كتاب الغدير ـ الجزء الأول ::: 191 ـ 200
(191)
مولاه فعلي مولاه. فقال علي عليه السلام لأنس بن مالك والبراء بن عازب : ما منعكما أن تقوما فتشهدا فقد سمعتما كما سمع القوم ؟ ثم قال : اللهم إن كانا كتماها معاندة فابتلهما. فعمي البراء بن عازب وبرص قدما أنس بن مالك ، فحلف أنس بن مالك أن لا يكتم منقبة لعلي بن أبي طالب ولا فضلا أبدا ، أما البراء بن عازب فكان يسأل عن منزله فيقال : هو في موضع كذا وكذا. فيقول : كيف يرشد من أصابته الدعوة ؟.
    وهناك غير واحد من محدثي المتأخرين ذكروا هذه الإثارة لا نطيل بذكرهم المقال.

( أعلام الشهود لأمير المؤمنين عليه السلام )
بحديث الغدير يوم الركبان حسب ما مر من الأحاديث
    1 ـ أبو الهيثم بن التيهان بدري.
    2 ـ أبو أيوب خالد بن زيد الأنصاري.
    3 ـ حبيب بن بديل بن ورقاء الخزاعي.
    4 ـ خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين الشهيد بصفين بدري.
    5 ـ عبد الله بن بديل بن ورقاء الشهيد بصفين.
    6 ـ عمار بن ياسر قتيل الفئة الباغية بصفين بدري.
    7 ـ قيس بن ثابت بن شماس الأنصاري.
    8 ـ قيس بن سعد بن عبادة الخزرجي بدري.
    9 ـ هاشم المرقال بن عتبة صاحب راية علي والشهيد بصفين.

( من أصابته الدعوة )
بإخفاء حديث الغدير
    قد مر الايعاز في غير واحد من أحاديث المناشدة يومي الرحبة والركبان إلى أن قوما من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله الحضور في يوم غدير خم قد كتموا شهادتهم لأمير المؤمنين عليه السلام بالحديث فدعا عليهم فأخذتهم الدعوة ، كما وقع النص بذلك في غير واحد من المعاجم ، والقوم هم :


(192)
    1 ـ أبو حمزة أنس بن مالك المتوفى 90 / 1 / 3.
    2 ـ براء بن عازب الأنصاري المتوفى 71 / 2.
    3 ـ جرير بن عبد الله البجلي المتوفى 51 / 54.
    4 ـ زيد بن أرقم الخزرجي 66 / 8.
    5 ـ عبد الرحمن بن مدلج.
    6 ـ يزيد بن وديعة.

( نظرة في حديث إصابة الدعوة )
    ربما يقف في صدر القارئ الاختلاف بين الأحاديث الناصة بأن أنسا قد أصابته الدعوة بكتمان الشهادة ، وما جاء موهما بشهادته ، لكن : عرفت أن الفريق الأخير منهما محرف المتن فيه تصحيف ، وعلى تقدير سلامته لا يقاوم الأول كثرة وصحة وصراحة ، مع ما هناك من نصوص أخرى غير ما ذكر. منها :
    قال أبو محمد ابن قتيبة ( المترجم ص 96 ) في المعارف ص 251 : أنس بن مالك كان بوجهه برص وذكر قوم : إن عليا رضي الله عنه سأله عن قول رسول الله : أللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه.
    فقال : كبرت سني ونسيت ، فقال علي : إن كنت كاذبا فضربك الله بيضاء لا تواريها العمامة.
    ( قال الأميني ) :
    * هذا نص ابن قتيبة في الكتاب وهو الذي اعتمد عليه ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة 4 ص 388 حيث قال : قد ذكر ابن قتيبة حديث البرص والدعوة التي دعا بها أمير المؤمنين عليه السلام على أنس بن مالك في كتاب المعارف في باب البرص من أعيان الرجال وابن قتيبة غير متهم في حق علي عليه السلام على المشهور من انحرافه عنه. وهو يكشف عن جزمه بصحة العبارة وتطابق النسخ على ذلك كما يظهر من غيره أيضا ممن نقل هذه الكلمة عن كتاب المعارف لكن : اليد الأمينة على ودايع العلماء في كتبهم في المطابع المصرية دست في الكتاب ما ليس منه فزادت بعد القصة ما لفظه : قال أبو محمد : ليس لهذا أصل. ذهولا عن أن سياق الكتاب يعرب عن هذه الجناية ، ويأبى هذه الزيادة إذ المؤلف يذكر فيه من مصاديق كل موضوع


(193)
ما هو المسلم عنده. ولا يوجد من أول الكتاب إلى آخره حكم في موضوع بنفي شيء من مصاديقه بعد ذكره إلا هذه فأول رجل يذكره في عد من كان عليه البرص هو أنس ثم يعد من دونه ، فهل يمكن أن يذكر مؤلف في إثبات ما يرتأيه مصداقا ثم ينكره بقوله لا أصل له ؟ وليس هذا التحريف في كتاب المعارف بأول في بابه فسيوافيك في المناشدة الرابعة عشر حذفها منه ، وقد وجدنا في ترجمة المهلب بن أبي صفرة من تاريخ ابن خلكان 2 ص 273 نقلا عن المعارف ما حذفته المطابع.
    وقال أحمد بن جابر البلاذري المتوفى 379 في الجزء الأول من أنساب الأشراف : قال علي على المنبر : انشد الله رجلا سمع رسول الله يقول يوم غدير خم : أللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، إلا قام وشهد ؟ وتحت المنبر أنس بن مالك ، والبراء بن عازب ، وجرير بن عبد الله البجلي ، فأعادها فلم يجبه أحد فقال : أللهم من كتم هذه الشهادة وهو يعرفها فلا تخرجه من الدنيا حتى تجعل به آية يعرف بها. قال : فبرص أنس ، وعمي البراء ، ورجع جرير أعرابيا بعد هجرته فأتى الشراة فمات في بيت أمه. وقال ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة 4 ص 488 : المشهور أن عليا عليه السلام ناشد الناس في الرحبة بالكوفة فقال : أنشدكم الله رجلا سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لي و هو منصرف من حجة الوداع : من كنت مولاه فعلي مولاه ، أللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ؟ فقام رجال فشهدوا بذلك. فقال عليه السلام لأنس بن مالك : ولقد حضرتها فمالك ؟ فقال : يا أمير المؤمنين ؟ كبرت سني وصار ما أنساه أكثر مما أذكره فقال له : إن كنت كاذبا فضربك الله بها بيضاء لا تواريها العمامة. فما مات حتى أصابه البرص.
    وقال في ج 1 ص 361 : وذكر جماعة من شيوخنا البغداديين إن عدة من الصحابة والتابعين والمحدثين كانوا منحرفين من علي عليه السلام قائلين فيه السوء و منهم من كتم مناقبه وأعان أعدائه ميلا مع الدنيا وإيثارا للعاجلة ، فمنهم : أنس بن مالك ناشد علي عليه السلام في رحبة القصر أو قالوا برحبة الجامع بالكوفة : أيكم سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من كنت مولاه فعلي مولاه. فقام اثنا عشر رجلا فشهدوا بها وأنس بن مالك في القوم لم يقم. فقال له : يا أنس ؟ ما يمنعك أن تقوم فتشهد ولقد حضرتها فقال : يا أمير المؤمنين ؟ كبرت ونسيت. فقال : أللهم إن كان كاذبا فارمه بيضاء لا تواريها


(194)
العمامة. قال طلحة بن عمير : فوالله لقد رأيت الوضح به بعد ذلك أبيض بين عينيه ، و روى عثمان بن مطرف : إن رجلا سأل أنس بن مالك في آخر عمره عن علي بن أبي طالب ؟ فقال : إني آليت أن لا أكتم حديثا سألت عنه في علي بعد يوم الرحبة ، ذاك رأس المتقين يوم القيامة ، سمعته والله من نبيكم.
    وفي تاريخ ابن عساكر 3 ص 150 : قال أحمد بن صالح العجلي : لم يبتل أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلا رجلين معيقيب (1) كان به داء الجذام ، وأنس بن مالك كان به وضح يعني البرص ، وقال أبو جعفر : رأيت أنسا يأكل فرأيته يلقم لقما كبارا ورأيت به وضحا وكان يتخلق بالخلوق. وقول العجلي المذكور حكاه أبو الحجاج المزي في تهذيبه كما في خلاصة الخزرجي ص 35 وقد نظم السيد الحميري (2) إصابة الدعوة عليه في لاميته الآتية بقوله :
في رده سيــد كل الورى فصده ذو العــرش عن رشده مولا هــم في المحكم المنزل وشأنه بالبــرص الأنكل
    وقال الزاهي (3) في قصيدته التي تأتي :
ذاك الذي استوحش منه أنس إذ قال : من يشهد بالغدير لي ؟ فقال : أنسيت. فقال : كاذب أن يشهد الحق فشاهد البرص فبادر السامع وهو قد نكص سوف ترى ما لا تواريه القمص
    وهناك حديث مجمل أحسبه إجمال هذا التفصيل ، أخرج الخوارزمي من طريق الحافظ ابن مردويه في مناقبه عن زاذان أبي عمرو : إن عليا سأل رجلا في الرحبة من حديث فكذبه ، فقال علي : إنك قد كذبتني ، فقال : ما كذبتك. فقال : أدعو الله عليك إن كنت كذبتني أن يعمي بصرك ، قال : ادع الله. فدعا عليه فلم يخرج من الرحبة حتى قبض بصره.
1 ـ معيقيب ( مصغرا ) هو ابن أبي فاطمة الدوسي الأزدي من أمناء عمر بن الخطاب على بيت المال ، ترجمه ابن قتيبة في المعارف ص 137.
2 ـ أحد شعراء الغدير في القرن الثاني يأتي هناك شعره وترجمته.
3 ـ أحد شعراء الغدير في القرن الرابع يأتي هناك شعره وترجمته.


(195)
    ورواه خواجة پارسا في فصل الخطاب من طريق الإمام المستغفري (1) وكذلك نور الدين عبد الرحمن الجامي عن المستغفري ، وعده ابن حجر في الصواعق ص 77 من كرامات أمير المؤمنين عليه السلام ، ورواه الوصابي في محكي الاكتفاء عن زاذان من طريق الحافظ عمر بن محمد الملائي في سيرته وجمع آخرون.

6 ـ مناشدة أمير المؤمنين عليه السلام
يوم صفين سنة 37
    قال أبو صادق سليم بن قيس الهلالي التابعي الكبير في كتابه (2) : صعد علي عليه السلام المنبر ( في صفين ) في عسكره وجمع الناس ومن بحضرته من النواحي والمهاجرين والأنصار ، ثم حمد الله وأثنى عليه ثم قال : معاشر الناس ؟ إن مناقبي أكثر من أن تحصى وبعد ما أنزل الله في كتابه من ذلك وما قال رسول صلى الله عليه وآله ، أكتفي بها عن جميع مناقبي وفضلي ، أتعلمون أن الله فضل في كتابه السابق على المسبوق وأنه
1 ـ جعفر بن محمد النسفي المستغفري المولود 350 والمتوفى 432 صاحب التآليف القيمة ترجمه الذهبي في تذكرته 3 ص 300.
2 ـ كتاب سليم من الأصول المشهورة المتداولة في العصور القديمة المعتمد عليها عند محدثي الفريقين وحملة التاريخ ، قال ابن النديم في الفهرست ص 307 : ( إن سليما ) لما حضرته الوفاة قال لأبان : إن لك علي حقا وقد حضرتني الوفاة يا بن أخي ؟ إنه كان من أمر رسول الله كيت و كيت. وأعطاه كتابا وهو كتاب سليم بن قيس الهلالي المشهور ، إلى أن قال : وأول كتاب ظهر للشيعة كتاب سليم. وفي التنبيه والاشراف للمسعودي ص 198 ما نصه : والقطعية بالإمامة الاثنا عشرية منهم الذين أصلهم في حصر العدد ما ذكره سليم بن قيس الهلالي في كتابه. وقال السبكي في محاسن الرسائل في معرفة الأوائل. إن أول كتاب صنف للشيعة هو كتاب سليم. واللام في كلام ابن النديم والسبكي للمنفعة فمفادها أنهم كانوا يحتجون به فيخصمون المجادل لاقتناعه بما فيه ثقة بأمانة سليم في النقل لا محض أن الشيعة تقتنع بما فيه وهو الذي يعطيه كلام المسعودي حيث أسند احتجاج الإمامية الاثنى عشرية في حصر العدد بما فيه ، فإن الاقتناع بمجرده غير مجد في عصور قام الحجاج فيها على أشدها ، ولذلك أسند إليه وروى عنه غير واحد من أعلام العامة منهم الحاكم الحسكاني ( المترجم ص 112 ) في شواهد التنزيل لقواعد التفضيل : والإمام الحمويني ( المترجم ص 123 ) في فرايد السمطين ، والسيد ابن شهاب الهمداني ( المذكور ص 127 ) في مودة القربى ، والقندوزي الحنفي ( المترجم ص 147 ) في ينابيع المودة ، وغيرهم وحول الكتاب كلمات درية أفردناها في رسالة ، وإنما ذكرنا هذا الاجمال لتعلم أن التعويل على الكتاب مما تسالم عليه الفريقان ، وهو الذي حدانا إلى النقل عنه في كتابنا هذا.


(196)
لم يسبقني إلى الله ورسوله أحد من الأمة ، قالوا : نعم ، قال : أنشدكم الله سئل رسول الله صلى الله عليه وآله عن قوله : السابقون السابقون أولئك المقربون. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : أنزلها الله في الأنبياء وأوصيائهم وأنا أفضل أنبياء الله ورسله ووصيي علي بن أبي طالب أفضل الأوصياء ؟ فقام نحو من سبعين بدريا جلهم من الأنصار و بقيتهم من المهاجرين منهم : أبو الهيثم بن التيهان ، وخالد بن زيد أبو أيوب الأنصاري ، وفي المهاجرين عمار بن ياسر ، فقالوا : نشهد أنا قد سمعنا رسول الله صلى الله عليه وآله قال ذلك. قال : فأنشدكم بالله ؟ في قول الله : يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول أولي الأمر منكم. وقوله : إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا. الآية. ثم قال : ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة. فقال الناس : يا رسول الله ؟ أخاص لبعض المؤمنين ؟ أم عام لجميعهم ؟ فأمر الله عز وجل رسوله أن يعلمهم وأن يفسر لهم من الولاية ما فسر لهم من صلاتهم وصيامهم وزكاتهم وحجهم ، فنصبني بغدير خم وقال : إن الله أرسلني برسالة ضاق بها صدري وظننت أن الناس مكذبي فأوعدني لأبلغها أو يعذبني ، قم يا علي ؟ ثم نادى بالصلاة جامعة فصلى بهم الظهر ثم قال : أيها الناس ؟ إن الله مولاي وأنا مولى المؤمنين وأولى بهم من أنفسهم ، من كنت مولاه فعلي مولاه ، أللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصره من نصره ، واخذل من خذله. فقام عليه سلمان الفارسي فقال : يا رسول الله ؟ ولاء كماذا ؟ فقال : ولاء كولاي من كنت أولى به من نفسه ، فعلي أولى به من نفسه ، وأنزل الله : اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا. ( إلى أن قال ) : فقام اثنا عشر رجلا من البدريين فقالوا : نشهد إنا سمعنا ذلك من رسول الله كما قلت. الحديث وهو طويل وفيه فوائد جمة.

7 ـ ( احتجاج الصديقة فاطمة )
بنت رسول الله صلى الله عليه وآله
    قال شمس الدين أبو الخير الجزري الدمشقي المقري الشافعي ( المترجم ص 129 )


(197)
في كتابه أسنى المطالب في مناقب علي بن أبي طالب (1) : وألطف طريق وقع لهذا الحديث يعني حديث الغدير وأغربه ما حدثنا به شيخنا خاتمة الحفاظ أبو بكر محمد بن عبد الله بن المحب المقدسي مشافهة ، أخبرتنا الشيخة أم محمد زينب ابنة أحمد بن عبد الرحيم المقدسية ، عن أبي المظفر محمد بن فتيان بن المثنى ، أخبرنا أبو موسى محمد بن أبي بكر الحافظ ، أخبرنا ابن عمة والدي القاضي أبو القاسم عبد الواحد بن محمد بن عبد الواحد المدني بقرائتي عليه ، أخبرنا ظفر بن داعي العلوي باستراباد ، أخبرنا والدي وأبو أحمد ابن مطرف المطرفي قالا : حدثنا أبو سعيد الادريسي : إجازة فيما أخرجه في تاريخ استرآباد ، حدثني محمد بن محمد بن الحسن أبو العباس الرشيدي من ولد هرون الرشيد بسمرقند وما كتبناه إلا عنه ، حدثنا أبو الحسن محمد بن جعفر الحلواني ، حدثنا علي بن محمد بن جعفر الأهوازي مولى الرشيد ، حدثنا بكر بن أحمد القصري ، حدثتنا فاطمة وزينب وأم كلثوم بنات موسى بن جعفر (ع) قلن حدثتنا فاطمة بنت جعفر بن محمد الصادق حدثتني فاطمة بنت محمد بن علي ، حدثتني فاطمة بنت علي بن الحسين. حدثتني فاطمة وسكينة ابنتا الحسين بن علي عن أم كلثوم بنت فاطمة بنت النبي عن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي عنها قالت : أنسيتم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم غدير خم ، من كنت مولاه فعلي مولاه ؟ وقوله صلى الله عليه وسلم : أنت مني بمنزلة هارون من موسى عليهما السلام ؟ وهكذا أخرجه الحافظ الكبير أبو موسى المديني في كتابه المسلسل بالأسماء وقال : هذا الحديث مسلسل من وجه وهو إن كل واحدة من الفواطم تروي عن عمة لها فهو رواية خمس بنات أخ كل واحدة منهن عن عمتها.

8 ـ ( احتجاج الإمام السبط )
أبي محمد الحسن عليه السلام سنة 41
    أخرج الحافظ الكبير أبو العباس ابن عقدة أن الحسن بن علي عليهما السلام لما أجمع على صلح معاوية قام خطيبا وحمد الله وأثنى عليه وذكر جده المصطفى بالرسالة والنبوة ثم قال : إنا أهل بيت أكرمنا الله بالاسلام واختارنا واصطفانا وأذهب
1 ـ ذكره له السخاوي في الضوء اللامع 9 ص 256 ، والشوكاني في البدر الطالع 2 ص 297.

(198)
عنا الرجس وطهرنا تطهيرا ، لم تفترق الناس فرقتين إلا جعلنا الله في خيرهما من آدم إلى جدي محمد. فلما بعث الله محمدا للنبوة واختاره للرسالة وأنزل عليه كتابه ثم أمره بالدعاء إلى الله عز وجل فكان أبي أول من استجاب لله ولرسوله ، وأول من آمن وصدق الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وقد قال الله في كتابه المنزل على نبيه المرسل : أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه. فجدي الذي على بينة من ربه وأبي الذي يتلوه وهو شاهد منه إلى أن قال : وقد سمعت هذه الأمة جدي صلى الله عليه وسلم يقول : ما ولت أمة أمرها رجلا وفيهم من هو أعلم منه إلا لم يزل يذهب أمرهم سفالا حتى يرجعوا إلى ما تركوه. وسمعوه يقول لأبي : أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي. وقد رأوه وسمعوه حين أخذ بيد أبي بغدير خم وقال لهم : من كنت مولاه فعلي مولاه ، أللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه. ثم أمرهم أن يبلغ الشاهد الغايب. وذكر شطرا من هذه الخطبة القندوزي الحنفي في ( ينابيع المودة ص 482 ) وفيه الحجاج بحديث الغدير.

9 ـ ( مناشدة الإمام السبط )
الحسين عليه السلام بحديث الغدير سنة 58 / 9
    ذكر التابعي الكبير أبو صادق سليم بن قيس الهلالي في كتابه جملا ضافية حول شدة نكير معاوية بن أبي سفيان على شيعة أمير المؤمنين عليه السلام ومواليه بعد شهادته ثم قال.
    فلما كان قبل موت معاوية بسنتين (1) حج الحسين بن علي عليه السلام ، و عبد الله بن عباس ، وعبد الله بن جعفر ، فجمع الحسين عليه السلام بني هاشم رجالهم و نسائهم ومواليهم وشيعتهم من حج منهم ومن لم يحج ومن الأنصار ممن يعرف الحسين وأهل بيته ثم لم يترك أحدا حج ذلك العام من أصحاب رسول الله ومن التابعين من الأنصار المعروفين بالصلاح والنسك إلا جمعهم واجتمع عليه بمنى أكثر من سبعمائة رجل وهم في سرادقه عامتهم من التابعين ونحو من مائتي رجل من أصحاب النبي فقام
1 ـ في بعض النسخ : بسنة.

(199)
فيهم فحمد الله وأثنى عليه ثم قال :
    أما بعد : فإن هذا الطاغية قد صنع بنا وبشيعتنا ما علمتم ورأيتم وشهدتم و بلغكم وإني أريد أن أسألكم عن شيء فإن صدقت فصدقوني وإن كذبت فكذبوني واسمعوا مقالتي ، واكتبوا قولي ، ثم أرجعوا إلى أمصاركم وقبائلكم ومن ائتمنتموه من الناس ووثقتم به فادعوه إلى ما تعلمون من حقنا فإنا خاف أن يدرس هذا الحق ويذهب ويغلب والله متم نوره ولو كره الكافرون ، وما ترك شيئاً مما أنزل الله في القرآن فيهم إلا تلاه وفسره ولا شيئاً مما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم في أبيه وأمه ونفسه وأهل بيته إلا رواه وكل ذلك يقولون : أللهم نعم قد سمعنا وشهدنا. ويقول التابعون : أللهم نعم قد حدثني به من أصدقه وآتمنه من الصحابة ـ إلى أن قال ـ : قال (ع) : أنشدكم الله أتعلمون أن رسول الله نصبه يوم غدير خم فنادى له بالولاية وقال : ليبلغ الشاهد الغايب ؟ قالوا : أللهم نعم. الحديث وفيه طرف مما تواترت أسانيده من فضايل أمير المؤمنين عليه السلام ، فراجع.

10 ( احتجاج عبد الله بن جعفر )
على معاوية بعد شهادة أمير المؤمنين عليه السلام
    قال عبد الله بن جعفر بن أبي طالب : كنت عند معاوية ومعنا الحسن والحسين عليهما السلام وعنده عبد الله بن العباس والفضل بن عباس فالتفت إلى معاوية فقال : يا عبد الله ؟ ما أشد تعظميك للحسن والحسين ؟ وما هما بخير منك ولا أبوهما خير من أبيك ، ولولا أن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم لقلت : ما أمك أسماء بنت عميس بدونها فقلت : والله إنك لقليل العلم بهما وبأبيهما وبأمهما بل والله لهما خير مني وأبوهما خير من أبي وأمهما خير من أمي ، يا معاوية ؟ إنك لغافل عما سمعته أنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فيهما وفي أبيهما وأمهما قد حفظته ووعيته ورويته قال : هات يا بن جعفر ؟ فوالله ما أنت بكذاب ولا متهم ، فقلت : إنه أعظم مما في نفسك ، قال : وإن كان أعظم من أحد وحراء بكسر المهملة جميعا فلست أبالي إذا قتل الله صاحبك ، وفرق جمعكم وصار الأمر في أهله ، فحدثنا فما نبالي بما قلتم ولا يضرنا ما عددتم ، قلت : سمعت


(200)
رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد سئل عن هذه الآية ، وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن. فقال : إني رأيت اثني عشر رجلا من أئمة الضلالة يصعدون منبري ، وينزلون ، يردون أمتي على أدبارهم القهقرى ـ وسمعته يقول : إن بني أبي العاص إذا بلغوا خمسة عشر رجلا جعلوا كتاب الله دخلا ، وعباد الله خولا ، ومال الله دولا.
    يا معاوية ؟ إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر وأنا بين يديه وعمر بن أبي سلمة ، وأسامة بن زيد ، وسعد بن أبي وقاص ، وسلمان الفارسي ، وأبو ذر ، والمقداد ، والزبير بن العوام ، وهو يقول : ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟ فقلنا : بلى. يا رسول الله ، قال : أليس أزواجي أمهاتكم ؟ قلنا : بلى يا رسول الله ؟ قال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، أولى به من نفسه. وضرب بيده على منكب علي فقال : أللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، أيها الناس ؟ أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم ليس لهم معي أمر ، وعلي من بعدي أولى بالمؤمنين من أنفسهم ليس لهم معه أمر ، ثم ابني الحسن أولى بالمؤمنين من أنفسهم ليس لهم معه أمر ، ثم عاد فقال : أيها الناس ؟ إذا أنا استشهدت فعلي أولى بكم من أنفسكم ، فإذا استشهد علي فابني الحسن أولى بالمؤمنين منهم بأنفسهم ، وإذا استشهد الحسن فابني الحسين أولى بالمؤمنين منهم بأنفسهم [ إلى أن قال ] : فقال معاوية يا بن جعفر ؟ لقد تكلمت بعظيم ولئن كان ما تقول حقا لقد هلكت أمة محمد من المهاجرين والأنصار غيركم أهل البيت وأولياءكم وأنصاركم ؟ فقلت : والله إن الذي قلت حق سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال معاوية : يا حسن ويا حسين ويا بن عباس ما يقول ابن جعفر ؟ فقال ابن عباس : إن كنت لا تؤمن بالذي قال فأرسل إلى الذين سماهم فاسألهم عن ذلك. فأرسل معاوية إلى عمر بن أبي سلمة وإلى أسامة بن زيد فسألهما فشهدا أن الذي قال ابن جعفر قد سمعناه من رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سمعه إلى أن قال من كلام ابن جعفر : ونبينا صلى الله عليه وسلم قد نصب لأمته أفضل الناس وأولاهم وخيرهم بغدير خم وفي غير موطن واحتج عليهم به وأمرهم بطاعته وأخبرهم أنه منه بمنزلة هارون من موسى ، وأنه ولي كل مؤمن من بعده ، وأنه كل من كان هو وليه فعلي وليه ومن كان أولى به من نفسه فعلي أولى به ، وأنه خليفته فيهم ووصيه وأن من أطاعه
كتاب الغدير ـ الجزء الأول ::: فهرس