451
    10 ـ حديث شريك ، يرفعه قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) :
    « إذا كان يوم القيامة جاءت فاطمة في لمّة من نسائها ، فيقال لها : ادخلي الجنّة .
    فتقول : لا أدخل حتّى أعلم ما صنع بولدي من بعدي .
    فيقال لها : انظري في قلب القيامة ، فتنظر إلى الحسين صلوات الله عليه قائماً ليس عليه رأس ، فتصرخ صرخة ، فأصرخ لصراخها ، وتصرخ الملائكة لصراخنا ، فيغضب الله عزّوجلّ لنا عند ذلك ، فيأمر ناراً يقال لها : هبهب قد اُوقد عليها ألف عام حتّى اسودّت ، لا يدخلها رَوح أبداً ، ولا يخرج منها غمّ أبداً ، فيقال : التقطي قتلة الحسين (عليه السلام) ، فتلتقطهم .
    فإذا صاروا في حوصلتها صهلت وصهلوا بها ، وشهقت وشهقوا بها ، وزفرت وزفروا بها ، فينطقون بألسنة ذلقة (1) طلقة : ياربّنا ! لِمَ أوجبت لنا النار قبل عبدة الأوثان ؟ فيأتيهم الجواب عن الله عزّوجلّ : إنّ من علم ليس كمن لم يعلم » (2).
    فالحشر حقّ في الجميع حتّى أنّه يكون في الحيوانات كما يستفاد ذلك من قوله تعالى : ( وَمَا مِنْ دَابَّة فِي الاَْرْضِ وَلاَ طَائِر يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْء ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ ) (3) فيُحشر جميع الحيوانات حتّى الوحوش وينتصف لها ولبعضها من بعض كما تلاحظ تفصيل بيانه وأحاديثه في
(1) الذلقة : الفصيحة .
(2) بحار الأنوار : (ج7 ص127 ب6 ح6) .
(3) سورة الأنعام : (الآية 38) .



452
تفسير الكنز (1) من ذلك :
    ما رواه عن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) أنّه أبصر ناقةً معقولة وعليها جهازها ، فقال : أين صاحبها ؟ [ مُروه ] فليستعد غداً للخصومة .
    وما رواه عن أبي ذرّ أنّه قال : بينا أنا عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا انتطحت عنزان .
    فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : أتدرون فيما إنتطحا ؟
    فقالوا : لا ندري .
    قال : ولكن الله يدري وسيقضي بينهما .
(1) تفسير كنز الدقائق : (ج4 ص323) .


453
(7) ـ الميزان

    إذا كان يوم القيامة وتحقّق الحشر في يوم الطامّة دُعي الناس للحساب ، فيتمّ وزن أعمالهم ويُبدأ بأمر حسابهم .
    والميزان في اللغة مفسّر بما يُوزن به الأشياء وتُعرف به مقاديرها ليتوصّل به إلى الإنصاف والإنتصاف كما أفاده في مرآة الأنوار (1).
    ولا خلاف بين المسلمين في حقّانيّة الميزان كما اُفيد في حقّ اليقين (2).
    وإعتقاد الإمامية أنّه حقّ كما في إعتقادات الشيخ الصدوق (3).
    وقد دلّ الكتاب الكريم على الميزان في آيات عديدة منها :
    قوله تعالى : ( وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّة مِنْ خَرْدَل أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ ) (4).
    كما دلّت السنّة المتظافرة عليه في روايات كثيرة يستفاد من مجموعها وجود أصل الميزان وحقّانيته وإن اختلف في معناه وكيفيّته فلاحظ :
    1 ـ ما روى هشام بن الحكم أنّه سأل الزنديق أبا عبدالله (عليه السلام) فقال :
(1) مرآة الأنوار : (ص221) .
(2) حقّ اليقين : (ج2 ص109) .
(3) إعتقادات الصدوق : (ص73) .
(4) سورة الأنبياء : (الآية 47) .



454
« أو ليس توزن الأعمال ؟
    قال : لا إنّ الأعمال ليست بأجسام ، وإنّما هي صفة ما عملوا ، وإنّما يحتاج إلى وزن الشيء من جهل عدد الأشياء ولا يعرف ثقلها وخفّتها ، وإنّ الله لا يخفى عليه شيء .
    قال : فما معنى الميزان ؟ قال : العدل ، قال : فما معناه في كتابه : ( فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ ) (1) ؟ قال : فمن رجّح عمله » (2). الخبر .
    2 ـ ما كتب الإمام الرضا (عليه السلام) للمأمون :
    « وتؤمن بعذاب القبر ومنكر ونكير والبعث بعد الموت والميزان والصراط » (3). الخبر .
    3 ـ حديث هشام بن سالم قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن قول الله عزّوجلّ : ( وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً ) (4) ؟
    قال :
    « هم الأنبياء والأوصياء (عليهم السلام) » (5).
    فالميزان أساساً حقّ يلزم الإعتقاد به ، وإن كان وقع الإختلاف في معناه وكيفيته كما تلاحظ بيانه في حقّ اليقين (6).
    لذلك أفاد العلاّمة المجلسي : « فنحن نؤمن بالميزان ، ونردّ علمه إلى حملة
(1) سورة الأعراف : (الآية 8) ، وسورة المؤمنون : (الآية 102) .
(2) بحار الأنوار : (ج7 ص248 ب10 ح3) .
(3) بحار الأنوار : (ج7 ص249 ب10 ح5) .
(4) سورة الأنبياء : (الآية 47) .
(5) بحار الأنوار : (ج7 ص249 ب10 ح6) .
(6) حقّ اليقين : (ج2 ص109) .



455
    القرآن ولا نتكلّف علم ما لم يوضّح لنا بصريح البيان ، والله الموفّق وعليه التكلان » (1).
    ولعلّ من الصحيح أن نقول في مقام الجمع بتعدّد الموازين : فكلّ ما يوزن به العمل ، ويُقدّر به الفعل ، ويُميّز به الحقّ عن الباطل والمقبول عن المردود ، ويكون محكّاً للعمل يكون ميزاناً ..
    ومن الموازين نفس أمير المؤمنين (عليه السلام) كما تلاحظه في التسليم عليه بميزان الأعمال في زيارته المطلقة الرابعة المرويّة عن الإمام الباقر (عليه السلام) (2).
    بل جميع الأئمّة المعصومين (عليهم السلام) موازين لأعمال العباد كما في بعض الأخبار (3).
    وكذلك الأنبياء وأوصياؤهم كما في حديث هشام بن سالم المتقدّم .
    بل قد يكون نفس عمل كالصلاة ميزاناً من حيث كونها إن قُبلت قُبل ما سواها من الأعمال وإن رُدّت رُدّ ما سواها كما يستفاد ذلك من بعض الأحاديث الشريفة (4).
(1) بحار الأنوار : (ج7 ص253) .
(2) مستدرك الوسائل : (ج10 ص222) .
(3) مرآة الأنوار : (ص221) .
(4) وسائل الشيعة : (ج3 ص22 ب8 ح10) .



456
(8) ـ محاسبة العباد

    الحساب هي المقابلة بين الأعمال والجزاء عليها ، والموافقة للعبد على ما فرّط منه ، والتوبيخ له على سيّئاته ، والحمد له على حسناته ، ومعاملته في ذلك باستحقاقه ، كما أفاده الشيخ المفيد (1).
    وهو من عقائدنا الحقّة كما أفاده الشيخ الصدوق (2).
    وقد جاء بحقّانيّته وثبوته دليل الكتاب والسنّة القطعيّة :
    فمن الكتاب آيات كثيرة منها :
    1 ـ قوله تعالى : ( وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْس مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ ) (3).
    2 ـ قوله تعالى : ( وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْء قَدِيرٌ ) (4).
(1) تصحيح الإعتقادات الإمامية : (ص114) .
(2) إعتقادات الصدوق : (ص73) .
(3) سورة البقرة : (الآية 281) .
(4) سورة البقرة : (الآية 284) .



457
    3 ـ قوله تعالى : ( إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ ) (1).
    ومن السنّة الشريفة :
    الأحاديث المتواترة الواردة في البحار بما يبلغ إحدى وخمسين حديثاً منها :
    1 ـ حديث رقيّة بنت إسحاق بن الإمام موسى بن جعفر ، عن أبيها ، عن آبائه (عليهم السلام) قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) :
    « لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتّى يسأل عن أربع : عن عمره فيما أفناه ؟ وشبابه فيما أبلاه ؟ وعن ماله من أين كسبه وفيما أنفقه ؟ وعن حبّنا أهل البيت » (2).
    2 ـ حديث عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال :
    « إذا كان يوم القيامة وكّلنا الله بحساب شيعتنا ، فما كان لله سألنا الله أن يهبه لنا فهو لهم ، وما كان لنا فهو لهم ، ثمّ قرأ أبو عبدالله (عليه السلام) : ( إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ ) (3) » (4).
    3 ـ حديث أبي شعيب الحدّاد ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) :
    « أنا أوّل قادم على الله ، ثمّ يقدم عليَّ كتاب الله ثمّ يقدم عليَّ أهل بيتي ،
(1) سورة الغاشية : (الآيتان 25 و26) .
(2) بحار الأنوار : (ج7 ص258 ب11 ح1) .
(3) سورة الغاشية : (الآيتان 25 و26) .
(4) بحار الأنوار : (ج7 ص264 ب11 ح19) .



458
    ثمّ يقدم عليَّ اُمّتي ، فيقفون فيسألهم : ما فعلتم في كتابي وأهل بيت نبيّكم ؟ » (1).
    4 ـ حديث الحسن بن هارون ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) في قول الله : ( إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولا ) (2).
    قال :
    « يُسأل السمع عمّا يسمع ، والبصر عمّا يطرف ، والفؤاد عمّا عقد عليه » (3).
    5 ـ حديث ابن يزيد رفعه ، عن أحدهما [ أي الإمام الباقر والإمام الصادق ] (عليهما السلام) قال :
    « يؤتى يوم القيامة بصاحب الدَّين يشكو الوحشة ، فإن كانت له حسنات اُخذ منه لصاحب الدَّين ، وقال : وإن لم تكن له حسنات اُلقي عليه من سيّئات صاحب الدَّين » (4).
    رزقنا الله الخلاص من أهوال الحساب ببركة النبي والأئمّة الأطياب من حيث ولايتهم ومحبّتهم وزيارتهم وتلاوة وحيهم ، وبمثوبة قضاء حوائج المؤمنين كما ورد .
    وتلاحظ أحاديث الخصال التي توجب التخلّص من شدائد القيامة وأهوالها المذكورة منها ما يلي بيانه :
(1) بحار الأنوار : (ج7 ص265 ب11 ح22) .
(2) سورة الإسراء : (الآية 36) .
(3) بحار الأنوار : (ج7 ص267 ب11 ح30) .
(4) بحار الأنوار : (ج7 ص274 ب11 ح46) .



459
    1 ـ حديث أيّوب بن نوح قال : سمعت أبا جعفر [ الجواد ] (عليه السلام) يقول :
    « من زار قبر أبي بطوس غفر الله له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر ، فإذا كان يوم القيامة نصب له منبر بحذاء منبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتّى يفرغ الله تعالى من حساب عباده » (1).
    2 ـ حديث سليمان بن حفص المروزي ، عن الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام)قال :
    « إذا كان يوم القيامة كان على عرش الله جلّ جلاله أربعة من الأوّلين وأربعة من الآخرين ، فأمّا الأوّلون فنوح ، وإبراهيم ، وموسى ، وعيسى ، وأمّا الأربعة الآخرون فمحمّد ، وعلي ، والحسن ، والحسين ، ثمّ يمدّ المطمر (2) فيقعد معنا زوّار قبور الأئمّة ، ألا إنّ أعلاها درجة وأقربهم حبوة زوّار ولدي علي » (3).
    3 ـ حديث الشيخ الصدوق ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال :
    « من قرأ سورة الأعراف في كلّ شهر كان يوم القيامة من الآمنين الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ، فإن قرأها في كلّ جمعة كان ممّن لا يحاسب يوم القيامة ، أما إنّ فيها محكماً فلا تَدَعوا قراءتها فإنّها تشهد يوم القيامة لمن قرأها » (4).
    4 ـ عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) :
(1) بحار الأنوار : (ج7 ص291 و292 ب15 ح3) .
(2) المِطمَر : هو الخيط الذي يقدّر به البناء ويُعرف به إستقامته .
(3) بحار الأنوار : (ج7 ص292 ب15 ح4) .
(4) بحار الأنوار : (ج7 ص293 ب15 ح6) .



460
    « من قرأ سورة هود في كلّ جمعة بعثه الله يوم القيامة في زمرة النبيّين ، ولم تعرف له خطيئة عملها يوم القيامة » (1).
(1) بحار الأنوار : (ج7 ص293 ب15 ح8) .