31
    « اِجلس ، فإذا غلام صغير في كفّه بيضة يلعب بها ، فقال أبو عبدالله (عليه السلام) : ناولني ياغلام البيضة ، فناوله إيّاها ، فقال أبو عبدالله (عليه السلام) : ياديصاني ! هذا حصن مكنون له جلد غليظ ، وتحت الجلد الغليظ جلد رقيق ، وتحت الجلد الرقيق ذهبةٌ مائعة وفضّة ذائبة ، فلا الذهبة المائعة تختلط بالفضّة الذائبة ، ولا الفضّة الذائبة تختلط بالذهبة المائعة ، فهي على حالها لم يخرج منها خارج مصلح فيخبر عن إصلاحها ، ولم يدخل فيها داخل مفسد فيخبر عن إفسادها لا يدرى للذكر خلقت أم للاُنثى ، تنفلق عن مثل ألوان الطواويس ، أترى لها مدبّراً ؟
    قال : فأطرق مليّاً ثمّ قال : أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله ، وأنّك إمامٌ وحجّةٌ من الله على خلقه ، وأنا تائب ممّا كنت فيه » (1).
    4 ـ انّ عبدالله الديصاني أتى باب أبي عبدالله (عليه السلام) فاستأذن عليه فأذن له ، فلمّا قعد قال له : ياجعفر بن محمّد ! دلّني على معبودي ، فقال له أبو عبدالله (عليه السلام) :
    « ما اسمك ؟
    فخرج عنه ولم يخبره باسمه .
    فقال له أصحابه : كيف لم تخبره باسمك ؟
    قال : لو كنت قلت له : عبد الله كان يقول : من هذا الّذي أنت له عبد ؟
    فقالوا له : عد إليه فقل يدلّك على معبودك ولا يسألك عن إسمك .
    فرجع إليه فقال : ياجعفر ! دلّني على معبودي ولا تسألني عن إسمي .
(1) بحار الأنوار : (ج3 ص31 الباب2 ح5) .


32
فقال له أبو عبدالله (عليه السلام) : إجلس وإذا غلام صغير .. » (1) إلى آخر الخبر الآنف الذكر .
    5 ـ الحسين بن خالد ، عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا (عليهما السلام) : أنّه دخل عليه رجل فقال له : يابن رسول الله ! ما الدليل على حدوث العالم ؟ فقال :
    « أنت لم تكن ثمَّ كنت ، وقد علمتَ أنّك لم تكوِّن نفسك ، ولا كوّنك من هو مثلك » (2).
    6 ـ هشام بن سالم قال : سُئل أبو عبدالله (عليه السلام) فقيل له : بم عرفت ربّك ؟ قال :
    « بفسخ العزم ونقض الهمّ ، عزمتُ ففسخ عزمي ، وهممتُ فنقض همّي » (3).
    7 ـ هشام بن الحكم قال : قال لي أبو شاكر الديصاني : إنّ لي مسألة تستأذن لي على صاحبك فإنّي قد سألت عنها جماعة من العلماء فما أجابوني بجواب مُشبع ، فقلت : هل لك أن تخبرني بها فلعلّ عندي جواباً ترتضيه ؟
    فقال : إنّي اُحبّ أن ألقي بها أبا عبدالله (عليه السلام) ، فاستأذنتُ له فدخل فقال له :
    « أتأذن لي في السؤال ؟
    فقال له : سل عمّا بدا لك .
    فقال له : ما الدليل على أنّ لك صانعاً ؟
    فقال : وجدتُ نفسي لا تخلو من إحدى جهتين : إمّا أن أكون صنعتُها أنا ، فلا أخلو من أحد معنيين : إمّا أن أكون صنعتها وكانت موجودة
(1) بحار الأنوار : (ج3 ص32 الباب2 ح6) .
(2) بحار الأنوار : (ج3 ص36 الباب2 ح11) .
(3) بحار الأنوار : (ج3 ص49 الباب2 ح21) .



33
أو صنعتها وكانت معدومة ، فإن كنتُ صنعتها وكانت موجودةً فقد استغنيتُ بوجودها عن صنعتها ، وإن كانت معدومة فإنّك تعلم أنّ المعدوم لا يُحدث شيئاً ، فقد ثبت المعنى الثالث أنّ لي صانعاً وهو الله ربّ العالمين .
    فقام وما أجاب جواباً » (1).
    8 ـ علي بن منصور قال : قال لي هشام بن الحكم : كان زنديق بمصر يبلغه عن أبي عبدالله (عليه السلام) فخرج إلى المدينة ليناظره فلم يصادفه بها ، فقيل له : هو بمكّة فخرج الزنديق إلى مكّة ونحن مع أبي عبدالله (عليه السلام) فقاربنا الزنديق ـ ونحن مع أبي عبدالله (عليه السلام) ـ في الطواف فضرب كتفه كتف أبي عبدالله (عليه السلام) ، فقال له جعفر (عليه السلام) :
    « ما اسمك ؟
    قال : اسمي عبدالملك .
    قال : فما كنيتك ؟
    قال : أبو عبدالله .
    قال : فمن الملك الّذي أنت له عبد ، أمن ملوك السماء أم من ملوك الأرض ؟
    وأخبرني عن اسمك ، أعبد إله السماء أم عبد إله الأرض ؟ فسكت .
    فقال له أبو عبدالله (عليه السلام) : قل ما شئت تُخصم .
    قال هشام بن الحكم : قلت للزنديق . أما تردّ عليه ؟ فقبّح قولي .
    فقال له أبو عبدالله (عليه السلام) : إذا فرغت من الطواف فأتنا .
    فلمّا فرغ أبو عبدالله (عليه السلام) أتاه الزنديق فقعد بين يديه ونحن مجتمعون
(1) بحار الأنوار : (ج3 ص50 الباب2 ح23) .


34
    عنده ، فقال للزنديق : أتعلم أنّ للأرض تحتاً وفوقاً ؟
    قال : نعم .
    قال : فدخلت تحتها ؟
    قال : لا ، قال : فما يدريك بما تحتها ؟
    قال : لا أدري إلاّأ نّي أظنُّ أن ليس تحتها شيء .
    قال أبو عبدالله (عليه السلام) : فالظنّ عجز ما لم تستيقن .
    قال أبو عبدالله (عليه السلام) : فصعدتَ إلى السماء ؟
    قال : لا .
    قال : فتدري ما فيها ؟
    قال : لا .
    قال : فعجباً لك لم تبلغ المشرق ، ولم تبلغ المغرب ، ولم تنزل تحت الأرض ، ولم تصعد إلى السماء ، ولم تجز هنالك فتعرف ما خلقهنّ وأنت جاحد ما فيهنّ وهل يجحد العاقل ما لا يعرف ؟
    فقال الزنديق : ما كلّمني بهذا أحد غيرك .
    قال أبو عبدالله (عليه السلام) : فأنت في شكّ من ذلك فلعلّ هو ، أو لعلّ ليس هو .
    قال الزنديق : ولعلّ ذاك .
    فقال أبو عبدالله (عليه السلام) : أيّها الرجل ! ليس لمن لا يعلم حجّة على من يعلم ، فلا حجّة للجاهل ، ياأخا أهل مصر ! تفهّم عنّي فإنّا لا نشكّ في الله أبداً ، أما ترى الشمس والقمر والليل والنهار يَلِجان ليس لهما مكان إلاّ مكانهما فإن كانا يقدران على أن يذهبا ولا يرجعان فلِمَ يرجعان ؟ وإن لم يكونا مضطرّين فلِمَ لا يصير الليل نهاراً والنهار


35
ليلا ؟ اضطرّا ـ والله ياأخا أهل مصر ! ـ إلى دوامهما ، والّذي إضطرّهما أحكم منهما وأكبر منهما .
    قال الزنديق : صدقت .
    ثمّ قال أبو عبدالله (عليه السلام) : ياأخا أهل مصر ! الذي تذهبون إليه وتظنّونه بالوهم فإن كان الدهر يذهب بهم لِمَ لا يردّهم وإن كان يردّهم لِمَ لا يذهب بهم (1)؟
    القوم مضطرّون ياأخا أهل مصر ! السماء مرفوعة ، والأرض موضوعة ، لِمَ لا تسقط السماء على الأرض ؟ ولِمَ لا تنحدر الأرض فوق طباقها فلا يتماسكان ولا يتماسك من عليهما ؟
    فقال الزنديق : أمسكهما والله ربّهما وسيّدهما . فآمن الزنديق على يدي أبي عبدالله (عليه السلام) .
    فقال له حمران بن أعين : جعلت فداك ! إن آمنت الزنادقة على يديك فقد آمنت الكفّار على يدي أبيك .
    فقال المؤمن الذي آمن على يدي أبي عبدالله (عليه السلام) : إجعلني من تلامذتك.
    فقال أبو عبدالله (عليه السلام) لهشام بن الحكم : خذه إليك فعلّمه . فعلَّمه هشام فكان معلّم أهل مصر وأهل الشام ، وحسنت طهارته حتّى رضي بها أبو عبدالله (عليه السلام) » (2).
(1) فإنّ الزنادقة كانوا من الدهرية القائلين بأنّه ما هي إلاّ حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلاّ الدهر .
(2) بحار الأنوار : (ج3 ص51 الباب2 ح25) .



36
    3 ـ الدليل العقلي :
    قد عرفت أنّ وجود الله تعالى غنيّ عن البيان ، بل هو فطري لكلّ إنسان ، ولا يمكن إنكاره لكلّ ذي وجدان .
    ومع ذلك ـ على مسلك الإستدلال ـ تُقام الحجّة لتنكشف المحجّة على وجود الخالق ، وظهور الصانع بالبراهين العقلية والأدلّة اللُبّية ، مضافاً إلى الأدلّة المتقدّمة الشرعية .
    والأدلّة العقلية على وجود الله كثيرة وفيرة بتناسب كلّ ذي بصر وبصيرة ، مضافاً إلى برهان العلّة ، ودليل الحكمة على وجود الله الخالق وهو : ( كلّما بالغير ـ وهي الممكنات ـ لابدّ وأن ينتهي إلى ما بالذات ـ وهو واجب الوجود ـ ليكون الذاتي علّة العلل وخالق المخلوقات .. وإلاّ لزم التسلسل وهو محال ) .
    فيثبت وجود الذاتي الواجب ، الخالق لمن سواه ، وليس المستحقّ لذلك إلاّ الله ( جلّ جلاله وعمّ نواله ) .
    والأدلّة العقليّة الوجدانية الواضحة على وجود الخالق تعالى كثيرة جدّاً ـ كما قلنا ـ نختار منها البراهين الخمسة التالية :
    الأوّل : برهان النظم
    أوضح الأدلّة على إثبات الله تعالى الذي يحكم به العقل ، ويقضي به الوجدان ، ويحسّه كلّ إنسان ، هو دليل النظم والتدبير .
    فالجميع يرى العالم بسماواته وأراضيه ، وما بينهما من مخلوقاته ورواسيه من المجرّة إلى النملة . في خِلقة التكريم وسير التنظيم وتناسب عظيم .
    فالإنسان نراه بأحسن كيفية، والحيوان نراه بالمواهب الفطرية، والنباتات


37
والأشجار والأزهار والأعشاب نراها ذات المناظر البهيّة والخصائص النفعية ، وكذلك غيرها من الموجودات الاُخرى التي لا تعدّ ولا تحصى فيما بين السماء إلى أطباق الثرى .
    نرى أجزاءها وجزئيّاتها مخلوقة بأحسن نظم ، وأتقن تدبير ، وأحسن صنع ، وأبدع تصوير .
    ومن المعلوم بالبداهية لكلّ كبير وصغير ، ولكلّ ذي عقل وإحساس أنّ الإهمال لا يأتي بالصواب ، والخطأ لا يأتي بدقيق الحساب ، والإتّفاق لا يأتي بهذا العجب العُجاب .
    فيحكم العقل بالصراحة ، ويذعن الوجدان بالبداهة أنّه لابدّ لهذا التدبير من مدبّر ، ولهذا التنظيم من منظِّم ، ولهذا السير الحكيم من محكِّم .
    ويدرك جميع اُولي الألباب أنّه لابدّ لهذا النظام الدقيق من خالق حكيم ، ولابدّ لهذا التدبير العميق من مدبّر عليم خَلَقها وقدّرها وأدام بقاءها ، وأحسن خلقها وتدبيرها ، وهو الله تعالى شأنه وجلّت قدرته .
    فوجود الخالق ممّا يدرك بالبداهة ويُحسّ بكلّ يقين .
    الثاني : امتناع الصِّدفة
    فإنّا إذا لم نؤمن بوجود الخالق لهذا الكون العظيم بما فيه من الخليقة المنتظمة ، فلابدّ وأن نقول بأنّ الصِّدفة هي التي أوجدتها أو أنّ الطبيعة هي التي خلقتها ..
    بأن تكون هذه المجموعات الكبيرة الدقيقة الضخمة ، في هذا العالم الكبير وجدت بنحو الصِّدفة وتحقّقت بنحو المصادفة .


38
    لكن من الواضح أنّه لا يقبل حتّى عقل الصبيان أن تكون هذه المخلوقات اللامتناهية وُجِدَت بنفسها بالصدفة العمياء أو بالطبيعة الصمّاء ..
    بل حتّى عقل المادّيين والطبيعيّين ـ كما تلاحظه في حياتهم ـ لا يقبل الصدفة . لذلك تراهم يبحثون عن سبب جريمة صغيرة وقعت في بلادهم وفوجئوا بها في دولتهم ويتفحّصون عن علّتها . ولا يقبلون الصدفة فيها .
    وترى طبيبهم الملحد ـ مثلا ـ يصرف مدّة مديدة ، وساعات عديدة من عمره في سبيل معرفة سبب وجود غُدّة صغيرة في جسم إنسان مريض تصدّى لمعالجته ، ولا يقبل أن يؤمن بأنّها وجدت بنحو الصدفة والإتّفاق ، أو أوجدتها طبيعة الآفاق ..
    فكيف بهذه البدائع العظيمة في هذا العالم العظيم ، هل يمكن قبول أنّها وجدت بالإتّفاق والصدفة ؟!
    والصدفة إن أمكنتها خلق شيء فلابدّ وأن تكون موجودة هي بنفسها .. فنسأل من هو مُوجِدها ؟ وإن لم تكن موجودة فيقال : إنّ المعدوم لا يمكنه إيجاد شيء . على أنّ الصدفة العمياء شاردة غير منتظرة ، لا تخضع لأي حساب وقانون ، بل تخالف الحسابات العلمية ، فكيف يمكنها أن توجِد هذه الخلائق الكونيّة التي تُبهر العقول وتُدهش العقلاء ؟
    وكيف يمكنها أن توجِد المادّة الاُولى لهذا العالم كما يزعمون حتّى يكون العالم ماديّاً ؟
    وكيف يمكنها أن توجِد تكاملها وعلّية موجوداتها فيما بينها ـ كما يدّعون ـ حتّى يكون العالم صدفياً ؟ والحال أنّ الصدفة عمياء صمّاء ، وليس لها حظٌّ من العطاء .


39
ولنبرهن على هذا الأمر بدليل عقلي علمي وجداني ، ونفرض أنّ كتاباً صغيراً مرتّباً على مئة صفحة قد فُرّقت أوراقه وخُلطت أعداده ، ثمّ اُعطيت بيد شخص أعمى حتّى يُرتّبها وينظّم صفحاتها بواسطة سحب تلك الأوراق مسلسلة إحداها بعد الاُخرى ..
    ترى ما هي نسبة إحتمال الموفّقية بأن يكون السحب الأوّل مصيباً للورق الأوّل ؟ الجواب : 1% .
    ثمّ ما هي نسبة إحتمال أن يكون السحب الثاني مصيباً أيضاً للورق الثاني ؟
    الجواب : 100001 وذلك بعمليّة ( 100001 = 1001 × 1001 ) .
    ثمّ ما هي نسبة أن يكون السحب الثالث أيضاً مصيباً للورق الثالث ؟
    الجواب : 10000001 وذلك بعمليّة (10000001 = 1001 × 1001 × 1001 ) .
    وهكذا .. وهلمّ جرّاً إلى موفّقية تنظيم إصابة السحب المئوي للورق المئة بنتيجة عدد تفوق المليارات ويستغرق حسابها الساعات .
    هذه نسبة الصدفة في كتاب صغير فكيف بنسبة موفّقية الصدفة بالنسبة إلى هذا العالم الكبير ؟
    وهل يقبل العقل أو يصدّق الوجدان صدفيّة هذا النظام السماوي والأرضي المنتسق بهذا التنسيق البهيج ؟
    وهل يمكن قبول كون أساس العالم ومادّته المتكاملة موجودة بالصدفة كما يدّعون ؟ كلاّ ثمّ ألف كلاّ !!
    والحساب المنطقي الواضح هو أنّه إذا لم تصدق الصدفة صَدَقَ ضدّه وهو الخَلق والتقدير لأنّهما ضدّان لا ثالث لهما ، لا يجتمعان ولا يرتفعان .. ومن المسلَّم أنّ كذب أحدهما يستلزم صدق الآخر ، فعدم إمكان الصدفة يستلزم صدق


40
التقدير .
    فتكون الخليقة موجودة بخلق وتقدير ، وهو يدلّ على وجود المقدّر الخبير ، وهو الله ( جلّ جلاله ) .
    الثالث : برهان الاستقصاء
    فإنّ كُلاًّ منّا إذا راجع نفسه وتأمّل شخصه يشعر بوضوح ، ويدرك ببداهة أنّه لم يكن موجوداً أزليّاً بل كان وجوده مسبوقاً بالعدم ، وقد وُجد في زمان خاصّ في عام معيّن وشهر معيّن ويوم معيّن .
    فلنتساءل ونتفحّص ونبحث :
    الف ) هل أنّا خَلَقْنا أنفسنا ؟
    ب ) هل أنّا خَلَقنا أحدٌ مثلنا من الممكنات كآبائنا أو اُمّهاتنا ؟
    ج ) أو هل خَلَقَنا القادر الفاطر الواجب وهو الله ( جلّ جلاله ) ؟
    أمّا جواب الأوّل : فلا شكّ أنّنا لم نخلق أنفسنا حيث إنّه لم نكن موجودين في الزمان المتقدّم علينا ، فكيف أعطينا الوجود لأنفسنا ، وفاقد الشيء لا يعطيه ..
    ولو تمكّنا من إعطاء الوجود لأنفسنا ، لأبقينا لها الوجود ضدّ الموت ، ولا شكّ في عدم قدرتنا على ذلك ، بل عدم قدرة الأقوياء منّا ومن كان قبلنا على ذلك .
    وأمّا جواب الثاني : فلا شكّ أيضاً أنّ آباءنا لم يخلقونا ، بدليل أنّهم لم يعرفوا أعضاءنا وأجزاءنا ومطويات أبداننا ومضمرات أجسامنا ، فكيف بخلقة حقيقتنا ، ومعلوم أنّ الخالق يلزم أن يعرف ما خلقه ، والصانع يعرف ما صنعه .
    مع أنّ آباءنا بأنفسهم يموتون ولا يمكنهم إعطاء أو إبقاء الوجود لأنفسهم