كتاب الغدير ـ الجزء الأول ::: 301 ـ 310
(301)
عاداه. الحديث وقد مر في حادي عشر الشبه وإنه رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثون صحابيا (1) وإن كثيرا من طرقه صحيح أو حسن ، ومر الكلام ثم على معناه مستوفى. وقال في شرح همزية البوصيري ص 221 في شرح قوله :
وعلي صنو النبي ومن دين فؤادي وداده والولاء
    أي مناصرته والذب عنه والرد على من نازع في خلافته ، ولم يبال بوقوع الإجماع عليها وعلى من خرجوا عليه ونازعوه الأمر ورموه بما هو برئ منه ، وذلك عملا بما صح عنه صلى الله عليه وسلم وهو : أللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، إن عليا مني و أنا منه ، وهو ولي كل مؤمن بعدي. ولتأكيد الذب عنه لكثرة أعدائه من بني أمية و الخوارج الذين بالغوا في سبه وتنقيصه مدة ألف شهر حتى المنابر خصه الناظم بذلك ، ولهذا اشتغل جهابذة الحفاظ ببث فضايله رضي الله عنه نصحا للأمة ونصرة للحق ، و من ثم قال أحمد : ما جاء لأحد من الفضايل ما جاء لعلي. وقال إسماعيل القاضي والنسائي وأبو علي النيسابوري : لم يرد في حق أحد من الصحابة بأسانيد الصحاح الحسان أكثر ما ورد في حق علي ، فمن ذلك ما صح : أن الله تعالى يحبه وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبه. بل روى الترمذي : إنه كان أحب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. إلى أن قال : وإن آية المباهلة ( سورة آل عمران 60 ) لما نزلت دعا صلى الله عليه وسلم عليا وفاطمة وابنيها وقال : أللهم هؤلاء أهلي. وإنه قال : أنا سيد ولد آدم وعلي سيد العرب. لكن اعترض تصحيح الحاكم لهذا ، وإنه قال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، أللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، رواه ثلاثون صحابيا ، وإن الله تعالى أمره أن يحب أربعة وأخبره بأنه يحبهم منهم علي وإنه لا يحبه إلا مؤمن ولا يبغضه إلا منافق. وإن من سبه فقد سب النبي صلى الله عليه وسلم. وإنه يقاتل على ( تأويل ) القرآن كما قاتل صلى الله عليه وسلم على تنزيله. وإنه يهلك فيه اثنان : محب مفرط : ومبغض مبهت. وإن قاتله اللعين ابن ملجم أشقى الآخرين كما أن عاقر الناقة أشقى الأولين.
    23 ـ جمال الدين الحسيني الشيرازي المتوفى 1000 ، قال في ( أربعينه ) بعد ذكر حديث الغدير ونزول آية سأل سائل في القضية : أصل هذا الحديث سوى قصة الحارث تواتر عن أمير المؤمنين عليه السلام ، وهو متواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم أيضا ، ورواه
1 ـ هؤلاء هم المشهود لعلي عليه السلام يوم الرحبة لا كل رواة الحديث.

(302)
جمع كثير وجم غفير من الصحابة فرواه ابن عباس ، ثم روى لفظ ابن عباس وحذيفة ابن أسيد الغفاري وحديث الركبان.
    24 ـ جمال الدين أبو المحاسن يوسف بن صلاح الدين الحنفي ، قال في [ المعتصر من المختصر ] ص 413 : روى أبو الطفيل واثلة بن الأسقع (1) قال : جمع الناس علي بن أبي طالب في الرحبة فقال : انشد بالله عز وجل كل امرئ سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم غدير خم يقول ما سمع ؟ فقام أناس من الناس فشهدوا : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم غدير خم : ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟ وهو قائم ثم أخذ بيد علي فقال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، أللهم ؟ وال من والاه ، وعاد من عاداه. قال أبو الطفيل : فخرجت وفي نفسي منه شيء فلقيت زيد بن أرقم فأخبرته فقال : ما تتهم أنا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم. لا يلتفت إلى من أنكر خروج علي إلى الحج مع النبي صلى الله عليه وسلم و مروره في طريقه بغدير خم ، وقال : قدم علي من اليمن بالبدن ، لأنه وإن لم يكن معه في خروجه إلى الحج فكان معه في رجوعه على طريقه الذي كان مروره به بغدير خم ، فيحتمل أنه كان هذا الكلام في الرجعة يؤيده الحديث الصحيح : إنه كان القول من رسول الله صلى الله عليه وسلم بغدير خم في رجوعه إلى المدينة من حجه عن زيد بن أرقم قال : لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من حجة الوداع ونزل بغدير خم أمر بدوحاته فقممن. وذكر الحديث بلفظ زيد المذكور من طريق النسائي ص 30.
    25 ـ الشيخ نور الدين الهروي القاري الحنفي المتوفى 1014 ، قال في [ المرقاة شرح المشكاة ] ج 5 ص 568 بعد رواية الحديث بطرق شتى : والحاصل أن هذا حديث صحيح لا مرية فيه ، بل بعض الحفاظ عده متواترا إذ في رواية لأحمد أنه سمعه من النبي ثلاثون صحابيا وشهدوا به لعلي لما نوزع أيام خلافته (2) وقال ص 584 : رواه أحمد في مسنده وأقل مرتبته أن يكون حسنا ، فلا التفات لمن قدح في ثبوت هذا الحديث.
1 ـ كذا في المعتصر والصحيح : أبو الطفيل عامر بن واثلة.
2 ـ إذا كان بلوغ رواة الحديث ثلثين موجبا لتواتره فكيف به إذا أنهيناهم في هذا الكتاب إلى ما ينيف على المائة صحابيا ؟ ثم كيف به إذا أنهاهم الحافظ أبو العلاء العطار إلى مائتين وخمسين طريقا ؟.


(303)
وأبعد من رده بأن عليا كان باليمن لثبوت رجوعه منها وإدراكه الحج من النبي صلى الله عليه وسلم ولعل سبب قول هذا القائل أنه وهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال هذا القول عند وصوله من المدينة إلى غدير خم. ثم قال ( بعضهم ) : إن زيادة أللهم وال من والاه. موضوعة مردود فقد ورد من طرق صحح الذهبي كثيرا منها.
    26 ـ زين الدين المناوي الشافعي المتوفى 1031 ، قال في فيض القدير 6 ص 218 : قال ابن حجر : حديث كثير الطرق جدا قد استوعبها ابن عقدة في كتاب مفرد منها صحاح ومنها حسان. وفي بعضها : قال ذلك يوم غدير خم ، وزاد البزار (1) في روايته : أللهم ؟ وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وأحب من أحبه ، وأبغض من أبغضه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله ، ولما سمع أبو بكر وعمر ذلك قالا فيما أخرجه الدارقطني عن سعد بن أبي وقاص : أمسيت يا بن أبي طالب ؟ مولى كل مؤمن ومؤمنة. وأخرج أيضا : قيل لعمر : إنك تصنع بعلي شيئاً لا تصنعه بأحد من الصحابة قال : إنه مولاي. ثم قال : بعد رواية حديث نزول آية : سأل سائل بعذاب واقع. يوم الغدير : قال الهيثمي : رجال أحمد ثقات. وقال في موضع آخر : رجاله رجال الصحيح. وقال المصنف ( السيوطي ) حديث متواتر.
    27 ـ نور الدين الحلبي الشافعي المتوفى 1044 ، ذكره في السيرة الحلبية 3 ص 302 ما مر عن ابن حجر من صحة الحديث ووروده بأسانيد صحاح وحسان وعدم الالتفات إلى القادح في صحته ، وعدم كون ذيله موضوعا ، ووروده من طرق صحح الذهبي كثيرا منها.
    28 ـ الشيخ أحمد بن باكثير المكي الشافعي المتوفى 1047 ، قال في وسيلة المآل في مناقب الآل بعد رواية الحديث بلفظ حذيفة بن أسيد ، وعامر بن ليلى ، و ابن عباس ، والبراء بن عازب : أخرج هذه الرواية البزار برجال الصحيح عن فطر بن خليفة وهو ثقة. وعن أم سلمة رضي الله عنها فذكر لفظها ثم لفظ سعد بن أبي وقاص فقال : أخرج الدارقطني في الفضايل عن معقل بن يسار رضي الله عنه قال : سمعت أبا بكر رضي الله
1 ـ إضافة هذه الزيادة إلى البزار فحسب تحكم باطل وقد أخرجها زرافات من الحفاظ كما أوقفناك عليه.

(304)
عنه يقول : علي بن أبي طالب عترة رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الذي حث النبي صلى الله عليه وسلم على التمسك بهم والأخذ بهديهم فإنهم نجوم الهدى من اقتدى بهم اهتدى ، وخصه أبو بكر بذلك رضي الله عنه لأنه الإمام في هذا الشأن وباب مدينة العلم والعرفان فهو إمام الأئمة و عالم الأمة ، وكأنه أخذ ذلك من تخصيصه صلى الله عليه وسلم له من بينهم يوم غدير خم بما سبق ، وهذا حديث صحيح لا مرية فيه ولا شك ينافيه ، وروي عن الجم الغفير من الصحابة وشاع واشتهر ، وناهيك بمجمع حجة الوداع ، قال شيخ الاسلام العسقلاني رحمه الله تعالى : حديث من كنت مولاه. أخرجه الترمذي والنسائي وهو كثير الطرق جدا ، وقد استوعبها ابن عقدة في كتاب مفرد ، وكثير من أسانيدها صحاح وحسان. ويدل على ذلك ما روى أبو الطفيل رضي الله عنه : إن عليا رضي الله عنه وكرم وجهه جمع الناس وهو خليفة في الرحبة موضع بالعراق ثم قام فحمد الله وأثنى عليه. إلى آخر اللفظ المذكور ص 176.
    29 ـ الشيخ عبد الحق الدهلوي البخاري المتوفى 1052 ، قال في شرح المشكاة ما تعريبه : وهذا الحديث صحيح بلا شك ، رواه جمع مثل الترمذي والنسائي وأحمد ، وطرقه كثيرة رواه ستة عشر صحابيا ، وفي رواية : سمعه عن النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثون صحابيا وشهدوا به ولعلي لما نوزع أيام خلافته. وكثير من أسانيده صحاح وحسان ولا يلتفت إلى قول من تكلم في صحته ولا إلى قول بعضهم : إن زيادة أللهم وال من والاه. موضوع لأنها رويت بطرق شتى صحح أكثرها الذهبي. وقال في ( لمعاته ) : هذا حديث صحيح لا مرية فيه ، وقد أخرجه جماعة كالترمذي. إلى آخر كلامه المذكور ثم قال : كذا قال الشيخ ابن حجر في الصواعق المحرقة.
    30 ـ الشيخ محمود بن محمد الشيخاني القادري المدني ، قال في ( الصراط السوي في مناقب آل النبي ) : ومن تلك الأحاديث الواردة الصحيحة قوله صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه : من كنت مولاه فعلي مولاه. أخرجه الترمذي والنسائي والإمام أحمد وغيرهم ، وكم حديث صحيح ما أخرجه الشيخان. ثم روى حديث الرحبة بلفظ سعيد ابن وهب فقال : قال الذهبي : هذا حديث صحيح. ثم ذكر رواية أحمد حديث الرحبة


(305)
عن أبي الطفيل وزيد بن أرقم فقال : قال الحافظ الذهبي : هذا الحديث صحيح غريب (1) ثم رواه من طريق أبي عوانة عن أبي الطفيل عن زيد فقال : قال الحافظ الذهبي : هذا حديث صحيح. ثم رواه من طريق الحافظين أبي يعلى والحسن بن سفيان فقال : قال الحافظ الذهبي : هذا حديث حسن إتفق على ما ذكرنا جمهور أهل السنة.
    وأما ما انفرد به أهل البدع من الاسماعيلية (2) ببلاد اليمن وخالف به أهل الجمعة والجماعة والسنن فإنهم قالوا في قوله صلى الله عليه وسلم يوم غدير خم أي مرجعه من حجة الوداع بعد أن جمع أصحابه وكرر عليهم قوله : ألست أولى بكم من أنفسكم ؟ ثلثا وهم يجيبونه بالتصديق والاعتراف ، ثم رفع يد علي رضي الله عنه وقال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، أللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، واخذل من خذله ، و انصر من نصره ، وأدر الحق معه حيث دار : معنى المولى في هذا الحديث : الأولى لا الناصر وغيرهما من المعاني المشتركة ، قال المدعي من الاسماعيلية : وإنما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن لعلي رضي الله عنه ما لرسول الله من الولاء عليهم وجعل قوله أولا : ألست أولى بكم من أنفسكم ؟ سندا. وقال المدعي أيضا : لو كان المولى بمعنى الناصر والسيد وغيرهما لما احتاج إلى جمع الصحابة وإشهادهم ، ولا أن يأخذ بيد علي ويرفعها ، لأن ذلك يعرفه كل أحد ، ولا يحتاج إلى الدعاء له بقوله : أللهم وال من والاه. إلى آخره ، وقال المدعي أيضا : ولا يكون هذا الدعاء إلا لإمام معصوم مفترض الطاعة بعده. وبدليل جعله الحق تابعا لعلي لا متبوعا له ، ولا يكون ذلك إلا لمن و وجبت طاعته وعصمته. وقال المدعي : فصح بهذا إن عليا رضي الله عنه هو الوصي وإنه نص من رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن خلافة من تقدمه معصية. إنتهى افتراء المدعي.
    أقول : قد مر الأحاديث الصحاح والحسان وليس فيها جميع ما ذكره المدعي بل الصحيح مما ذكرنا : من كنت مولاه فعلي مولاه. والصحيح ما ذكرناه أيضا : أللهم
1 ـ ليس لغرابته وجه بالمعنى الاصطلاحي ولا بغيره إلا كونه في فضل أمير المؤمنين (ع).
2 ـ سيوافيك في بيان مفاد الحديث أن هذه البرهنة لم تختص بالاسماعيلية ، وإنما هي مقتضى الحق الصراح ، وقد قال به كل من بري ولاءا لأمير المؤمنين بعد رسول الله صلى الله عليه وآله كولائه خلافة عنه.


(306)
وال من والاه. والصحيح ما ذكرناه أيضا : إن الله ولي المؤمنين ومن كنت وليه فهذا وليه ، أللهم ؟ وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره. والصحيح مما ذكرنا أيضا قوله صلى الله عليه وسلم للناس : أتعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟ قالوا : نعم يا رسول الله ؟ قال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، أللهم : وال من والاه ، وعاد من عاداه. والصحيح مما ذكرنا أيضا : قوله صلى الله عليه وسلم : كأني دعيت فأجبت وإني قد تركت فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي فانظروا كيف تخلفوني فيهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض. ثم قال : إن الله مولاي وأنا ولي كل مؤمن. ثم أخذ بيد علي فقال : من كنت مولاه فهذا وليه ، أللهم ، وال من والاه ، وعاد من عاداه. والصحيح مما ذكرنا أيضا : قوله صلى الله عليه وسلم : ألست أولى بكل مؤمن من نفسه ؟ قالوا بلى. قال : فإن هذا مولى من أنا مولاه ، أللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه. فلقيه عمر رضي الله عنه فقال : هنيئا لك أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة.
    إنتهى ما هو الصحيح والحسان وليس في ذلك من مخترعات المدعي ومفترياته (1) وقد استوعب طرق الأحاديث المذكورة وغيرها ابن عقدة في كتاب مفرد.
    31 ـ السيد محمد البرزنجي الشافعي المتوفى 1103 ، قال في تأليفه ( النواقض ) : إعلم أن الشيعة يدعون أن هذا الحديث نص جلي في إمامة علي رضي الله عنه وهو أقوى شبههم. والقدر الذي ذكرناه وهو : من كنت مولاه فعلي مولاه. من دون تلك الزيادة من الحديث صحيح وروي من طرق كثيرة (2).
    32 ـ ضياء الذين المقبلي المتوفى 1108 ، عد حديث الغدير في كتابه ـ الأبحاث المسددة في الفنون المتعددة ـ من الأحاديث المتواترة المفيدة للعلم.
    وفي تعليق [ هداية العقول إلى غاية السئول ] 2 ص 30 : نقل العلامة السيد عبد الله
1 ـ لم يأت المدعي إلا بشيء مما صححه هذا الرجل ولم يزد عليه إلا بيانا في سرد الاحتجاج به ( ولا مناص له من ذلك ) فإن كان له نظر في الحجة فلماذا لم يبده ؟ وستقف على لباب القول في هذه كلها إنشاء الله تعالى
2 ـ مر الايعاز إلى نص الحفاظ على صحة صدر الحديث وذيله وأنهما قويا الاسناد وسيوافيك القول الفصل في ( القرائن المعينة ) من الكتاب إنشاء الله تعالى.


(307)
ابن علي الوزير في طبق الحلوى تاريخه المعروف عن السيد محمد إبراهيم : إن حديث من كنت مولاه. له مائة وخمسون طريقا ، لكن لم يعرف كل ذلك من حفاظ الحديث إلا الأفراد ، وقال السيد العلامة محمد (1) بن إسماعيل الأمير رحمه الله : إن له مائة وخمسين طريقا. قال العلامة المقبلي ( المترجم ص 142 ) بعد سرده لبعض طرق هذا الحديث : فإن لم يكن هذا معلوما فما في الدين معلوم. وجعل هذا في الفصول من المتواتر لفظا و كذلك حديث المنزلة ، وأقر الجلال كلام الفصول في تواتر حديث الغدير ولم يسلمه في حديث المنزلة قال : وإنما هو ( يعني حديث المنزلة ) صحيح مشهور لا متواتر (2).
    وقال السيد الأمير محمد الصنعاني المذكور في ـ الروضة الندية شرح التحفة العلوية ـ : وحديث الغدير متواتر عند أكثر أئمة الحديث ، قال الحافظ الذهبي في تذكرة الحفاظ في ترجمة الطبري : ألف محمد بن جرير فيه كتابا. وقال الذهبي : وقفت عليه فاندهشت لكثرة طرقه. وقال الذهبي في ترجمة الحاكم : فله طرق جيدة أفردتها بمصنف. قلت : عده الشيخ المجتهد نزيل حرم الله ضياء الدين صالح بن مهدي المقبلي في الأحاديث المتواترة التي جمعها في أبحاثه ، وهو من أئمة العلم والتقوى و الانصاف ، ومع إنصاف الأئمة بتواتره فلا يمل بإيراد طرقه بل يتبرك ببعض منها.
    33 ـ الشيخ محمد صدر العالم ، قال في ـ معارج العلى في مناقب المرتضى ـ : ثم اعلم أن حديث الموالاة متواتر عند السيوطي رحمه الله كما ذكره في ( قطف الأزهار ) فأردت أن أسوق طرقه ليتضح التواتر فأقول : أخرج أحمد والحاكم عن ابن عباس وابن أبي شيبة وأحمد عنه عن بريدة ، وأحمد وابن ماجة عن البراء. والطبراني عن جرير. وأبو نعيم عن جندع الأنصاري. وابن قانع عن حبشي بن جنادة. والترمذي وقال : حسن غريب. والنسائي والطبراني والضياء المقدسي عن أبي الطفيل عن زيد بن أرقم أو حذيفة بن أسيد. وابن أبي شيبة والطبراني عن أبي أيوب. وابن أبي شيبة وابن أبي عاصم والضياء عن سعد بن أبي وقاص. والشيرازي في الألقاب عن عمر. والطبراني عن مالك بن الحويرث. وأبو نعيم في فضايل الصحابة عن يحيى بن جعدة عن زيد بن أرقم
1 ـ أحد شعراء الغدير في القرن الثاني عشر تأتي هناك ترجمته.
2 ـ خفى عليه تواتر حديث المنزلة وأنه من المتفق عليه.


(308)
وابن عقدة في كتاب الموالاة عن حبيب بن بديل بن ورقاء وقيس بن ثابت وزيد بن شراحيل الأنصاري. وأحمد عن علي وثلاثة عشر رجلا. وابن أبي شيبة عن جابر. وأخرج أحمد وابن أبي عاصم في السنة عن زاذان بن عمر قال : سمعت عليا في الرحبة ( فذكر إلى آخر الحديث ) ثم قال : وأخرج أحمد عن البراء بن عازب وزيد بن أرقم ( فذكر لفظهما ثم قال ) : وأخرج الطبراني عن ابن عمر. وابن أبي شيبة عن أبي هريرة واثنى عشر من الصحابة. وأحمد والطبراني والضياء عن أبي أيوب وجمع من الصحابة. والحاكم عن علي وطلحة. وأحمد والطبراني والضياء عن علي وزيد بن أرقم وثلاثين رجلا من الصحابة. وأبو نعيم في فضايل الصحابة عن سعد. والخطيب عن أنس. وأخرج عبد الله بن أحمد وأبو يعلى وابن جرير والخطيب والضياء عن عبد الرحمن بن أبي ليلي قال : شهدت عليا في الرحبة ( فذكر الحديث بتمامه ) ثم قال : وأخرج الطبراني عن عمرو بن مرة وزيد ابن أرقم معا. وأخرج الطبراني والحاكم عن أبي الطفيل عن زيد بن أرقم ( فذكر الحديث باللفظ الذي أسلفناه ) فقال : وأخرج الطبراني عن حبشي بن جنادة. وأخرج أبو نعيم في فضايل الصحابة عن زيد بن أرقم والبراء بن عازب.
    34 ـ السيد ابن حمزة الحراني الدمشقي الحنفي المتوفى 1120 ، روى حديث الغدير في كتابه البيان والتعريف 2 ص 136 و 230 من طرق الترمذي و النسائي والطبراني والحاكم والضياء المقدسي ، ثم قال : قال السيوطي حديث متواتر.
    35 ـ أبو عبد الله الزرقاني المالكي المتوفى 1122 ، قال في شرح المواهب 7 ص 13 بعد ذكر كلام المصنف المذكور ص 300 : وخصه لمزيد علمه ، ودقائق استنباطه وفهمه ، وحسن سيرته ، وصفاء سريرته ، وكرم شيمه ، ورسوخ قدمه ( إلى أن قال ) : و للطبراني وغيره بإسناد صحيح : إنه صلى الله عليه وسلم خطب بغدير خم وهو موضع بالجحفة برجعة من حجة الوداع ( فذكر الحديث ) وفيه : يا أيها الناس ؟ إن الله مولاي وأنا مولى المؤمنين وأنا أولى بهم من أنفسهم ، فمن كنت مولاه فعلي مولاه ، أللهم ؟ وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وأحب من أحبه ، وأبغض من أبغضه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله ، و أدر الحق معه حيث دار. وزعم بعض أن زيادة : أللهم وال ... إلخ. موضوعة ، مردودة بأن ذلك جاء من طرق صحح الذهبي كثيرا منها ، وروى الدارقطني عن سعد قال : لما


(309)
سمع أبو بكر وعمر ذلك قالا : أمسيت يا بن أبي طالب ؟ مولى كل مؤمن ومؤمنة ( ثم ذكر حديث نزول آية سأل سائل حول القضية وترجم ابن عقدة وأثنى عليه فقال ) : وهو متواتر رواه ستة عشر صحابيا (1) وفي رواية لأحمد أنه سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثون صحابيا وشهدوا به لعلي لما نوزع أيام خلافته ، فلا التفات إلى من قدح في صحته ولا لمن رده بأن عليا كان باليمن لثبوت رجوعه منها وإدراكه الحج معه صلى الله عليه وسلم.
    36 ـ شهاب الدين الحفظي الشافعي ، أحد شعراء الغدير في القرن الثاني عشر ، قال في ـ ذخيرة الأعمال في شرح عقد جواهر اللآل ـ : هذا حديث صحيح لا مرية فيه أخرجه الترمذي والنسائي وأحمد وطرقه كثيرة. قال الإمام أحمد رحمه الله : وشهد به لعلي ثلاثون صحابيا لما نوزع في أيام خلافته.
    37 ـ ميرزا محمد البدخشي ، قال في نزل الأبرار ص 21 : هذا حديث صحيح مشهور ، ولم يتكلم في صحته إلا متعصب جاحد لا اعتبار بقوله ، فإن الحديث كثير الطرق جدا ، وقد استوعبها ابن عقدة في كتاب مفرد ، وقد نص الذهبي على كثير من طرقه بالصحة ، ورواه من الصحابة عدد كثير.
    وقال في [ مفتاح النجا في مناقب آل العبا ] : أخرج الحكيم في نوادر الأصول و الطبراني بسند صحيح في الكبير عن أبي الطفيل عن حذيفة بن أسيد رضي الله عنه : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب بغدير خم تحت شجرة فقال : يا أيها الناس ؟ قد نبأني اللطيف الخبير ـ إلى آخر ما مر ص 27 ـ فقال : وأخرج أحمد عن البراء بن عازب وزيد بن أرقم رضي الله عنهما ـ باللفظ الذي أسلفناه ص 30 ـ ثم قال : وأخرج أحمد عن علي وأبي أيوب الأنصاري. وعمرو بن مرة. وأبو يعلى عن أبي هريرة. وابن أبي شيبة عنه وعن اثنى عشر من الصحابة. والبزار عن ابن عباس وعمارة وبريدة. والطبراني عن ابن عمر ومالك بن الحويرث وأبي أيوب وجرير وسعد بن أبي وقاص وأبي سعيد الخدري وأنس. والحاكم عن علي وطلحة. وأبو نعيم في فضايل الصحابة عن سعد. والخطيب عن أنس رضي الله عنهم ـ ثم ذكر الحديث فقال : وفي رواية أخرى للطبراني عن عمرو بن مرة وزيد بن أرقم وحبشي بن جنادة رضي الله عنهم
1 ـ هذا ما وصلت إليه حيطته وهو يرى تواتر الحديث به. وقد أسلفنا أن رواته من الصحابة تربو على المائة.

(310)
مرفوعا بلفظ : من كنت مولاه فعلي مولاه ، أللهم ؟ وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، واعن من أعانه. وعند ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعا : أللهم ؟ من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم ؟ وال من والاه ، وعاد من عاداه ، واخذل من خذله ، وانصر من نصره ، وأحب من أحبه ، وأبغض من أبغضه. وفي أخرى لأبي نعيم في فضايل الصحابة عن زيد بن أرقم والبراء بن عازب معا مرفوعا : ألا ؟ إن الله وليي وأنا ولي كل مؤمن ، من كنت مولاه فعلي مولاه. ولأحمد في رواية أخرى. ولابن حبان والحاكم والحافظ أبي بشر إسماعيل بن عبد الله العبدي الاصبهاني المشهور بسمويه عن ابن عباس عن بريدة ( وذكر لفظه ) وللطبراني في رواية أخرى عن أبي الطفيل عن زيد بن أرقم ( وذكر لفظه ) وعند الترمذي والحاكم عن زيد بن أرقم ( وذكر لفظه ) أقول : هذا حديث صحيح مشهور نص الحافظ أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي التركماني الفارقي ثم الدمشقي على كثير من طرقه بالصحة. وهو كثير الطرق جدا. وقد استوعبها الحافظ أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الكوفي المعروف بابن عقدة في كتاب مفرد. وأخرج أحمد عن أبي الطفيل قال جمع علي كرم الله وجهه الناس في الرحبة ( ثم ذكر حديث الرحبة ).
    38 ـ مفتي الشام العمادي الحنفي الدمشقي المتوفى 1171 ، عده في ـ الصلاة الفاخرة ـ ص 49 من الأحاديث المتواترة ، يرويه كما قال في أول كتابه من عشرة مشايخ فأكثر نقلا عن الترمذي والبزار وأحمد والطبري وأبي نعيم وابن عساكر وابن عقدة وأبي يعلى.
    39 ـ أبو العرفان الصبان الشافعي المتوفى 1206 ، قال في ( إسعاف الراغبين ) في هامش نور الأبصار ص 153 بعد رواية الحديث : رواه عن النبي ثلاثون صحابيا ، وكثير من طرقه صحيح أو حسن.
    40 ـ السيد محمود الآلوسي البغدادي المتوفى 1270 ، قال في روح المعاني 2 ص 249 : نعم ثبت عندنا أنه صلى الله عليه وسلم قال في حق الأمير هناك ( يعني غدير خم ) : من كنت مولاه فعلي مولاه. وزاد على ذلك كما في بعض الروايات ، لكن : لا دلالة (1) في
1 ـ ستقف على دلالته في بيان مفاد الحديث. وإنما الغرض من كلامه هو البخوع لصحة السند.
كتاب الغدير ـ الجزء الأول ::: فهرس