421
المقبورين فتسألهم عن أديانهم ، وألفاظ الأخبار بذلك متقاربة ، فمنها أنّ ملكين لله تعالى يقال لهما : ناكر ونكير ينزلان على الميّت فيسألانه عن ربّه ونبيّه ودينه وإمامه . فإن أجاب بالحقّ سلّموه إلى ملائكته النعيم ، وإن اُرْتِجَ عليه (1) سلّموه إلى ملائكة العذاب ، كما أفاده المفيد في التصحيح (2).
    وفي بعض الأخبار أنّ اسم الملكين اللذين ينزلان على المؤمن مبشّر وبشير كما في بحار الأنوار (3) ، وهو المستفاد من الدعاء المروي في أدعية شهر رجب في المصباح (4) جاء فيه : « وأدرأ عنّي منكراً ونكيراً وأرِ عيني مبشّراً وبشيراً » .
    وقد ذكر العلاّمة المجلسي الكثير من أخبار هذه المساءلة في بحار الأنوار ، في أحوال البرزخ والقبر نختار منها ما يلي :
    1 ـ حديث ابن أبي البلاد ، عن أبيه ، عن بعض أصحابه يرفعه إلى النبي (صلى الله عليه وآله) أنّه قال لبعض أصحابه :
    « كيف أنت إذا أتاك فتّانا القبر ؟ فقال : يارسول الله ! ما فتّانا القبر ؟ قال : ملكان فظّان غليظان ، أصواتهما كالرعد القاصف ، وأبصارهما كالبرق الخاطف ، يطئان في أشعارهما ، ويحفران بأنيابهما ، فيسألانك ; قال : وأنا على مثل هذه الحال (5) ؟ قال : وأنت على مثل
(1) يقال : اُرتج على القارئ إذا لم يقدر على القراءة واستغلق عليه الكلام .
(2) تصحيح إعتقادات الإمامية : (ص99) .
(3) بحار الأنوار : (ج6 ص280) .
(4) المصباح لشيخ الطائفة : (ص739) .
(5) لعلّه بمعنى حال الإيمان والمحبّة لكم .



422
حالك هذه ، قال : إذن أكفيهما » (1).
    2 ـ حديث تفسير الحافظ محمّد بن مؤمن الشيرازي بإسناده رفعه قال : أقبل صخر بن حرب حتّى جلس إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال : يامحمّد ! هذا الأمر لنا بعدك أم لمن ؟ قال :
    « ياصخر ! الأمر بعدي لمن هو منّي بمنزلة هارون من موسى ، فأنزل الله تعالى : ( عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ ) يعني يسألك أهل مكّة عن خلافة علي بن أبي طالب ( عَنْ النَّبَإِ الْعَظِيمِ * الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ ) منهم المصدّق بولايته وخلافته ، ومنهم المكذّب ( كَلاَّ ) ردّ عليهم ( سَيَعْلَمُونَ )سيعرفون خلافته بعدك إنّها حقّ يكون ( ثُمَّ كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ ) (2) سيعرفون خلافته وولايته إذ يُسألون عنها في قبورهم ، فلا يبقى ميّت في شرق ولا غرب ولا في برّ ولا في بحر إلاّ ومنكر ونكير يسألانه عن ولاية أمير المؤمنين بعد الموت ، يقولان للميّت : من ربّك ؟ وما دينك ؟ ومن نبيّك ؟ ومن إمامك ؟ » (3).
    3 ـ ما كتب أمير المؤمنين (عليه السلام) لمحمّد بن أبي بكر :
    « ياعباد الله ! ما بعد الموت لمن لا يغفر له أشدّ من الموت ، القبر فاحذروا ضيقه وضنكه وظلمته وغربته ، إنّ القبر يقول كلّ يوم : أنا بيت الغربة ، أنا بيت التراب ، أنا بيت الوحشة ، أنا بيت الدود والهوامّ ; والقبر روضة من رياض الجنّة ، أو حفرة من حفر النار .
(1) بحار الأنوار : (ج6 ص215 ب8 ح5) .
(2) سورة النبأ : (الآيات 1 ـ 5) .
(3) بحار الأنوار : (ج6 ص216 ب8 ح6) .



423
إنّ العبد المؤمن إذا دفن قالت له الأرض : مرحباً وأهلا ، قد كنتَ ممّن أُحبّ أن تمشي على ظهري ، فإذا ولّيتك فستعلم كيف صنيعي بك ; فيتّسع له مدّ البصر ، وإنّ الكافر إذا دفن قالت له الأرض : لا مرحباً بك ولا أهلا ، لقد كنتَ من أبغض من يمشي على ظهري ، فإذا ولّيتك فستعلم كيف صنيعي بك ، فتضمّه حتّى تلتقي أضلاعه ; وإنّ المعيشة الضنك التي حذّر الله منها عدوّه عذاب القبر ، إنّه يسلّط على الكافر في قبره تسعة وتسعين تنّيناً (1) فينهشن لحمه ، ويكسرن عظمه ، يتردّدن عليه كذلك إلى يوم يبعث ; لو أنّ تنّيناً منها نفخ في الأرض لم تنبت زرعاً .
    ياعباد الله ! إنّ أنفسكم الضعيفة وأجسادكم الناعمة الرقيقة التي يكفيها اليسير تضعف عن هذا ، فإن استطعتم أن تجزعوا لأجسادكم وأنفسكم بما لا طاقة لكم به ولا صبر لكم عليه فاعملوا بما أحبّ الله واتركوا ما كره الله » (2).
    4 ـ حديث سليمان بن خالد قال : سألت أبا عبدالله عمّا يلقى صاحب القبر ؟ فقال :
    « إنّ ملكين يقال لهما : منكر ونكير يأتيان صاحب القبر فيسألانه عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيقولان : ما تقول في هذا الرجل الذي خرج فيكم ؟ فيقول : من هو ؟ فيقولان : الذي كان يقول : إنّه رسول الله ، أحقّ ذلك ؟ قال : فإذا كان من أهل الشكّ قال : ما أدري ، قد سمعت الناس يقولون ،
(1) التنّين على وزن سكّين هي : الحيّة العظيمة .
(2) بحار الأنوار : (ج6 ص218 ـ 219 ب8 ح13) .



424
فلست أدري أحقّ ذلك أم كذب ؟ فيضربانه ضربةً يسمعها أهل السماوات وأهل الأرض إلاّ المشركين ، وإذا كان متيقّناً فإنّه لا يفزع فيقول : أعن رسول الله تسألاني ؟ فيقولان : أتعلم أنّه رسول الله ؟ فيقول : أشهد أنّه رسول الله حقّاً ، جاء بالهدى ودين الحقّ ; قال : فيرى مقعده من الجنّة ويُفسح له عن قبره ، ثمّ يقولان له : نم نومة ليس فيها حلم في أطيب ما يكون النائم » (1).
    5 ـ حديث سليمان بن مقبل ، عن الإمام موسى بن جعفر ، عن أبيه (عليهما السلام) قال :
    « إذا مات المؤمن شيّعه سبعون ألف ملك إلى قبره ، فإذا اُدخل قبره أتاه منكر ونكير فيُقعدانه ويقولان له : من ربّك ؟ وما دينك ؟ فيقول : ربّي الله ، ومحمّد نبيّي ، والإسلام ديني ، فيفسحان له في قبره مدّ بصره ، ويأتيانه بالطعام من الجنّة ، ويُدخلان عليه الروح والريحان ، وذلك قوله عزّوجلّ : ( فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ * فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ ) يعني في قبره ( وَجَنَّةُ نَعِيم ) (2) يعني في الآخرة .
    ثمّ قال (عليه السلام) : إذا مات الكافر شيّعه سبعون ألفاً من الزبانية (3) إلى قبره ، وإنّه ليناشد حامليه بصوت يسمعه كلّ شيء إلاّ الثقلان ويقول : لو أنّ لي كرّة فأكون من المؤمنين ، ويقول : ارجعونِ لعلّي
(1) بحار الأنوار : (ج6 ص221 ـ 222 ب8 ح20) .
(2 و 3) سورة الواقعة : (الآيتان 88 و89) .
(3) الزبانية عند العرب الشُرطة ، وسمّي به بعض الملائكة لدفعهم أهل النار إليها كما في مجمع البحرين : (ص559) .



425
أعمل صالحاً فيما تركت ، فتجيه الزبانية : كلاّ ! إنّها كلمة أنت قائلها ، ويناديهم ملك : لو رُدّ لعاد لما نهي عنه .
    فإذا اُدخل قبره وفارقه الناس أتاه منكر ونكير في أهول صورة فيقيمانه ثمّ يقولان له : من ربّك ؟ وما دينك ؟ ومن نبيّك ؟ فيتلجلج لسانه (1) ولا يقدر على الجواب ، فيضربانه ضربة من عذاب الله يذعر لها كلّ شيء ثمّ يقولان له : من ربّك ؟ وما دينك ؟ ومن نبيّك ؟ فيقول : لا أدري ، فيقولان له : لا دريت ولا هديت ولا أفلحت ; ثمّ يفتحان له باباً إلى النار وينزلان إليه من الحميم من جهنّم ، وذلك قول الله عزّوجلّ : ( وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ * فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيم ) يعني في القبر ( وَتَصْلِيَةُ جَحِيم ) (2) يعني في الآخرة » (3).
    6 ـ حديث ابن عمارة ، عن أبيه قال : قال الصادق (عليه السلام) :
    « من أنكر ثلاثة أشياء فليس من شيعتنا : المعراج ، والمساءلة في القبر ، والشفاعة » (4).
    7 ـ حديث الفضائل والروضة أنّه : لمّا ماتت فاطمة بنت أسد اُمّ أمير المؤمنين (عليه السلام) أقبل علي بن أبي طالب (عليه السلام) باكياً فقال له النبي (صلى الله عليه وآله) :
    « ما يبكيك ؟ لا أبكى الله عينك ! قال : توفّت والدتي يارسول الله ، قال له النبي (صلى الله عليه وآله) : بل ووالدتي ياعلي فلقد كانت تُجوّع أولادها وتشبعني ،
(1) من التلجلج بمعنى التردّد ، أي : يثقل لسانه ويتردّد في كلامه .
(2) سورة الواقعة : (الآيات 92 ـ 94) .
(3) بحار الأنوار : (ج6 ص222 ب8 ح22) .
(4) بحار الأنوار : (ج6 ص223 ب8 ح23) .



426
وتُشعث أولادها وتدهنني ، والله لقد كان في دار أبي طالب نخلة فكانت تسابق إليها من الغداة لتلتقط ، ثمّ تجنيه ـ رضي الله عنها ـ فإذا خرجوا بنو عمّي تناولني ذلك ; ثمّ نهض (عليه السلام) فأخذ في جهازها وكفّنها بقميصه (صلى الله عليه وآله) ، وكان في حال تشييع جنازتها يرفع قدماً ويتأنّى في رفع الآخر ، وهو حافي القدم ، فلمّا صلّى عليها كبّر سبعين تكبيرة ، ثمّ لحّدها في قبرها بيده الكريمة بعد أن نام في قبرها ، ولقّنها الشهادة .
    فلمّا اُهيل عليها التراب (1) وأراد الناس الإنصراف ، جعل رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول لها : إبنكِ ، إبنكِ ، إبنكِ ، لا جعفر ، ولا عقيل ، إبنكِ ، إبنكِ : علي بن أبي طالب .
    قالوا : يارسول الله ! فعلت فعلا ما رأينا مثله قطّ ، مشيك حافي القدم ، وكبّرت سبعين تكبيرة ، ونومك في لحدها ، وقميصك عليها ، وقولك لها : إبنكِ ، إبنكِ ، لا جعفر ، ولا عقيل .
    فقال (صلى الله عليه وآله) : أمّا التأنّي في وضع أقدامي ورفعها في حال التشييع للجنازة فلكثرة إزدحام الملائكة ، وأمّا تكبيري سبعين تكبيرة فإنّها صلّى عليها سبعون صفّاً من الملائكة ، وأمّا نومي في لحدها فإنّي ذكرتُ في حال حياتها ضغطة القبر فقالت : واضعفاه ! فنمت في لحدها لأجل ذلك حتّى كفيتها ذلك ، وأمّا تكفيني لها بقميصي فإنّي ذكرت لها في حياتها القيامة وحشر الناس عراةً فقالت : واسوأتاه ! فكفّنتها به ، لتقوم يوم القيامة مستورة ، وأمّا قولي لها : إبنكِ ، إبنكِ ،
(1) إهالة التراب : صَبُّه .


427
لا جعفر ، ولا عقيل فإنّها لمّا نزل عليها الملكان وسألاها عن ربّها فقالت : الله ربّي ، وقالا : من نبيّك ؟ قالت : محمّد نبيّي ، فقالا : من وليّك وإمامك ؟ فاستحيت أن تقول : ولدي ، فقلت لها : قولي : إبنك علي بن أبي طالب (عليه السلام) ، فأقرّ الله بذلك عينها » (1).
   فمسائلة القبر إذاً من الاُمور الحقّة المسلّمة ، حتّى كان تلقين الميّت بجواب ما يسأل عنه من الاُمور المستحبّة .
    ففي الجواهر (2) : أنّه « يستحبّ تلقين الميّت بعد وضعه في لحده ، قبل تشريج اللبن بلا خلاف أعرفه فيه ، بل في الغنية الإجماع عليه ، والأخبار به كادت تكون متواترة كما في الذكرى وهو كذلك » .
    وقد جاءت أحاديثه مجموعةً في الوسائل (3) ، فراجع.
    ونقل المحدّث القمّي عن شيخنا العلاّمة المجلسي (قدس سره) تلقيناً جامعاً جاء فيه : « أنّه يُلقّن الميّت شهادة أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له وأنّ محمّداً (صلى الله عليه وآله) عبده ورسوله وسيّد النبيّين وخاتم المرسلين ، وأنّ عليّاً أمير المؤمنين وسيّد الوصيّين وإمام فَرَض الله طاعته على العالمين وأنّ الأئمّة من ولده أئمّة المؤمنين وحجج الله على الخلق أجمعين أئمّة هدىً أبرار .
    وأنّ الله ربّي ومحمّداً (صلى الله عليه وآله) نبيّي ، والإسلام ديني ، والقرآن كتابي ، والكعبة قبلتي ، وأمير المؤمنين وأولاده المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين أئمّتي وسادتي وقادتي وشفعائي بهم أتولّى ومن أعدائهم أتبرّأ في الدنيا والآخرة ..
(1) بحار الأنوار : (ج6 ص241 ب8 ح60) .
(2) جواهر الكلام : (ج4 ص305) .
(3) وسائل الشيعة : (ج2 ص842 ب20 الأحاديث) .



428
    وأنّ الله تعالى نعم الربّ ، وأنّ محمّداً نعم الرسول ، وأنّ عليّاً وأولاده المعصومين نعم الأئمّة ، وأنّ ما جاء به محمّد (صلى الله عليه وآله) حقّ ، والموت وسؤال منكر ونكير والبعث والنشور والصراط والميزان وتطاير الكتب والجنّة والنار حقّ ، وأنّ الساعة آتية لا ريب فيها ، وأنّ الله يبعث من في القبور » . فلاحظ المفاتيح (1) لمعرفة نصّ التلقين .
    ثمّ إنّ من أحداث القبر هي الضغطة وضمّة القبر التي أفادتها السنّة المتظافرة والأخبار المعتبرة واُفيد عليها الإجماع .
    والذي استُظهر من الأخبار الشريفة هو أنّ ضغطة القبر تكون في البدن الأصلي ، وأنّها ليست بعامّة للجميع بل ترتفع عن بعض المؤمنين كمن لُقّنَ مثلا ، أو مات في ليله الجمعة أو يوم الجمعة ، وأنّها تابعة للسؤال فمن لم يُسأل لم يُضغط .
    والدليل الروائي في ضغطة القبر كثيرة منها ما يلي :
    1 ـ قال أبو بصير : سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول :
    « إنّ رقيّة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) لمّا ماتت قام رسول الله (صلى الله عليه وآله) على قبرها ، فرفع يده تلقاء السماء ودمعت عيناه ، فقالوا له : يارسول الله ! إنّا قد رأيناك رفعت رأسك إلى السماء ودمعت عيناك ؟ فقال : إنّي سألت ربّي أن يهب لي رقيّة من ضمّة القبر » (2).
    2 ـ حديث ابن سنان ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال :
    « اُتي رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقيل له : إنّ سعد بن معاذ قد مات ، فقام رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقام أصحابه معه ، فأمر بغسل سعد وهو قائم على عضادة
(1) مفاتيح الجنان المعرّب : (ص848 طبع الأعلمي لبنان) .
(2) بحار الأنوار : (ج6 ص217 ب8 ح10) .



429
الباب ، فلمّا أن حنّط وكفّن وحمل على سريره تبعه رسول الله (صلى الله عليه وآله) بلا حذاء ولا رداء ، ثمّ كان يأخذ يمنة السرير مرّة ويسرة السرير مرّة حتّى انتهى به إلى القبر ، فنزل رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتّى لحّده وسوّى اللّبن عليه ، وجعل يقول : ناولوني حجراً ، ناولوني تراباً رَطباً ; يسدّ به ما بين اللّبن .
    فلمّا أن فرغ وحثا التراب عليه وسوّى قبره قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : إنّي لأعلم أنّه سيبلى ويصل البلى إليه (1) ، ولكنّ الله يحبّ عبداً إذا عمل عملا أحكمه ، فلمّا أن سوّى التربة عليه قالت اُمّ سعد : ياسعد ! هنيئاً لك الجنّة ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : يااُمّ سعد ! مه ! لا تجزمي على ربّك فإنّ سعداً قد أصابته ضمّة .
    قال : فرجع رسول الله (صلى الله عليه وآله) ورجع الناس فقالوا له : يارسول الله ! لقد رأيناك صنعت على سعد ما لم تصنعه على أحد ، إنّك تبعت جنازته بلا رداء ولا حذاء ؟ فقال (صلى الله عليه وآله) : إنّ الملائكة كانت بلا رداء ولا حذاء فتأسّيت بها ، قالوا : وكنت تأخذ يمنة السرير مرّةً ، ويسرة السرير مرّةً ؟ قال : كانت يدي في يد جبرئيل آخذ حيث يأخذ ، قالوا : أمرت بغسله وصلّيت على جنازته ولحّدته في قبره ثمّ قلت : إنّ سعداً قد أصابته ضمّة ! قال : فقال (صلى الله عليه وآله) : نعم ، إنّه كان في خُلُقه مع أهله
(1) قال في مجمع البحرين : (ص13) : بَلَى الميّت : أفنته الأرض ، وفي حديث الصادق (عليه السلام)وقد سئل عن الميّت يُبلى جسده ؟ قال : نعم حتّى لا يبقى له لحم ولا عظم إلاّ طينته التي خُلِق منها ، فإنّها لا تبلى بل تبقى في القبر مستديرة حتّى يخلق منها كما خلق منها أوّل مرّة » .


430
سوء » (1).
    3 ـ حديث السكوني ، عن الإمام الصادق ، عن آبائه (عليهم السلام) قال :
    « قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : ضغطة القبر للمؤمن كفّارة لما كان منه من تضييع النعم » (2).
    4 ـ حديث أبان بن تغلب ، عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال :
    « من مات ما بين زوال الشمس يوم الخميس إلى زوال الشمس من يوم الجمعة من المؤمنين أعاذه الله من ضغطة القبر » (3).
    5 ـ حديث بشير النبّال قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول :
    « خاطب رسول الله (صلى الله عليه وآله) قبر سعد فمسحه بيده واختُلج بين كتفيه (4)، فقيل له : يارسول الله ! رأيناك خاطبت واختُلج بين كتفيك وقلت : سعد يفعل به هذا ؟ فقال له : إنّه ليس من مؤمن إلاّ وله ضمّة » (5).
    6 ـ حديث أبي بصير قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) :
    « أيفلت من ضغطة القبر أحد ؟ قال : فقال : نعوذ بالله منها ، ما أقلّ من يفلت من ضغطة القبر ! إنّ رقيّة لمّا قتلها عثمان وقف رسول الله (صلى الله عليه وآله) على قبرها فرفع رأسه إلى السماء فدمعت عيناه وقال للناس : إنّي ذكرت هذه وما لقيت ، فرققت لها واستوهبتها من ضغطة القبر ، قال :
(1) بحار الأنوار : (ج6 ص220 ب8 ح14) .
(2) بحار الأنوار : (ج6 ص221 ب8 ح16) .
(3) بحار الأنوار : (ج6 ص221 ب8 ح17) .
(4) اختلاج العضو هو إضطرابه .
(5) بحار الأنوار : (ج6 ص221 ب8 ح19) .