كتاب الغدير ـ الجزء الأول ::: 181 ـ 190
(181)
عميرة بن سعد قال : شهدت عليا على المنبر ناشدا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيهم : أبو سعيد وأبو هريرة وأنس بن مالك وهم حول المنبر وعلي على المنبر وحول المنبر اثنى عشر رجلا هؤلاء منهم فقال علي : نشدتكم بالله هل سمعتم رسول الله يقول : من كنت مولاه فعلي مولاه ؟ فقاموا كلهم فقالوا : أللهم نعم. وقعد رجل. فقال : ما منعك أن تقوم ؟ قال : يا أمير المؤمنين ؟ كبرت ونسيت فقال : أللهم إن كان كاذبا فاضربه ببلاء حسن (1) قال : فما مات حتى رأينا بين عينيه نكتة بيضاء لا تواريها العمامة. غريب من حديث طلحة تفرد به مسعر عنه مطولا ، ورواه ابن عايشة عن إسماعيل مثله ، ورواه الأجلح (2) و هاني (3) بن أيوب عن طلحة مختصرا.
    وروى النسائي في خصايصه ص 16 عن محمد بن يحيى بن عبد الله النيسابوري ، و وأحمد بن عثمان بن حكيم عن عبيد الله بن موسى عن هاني بن أيوب عن طلحة عن عميرة بن سعد إنه سمع عليا رضي الله عنه وهو ينشد في الرحبة من سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من كنت مولاه فعلي مولاه ؟ فقام ستة نفر فشهدوا.
    وروى أبو الحسن ابن المغازلي في مناقبه قال : حدثني أبو القاسم الفضل بن محمد بن عبد الله الاصفهاني قدم علينا بواسط إملاء من كتابه لعشر بقين من شهر رمضان سنة أربع وثلاثين وأربع مائة قال : حدثني محمد بن علي بن عمر بن المهدي قال : حدثني سليمان ابن أحمد بن أيوب الطبراني قال : حدثني أحمد بن إبراهيم بن كيسان الثقفي الاصفهاني قال : حدثني إسماعيل بن عمر البجلي قال : حدثني مسعر بن كدام عن طلحة بن مصرف عن عميرة بن سعد قال : شهدت عليا على المنبر ناشدا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم غدير خم يقول ما قال فليشهد ؟ فقام اثنى عشر رجلا منهم : أبو سعيد الخدري وأبو هريرة
1 ـ لفظة : حسن. من زياداة الرواة أو النساخ فإن ما أصاب الرجل وهو أنس بمعونة بقية الأحاديث من العمى أو البرص كانت نقمة عليه من جراء دعواه الكاذبة من النسيان المسبب من الكبر لا بلاء حسنا كيف وقد أريد به الفضيحة وكان هو يلهج بذلك.
2 ـ يقال اسمه يحيى بن عبد الله بن ( حجية ) بالتصغير الكوفي المكنى بأبي حجية توفي 140 / 145 وثقه ابن معين والعجلي وقال ابن عدي : يعد في الشيعة مستقيم الحديث. وقال ابن حجر : صدوق شيعي.
3 ـ قال ابن كثير في تاريخه 5 ص 211 : ثقة.


(182)
وأنس بن مالك (1) فشهدوا أنهم سمعوا من رسول الله يقول : من كنت مولاه فعلي مولاه ، أللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه.
    ورواه ابن كثير في تاريخه 5 ص 211 من طريق إسماعيل بن عمر البجلي عن مسعر عن طلحة عن عميرة ، ومن طريق عبيد الله بن موسى عن هاني بن أيوب عن طلحة عن عميرة ، وفي ج 7 ص 347 من طريق الطبراني المذكور ، ورواه السيوطي في جمع الجوامع كما في كنز العمال 6 ص 403 من طريق الطبراني في الأوسط بلفظيه وفي أحدهما فقام ثمانية عشر رجلا فشهدوا ، وفي الثاني اثنا عشر رجلا ، والشيخ إبراهيم الوصابي في كتاب الاكتفاء نقلا عن المعجم الأوسط للطبراني بلفظيه.
    فائدة : أخرج الحافظ الهيثمي في مجمع الزوايد 9 ص 108 من طريق الطبراني في الأوسط والصغير عن عميرة بنت سعد حديث المناشدة بلفظ عميرة بن سعد المذكور عن ابن المغازلي ، ثم جاء بعض المتأخرين وذكر الحديث عن عميرة بنت سعد وترجمها وعرفها بما مر ص 69 وقد خفي عليه أنه تصحيف وأنه هو الحديث الذي نقله الحفاظ من طريق الطبراني عن عميرة بن سعد.
    16 ـ يعلى بن مرة بن وهب الثقفي الصحابي ، روى ابن الأثير في أسد الغابة ج 5 ص 6 من طريق أبي نعيم وأبي موسى المديني بإسنادهما إلى أبي العباس ابن عقدة عن عبد الله بن إبراهيم بن قتيبة عن الحسن بن زياد عن عمرو بن سعيد البصري عن عمرو بن عبد الله بن يعلى بن مرة عن أبيه عن جده يعلى قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من كنت مولاه فعلي مولاه ، أللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه. فلما قدم علي عليه السلام الكوفة نشد الناس ، فانتشد له بضعة عشر رجلا فيهم : أبو أيوب صاحب منزل رسول صلى الله عليه وسلم وناجية بن عمرو الخزاعي. ورواه ابن حجر عن كتاب الموالاة لابن عقدة في الإصابة 3 ص 542.
    وفي أسد الغابة 2 ص 233 من طريق الحافظ ابن عقدة وأبي موسى المديني
1 ـ إن أنسا كان ممن حول المنبر لا من شهود الحديث كما مر في هذه الرواية بلفظ أبي نعيم في الحلية وكذلك في بقية الأحاديث وهو الذي أصابته دعوة الإمام عليه السلام ، ففي هذا المتن تحريف واضح.

(183)
بالإسناد واللفظ المذكورين غير أن فيه : فانتشد له بضعة عشر رجلا منهم : يزيد أو زيد بن شراحيل الأنصاري. ورواه عنه حرفيا ابن حجر في الإصابة 1 ص 567 نقلا عن كتاب الموالاة لابن عقدة. ورواه ابن الأثير في أسد الغابة 3 ص 93 بالإسناد و باللفظ المذكور بيد أن فيه : فانتشد له بضعة عشر رجلا فيهم عامر بن ليلى الغفاري.
    17 ـ هاني بن هاني الهمداني الكوفي التابعي ، روى ابن الأثير في أسد الغابة 3 ص 331 من طريق ابن عقدة وأبي موسى عن أبي غيلان عن أبي إسحاق عن عمرو ذي مر ، وزيد بن يثيع ، وسعيد بن وهب ، وهاني بن هاني بلفظ مر ص 173 ، وسمعت هناك تحريف ابن حجر في إصابته الحديث.
    18 ـ حارثة بن نصر التابعي ، أخرج النسائي في الخصايص ص 40 قال : أخبرنا يوسف بن عيسى قال : أخبرنا الفضل بن موسى قال : حدثنا الأعمش عن أبي إسحاق عن سعيد بن وهب قال. قال علي رضي الله عنه في الرحبة : انشد بالله من سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم غدير خم يقول : الله وليي وأنا ولي المؤمنين ، ومن كنت وليه فهذا وليه ، أللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ؟ فقال سعيد : قام إلى جنبي ستة. وقال حارثة بن نصر : قام ستة. وقال زيد بن يثيع : قام عندي ستة. وقال عمرو ذي ذي مر : أحب من أحبه. وأبغض من أبغضه.
    قال ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة 1 ص 209 : روى عثمان بن سعيد عن شريك بن عبد الله ( القاضي المتوفى 177 ) قال : لما بلغ عليا عليه السلام إن الناس يتهمونه فيما يذكره من تقديم النبي له وتفضيله على الناس قال : انشد الله من بقي ممن لقي رسول الله وسمع مقاله في يوم غدير خم إلا قام فشهد بما سمع ؟ فقام ستة ممن عن يمينه من أصحاب رسول الله ، وستة ممن على شماله من الصحابة أيضا ، فشهدوا أنهم سمعوا رسول الله يقول ذلك اليوم وهو رافع بيدي علي عليه السلام : من كنت مولاه فعلي مولاه ، أللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله ، وأحب من أحبه ، وأبغض من أبغضه.
    وقال برهان الدين الحلبي في سيرته 3 ص 302 : قد جاء أن عليا كرم الله وجهه قام خطيبا فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : انشد الله من ينشد يوم غدير خم إلا قام ؟ ولا يقوم


(184)
رجل يقول. أنبئت أو بلغني ، إلا رجل سمعت أذناه ووعى قلبه. فقام سبعة عشر صحابيا ، وفي رواية ثلثون صحابيا ، وفي المعجم الكبير ستة عشر ، وفي رواية اثنا عشر ، فقال : هاتوا ما سمعتم. فذكروا الحديث ومن جملته : من كنت مولاه فعلي مولاه ، وفي رواية : فهذا مولاه. وعن زيد بن أرقم رضي الله عنه : وكنت ممن كتم فذهب الله ببصري ، و كان علي كرم الله وجهه دعا على من كتم. وهناك جمع آخرون من متأخري المحدثين رووا هذه المناشدة نضرب عن ذكرهم صفحا ونقتصر على ما ذكر.

أعلام الشهود لأمير المؤمنين
عليه السلام يوم الرحبة بحديث الغدير
    1 ـ أبو زينب بن عوف الأنصاري.
    2 ـ أبو عمرة بن عمرو بن محصن الأنصاري.
    3 ـ أبو فضالة الأنصاري استشهد بصفين مع أمير المؤمنين بدري.
    4 ـ أبو قدامة الأنصاري الشهيد بصفين مع أمير المؤمنين عليه السلام.
    5 ـ أبو ليلى الأنصاري يقال : استشهد بصفين (1).
    6 ـ أبو هريرة الدوسي المتوفى 57 / 8 / 9.
    7 ـ أبو الهيثم ابن التيهان الشهيد بصفين بدري.
    8 ـ ثابت بن وديعة الأنصاري الخزرجي المدني.
    9 ـ حبشي بن جنادة السلولي شهد مع علي مشاهده.
    10 ـ أبو أيوب خالد الأنصاري المستشهد غازيا بالروم 50 / 1 / 2 بدري.
    11 ـ خزيمة بن ثابت الأنصاري ذو الشهادتين الشهيد بصفين بدري.
    12 ـ أبو شريح خويلد بن عمرو الخزاعي المتوفى 68.
    13 ـ زيد. أو : يزيد بن شراحيل الأنصاري.
    14 ـ سهل بن حنيف الأنصاري الأوسي المتوفى 38 بدري.
    15 ـ أبو سعيد سعد بن مالك الخدري الأنصاري المتوفى 63 / 4 / 5.
1 ـ في بعض الألفاظ : أبو يعلى الأنصاري وهو شداد بن أوس المتوفى 58.

(185)
    16 ـ أبو العباس سهل بن سعد الأنصاري المتوفى 91.
    17 ـ عامر بن ليلى الغفاري.
    18 ـ عبد الرحمن بن عبد رب الأنصاري.
    19 ـ عبد الله بن ثابت الأنصاري خادم رسول الله صلى الله عليه وآله.
    20 ـ عبيد بن عازب الأنصاري من العشرة الدعاة إلى الاسلام (1).
    21 ـ أبو طريف عدي بن حاتم المتوفى 68 عن 100 عاما.
    22 ـ عقبة بن عامر الجهني المتوفى قرب ال‍ 60 كان ممن يمت بمعاوية.
    23 ـ ناجية بن عمرو الخزاعي.
    24 ـ نعمان بن عجلان الأنصاري لسان الأنصار وشاعرهم.
    هذا ما أوقفنا السير عليه من أعلام الشهود لأمير المؤمنين عليه السلام بحديث الغدير يوم مناشدة الرحبة حسب ما مرت من الأحاديث المتقدمة ، وقد نص الإمام أحمد في حديث مر ص 174 على أن عدة الشهود في ذلك اليوم كانت ثلاثين ، وأخرجه الحافظ الهيثمي في مجمعه كما مر وصححه ، وتجده في تذكرة سبط ابن الجوزي ص 17 ، وتاريخ الخلفاء للسيوطي ص 65 ، والسيرة الحلبية 3 ص 302 ، وفي لفظ أبي نعيم فضل بن دكين : فقام ناس كثير فشهدوا كما مر ص 174.
    ( لفت نظر )
    وأنت جد عليم بأن تاريخ هذه المناشدة وهو السنة ال‍ 35 ، الهجرية كان يبعد عن وقت صدور الحديث بما يربو على خمسة وعشرين عاما ، وفي خلال هذه المدة كان كثير من الصحابة الحضور يوم الغدير قد قضوا نحبهم ، وآخرون قتلوا في المغازي ، وكثيرون منهم مبثوثين في البلاد ، وكانت الكوفة بمنتئ عن مجتمع الصحابة المدينة المنورة ولم يك فيها إلا شراذم منهم تبعوا الحق فهاجروا إليها في العهد العلوي ، وكانت هذه القصة من ولائد الاتفاق من غير أية سابقة لها حتى تقصدها القاصدون فتكثر الشهود ، وتتوفر الرواة ، وكان في الحاضرين من يخفي شهادته حنقا أو سفها كما مرت الإشارة إليه في غير واحد من الأحاديث وسيمر عليك التفصيل ، وقد بلغ
1 ـ الذين وجههم عمر إلى الكوفة مع عمار بن ياسر.

(186)
من رواه والحال هذه هذا العدد الجم فكيف به ؟ لو تزاح عنه تلكم الحواجز ، فبذلك كله تعلم مقدار شهرة الحديث وتواتره في هاتيك العصور المتقادمة.
    وأما اختلاف عدد الشهود في الأحاديث فيحمل على أن كلا من الرواة ذكر من عرفه أو التفت إليه ، أو من كان إلى جنبه ، أو أنه ذكر من كان في جانبي المنبر ، أو في أحدهما ولم يتلفت إلى غيرهم ، أو أنه ذكر من كان بدريا ، أو أراد من كان من الأنصار ، أو أنه لما علت عقيرة القوم بالشهادة وشخصت الأبصار والأسماع للتلقي و وقعت اللجبة كما هو طبع الحال في أمثاله من المجتمعات ذهل بعض عن بعض ، وآخر عن آخرين ، فنقل كل من يضبطه من الرجال.

4 ـ مناشدة أمير المؤمنين عليه السلام
يوم الجمل سنة 36 على طلحة
    أخرج الحافظ الكبير أبو عبد الله الحاكم في المستدرك 3 ص 371 عن الوليد وأبي بكر بن قريش قالا : ثنا الحسن بن سفيان : ثنا محمد بن عبدة : ثنا الحسن بن الحسين (1) ثنا رفاعة بن إياس الضبي عن أبيه عن جده (2) قال : كنا مع علي يوم الجمل فبعث إلى طلحة بن عبيد الله أن القني فأتاه طلحة فقال : نشدتك الله هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من كنت مولاه فعلي مولاه ، أللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ؟ قال : نعم. قال : فلم تقاتلني ؟ قال : لم أذكر. قال : فانصرف طلحة.
    ورواه المسعودي في مروج الذهب 2 ص 11 ولفظه : ثم نادى علي رضي الله عنه طلحة حين رجع الزبير يا أبا محمد ما الذي أخرجك ؟ قال : الطلب بدم عثمان. قال علي : قتل الله أولانا بدم عثمان ، أما سمعت رسول الله يقول : أللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ؟ وأنت أول من بايعني ثم نكثت وقد قال الله عز وجل : ومن نكث فإنما ينكث على نفسه. فقال : أستغفر الله ، ثم رجع.
1 ـ كذا في النسخ والصحيح بمكان رفاعة : حسين بن حسن الأشقر المترجم ص 83.
2 ـ هو نذير ( بالتصغير ) الضبي الكوفي من كبار التابعين ، وحفيد رفاعة المذكور ثقة كما في التقريب توفي بعد 180.


(187)
    ورواه الخطيب الخوارزمي الحنفي في المناقب ص 112 بإسناده من طريق الحافظ أبي عبد الله الحاكم عن رفاعة عن أبيه عن جده قال : كنا مع علي يوم الجمل فبعث إلى طلحة بن عبيد الله التميمي فأتاه فقال : أنشدتك الله هل سمعت رسول الله يقول : من كنت مولاه فعلي مولاه ، أللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، واخذل من خذله ، وانصر من نصره ؟ قال : نعم. قال : فلم تقاتلني ؟ قال : نسيت ولم أذكر. قال : فانصرف طلحة ولم يرد جوابا.
    ورواه الحافظ الكبير ابن عساكر في تاريخ الشام 7 ص 83 ، وسبط ابن الجوزي في تذكرته ص 42 ، والحافظ أبو بكر الهيثمي في مجمع الزوائد 9 ص 107 من طريق البزار ، وابن حجر في تهذيبه 1 ص 391 بإسناده من طريق النسائي ، والسيوطي في جمع الجوامع كما في كنز العمال 6 ص 83 قريبا من لفظ الخوارزمي من طريق ابن عساكر ، وأبو عبد الله محمد بن محمد بن يوسف السنوسي في شرح مسلم 6 ص 236 ، و أبو عبد الله محمد بن خليفة الوشتاني المالكي في شرح مسلم 6 ص 236 ، والشيخ إبراهيم الوصابي في الاكتفاء من طريق ابن عساكر.

5 ـ حديث الركبان
في الكوفة سنة 36 ـ 37 ه‍
    أخرج إمام الحنابلة أحمد بن حنبل عن يحيي بن آدم عن حنش بن الحارث بن لقيط النخعي الأشجعي عن رياح ( بالمثناة ) بن الحارث (1) قال : جاء رهط إلى علي بالرحبة فقالوا : السلام عليك يا مولانا ؟ قال : وكيف أكون مولاكم وأنتم عرب ؟ قالوا : سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم غدير خم : من كنت مولاه فعلي مولاه. قال رياح : فلما مضوا تبعتهم فسألت من هؤلاء ؟ قالوا : نفر من الأنصار فيهم : أبو أيوب الأنصاري.
    وبإسناده عن رياح قال : رأيت قوما من الأنصار قدموا على علي في الرحبة فقال :
1 ـ رجال الحديث من طريق أحمد وابن أبي شيبة والهيثمي وابن ديزيل كلهم ثقات كما مرت تراجمهم في التابعين وطبقات العلماء.

(188)
من القوم ؟ فقالوا : مواليك يا أمير المؤمنين ؟ الحديث. وعنه قال : بينما علي جالس إذ جاء رجل فدخل ، عليه أثر السفر فقال : السلام عليك يا مولاي ؟ قال : من هذا ؟ قال : أبو أيوب الأنصاري. فقال علي : أفرجوا له ففرجوا فقال أبو أيوب : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من كنت مولاه فعلي مولاه.
    وقال إبراهيم بن الحسين (1) بن علي الكسائي المعروف بابن ديزيل ( المترجم ص 97 ) في كتاب صفين (2) حدثنا يحيى بن سليمان ( الجعفي ) قال : حدثنا ابن فضيل ( محمد الكوفي ) قال : حدثنا الحسن بن الحكم النخعي عن رياح بن الحارث النخعي قال : كنت جالسا عند علي عليه السلام إذ قدم عليه قوم متلثمون فقالوا : السلام عليك يا مولانا ؟ فقال لهم : أو لستم قوما عربا ؟ قالوا : بلى. ولكنا : سمعنا رسول الله صلى الله عليه وآله يقوم يوم غدير خم : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله. فقال : لقد رأيت عليا عليه السلام ضحك حتى بدت نواجذه ثم قال : اشهدوا. ثم إن القوم مضوا إلى رحالهم فتبعتهم فقلت لرجل منهم : من القوم ؟ قالوا : نحن رهط من الأنصار ، وذلك يعنون رجلا منهم : أبو أيوب صاحب منزل رسول الله صلى الله عليه وآله. قال : فأتيته وصافحته.
    وروى الحافظ أبو بكر ابن مردويه ( كما في كشف الغمة ص 93 ) عن رياح بن الحارث قال. كنت في الرحبة مع أمير المؤمنين إذ أقبل ركب يسير حتى أناخوا بالرحبة ثم أقبلوا يمشون حتى أتوا عليا عليه السلام فقالوا : السلام عليك يا أمير المؤمنين ؟ و رحمة الله وبركاته ، قال : من القوم ؟ قالوا : مواليك يا أمير المؤمنين ؟ قال : فنظرت إليه وهو يضحك ويقول : من أين وأنتم قوم عرب ؟ قالوا : سمعنا رسول الله يقول يوم غدير خم وهو آخذ بعضدك : أيها الناس ؟ ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟ قلنا : بلى يا رسول الله. فقال ، إن الله مولاي وأنا مولى المؤمنين ، وعلي مولى من كنت مولاه ، أللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه. فقال : أنتم تقولون ذلك ؟ قالوا : نعم. قال : وتشهدون
1 ـ في النسخ. الحسن وهو تصحيف.
2 ـ كما في شرح نهج البلاغة 1 ص 289 ، قال ابن كثير في تاريخه 11 ص 71 : كتاب ابن ديزيل في وقعة صفين مجلد كبير.


(189)
عليه ؟ قالوا : نعم. قال : صدقتم. فانطلق القوم وتبعتهم فقلت لرجل منهم : من أنتم يا عبد الله ؟ قالوا : نحن رهط من الأنصار وهذا أبو أيوب صاحب منزل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذت بيده فسلمت عليه وصافحته.
    وروى عن حبيب بن يسار عن أبي رميلة إن ركبا أربعة أتوا عليا عليه السلام حتى أناخوا بالرحبة ثم أقبلوا إليه فقالوا : السلام عليك يا أمير المؤمنين ؟ ورحمة الله و بركاته. قال : وعليكم السلام أنى أقبل الركب ؟ قالوا : أقبل مواليك من أرض كذا وكذا. قال أنى أنتم موالي ؟ قالوا سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم غدير خم يقول : من كنت مولاه فعلي مولاه ، أللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه.
    وروى ابن الأثير في أسد الغابة 1 ص 368 عن كتاب الموالاة لابن عقدة بإسناده عن أبي مريم زر بن حبيش قال : خرج علي من القصر فاستقبله ركبان متقلدي السيوف فقالوا : السلام عليك يا أمير المؤمنين ؟ السلام عليك يا مولانا ؟ ورحمة الله وبركاته فقال علي عليه السلام : من ههنا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ؟ فقام اثنى عشر منهم : قيس بن ثابت بن شماس ، وهاشم بن عتبة ، وحبيب بن بديل بن ورقاء ، فشهدوا أنهم سمعوا النبي صلى الله عليه وسلم يقول : من كنت مولاه فعلي مولاه. وأخرجه أبو موسى المديني.
    ورواه عن كتاب الموالاة لابن عقدة ابن حجر في الإصابة 1 ص 305 وأسقط صدره إلى قوله : فقال علي ولم يذكر من الشهود هاشم بن عتبة ، جريا على عادته بتنقيص فضايل آل الله.
    وروى محب الدين الطبري في الرياض النضرة 2 ص 169 من طريق أحمد بلفظه الأول ، وعن معجم الحافظ البغوي أبي القاسم بلفظ أحمد الثاني ، وابن كثير في تاريخه 5 ص 212 عن أحمد بطريقيه ولفظيه الأولين ، وفي ج 7 ص 347 عن أحمد بلفظه الأول ، وقال في ص 348 : قال أبو بكر بن أبي شيبة : ثنا شريك عن حنش عن رياح بن الحارث قال : بينا نحن جلوس في الرحبة مع علي إذ جاء رجل عليه أثر السفر فقال : السلام عليك يا مولاي ؟ قالوا : من هذا ؟ فقال أبو أيوب : سمعت رسول الله يقول : من كنت مولاه فعلي مولاه.
    ورواه الحافظ الهيثمي في مجمع الزوايد 9 ص 104 بلفظ أحمد الأول ثم قال :


(190)
رواه أحمد والطبراني إلا أنه قال : قالوا : سمعنا رسول صلى الله عليه وسلم يقول : من كنت مولاه فعلي مولاه ، أللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وهذا أبو أيوب بيننا. فحسر أبو أيوب العمامة عن وجهه ثم قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من كنت مولاه فعلي مولاه ، أللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه. ورجال أحمد ثقات.
    وقال جمال الدين عطاء الله بن فضل الله الشيرازي في كتابه : ( الأربعين في مناقب أمير المؤمنين ) عند ذكر حديث الغدير : ورواه زر بن حبيش فقال : خرج علي بن القصر فاستقبله ركبان متقلدي السيوف عليهم العمايم حديثي عهد بسفر فقالوا : السلام عليك يا أمير المؤمنين ؟ ورحمة الله وبركاته ، السلام عليك يا مولانا ؟ فقال علي بعد ما رد السلام : من ههنا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقام اثنا عشر رجلا منهم خالد بن زيد أبو أيوب الأنصاري ، وخزيمة بن ثابت ذو الشهادتين ، وقيس بن ثابت بن شماس ، وعمار بن ياسر ، وأبو الهيثم بن التيهان ، وهاشم بن عتبة بن أبي وقاص ، و حبيب بن بديل بن ورقاء فشهدوا أنهم سمعوا رسول الله يوم غدير خم يقول : من كنت مولاه فعلي مولاه. الحديث. فقال علي لأنس بن مالك والبراء بن عازب : ما منعكما أن تقوما فتشهدا فقد سمعتما كما سمع القوم ؟ فقال : أللهم إن كانا كتماها معاندة فأبلهما. فأما البراء فعمي فكان يسأل عن منزله فيقول : كيف يرشد من أدركته الدعوة ؟ وأما أنس فقد برصت قدماه. وقيل : لما استشهد علي عليه السلام قول النبي صلى الله عليه وسلم : من كنت مولاه فعلي مولاه ؟ اعتذر بالنسيان. فقال : أللهم إن كان كاذبا فاضربه ببياض لا تواريه العمامة. فبرص وجهه فسدل بعد ذلك برقعا على وجهه. ع 1 ص 211 و ج 2 ص 137.
    وقال أبو عمرو الكشي في فهرسته ص 30 : فيما روي من جهة العامة ، روى عبد الله بن إبراهيم قال : أخبرنا أبو مريم الأنصاري عن المنهال بن عمرو عن زر بن حبيش قال : خرج علي بن أبي طالب عليه السلام من القصر فاستقبله ركبان متقلدون بالسيوف عليهم العمايم فقالوا : السلام عليك يا أمير المؤمنين ؟ ورحمة الله وبركاته ، السلام عليك يا مولانا ؟ فقال علي : من ههنا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ فقام خالد بن زيد أبو أيوب ، وخزيمة بن ثابت ذو الشهادتين ، وقيس بن سعد بن عبادة ، وعبد الله بن بديل بن ورقاء ، فشهدوا جميعا أنهم سمعوا رسول الله صلى الله عليه وآله يقول يوم غدير خم : من كنت
كتاب الغدير ـ الجزء الأول ::: فهرس