كتاب الغدير ـ الجزء الأول ::: 331 ـ 340
(331)
في بيته فجاء عثمان بن عفان يعوده فخرج عثمان وصعد المنبر فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : تقتلك الفئة الباغية ، قاتل عمار في النار.
    وأخرج الحافظ أبو يعلى وابن عساكر كما في ترتيب جمع الجوامع 7 ص 74 عن عبد الله بن عمر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بعمار : تقتلك الفئة الباغية ، بشر قاتل عمار بالنار.
    وفي جمع الجوامع كما في ترتيبه 7 ص 75 و ج 6 ص 184 من طريق الحافظ ابن عساكر عن أسامة بن زيد قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ما لهم ولعمار يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار ؟ قاتله وسالبه في النار. أخرجه ابن كثير في تاريخه 7 ص 268.
    وفي ترتيب الجمع 7 ص 75 من طريق ابن عساكر عن مسند على : إن عمارا مع الحق والحق معه يدور عمار مع الحق أينما دار ، وقاتل عمار في النار.
    وأخرج أحمد وابن عساكر عن عثمان. وابن عساكر عن أم سلمة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمار : تقتلك الفئة الباغية قاتلك في النار. كنز العمال 6 ص 184 ، وأخرجه عن أم سلمة ابن كثير في تاريخه 7 ص 270 من طريق أبي بكر بن أبي شيبة.
    وأخرج أحمد في مسنده 4 ص 89 خالد بن الوليد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من عادى عمارا عاداه الله ، ومن أبغض عمارا أبغضه الله. وأخرجه الحاكم في المستدرك 3 ص 391 بطريقين صححهما هو والذهبي ، والخطيب في تاريخه 1 ص 152 ، وابن الأثير في أسد الغابة 4 ص 45 ، وابن كثير في تاريخه 7 ص 311 ، وابن حجر في الإصابة 2 ص 512 ، والسيوطي في جمع الجوامع كما في ترتيبه 7 ص 73 من طريق ابن أبي شيبة وأحمد ، وفي 6 ص 184 من طرق أحمد وابن حبان والحاكم.
    وأخرج الحاكم في المستدرك 3 ص 390 بإسناد صححه هو والذهبي عن رسول الله صلى الله عليه وآله بلفظ : من يسب عمارا يسبه الله ، ومن يبغض عمارا يبغضه الله ، و من يسفه عمارا يسفهه الله. ورواه السيوطي في الجمع كما في ترتيبه 7 ص 73 من طريق ابن النجار والطبراني بلفظ من سب عمارا سبه الله ، ومن حقر عمارا حقره الله ، و ومن سفه عمارا سفهه الله.
    وأخرج الحاكم في المستدرك 3 ص 391 بإسناده بلفظ : من يحقر عمارا يحقره


(332)
الله ، ومن يسب عمارا يسبه الله ، ومن يبغض عمارا يبغضه الله. وأخرجه السيوطي في جمع الجوامع كما في ترتيبه 7 ص 73 من طريق أبي يعلى وابن عساكر ، وفي 6 ص 185 عن أبي يعلى وابن قانع والطبراني والضياء المقدسي في المختارة.
    وأخرج الحاكم في المستدرك 3 ص 389 بإسناد صححه هو والذهبي في تلخيصه بلفظ : من يسب عمارا يسبه الله ، ومن يعاد عمادا يعاده الله.
    وأخرج أحمد في المسند 4 ص 90 بإسناده بلفظ : من يعاد عمارا يعاده الله عز وجل ، ومن يبغضه يبغضه الله عز وجل ، ومن يسبه يسبه الله عز وجل.
    فأين هذه النصوص الصحيحة المتواترة (1) من اجتهاد أبي الغادية ؟ أو أين هو من تبرير ابن حزم عمل أبي الغادية ؟ أو أين هو من رأيه في اجتهاده ، ومحاباته له بالأجر الواحد ؟ وهو في النار لا محالة بالنص النبوي الشريف ، وهل تجد بغضا أو تحقيرا أعظم من القتل ؟.
    وهناك دروس في هذه كلها يقرأها علينا التأريخ ، قال ابن الأثير في الكامل 3 ص 134 : إن أبا الغادية قتل عمارا وعاش إلى زمن الحجاج ودخل عليه فأكرمه الحجاج وقال له : أنت قتلت ابن سمية ؟ يعني عمارا قال : نعم ، فقال : من سره أن ينظر إلى عظيم الباع يوم القيامة فلينظر إلى هذا الذي قتل ابن سمية ، ثم سأله أبو الغادية حاجته فلم يجبه إليها ، فقال : نوطئ لهم الدنيا ولا يعطونا منها ويزعم أني عظيم الباع يوم القيامة ، فقال الحجاج : أجل والله من كان ضرسه مثل أحد وفخذه مثل جبل ورقان ومجلسه مثل المدينة والربذة إنه لعظيم الباع يوم القيامة ، والله لو أن عمارا قتله أهل لأرض كلهم لدخلوا كلهم النار. م ـ وذكره ابن حجر في الإصابة 4 ص 151 ].
    وفي الاستيعاب هامش الإصابة 4 ص 151 : أبو الغادية كان محبا في عثمان وهو قاتل عمار وكان إذا استأذن على معاوية وغيره يقول : قاتل عمار بالباب ، وكان يصف قتله له إذا سئل عنه لا يباليه ، وفي قصته عجب عند أهل العلم روى عن النبي قوله : لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض. وسمعه منه ثم قتل عمارا.
1 ـ على ما اختاره ابن حزم من حد التواتر في ساير الأحاديث.

(333)
    وهذه كلها تنم عن غايته المتوخاة في قتل عمار واطلاعه ووقوفه على ما أخبر به النبي الأقدس في قاتل عمار ، وعدم ارتداعه ومبالاته بقتله بعدهما ، غير أنه كان بطبع الحال على رأي إمامه معاوية ويقول لمحدثي قول النبي بمقاله المذكور : إنك شيخ أخرق ، ولا تزال تحدث بالحديث ، وأنت ترحض في بولك.
    وأنت أعرف مني بمغزى هذا الكلام ومقدار أخذ صاحبه بالسنة النبوية و اتباعه لما يروى عن مصدر الوحي الإلهي ، وبأمثال هذه كان اجتهاد أبي الغادية فيما ارتكبه أو ارتبك فيه.
    وغاية ما عند ابن حزم في قتلة عثمان : أن اجتهادهم في مقابلة النص : ( لا يحل دم امرء مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلث ، الثيب الزاني ، والنفس بالنفس ، والتارك لدينه المفارق للجماعة ) (1) لكنه لا يقول ذلك في قاتل علي عليه السلام ومقاتليه وقاتل عمار ، وقد عرفت أن الحالة فيهم عين ما حسبه في قتلة عثمان.
    ثم إن ذلك على ما أصله هو في غير مورد لا يأدي إلا خطأ القوم في اجتهادهم فلم لم يحابهم الأجر الواحد كما حابى عبد الرحمن بن ملجم ونظرائه ؟ نعم : له أن يعتذر بأن هذا قاتل علي وأولئك قتلة عثمان.
    على أن نفيه المجال للاجتهاد هناك إنما يصح على مزعمته في الاجتهاد المصيب وأما المخطئ منه فهو جار في المورد كأمثاله من مجاريه عنده.
    ثم إن الرجل في تدعيم ما ارتئاه من النظريات الفاسدة وقع في ورطة لا تروقه ، ألا وهي سب الصحابة بقوله : فهم فساق ملعونون. وذهب جمهور أصحابه على تضليل من سبهم بين مكفر ومفسق ، وإنه موجب للتعزير عند كثير من الأئمة بقول مطلق من غير تفكيك بين فرقة وأخرى أو استثناء أحد منهم ، وهو إجماعهم على عدالة
1 ـ أخرجه البخاري ومسلم في الصحيحين وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة و الدارمي في السنن ، وابن سعد في الطبقات ، وأحمد والطيالسي في المسندين ، وابن هشام في السيرة ، والواقدي في المغازي 430 و 432.

(334)
الصحابة أجمعين (1) وهو بنفسه يقول في الفصل ج 3 ص 257 : وأما من سب أحدا من الصحابة رضي الله عنهم فإن كان جاهلا فمعذور ، وإن قامت عليه الحجة فتمادى غير معاند فهو فاسق كمن زنى وسرق : وإن عاند الله تعالى في ذلك ورسوله صلى الله عليه وسلم فهو كافر ، وقد قال عمر رضي الله عنه بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم عن حاطب وحاطب مهاجر بدري : دعني أضرب عنق هذا المنافق. فما كان عمر بتكفيره حاطبا كافرا بل كان مخطئا متأولا ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم آية النفاق بغض الأنصار. وقال لعلي : لا يبغضك إلا منافق.
    وكم عند ابن حزم من المجتهدين نظراء عبد الرحمن بن ملجم وأبي الغادية حكم في الفصل بأنهم مجتهدون وهم مأجورون فيما أخطأوا قال في ج 4 ص 161 : قطعنا أن معاوية رضي الله عنه ومن معه مخطئون مجتهدون مأجورون أجرا واحدا. وعد في ص 160 معاوية وعمرو بن العاصي من المجتهدين ، ثم قال : إنما اجتهدوا في مسائل دماء كالتي إجتهد فيما المفتون وفي المفتين من يرى قتل الساحر وفيهم من لا يراه ، وفيهم من يرى قتل الحر بالعبد وفيهم من لا يراه ، وفيهم من يرى قتل المؤمن بالكافر وفيهم من لا يراه ، فأي فرق بين هذه الاجتهادات واجتهاد معاوية وعمرو وغيرهما ؟ لولا الجهل والعمى والتخليط بغير علم. إنتهى.
    وشتان بين المفتين الذين التبست عليهم الأدلة في الفتيا ، أو اختلفت عندهم بالنصوصية والظهور ولو بمبلغ فهم ذلك المفتي ، أو أنه وجد إحدى الطائفتين من الأدلة أقوى من الأخرى لصحة الطريق عنده ، أو تضافر الاسناد ، فجنح إلى جانب القوة ، وارتأى مقابله بضرب من الاستنباط تقوية الجانب الآخر ، فأفتى كل على مذهبه ، كل ذلك إخباتا إلى الدليل من الكتاب والسنة.
    فشتان بين هؤلاء وبين محاربي علي عليه السلام وبمرأى الملأ الاسلامي ومسمعهم كتاب الله العزيز وفيه آية التطهير الناطقة بعصمة النبي وصنوه وصفيته وسبطيه ، وفيه آية المباهلة النازلة فيهم وعلي فيها نفس النبي ، وغيرهما مما يناهز ثلاثة مائة آية (2)
1 ـ راجع الصارم المسلول على شاتم الرسول ص 572 ـ 592 ، والاحكام في أصول الأحكام 2 ص 631 ، والشرف المؤبد للشبراوي ص 112 ـ 119.
2 ـ راجع تاريخي الخطيب 6 ص 221 وابن عساكر ، وكفاية الكنجي ص 108 ، والصواعق ص 76 ، وتاريخ الخلفاء للسيوطي ص 115 ، والفتوحات الإسلامية 2 ص 342 ، ونور الأبصار ص 81 ، وهناك مصادر كثيرة أخرى.


(335)
النازلة في الإمام أمير المؤمنين.
    وهذه نصوص الحفاظ الاثبات ، والأعلام الأئمة ، وبين يديهم الصحاح والمسانيد فيها حديث التطهير. وحديث المنزلة. وحديث البرائة. ذلك الهتاف النبوي المبين المتواتر ، كل ذلك كانت تلوكه أشداق الصحابة وأنهي إلى التابعين.
    أفترى من الممكن أن يهتف المولى سبحانه في المجتمع بطهارة ذات وقدسه من الدنس ، وعصمته من كل رجس ؟ أو ينزله منزلة نفس النبي الأعظم ويسمع به عباده ؟ أو يوجب بنص كتابه المقدس على أمة نبيه الأقدس مودة ذي قرباه ؟ ( وأمير المؤمنين سيدهم ) ويجعل ولائهم أجر ذلك العب الفادح الرسالة الخاتمة العظمى ؟ و يخبر بلسان نبيه أمته بأن طاعة ( على ) طاعته ومعصيته معصيته ؟ (1) ويكون مع ذلك كله هناك مجال للاجتهاد بأن يقاتل ؟ أو يقتل ؟ أو ينفى من الأرض ؟ أو يسب على رؤس الاشهاد ؟ أو يلعن على المنابر ؟ أو تعلن عليه الدعايات ؟ وهل يحكم شعورك الحر بأن الاجتهاد في كل ذلك كاجتهاد المفتين واختلافهم في قتل الساحر وأمثاله ؟.
    وابن حزم نفسه يقول في الفصل 3 ص 258 : ومن تأويل من أهل الاسلام فأخطأ فإن كان لم تقم عليه الحجة ، ولا تبين له الحق ، فهو معذور مأجور أجرا واحدا لطلبه الحق وقصده إليه ، مغفور له خطؤه إذ لم يتعمد ، لقول الله تعالى : وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم. وإن كان مصيبا فله أجران أجر لإصابته و أجر آخر لطلبه إياه ، وإن كان قد قامت الحجة عليه ، وتبين له الحق فعند عن الحق غير معارض له تعالى ولا لرسوله صلى الله عليه وسلم فهو فاسق لجرأته على الله تعالى بإصراره على الأمر الحرام. فإن عند عن الحق معارضا لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم فهو كافر مرتد حلال الدم والمال ، لا فرق في هذه الأحكام بين الخطأ في الاعتقاد في أي شيء كان من الشريعة وبين الخطأ في الفتيا في أي شيء كان. إنتهى.
    فهل من الممكن إنكار حجية كتاب الله العزيز ؟ أو نفي ما تلوناه منه ؟ أو احتمال خفاء هذه الحجج الدامغة كلها على أهل الخطأ من أولئك المجتهدين ؟ وعدم تبين الحق لهم ؟ وعدم قيام الحجة عليهم ؟ أو تسرب الاجتهاد والتأويل في تلك النصوص أيضا ؟.
1 ـ أخرجه الحاكم في المستدرك 3 ص 121 ، 128 ، والذهبي في تلخيصه وصححاه.

(336)
    على أن هناك نصوص نبوية حول حربه وسلمه منها : ما أخرجه الحاكم في المستدرك 3 ص 149 عن زيد بن أرقم عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال لعلي وفاطمة والحسن والحسين : أنا حرب لمن حاربتم وسلم لمن سالمتم. وذكره الذهبي في تلخيصه ، وأخرجه الكنجي في الكفاية ص 189 من طريق الطبراني والخوارزمي في المناقب ص 90 ، والسيوطي في جمع الجوامع كما في ترتيبه 6 ص 216 من طريق الترمذي وابن ماجة و ابن حبان والحاكم.
    وأخرجه الخطيب بإسناده عن زيد في تاريخه 7 ص 137 بلفظ : أنا حرب لمن حاربكم وسلم لمن سالمكم ، والحافظ ابن عساكر في تاريخه 4 ص 316 ، ورواه الكنجي في كفايته ص 189 من طريق الترمذي ، وابن حجر في الصواعق ص 112 من طريق الترمذي وابن ماجة وابن حبان والحاكم ، وابن الصباغ المالكي في فصوله ص 11 ، ومحب الدين في الرياض 2 ص 189 ، والسيوطي في جمع الجوامع كما في ترتيبه 7 ص 102 من طريق ابن أبي شيبة والترمذي والطبراني والحاكم والضياء المقدسي في المختارة.
    م ـ وأخرجه ابن كثير في تاريخه 8 ص 36 باللفظ الأول عن أبي هريرة من طريق النسائي من حديث أبي نعيم الفضل بن دكين وابن ماجة من حديث وكيع كلاهما عن سفيان الثوري ].
    وأخرج أحمد في مسنده 2 ص 442 عن أبي هريرة بلفظ : أنا حرب لمن حاربكم وسلم لمن سالمكم. والحاكم في المستدرك 3 ص 149 ، والخطيب في تاريخه 4 ص 208 ، والكنجي في الكفاية ص 189 من طريق أحمد وقال : حديث حسن صحيح ، و المتقي في الكنز 6 ص 216 من طريق أحمد والطبراني والحاكم.
    وأخرج محب الدين الطبري في الرياض 2 ص 189 عن أبي بكر الصديق : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم خيم خيمة وهو متكئ على قوس عربية وفي الخيمة علي وفاطمة و الحسن والحسين فقال : معشر المسلمين أنا سلم لمن سالم أهل الخيمة ، حرب لمن حاربهم ، ولي لمن والاهم ، لا يحبهم إلا سعيد الجد طيب المولد ، ولا يبغضهم إلا شقي الجد ردئ الولادة.

(337)
    وأخرج الحاكم في المستدرك 3 ص 129 عن جابر بن عبد الله قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو آخذ بضبع علي بن أبي طالب وهو يقول : هذا أمير البررة ، قاتل الفجرة ، منصور من نصره ، مخذول من خذله. ثم مد بها صوته. وأخرجه ابن طلحة الشافعي في مطالب السئول ص 31 عن أبي ذر بلفظ : قائد البررة ، وقاتل الكفرة. إلخ ... ورواه ابن حجر في الصواعق ص 75 عن الحاكم ، وأحمد زيني دحلان في الفتوحات الإسلامية 2 ص 338.
    إلى أحاديث كثيرة لو جمعت لتأتي مجلدات ضخمة ، على أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يبث الدعاية بين أصحابه حول تلك المقاتلة التي زعم ابن حجر فيها اجتهاد معاوية وعمرو بن العاص ومن كان معهما ، وكان صلى الله عليه وآله يأمرهم ويأمر أميرهم ( ولي الله الطاهر ) بحربهم وقتالهم ، وبطبع الحال ما كان ذلك يخفى على أي أحد من أصحابه ، وإليك نماذج من تلك (1) الدعاية النبوية.
    أخرج الحاكم في المستدرك 3 ص 139 والذهبي في تلخيصه عن أبي أيوب الأنصاري : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر علي بن أبي طالب بقتال الناكثين والقاسطين و المارقين. ورواه الكنجي في كفايته ص 70. وأخرج الحاكم في المستدرك 3 ص 140 عن أبي أيوب قال : سمعت رسول الله يقول لعلي : تقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين. وأخرج الخطيب في تاريخه 8 ص 340 و ج 13 ص 187 وابن عساكر عن أمير المؤمنين عليه السلام قال : أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتال الناكثين والمارقين والقاسطين. وأخرجه الحمويني في فرايد السمطين في الباب الثالث والخمسين ، والسيوطي في جمع الجوامع كما في ترتيبه 6 ص 392. وأخرج الحاكم وابن عساكر كما في ترتيب جمع الجوامع 6 ص 391 عن ابن مسعود قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتى منزل أم سلمة فجاء علي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا أم سلمة ؟ هذا والله قاتل القاسطين والناكثين والمارقين من بعدي. وأخرج الحمويني في فرايد السمطين في الباب الرابع والخمسين بطريقين عن سعد بن عبادة عن علي قال : أمرت بقتال الناكثين والمارقين والقاسطين.
    وأخرج م ـ البيهقي في المحاسن والمساوي ج 1 ص 31 ] والخوارزمي في المناقب
1 ـ لم نذكرها بجميع طرقها التي وقفنا عليها روما للاختصار وستوافيك في الجزء الثالث.

(338)
ص 52 و 58 عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأم سلمة : هذا علي بن أبي طالب لحمه من لحمي ودمه من دمي ، وهو مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ، يا أم سلمة هذا أمير المؤمنين وسيد المسلمين ووعاء علمي ووصيي وبابي الذي أوتى منه ، أخي في الدنيا والآخرة ومعي في المقام الأعلى ، علي يقتل القاسطين والناكثين والمارقين. ورواه الحمويني في الفرايد في الباب السابع والعشرين والتاسع والعشرين بطرق ثلث ، م ـ وفيه : وعيبة علمي مكان وعاء علمي ] ، والكنجي في الكفاية ص 69 ، والمتقي في الكنز 6 ص 154 من طريق الحافظ العقيلي.
    وأخرج شيخ الاسلام الحمويني في فرايده عن أبي أيوب قال : أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتال الناكثين والقاسطين. من طريق الحاكم ، ومن طريقه الآخر عن غياث بن ثعلبة عن أبي أيوب قال ( غياث ) : قاله أبو أيوب في خلافة عمر بن الخطاب.
    وأخرج في الفرايد في الباب الثالث والخمسين عن أبي سعيد الخدري قال : أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين ، قلنا : يا رسول الله ؟ أمرتنا بقتال هؤلاء فمع من ؟ قال : مع علي بن أبي طالب.
    م ـ وقال ابن عبد البر في الاستيعاب 3 ص 53 هامش الإصابة : وروي من حديث علي ، ومن حديث ابن مسعود ، ومن حديث أبي أيوب الأنصاري : إنه أمر بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين].
    فلعلك باخع بما ظهرت عليه من الحق الجلي غير أنك باحث عن القول الفصل في معاوية وعمرو بن العاصي فعليك بما في طيات كتب التأريخ من كلماتهما وسنوقفك على ما يبين الرشد من الغي في ترجمة عمرو بن العاصي وعند البحث عن معاوية في الجزء العاشر.
    هذا مجمل القول في آراء ابن حزم وضلالاته وتحكماته فأنت ( كما يقول هو ) لولا الجهل والعمى والتخليط بغير علم. تجد الرأي العام في ضلاله قد صدر من أهله في محله ، وليس هناك مجال نسبة الحسد والحنق إلى من حكم بذلك من المالكيين أو غيرهم ، ممن عاصره أو تأخر عنه ، وكتابه الفصل أقوى دليل على حق القول و صواب الرأي.
    قال ابن خلكان في تاريخه 1 ص 370 : كان كثير الوقوع في العلماء المتقدمين


(339)
لا يكاد أحد يسلم من لسانه قال ابن العريف : كان لسان ابن حزم وسيف الحجاج شقيقين.
    قاله لكثرة وقوعه في الأئمة ، فنفرت منه القلوب ، واستهدف لفقهاء وقته ، فتمالؤا على بغضه ، وردوا قوله ، وإجتمعوا على تضليله ، وشنعوا عليه ، وحذروا سلاطينهم من فتنته ، ونهوا عوامهم من الدنو إليه ، والأخذ عنه ، فأقصته الملوك ، و شردته عن بلاده ، حتى انتهى إلى بادية لبلة (1) فتوفي بها في آخر نهار الأحد لليلتين بقيتا من شعبان سنة ست وخمسين وأربعمائة.
ولقد حق عليه كلمة العذاب
أفأنت تنقذ من في النار ؟

1 ـ بفتح اللامين من بلاد الأندلس.

(340)
مفاد حديث الغدير
    لعل إلى هنا لم يبق مسلك للشك في صدور الحديث عن المصدر النبوي المقدس وأما دلالته على إمامة مولانا أمير المؤمنين عليه السلام ، فإنا مهما شككنا في شيء فلا نشك في أن لفظة المولى سواء كانت نصا في المعنى الذي نحاوله بالوضع اللغوي أو مجملة في مفادها لاشتراكها بين معان جمة ، وسواء كانت عرية عن القرائن لإثبات ما ندعيه من معنى الإمامة أو محتفة بها ، فإنها في المقام لا تدل إلا على ذلك لفهم من وعاه من الحضور في ذلك المحتشد العظيم ، ومن بلغه النبأ بعد حين ممن يحتج بقوله في اللغة من غير نكير بينهم ، وتتابع هذا الفهم فيمن بعدهم من الشعراء ورجالات الأدب حتى عصرنا الحاضر ، وذلك حجة قاطعة في المعنى المراد ، وفي الطليعة من هؤلاء مولانا أمير المؤمنين عليه السلام ، حيث كتب إلى معاوية في جواب كتاب له من أبيات ستسمعها ما نصه.
وأوجب لي ولايته عليكم رسول الله يوم غدير خم
    ومنهم : حسان بن ثابت الحاضر مشهد الغدير وقد استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينظم الحديث في أبيات منها قوله :
فقال له : قم يا علي ؟ فإنني رضيتك من بعدي إماما وهاديا
    ومن أولئك : الصحابي العظيم قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري الذي يقول :
وعلي إمامنا وإمام يوم قال النبي : من كنت مولا لسوانا أتى به التنزيل ه فهذا مولاه خطب جليل
    ومن القوم : محمد بن عبد الله الحميري القائل :
تناسوا نصبه في يوم خم من البادي ومن خير الأنام
    ومنهم : عمرو بن العاصي الصحابي القائل :
كتاب الغدير ـ الجزء الأول ::: فهرس