241
   الخامس : طبقات الأنبياء (عليهم السلام)
    اعلم أنّ للأنبياء والرسل سلام الله عليهم طبقات ومراتب ، كما أنّ بين الرسول والنبي فرقاً من جوانب .
    وقد اختلف القول في الفرق بينهما إلاّ أنّ المرجع المعوّل ، والحقّ الفيصل هي أحاديث أهل بيت العصمة (عليهم السلام) ، فقد بيّنت الأخبار الشريفة ما يلي من الاُمور الخمسة :
    1 ـ إنّ الأنبياء على أربع طبقات ، نبيّ منبؤٌ في نفسه لا يعدو غيره ، ونبي عليه نبي آخر ، ونبي مرسل اُرسل إلى قوم ، ونبي هو إمام ، كما في حديث هشام ابن سالم ودرست بن أبي منصور (1).
    2 ـ إنّ الفرق بين النبي والرسول ، هو أنّ النبي يرى في منامه ويسمع صوت الملك لكن لا يعاينه ولا يراه ، بينما الرسول يسمع الصوت ويرى في المنام ويعاين الملك ، كما يستفاد من حديث زرارة في اُصول الكافي (2) والبحار (3).
    3 ـ إنّ مجموع الأنبياء المكرّمين يبلغ عددهم مئة وأربعة وعشرين ألف نبي ، ثلاث مئة وثلاثة عشر منهم مرسلون مع النبوّة ، وكتبهم المنزلة التي هي لبعض الأنبياء تبلغ مئة وأربعة كتاب ، وهي صحف شيث بن آدم خمسين صحيفة ، وصحف إدريس ثلاثين صحيفة ، وصحف إبراهيم عشرين صحيفة ، وتوراة موسى ، وزبور داود ، وانجيل عيسى ، وفرقان محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) ، كما يستفاد من
(1) بحار الأنوار : (ج11 ص55 ب1 ح52) .
(2) اُصول الكافي : (ج1 ص176 باب الفرق بين الرسول والنبي و... ح1) .
(3) بحار الأنوار : (ج1 ص54 ب1 ح51) .



242
حديث أبي ذرّ الغفاري عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) (1).
    4 ـ إنّ سادة الأنبياء العظام ، هم اُولو العزم من الرسل ، نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمّد صلوات الله عليهم ، كانوا أصحاب شريعة ومنهاج وكتاب ، والشريعة الباقية منها إلى يوم القيامة هي شريعة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كما في حديث الحسن بن فضّال عن الإمام الرضا (عليه السلام) (2)ـ (3).
    5 ـ إنّ أفضل الأنبياء والمرسلين ، وأرفع الأولياء المقرّبين ، ومن هو الأشرف من الملائكة المكرّمين ومن الناس أجمعين ، هو نبيّنا الأمين مع آله المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين ولعنة الله على أعدائهم إلى يوم الدين ، وذلك بدليل تظافر الأخبار بذلك ، بل تواترها فيما هنالك ، كما أحصاها وصرّح بها العلاّمة الشبّر في حقّ اليقين (4)ـ (5).
    وقد تضمّنت المتواترات من النصوص ، أفضليّة النبي الأكرم وأشرفيته
(1) بحار الأنوار : (ج11 ص33 ب1 ح24) .
(2) بحار الأنوار (ج11 ص34 ب1 ح28) .
(3) لا يخفى أنّ كتاب نوح في الحديث ، لعلّه بمعنى مواريث العلم التي دفعت إلى إبنه سام ووصلت إلى الأنبياء من بعده ، كما في حديث عبدالحميد بن أبي ديلم في البحار : (ج11 ص289 ب1 ح11) ، أو أنّ الكتاب هنا بمعنى الفرض من قبيل « كتب عليكم الصيام » أي فُرض ، فتُفسر الرواية بالتبعيّة لفرائض نوح وواجباته إلى النبي صاحب العزم الذي جاء بعده .
(4) حقّ اليقين : (ج1 ص105) .
(5) ومن ذلك ما رواه الصدوق في إكمال الدين بإسناده عن الإمام الرضا (عليه السلام) عن آبائه عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : « .. ياعلي ! إنّ الله تبارك وتعالى فضّل أنبياءه المرسلين على ملائكته المقرّبين وفضّلني على جميع النبيّين والمرسلين ، والفضل بعدي لك ياعلي وللأئمّة من بعدك .. » . [ حقّ اليقين : (ج1 ص106) ] .



243
وأولويته وأقدميّته على جميع الأنبياء والمرسلين لما ورد فيها ، من أنّه (صلى الله عليه وآله وسلم) سيّد ولد آدم وأوّل من تنشقّ عنه الأرض ، وأوّل شافع وأوّل مشفّع ، والخطيب المبشّر ، وصاحب لواء الحمد والمقام المحمود ، والأسبق من الأنبياء ، والمفضّل على جميع الأوصياء ، والمقدّم على الملائكة المقرّبين ، والأعلم من جميع الأنبياء والمرسلين ، ونور الله الذي خلقه قبل آدم ، وسيّد أهل البيت الذين هم سادة الخلق أجمعين من الأوّلين والآخرين .. والأحاديث في ذلك كثيرة جزيلة .
    ويكفيك ملاحظة ما أعطاها الله تعالى لنبيّه ولأهل بيته من الخصوصيّات والدرجات والفضائل والمكرمات وجمع فيه كلّ خير أضعافاً مضاعفة ممّا لم يجمعه لأي رسول أو نبي أو وصي ، كما تلاحظه في حديث الإرشاد المروي عن مولانا الإمام الحسين (عليه السلام) (1)، والحديث مفصّل يستوعب صفحات كثيرة لاحظه في الأصل .
(1) بحار الأنوار : (ج16 ص341 ب11 ح33) .


244
    الثاني :
النبوّة الخاصّة
    يقع البحث الثاني من أصل النبوّة ، في إثبات النبوّة لنبيّنا الأكرم الرسول الأعظم ، وأفضليّته وخاتميته ومعجزاته ومختصّاته صلوات الله عليه وعلى آله .

    فإنّ هذا من الأركان الدعائم والاُصول القوائم في العقائد الحقّة ، والمعتقدات الصادقة .
    قال الشيخ الصدوق فيما يجب الإعتقاد به : « وأنّ محمّداً سيّدهم وأفضلهم ، وأنّه جاء بالحقّ وصدّق المرسلين ، وأنّ الذين كذبوا لذائقوا العذاب الأليم ، وأنّ الذين ( آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ ) (1) الفائزون .
    ويجب أن نعتقد أنّ الله تعالى لم يخلق خلقاً أفضل من محمّد والأئمّة ، وأنّهم أحبّ الخلق إلى الله ، وأكرمهم عليه ، وأوّلهم إقراراً به لمّا أخذ الله ميثاق النبيّين ( وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى ) (2) » (3).
(1) سورة الأعراف : (الآية 157) .
(2) سورة الأعراف : (الآية 172) .
(3) إعتقادات الصدوق : (ص92) .



245
    وقد عرفت ذلك من الأحاديث المتواترة المتقدّمة المفيدة للعلم ، فتثبت أفضليّته وأشرفيّته من جميع الجهات على جميع الخلق بالأدلّة العلميّة .
    ولاحظ لمزيد علمك بذلك وأهليّتهم لذلك ، الأحاديث التالية :
    1 ـ حديث داود الرقي عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال :
    « لمّا أراد الله عزّوجلّ أن يخلق الخلق خلقهم ونشرهم بين يديه ثمّ قال لهم : مَن ربّكم ؟ فأوّل من نطق رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين والأئمّة صلوات الله عليهم أجمعين فقالوا : أنت ربّنا ، فحمّلهم العلم والدين ، ثمّ قال للملائكة : هؤلاء حملة ديني وعلمي واُمنائي على خلقي ... » (1).
    2 ـ حديث صالح بن سهل ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال :
    « سئل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : بأي شيء سبقتَ وُلد آدم ؟
    قال : إنّي أوّل من أقرّ ببَلى ، إنّ الله أخذ ميثاق النبيّين وأشهدهم على أنفسهم : ألست بربّكم ؟ قالوا : بلى ، فكنت أوّل من أجاب » (2).
    هذا ، ويقع بحث النبوّة الخاصّة في بيان الفوائد الخمسة التالية بعون الله تعالى :
    الاُولى : شخصية الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) .
    الثانية : نبوّة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) .
    الثالثة : سيرة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) .
(1) بحار الأنوار : (ج15 ص16 ب1 ح22) .
(2) بحار الأنوار : (ج15 ص16 ب1 ح23) .



246
    الرابعة : عصمة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) .
    الخامسة : خاتمية الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) .
    الاُولى : شخصية الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم)
    ينتمي نسب الرسول الأعظم ، وينتهي أباً واُمّاً إلى أشرف الأنساب ، وأعلاها وأطهرها وأفخرها ، فهو أعظم شخصيّة في عالم الوجود .
    ينتسب إلى سيّدنا آدم بسلسلة الأجداد الأنبياء ، والآباء الأزكياء ، والاُمّهات الطاهرات والأرحام المطهّرات .
    قال شيخنا المفيد (قدس سره) : « آباء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى آدم (عليه السلام) كانوا موحّدين على الإيمان بالله ... وعليه إجماع عصابة الحقّ . قال الله تعالى : ( الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ ) (1) يريد به : تنقّله في أصلاب الموحّدين .
    وقال نبيّه (صلى الله عليه وآله وسلم) :
    « ما زلت أتنقّل من أصلاب الطاهرين إلى أرحام المطهّرات ، حتّى أخرجني الله تعالى في عالمكم هذا » .
    فدلّ على أنّ آباءه كلّهم كانوا مؤمنين ، إذ لو كان فيهم كافر لما استحقّ الوصف بالطهارة ، لقول الله تعالى : ( إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ ) (2) فحكم على الكفّار بالنجاسة ، فلمّا قضى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بطهارة آبائه كلّهم ووصفهم بذلك ، دلّ على أنّهم كانوا مؤمنين » (3).
(1) سورة الشعراء : (الآيتان 218 و219) .
(2) سورة التوبة : (الآية 28) .
(3) تصحيح إعتقادات الإماميّة : (ص139) .



247
    فلقد كان والده عبدالله سيّد الحرم الأزهر ، وصاحب الوجه الأغر ، وحليف الإيمان الأكبر ، كما تلاحظ شرح حاله الزكي في البحار (1).
    وقد كان جدّه عبدالمطّلب من أوصياء إبراهيم (عليه السلام) ، وكذلك سائر آبائه إلى إسماعيل كلّهم كانوا أوصياء .
    كما كان عمّه وكفيله أبو طالب (عليه السلام) وصيّاً بعد أبيه عبدالمطّلب ، عاش حليف الإيمان ولم يسجد لصنم قطّ ، ولذا ورد عنهم (عليهم السلام) : « ليس مِن شيعتنا مَن لم يقل بإسلام أبي طالب » (2) ـ (3).
    وقد أفاد العلاّمة المجلسي (4) : « إجماع الشيعة على إسلام أبي طالب وأنّه قد آمن بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في أوّل الأمر ولم يعبد صنماً قطّ ، بل كان من أوصياء إبراهيم (عليه السلام) ... وتواترت الأخبار من طرق الخاصّة والعامّة بذلك ، وصنّف كثير من علمائنا ومحدّثينا كتاباً مفرداً في ذلك كما لا يخفى على من تتبّع كتب الرجال ... » .
    ثمّ ذكر أنّه قال الطبرسي رحمه الله : « قد ثبت إجماع أهل البيت (عليهم السلام) على إيمان أبي طالب ، وإجماعهم حجّة لأنّهم أحد الثقلين اللذين أمر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)بالتمسّك بهما » .
    وقد ذكر العلاّمة الأميني في الغدير (5) أربعين حديثاً في ذلك ، فلاحظ .
(1) بحار الأنوار : (ج15 ص108) .
(2) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : (ج1 ص311) .
(3) حقّ اليقين : (ج1 ص134) .
(4) بحار الأنوار : (ج35 ص138) .
(5) الغدير : (ج7 ص385) .



248
    وكفى لأبي طالب فخراً أنّه والد الأمير وذريّة إبراهيم الخليل وشيخ الأبطح وكفيل الرسول وسيّد القوم ، عاش النبي في كفالته وترعرع في بيته واستقام الإسلام بسيف إبنه .
    ونعود إلى النسب السامي لنبيّنا الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو : محمّد بن عبدالله بن عبدالمطّلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرّة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر ابن نزار بن معد بن عدنان ... والمشهور أنّ عدنان هو ان أدّ بن أدد بن اليسع بن الهميسع بن سلامان بن حَمَل بن قيدار بن إسماعيل (عليه السلام) بن إبراهيم الخليل (عليه السلام) بن تارخ بن ناخور بن شروع بن أرغو ـ وهو النبي هود (عليه السلام) ـ ابن قالع بن عابر بن شالح بن أرفخشد بن سام بن النبي نوح (عليه السلام) ابن مالك بن متوشلح بن أخنوخ ـ وهو النبي إدريس (عليه السلام) ـ ابن البارز بن مهلائيل بن قينان بن أنوش بن شيث ـ وهو هبة الله (عليه السلام) ـ ابن النبي آدم (عليه السلام) .
    واُمّه السيّدة آمنة بنت وهب بن عبد مناف أخي هاشم (عليه السلام) جدّ النبي صلوات الله عليه وآله .
    الثانية : نبوّة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم)
    ثبتت نبوّة الرسول الأكرم صلوات الله عليه وآله وسلّم بجميع الطرق الثلاثة المتقدّمة لمعرفة الأنبياء وإثبات نبوّتهم ، وذلك :
    أوّلا : الإعجاز ، فقد تحقّق إعجازه الباهر بالنقل المتواتر لجميع الملل ، وبعيان البيان في نصّ القرآن .
    ثانياً : تنصيص النبي السابق الثابتة نبوّته عليه ، حيث بَشّر به كليم الله موسى


249
ونبي الله عيسى (عليهما السلام) ، وجاء في كتبهم المقدّسة أعني التوراة والإنجيل ، كما تلاحظ نصوصها المترجمة بالعربية في أنوار الهدى والرحلة المدرسية للشيخ العلم البلاغي (قدس سره) ، وبالفارسية في ميزان المطالب (1).
    ثالثاً : حقيقة رسالته ، وعلوّ أحكامه ، وجامعيّة شريعته ، ونزاهة شخصيته ، وصدق لسانه وبيانه وأخباره وأنبائه وأعماله وفعاله ومواعيده .. فدراسة كلّها شاهد قطعيّ على صدقه في إظهار نبوّته .
    وجميع الطرق المتقدّمة تسلك بنا وتوضّح لنا نبوّة خاتم الأنبياء من قبل ربّ السماء ، إلاّ أنّا نتابع للإختصاراً المسلك الأوّل فقط في الإستدلال ، يعني طريق الإعجاز الذي هو أوضح الطرق ، ونقول :
    إنّه صلوات الله عليه وآله أخبر بنبوّة نفسه وعقّبه بمعجزة ربّه ، فكان كاشفاً عن صدقه في نبوّته ، وطريقاً إلى العلم برسالته ، وموجباً لليقين بكونه مؤيّداً من قبل مُرسِله ..
    وقد ثبتت نبوّته بالإعجاز من طريقين :
    الف ـ طريق القرآن الكريم ، وهي المعجزة الخالدة التي ليست لأحد من الأنبياء معجزة مثلها ، باقية سواها .
    ب ـ طريق الخوارق الإلهيّة الاُخرى ، وهي المعجزات الثابتة المتواترة التي كانت من الآيات الباهرات والدلائل الواضحات الدالّة على صدقه وصحّة نبوّته .
    فلنشرح هذين الطريقين بعونه تعالى :
(1) ميزان المطالب : (الطبعة الرابعة ص136) ، نقلها عن التوراة : (السفر الأوّل الباب17 الآية20 ، والسفر الخامس الباب18 الآية17 ، 18 ، 19 ، والباب33 الآية1 ـ 2) .
وعن انجيل برنابا : (الفصل42 ، 43 ، 44 ، 72 ، 96 ، 97 ، 112 ، 163) فلاحظ .



250
    الطريق الأوّل : القرآن الكريم
    وكفى به معجزاً عظيماً مدى الدهر ، ودليلا على نبوّة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم)في كلّ عصر .
    قال الشيخ الصدوق : « إعتقادنا في القرآن أنّه كلام الله ، ووحيه وتنزيله ، وقوله ، وكتابه .
    وأنّه لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه .
    وأنّه القصص الحقّ ، وأنّه قول فصل ، وما هو بالهزل .
    وأنّ الله تعالى مُحدثه ، ومنزله ، وحافظه ، وربّه » (1).
    وإعجاز القرآن ثبت لكلّ العلماء وجميع العقلاء وكافّة البشرية جمعاء ، في كلّ زمان ومكان وبكلّ لغة للإنسان .
    فالقرآن الكريم تحدّى العرب العرباء ومصاقع الخطباء ، وقَرَع بالعجز أهل البلاغة والفصاحة على أن يأتوا بمثله ، بل بعشر سور مثله ، بل إتيان سورة واحدة مثله ، فلم يستطيعوا إلى ذلك سبيلا ولن يستطيعوا على الإتيان به أبداً إلى زماننا هذا والأزمنة الآتية تلواً ، بالرغم من أنّ جزيرة العرب وبلدانهم كانت مملوءةً بالفصحاء ومشحونة بالبلغاء وواجدةً لأرفع الشعراء ، ممّن امتاز بالكلمات المليحة ، والأشعار الفصيحة إلى حدّ إنشاد الأشعار المعلّقة والخطب البليغة .
    وبالرغم من ذلك عجزوا عن الإتيان بمثله ، وهم الآن ناكصون عن معارضته ومعترفون بالعجز عن مماثلته ، كما أخبر به مُنزله الكريم في آيات الذكر الحكيم :
    1 ـ قال عزّ اسمه : ( قُلْ لَئِنْ اجْتَمَعَتْ الاِْنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا
(1) إعتقادات الصدوق : (ص83) .