كتاب الغدير ـ الجزء الثالث ::: 161 ـ 170
(161)
2 ص 288 ، وقال بعد تقرير إطباق المفسرين على نزول الآية في علي :
    قول المفسرين : إن الآية نزلت في حق علي رضي الله عنه لا يقتضي اختصاصها به واقصارها عليه.
    55 ـ السيد شريف الجرجاني المتوفى 816 ، في شرح المواقف.
    56 ـ المولى علاء الدين القوشجي المتوفى 879 ، في شرح التجريد وقال بعد نقل الاتفاق عن المفسرين على أنها نزلت في أمير المؤمنين : وقول المفسرين : إن الآية نزلت في حق علي إلى آخر كلام التفتازاني.
    57 ـ نور الدين ابن الصباغ المكي المالكي المتوفى 855 ، في ( الفصول المهمة ) 123.
    58 ـ جلال الدين السيوطي الشافعي المتوفى 911 ، في ( الدر المنثور ) 2 ص 293 من طريق الخطيب ، وعبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وأبي الشيخ ، و وابن مردويه عن ابن عباس.
    ومن طريق الطبراني ، وابن مردويه عن عمار بن ياسر ومن طريق أبي الشيخ والطبراني عن علي عليه السلام :
    ومن طريق ابن أبي حاتم ، وأبي الشيخ ، وابن عساكر عن سلمة بن كهيل.
    ومن طريق ابن جرير عن مجاهد والسدي وعتبة بن حكيم.
    ومن طريق الطبراني ، وابن مردويه ، وأبي نعيم ، عن أبي رافع ورواه في [ أسباب نزول القرآن ] ص 55 من غير واحد من هذه الطرق ثم قال : فهذه شواهد يقوي بعضها بعضا.
    وذكره في ( جمع الجوامع ) كما في ترتيبه 6 ص 391 من طريق الخطيب عن ابن عباس ، وص 405 من طريق أبي الشيخ وابن مردويه عن أمير المؤمنين عليه السلام.
    59 ـ الحافظ ابن حجر الأنصاري الشافعي المتوفى 974 ، في ( الصواعق ) 24.
    60 ـ المولى حسن چلبي في شرح المواقف.
    61 ـ المولى مسعود الشرواني في شرح المواقف.
    62 ـ القاضي الشوكاني الصنعاني المتوفى 1250 في تفسيره.
    63 ـ شهاب الدين السيد محمود الآلوسي الشافعي المتوفى 1270 ، في تفسيره 2 ص 329 64 ـ الشيخ سليمان القندوزي الحنفي المتوفى 1293 ، في ( ينابيع المودة ) 212.

(162)
    65 ـ السيد محمد مؤمن الشبلنجي في ( نور الأبصار ) 77.
    66 ـ الشيخ عبد القادر بن محمد السعيد الكردستاني المتوفى 1304 ، في [ تقريب المرام في شرح تهذيب الكلام ] للتفتازاني 2 ص 329 ط مصر ، وتكلم فيه كبقية المتكلمين مخبتا إلى اتفاق المفسرين على أنها نزلت في أمير المؤمنين (1) وأما الكلام في الدلالة فلا يخالج الشك فيها أي عربي صميم مهما غالط وجدانه ، وإنما الخلاف فيها نشأ من الدخلاء المتطفلين على موائد العربية ، وبسط القول يتكفله كتب أصحابنا في التفسير والكلام.
لفظ الحديث
    عن أنس بن مالك أن سائلا أتى المسجد وهو يقول : من يقرض الملي الوفي وعلي عليه السلام راكع يقول بيده خلفه للسائل أي اخلع الخاتم من يدي. قال رسول الله : يا عمر ؟ وجبت. قال : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ما وجبت ؟! قال : وجبت له الجنة والله ، وما خلعه من يده حتى خلعه الله من كل ذنب ومن كل خطيئة. قال : فما خرج أحد من المسجد حتى نزل جبرئيل بقوله عز وجل : إنما وليكم الله ورسوله و الذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون. فأنشأ حسان بن ثابت يقول :
أبا حسن تفديك نفسي ومهجتي أيذهب مدحي والمحبين ضايعا ؟! فأنت الذي أعطيت إذ أنت راكع بخاتمك الميمون يا خير سيد فأنزل فيك الله خير ولاية وكل بطئ في الهدى ومسارع وما المدح في ذات الإله بضايع فدتك نفوس القوم يا خير راكع ويا خير شار ثم يا خير بايع وبينها في محكمات الشرايع
    وهناك ألفاظ أخرى نقتصر على هذا روما للاختصار وقد أسلفناه بلفظ أبي ذر ج 2 ص 52.
1 ـ توجد ترجمة كثير من هؤلاء الأعلام في الجزء الأول من كتابنا راجع باعتبار القرون.

(163)
م
إشكال مزيف (1)
    قال السيد حميد الدين عبد الحميد الآلوسي في كتابه ( نثر اللئالي على نظم الأمالي ) ص 169 عند ذكره آية الولاية : إن الآية ليس نزولها في حق علي خاصة كما زعموا ، بل نزلت في المهاجرين والأنصار ، وهو من جملتهم ، فإن قوله : الذين صيغة جمع فلا يكون علي هو المراد وحده.
    قال الأميني : كأن الرجل يضرب في قوله هذا على وتر ابن كثير الدمشقي ، وينسج على نوله ، ويمتح من قليبه ، حيث قال في تاريخه حول الآية كما يأتي بعيد هذا (2) : ولم ينزل في علي شيء من القرآن بخصوصيته... إلخ.
    وقد عزب عن المغفلين أن إصدار الحكم على الجهة العامة ، بحيث يكون مصبه الطبيعة ـ حتى يكون ترغيبا في الاتيان بمثله ، أو تحذيرا عن مثله ـ ثم تقييد الموضوع بما يخصصه بفرد معين حسب الانطباق الخارجي أبلغ وآكد في صدق القضية من توجيهه إلى ذلك الفرد رأسا ، وما أكثر له من نظير في لسان الذكر الحكيم وإليك نماذج منه :
    1 ـ الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء ( آل عمران : 181 ) ذكر الحسن : أن قائل هذه المقالة هو حيي بن أخطب.
    وقال عكرمة والسدي ومقاتل ومحمد بن إسحاق : هو فنحاص بن عازوراء.
    وقال الخازن : هذه المقالة وإن كانت قد صدرت من واحد من اليهود لكنهم يرضون بمقالته هذه فنسبت إلى جميعهم.
    راجع تفسير القرطبي 4 : 294 ، تاريخ ابن كثيرا : 434 ، تفسير الخازن 1 : 322.
    2 ـ ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو أذن ( التوبة : 61 ) نزلت في رجل من المنافقين إما في الجلاس بن سويلا ، أو :
    في نبتل بن الحرث أو : عتاب بن قشير ، راجع تفسير القرطبي 8 : 192 ، تفسير ، الخازن 2 : 253 ، الإصابة 3 : 549.
1 ـ من هنا إلى آخر البحث من ملحقات الطبعة الثانية.
2 ـ عند البحث عن مخاريق كتابهالبداية والنهاية.


(164)
    3 ـ والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا ( النور : 33 ) نزلت في صبيح مولى حويطب بن عبد العزى ، قال : كنت مملوكا لحويطب فسألته الكتابة ، ففي أنزلت والذين يبتغون الكتاب. أخرجه ابن مندة وأبو نعيم والقرطبي كما في تفسيره 12. 244 ، أسد الغابة 3 : 11 ، الإصابة 2 : 176.
    4 ـ إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا ( النساء : 10 ) قال مقاتل بن حبان : نزلت في مرثد بن زيد الغطفاني. ( تفسير القرطبي 5 : 53 ، الإصابة 3 : 397 ).
    5 ـ لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم. الآية ( الممتحنة : 8 ) نزلت في أسماء بنت أبي بكر ، وذلك : أن أمها قتيلة بنت عبد العزى قدمت عليها المدينة بهدايا وهي مشركة ، فقالت أسماء : لا أقبل منك هدية ، ولا تدخلي علي بيتا حتى استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألته فأنزل الله تعالى هذه الآية فأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تدخلها منزلها وأن تقبل هديتها وتكرمها وتحسن إليها.
    أخرجه البخاري ، ومسلم ، وأحمد ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، كما في تفسير القرطبي 18 : 59 ، تفسير ابن كثير 4 : 349 ، تفسير الخازن 4 : 272.
    6 ـ يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا آمنا بأفواههم. الآية ( المائدة : 41 ) ذكر المكي في تفسيره : أنها نزلت في عبد الله بن صوريا. تفسير القرطبي 6 : 177 ، الإصابة 2 : 326.
    7 ـ قال الذين لا يعلمون لولا يكلمنا الله أو تأتينا آية. ( البقرة : 118 ) نزلت في رافع بن حريملة ، وأخرج محمد بن إسحاق عن ابن عباس قال. قال رافع لرسول الله صلى الله عليه وسلم : يا محمد إن كنت رسولا من الله كما تقول فقل لله فيكلمنا حتى نسمع كلامه. فأنزل الله في ذلك الآية ، تفسير ابن كثير 1 : 161.


(165)
    8 ـ الذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا لنبوأنهم في الدنيا حسنة ( النحل : 41 ) أخرج ابن عساكر في تاريخه 7 : 133 من طريق عبد الرزاق عن داود بن أبي هند : أن الآية نزلت في أبي جندل بن سهيل العامري. وذكره القرطبي في تفسيره ج 10 :
    107 من جملة الأقوال الواردة فيها.
    9 ـ إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم الآية ( فاطر : 29 ) نزلت في حصين بن المطلب بن عبد مناف كما في الإصابة 1 : 336.
    10 ـ والعصر إن الانسان لفي خسر. السورة. عن أبي بن كعب قال : قرأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة والعصر فقلت : يا رسول الله بأبي وأمي أفديك ما تفسيرها ؟ قال : والعصر قسم من الله بآخر النهار ، إن الانسان لفي خسر :
    أبو جهل بن هشام. إلا الذين آمنوا : أبو بكر الصديق. وعملوا الصالحات : عمر ابن الخطاب. وتواصوا بالحق : عثمان بن عفان. وتواصوا بالصبر علي بن أبي طالب. الرياض النضرة 1 : 34.
    قال الأميني : نحن لا نصافق القوم على هذه التأويلات المحرفة المزيفة ، غير أنا نسردها لإقامة الحجة عليهم بما ذهبوا إليه.
    11 ـ إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم في الآخرة. ( آل عمران : 77 ).
    نزلت في عيدان بن أسوع الحضرمي ، قاله مقاتل في تفسيره. الإصابة 3 : 51.
    12 ـ يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم. ( النساء : 59 ) أخرج البخاري في صحيحه في كتاب التفسير 7 : 60 ، وأحمد في مسنده 337 ، ومسلم في صحيحه كما في تاريخ ابن عساكر 7 : 352 ، وتفسير القرطبي 5 : 260 وغيرهم : أنها نزلت في عبد الله بن حذافة السهمي.
    13 ـ يقولون هل لنا من الأمر من شيئ ، قل إن الأمر كله لله ، يخفون في أنفسهم ما لا يبدون لك ، يقولون لو كان من الأمر شيئ ما قتلنا هيهنا. ( آل عمران : 154 ). القائل هو عبد الله بن أبي مسلول رأس المنافقين وفيه نزلت الآية ، وأخرج ابن


(166)
أبي حاتم عن طريق الزبير : أنها نزلت في معتب بن قشير تفسير القرطبي 4 : 262 ، تفسير ابن كثير 1 : 418 ، تفسير الخازن 1 : 306.
    14 ـ الذين قال لهم الناس إن الناس جمعوا لكم ( آل عمران : 173 ). المراد من الناس الأول هو نعيم بن مسعود الأشجعي ، قال النسفي في تفسيره (1) : هو جمع أريد به الواحد ، أو : كان له أتباع يثبطون مثل تثبيطه. وقال الخازن : فيكون اللفظ عاما أريد به الخاص.
    وأخرج ابن مردويه بإسناده عن أبي رافع أن النبي صلى الله عليه وسلم وجه عليا في نفر معه في طلب أبي سفيان فلقيهم أعرابي من خزاعة فقال : إن القوم قد جمعوا لكم ، فقالوا : حسبنا الله ونعم الوكيل ، فنزلت فيهم هذه الآية. تفسير القرطبي 4 :
    279 ، تفسير ابن كثير 1 : 430 ، تفسير الخازن 1 : 318.
    15 ـ يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة ( النساء : 176 ) نزلت في جابر بن عبد الله الأنصاري. وهو المستفتي ، وكان يقول :
    أنزلت هذه الآية في تفسير القرطبي 6 : 28 ، تفسير الخازن 1 : 447 ، تفسير النسفي هامش الخازن 1 : 447.
    16 ـ يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خير. الآية ( البقرة 215 ).
    نزلت في عمرو بن الجموح وكان شيخا كبيرا ذا مال فقال : يا رسول الله بماذا نتصدق ؟! وعلى من ننفق ؟! فنزلت الآية.
    تفسير القرطبي 3 : 36 ، تفسير الخازن 1 : 148.
    17 ـ وهم ينهون عنه وينأون عنه.
    ذهب القوم إلى أنها نزلت في أبي طالب ، وقد فصلنا القول فيها في الجزء الثامن ص 3 : 8.
    18 ـ لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله و رسوله. ( المجادلة 22 ).
    نزلت في أبي عبيدة الجراح حين قتل أباه يوم بدر. أو : في عبد الله بن أبي. تفسير
1 ـ المطبوع في هامش تفسير الخازن 1 : 318.

(167)
القرطبي 17 : 307 ، نوادر الأصول للحكيم الترمذي ص 157.
    19 ـ وآخرون اعترفوا بذنبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا. الآية ( التوبة : 103 ).
    نزلت في أبي لبابة الأنصاري خاصة. تفسير القرطبي 8 : 242 ، الروض الأنف 2 : 196.
    20 ـ يحلفون بالله لكم ليرضوكم ( التوبة 62 ). إن رجلا من المنافقين قال : والله إن هؤلاء لخيارنا وأشرافنا ، وإن كان ما يقول محمد حقا لهم شر من الحمير. فسمعها رجل من المسلمين فقال : والله إن ما يقول محمد لحق ولأنت أشر من الحمار ، فسعى بها الرجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فأرسل إلى الرجل فدعا ، فقال : ما حملك على الذي قلت ؟ فجعل يلتعن ويحلف بالله بأنه ما قال ذلك ، وجعل الرجل المسلم يقول : أللهم صدق الصادق ، وكذب الكاذب. فأنزل الله الآية تفسير القرطبي 8 : 193 ، تفسير ابن كثير 2 : 366 ].
    12 ـ قال : إن الرافضي لا يمكنه أن يثبت إيمان علي وعدالته وأنه من أهل الجنة فضلا عن إمامته إن لم يثبت ذلك لأبي بكر وعمر وعثمان وإلا فمتى أراد إثبات ذلك لعلي وحده لم تساعده الأدلة ، كما أن النصراني إذا أراد إثبات نبوة المسيح دون محمد لم تساعده الأدلة. ج 1 ص 162.
    وقال ص 163 : الرافضة تعجز عن إثبات إيمان علي وعدالته مع كونهم على مذهب الرافضة ، ولا يمكنهم ذلك إلا إذا صاروا من أهل السنة فإن احتجوا بما تواتر من إسلامه وهجرته وجهاده فقد تواتر ذلك عن هؤلاء بل تواتر إسلام معاوية ويزيد و خلفاء بني أمية وبني العباس وصلاتهم وصيامهم وجهادهم للكفار.
    ج ـ ما عشت أراك الدهر عجبا..
    ليت شعري متى احتاج إيمان علي وعدالته إلى البرهنة ؟! ومتى كفر هو حتى يؤمن ؟ وهل كان في بدء الاسلام للنبي أخ ومؤازر غيره ؟! على حين أن من سماهم لم يسلموا بعد ، وهل قام الاسلام إلا بسيفه وسنافه ؟ ؟! وهل هزمت جيوش الشرك إلا صولته ؟ وجولته ؟! وهل هتك ستور الشبه والالحاد غير بيانه وبرهانه ؟! وهل طهر الله


(168)
الكعبة البيت الحرام عن دنس الأوثان إلا بيده الكريمة ؟! وهل طهر الله في القرآن الكريم بيتا عن الرجس غير بيت هو سيد أهله بعد رسول الله صلى الله عليه وآله ؟! وهل كان أحد نفس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم غيره بنص الذكر الحكيم ؟! وهل أحد شرى نفسه ابتغاء مرضات الله ليلة المبيت غيره ؟! وهل أحد من المؤمنين أولى بهم من أنفسهم كرسول الله غيره ؟! لاها الله.
    إن أحاديث الشيعة في كل هذه متواترة وهي التي ألزمتهم بالإخبات إلى هذه المآثر كلها غير أنهم إذا خاصموا غيرهم احتجوا بأحاديث أهل السنة لأن الحجة تجب أن تكون ملزمة للخصم من دون حاجة لهم إليها في مقام الثبوت ، وهذا طريق الحجاج المطرد لا ما يراه علماء القوم فإنهم بأسرهم يحتجون في كل موضوع بكتب أعلامهم و أحاديثهم ، وهذا خروج عن أصول الحجاج والمناظرة.
    وليتني أدري ما الملازمة بين إيمان علي وعدالته وإيمان من ذكرهم ، هل يحسبهم وعليا أمير المؤمنين نفسا واحدة لا يتصور التبعيض فيها ؟! أو يزعم أن روحا واحدة سرت في الجميع ؟! فأخذت بمفعولها من إيمان وكفر ، وهل خفيت هذه الملازمة المخترعة وليدة ابن تيمية على الصحابة والتابعين الشيعيين وبعدهم على أئمة الشيعة و علمائهم وأعلامهم في القرون الخالية في حجاجهم ومناشداتهم ومناظراتهم المذهبية المتكثرة في الأندية والمجتمعات ؟! أو ذهل عنها مخالفوهم في الذب عنهم والمدافعة عن مبدئهم ؟! لم يكن ذلك كله ، ولكن يروق الرجل أن يشبه الرافضة بالنصارى ، ويقرن بين إيمان علي عليه السلام وإيمان معاوية الدهاء ، ويزيد الفجور ، والماجنين من جبابرة بني أمية ، والمتهتكين من العباسيين ، وهذا مبلغ علمه ودينه وورعه وأدبه.
    13 ـ وفي ج 2 ص 99 قذف شيخ الأمة نصير الملة والدين الطوسي وأتباعه والرافضة كلهم بأنواع من التهتك والاستهتار من إضاعة الصلوات وارتكاب المحرمات واستحلالها وعدم التجنب عن الخمر والفواحش حتى في شهر رمضان ، وتفضيل الشرك بالله على عبادة الله ، ويراها حال الرافضة دائما إلى غيرها مما علمت البحاثة أنها أكاذيب وطامات أريد بها إشاعة الفحشاء في الذين آمنوا بتشويه سمعتهم ، والله تعالى هو


(169)
الحكم الفصل يوم تنصب الموازين ، ويسئل كل أحد عما لفظه من قول ، وما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد.
    14 ـ قال : أشهر الناس بالردة خصوم أبي بكر الصديق رضي الله عنه وأتباعه كمسيلمة الكذاب وأتباعه وغيرهم ، وهؤلاء تتولاهم الرافضة كما ذكر ذلك غير واحد من شيوخهم مثل هذا الإمامي ( يعني العلامة الحلي ) وغيره ويقولون :
    إنهم كانوا على الحق وأن الصديق قاتلهم بغير حق 2 ص 102.
    ج ليت هناك مسائل هذا الرجل عن من أخبره بتولي الرافضة لمسيلمة و نظرائه ، وهم لا يفتأون يسمونه بالكذاب ، ويروون الفضايح من أعماله ، وكتبهم مفعمة بمخاريقه ، وهم لا يحصرون النبوة إلا بخاتمها محمد سيد الأنبياء صلوات الله عليه و آله وعليهم ويكفرون من يدعيها غيره.
    وليته دلنا على أولئك الشيوخ الذين نقل عنهم ذلك القول المائن ، أو هل شافهوه بعقيدتهم ؟! فلم لم يذكر أسمائهم ؟! ولم لم يسم أشخاصهم ؟! على أنه غير مؤتمن في النقل عنهم ، وهو لا يزال يتحرى الوقيعة فيهم.
    أو أنه وجده في كتبهم ؟! فما هي تلك الكتب ؟! وأين هي ؟! ولمن هي ؟! وأما شيخهم الأكبر العلامة الحلي فهذه كتبه الكلامية وفي العقايد بين مخطوط ومطبوع ففي أي منها توجد هذه الفرية ؟! نعم لا توجد إلا في علبة عداء ابن تيمية ، وفي عيبة مخازيه ، أو في كتاب مفترياته أللهم إليك المشتكى.
    15 ـ قال : ذكر ( العلامة الحلي ) أشياء من الكذب تدل على جهل ناقلها مثل قوله :
    نزل في حقهم ( في حق أهل البيت ) هل أتى فإن هل أتى مكية باتفاق العلماء ، وعلي إنما تزوج فاطمة بالمدينة بعد الهجرة ، وواد الحسن والحسين بعد نزول هل أتى فقوله : إنها نزلت فيهم من الكذب الذي لا يخفى على من له علم بنزول القرآن وأحوال هذه السادة الأخيار. 2 ص 117.
    ج ـ إن الرجل لا ينحصر جهله بباب دون باب فهو كما أنه جاهل في العقايد جاهل في الفرق ، جاهل في السيرة ، جاهل في الأحكام ، جاهل في الحديث ، كذلك جاهل في علوم القرآن حيث لم يعلم أولا أن كون السورة مكية لا ينافي كون بعض


(170)
آياته مدنية وبالعكس ، وقد اطرد ذلك في السورة القرآنية كما مر ج 1 ص 255 258 ، وهذا معنى قول ابن الحصار :
    إن كل نوع من المكي والمدني منه آيات مستثنات (1).
    ( وثانيا ) إن أوثق الطرق إلى كون السورة أو الآية مكية أو مدنية هو ما تضافر النقل به في شأن نزولها بأسانيد مستفيضة دون الأقوال المنقطعة عن الاسناد وقد أسلفنا في ص 100 ـ 104 من هذا الجزء شطرا مهما ممن خرج هذا الحديث وأخبت إليه فليس هو من كذب الرافضة حتى يدل على جهل ناقله ، ولا على شيخنا العلامة الحلي من تبعة في نقله ، فإن كان في نقله شائبة سوء فالعلامة ومشايخ قومه على شرع سواء.
    ( وثالثا ) إن القول بأنها مكية ليس مما اتفق عليه العلماء بل الجمهور على خلافه كما نقله الخازن في تفسيره 4 ص 356 عن مجاهد وقتادة والجمهور.
    وروى أبو جعفر النحاس في كتابه ( الناسخ والمنسوخ ) من طريق الحافظ أبي حاتم عن مجاهد عن ابن عباس حديثا في تلخيص آي القرآن المدني من المكي وفيه : والمدثر إلى آخر القرآن إلا إذا زلزلت ، وإذا جاء نصر الله ، وقل هو الله أحد ، وقل أعوذ برب الفلق ، وقل أعوذ برب الناس ، فإنهن مدنيات ، وفيها سورة هل أتى. وقال السيوطي في الاتقان 1 ص 15 بعد نقل الحديث : هكذا أخرجه بطوله وإسناده جيد رجاله كلهم ثقات من علماء العربية المشهورين.
    وأخرج الحافظ البيهقي في ( دلائل النبوة ) بإسناده عن عكرمة والحسين بن أبي الحسن حديثا في المكي والمدني من السور وعد من المدنيات هل أتى ( الاتقان 1 ص 16 ).
    ويروي ابن الضريس في ( فضائل القرآن ) عن عطا عد سورة الانسان من المدنيات ، كما في الاتقان 1 ص 17.
    وعدها الخازن في تفسيره 1 ص 9 من السور النازلة بالمدينة.
    وهذه مصاحف الدنيا بأجمعها مخطوطها ومطبوعها تخبرك عن جلية الحال فإنها مجمعة على أنها مدنية ، فهل الأمة أجمعت فيها على خلاف ما اتفق عليه العلماء إن صحت
1 ـ الاتقان 1 ص 23.
كتاب الغدير ـ الجزء الثالث ::: فهرس