141
    1 ـ إنّ العجز نقص لا يليق بالذات الكاملة ، ولا يكون الكامل الواجب ناقصاً ; فإنّ واجب الوجود مستجمع لجميع الصفات الكماليّة ، ومنزّه عن النقائص والصفات الجلاليّة وإلاّ لزم الخُلف وهو محال ، فلابدّ وأن يكون قادراً غير عاجز .
    2 ـ إنّ صدور الأفاعيل العجيبة منه ، ووجود التدبيرات الحكيمة في خليقته تدلّ على قدرته وإقتداره .
    ولا يمكن أن يكون صاحبها عاجزاً بل يكشف عن أنّه عليم حكيم قادر .
    وقد شعّ نور هذا البرهان الواضح من أمير البيان علي بن أبي طالب (عليه السلام) في كلامه الشريف الوارد في غرر الحكم : « عجبتُ لمن شكّ في قدرة الله وهو يرى خلقه » (1).
    3 ـ إستحالة الصانعيّة والخالقيّة بدون القدرة المطلقة .
    أفاد هذا الدليل الشيخ الصدوق بما نصّه :
    « من الدليل على أنّ الله عزّوجلّ قادر : أنّ العالم لمّا ثبت أنّه صُنع الصانع ، ولم نجد أن يصنع الشيء من ليس بقادر عليه بدلالة أنّ المُقعَد لا يقع منه المشي والعاجز لا يتأتّى له الفعل صحّ أنّ الذي صنعه قادر ، ولو جاز غير ذلك لجاز منّا الطيران مع فقد ما يكون به من الآلة ، ولصحّ لنا الإدراك وإن عدمنا الحاسّة ، فلمّا كان إجازة هذا خروجاً عن المعقول كان الأوّل مثله » (2).
    فالله تبارك وتعالى قادر على كلّ شيء ومتمكّن من كلّ أمر .. علماً بأنّ قدرته المتعالية جارية مع حكمته وعدله ، فلا يفعل القبيح ولا يصدر منه الشرّ ، بل فعله الخير وعادته الإحسان وهو قادر على كلّ شيء .
(1) غرر الحكم ودرر الكَلِم : (ص493) .
(2) التوحيد : (ص134) .



142
    وبذلك يظهر بطلان قول المعتزلة ، بأنّ الله لا يقدر على القبيح والشرّ ، بدعوى إستلزامه الظلم .
    وجه البطلان أنّ القدرة على القبيح ليست بظلم ، وإنّما يكون فعل القبيح ظلماً ; والله سبحانه وتعالى قادر على ذلك لكنّه منزّه عنه . دليله قوله تعالى : ( إِنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْء قَدِيرٌ ) (1).
    مع التعبير بكلمة ( أنّ ) التحقيقية ، والقدرة التي هي مطلقة ، فتكون لا متناهية ، مع أداة ( كل ) التعميمية ، بالإضافة إلى كلمة ( شيء ) المفيد لأتمّ العموم ، حيث يستفاد من ذلك قدرته على جميع الأشياء بلا إستثناء ، لكنّه تعالى لا يظلم أبداً لقوله تعالى : ( وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّم لِلْعَبِيدِ ) (2).
    والمعتزلة بقولهم هذا ، فرّوا من الظلم ووقعوا في العجز .
    ويظهر أيضاً ممّا قدّمنا بطلان قول الأشاعرة في نسبة الشرّ إلى الله تعالى ووقوعه منه ، تعالى الله عن ذلك علوّاً كبيراً .
    وجه البطلان أنّ إيقاع الشرّ ظلم وهو مناف للحكمة والكمالية .
    وأفعال الله جلّ جلاله خيرٌ لخلقه ، وقد خلقهم لرحمته ، ولا يريد الشرّ لعباده ، ومن فعله من عباده فقد فعله باختياره وسوء عمله .
    دليله قوله تعالى : ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالاِْنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ ) (3) مع الأحاديث الواردة في تفسير العبادة بالمعرفة والرحمة (4).
(1) سورة البقرة : (الآية 20) .
(2) سورة فصلت : (الآية 46) .
(3) سورة الذاريات : (الآية 56) .
(4) البرهان : (ج2 ص1051) .



143
    فلاحظ تفسيرها وتأمّل في غائيّة العبادة والمعرفة والرحمة للخِلقة .
    والأشاعرة فرّوا من الشرك في خلق الأفعال بزعمهم ، ووقعوا في الظلم في هذه النسبة الذي هو كفر كما أفاده في حقّ اليقين (1).
    وسيأتي بيان هاتين المسألتين ان شاء الله تعالى في باب العدل ، ومن الله التوفيق .
    4 ) أنّه تعالى مريدٌ ومن صفات كماله إرادته
   والإرادة في أصل اللغة بمعنى المشيئة ، لكن إرادة الله تفترق عن إرادة المخلوقين ، فإرادة الله هو فعله كما بيّنه أبو الصلاح الحلبي أعلى الله مقامه (2).
    واستدلّ لهذا المعنى قوله تعالى : ( إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَىْء إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ) (3).
    وإلى هذا المعنى ذهب الشيخ الجليل المفيد (قدس سره) ، إستدلالا له بالأخبار التي يأتي ذكرها .
    قال (قدس سره) : « إنّ الإرادة من الله جلّ اسمه نفس الفعل ... وبذلك جاء الخبر عن أئمّة الهدى » كما حكاه عنه شيخ الإسلام المجلسي طاب ثراه (4).
    ونقل في مجمع البحرين الحديث عن الإمام الرضا (عليه السلام) :
(1) حقّ اليقين : (ج1 ص23) .
(2) تقريب المعارف : (ص85) .
(3) سورة النحل : (الآية 40) .
(4) بحار الأنوار : (ج4 ص138) .



144
   « إنّ الإبداع والمشيئة والإرادة معناها واحد والأسماء ثلاثة » (1).
    والحجّة في هذا المعنى إضافةً إلى ما تقدّم ، نصّ حديث صفوان بن يحيى عن الإمام الكاظم (عليه السلام) جاء فيه :
    « الإرادة من الخلق الضمير وما يبدو لهم بعد ذلك من الفعل ، وأمّا من الله تعالى فإرادته إحداثه لا غير ذلك ... » (2).
    فالمستفاد من هذه الأدلّة أنّ إرادة الله معناها : إحداثه للأشياء وإبداعه وفعله لها .
    لكن فسّرها شيخ المحدّثين الصدوق في التوحيد بقوله : « مشيّة الله وإرادته في الطاعات الأمر بها والرضا ، وفي المعاصي النهي عنها والمنع منها بالزجر والتحذير » (3).
    ولعلّ نظره (قدس سره) إلى إرادة العزم التي جاء ذكرها في حديث الفتح بن يزيد الجرجاني عن الإمام أبي الحسن الكاظم (عليه السلام) فلاحظ (4).
    وذكر هذا المعنى أيضاً السيّد الشبّر بالتعبير التالي :
    « ومعنى إرادته لأفعال عبيده أنّه أراد إيقاع الطاعات منهم على وجه الإختيار ... ومعنى كراهته تعالى لأفعال غيره نهيه إيّاهم عن إيقاع المعاصي المفسدة لهم على وجه الإختيار ... » (5).
(1) مجمع البحرين : (ص52 مادّة ـ شيأ ـ ) .
(2) اُصول الكافي : (ج1 ص109 ح3) .
(3) التوحيد : (ص346) .
(4) اُصول الكافي : (ج1 ص151 ح4) .
(5) حقّ اليقين : (ج1 ص30) .



145
   لكن أفاد بعد هذا المعنى ما نصّه :
    « قد ورد في جملة من الأخبار عن الأئمّة الأطهار (عليهم السلام) الملك الغفّار ، أنّ إرادته عبارة عن إيجاده وإحداثه ، وأنّها من صفات الفعل الحادثة ، كالخالقيّة والرازقية ونحوها لا من صفات الذات بمعنى العلم بالأصلح » (1).
    وبهذا يظهر عدم تماميّة قول المتكلّمين في الإرادة وتفسيرهم لها بأنّها هي : « العلم بالخير والنفع وما هو الأصلح » .
    فإنّ هذا المعنى يرجع إلى كون الإرادة هو العلم الذاتي ، وهذا خلاف ما يأتي من الأخبار في كون الإرادة محدَثة مع ما له من تالي فاسد القِدَم وتعدّد القدماء الذي ثبت بطلانه ، فلا يمكن قبول هذا المعنى في الإرادة .
    والمُتَّبَع كلام أهل البيت الذين بهم النجاة ومنهم الهدى ، وفي طريقهم الصواب ، والله العاصم .
    وعلى الجملة ; فالمستفاد من الأخبار الشريفة كون إرادة الله تعالى هي نفس فعله وإحداثه وإيجاده ، وهي الإرادة الحتميّة .
    وتطلق أيضاً على أمره بالطاعات ونهيه عن المعاصي ، وهي الإرادة العزميّة .
    ولذلك أفاد العلاّمة الكازراني : « تحقيق المقام أنّ لله تعالى إرادتين ، إرادة حتم وإرادة عزم .
    فالحتمية هي ما لا يقدر العباد على ضدّ مراده ، وهي من صفات فعله يتّصف بها الله تعالى عند صدور كلّ فعل منه ، كالإماتة والإحياء والإمراض والشفاء .
    والعزمية هي إتيانه تعالى بشيء من جملة مخلوقاته لمصلحة وحكمة ،
(1) حقّ اليقين : (ج1 ص32) .


146
كخلق جوارح الإنسان وسيلة لصالح أعماله مع إستعمال العبد هذه الجوارح في الحلال أو الحرام بفعل نفسه وقد أمره الله تعالى بالحلال ، ونهاه عن الحرام » (1).
    وقد دلّت البراهين الحقّة على إرادة الله تعالى التي هي صفة من صفات كماله ووصف من أوصاف جماله ، دلّت عليها أدلّة الكتاب والسنّة والعقل ، بالبيان التالي :
    1 ـ الكتاب الكريم :
    في آيات عديدة مثل :
    1 ـ قوله تعالى : ( يُرِيدُ اللهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ ) (2).
    2 ـ قوله تعالى : ( لَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ ) (3).
    3 ـ قوله تعالى : ( إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ ) (4).
    4 ـ قوله تعالى : ( إِنَّ اللهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ ) (5).
    5 ـ قوله تعالى : ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (6).
(1) مرآة الأنوار : (ص107) .
(2) سورة النساء : (الآية 26) .
(3) سورة المائدة : (الآية 6) .
(4) سورة هود : (الآية 107) .
(5) سورة الحجّ : (الآية 14) .
(6) سورة الأحزاب : (الآية 33) .



147
    2 ـ السنّة الشريفة :
    في أحاديث كثيرة منها ما يلي :
    1 ـ حديث محمّد بن مسلم ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال :
    « المشيّة مُحدَثة » (1).
    2 ـ حديث عبدالله بن ميمون القداح قال : دخل على أبي عبدالله (عليه السلام) أو أبي جعفر (عليه السلام) رجل من أتباع بني اُميّة فخفنا عليه ، فقلنا له : لو تواريت وقلنا ليس هو هاهنا .
    قال : بل ائذنوا له فإنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال :
    « إنّ الله عزّوجلّ عند لسان كلّ قائل ويد كلّ باسط ، فهذا القائل لا يستطيع أن يقول إلاّ ما شاء الله ، وهذا الباسط لا يستطيع أن يبسط يده إلاّ بما شاء الله ، فدخل عليه فسألـه عن أشياء وآمن بها وذهب » (2).
    3 ـ حديث الأصبغ بن نباتة ، قال : قال أمير المؤمنين (عليه السلام) :
    « أوحى الله عزّوجلّ إلى داود (عليه السلام) ياداود ! تريد واُريد ولا يكون إلاّ ما اُريد ، فإن أسلمتَ لما اُريد أعطيتك ما تريد ، وإن لم تسلم لما اُريد أتعبتك فيما تريد ، ثمّ لا يكون إلاّ ما اُريد » (3).
    4 ـ حديث سليمان بن جعفر الجعفري قال : قال الرضا (عليه السلام) :
    « المشيّة والإرادة من صفات الأفعال ، فمن زعم أنّ الله تعالى لم يزل
(1) توحيد الصدوق : (ص336 ب55 ح1) .
(2) توحيد الصدوق : (ص337 ب55 ح3) .
(3) توحيد الصدوق : (ص337 ب55 ح4) .



148
مريداً شائياً فليس بموحّد » (1).
    5 ـ حديث أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي ، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) ، قال : قلت له :
    « إنّ أصحابنا بعضهم يقولون بالجبر وبعضهم بالإستطاعة .
    فقال لي : اكتب : قال الله تبارك وتعالى : يابن آدم ! بمشيئتي كنت أنت الذي تشاء لنفسك ما تشاء ، وبقوّتي أدّيت إليّ فرائضي ، وبنعمتي قويت على معصيتي ، جعلتك سميعاً بصيراً قويّاً ، ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيّئة فمن نفسك ، وذلك أنا أولى بحسناتك منك وأنت أولى بسيّئاتك منّي ، وذلك أنّي لا اُسأل عمّا أفعل وهم يُسألون ، قد نظمت لك كلّ شيء تريد » (2).
    6 ـ حديث العرزمي ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال :
    « كان لعلي (عليه السلام) غلام اسمه قنبر وكان يحبّ عليّاً (عليه السلام) حبّاً شديداً ، فإذا خرج علي (عليه السلام) خرج على أثره بالسيف ، فرآه ذات ليلة فقال : ياقنبر ! ما لك ؟
    قال : جئت لأمشي خلفك ، فإنّ الناس كما تراه ياأمير المؤمنين فخفت عليك .
    قال : ويحك ! أمن أهل السماء تحرسني أم من أهل الأرض ؟!
    قال : لا ، بل من أهل الأرض .
    قال : إنّ أهل الأرض لا يستطيعون لي شيئاً إلاّ بإذن الله عزّوجلّ من
(1) توحيد الصدوق : (ص338 ب55 ح5) .
(2) توحيد الصدوق : (ص338 ب55 ح6) .



149
السماء ، فارجع ، فرجع » (1).
    7 ـ حديث فضيل بن يسار ، قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول :
    « شاء وأراد ولم يحبّ ولم يرض .
    شاء أن لا يكون شيء إلاّ بعلمه ، وأراد مثل ذلك ، ولم يحبّ أن يقال له : ( ثالث ثلاثة ) ، ولم يرض لعباده الكفر » (2).
    8 ـ ما روي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال :
    « سبق العلم ، وجفّ القلم ، وتمّ القضاء بتحقيق الكتاب وتصديق الرسالة والسعادة من الله والشقاوة من الله عزّوجلّ .
    قال عبدالله بن عمر : إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يروي حديثه عن الله عزّوجلّ قال : قال الله عزّوجلّ : يابن آدم ! بمشيّتي كنت أنت الذي تشاء لنفسك ما تشاء ، وبإرادتي كنت أنت الذي تريد لنفسك ما تريد، وبفضل نعمتي عليك قويت على معصيتي ، وبعصمتي وعفوي وعافيتي أدّيت إليّ فرائضي ، فأنا أولى بإحسانك منك ، وأنت أولى بذنبك منّي .
    فالخير منّي إليك بما أوليت بَداء والشرّ منّي إليك بما جنيت جزاء ، وبسوء ظنّك بي قنطت من رحمتي ، فلي الحمد والحجّة عليك بالبيان، ولي السبيل عليك بالعصيان ، ولك الجزاء والحسنى عندي بالإحسان ، لم أدع تحذيرك ، ولم آخذك عند عزّتك ، ولم اُكلّفك فوق طاقتك ، ولم اُحمّلك من الأمانة إلاّ ما قدرت عليه ، رضيت منك لنفسي
(1) توحيد الصدوق : (ص338 ب55 ح7) .
(2) توحيد الصدوق : (ص339 ب55 ح9) .



150
ما رضيت به لنفسك منّي » (1).
    9 ـ حديث أبي الصلت عبدالسلام بن صالح الهروي ، قال : سأل المأمون يوماً علي بن موسى الرضا (عليه السلام) فقال له : يابن رسول الله ! ما معنى قول الله عزّوجلّ : ( وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لاَمَنَ مَنْ فِي الاَْرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ * وَمَا كَانَ لِنَفْس أَنْ تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ ) (2) ? فقال الرضا (عليه السلام) :
    « حدّثني أبي موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر بن محمّد ، عن أبيه محمّد بن علي ، عن أبيه علي بن الحسين ، عن أبيه الحسين بن علي ، عن أبيه علي ابن أبي طالب (عليهم السلام) : أنّ المسلمين قالوا لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : لو أكرهت يارسول الله ! من قدرت عليه من الناس على الإسلام لَكَثُرَ عددنا وقوينا على عدوّنا ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : ما كنت لألقى الله عزّوجلّ ببدعة لم يحدث إليّ فيها شيئاً وما أنا من المتكلّفين .
    فأنزل الله تبارك وتعالى : يامحمّد ! ( وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لاَمَنَ مَنْ فِي الاَْرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً ) على سبيل الإلجاء والإضطرار في الدنيا كما يؤمنون عند المعاينة ورؤية البأس في الآخرة ، ولو فعلتُ ذلك بهم لم يستحقّوا منّي ثواباً ولا مدحاً ، لكنّي اُريد منهم أن يؤمنوا مختارين غير مضطرّين ليستحقّوا منّي الزلفى والكرامة ودوام الخلود في جنّة الخلد ( أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ) . وأمّا قوله عزّوجلّ : ( وَمَا كَانَ لِنَفْس أَنْ تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ ) فليس ذلك على سبيل تحريم الإيمان عليها ولكن على معنى أنّها ما كانت لتؤمن إلاّ بإذن
(1) توحيد الصدوق : (ص340 ب55 ح10) .
(2) سورة يونس : (الآيتان 99 و100) .