موقع الأربعين > البعد الفكري لأربعينية الامام الحسين (عليه السلام )
عندما يحملك المطاف الى ما تراه من مشاهد مثيرة وملفتة للنظر من خلال المثابرة والعمل الدؤوب في المواكب الحسينية وأماكنها، وخاصة في مدينة العلم والعلماء [الحلة الفيحاء]، هذه المدينة التي ركزت على احتواء وحفظ تراث أهل البيت (عليهم السلام)، والسير على نهجهم وهم يحملون هموم الزائر الحسيني القادم من كل حدب وصوب خصوصاً القادمين من البلدان المجاورة.
.
ونتيجة لهذا الاختلاط العقائدي، تتلاقح الافكار فيما بينها، لتخرج بروافد نادرة تصب في مصبّها الصحيح، ولطالما خرجت منه لتُكمل دورة الحياة العقائدية والفكرية، فانها بذلك قد اسهمت في بناء صرح فكري ونفسي مستقر نحو تلك المسيرة المليونية الكبرى الى كربلاء الحسين (عليه السلام) .
.
لقد أعطى الإمام الحسين (عليه السلام) بعداً خفياً جمع فيه وحدة محبيه فرسم من خلالِهِ الصورة المستقبلية التلاحمية بين هذه المجاميع التي أصبحت القوة الناصرة للدين والمبدأ، وقد نشأت هذه القوة واستقرت في مسارها الصحيح تحت عناية الله سبحانه ودعوة القائم المنتظر من آل محمد (عليهم السلام)، ومن خلال هذا التلاحم اودع الإمام الحسين (عليه السلام) ، فكرة التعايش السلمي والمحبة والأخوة والتآلف بين هذه الملايين التي َقدِمَت من جنوب العراق وشماله، ومن دول العالم الأخرى خصوصاً إذا ما علمنا أن الطابع الاجتماعي لأبناء المجتمع الحلي يغلب عليه المدنية والثقافة والحضارة الذي قدم الشيء الكثير في كل أيام الزيارة الأربعينية صور واضحة في الكرم والأخلاق والسمعة الحسنة.
.
وهذا ما أبهر الزائرين من كل العالم وخاصة دول أيران ولبنان والبحرين وباكستان وغيرهم، وبالتالي فان هذه التظاهرة المليونية عززت كذلك عقيدة الإنتظار الشريف للظهور المقدس للأمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، فالصورة العقائدية والأخلاقية التي رسمها الإمام الحسين (عليه السلام)، للمجتمعات الاسلامية بشكل عام والمجتمعات التي آمنت بقضيته العادلة ومنها المجتمع الحلي على وجه الخصوص في طاعة سادتهم وقادتهم الأئمة المعصومين (عليهم السلام) بحسب مقدار ما استوعبوه منهم، وقد وظفوه وما يملكون في سبيل نهج الله الأكبر الإمام الحسين (عليه السلام)، لاسيما أن بعضاً من العوائل الحلية على الرغم من ضنك العيش وقلة المورد إلا أنهم يساهمون ولو بالجزء المتيسر في سبيل إدامة هذه الشعيرة وإحيائها.
.
فالممارسة العقائدية لهذه الشعيرة واحترامها والذود عنها بكل ما يتيسر من قوة من خلال الوعي الديني والعقائدي والثقافي الذي يوظف الثبات على هذا الطريق الصحيح حتى يوم الظهور الأعظم، فتوعية أبناء مدينة الحلة الفيحاء على هذه الجوانب إضافة الى الجانب الإقتصادي وأهميته لهذه المدينة في ضوء ما تملكه من أمكانيات من خلال السياحة الدينية. أذ أنها تشرفت بأكثر من مائة ضريح من أضرحة أبناء المعصومين وأحفادهم (سلام الله عليهم) الى جانب الأنبياء الراقدين في كنفها الرحب، ولذا كانت الحلة الفيحاء[ مهد الانبياء ودوحة العلماء].
.
ففي زيارة الأربعين نرى تظافر الجهود والذوبان المطلق في مظلومية أبي الأحرار،
وهذا ما وجدناه في طيات تلك الزيارة المليونية المقدسة في ضوء فهمنا القاصر لتلك الزيارة العظيمة فأنها بلا شك أعظم وأجل من أن يحيط بها باحث أو محلل أو كاتب فان منافعها سماوية بلا ريب ولله الحمد من قبل ومن بعد على ولاية أبى الأحرار الإمام الحسين (عليه السلام).