » .
    وقلنا : إنّ أجمع وألطف تفسير للتقوى هو ما في الحديث الصادقي (عليه السلام) :
    « أن لا يفقدك حيث أمرك ، ولا يراك حيث نهاك » (5) .
    وأهل البيت (عليهم السلام) هم سادة المتّقين ، ولم يزالوا يوصون بالتقوى الخلق أجمعين ، أرشدوا الناس إليها وحثّوهم عليها بالقول والعمل ، فكانوا في ذلك الاُسوة والقدوة ، شهد لهم بذلك الولي والعدوّ .
    فقد روى سفيان بن عيينة ، عن الزهري ، عن مجاهد ، عن ابن عبّاس : (وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ) (6) علي بن أبي طالب (عليه السلام) خاف فانتهى عن
(1) سورة الأحزاب : الآية 53 ـ 54 .
(2) سورة الأحزاب : الآية 57 .
(3) بحار الأنوار : ج31 ص237 ، وجاء في حديث ابن عبّاس عن رجل في الدرّ المنثور : ج5 ص215 .
(4) بحار الأنوار : ج70 ص136 .
(5) سفينة البحار : ج8 ص558 .
(6) سورة النازعات : الآية 40 .



612
المعصية ، ونهى عن الهوى نفسه .
    (فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى) (1) خاصّاً لعلي (عليه السلام) ومن كان على منهاجه هكذا عامّاً .
    وروى قتادة ، عن الحسن ، عن ابن عبّاس في قوله : (إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازاً) (2) هو علي بن أبي طالب (عليه السلام) سيّد من اتّقى عن ارتكاب الفواحش .
    ثمّ ساق التفسير إلى قوله : (جَزَآءً مِّنْ رَّبِّكَ) (3) لأهل بيتك خاصّاً لهم وللمتّقين عامّاً .
    وفي تفسير أبي يوسف : يعقوب بن سفيان ، عن مجاهد وابن عبّاس (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلاَل وَعُيُون) (4) من اتّقى الذنوب علي بن أبي طالب والحسن والحسين (عليهم السلام) .
    وروى الأصبغ بن نباتة قال علي (عليه السلام) : « دخلت بلادكم بأشمالي هذه ورحلتي وراحلتي هاهي ، فإن أنا خرجت من بلادكم بغير ما دخلت فإنّني من الخائنين » .
    وفي رواية : « ياأهل البصرة ما تنقمون منّي ، إنّ هذا لمن غزل أهلي ؟ » ـ وأشار إلى قميصه ـ .
    وترصّد غداءه عمرو بن حريث ، فأتت فضّة بجراب مختوم ، فأخرج
(1) سورة النازعات : الآية 41 .
(2) سورة النبأ : الآية 31 .
(3) سورة النبأ : الآية 36 .
(4) سورة المرسلات : الآية 41 .



613
منه خبزاً متغيّراً خشناً .
    فقال عمرو : يافضّة لو نخلت هذا الدقيق وطيّبتيه .
    قالت : كنت أفعل فنهاني ، وكنت أضع في جرابه طعاماً طيّباً فختم جرابه .
    ثمّ إنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) فتّه في قصعة ، وصبّ عليه الماء ، ثمّ ذرّ عليه الملح وحسر عن ذراعه ، فلمّا فرغ قال : ياعمرو لقد حانت هذه ـ ومدّ يده إلى محاسنه ـ وخسرت هذه أن اُدخلها النار من أجل الطعام ، وهذا يجزيني .
    ورآه عدي بن حاتم وبين يديه شنّة فيها قراح ماء وكسرات من خبز شعير وملح ، فقال : إنّي لا أرى لك ياأمير المؤمنين لتظلّ نهارك طاوياً مجاهداً وبالليل ساهراً مكابداً ، ثمّ يكون هذا فطورك ، فقال (عليه السلام) :
علّل النفس بالقنوع وإلاّ طلبت منك فوق ما يكفيها (1)
هذه سيرتهم في التقوى عملا ، وقد أوصوا بها قولا أيضاً .
    ففي الرسالة الجليلة للإمام الصادق (عليه السلام) في جواب النجاشي : « واعلم أنّ الخلائق لم يوكّلوا بشيء أعظم من التقوى فإنّه وصيّتنا أهل البيت » (2) .
    وقد أكّدوا (عليهم السلام) على التقوى غاية التأكيد ، ويحسن ملاحظة خطبة المتّقين لأمير المؤمنين (عليه السلام) ، ورسالته إلى عثمان بن حنيف ، وكلام جميع المعصومين (عليهم السلام)في الوصية بذلك .
    وبحق كانوا (عليهم السلام) سادة المتّقين ، بل أعلام التقى ، والمثل الأعلى في
(1) بحار الأنوار : ج40 ص320 ـ 325 ب98 .
(2) بحار الأنوار : ج77 ص194 ب7 ح11 .



614
وَفِعْلُكُمُ الْخَيْرُ (1) وَعادَتُكُمُ الاِْحْسانُ (2) وَسَجِيَّتُكُمُ الْكَرَمُ (3)

الوصية بالتقوى .
    (1) ـ الخير : ضدّ الشرّ ، وكلّ شيء لا سوء فيه (1) .
    والخيرات هي الأعمال الصالحة ، وفسّر الخير بمكارم الأخلاق (2) .
    والخير هو ما يرغب فيه الكل كالعقل والعدل والفضل والشيء النافع (3) .
    والمعنى : أنّ ما تفعلونه أهل البيت هو الخير ، فلا يصدر منكم الشرّ أبداً ، فإنّهم (عليهم السلام) خلفاء الله تعالى الذي هو أصل كلّ خير ، ولا يريد بعباده الشرّ ، فيكون خلفاؤه أيضاً مظاهر فعل الخير .
    (2) ـ العادة : اسم لتكرير الشيء مراراً بحيث يكون تعاطيه سهلا كالطبع ، لذلك قيل : العادة طبيعة ثانية (4) .
    والإحسان : ضدّ الإساءة ، وهو الإنعام على الغير (5) .
    والمعنى : أنّ ما اعتاده أهل البيت (عليهم السلام) هو الإحسان والإنعام إلى الخلق جميعهم ، صديقهم وعدوّهم وبرّهم وفاجرهم .
    فإنّهم خلفاء الله المحسن إلى جميع خلقه فيحسنون .
    مضافاً إلى قيام دليل الوجدان على هذا الإحسان .
    (3) ـ السجيّة : هي الغريزة والطبيعة التي جُبل عليها الإنسان (6) .
(1) مرآة الأنوار : ص94 .
(2) مجمع البحرين : ص258 .
(3) المفردات : ص160 .
(4) المفردات : ص352 .
(5) المفردات : ص119 .
(6) مجمع البحرين : ص43 .



615
    والكرم : ضدّ اللؤم ، وهو كلّ ما يُرضى ويحمد ويحسن ، من الجود في العطاء ، وبذل أنواع الخير .
    والمعنى : أنّ أهل البيت (عليهم السلام) طبيعتهم الكرم ، جادوا بالمكارم حتّى صار الكرم لهم طبيعة وسجيّة .
    فإنّهم خلفاء الله تعالى الذي هو أكرم الأكرمين ، وهم وسائل الفيض الإلهي من ربّ العالمين ، كما تقدّم في الزيارة الشريفة في فقرة « واُصول الكرم » .
    ويكفيك دليلا وجدانياً على هذه الصفات الحسنة فيهم ، ملاحظة حياتهم المليئة بالخيرات ، والموسومة بالبركات .
    ولقد جادوا بكلّ غال ونفيس في سبيل ربّهم ، وأنفقوا وأحسنوا إلى غيرهم بالرغم من خصاصتهم ، فأنزل الله تعالى فيهم : (وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ) (1) (2) .
    ولقد آثروا غيرهم على أنفسهم في مواضع عديدة يكفيك منها إيثار المسكين واليتيم والأسير ثلاثة أيّام مع تحمّل الجوع حتّى أنزل الله فيهم : (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً) الآيات (3) (4) .
    وتظافر الحديث في كرمهم وكراماتهم فيما تلاحظه في سيرتهم (5) .
(1) سورة الحشر : الآية 9 .
(2) كنز الدقائق : ج13 ص175 ، إحقاق الحقّ : ج9 ص144 .
(3) سورة الدهر : الآية 8 .
(4) كنز الدقائق : ج14 ص52 .
(5) بحار الأنوار : ج41 ص24 ب102 الأحاديث .



616
وَشَأْنُكُمُ الْحَقُّ وَالصِّدْقُ وَالرِّفْقُ (1) وَقَوْلُكُمْ حُكْمٌ وَحَتْمٌ (2)

    ولقد كان معروفهم وفضلهم مبذولا حتّى في ساعة عسرتهم كما في إنفاق الإمام الحسين (عليه السلام) في عاشوراء .
    وقد شهد بسخائهم وكرمهم حتّى أعداؤهم كما تلاحظه في النقل (1) .
    وأهل البيت (عليهم السلام) هم المختصّون برحمة الله الواسعة الفيّاضة التي تلاحظ المثل الأعلى منها في حديث الإمام الرضا (عليه السلام) المتقدّم (2) .
    (1) ـ الشأن : هو الأمر والحال .
    والحقّ : هو كلّ شيء ثابت محقّق ذو حقيقة ، ضدّ الباطل الذي لا حقيقة له .
    والصدق : خلاف الكذب ، وهو مطابقة الخبر لما في نفس الأمر .
    والرفق : ضدّ العنف والخرق ، وهو لين الجانب ، وأن يحسن الرجل العمل .
    والمعنى : أنّكم أهل البيت شأنكم هو الحقّ في أحوالكم ، والصدق في أقوالكم ، والرفق في أفعالكم ومعاشرتكم .
    فإنّهم (عليهم السلام) حجج الله تعالى على خلقه ، والسائرون فيهم من قِبَله ، ومظاهر صفاته فيكونون متّصفين بالحقّ والصدق والرفق .
    وفي نسخة الكفعمي : « وشأنكم الحقّ ، وكلامكم الصدق ، وطبعكم الرفق » .
    (2) ـ الحكم : هو العلم والفقه والقضاء بالعدل (3) .
    وفسّره والد المجلسي والسيّد شبّر بالحكمة ، التي عرفت بأنّها هي العلوم
(1) شرح نهج البلاغة : ج1 ص21 .
(2) بحار الأنوار : ج24 ص26 ب29 ح44 .
(3) مجمع البحرين : ص512 .



617
وَرَأْيُكُمْ عِلْمٌ وَحِلْمٌ وَحَزْمٌ (1) اِنْ ذُكِرَ الْخَيْرُ كُنْتُمْ اَوَّلَهُ وَاَصْلَهُ وَفَرْعَهُ وَمَعْدِنَهُ وَمَأْواهُ وَمُنْتَهاهُ (2)

الحقيقيّة الإلهية .
    والحتم : هو المعزوم الذي يجب اتّباعه .
    والمعنى : أنّ قولكم أهل البيت هو ما قضاه الله تعالى الذي هو محتوم يجب اتّباعه ، أو حكمة الله التي يجب متابعتها .
    وحتميّة اتّباع أقوال أهل البيت (عليهم السلام) ووجوب طاعتهم ممّا ثبت بصريح الكتاب في قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الاَْمْرِ مِنكُمْ) (1) .
    (1) ـ الحلم : هو العقل ، وفسّر به قوله تعالى : (أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلاَمُهُم) (2) أي عقولهم .
    والحزم : ضبط الرجل أمره ، والحذر من فواته ، من قولهم : حزمت الشيء حزماً أي شددته ... وقوله : أخذت بالحزم أي المتقن المتيقّن (3) .
    فالمعنى : أنّ رأيكم أهل البيت هو علم إلهي وليس برأي ظنّي أو تخميني ، وهو صادر عن عقل سليم لا عن سفه ، وهو مضبوط متقن متيقّن لا شكّ فيه .
    فإنّه رأي معصوم عصمه الله من الزلّة ، وأيّده بالروحية القدسيّة ، فلا مجال فيه لسفاهة النظر أو خطل الرأي ، كما تقدّم في فقرة : « عصمكم الله من الزلل » .
    وفي نسخة الكفعمي : « ورأيكم علم وحلم وكرم ، وأمركم عزم وحزم » .
    (2) ـ عرفت فيما تقدّم أنّ الخير هو ما لا سوء فيه ، والعمل الصالح ، ومكارم
(1) سورة النساء : الآية 59 .
(2) سورة الطور : الآية 32 .
(3) مجمع البحرين : ص510 .



618
الأخلاق ، وما يرغب فيه الجميع ، والشيء النافع .
    وأهل البيت (عليهم السلام) مثال الخير الكامل ، وأكمل الخير ، والخير الكثير كما يدلّ عليه الكتاب والسنّة .
    فمن الكتاب سورة الكوثر المباركة .
    ومن السنّة أحاديث تفسيرها (1) .
    وهم (عليهم السلام) أوّل الخير ... فابتداؤه بهم ومنهم وببركتهم ، كما ينبىء عنه حديث لولاك (2) .
    وأصل الخير منهم (عليهم السلام) ... فهم المقصودون بالخير أصالة ، ثمّ وصل منهم إلى غيرهم ، وهم أصل الوجود الذي هو مبدأ الخيرات .
    وفرع الخير هم (عليهم السلام) .. من حيث إنّ وجودهم وخيرهم نشأ من خير الله تعالى وفضله .
    وهم (عليهم السلام) معدن الخير ... أي محلّ استقراره وإفاضته فإنّهم يفيضون كلّ خير .
    وهم (عليهم السلام) مأوى الخير ... أي مرجعه إذ لا يوجد الخير إلاّ عندهم ، ولا يصدر إلاّ منهم .
    وهم (عليهم السلام) منتهى الخير ... أي أنّ كلّ خير صادر من غيرهم يكون راجعاً إليهم ، فيكونون منتهى الخير .
    فالخير الأمثل بالوصف الأفضل هو لأهل البيت (عليهم السلام) لأنّهم سبب الخير ،
(1) كنز الدقائق : ج14 ص459 ، مجمع البيان : ج10 ص549 .
(2) بحار الأنوار : ج15 ص28 ب1 ح48 ، وفي العوالم : ج11 قسم 2 ص43 .



619
بِاَبِي اَنْتُمْ وَاُمِّي وَنَفْسِي (1)

ووسيلة الفيض ، ومهبط الخيرات الإلهية ، والبركات الربّانية .
    ففي الزيارة المطلقة الاُولى للإمام الحسين (عليه السلام) : « إرادة الربّ في مقادير اُموره تهبط إليكم ، وتصدر من بيوتكم » (1) .
    وقد دعا لهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالخير الكثير ودعاؤه مستجاب غير مردود (2) .
    وهم الأساس لجميع الخيرات التي أفضلها العبادات التي هي خير الدنيا والآخرة ، ولولاهم ما عُبد الله تعالى .
    وفي حديث الإمام الصادق (عليه السلام) :
    « نحن أصل كلّ خير ، ومن فروعنا كلّ برّ ، فمن البرّ التوحيد ، والصلاة والصيام وكظم الغيظ ، والعفو عن المسيء ، ورحمة الفقير ، وتعهّد الجار ، والإقرار بالفضل لأهله ، وعدوّنا أصل كلّ شرّ ... » (3) .
    وفي نسخة الكفعمي هنا : « إن ذكر الخير كنتم أوّله وآخره ، وأصله وفرعه ، ومعدنه ومأواه ، وإليكم منتهاه » .
    (1) ـ مضى أنّ هذه الكلمات موضوعة لإنشاء التحبيب في الخطاب ، وتعظيم المخاطب ، وتكريرها تأكيد وتثبيت لتفدية أعزّ ما يحبّه الإنسان أبيه واُمّه ونفسه لسادته وأئمّته الذين هم سبل النجاة في المحيا والممات .
(1) الكافي : ج4 ص575 ح2 ، من لا يحضره الفقيه : ج2 ص596 ب2 ح3199 ، التهذيب : ج6 ص55 ب16 ح1 .
(2) بحار الأنوار : ج43 ص120 ب5 ح29 .
(3) الكافي : ج8 ص242 ب8 ح336 .



620
كَيْفَ اَصِفُ حُسْنَ ثَنائِكُمْ (1) وَاُحْصِي (1) جَمِيلَ بَلائِكُمْ (2)

    (1) ـ الثناء : هو المدح ، والذكر الحسن ، والكلام الجميل .
    وحسن ثنائكم من إضافة الصفة إلى الموصوف ، نظير قولهم كريم الأب ، وأبيّ النفس ، يعني أبوه كريم ، ونفسه أبيّة ، وكذلك هنا بمعنى أنّ ثناؤهم ومدحهم حسن .
    فالمعنى أنّه كيف أقدر على توصيف حسن مدحكم يعني مدحكم الحسن الجميل ، أو حسن ثناءكم وتمجيدكم لله تعالى ؟ والحال أنّه بكم أخرجنا الله من الذلّ الخ .
    فإنّ حسن ثنائهم لا يُتوصّل إلى غايته فكيف يوصف حقّ وصفه .
    إذ أنّهم (عليهم السلام) أهل الثناء من بداية الخلقة إلى يوم القيامة .
    (2) ـ البلاء هنا هي : النعمة ومنه الدعاء : « الحمد لله على ما أبلانا » أي أنعم علينا وتفضّل ، من الإبلاء الذي هو الإحسان والإنعام (2) .
    وجميل بلائكم أيضاً من إضافة الصفة إلى الموصوف ، يعني نعمكم الجميلة وإحسانكم الجميل .
    فالمعنى : أنّه كيف أقدر أيضاً على إحصاء نعمكم الجميلة التي أنعم الله تعالى بها علينا ، ومنها النعم الآتية يعني الإخراج من الذلّ الخ ، التي هي من أعظم النعم .
    وأهل البيت (عليهم السلام) هم بأنفسهم نعم الله ، وولايتهم أولى النعم ، وبركاتهم
(1) في العيون : « وكيفَ اُحصي » .
(2) مجمع البحرين : ص13 .