71
خالقها وعلاّمية صانعها ، وهذه حقيقة يستكشفها كلّ من تأمّل فيها وتدبّر في خلقتها ، وأعطى من نفسه الحقّ والإنصاف ، وحكّم قضاوة الوجدان الشفّاف ..
    قال الشيخ الصدوق : « من الدليل على أنّ الله تبارك وتعالى عالم أنّ الأفعال المختلفة التقدير ، المتضادّة التدبير ، المتفاوتة الصنعة لا تقع على ما ينبغي أن يكون عليه من الحكمة ممّن لا يعلمها ، ولا يستمرّ على منهاج منتظم ممّن يجهلها ، ألا ترى أنّه لا يصوغ قُرطاً (1) يُحكم صنعته ، ويضع كلاًّ من دقيقه وجليله موضعه من لا يعرف الصياغة ، ولا ينظّم كتابةً يتّبع كلّ حرف منها ما قبله من لا يعلم الكتابة ، والعالَم ألطف صنعة وأبدع تقريراً ممّا وصفناه ، فوقوعه من غير عالِم بكيفيّته قبل وجوده أبعد وأشدّ إستحالة » (2).
    فمن البديهي أنّ هذا النظام الكوني الدقيق البهيج ، لا يمكن أن ينشأ من الجهل أو يحدث بالصدفة .
    بل في جميعها آيات صدق ، ودلائل حقّ تفصح عن علم صانعها ، وخبرة بارئها ، وحكمة فاطرها .
    وهي تكشف بوضوح أنّ خالقها كان عليماً بأجزائها وجزئياتها ، وخبيراً بربطها وإرتباطها ، وقادراً على صنعها وتركيبها بأحسن شكل وأبدع صورة .. وبأجمل المناظر وأزهى المظاهر ، إلى جانب دقّة الفعل ورقّة العمل .
    فراجع الوجدان فيما تلاحظ من البراعة العلمية ، والدقّة الفنّية في الآيات الأنفسيّة والآفاقيّة التي تلاحظها في هذا الكون العظيم .
    قال الله جلّ جلاله : ( سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الاْفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ
(1) القرط : هو ما يعلّق في شحمة الاُذن من دُرّة أو جوهرة مصوغة .
(2) التوحيد : (ص137) .



72
أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْء شَهِيدٌ ) (1).
    وفي الخطبة العلوية الشريفة :
    « دليله آياته ، ووجوده إثباته » (2).
    وفي الحديث الرضوي المبارك :
    « بصنع الله يُستدلّ عليه ، وبالعقول تُعتقد معرفته ، وبالفطرة تثبت حجّته » (3).
    إلى غير ذلك من أدلّة العلم والحكمة .
    ويكفيك ـ بل يغنيك ـ التدبّر فيما أرشد إليه الإمام الناطق ، أبو عبدالله الصادق (عليه السلام) ، من آيات الله الزاهرة وعجائب خلقته الباهرة ، التي تفيض النور الإيماني ، وتؤدّي إلى القطع الوجداني بعلم الله تعالى وحكمته وقدرته .
    وذلك في حديث التوحيد الشريف الذي رواه المفضّل الجعفي كما تلاحظه في البحار (4).
    وشرحه الاُستاذ الخليلي في أمالي الإمام الصادق (عليه السلام) ، بأجزائها الأربعة .
    وهذا الحديث بحقّ من أعظم أدلّة وجود الله وتوحيده وعلمه ، وجدير بالإمعان والدراسة ، وهذه الأدلّة الجليلة تبرهن على هذه الصفة الكماليّة لله تعالى شأنه وجلّت قدرته ..
    ونحن نقتطف أزاهير عاطرة من تلك الرياض الزاهرة بالإشاره إلى ما يلي :
(1) سورة فصّلت : (الآية 53) .
(2) الإحتجاج للطبرسي : (ج1 ص201) .
(3) عيون الأخبار : (ج1 ص151) .
(4) بحار الأنوار : (ج3 ص57 ـ 151) .



73
    1 ـ عجائب خلقة الإنسان من حين تكوّنه إلى حين ولادته :
    « نبتدئ يامفضّل ! بذكر خلق الإنسان فاعتبر به ، فأوّل ذلك ما يدبّر به الجنين في الرحم ، وهو محجوب في ظلمات ثلاث : ظلمة البطن ، وظلمة الرحم ، وظلمة المشيمة (1)، حيث لا حيلة عنده في طلب غذاء ولا دفع أذى ، ولا إستجلاب منفعة ولا دفع مضرّة ، فإنّه يجري إليه من دم الحيض ما يغذوه كما يغذو الماء النبات ، فلا يزال ذلك غذاؤه حتّى إذا كمل خلقه وإستحكم بدنه ، وقوي أديمه على مباشرة الهواء ، وبصره على ملاقاة الضياء ، هاج الطلق باُمّه فأزعجه أشدّ إزعاج ، وأعنفه حتّى يولد ، وإذا ولد صرف ذلك الدم الذي كان يغذوه من دم اُمّه إلى ثدييها فانقلب الطعم واللّون إلى ضرب آخر من الغذاء ، وهو أشدّ موافقة للمولود من الدم فيوافيه في وقت حاجته إليه ، فحين يولد قد تلمظ وحرّك شفتيه طلباً للرضاع ، فهو يجد ثديي اُمّه كالإداوتين المعلّقتين (2) لحاجته إليه ، فلا يزال يغتذي باللبن ما دام رطب البدن ، رقيق الأمعاء ، ليّن الأعضاء ، حتّى إذا تحرّك وإحتاج إلى غذاء فيه صلابة ليشتدّ ويقوى بدنه طلعت له الطواحن من الأسنان والأضراس ، ليمضغ به الطعام فيلين عليه ، ويسهل له إساغته ..
    فلا يزال كذلك حتّى يدرك فإذا أدرك وكان ذكراً طلع الشعر في وجهه فكان ذلك علامة الذكر وعزّ الرجل الذي يخرج به من حدّ الصبا وشبه النساء ، وإن كانت اُنثى يبقى وجهها نقيّاً من الشعر ، لتبقى لها
(1) المشيمة : غشاء الجنين الذي يخرج معه عند الولادة .
(2) الإداوة بكسر الهمزة : إناء صغير من جلد يُتّخذ للماء .



74
البهجة والنضارة التي تحرّك الرجال لما فيه دوام النسل وبقاؤه » (1).
    2 ـ عجائب الخلقة في جهاز الصوت والتكلّم في الإنسان :
    « أطل الفكر يامفضّل ! في الصوت والكلام وتهيئة آلاته في الإنسان ، فالحنجرة كالاُنبوبة لخروج الصوت ، واللِّسان والشفتان والأسنان لصياغة الحروف والنغم .
    ألا ترى أنّ من سقطت أسنانه لم يُقم السين ، ومن سقطت شفته لم يصحّح الفاء ، ومن ثقل لسانه لم يفصح الراء ، وأشبه شيء بذلك المزمار الأعظم ، فالحنجرة يشبه قصبة المزمار ، والرئة تشبه الزقّ (2) الذي ينفخ فيه لتدخل الريح ، والعضلات التي تقبض على الرية ليخرج الصوت كالأصابع التي تقبض على الزقّ حتّى تجري الريح في المزمار ، والشفتان والأسنان التي تصوغ الصوت حروفاً ونغماً كالأصابع التي يختلف في فم المزمار فتصوغ صفيره ألحاناً ، غير أنّه وإن كان مخرج الصوت يشبه المزمار بالدلالة والتعريف فإنّ المزمار بالحقيقة هو المشبه بمخرج الصوت » (3).
    3 ـ عجيب الصنعة في العين والأجفان والأشفار لحاجة الإنسان :
    « تأمّل يامفضّل ! الجفن على العين ، كيف جعل كالغشاء ، والأشفار
(1) بحار الأنوار : (ج3 ص62) .
(2) الزقّ بكسر الزاء : الجلد النافخ الذي يستعمل في المزمار .
(3) بحار الأنوار : (ج3 ص71) .



75
كالأشراج (1)، وأولجها في هذا الغار ، وأظلّها بالحجاب وما عليه من الشعر » (2).
    4 ـ عجائب الصنعة الباطنية في الإنسان :
    « يامفضّل ! مَن غَيَّب الفؤاد في جوف الصدر ، وكساه المدرعة التي هي غشاؤه ، وحَصّنَه بالجوانح وما عليها من اللحم والعصب لئلاّ يصل إليه ما ينكؤه (3)؟
    من جعل في الحلق منفذين ؟ أحدهما لمخرج الصوت وهو الحلقوم المتّصل بالرئة ، والآخر منفذ الغذاء وهو المريء المتّصل بالمعدة الموصل الغذاء إليها ، وجعل على الحلقوم طبقاً يمنع الطعام أن يصل إلى الرئة فيقتل .
    من جعل الرئة مروّحة الفؤاد لا تفتر ولا تخلّ ؟ لكيلا تتحيّز الحرارة في الفؤاد فتؤدّي إلى التلف .
    من جعل لمنافذ البول والغائط أشراجاً تضبطهما ؟ لئلاّ يجريا جرياناً دائماً فيفسد على الإنسان عيشه فكم عسى أن يحصي المحصي من هذا ؟ بل الذي لا يحصى منه ولا يعلمه الناس أكثر .
    من جعل المعدة عصبانيّة شديدة وقدّرها لهضم الطعام الغليظ ؟
    ومن جعل الكبد رقيقة ناعمة لقبول الصفو اللطيف من الغذاء ، ولتهضم وتعمل ما هو ألطف من عمل المعدة إلاّ الله القادر ؟
(1) وفي نسخة الأشراج ، وهي العُرى .
(2) بحار الأنوار : (ج3 ص73) .
(3) أي ما يجرحه ويؤذيه .



76
    أترى الإهمال يأتي بشيء من ذلك ؟
    كلاّ ، بل هو تدبير من مدبّر حكيم ، قادر عليم بالأشياء قبل خلقه إيّاها ، لا يعجزه شيء وهو اللطيف الخبير » (1).
    5 ـ عجائب الخلقة في عظام الإنسان ودمه وأظفار أصابعه وهيئة اُذنه والدقّة في خلقه :
    « فكّر يامفضّل ! لِمَ صار المخّ الرقيق محصّناً في أنابيب العظام ؟ هل ذلك إلاّ ليحفظه ويصونه ؟
    لِمَ صار الدم السائل محصوراً في العروق بمنزلة الماء في الظروف إلاّ لتضبطه فلا يفيض ؟
    لِمَ صارت الأظفار على أطراف الأصابع إلاّ وقاية لها ومعونة على العمل ؟
    لِمَ صار داخل الاُذن ملتوياً كهيأة الكوكب (2) إلاّ ليطّرد فيه الصوت حتّى ينتهي إلى السمع وليتكسّر حمّة الريح فلا ينكأ في السمع ؟
    لِمَ حمل الإنسان على فخذيه وإليتيه هذا اللحم إلاّ ليقيه من الأرض فلا يتألّم من الجلوس عليهما ، كما يألم من نحل جسمه وقلّ لحمه إذا لم يكن بينه وبين الأرض حائل يقيه صلابتها ؟ ... » (3).
    6 ـ حسن التدبير في خلق شعر الإنسان وأظفاره عديمي الحسّ حتّى لا يتأذّيان بالقصّ :
(1) بحار الأنوار : (ج3 ص73) .
(2) وفي بعض النسخ : اللولب ، وهي الآلة ذات محور له دوائر ناتئة .
(3) بحار الأنوار : (ج3 ص74) .



77
    « تأمّل واعتبر بحسن التدبير في خلق الشعر والأظفار فإنّهما لمّا كانا ممّا يطول ويكثر حتّى يحتاج إلى تخفيفه أوّلا فأوّلا جعلا عديمي الحسّ لئلاّ يؤلم الإنسان الأخذ منهما .
    ولو كان قصُّ الشعر وتقليم الأظفار ممّا يوجد له مسّ من ذلك لكان الإنسان من ذلك بين مكروهين : إمّا أن يدع كلّ واحد منهما حتّى يطول فيثقل عليه ، وإمّا أن يخفّفه بوجع وألم يتألّم منه » (1).
    7 ـ دقّة الصنعة في إحساسات الإنسان بجوعه وعطشه وكذا قواه الباطنية من قوّة الجذب والدفع :
    « فكّر يامفضّل ! في الأفعال التي جعلت في الإنسان من الطعم والنوم والجماع وما دبّر فيها ، فإنّه جعل لكلّ واحد منها في الطباع نفسها محرّك يقتضيه ويستحثّ به ، فالجوع يقتضي الطعم الذي به حياة البدن وقوامه ، والكرى (2) تقتضي النوم الذي فيه راحة البدن وإجمام قواه ، والشبق يقتضي الجماع الذي فيه دوام النسل وبقاؤه .
    ولو كان الإنسان إنّما يصير إلى أكل الطعام لمعرفته بحاجة بدنه إليه ولم يجد من طباعه شيئاً يضطرّه إلى ذلك كان خليقاً أن يتوانى عنه أحياناً بالتثقّل والكسل حتّى ينحلّ بدنه فيهلك ، كما يحتاج الواحد إلى الدواء بشيء ممّا يصلح ببدنه فيدافع به حتّى يؤدّيه ذلك إلى المرض والموت .
    وكذلك لو كان إنّما يصير إلى النوم بالتفكّر في حاجته إلى راحة
(1) بحار الأنوار : (ج3 ص76) .
(2) الكرى : النعاس الذي يكون مع فتور الأعصاب وتراخي الأجفان ، والإجمام هي الراحة .



78
البدن وإجمام قواه كان عسى أن يتثاقل عن ذلك فيدمغه حتّى ينهك بدنه .
    ولو كان إنّما يتحرّك للجماع بالرغبة في الولد كان غير بعيد أن يفتر عنه حتّى يقلّ النسل أو ينقطع ، فإنّ من الناس من لا يرغب في الولد ولا يحفل به ، فانظر كيف جعل لكلّ واحد من هذه الأفعال التي بها قوام الإنسان وصلاحه محرّك من نفس الطبع يحرّكه لذلك ويحدوه عليه (1).
    واعلم أنّ في الإنسان قوى أربعة : قوّة جاذبة تقبل الغذاء وتورده على المعدة ، وقوّة ممسكة تحبس الطعام حتّى تفعل فيه الطبيعة فعلها ، وقوّة هاضمة وهي التي تطبخه ، وتستخرج صفوه وتبثّه في البدن ، وقوّة دافعة تدفعه وتحدر الثفل الفاضل بعد أخذ الهاضمة حاجتها .
    تفكّر في تقدير هذه القوى الأربعة التي في البدن وأفعالها وتقديرها للحاجة إليها والارب فيها ، وما في ذلك من التدبير والحكمة ، ولولا الجاذبة كيف يتحرّك الإنسان لطلب الغذاء التي بها قوام البدن ؟
    ولولا الماسكة كيف كان يلبث الطعام في الجوف حتّى تهضمه المعدة ؟
    ولولا الهاضمة كيف كان ينطبخ حتّى يخلص منه الصفو الذي يغذو البدن ويسدّ خلله ؟
    ولولا الدافعة كيف كان الثفل الذي تخلّفه الهاضمة يندفع ويخرج
(1) أي يبعثه ويسوقه إليه .


79
أوّلا فأوّلا ؟
    أفلا ترى كيف وكّل الله سبحانه بلطيف صنعه وحسن تقديره هذه القوى بالبدن والقيام بما فيه صلاحه ؟
    وساُمثّل لك في ذلك مثالا : إنّ البدن بمنزلة دار الملك ، وله فيها حشم وصبية وقوّام (1) موكّلون بالدار ، فواحد لإقتضاء حوائج الحشم وإيرادها عليهم ، وآخر لقبض ما يرد وخزنه إلى أن يعالج ويهيّأ ، وآخر لعلاج ذلك وتهيئته وتفريقه ، وآخر لتنظيف ما في الدار من الأقذار وإخراجه منها .
    فالملك في هذا هو الخلاّق الحكيم ملك العالمين ، والدار هي البدن ، والحشم هي الأعضاء ، والقوام هي هذه القوى الأربع ، ولعلّك ترى ذكرنا هذه القوى الأربع وأفعالها بعد الذي وصفت فضلا وتزداداً .
    وليس ما ذكرته من هذه القوى على الجهة التي ذكرت في كتب الأطباء ، ولا قولنا فيه كقولهم ; لأنّهم ذكروها على ما يحتاج إليه في صناعة الطبّ وتصحيح الأبدان ، وذكرناها على ما يحتاج في صلاح الدين وشفاء النفوس من الغي ، كالذي أوضحته بالوصف الشافي والمثل المضروب من التدبير والحكمة فيها » (2).
    8 ـ قوّة الحفظ والنسيان وهما متضادّتان في الجسم لكن ضروريتان للإنسان :
    « تأمّل يامفضّل ! هذه القوى التي في النفس وموقعها من الإنسان ،
(1) الحشم : هم الخدم والعيال ، والقوّام : جمع القيّم ، وهو المتولّي على الشيء .
(2) بحار الأنوار : (ج3 ص78) .



80
أعني الفكر والوهم (1) والعقل والحفظ وغير ذلك ، أفرأيت لو نقص الإنسان من هذه الخلال الحفظ وحده كيف كانت تكون حاله ؟ وكم من خلل كان يدخل عليه في اُموره ومعاشه وتجاربه إذا لم يحفظ ما له وعليه ، وما أخذه وما أعطى ، وما رأى وما سمع ، وما قال وما قيل له ، ولم يذكر من أحسن إليه ممّن أساء به ، وما نفعه ممّا ضرّه ، ثمّ كان لا يهتدي لطريق لو سلكه ما لا يحصى ، ولا يحفظ علماً ولو درسه عمره ، ولا يعتقد ديناً ، ولا ينتفع بتجربة ، ولا يستطيع أن يعتبر شيئاً على ما مضى ، بل كان حقيقاً أن ينسلخ من الإنسانية أصلا فانظر إلى النعمة على الإنسان في هذه الخلال ، وكيف موقع الواحد منها دون الجميع ؟
    وأعظم من النعمة على الإنسان في الحفظ النعمة في النسيان ، فإنّه لولا النسيان لما سلا (2) أحد عن مصيبة ، ولا إنقضت له حسرة ، ولا مات له حقد ، ولا إستمتع بشيء من متاع الدنيا مع تذكّر الآفات ، ولا رجا غفلة من سلطان ، ولا فترة من حاسد .
    أفلا ترى كيف جعل في الإنسان الحفظ والنسيان ، وهما مختلفان متضادّان ، وجعل له في كلّ منهما ضرب من المصلحة ؟
    وما عسى أن يقول الذين قسّموا الأشياء بين خالقين متضادّين في هذه الأشياء المتضادّة المتبائنة وقد تراها تجتمع على ما فيه الصلاح
(1) فُسّر الوهم بالقوّة النفسية التي تدرك المعاني غير المحسوسة .
(2) سَلا عن الشيء : أي نسيه وذهل عن ذكره وطابت نفسه عنه .