281
    1 ـ الولاية التامّة المطلقة للنبي على جميع الناس ، كما في قوله تعالى : ( النَّبِىُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ) (1).
    2 ـ القدوة التي تُطاع في جميع الاُمور ، كما في قوله تعالى : ( أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الاَْمْرِ مِنْكُمْ ) (2).
    3 ـ الحكم الحقّ بين الناس ورفع الخلاف عنهم ، كما في قوله تعالى : ( فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ ) (3).
    4 ـ التذكير بالله تعالى ، كما في قوله عزّ إسمه : ( فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ ) (4).
    5 ـ الهداية للخلق ، كما في قوله عزّ شأنه : ( وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم ) (5).
    6 ـ الشاهدية على الناس ، كما في قوله تعالى : ( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً ) (6).
    7 ـ الدعوة إلى الله والبشارة بالثواب والإنذار بالعقاب ، كما في قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّبِىُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً * وَدَاعِياً إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُنِيراً ) (7).
(1) سورة الأحزاب : (الآية 6) .
(2) سورة النساء : (الآية 59) .
(3) سورة ص : (الآية 26) .
(4) سورة الغاشية : (الآية 21) .
(5) سورة الشورى : (الآية 52) .
(6) سورة البقرة : (الآية 143) .
(7) سورة الأحزاب : (الآيتان 45 و46) .



282
    8 ـ الحرص على سعادة المؤمنين وصلاح شأنهم والرأفة والرحمة بهم ، كما في قوله تعالى : ( لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ) (1).
    .. إلى غير ذلك من المقامات والمراتب الرفيعة النبويّة التي يأتي ذكرها في الأحاديث الشريفة والتي لابدّ أن تتمثّل في وصي الرسول لبقاء الرسالة .
    وعلى الجملة ; فالإمامة أمر فطري ، وإحتياج ضروري ، وحاجة لازمة كفى بارتكازيّتها دليلا لها ، بالإضافة إلى أنّه يدلّ عليها الكتاب والسنّة والعقل بالبيان التالي :
    أمّا الكتاب أوّلا :
    فقول الله تعالى شأنه : ( إِنَّمَا أَنْتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْم هَاد ) (2) فإنّه قد ذكرت الخاصّة والعامّة ، أنّ الهادي في هذه الآية الشريفة ، هو الإمام أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب (عليه السلام) ، وقد جاءت فيه ثلاثة وعشرون حديثاً من طرق الخاصّة ، وسبعة أحاديث من طرق العامّة ، كما تلاحظها في كتاب غاية المرام (3).
    وللنموذج نختار من أحاديث الخاصّة ما رواه عبدالرحيم القصير ، عن الإمام أبي جعفر الباقر (عليه السلام) في قول الله تبارك وتعالى : ( إِنَّمَا أَنْتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْم هَاد ) فقال :
(1) سورة التوبة : (الآية 128) .
(2) سورة الرعد : (الآية 7) .
(3) غاية المرام : (ص235 ب30 و31 الأحاديث) ، وتلاحظ استقصاء أحاديث العامّة في إحقاق الحقّ : (ج3 ص88 ، وج14 ص166 ، وج20 ص59) .



283
    « رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) المنذر ، وعليّ الهادي ، أما والله ما ذهبت منّا وما زالت فينا إلى الساعة » (1).
    ومن أحاديث العامّة ما رواه عبدالله بن عمر ، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) :
    « بي اُنذرتم ، وبعلي بن أبي طالب اهتديتم ـ وقرأ ( إِنَّمَا أَنْتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْم هَاد ) (2) ـ وبالحسن اُعطيتم الإحسان ، وبالحسين تسعدون وبه تشقون . ألا وإنّ الحسين باب من أبواب الجنّة من عانده حرّم الله عليه ريح الجنّة » (3).
    وأمّا السنّة ثانياً :
    فمثل حديث نهج البلاغة في كتاب الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى عامله على البصرة ، عثمان بن حنيف الأنصاري قال (عليه السلام) :
    « ألا وإنّ لكلّ مأموم إماماً يقتدي به ويستضيء بنور علمه » (4).
    ممّا يستفاد منه هذه القاعدة الجارية ، والسنّة الماضية ، والضرورة القاضية بوجود الإمام الصالح لكلّ مأموم ، وحبّذا لو رجعنا في المقام إلى حديث الفضل ابن شاذان المفصّل في بيان علّة جعل اُولي الأمر والأمر بطاعتهم فلاحظ (5).
(1) غاية المرام : (ص235 ب31 ح4) .
(2) سورة الرعد : (الآية 7) .
(3) غاية المرام : (ص235 ب30 ح6) .
(4) نهج البلاغة : (الرسائل ص78 من الطبعة المصرية الكتاب45) .
(5) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) : (ج2 ص99 ب34 ح1) .



284
    وسيأتي ذكر الروايات الشارحة لذلك بالتفصيل .
    وأمّا العقل ثالثاً :
    فدليل العقل وحكمه بلزوم الإمام يقرّر بوجوه أربعة :
    1 ـ ما قرّره شيخ الطائفة الطوسي طابت تربته من أنّ العقل يحكم بوجوب الإمامة بدليل اللطف ، لما ثبت من كون الإمامة لطفاً من الله تعالى ولا يتمّ التكليف بدونها ، فمقتضى كرمه تعالى أن يهيّئ لعباده وسائل الطاعة ، ويصرفهم عن طرق الفساد ، وهو لطف ، والله لطيف بعباده .
    والإمامة من الألطاف الإلهيّة التي لا يحسن التكليف بدونها ، فجرت مجرى سائر الألطاف الإلهية ، إذ الاُمّة محتاجة إلى أخذ معالم دينها من الإمام ، والإمام لا يكون عندنا إلاّ من هو عالم بجميع ما تحتاج إليه الرعية (1).
    2 ـ ما قرّره الشيخ الكبير كاشف الغطاء طاب مثواه من أنّ العقل يشهد بوجوب وجود المبيّن للأحكام ، كما حكم بلزوم وجود المؤسّس للحلال والحرام ، لمساواة الجهتين ، وحصول الجهالة عند فقد كلّ من الأمرين ، ولكثرة المجملات في القرآن وفي الأخبار الواردة عن سيّد ولد عدنان (2).
    3 ـ ما قرّره السيّد الشبّر أعلى الله مقامه من أنّ الغرض والحكمة في إيجاد الخلق هي المعرفة والعبادة ، كما قال تعالى : ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالاِْنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ ) (3)، وهذا الغرض الشريف يتوقّف على الواسطة بين الخلق والخالق
(1) تلخيص الشافي : (ج1 ص69) .
(2) كشف الغطاء : (ص5 المبحث الخامس في الإمامة) .
(3) سورة الذاريات : (الآية 56) .



285
لإستحالة المشاهدة والمكالمة ، وتكون الواسطة بالرسالة أو الإمامة .
    فغرض الخلقة يقتضي الإمامة بعد الرسالة (1).
    4 ـ ما قرّره شيخنا الاُستاذ (قدس سره) ، من أنّ كتاب الله العظيم الذي هو كتاب الهداية ودستور البشرية الذي فيه آيات محكمات واُخر متشابهات ، كيف يمكن التوصّل والوصول إلى مراداته ، ومعرفة محتوياته ، وفهم مجملاته ومتشابهاته ، حتّى يتسنّى العمل بآياته بدون معلّم ومبيّن لها وهاد بهداية الله فيها؟!
    ومن الواضح أنّ كتب الدراسات العلميّة والموسوعات الجامعية بالرغم من كونها من نتائج العقول البشرية لا يمكن فهمها بدون معلّم واُستاذ ، مع دراسات متواصلة في سنوات عديدة ..
    فكيف بكتاب يعجز عن مثله الجنّ والإنس ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً ؟!
    من المستحيل أن نستغني في فهم أعظم الكتب عن تعليم من نزل في بيتهم الكتاب ، فالضرورة تقتضي بلزوم الإمامة بعد الرسالة ، والإمام في جنب القرآن .. وقول عمر : ( حسبُنا كتاب الله ) هو كذب وخداع وتزوير وبهتان ، قد كذّبه حتّى هو نفسه حينما كان يرتطم في الإشكال ويقول : ( لولا علي لهلك عمر ) ويقول : ( لا أبقاني الله لمُعضلة ليس لها أبو الحسن ) ..
    فهلاّ كان يكتفي بكتاب الله لحلّ المسائل الواردة عليه ..
    وتلاحظ إعترافه بهذا الكلام في موارد كثيرة أحصاها شيخنا الأميني في كتاب الغدير في باب نوادر الأثر في علم عمر عند بيان مائة خطأ من أخطائه وجهالاته (2).
(1) حقّ اليقين : (ج1 ص84) .
(2) الغدير : (ج6 ص83 ـ 325) .



286
    وعليه فالبشرية محتاجة في جميع مجالات حياتها إلى كتاب الله مقروناً مع حجّة الله .. وهما توأمان لا يفترقان وتكون الهداية بهما معاً حتّى يردا على الحوض يوم القيامة .
    وقد أخبر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بعدم إفتراقهما ، وفرَض التمسّك بهما ، وحصر الهداية فيهما بالدليل القطعي المقبول بين الفريقين في حديث الثقلين الذي نصّ عليه الرسول الأعظم في المواطن الأربعة :
    يوم عرفة على ناقته القصوى ، وفي مسجد الخيف ، وفي خطبة يوم الغدير في حجّة الوداع ، وفي خطبته على المنبر يوم قُبض .
    وقد رويت نصوص أحاديثه من طرق الخاصّة والعامّة بأسانيد كثيرة وروايات متواترة تلاحظها في مثل كتاب إحقاق الحقّ للقاضي التستري (قدس سره) (1). قال (صلى الله عليه وآله وسلم) :
    « إنّي تارك فيكم الثقلين ، كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا من بعدي أبداً ، وإنّ اللطيف الخبير أخبرني أنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما » .
    ثمّ إنّ الحقّ الصريح والبيان المليح الذي يفهمه كلّ ذي حجى هو ما بيّنه أهل بيت الهدى في أحاديثهم الشريفة التي بيّنت أهميّة الإمامة ووجه الإحتياج إلى الإمام ، والتي هي أدلّة قطعيّة وبراهين يقينيّة على لزوم الإمامة الحقّة ووجوب وجود الإمام المعصوم في جميع الأزمنة إلى قيام الساعة مثل :
(1) إحقاق الحقّ : (ج4 ص436 ، وج5 ص7 ، وج9 ص309 ، وج16 ص405 ، وج18 ص261) ، وغاية المرام : (ص211 من إثنين وثمانين حديثاً من طرق الخاصّة ، وتسعة وثلاثين حديثاً من طرق العامّة) .


287
    1 ـ ما رواه ثقة الإسلام الكيني في الكافي ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن العبّاس بن عمر الفُقيمي ، عن هشام بن الحكم ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) ... (1).
    2 ـ ما رواه أيضاً عن محمّد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن صفوان بن يحيى ، عن منصور بن حازم ، عن الإمام أبي عبدالله (عليه السلام) ... (2).
    3 ـ ما رواه أيضا عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن الحسن بن إبراهيم ، عن يونس بن يعقوب ، عن الإمام أبي عبدالله (عليه السلام) ... (3).
    4 ـ ما رواه يونس بن يعقوب قال : كنت عند أبي عبدالله (عليه السلام) ، فورد عليه رجل من أهل الشام فقال : إنّي رجل صاحب كلام وفقه وفرائض وقد جئت لمناظرة أصحابك ، فقال أبو عبدالله (عليه السلام) :
    « كلامك من كلام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أو من عندك ؟ فقال : من كلام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ومن عندي .
    فقال أبو عبدالله (عليه السلام) : فأنت إذاً شريك رسول الله ؟ قال : لا ، قال : فسمعت الوحي عن الله عزّوجلّ يخبرك ؟ قال : لا ، قال : فتجب طاعتك كما تجب طاعة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ؟ قال : لا .
    فالتفت أبو عبدالله (عليه السلام) إليّ فقال : يايونس بن يعقوب ! هذا قد خصم نفسه قبل أن يتكلّم ، ثمّ قال : يايونس ! لو كنت تُحسن الكلام كلّمته ،
(1) اُصول الكافي : (ج1 ص168 باب الإضطرار إلى الحجّة ح1) ، وقد تقدّم هذا الحديث في دليل السنّة على النبوّة فلا نكرّر .
(2) اُصول الكافي : (ج1 ص168 باب الإضطرار إلى الحجّة ح2) ، وقد تقدّم هذا الحديث في باب النبوّة فلاحظ .
(3) اُصول الكافي : (ج1 ص169 باب الإضطرار إلى الحجّة ح3) ، وقد تقدّم هذا الحديث في أصل النبوّة فراجع .



288
قال يونس : فيا لها من حسرة ! فقلت : جعلت فداك ! إنّي سمعتك تنهى عن الكلام وتقول : ويل لأصحاب الكلام يقولون : هذا ينقاد وهذا لا ينقاد (1)، وهذا ينساق وهذا لا ينساق ، وهذا نعقله وهذا لا نعقله .
    فقال أبو عبدالله (عليه السلام) : إنّ ما قلت : فويل لهم ، إن تركوا ما أقول وذهبوا إلى ما يريدون ، ثمّ قال لي : اخرج إلى الباب فانظر من ترى من المتكلّمين فأدخله .
    قال : فأدخلت حمران بن أعين ـ وكان يحسن الكلام ـ وأدخلت الأحول (2) ـ وكان يُحسن الكلام ـ وأدخلت هشام بن سالم ـ وكان يُحسن الكلام ـ وأدخلت قيس بن الماصر ـ وكان عندي أحسنهم كلاماً ، وكان قد تعلّم الكلام من علي بن الحسين (عليهما السلام) ـ .
    فلمّا استقرّ بنا المجلس وكان أبو عبدالله (عليه السلام) قبل الحجّ يستقرّ أيّاماً في جبل في طرف الحرم في فازة (3) له مضروبة ، قال : فأخرج أبو عبدالله (عليه السلام) رأسه من فازته فإذا هو ببعير يخبُّ (4) فقال : هشام وربّ الكعبة ! قال : فظننا أنّ هشاماً رجل من ولد عقيل ـ كان شديد المحبّة له ـ قال : فورد هشام بن الحكم وهو أوّل ما اختطّت لحيته وليس فينا إلاّ من هو أكبر سنّاً منه ، قال : فوسّع له أبو عبدالله (عليه السلام) وقال : ناصرنا
(1) إشارة إلى قولهم في مناظراتهم : سلّمنا هذا ولا نسلّم ذاك ، كما أنّ هذا ينساق وهذا لا ينساق إشارة إلى قولهم بالنسبة إلى خصمهم : له أن يقول كذا ، وليس له أن يقول كذا .
(2) أي أبو جعفر محمّد بن النعمان الملقّب بمؤمن الطاق .
(3) الفازة : هي الخيمة الصغيرة .
(4) يخبّ : أي يسرع في مشيه .



289
بقلبه ولسانه ويده ، ثمّ قال : ياحمران ! كلّم الرجل ، فكلّمه فظهر عليه حمران .
    ثمّ قال : ياطاقي ! كلّمه ، فكلّمه فظهر عليه الأحول .
    ثمّ قال : ياهشام بن سالم ! كلّمه ، فتعارفا ..
    ثمّ قال أبو عبدالله (عليه السلام) لقيس الماصر : كلّمه ، فكلّمه .
    فأقبل أبو عبدالله (عليه السلام) يضحك من كلامهما ممّا قد أصاب الشامي ، فقال للشامي : كلّم هذا الغلام ـ يعني هشام بن الحكم ـ فقال : نعم ، فقال لهشام : ياغلام ! سلني في إمامة هذا ، فغضب هشام حتّى ارتعد ، ثمّ قال للشامي : ياهذا ! أربّك أنظر لخلقه أم خلقه لأنفسهم ؟ فقال الشامي : بل ربّي أنظر لخلقه ، قال : ففعل بنظره لهم ماذا ؟ قال : أقام لهم حجّة ودليلا كي لا يتشتّتوا أو يختلفوا بتألّفهم ، ويقيم أَوَدَهُم (1)ويخبرهم بفرض ربّهم ، قال : فمن هو ؟ قال : رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، قال هشام : فبعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ؟ قال : الكتاب والسنّة ، قال هشام : فهل نفعنا الكتاب والسنّة في رفع الإختلاف عنّا ؟ قال الشامي : نعم ، قال : فلِمَ اختلفنا أنا وأنت وصرت إلينا من الشام في مخالفتنا إيّاك ؟ قال : فسكت الشامي .
    فقال أبو عبدالله (عليه السلام) للشامي : ما لك لا تتكلّم ؟ قال الشامي : إن قلت لم نختلف كذبت ، وإن قلت إنّ الكتاب والسنّة يرفعان عنّا الإختلاف أبطلتُ لأنّهما يحتملان الوجوه ، وإن قلت قد إختلفنا وكلّ واحد منّا يدّعي الحقّ فلم ينفعنا إذن الكتاب والسنّة إلاّ أنّ لي عليه هذه
(1) الأوَد ، بفتح الهمزة والواو هو : الإعوجاج .


290
الحجّة (1).
    فقال أبو عبدالله (عليه السلام) : سله تجده مليّاً ، فقال الشامي : ياهذا ! من أنظر للخلق أربّهم أو أنفسهم ؟ فقال هشام : ربّهم أنظر لهم منهم لأنفسهم ، فقال الشامي : فهل أقام لهم من يجمع لهم كلمتهم ويقيم أودَهم ويخبرهم بحقّهم من باطلهم ؟ قال هشام : في وقت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أو الساعة ؟ قال الشامي : في وقت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)والساعة مَن ؟ فقال هشام : هذا القاعد الذي تشدّ إليه الرحال (2)ويخبرنا بأخبار السماء والأرض ، وراثة أب عن جدٍّ ، قال الشامي : فكيف لي أن أعلم ذلك ؟ قال هشام : سله عمّا بدا لك ، قال الشامي : قطعتَ عذري (3) فعليَّ السؤال . فقال أبو عبدالله (عليه السلام) : ياشامي ! كيف كان سفرك وكيف كان طريقك ؟ كان كذا وكذا ، فأقبل الشامي يقول : صدقت ، أسلمت لله الساعة ، فقال أبو عبدالله (عليه السلام) : بل آمنت بالله الساعة ، إنّ الإسلام قبل الإيمان وعليه يتوارثون ويتناكحون والإيمان عليه يثابون (4)، فقال الشامي : صدقت فأنا الساعة أشهد أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمّداً رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)وأنّك وصي الأوصياء » (5).
    5 ـ الحديث الرضوي الشريف الجامع الذي رواه عبدالعزيز بن مسلم قال :
(1) أي تلك الحجّة التي كانت له عليّ .
(2) أي يأتيه الناس من كلّ مكان ويقبلون عليه في مواسم الحجّ .
(3) أي لا عذر لي بعد هذا .
(4) لمزيد المعرفة لاحظ بيان ذلك في أحاديث اُصول الكافي : (ج2 ص24 ـ 28) .
(5) اُصول الكافي : (ج1 ص171 باب الإضطرار إلى الحجّة ح4) .