كتاب الغدير ـ الجزء الثالث ::: 261 ـ 270
(261)
لعبت هاشم بالملك فلا خبر جاء ولا وحي نزل
    هذا هو المروق من الدين ، وقول من لا يرجع إلى الله وإلى دينه ولا إلى كتابه ولا إلى رسوله ، ولا يؤمن بالله ولا بما جاء من عند الله ، ثم من أغلط ما انتهك ، و أعظم ما اخترم سفكه دم الحسين بن علي وابن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم مع موقعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ومكانه منه ومنزلته من الدين والفضل وشهادة رسول الله له ولأخيه بسيادة شباب أهل الجنة اجتراء على الله ، وكفرا بدينه ، وعداوة لرسوله ومجاهدة لعترته ، واستهانة بحرمته ، فكأنما يقتل به وبأهل بيته قوما من كفار أهل الترك والديلم ، لا يخاف من الله نقمة ، ولا يرقب منه سطوة ، فبتر الله عمره ، واجتث أصله وفرعه ، وسلبه ما تحت يده ، وأعد له من عذابه وعقوبته ما استحقه بمعصيته .. إلخ.
    راجع تأريخ الطبري 11 ص 358 وقبل هذه كلها ما مر ص 257 من قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من أن أول من يبدل سنته رجل من بني أمية ، ولا يزال الأمر معتدلا قائما بالقسط حتى يثلمه رجل من بني أمية يقال له : يزيد.
    وإلى مثل هذه كان يرمي كل من ينقم بيعة يزيد ، فخلافة مثله وهو على هذه الحالة خطر عظيم على الدين والمسلمين من شتى النواحي :
    1 ـ فقوم تتضعضع ضمايرهم عن الدين لما تمركز في الأدمغة من أن الخليفة يجب أن يكون مسانخا لمن يتخلف عنه ، والناشيء ة الذين لم يدركوا عصر النبوة و لم يكهربهم التعاليم الصحيحة في العصور المظلمة ، تخالجهم هذه الشبهة بأسرع ما يكون ، فيحسبون أن قداسة النبي الأعظم كانت ملوثة ( العياذ بالله ) بأمثال هذه الأدناس من دون علم بأن الرجل خليفة أبيه لا خليفة رسول الله ، وإنما سنمه ذلك العرش المطامع والشره من جانب ، والتخويف والارهاب من جانب.
    2 ـ قوم يروقهم اقتصاص أثر الخليفة في تهتكه لميل النفوس إلى الاستهتار ورفض القيود تارة ، ومن جهة حب التشبه بالعظماء والساسة طورا ، ( والناس على دين مليكهم ) والناس إذا استهوتهم الشهوات لا يقفون على حد ، فتكثر فيهم الموبقات ، وتشيع الفواحش ، فمن فجور إلى مثله ، ومن فاحشة إلى أخرى ، فلا يمر يسير من


(262)
الزمن إلا ومملكة الاسلام مبائة للمنكرات ، ومستوى للفواحش ، حتى لا تبقى من نواميس الدين عين ولا أثر.
    3 ـ وهناك أقوام ينكرون هذه المظاهر وقد أفلتت من أيديهم المظاهر الدينية ، فهم بين حائر لا يدري أين يولي وجهه وممن يأخذ معالم دينه ، وبين من تتسرب إليه الشبه خلال هاتيك الظلمات الدامسة ، فلا يشعر حتى يرى نفسه في هلكة الجاهلية الأولى.
    4 ـ إذا سادت الخلاعة بين أي أمة من ملوكها وسوقتها وأمرائها وزعمائها فهي بطبع الحال تلتهي عن الشيء ون الاجتماعية والإدارية ودحض الفوضى ، ومقاومة القلاقل الداخلية ، فهنالك يسود فيها الضعف اختلال نظامها ، فتنبو عن الدفاع عن ثغورها واستقلالها ، فتطمع فيها الأجانب ، وتكثر عليها الهجمات ، فلا يمر عليها ردح قصير من الزمن إلا وهو فريسة الضاري ، وأكلة الجشع ، وطعمة كل مخالف.
    5 ـ إن نواميس الاسلام كانت بطبع الحال تبلغ إلى أمم نائية عن مملكته فيروقها جمالها البهيج ، وحكمتها البالغة ، وموافقتها العقل والمنطق ، وأعمال رجالها المخلصين ، فيكون فيهم من يتأثر بجاذبتها ، أو يكون على وشك من اعتناقها ، ولا أقل من الحب الممتزج لنفسياتهم ، لكن بينما القوم على هذه الحالة إذا تعاقب تلك الأنباء ما يضادها من عادات هذا الدور الجديد الحالك ، وأخبارها الموحشة تحت راية تلك الخلافة الجائرة ، وبلغهم أن هاتيك التعاليم الوضيئة قد هجرت ، والمطرد في مملكة الاسلام غيرها بشهوة من الخليفة ، وانهماك من القواد.
    وتهالك من الزعامة ، وتفان من السوقة ، فسرعان ما تعود تلك السمعة مشوهة ، ويعود ذلك الحب بغضا من غير تمييز بين الأصيل والدخيل من الأعمال ، فتكون الحالة معثرة في سبيل سير الاسلام وتسريه إلى الأجانب.
    6 ـ أضف إلى هذه كلها ما كان يظهر من فلتات ألسنة الأمويين ، ويرى في فجوات أعمالهم من نواياهم السيئة على الدين والمسلمين ، وقد علمنا من ذلك أنهم لم يقلعهم عن دينهم الوثني الأرل إلا خشية السيف ، والطمع في الزعامة ، فأقل شيء ينتظر منهم على ذلك عدم اهتمامهم بنشر معالم الدين إن لم يرد الأمة عن سيرها الديني


(263)
القهقرى ، فتبقى مرتطمة بين هذه وبين تهالكها في الفجور وسيئ الخلق ، فتعود دولة قيصرية ومملكة جاهلية.
    ثم إن نفس الخليفة إذا شاهد من استحوذ عليهم من الأمم على هذه الأحوال ، و علم أنه قد ملك الرقاب ولا منكر عليه من بينهم على مأثم يرتكبها أو سيئات يجترحها فإنه بالطبع يتوغل في غلوائه ، ويزداد في انهماكه ، ويشتد في التفرعن والاستعباد.
    فأي خطر ( أيها الخضري ) أعظم على المجتمع الديني من هذه الأحوال ؟! وأي مصلحة أعظم من اكتساح هذه المعرة ؟ تدفع كل ديني غيور إلى النهوض في وجه هذه السلطة القاسية ، وأي ( عسف شديد ينوء الناس بحمله ) أو ( جور ظاهر لا يحتمل ) أشد مما ذكرنا ؟! الذي يترك كل متدين أن يرى من واجبه الانكار عليه ، والنهضة تجاهه ولو بمفرده ، وإن علم أنه مقتول لا محالة ، فإنه وإن يقتل في يومه لكن حياته الأبدية في سبيل الدين والشريعة لا تزال مضعضعة لأركان الدولة الظالمة ، وهو فيها يتلو على الملأ صحيفة صاحبها السوداء ، وإنه كان مغتصبا ذلك العرش المقدس ، و إنه إنما وئد هذا الانسان دون إنكاره على جرائمه ، ويتخذ الملأ الواقف على حديثه درسا راقيا من التضحية ، والمفادات دون المبدء الصحيح ، فيقتصون أثره ، ويحصل هناك قوم يرقبون لهذا المضحي فينهضون لثاراته ، وفي الأمة بقية ساخطة لمآثم المتغلب ، وفتكه بالمنكر عليه ، فتلتقي الروحان : الثائرة والساخطة ، فتنهك هذه قوى الدولة الغاشمة ، وتتثبط الأخرى عن مناصرتها ، فيكون هناك بوار الظلم ، وظهور الصالح العام.
    وهكذا أثرت نهضة الحسين المقدسة حتى أجهزت على دولة الأمويين أيام حمارهم ، وهكذا علمت الأمة دروسها الراقية ، لكن ( الخضري ) ومن يلف لفه قد أعشى الجهل أبصارهم بصائرهم.
    لم يكن حسين التضحية يريد ملكا عضوضا حتى كان خروجه قبل الأهبة خطأ عظيما كما يحسبه ( الخضري ) فيقول بملأ فمه :
    فحيل بينه وبين ما يشتهي وقتل دونه..
    وإنما أراد الفادي الكريم والمجاهد الظافر التضحية في سبيل الدين ، ليعلم الأمة


(264)
بفظاظة الأمويين ، وقسوة سياستهم ، وابتعادهم عن الناموس البشري فضلا عن الناموس الديني ، وتوغلهم في الغلظة الجاهلية وعادات الكفر الدفين ، ليعلم الملأ الديني أنهم كيف لم يوقروا كبيرا ولم يرحموا صغيرا ، ولم يرقوا على رضيع ، ولم يعطفوا على امرأة ، فقدم إلى ساحات المفادات أغصان الرسالة ، وأوراد النبوة ، و أنوار الخلافة ، ولم تبق جوهرة من هاتيك الجواهر الفردة ، فلم يعتم هو ولا هؤلاء ، إلا وهم ضحايا في سبيل تلك الطلبة الكريمة.
سل كربلا كم من حشا لمحمد أقمار تم غالها خسف الردى نهبت بها وكم استجزت من يد واغتالها بصروفه الزمن الردي
    وما كان حسين العظمة بالذي تذهب أعماله إدراج الرياح لما هو المعلوم بين أمة جده من شموخ مكانته ، ورفعة مقامه ، وعلمه المتدفق ، ورأيه الأصيل ، وعدله الواضح ، وتقواه المعلومة ، وإنه ريحانه رسول الله صلى الله عليه وآله المستقي من تيار فضله ، فلن تجد بين المسلمين من ينكر عليه شيئا من هذه المآثر وإن كان ممن لا يدين بخلافته ، فما كانت الأمة تفوه بشيء حول نهضته القدسية قبل التنقيب والنظر ، وقد نقبوا وترووا فيها فوجدوها طبقا لصالح المجتمع ، فلم يسمع من أحدهم غير تقديس أو إكبار ، ولذلك لم تسمع أذن الدهر من أي أحد ما تجرأ به ( الخضري ) بقوله : أخطأ.
    إنهم يقولون منكرا من القول وزورا.
    فالذي نستفيده من تاريخ السبط المفدى هو وجوب النهوض في وجه كل باطل ومناصرة كل حق ، ولإبقاء هيكل الدين ، ونشر تعاليمه ، وبث أخلاقه ، نعم : يعلمنا هذا التاريخ المجيد النزوع إلى إيثار الخلود في البقاء ولو باعتناق المنية على الحياة المخدجة تحت نير الاستعباد ، والمبادرة إلى الانتهال من مناهل الموت لتخليص الأمة من مخالب الجور والفجور ، ويلزمنا بسلوك سنن المفاداة دون الحنيفية البيضاء ، والنزول على حكم الآباء دون مهاوي الذل ، هذا غيض من فيض من دروس سيدنا الحسين عليه السلام التي ألقاها على أمة جده ، لا ما جاء في مزعمة ( الخضري ) من أن التاريخ... إلخ.


(265)
    وللخضري من ضرائب ما ذكر بوائق جمة ضربنا عنها صفحا ، وإنما أردنا إيقاظ شعور الباحث بما ذكر إلى سنخ آراءه الأموية.
يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول وكان الله بما يعملون محيطا
النساء : 108


(266)
9
السنة والشيعة
بقلم السيد محمد رشيد رضا صاحب ( المنار )
    لم يقصد صاحب هذه الرسالة نقدا نزيها ، أو حجاجا صحيحا وإن كان قد صبغها بصبغة الرد على العلامة الحجة في علوية الشيعة السيد محسن الأمين العاملي ( حياه الله وبياه ) لكنه لم يتهجم على حصونه المنيعة إلا بسباب مقذع ، أو إهانة قبيحة ، أو تنابز بالألقاب ، أو هتك شائن ، ومعظم قصده إغراء الدول الثلث العربية : العراقية و الحجازية واليمانية بالشيعة بأكاذيب وتمويهات ، وعليه فليس من خطة الباحث نقد أمثالها ، غير أنه لم نجد منتدحا من الايعاز إلى شيئ من الأكاذيب والمخاريق المودعة فيها من وليدة فكرته أو ما نقله عن غيره متطلبا من علماء الشيعة تخطأه ما يرونه فيها خطأ ، وهو يعلم أن الاعراض عنها هو الحزم لما فيه من السياسة الدولية الخارجة عن محيط العلم والعلماء.
    1 ـ بدأ رسالته بتاريخ التشيع ومذاهب الشيعة فجعل مبتدع أصوله عبد الله بن سبا اليهودي ، ورأى خليفة السبئيين في إداراة دعاية التفرق بين المسلمين بالتشيع والغلو زنادقة الفرس ، وعد من تعاليم غلاة الشيعة بدعة عصمة الأئمة ، وتحريف القرآن ، والبدع المتعلقة بالحجة المنتظر ، والقول بألوهية بعض الأئمة والكفر الصريح.
    وقسم الإمامية على المعتدلة القريبة من الزيدية ، والغلاة القريبة من الباطنية وقال : هم الذين لقحوا ببعض تعاليمهم الإلحادية كالقول بتحريف القرآن وكتمان بعض آياته وأغربها في زعمهم سورة خاصة بأهل البيت يتناقلونها بينهم حتى كتب إلينا سائح سني مرة : إنه سمع بعض خطبائهم في بلد من بلاد ايران يقرؤها يوم الجمعة على المنبر ، وقد نقلها عنهم بعض دعاة النصرانية المبشرين ، فهؤلاء الإمامية الاثنى عشرية ويلقبون بالجعفرية درجات. وعد من الإمامية بدعة البابية ثم البهائية الذين يقولون بألوهية البهاء ونسخه


(267)
لدين الاسلام وإبطاله لجميع مذاهبه. ومن وراء هذه الكلم المثيرة للفتن والإحن يرى نفسه الساعي الوحيد في توحيد الكلمة والاصلاح بعد السيد جمال الدين الأفغاني ، ثم بسط القول الخرافي ، والكلم القارصة.
    والباحث يجد جواب كثير مما لفقه من المخاريق فيما مر من هذا الجزء من كتابنا ، والسائح السني الذي أخبر صاحب ( المنار ) من خطيب ايران لم يولد بعد ، ومثله الخطيب الذي كان يهتف بتلك السورة المختلفة في الجمعات ، ولا أن الشيعة تقيم لتلك السورة المزعومة وزنا ، ولا تراها بعين الكتاب العزيز : ولا تجري عليها أحكامه ، ويا ليت الرجل راجع مقدمات تفسير العلامة البلاغي ( آلاء الرحمان ) وما قاله في حق هذه السورة وهو لسان الشيعة ، وترجمان عقائدهم ، ثم كتب ما كتب حولها.
    ونحن نرحب بهذا الحجاج الذي يستند فيه إلى المبشر النصراني ، ومن جهله الشائن عد البابية والبهائية من فرق الشيعة ، والشيعة على بكرة أبيها لا تعتقد إلا بمروقهم عن الدين وبكفرهم وضلالهم ونجاستهم ، والكتب المؤلفة في دحض أباطيلهم لعلماء الشيعة أكثر من أن تحصى وأكثرها مطبوع منشور.
    2 ـ قال : اختلال العراق دائما إنما هو من الأرفاض ، فقد تهرى أديمهم من سم ضلالهم ، ولم يزالوا يفرحون بنكبات المسلمين حتى أنهم اتخذوا يوم انتصار الروس على المسلمين عيدا سعيدا ، وأهل ايران زينوا بلادهم يومئذ فرحا وسرورا ص 51 (1).
    ج ـ عجبا للصلافة. أيحسب هذا الانسان أن البلاد العراقية والإيرانية غير مطروقة لأحد ؟ أو أن أخبارهم لا تصل إلى غيرهما ؟ أو أن الأكثرية الشيعية في العراق قد لازمها العمى والصمم عما تفرد برؤيته أو سماعه هذا المتقول ؟ أو أنهم معدودون من الأمم البائدة الذين طحنهم مر الحقب والأعوام ؟ فلم يبق لهم من يدافع عن شرفهم ، ويناقش الحساب مع من يبهتهم ، فيسائل هذا المختلق عن أولئك النفر الذين يفرحون بنكبات المسلمين ، أهم في عراقنا هذه مجرى الرافدين ؟ أم يريد قارة لم تكتشف تسمى بهذا الاسم ؟ ويعيد عليه هذا السؤال بعينه في ايران.
1 ـ نقلها وما بعدها عن الآلوسي في كتاب نسبه إليه كتبها إلى الشيخ جمال الدين القاسمي الدمشقي.

(268)
    أما المسلمون القاطنون في تينك المملكتين ومن طرقهما من المستشرقين و السواح والسفراء والموظفين فلا عهد لهم بهاتيك الأفراح ، والشيعة جمعاء تحترم نفوس المسلمين ودمائهم وأعراضهم وأموالهم مطلقا من غير فرق بين السني والشيعي فهي تستاء إذا ما انتابت أي أحد منهم نائبة ، ولم تقيد الأخوة الإسلامية المنصوصة عليها في الكتاب الكريم بالتشيع ، ويسائل الرجل أيضا عن تعيين اليوم ، أي يوم هو هذا العيد ؟ وفي أي شهر هو ؟ وأي مدينة ازدانت لأجله ؟ وأي قوم ناؤا بتلك المخزات ؟ لا جواب للرجل إلا الاستناد إلى مثل ما استند إليه صاحب الرسالة من سائح سني مجهول أو مبشر نصراني.
    3 ـ قال تحت عنوان : بغض الرافض لبعض أهل البيت : إن الروافض كاليهود يؤمنون ببعض ويكفرون ببعض ( إلى أن قال ) :
    و يبغضون كثيرا من أولاد فاطمة رضي الله عنها بل يسبونهم كزيد بن علي بن الحسين وكذا يحيى ابنه فإنهم أيضا يبغضونه.
    وكذا إبراهيم وجعفر ابنا موسى الكاظم رضي الله عنهم.
    ولقبوا الثاني بالكذاب مع أنه كان من أكابر الأولياء وعنه أخذ أبو يزيد البسطامي ويعتقدون أن الحسن بن الحسن المثنى ، وابنه عبد الله المحض ، وابنه محمد الملقب بالنفس الزكية ارتدوا ( حاشاهم ) عن دين الاسلام.
    وهكذا اعتقدوا في إبراهيم بن عبد الله.
    وزكريا بن محمد الباقر.
    ومحمد بن عبد الله بن الحسين بن الحسن.
    ومحمد بن القاسم بن الحسن.
    ويحيى بن عمر الذي كان من أحفاد زيد بن علي بن الحسين.
    وكذلك في جماعة حسنيين وحسينيين كانوا قائلين بإمامة زيد بن علي بن الحسين ، إلى غير ذلك مما لا يسعه المقام ، وهم حصروا حبهم بعدد منهم قليل ، كل فرقة منهم تخص عددا وتلعن الباقين ، هذا حبهم لأهل البيت والمودة في القربى المسؤول عنها 52 ـ 54


(269)
    جهذه سلسلة أوهام حسبها الآلوسي حقايق ، أو أنه أراد تشويه سمعة الشيعة ولو بأشياء مفتعلة ، فذكر أحكاما بعضها باطل بانتفاء موضوعه ، وجملة منها لأنها أكاذيب.
    ( أما زيد بن علي ) الشهيد فقد مر الكلام فيه وفي مقامه وقداسته عند الشيعة جمعاء راجع ص 69 ـ 76.
    ( أما يحيى بن زيد ) الشهيد ابن الشهيد فحاشا أن يبغضه شيعي ، وهو ذلك الإمامي البطل المجاهد ، يروي عن أبيه الطاهر أن الأئمة اثنا عشر ، وسماهم بأسمائهم و قال : إنه عهد معهود عهده إلينا رسول الله (1). ورثاه شاعر الإمامية دعبل الخزاعي في تائيته السائرة وقرأها للإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام.
    ولم توجد للشيعة حوله كلمة غمز فضلا عن بغضه ، وغاية نظر الشيعة فيه كما في كتاب زيد الشهيد ص 175 : إنه كان معترفا بإمامة الإمام الصادق ، حسن العقيدة ، متبصرا بالأمر ، وقد بكى عليه الصادق عليه السلام واشتد وجده له ، وترحم له.
    فسلام الله عليه وعلى روحه الطاهرة.
    وفي وسع الباحث أن يستنتج ولاء الشيعة ليحيى بن زيد مما أخرجه أبو الفرج في ( مقاتل الطالبيين ) ص 62 ط ايران قال :
    لما أطلق يحيى بن زيد وفك حديده صار جماعة من مياسير الشيعة إلى الحداد الذي فك قيده من رجله فسألوه أن يبيعهم إياه وتنافسوا فيه وتزايدوا حتى بلغ عشرين ألف درهم ، فخاف أن يشيع خبره فيؤخذ منه المال فقال لهم : اجمعوا ثمنه بينكم.
    فرضوا بذلك وأعطوه المال فقطعه قطعة قطعة وقسمه بينهم فاتخذوا منه فصوصا للخواتيم يتبركون بها.
    وقد أقرت الشيعة هذا في أجيالها المتأخرة وحتى اليوم ولم ينقم ذلك أحد منهم.
    ( وأما إبراهيم ) بن موسى الكاظم فليتني أدري وقومي بغض أي إبراهيم ينسب إلينا ؟ هل إبراهيم الأكبر أحد أئمة الزيدية ؟ الذي ظهر باليمن أيام أبي السرايا ، والشيعة تروي عن الإمام الكاظم : إنه أدخله في وصيته وذكره في مقدم أولاده المذكورين فيها وقال : إنما أردت بإدخال الذين أدخلتهم معه ( يعني الإمام علي بن
1 ـ مقتضب الأثر في الأئمة الاثنى عشر.

(270)
موسى ) من ولدي التنويه بأسمائهم والتشريف لهم (1) وترجمه شيخنا الأكبر المفيد في الارشاد بالشيخ الشجاع الكريم وقال : ولكل واحد من ولد أبي الحسن موس عليه السلام فضل ومنقبة مشهورة ، وكان الرضا المقدم عليهم في الفضل.
    وقال سيدنا تاج الدين ابن زهرة في ( غاية الاختصار ) : كان سيدا أميرا جليلا نبيلا عالما فاضلا يروي الحديث عن آبائه عليهم السلام.
    وفذلكة رأي الشيعة فيه ما في ( تنقيح المقال ) 1 ص 34 ، 35 : أنه في غاية درجة التقوى وهو خير دين.
    أم إبراهيم الأصغر الملقب بالمرتضى ؟ والشيعة تراه كبقية الذرية من الشجرة الطيبة وتتقرب إلى الله بحبهم ، وحكى سيدنا الحسن صدر الدين الكاظمي عن شجرة ابن المهنا : أن إبراهيم الصغير كان عالما عابدا زاهدا وليس هو صاحب أبي السرايا ، و إني لم أجد لشيعي كلمة غمز فيه لا في كتب الأنساب ولا في معاجم الرجال حتى يستشم منها بغض الشيعة إياه ، وهذا سيدنا الأمين العاملي عدهما من أعيان الشيعة وترجمهما في ( الأعيان ) ج 5 ص 474 ـ 482. فنسبة بغض أي منهما إلى الشيعة فرية واختلاق.
    ( وأما جعفر ) بن موسى الكاظم فإني لم أجد في تآليف الشيعة بسط القول في ترجمته ، ولم أقرأ كلمة غمز فيه حتى تكون آية بغضهم إياه ، ولم أرقط أحدا من الشيعة لقبه بالكذاب ، ليت المفتري دلنا على من ذكره ، أو على تأليف يوجد فيه ، والشيعة إنما تلقبه بالخواري وولده بالخواريين والشجريين كما في ( عمدة الطالب ) 208.
    وليتني أدري ممن أخذ عد جعفر من أكابر الأولياء ؟ ومن الذي ذكر أخذ أبي يزيد البسطامي عنه ؟.
    إنما الموجود في المعاجم تلميذ؟؟ أبي يزيد البسطامي طيفور بن عيسى بن آدم المتوفى 261 على الإمام جعفر بن محمد الصادق ، وهذا اشتباه من المترجمين كما صرح به المنقبون منهم ، إذ الإمام الصادق توفي 148 وأبو يزيد في 261 ـ 264 ولم يعد من المعمرين ، ولعله أبو يزيد البسطامي الأكبر طيفور بن عيسى بن شروسان الزاهد (2) فالرجل خبط خبط عشواء في فريته هذه.
1 ـ أصول الكافي ص 163 في باب الإشارة والنص على الإمام أبي الحسن الرضا.
2 ـ راجع معجم البلدان ج 2 ص 180.
كتاب الغدير ـ الجزء الثالث ::: فهرس