كتاب الغدير ـ الجزء الثالث ::: 81 ـ 90
(81)
بفضلهم من أمتي ، القاطعين فيهم صلتي ، لا أنالهم الله شفاعتي ؟! (1)
    ونحن نقول : ( آمين ) ورحم الله من قال : آمينا.
    وماذا على الشيعة في قولهم ؟! بعد قوله صلى الله عليه وآله وسلم : في كل خلوف من أمتي عدول من أهل بيتي ينفون من هذا الدين تحريف الغالين ، وانتحال المبطلين ، وتأويل الجاهلين ، ألا إن أئمتكم وفدكم إلى الله عز وجل ، فانظروا بمن توفدون (2)
    وقوله صلى الله عليه وآله : إنما مثلي ومثل أهل بيتي كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق (3)
    فأهل بيت مثلهم في الأمة كمثل النبي الطاهر كيف لا تقول الشيعة بالخلافة فيهم ؟! وكيف يرى موقفهم في حبهم موقف اليهود ؟! وإلى من توجه هذه القارصة ؟!
    وهل ابن عبد ربه عزب عنه قوله صلى الله عليه وآله : النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق ، وأهل بيتي أمان لأمتي من الاختلاف ، فإذا خالفها قبيلة اختلفوا فصاروا حزب إبليس ؟! (4)
    أللهم لا ، بل طبع على قلبه وهو ألد الخصام.
    فأهل بيت هم للأمة نجوم الهداية ، ونجوم الأمن من الضلال والخلاف كيف لا يقتدي بهم ؟! وما عذر من عدل عنهم ؟! وإلى م مصير من لا يهتدي بهم ؟! وما قيمة تلك الحياة ؟! وتلك الروح ؟! وتلك النزعة ؟! وتلك النشأة ؟!
    وإن خيرة الله لم تقع على هذه الأسرة الكريمة إلا بعد كل جدارة للولاية المطلقة ، وحذق في تدبير الشيء ون في كل وقت لو انتهت إليهم قيادة البشر ، وثنيت لهم الوسادة ، غير أن مناوئيهم زحزحوها عن ساحتهم حسدا أو نزولا على حكم النهمة والشره ، إنما هي الخلافة الإلهية لا الملك كما حسبه المغفل ، وقد نص بها الشعبي كما ذكره
1 ـ أخرجه أبو نعيم في الحلية 1 ص 68 ، والطبراني والرافعي كما في ترتيب جمع الجوامع 6 ص 217.
2 ـ أخرجه الملأ كما في ذخاير العقبى 17 ، والصواعق 141.
3 ـ أخرجه الخطيب البغدادي في تاريخه 12 ص 91 ، والحاكم في المستدرك 3 ص 151 وصححه.
م 4 ـ أخرجه الحاكم في المستدرك 3 : 149 وصححه ).


(82)
ابن تيمية في منهاجه 1 ص 7 وقال : محنة الرافضة محنة اليهود قالت اليهود : لا يصلح الملك إلا في آل داود. وقالت الرافضة : لا تصلح الإمامة إلا في ولد علي.
    3 ـ قال : اليهود يؤخرون صلاة المغرب حتى تشتبك النجوم وكذلك الرافضة.
    ج ـ يجب أولا أن يحفى السؤال عن خبر هذه المسألة اليهود هل هم يعرفون شيئا منها ومن بقية المسائل المعزوة إليهم ؟!
    وليت شعري هل كتب الرجل هذه الكلمة بعد مراجعته لفقه الشيعة وأحاديث أئمتهم وفيها قول الصادق عليه السلام : من ترك صلاة المغرب عامدا إلى اشتباك النجوم فأنا منه برئ.
    وقيل له عليه السلام : إن أهل العراق يؤخرون المغرب حتى تشتبك النجوم فقال : هذا من عمل عدو الله أبى الخطاب.
    وقال عليه السلام : من أخر المغرب حتى تشتبك النجوم من غير علة فأنا إلى الله منه برئ.
    وقال عليه السلام : وقت المغرب حين تجب الشمس إلى أن تشتبك النجوم.
    وقال عليه السلام : وقت المغرب من حين تغيب الشمس إلى أن تشتبك النجوم.
    وقال عليه السلام وقد سئل عن وقت المغرب : فإذا تغيرت الحمرة في الأفق وذهبت الصفرة وقبل أن تشتبك النجوم.
    وقال له عليه السلام ذريح : إن أناسا من أصحاب أبي الخطاب يمسون بالمغرب حتى تشتبك النجوم.
    قال : أبرء إلى الله ممن فعل ذلك متعمدا.
    وقال عليه السلام : ملعون ملعون من أخر المغرب طلبا لفضلها (1)
    فلما ذا يكذب الرجل في نقله ؟! أو إنه كتب قبل أن يراجع رجما بالغيب ؟! فحيا الله الأمانة والتنقيب.
    ولعله قرع سمعه عن بعض الفرق الضالة وهم : الخطابية أصحاب أبي الخطاب إلزاما بذلك لكن أين هم من الشيعة ؟ ! والشيعة على بكرة أبيها تكفر هؤلاء وتظلهم وأحاديث أئمتهم كسحت معرة عيث هؤلاء ، فمن الإفك الشائن عزو هاتيك الشيه إلى الشيعة ، وهم وأئمتهم عنها برءآء.
1 ـ راجع من لا يحضره الفقيه. وتهذيب شيخ الطايفة واستبصاره ومجالسه


(83)
    4 ـ قال : اليهود لا ترى الطلاق الثلاث شيئا وكذا الرافضة.
    ج ـ الشيعة لا ترى ملتحدا عن البخوع للقرآن الكريم وفي أعلى هتافه :
    الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان إلى قوله تعالى : فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره ... إلخ.
    ومن جلية الحقايق أن تحقق المرتين أو الثلاث يستدعي تكرر وقوع الطلاق كما يستدعي تخلل الرجعة بينهما أو النكاح ، فلا يقال للمطلقة مرتين بكلمة واحدة أو في مجلس واحد : إنها طلقت مرارا كما إذا كان زيد أعطا درهمين لعمرو بعطاء واحد لا يقال : إنه أعطا درهمين مرتين ، وهذا معنى يعرفه كل عربي صميم
    ثم إن سياق الآية وإن كان خبريا غير أنه متضمن معنى الإنشاء الأمري كقوله تعالى : والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين. وقوله تعالى : والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء. وقوله صلى الله عليه وآله : الصلاة مثنى مثنى ، والتشهد في كل ركعتين وتسكن وخشوع. ولو كان إخبارا لما تخلف عنه خارجه ، ونحن نرى أن في الناس من يطلق طلقة واحدة ، والقرآن لا يتسرب إليه شيء من الكذب.
    فعدم الاعداد بالطلاق الثلاث على نحو الجمع عند الشيعة مأخوذ من القرآن الكريم ، ولهذه الجملة مزيد توضيح في أحكام القرآن لأبي بكر الجصاص الحنفي 1 ص 447 وهذه الفتوى هي المنقولة عن كثير من أئمة أهل السنة والجماعة ، بل المخالف الوحيد في المسألة هو الشافعي ، وقد بسط القول في الرد عليه أبو بكر الجصاص في ( أحكام القرآن ) 4 ص 449.
    وقال الإمام العراقي في ( طرح التثريب ) 7 ص 93 : وممن ذهب إلى أن جمع الطلقات الثلاث بدعة مالك. والأوزاعي. وأبو حنيفة. والليث ، وبه قال داود و أكثر أهل الظاهر.
    وقال أبو بكر الجصاص في ( أحكام القرآن ) 4 ص 459 : كان الحجاج بن أرطاة يقول : الطلاق الثلاث ليس بشيء .
    ومحمد بن إسحاق كان يقول : الطلاق الثلاث ترد إلى الواحدة. هذا ما نعرفه من الشيعة فإن كان هذا شبها بينهم وبين اليهود فهم وأولئك الأئمة


(84)
في ذلك شرع سواء ، لكن الأندلسي يحترم جانب أصحابه فشبه الشيعة باليهود فهو إما جاهل بفقه قومه فضلا عن فقه الشيعة ولم يعرف شيئا مما عندهم في المسألة ، أو يعلم ويتعمد الكذب ، أو يريد معنى غير ما ذكر ونحن لا نعرفه ولا نعرف قائلا به من الشيعة.
    وما تقرأ أو تسمع في المسألة غير ما يقوله الشيعة فهو من البدع الحادثة بعد النبي الأعظم لم يأت به الكتاب والسنة بل أحدثته أهواء مضلة ، وحبذته أناس ، وجاءوا به من عند أنفسهم ، وأمضاه عليهم عمر بن الخطاب وهذا صريح ما أخرجه مسلم في صحيحه 1 ص 574 ، وأبو داود في سننه 1 ص 344 ، وأحمد في مسنده 1 ص 314 عن ابن عباس قال :
    كان الطلاق على عهد رسول الله وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة فقال عمر بن الخطاب : إن الناس قد استعجلوا في أمر قد كانت لهم فيه أناة فلو أمضيناه عليهم. فأمضاه عليهم.
    وأخرج مسلم وأبو داود بإسناده عن ابن طاوس عن أبيه : أن أبا الصهباء قال لابن. عباس : أتعلم أنما كانت الثلاث تجعل واحدة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وثلاثا من إمارة عمر ؟! فقال ابن عباس : نعم.
    وأخرج مسلم بإسناد آخر : أن أبا الصهباء قال لابن عباس : هات من هناتك ، ألم يكن طلاق الثلاث على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر واحدة ؟! فقال : قد كان ذلك فلما كان عهد عمر تتابع الناس في الطلاق فأجازه عليهم.
    وللشراح في المقام كلمات متضاربة ، وآراء واهية ، وتوجيهات باردة بعيدة عن العلم والعربية ، وعده القسطلاني من الأحاديث المشكلة ولعمري مشكلة جدا لا يسعنا بسط الكلام في ذلك كله.
    5 ـ قال : اليهود لا ترى على النساء عدة وكذلك الرافضة.
    جالشيعة ترى على النساء من العدة ما حكم به الكتاب والسنة. فالمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلثة قروء إن كن ذوات الأقراء ، وتعتد ذوات الشهور ثلاثة أشهر. وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن.
    واللاتي توفي عنها زوجها يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا إذا كانت حائلا ، والحامل تعتد بأبعد الأجلين من العدة والوضع جمعا بين عموم الآيتين.


(85)
    والإماء تعتد قرئين من طلاق إن كن ذوات الأقراء وإلا فشهرا ونصفا.
    وتعتد من الوفاة شهرين وخمسة أيام إن كانت حائلا والحامل عدتها أبعد الأجلين.
    وأم الولد لمولاها عدتها أربعة أشهر وعشرا.
    والمتمتع بها إذا انقضى أجلها بعد الدخول أو أعرض عنه الزوج فعدتها حيضتان في ذوات الأقراء ، وخمسة وأربعون يوما في غيرهن.
    وتعتد من الوفاة بأربعة أشهر وعشرة أيام إن كانت حائلا أو لم يدخل بها ، وبأبعد الأجلين إن كانت حاملا.
    ولو كانت أمة فعدتها حائلا شهران وخمسة أيام.
    هذا ما عند الشيعة من العدة ، وهذه كتب القوم الفقهية والتفسيرية قديمة وحديثة طافحة بما ذكرناه ، فهل وجد عزوه المختلق في شيء منها ؟! اللهم لا.
    بل إنه لا يكترث بالمباهتة وهي شأنه في كثير من الموارد.
    6 ـ قال : اليهود تستحل دم كل مسلم وكذلك الرافضة.
    جهل يعرف الرجل مصدر هذه النسبة من كتب الشيعة وعلمائهم وأعلامهم ، بل من ساقتهم وذوي المراتب الواطئة منهم ؟! والشيعة هم الذين يتلون الكتاب العزيز في آناء الليل وأطراف النهار مخبتين بأن ما بين دفتيه وحي منزل من الله إلى سيد رسله صلى الله عليه وآله ، وفيه آيات التحذير عن قتل المؤمن والإيعاز بالخلود في جهنم من جرائه و فيه آية القصاص.
    والسنة النبوية وأحاديث أئمتهم مشحونة بالنهي عنه والعقوبات عليه والأحكام المرتبة عليه من قصاص وديات ، ومن المطرد في فقههم عقد كتابين فيهما.
    فبذلك كله تعلم أن هذه النسبة لا مصدر لها إلا الخيال المتوهم الصادر عن العداء المحتدم ، والعصبية الحمقاء.
    7 ـ قال : اليهود حرفوا التوراة وكذلك الرافضة حرفت القرآن.
    ج ـ إن مصدر الشيعة في التفسير والتأويل ، وفي كل حكم أو تعليم ليس إلا أحاديث معتبرة صادرة عن رجالات بيت الوحي بعد مشرفهم الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم ، وأهل البيت أدرى بما فيه ، وليس ما يروى عنهم من الشيء ون مستعصيا على العقل والمنطق ولا الأصول المسلمة في الدين ، وليس بمأخوذ من مثل قتادة والضحاك والسدي و


(86)
أمثالهم المفسرين بالرأي ، البعيدين عن مستقى العلم النبوي.
    فإذا أردت تحريف الكلم عن مواضعه والنظر إليه فإليك بكتب القوم وتفاسيرهم تجد هناك التعليلات الباردة ، والتحكمات الفارغة ، والعلل التافهة ، والآراء السخيفة ، وإنكار المسلمات ، وحسبك ما يأتي من نماذجها نقلا عن كتاب ( منهاج السنة ) لابن تيمية وغيره. إذن فألق الشبه بين اليهود وأي فرقة شيء ت.
    8 ـ قال : اليهود تبغض جبرئيل وتقول : هو عدونا من الملائكة ، وكذلك الرافضة تقول : غلط جبرئيل في الوحي إلى محمد بترك علي بن أبي طالب.
    ج لعل الرجل يحسب في أحلامه الطائشة أنه يحدث عن أمة بائدة قد أكل عليها الدهر وشرب ، فلم يبق لها من يدافع عن شرفها ، وما كان يحسب أن المستقبل الكشاف سوف يقيض من يسائله قائلا : كيف يعادي جبرئيل من يتلو في كتابه المقدس قوله تعالى : من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإن الله عدو للكافرين ؟!
    ومتى خالج شيعيا الشك في نبوة محمد صلى الله عليه وآله ؟! أو هجس في خلد أي منهم نبوة أمير المؤمنين علي عليه السلام ؟! حتى يحكم بغلط جبريل وهو يقرأ آناء الليل وأطراف النهار قوله تعالى : وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل.
    وقوله تعالى : وما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين.
    وقوله تعالى : وآمنوا بما نزل على محمد وهو الحق من ربهم.
    وقوله تعالى : محمد رسول الله.
    وقوله تعالى : ومبشرا برسول يأتي من بعدي إسمه أحمد.
    وكيف يرى شيعي أن جبريل قد غلط في الوحي ؟! وهو يتشهد بالرسالة في كل فريضة ونافلة ، وفي الأذان والإقامة ، وفي دعوات كثيرة مأثورة عن أئمتهم صلوات الله عليهم ، وتشهد بذلك كله مؤلفاتهم في الفقه والحديث والكلام والعقايد والملل والنحل. وهل من الممكن أن تزعم الشيعة ( على هذه الفرية ) إن الله سبحانه أمضى ذلك


(87)
الغلط لمجرد اشتباه جبريل وهو يريد أن يبعث أمير المؤمنين ؟! وهل يقول بهذا معتوه دهش ؟! أو بربري عزب عنه العلوم والمعارف كلها فضلا عن الشيعة وهم : هم ؟! فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا ؟! والعجب كل العجب أنه يكتب كاتب مصر اليوم وعالمها ردا على الشيعة ويسلقهم بهذا التافه الخرافي ، فلا يصدنك عنها من لا يؤمن بها واتبع هواه فتردى.
    9 ـ قال : اليهود لا تأكل لحم الجزور وكذلك الرافضة.
    ج ـ إقرأ واضحك أو اقرأ وابك.
    وإذا تحريت الوقاحة والصلف فإلى صاحب هذه الكلمة ، فإن كنت لا تعلم كيف يكذب المائن ، ويبهت الخائن ، فالأندلسي يوقفك عليه في كتابه.
    ليت شعري ما ذنب الجزور المخرج حكمه مما يؤكل لحمه من الحيوانات ؟! أو ما كرامته على الشيعة حتى أربوا به عن الذبح ؟! أنا لا أعلم شيئا من ذلك ، ولعل عند مفتعل الرواية فلسفة راقية تأول إلى تلك الفرية الشائنة.
    والحكم الفاصل في هذه المعضلة مجاذر القصابين وسواطيرهم وحوانيتهم في بلاد الشيعة من أقطار العالم.

أضحوكة
    10 ـ قال : قال أبو عثمان بحر الجاحظ : أخبرني رجل من رؤساء التجار قال : كان معنا في السفينة شيخ شرس الأخلاق طويل الإطراق وكان إذا ذكر له الشيعة غضب واربد وجهه ، وزوى من حاجبيه فقلت له يوما : يرحمك الله ما الذي تكرهه من الشيعة ؟! فإني رأيتك إذا ذكروا غضبت وقبضت. قال : ما أكره منهم إلا هذه الشين في أو إسمهم فإني لم أجدها قط إلا في كل شر وشوم وشيطان وشغب وشقاء وشفار وشرر وشين وشوك وشكوى وشهرة وشتم رشح. قال أبو عثمان : فما ثبت لشيعي بعدها قائمة.
    عجباً من سفاهة الشيخ ( شرس الأخلاق ) وضئولة رأيه حيث لم يجد في الشيعة


(88)
ما يزري بهم ، لكن عدائه المحتدم حداه إلى أن يتخذ لهم عيبا منحوتا من السفاسف ، فطفق يؤاخذهم بالاسم لمحض إطراد حرف من حروفه في أشياء من أسماء الشر ، ولو اطرد هذا لتسرب إلى كثير من الأسماء المقدسة ، موإلى كتاب الله العزيز وفيه قوله تعالى : وإن من شيعته لإبراهيم. وآي أخرى جاءت فيها لفظة الشيعة].
    وأسخف من الشيخ أبو عثمان الذي يحسب أنه لم تثبت للشيعة بعد تلك الكلمة التافهة قائمة ، فكأن صاعقة أصابتهم ، أو إنها خسفت الأرض من تحت أرجلهم ، أو دكدكت عليهم الجبال فأهلكتهم ، أو أن برهانا قاطعا دحض حجتهم ففضحهم ، ولم يعقل أن الشيخ كشف بقوله عن سوئته ، وأقام حجة على شراسة أخلاقه ، فاقتدى به أبو عثمان بعقليته الضئيلة.
    ولم يبعد عنهما ابن عبد ربه حيث أورده في كتابه مرتضيا له ، ولم لم يرق الشيخ الشرس أن يحب من الشيعة هذه الشين الموجودة في الشريعة. والشمس. والشروق. والشعاء. والشهد. والشفاعة. والشرف. والشباب. والشكر. والشهامة. والشأن. والشجاعة. والشفق ؟! م وقد جاءت غير واحدة من تلكم الألفاظ كلفظة الشيعة في القرآن ].
    وكيف تجد الشيخ في أكذوبته بأنه لم يجد الشين إلا في تلك الألفاظ دون هذه ؟! ولعله كان أعور فلا يبصر ما يحاذي عينه العوراء. أو ليس في وسع الشيعة أن يقول على وتيرة الشيخ :
    إني ما أكره من السني إلا هذه السين في أول إسمه التي أجدها في السام. والسئم. والسعر. والسقر. والسبي. والسقم. والسم.
    والسموم. والسوئة. والسهم. والسهو. والسرطان. والسرقة والسفه. والسفل. والسخب. والسخط. والسخف. والسقط. والسل. والسليطة. والسماجة ؟!
    لكن الشيعة عقلاء حكماء لا يعتمدون على التافهات ، ولا يخدشون العواطف بالسفاسف ، ولا يشوهون سمعة أي مبدء بمثل هذه الخرافات.
    هذه نبذة من مخاريق ابن عبد ربه ، وكم لها من نظير ، ولو ذهبنا إلى استيعاب ما هناك لجاء كتابا حافلا ، وهناك له سقطات تاريخية كقوله في زيد الشهيد : إنه خرج


(89)
بخراسان فقتل وصلب (1) نخرج بنقدها عن موضوع البحث ولا يهمنا الايعاز إليها.
    وذكر ابن تيمية في ( منهاج السنة ) هذه النسب والاضافات المفتعلة ، وراقه أن يرى للمجتمع أنه أقدر في تنسيق الأكاذيب من سلفه ، وأنه أبعد منه عن أدب الصدق والأمانة فزاد عليها :
    اليهود لا يخلصون السلام على المؤمنين إنما يقولون : السام عليكم ( السام : الموت ) وكذلك الرافضة.
    اليهود لا يرون المسح على الخفين وكذلك الرافضة.
    اليهود يستحلون أموال الناس كلهم وكذلك الرافضة.
    اليهود تسجد على قرونها في الصلاة وكذلك الرافضة.
    اليهود لا تسجد حتى تخفق برؤوسها مرارا تشبيها بالركوع وكذلك الرافضة.
    اليهود يرون غش الناس وكذلك الرافضة.
    وأمثال هذه من الخرافات والسفاسف ، وحسبك في تكذيب هذه التقولات المعزوة إلى الشيعة شعورك الحر ، وحيطتك بفقههم وكتبهم وعقايدهم وأعمالهم ، وما عرف منهم قديما وحديثا. فإلى الله المشتكى.
ولئن اتبعت أهواء هم بعد الذي جاءك من العلم
مالك من ولي ولا نصير

سورة البقرة 120

1 ـ العقد الفريد 2 ص 146 ، 355 ج 3 ص 41.

(90)
2
الانتصار (1)
    إنك غير مائن لو سميته بمصدر الأكاذيب ، ولو عزى إليه على عدد صفحاته 173 أكذوبة لما كذب القائل ، ولو جست خلال صحايفه لأوقفك الفحص على العجب العجاب من كذب شائن ، وتحكم بارد ، وتهكم ممض ، ونسب مفتعلة ، وإنا نرجى إيقافك عليها إلى ظفرك بالكتاب نفسه فإنه مطبوع بمصر منشور ، ولا نسود جبهات صحائف كتابنا بنقل هاتيك الأساطير كلها ، وإنما نذكر لك نماذج منها لتعرف مقدار توغله في القذائف ، وتهالكه دون الطامات ، وتغلغل الحقد في ضميره الدافع له إلى تشويه سمعة أمة كبيرة كريمة نزيهة عن كل ما تقوله عليها. قال :
    1 ـ الرافضة تعتقد أن ربها ذو هيئة وصورة يتحرك ويسكن ويزول وينتقل وإنه كان غير عالم فعلم ( إلى أن قال ) : هذا توحيد الرافضة بأسرها إلا نفرا منهم يسيرا صحبوا المعتزلة واعتقدوا التوحيد فنفتهم الرافضة عنهم وتبرئت منهم ، فأما جملتهم و مشايخهم مثل هشام بن سالم ، وشيطان الطاق ، وعلي بن ميثم ، وهشام بن الحكم بن منصور ، والسكاك فقولهم ما حكيت عنهم. ص 5.
    2 ـ الرافضة تقول وهي معتقدة : إن ربها جسم ذو هيئة وصورة يتحرك ويسكن ويزول وينتقل وإنه كان غير عالم ثم علم ص 7.
    3 ـ فهل على وجه الأرض رافضي إلا وهو يقول : إن الله صورة ، ويروي في ذلك الروايات ، ويحتج فيه بالأحاديث عن أئمتهم ؟! إلا من صحب المعتزلة منهم قديما فقال بالتوحيد فنفته الرافضة عنها ولم تقر به. ص 144.
    4 ـ يرون الرافضة أن يطأ المرأة الواحدة في اليوم الواحد مائة رجل من غير استبراء ، ولا قضاء عدة ، وهذا خلاف ما عليه أمة محمد. ص 89.
     ستتضح جلية الحال في هذه كلها وإن الشيعة بريئة منها من أول يومها ولئن اتبعت أهواء هم من بعد ما جائك من العلم إنك إذا لمن الظالمين (2)
1 ـ تأليف أبي الحسين عبد الرحيم الخياط المعتزلي.
2 ـ سورة البقرة 145.
كتاب الغدير ـ الجزء الثالث ::: فهرس