641
وَالدَّرَجاتُ الرَّفِيعَةُ (1)
فاعتبروا أيّها الناس وتفكّروا فيما قلت ، حيث وضع الله عزّوجلّ ولايته وطاعته ومودّته واستنباط علمه وحجّته ، فإيّاه فتعلّموا [ فتقبّلوه ] ، وبه فاستمسكوا تنجوا ، ويكون لكم به حجّة يوم القيامة والفوز ، فإنّهم صلة بينكم وبين ربّكم ، ولا تصل الولاية إلى الله عزّوجلّ إلاّ بهم .
فمن فعل ذلك كان حقّاً على الله أن يكرمه ولا يعذّبه ، ومن يأت بغير ما أمره كان حقّاً على الله أن يذلّه ويعذّبه » (1) .
ومن دخل في ولايتهم دخل الجنّة ومن دخل في ولاية عدوّهم دخل النار ، كما في حديث الإمام الباقر (عليه السلام) الآخر (2) .
ومودّتهم من الباقيات الصالحات كما في حديث الإمام الصادق (عليه السلام) (3) .
فالفوز كلّ الفوز في مودّتهم ومحبّتهم والبراءة من أعدائهم .
فإنّ محبّتهم هي النجاة الكبرى ، كما أنّ محبّة أعدائهم هي المردية السفلى .
(1) ـ الرفيع : هو الشريف ، ومنه الدرجات الرفيعة ، ورفعه رفعةً : ارتفع قدره (4) .
أي ولكم أهل البيت الدرجات الشريفة المرتفعة ، والمراتب العالية بعلوّ المنزلة .
وهذا واضح لكلّ من تدبّر في درجاتهم السامية في الدنيا والآخرة ،
(1) بحار الأنوار : ج11 ص50 ب1 ح49 .
(2) بحار الأنوار : ج8 ص348 ب26 ح7 .
(3) بحار الأنوار : ج23 ص250 ب3 ح25 .
(4) مجمع البحرين : ص379 .
642
وَالْمَقامُ الْمَحْمُودُ (1)
تلك الدرجات التي منحتهم الأشرفية على جميع الخلق .
ويكفيك الدرجات والمراتب التي ذكرتها هذه الزيارة الشريفة ، وذكرنا بيانها في الأدلّة ، خصوصاً إمامتهم الكبرى ، وولايتهم العظمى .
(1) ـ أي ولكم المقام المحمود ، وهو مقام الشفاعة الكبرى التي منحها الله تعالى لأهل بيت رسوله الأكرم (صلى الله عليه وآله) .
وفي نسخة الكفعمي : « والمكان المحمود » .
وهو المقام الذي ذكرته الآية الشريفة : (عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحْمُوداً) (1) .
نصّت على مقام الشفاعة الأحاديث المتظافرة التي ذكرناها في مبحثها فراجع التفصيل (2) .
ونختار منها الأحاديث التالية :
1 ـ حديث شيخ الطائفة مسنداً عن أنس بن مالك ، قال : رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوماً مقبلا على علي بن أبي طالب (عليه السلام) وهو يتلو هذه الآية : (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحْمُوداً) (3) .
فقال : « ياعلي ، إنّ ربّي عزّوجلّ ملّكني الشفاعة في أهل التوحيد من اُمّتي ، وحظر ذلك عمّن ناصبك وناصب ولدك من بعدك » (4) .
(1) سورة الإسراء : الآية 79 .
(2) العقائد الحقّة الطبعة الاُولى : ص452 .
(3) سورة الإسراء : الآية 79 .
(4) أمالي الشيخ الطوسي : ص455 ح1017 .
643
وَالْمَكانُ الْمَعْلُومُ عِنْدَ اللّه عَزَّوَجَلَّ (1)
2 ـ حديث القندوزي قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : « ياعلي أنت أخي وأنا أخوك ، أنا المصطفى للنبوّة وأنت المجتبى للإمامة ، أنا وأنت أبوا هذه الاُمّة ، وأنت وصيي ووارثي وأبو ولدي ، أتباعك أتباعي ، وأولياؤك أوليائي ، وأعداؤك أعدائي ، وأنت صاحبي على الحوض وصاحبي في المقام المحمود ... » (1) .
3 ـ حديث صفوان الجمّال قال : دخلت على أبي عبدالله (عليه السلام) فقلت : جعلت فداك سمعتك تقول : شيعتنا في الجنّة ، وفيهم أقوام مذنبون ، يركبون الفواحش ، ويأكلون أموال الناس ، ويشربون الخمور ويتمتّعون في دنياهم .
فقال (عليه السلام) : « هم في الجنّة ، اعلم أنّ المؤمن من شيعتنا لا يخرج من الدنيا حتّى يبتلى بدَين أو بسقم أو بفقر ، فإن عفي عن هذا كلّه شدّد الله عليه في النزع عند خروج روحه حتّى يخرج من الدنيا ولا ذنب عليه .
قلت : فداك أبي واُمّي فمن يردّ المظالم ؟
قال : الله عزّوجلّ يجعل حساب الخلق إلى محمّد وعلي (عليهما السلام) ، فكلّ ما كان على شيعتنا حاسبناهم ممّا كان لنا من الحقّ في أموالهم ، وكلّ ما بينه وبين خالقه استوهبناه منه ، ولم نزل به حتّى ندخله الجنّة برحمة من الله ، وشفاعة من محمّد وعلي (عليهما السلام) » (2) .
(1) ـ أي ولكم أهل البيت المكان المعلوم في القُرب والكمال عند الله عزّوجلّ .
وفي التهذيب : والمقام المعلوم إشارة إلى قوله تعالى : (وَمَا مِنَّآ إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ) (3) .
(1) إحقاق الحقّ : ج4 ص227 .
(2) بحار الأنوار : ج68 ص114 ب18 ح33 .
(3) سورة الصافات : الآية 164 .
644
وَالْجاهُ الْعَظِيمُ (1) وَالشَّأْنُ الْكَرِيمُ (2)
كما تلاحظ ذلك في التفسير (1) .
(1) ـ الجاه : هو القدر والمنزلة ، يقال : فلان ذو جاه أي ذو قدر ومنزلة .
والمعنى : أنّ لكم أهل البيت القدر العظيم والمنزلة العظيمة عند الله عزّوجلّ .
وأىّ قدر ومنزلة أعظم من قدرهم ومنزلتهم ، ولولاهم ما خلق الله تعالى السماوات والأرض ، كما يدلّ عليه حديث الكساء الشريف وقد تقدّم .
(2) ـ الشأن : هو الأمر والحال .
أي ولكم الشأن الكبير عند الله عزّوجلّ . وفي العيون « والشأن الرفيع » .
وما أعظم وأكبر وأرفع شأنهم وقد منحهم الله أعظم سمات الشرافة والكرامة في الدنيا والآخرة .
وكلّ شأن من شؤونهم لا يدانيه أحد ، ويكفيك شأن واحد لأبي الأئمّة أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو كونه صاحب لواء الرسول في الدنيا وصاحب لواء الحمد في الآخرة .
ففي حديث ابن عبّاس قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : أتاني جبرئيل وهو فرح مستبشر ، فقلت : حبيبي جبرئيل مع ما أنت فيه من الفرح ! ما منزلة أخي وابن عمّي علي بن أبي طالب عند ربّه ؟
فقال : والذي بعثك بالنبوّة واصطفاك بالرسالة ما هبطت في وقتي هذا إلاّ لهذا ، يامحمّد الله العلي الأعلى يقرأ عليكما السلام وقال : محمّد نبيّ رحمتي ، وعلي مقيم حجّتي ، لا اُعذّب من والاه وإن عصاني ، ولا أرحم من عاداه وإن
(1) تفسير القمّي : ج2 ص227 .
645
وَالشَّفاعَةُ الْمَقْبُولَةُ (1) رَبَّنا آمَنّا بِما اَنْزَلْتَ (2)
أطاعني .
قال : ثمّ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : إذا كان يوم القيامة يأتيني جبرئيل ومعه لواء الحمد وهو سبعون شقّة ، الشقّة منه أوسع من الشمس والقمر ، وأنا على كرسيّ من كراسي الرضوان ، فوق منبر من منابر القدس ، فآخذه وأدفعه إلى علي بن أبي طالب .
فوثب عمر بن الخطّاب فقال : يارسول الله وكيف يطيق على حمل اللواء وقد ذكرت أنّه سبعون شقّة ، الشقّة منه أوسع من الشمس والقمر ؟!
فقال النبي (صلى الله عليه وآله) : إذا كان يوم القيامة يعطي الله علياً من القوّة مثل قوّة جبرئيل ، ومن النور مثل نور آدم ، ومن الحلم مثل حلم رضوان ، ومن الجمال مثل جمال يوسف ، ومن الصوت ما يداني صوت داود ، ولولا أن يكون داود خطيباً لعلي في الجنان لاُعطي مثل صوته ، وإنّ علياً أوّل من يشرب من السلسبيل والزنجبيل ، لا تجوز لعلي قدم على الصراط إلاّ وثبتت له مكانها اُخرى .
وإنّ لعلي وشيعته من الله مكاناً يغبطه به الأوّلون والآخرون » (1) .
(1) ـ أي ولكم الشفاعة المقبولة عند الله عزّوجلّ .
وقد تقدّم بيان الشفاعة ودليلها في فقرة : « وشفعاء دار البقاء » فراجع .
(2) ـ في مسك الختام هذا إيمان وتصديق وقبول لما ورد من درجات أهل البيت (عليهم السلام) ومناقبهم ومقاماتهم وشؤونهم الرفيعة ، التي كان منها ما ورد في
(1) بحار الأنوار : ج8 ص3 ب18 ح3 .
646
وَاتَّبَعْنا الرَّسُولَ (1) فَاكْتُبْنا مَعَ الشّاهِدِيْنَ (2) رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ اِذْ هَدَيْتَنا (3)
هذه الزيارة المباركة .
وقد عرفت أنّ جميعها كانت فضائل سامية ، مستندة إلى أدلّة شافية ، مأخوذة من كتاب الله الكريم وأحاديث رسوله العظيم وأهل بيته المعصومين سلام الله عليهم أجمعين ، مع دليل العقل والوجدان الذي هو بيانٌ عيان .
إيماناً بالعترة وصاحب الولاية المطلقة ، الذي أنزل الله تعالى خلافته ، وأمر نبيّه بتبليغ إمامته في قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ) (1) .
(1) ـ أي اتّبعنا الرسول فيما أمَرَنا به من ذلك .
(2) ـ أي اكتبنا مع المؤمنين الشاهدين الذين آمنوا بذلك عن شهود وحضور ، أو مع أئمّتنا الشاهدين (عليهم السلام) الذين هم شهداء الله على خلقه .
وهذا دعاءٌ بأن يجعلنا الله تعالى مع أهل الإيمان والمؤمنين .
كما أنّ الفقرة الآتية دعاء بأن يثبّتنا الله تعالى على هذا الإيمان ، ولا يجعلنا مع المنحرفين .
(3) ـ الزيغ : هو الميل عن الحقّ ، وفي الدعاء : « لا تزغ قلبي بعد إذ هديتني » أي لا تمله عن الإيمان ، أي لا تسلبني التوفيق ، بل ثبّتني على الاهتداء الذي
(1) سورة المائدة : الآية 67 .
647
وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً (1) اِنَّكَ اَنْتَ الوَهّابُ (2) سُبْحانَ رَبِّنا (3) اِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولا (4)
منحتني (1) .
فالمعنى : هو الدعاء بأنّه : ياربّنا لا تمِل قلوبنا إلى الباطل بعد إذ هديتنا إلى الحقّ .
وفي الحديث : عن سماعة قال : قال أبو عبدالله (عليه السلام) : « أكثروا من أن تقولوا : (
رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا) (2) ولا تأمنوا الزيغ » (3) .
(1) ـ أي هب لنا رحمة في الدنيا والآخرة ، وإن كنّا غير مستوجبين لذلك وغير مستحقّين لها ، أو رحمة تزلفنا إليك ونفوز بها عندك .
أو توفيقاً للثبات على الحقّ .
(2) ـ الوهّاب : هو المعطي للنعمة ، الذي شأنه الهبة والعطية (4) .
وفسّره الشيخ الصدوق بقوله : (يهب لعباده ما يشاء ، ويمنّ عليهم بما يشاء) (5) .
(3) ـ أي منزّه ربّنا تنزيهاً عمّا لا يليق به .
وسبحان منصوب على المصدرية : لفعل محذوف .
(4) ـ إن : مخفّفة من المثقلة أي أنّه كان وعد ربّنا لمفعولا .
(1) مجمع البحرين : ص397 .
(2) سورة آل عمران : الآية 8 .
(3) تفسير العياشي : ج1 ص164 ح9 .
(4) مجمع البيان : ج2 ص412 .
(5) كتاب التوحيد : ص214 .
648
ياوَلِيَّ اللّهِ (1) اِنَّ بَيْنِي وَبَيْنَ اللّهِ عَزَّوَجَلَّ ذُنُوباً لا يَأْتِي عَلَيْها اِلاّ رِضاكُمْ (2)
ووعد ربّنا : أي ما وعده تعالى من إجابة الدعوات ومضاعفة المثوبات .
لمفعولا : أي كائناً واقعاً لا محالة .
قال عزّ إسمه : (وَعْدَ اللهِ لاَ يُخْلِفُ اللهُ الْمِيعَادَ) (1) .
(1) ـ بعد إبراز الإيمان والتصديق بفضائلهم (عليهم السلام) بقولنا : « ربّنا آمنّا ... » .
ثمّ السؤال من الله الثبات عليه بقوله : « ربّنا لا تزغ ... » .
ثمّ طلب الرحمة من الله تعالى التي هي أمل كلّ آمل بقوله : « وهب لنا » .
هذا توجّه واستشفاع إلى الإمام المعصوم (عليه السلام) لاستيهاب الذنوب لأنّه الوسيلة إلى الله تعالى والوجيه عنده .
وفي حديث الكفعمي هنا : (ثمّ انكبّ على الضريح فقبّله ، وقل : ياولي الله ...) .
والمخاطب هنا هو الإمام المزور المقصود بالزيارة .
أو المراد جميع الأئمّة (عليهم السلام) بشمول جنس الوليّ ، ويؤيّده الإتيان بلفظ الجمع بعد ذلك يعني لفظ رضاكم وما بعده كما يستفاد من والد العلاّمة المجلسي (2) .
(2) ـ أي لا يمحوها ولا يُذهبها إلاّ رضاكم أهل البيت عنّا وشفاعتكم لنا .
مأخوذ من قولهم : (أتى عليه أي أهلكه) واهلاك الذنوب محوها .
وفي نسخة الكفعمي : « إلاّ رضى الله ورضاكم » .
(1) سورة الزمر : الآية 20 .
(2) الروضة : ج5 ص497 .
649
فَبِحَقِّ مَنِ ائْتَمَنَكُمْ عَلى سِرِّهِ (1) وَاسْتَرْعاكُمْ اَمْرَ خَلْقِهِ (2) وَقَرَنَ طاعَتَكُمْ بِطاعَتِهِ (3) لَمَّا اسْتَوْهَبْتُمْ ذُنُوبِي (4)
(1) ـ الباء للقَسَم أي اُقسم عليكم بحقّ الله تعالى الذي جعلكم اُمناء على سرّه .
فأهل البيت (عليهم السلام) هم اُمناء الله تعالى على أسراره ، كما تقدّم بيانه ودليله مع معنى الأسرار في فقرة : « وحفظة سرّ الله » .
(2) ـ أي اُقسم عليكم بحقّ الله تعالى الذي جعلكم أئمّة ورعاة لاُمور خلقه ، وجعل الخلق رعيّة لكم ، كما تقدّم بيانه ودليله في فقرة : « وساسة العباد » .
(3) ـ أي واُقسم عليكم بحقّ الله تعالى الذي قرن طاعتكم بطاعته في قوله تعالى : (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الاَْمْرِ مِنكُمْ) (1) .
قال والد المجلسي : (ويفهم من المقارنة ـ أي في الإطاعة ـ أنّه لا يقبل واحدة منها بدون البقيّة بل الجميع واحد كما قال تعالى : (مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ) (2) ) (3) .
وقد نزلت آية إطاعة اُولي الأمر في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) كما تلاحظه في أحاديث الخاصّة والعامّة (4) .
(4) ـ كلمة (لمّا) إيجابية بمعنى إلاّ ، هذا إذا كانت لمّا مشدّدة .
ويحتمل أن تكون مخفّفة ، فتكون اللام فيها لتأكيد القسم ، وما زائدة
(1) سورة النساء : الآية 59 .
(2) سورة النساء : الآية 80 .
(3) روضة المتّقين : ج5 ص497 .
(4) غاية المرام : ص263 ـ 265 ب58 ـ 59 الأحاديث ، كنز الدقائق : ج3 ص437 .
650
وَكُنْتُمْ شُفَعائِي (1) فَاِنِّي لَكُمْ مُطِيعٌ (2) مَنْ اَطاعَكُمْ فَقَدْ اَطاعَ اللّهَ وَمَنْ عَصاكُمْ فَقَدْ عَصَى اللّهَ وَمَنْ اَحَبَّكُمْ فَقَدْ اَحَبَّ اللّهَ وَمَنْ اَبْغَضَكُمْ فَقَدْ اَبْغَضَ اللّهَ (3)
للتأكيد (1) .
وكيف كان فالجملة متعلَّق القسم ، أي اُقسم عليكم بحقّ الله تعالى أن تطلبوا منه هبة ذنوبي وغفرانها لي .
(1) ـ أي اُقسم عليكم أيضاً أن تكونوا شفعائي إلى الله تعالى في الدنيا والآخرة .
وهو مقام الاستشفاع والشفاعة ، وقد تقدّم بيانهما في فقرتي : « مستشفع إلى الله عزّوجلّ بكم » و « شفعاء دار البقاء » .
(2) ـ بيانٌ بأنّ هذا الطلب منهم (عليهم السلام) إنّما هو مع الموالاة لهم التي توجب أمل القبول منهم ببركه ولايتهم ومحبّتهم .
فإنّي لكم مطيع ، أي مطيع في الجملة وإن صدرت منّي المخالفة أحياناً ، وسوّلت لي نفسي الخطيئة تسويلا .
أو بمعنى إنّي مقرّ معتقد بوجوب طاعتكم كما احتمله بعض الأعاظم .
(3) ـ هذا وجه إطاعتهم ، واعتقاد وجوب طاعتهم وموالاتهم .
أي إنّي لكم مطيع لأنّ الله تعالى أمر بطاعتكم ، وأوجب علينا متابعتكم .
فإطاعتكم في الحقيقة إطاعة الله تعالى ، ومعصيتكم معصية الله عزّوجلّ .
وأنتم القربى الذين أمر الله بمودّتكم وجعلكم الحجّة على خلقه ، فمحبّتكم محبّة الله ، والبغض لكم بغض الله تعالى شأنه .
(1) الأنوار اللامعة : ص200 .