كتاب الغدير ـ الجزء الأول ::: 291 ـ 300
(291)
وسلم ، غير أنه مبلغ عنه وقائم مقامه من بعده. روى الحافظ عبد الله ابن أبي شيبة ، و أبو داود الطيالسي ، وابن منيع البغوي ، وأبو بكر البيهقي كما في كنز العمال 8 ص 60 عن علي قال : عممني رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم غدير خم بعمامة فسدلها خلفي ، وفي لفظ : فسدل طرفها على منكبي ، ثم قال : إن الله أمدني يوم بدر وحنين بملائكة يعتمون هذه العمة وقال : إن العمامة حاجزة بين الكفر والإيمان. ورواه من طريق السيوطي عن الأعلام الأربعة السيد أحمد القشاشي (1) في السمط المجيد.
    وفي كنز العمال 8 ص 60 عن مسند عبد الله بن الشخير عن عبد الرحمن بن عدي البحراني عن أخيه عبد الأعلى بن عدي : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا علي بن أبي طالب فعممه وأرخى عذبة (2) العمامة من خلفه ( الديلمي ).
    وعن الحافظ الديلمي عن ابن عباس قال : لما عمم رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا بالسحاب (3) قال له : يا علي ؟ العمائم تيجان العرب.
    وعن ابن شاذان في مشيخته عن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم عممه بيده فذنب العمامة من ورائه ومن بين يديه ثم قال له النبي صلى الله عليه وسلم : أدبر. فأدبر ، ثم قال له : أقبل. فأقبل وأقبل على أصحابه فقال النبي صلى الله عليه وسلم : هكذا تكون تيجان الملائكة.
    وأخرج الحافظ أبو نعيم في معرفة الصحابة ومحب الدين الطبري في الرياض النضرة 2 ص 217 عن عبد الأعلى بن عدي النهرواني : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا عليا يوم غدير خم فعممه وأرخى عذبة العمامة من خلفه. وذكره العلامة الزرقاني في شرح المواهب 5 ص 10.
    وأخرج شيخ الاسلام الحمويني في الباب الثاني عشر من فرايد السمطين من طريق أحمد بن منيع بإسناد فيه عدة من الحفاظ الاثبات عن أبي راشد عن علي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله عز وجل أيدني يوم بدر وحنين بملائكة معتمين هذه العمة ، والعمة الحاجز بين المسلمين والمشركين. قاله لعلي لما عممه يوم غدير خم بعمامة
1 ـ المتوفى 1071 ترجمه المحبي في خلاصة الأثر ج 1 ص 343 ـ 46 وأثنى عليه.
2 ـ عذبة بفتح المهملة : طرف الشيء.
3 ـ قال ابن الأثير في النهاية 2 ص 160 : كان اسم عمامة النبي صلى الله عليه وسلم ( السحاب ).


(292)
سدل طرفها على منكبه.
    وأخرج بإسناد آخر من طريق الحافظ أبي سعيد الشاشي ( المترجم ص 103 ) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عمم علي بن أبي طالب رضي الله عنه عمامته السحاب فأرخاها من بين يديه ومن خلفه ثم قال : أقبل. فأقبل ، ثم قال : أدبر. فأدبر ، قال : هكذا جاءتني الملائكة. وبهذا اللفظ رواه جمال الدين الزرندي الحنفي في [ نظم درر السمطين ] ، وجمال الدين الشيرازي في أربعينه ، وشهاب الدين أحمد في توضيح الدلايل وزادوا : ثم قال صلى الله عليه وسلم : من كنت مولاه فعلي مولاه ، أللهم ؟ وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله.
    وأخرج الحمويني بإسناد آخر من طريق الحافظ أبي عبد الرحمن ابن عايشة عن علي قال : عممني رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم غدير خم بعمامة فسدل نمرقها على منكبي وقال : إن الله أيدني يوم بدر وحنين بملائكة معتمين بهذه العمامة. وبهذا اللفظ رواه ابن الصباغ المالكي في الفصول المهمة ص 27 ، والحافظ الزرندي في [ نظم درر السمطين ] ، والسيد محمود القادري المدني في الصراط السوي.
    ( فائدة ) قال أبو الحسين الملطي (1) في التنبيه والرد ص 26 : قولهم يعني الروافض : علي في السحاب. فإنما ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم لعلي : أقبل وهو معتم بعمامة للنبي صلى الله عليه وسلم كانت تدعى السحاب فقال صلى الله عليه وسلم : قد أقبل علي في السحاب. يعني في تلك العمامة التي تسمى السحاب فتأولوه هؤلاء على غير تأويله.
    وقال الغزالي كما في البحر الزخارا : 215 : كانت له عمامة تسمى السحاب فوهبها من علي فربما طلع علي فيها فيقول صلى الله عليه وسلم : أتاكم علي في السحاب.
    وقال الحلبي في السيرة 3 ص 369 : كان له صلى الله عليه وسلم عمامة تسمى السحاب كساها علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ، فكان ربما طلع عليه علي كرم الله وجهه فيقول صلى الله عليه وسلم : أتاكم علي في السحاب ، يعني عمامته التي وهبها له صلى الله عليه وسلم.
    قال الأميني : هذا معنى ما يعزى إلى الشيعة من قولهم : إن عليا في السحاب. و
1 ـ محمد بن أحمد بن عبد الرحمن الملطي الشافعي المتوفى 377.

(293)
لم يأوله أي أحد منهم قط من أول يومهم على غير تأويله كما حسبه الملطي ، وإنما أوله الناس افتراء علينا ، والله من ورائهم حسيب.
    فيوم التتويج هذا أسعد يوم في الاسلام ، وأعظم عيد لموالي أمير المؤمنين عليه السلام كما أنه مثار حنق وأحقاد لمن ناوئه من النواصب.
وجوه يومئذ مسفرة ضاحكة مستبشرة
ووجوه يومئذ عليها غبرة ترهقها قترة

( سورة عبس )


(294)
كلمات حول سند الحديث
للحفاظ الاثبات والأعلام الفطاحل
    لم نندفع إلى عقد هذا البحث بدافع الحاجة إلى إثبات صحة الحديث ، ولا دعانا إليه الاعواز عن إثبات تواتره ، فإن ذات الحديث وجوهريتها القائمة بنفسها في غنى عن أي تحوير في ذلك ، ومن ذا الذي يسعه إنكار صحته ، ورجال كثير من أسانيده رجال الصحيحين ، وأي متعند يمكنه رد تواتره اللفظي في الجملة والمعنوي في تفاصيله والإجمالي في جملة من شئونه ، وقد شهد به القريب والبعيد ، ورواه القاصي والداني ، وأثبته أكثر المؤلفين في الحديث والتاريخ والتفسير والكلام ، وأفرده بالتأليف آخرون ، فلن تجد له إلا رنة تصك المسامع منذ هتف به داعي الرشاد حتى عصرنا الحاضر ، وسيبقى ذكره مخلدا ما تعاقب الملوان ، فليس من يجابهه بالانكار إلا كمن يتعاما عن الشمس الضاحية ، وإنما راقنا البحث عما قيل في ذلك إصحارا بحقيقة راهنة ، ألا ؟ وهي إصفاق علماء الفريقين على صحة الحديث وتواتره ، ليعلم القارئ أن من يحيد عن تلكم الخطة شاذ عن الطريقة المثلى ، خارج تجاه ما اجتمعت عليه الأمة ، وهو يقول : إن الأمة لا تجتمع على خطأ. فمنهم :
    1 ـ الحافظ أبو عيسى الترمذي المتوفى 279 ، قال في صحيحه 2 ص 298 بعد ذكر الحديث : هذا حديث حسن صحيح.
    2 ـ الحافظ أبو جعفر الطحاوي المتوفى 279 ، قال في مشكل الآثار ج 2 ص 308 : قال أبو جعفر : فدفع دافع هذا الحديث وزعم أنه مستحيل وذكر أن عليا لم يكن مع النبي صلى الله عليه وسلم في خروجه إلى الحج من المدينة الذي مر في طريقه بغدير خم بالجحفة ، وذكر في ذلك ما قد حدثنا أحمد بإسناده قال : ثنا جعفر بن محمد عن أبيه قال : دخلنا على جابر بن عبد الله فذكر حديثه في حجة النبي صلى الله عليه وسلم. فقال : فقدم علي من


(295)
اليمن ببدن النبي. ثم ذكر بقية الحديث.
    قال أبو جعفر : فهذا الحديث صحيح الاسناد ، ولا طعن لأحد في رواته ، وفيه : إن ذلك القول كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي بغدير خم في رجوعه من حجه إلى المدينة لا في خروجه لحجه من المدينة.
    فقال هذا القاتل : فإن هذا الحديث روي عن سعد بن أبي وقاص في هذه القصة ، وإن ذلك القول إنما كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم بغدير خم في خروجه من المدينة إلى الحج لا في رجوعه من الحج إلى المدينة.
    قال أبو جعفر : وكان الصحيح في ذلك أن الحكم (1) ما أخذ هذا عن عايشة ابنة سعد وإنما أخذه عن مصعب بن سعد ، كذلك رواه غير الليث في روايته المأمون عليها ، الضابط لها ، الحجة فيها ، وهو شعبة بن الحجاج.
    3 ـ الفقيه أبو عبد الله المحاملي البغدادي المتوفى 330 ، صححه في أماليه كما مر ص 55
    4 ـ أبو عبد الله الحاكم المتوفى 405 ، رواه بعدة طرق وصححها في المستدرك كما مر في محلها.
    5 ـ أبو محمد أحمد بن محمد العاصمي ، قال في زين الفتى : قال النبي صلى الله عليه وسلم : من كنت مولاه فعلي مولاه. وهذا حديث تلقته الأمة بالقبول ، وهو موافق بالأصول. ثم رواه بطريق شتى كما مرت في محلها.
    6 ـ الحافظ ابن عبد البر القرطبي المتوفى 463 ، قال في الاستيعاب ج 2 ص 373 بعد ذكر حديث المواخاة وحديثي الراية والغدير : هذه كلها آثار ثابتة.
    7 ـ الفقيه أبو الحسن ابن المغازلي الشافعي المتوفى 483 ، قال في كتابه المناقب بعد روايته الحديث عن شيخه أبي القاسم الفضل بن محمد الاصبهاني : قال أبو القاسم : هذا حديث صحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد رواه نحو مائة نفس منهم العشرة المبشرة ، وهو حديث ثابت لا أعرف له علة ، تفرد علي بهذه الفضيلة لم يشركه فيها أحد.
1 ـ راجع حديث سعد بن أبي وقاص في رواة الحديث من الصحابة.

(296)
    8 ـ حجة الاسلام أبو حامد الغزالي المتوفى 505 ، قال في سر العالمين ص 9 أسفرت الحجة وجهها وأجمع الجماهير على متن الحديث من خطبته في يوم غدير خم باتفاق الجميع وهو يقول : من كنت مولاه فعلي مولاه. فقال عمر : بخ بخ ... إلخ. يأتي تمام الكلام في المفاد إنشاء الله.
    9 ـ الحافظ أبو الفرج ابن الجوزي الحنبلي المتوفى 597 ، قال في المناقب إتفق علماء السير على أن قصة الغدير كانت بعد رجوع النبي صلى الله عليه وسلم من حجة الوداع في الثامن عشر من ذي الحجة وكان معه من الصحابة ومن الأعراب وممن يسكن حوالي مكة والمدينة مائة وعشرون ألفا وهم الذين شهدوا معه حجة الوداع وسمعوا منه هذه المقالة ، وقد أكثر الشعراء في ذلك في تلك الحكاية.
    10 ـ أبو المظفر سبط ابن الجوزي الحنفي المتوفى 654 ، قال في تذكرته ص 18 بعد ذكره الحديث مع صدره وذيله وتهنئة عمر بعدة طرق : وكل هذه الروايات خرجها أحمد بن حنبل في الفضايل بزيادات ، فإن قيل : فهذه الرواية التي فيها قول عمر رضي الله عنه : أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة. ضعيفة. فالجواب : إن هذه الرواية صحيحة. وإنما الضعيف حديث رواه أبو بكر أحمد بن ثابت الخطيب عن عبد الله بن علي بن بشر عن علي بن عمر الدارقطني عن أبي نصر حبشون (1) بن موسى بن أيوب الخلال يرفعه إلى أبي هريرة وقال في آخرة : لما قال النبي صلى الله عليه وسلم من كنت مولاه فعلي مولاه. نزل قوله : اليوم أكملت لكم دينكم ، وأتممت عليكم نعمتي الآية. قالوا : وقد إنفرد بهذا الحديث حبشون ونحن نقول : نحن ما استدللنا بحديث حبشون بل بالحديث الذي رواه أحمد في الفضايل عن البراء بن عازب وإسناده صحيح. إلى أن قال : إتفق علماء السير على أن قصة الغدير كانت بعد رجوع النبي صلى الله عليه وسلم من حجة الوداع في الثامن عشر من ذي حجة ، جمع الصحابة وكانوا مائة وعشرين ألفا وقال : من كنت مولاه فعلي مولاه. الحديث. نص صلى الله عليه وسلم على ذلك بصريح العبارة دون التلويح والإشارة. ا ه. وسيأتي تمام كلامه في المفاد إنشاء الله.
    11 ـ ابن أبي الحديد المعتزلي المتوفى 655 ، عده في شرح نهج البلاغة ج 2
1 ـ في التذكرة : أبي نضير خيشون. وفيه تصحيف. وسنوقفك على صحة حديث حبشون.

(297)
ص 449 من الأخبار العامة الشايعة من فضايل أمير المؤمنين ، ومر عنه ص 148 : استفاضة حديث احتجاج أمير المؤمنين يوم الشورى وفيه حديث الغدير.
    12 ـ الحافظ أبو عبد الله الكنجي الشافعي المتوفى 658 ، قال في كفاية الطالب ص 15 بعد ذكر الحديث من طرق أحمد : أقول ، هكذا أخرجه في مسنده وناهيك به راويا بسند واحد وكيف وقد جمع طرقه مثل هذا الإمام. وقال بعد روايته من طرق الحافظ أبي عيسى الترمذي في جامعه : وجمع الدارقطني الحافظ طرقه في جزء ، وجمع الحافظ ابن عقدة الكوفي كتابا مفردا فيه ، ورووا أهل السير والتواريخ قصة غدير خم ، وذكره محدث الشام في كتابه بطرق شتى عن غير واحد من الصحابة والتابعين ، أخبرني بذلك عاليا المشايخ. وروى بإسناده ص 17 عن المحاملي ثم قال : قلت : هذا حديث مشهور حسن روته الثقات ، وانضمام هذه الأسانيد بعضها إلى بعض حجة في صحة النقل.
    13 ـ الشيخ أبو المكارم علاء الدين السمناني المتوفى 736 ، قال ( في العروة الوثقى ) : وقال رسول الله لعلي عليه السلام وسلام الملائكة الكرام : أنت مني بمنزلة هارون من موسى ولكن لا نبي بعدي. وقال في غدير خم بعد حجة الوداع على ملأ من المهاجرين والأنصار آخذا بكتفه : من كنت مولاه فعلي مولاه ، أللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه. وهذا حديث متفق على صحته ، فصار سيد الأولياء وكان قلبه على قلب محمد عليه التحية والسلام ، وإلى هذا السر أشار سيد الصديقين صاحب غار النبي صلى الله عليه وسلم أبو بكر حين بعث أبا عبيدة ابن الجراح إلى علي لاستحضاره قال : يا أبا عبيدة ؟ أنت أمين هذه الأمة أبعثك إلى من هو في مرتبة من فقدناه بالأمس ينبغي أن تتكلم عنده بحسن الأدب. إلى آخر مقالته بطولها.
    14 ـ شمس الدين الذهبي الشافعي المتوفى 748 ، مر ص 156 : إنه أفرد كتابا في حديث الغدير. وذكره بطرق شتى في تلخيص المستدرك وصحح غير واحد منها ويأتيك قوله : صدر الحديث متواتر أتيقن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاله ، و أما : أللهم ؟ وال من والاه. فزيادة قوية الاسناد. واعتمد على تصحيحه جمع من أعلام أصحابه كما ستقف على كلمات بعضهم.


(298)
    15 ـ الحافظ عماد الدين ابن كثير الشافعي الدمشقي المتوفى 774 ، روى في تأريخه 5 ص 209 عن سنن الحافظ النسائي عن محمد بن المثنى عن يحيى بن حماد عن أبي عوانة عن الأعمش سليمان عن حبيب بن ثابت عن أبي الطفيل عن زيد بن أرقم بلفظه المذكور بطريق النسائي ص 30 ثم قال : تفرد به النسائي من هذا الوجه (1) قال شيخنا أبو عبد الله الذهبي : وهذا حديث صحيح. وروى حديث المناشدة في الرحبة وقال : هذا إسناد جيد. ورواه بطرق أحمد عن زيد وقال : هذا إسناد جيد رجاله ثقات على شرط السنن ، وقد صحح الترمذي بهذا السند حديثا في الريث. ورواه بطريق ابن جرير الطبري عن سعد بن أبي وقاص وقال : قال شيخنا الذهبي : وهذا حديث حسن غريب (2) ورواه بطريق آخر عن جابر بن عبد الله وقال : قال شيخنا الذهبي : هذا حديث حسن. ورواه بطرق أخرى ثم قال : قال الذهبي : وصدر الحديث متواتر أتيقن أن رسول الله قاله. وأما : أللهم ؟ وال من والاه. فزيادة قوية الاسناد.
    16 ـ الحافظ نور الدين الهيثمي المتوفى 807 ، روى في مجمع الزوايد 9 ص 104 ـ 109 حديث الركبان المذكور من طريق أحمد والطبراني فقال رجال أحمد ثقات. وروى حديث المناشدة من طريق أحمد عن أبي الطفيل وقال : رجاله رجال الصحيح إلا فطر وهو ثقة. ورواه من طريق أحمد الآخر عن سعيد بن وهب وقال : رجاله رجال الصحيح. ورواه من طريق البزار عن سعيد وزيد ثم قال : رجاله رجال الصحيح إلا فطر وهو ثقة. ورواه من طريق أبي يعلى عن عبد الرحمن بن أبي يعلى ووثق رجاله. ورواه من طريق أحمد عن زياد بن أبي زياد ووثق رجاله. ورواه عن حبشي بن جنادة من طريق الطبراني ووثق رجاله. ورواه بطرق وأسانيد أخرى وصححها ووثق رجالها كما مرت في محلها.
    17 ـ شمس الدين الجزري الشافعي المتوفى 833 ، روى حديث الغدير بثمانين طريقا ، وأفرد في إثبات تواتره رسالته أسنى المطالب المطبوعة ، وقال بعد ذكر مناشدة أمير المؤمنين يوم الرحبة : هذا حديث حسن من هذا الوجه صحيح من وجوه كثيرة
1 ـ تحكم باطل يظهر على من راجع طرق زيد من كتابنا ص 29 ـ 37.
2 ـ لا أعرف للحديث غرابة إلا كونه في فضل أمير المؤمنين.


(299)
تواتر عن أمير المؤمنين علي رضي الله عنه ، وهو متواتر أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم رواه الجم الغفير عن الجم الغفير ، ولا عبرة بمن حاول تضعيفه ممن لا إطلاع له في هذا العلم فقد ورد مرفوعا عن أبي بكر الصديق ، وعمر بن الخطاب ، وطلحة بن عبيد الله ، والزبير ابن العوام ، وسعد بن أبي وقاص ، وعبد الرحمن بن عوف ، والعباس بن عبد المطلب وزيد بن أرقم ، والبراء بن عازب ، وبريدة بن الحصيب ، وأبي هريرة ، وأبي سعيد الخدري ، وجابر بن عبد الله ، وعبد الله بن عباس ، وحبشي بن جنادة ، وعبد الله بن مسعود ، وعمران بن حصين ، وعبد الله بن عمر ، وعمار بن ياسر ، وأبي ذر الغفاري ، وسلمان الفارسي ، وأسعد بن زرارة ، وخزيمة بن ثابت ، وأبي أيوب الأنصاري ، و سهل بن حنيف ، وحذيفة بن اليمان ، وسمرة بن جندب ، وزيد بن ثابت ، وأنس بن مالك ، وغيرهم من الصحابة رضوان الله عليهم ، وصح عن جماعة منهم ممن يحصل القطع بخبرهم ، وثبت أيضا أن هذا القول كان منه صلى الله عليه وسلم يوم غدير خم كما أخبرنا شيخنا أبو عمر محمد بن أحمد بن قدامة المقدسي قرائتا عليه : أخبرنا الإمام فخر الدين علي بن أحمد المقدسي. ثم ذكر حديث المناشدة بعدة طرق.
    18 ـ الحافظ ابن حجر العسقلاني المتوفى 852 ، رواه في تهذيب التهذيب في مواضع بعدة طرق منها ج 7 : 337 ، وقال ص 339 : قلت : لم يجاوز المؤلف ( أبو الحجاج المزي المتوفى 742 ) ما ذكر ابن عبد البر وفيه مقنع ولكنه ذكر حديث الموالاة عن نفر سماهم فقط ، وقد جمعه ابن جرير الطبري في مؤلف فيه أضعاف من ذكر ، وصححه واعتنى بجمع طرقه أبو العباس ابن عقدة ، فأخرجه من حديث سبعين صحابيا أو أكثر. وقال في فتح الباري 7 ص 61 : وأوعب من جمع مناقبه ( يعني عليا ) من الأحاديث الجياد النسائي في كتاب الخصايص وأما حديث : من كنت مولاه فعلي مولاه. فقد أخرجه الترمذي والنسائي وهو كثير الطرق جدا ، وقد استودعها ابن عقدة في كتاب مفرد ، وكثير من أسانيدها صحاح وحسان. وقد روينا عن الإمام أحمد قال : ما بلغنا عن أحد من الصحابة ما بلغنا عن علي بن أبي طالب.
    19 ـ أبو الخير الشيرازي الشافعي ( المترجم ص 132 ) ، قال في ( إبطال الباطل ) الذي رد به على نهج الحق : وأما ما روي من أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكره يوم غدير خم


(300)
حين أخذ بيد علي وقال : ألست أولى ؟ فقد ثبت هذا في الصحاح وقد ذكرنا سره في ترجمة كتاب [ كشف الغمة في معرفة الأئمة ].
    20 ـ الحافظ جلال الدين السيوطي الشافعي المتوفى 911 ، قال : إنه حديث متواتر. وحكاه عنه غير واحد ممن تأخر عنه كما يأتي.
    21 ـ الحافظ أبو العباس شهاب الدين القسطلاني المتوفى 923 ، قال في المواهب اللدنية 7 ص 13 : وأما حديث الترمذي والنسائي : من كنت مولاه فعلي مولاه. فقال الشافعي : يريد بذلك ولاء الاسلام كقوله تعالى : ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم. وقول عمر : أصبحت مولى كل مؤمن. أي : ولي كل مؤمن ، و طرق هذا الحديث كثيرة جدا استوعبها ابن عقدة في كتاب مفرد له وكثير من أسانيدها صحاح وحسان.
    22 ـ الحافظ شهاب الدين ابن حجر الهيتمي المكي المتوفى 974 ، قال في الصواعق المحرقة ص 25 عند رد استدلال الشيعة بحديث الغدير : وجواب هذه الشبهة التي هي أقوى شبههم يحتاج إلى مقدمة وهي بيان الحديث ومخرجه ، وبيانه : إنه حديث صحيح لا مرية فيه ، وقد أخرجه جماعة كالترمذي والنسائي وأحمد ، فطرقه كثيرة جدا ، ومن ثم رواه ستة عشر صحابيا ، وفي رواية لأحمد أنه سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثون صحابيا ، وشهدوا به لعلي لما نوزع أيام خلافته كما مر وسيأتي ، وكثير من أسانيدها صحاح وحسان ، ولا التفات لمن قدح في صحته ، ولا لمن رده بأن عليا كان باليمن لثبوت رجوعه منها وإدراكه الحج مع النبي صلى الله عليه وسلم. وقول بعضهم : إن زيادة أللهم وال من والاه. إلى آخره موضوعة مردود فقد ورد ذلك من طرق صحح الذهبي كثيرا منها ، ثم تكلم في مقام الرد عليه في تواتره تارة وفي مفاده أخرى فقال : ولفظه عند الطبراني وغيره بسند صحيح أنه صلى الله عليه وسلم خطب بغدير خم تحت شجرات فقال : أيها الناس ؟ إنه قد نبأني اللطيف الخبير. إلى آخر ما مر ص 26 ، 27.
    وقال في ص 73 في عد مناقب أمير المؤمنين عليه السلام : الحديث الرابع : قال صلى الله عليه وسلم يوم غدير خم : من كنت مولاه فعلي مولاه ، أللهم وال من والاه ، وعاد من
كتاب الغدير ـ الجزء الأول ::: فهرس