كتاب الغدير ـ الجزء الثالث ::: 381 ـ 390
(381)
استاذا في المنطق ، متبحرا في النحو ، واقفا على اللغة ، معلما في القوافي ، عبقريا في العروض ، وكما أنه من أعيان العلم فهو مفرد في الكرم وحسن الشيم ، فذ في الظرف والفكاهة ، دمث الخلايق ، لين الجانب.
    ولادته ونشأته
    ولد بأنطاكية يوم الأحد لأربع ليال بقين من ذي الحجة سنة 278 ونشأ بها حتى غادرها في حداثته سنة ست وثلثمائة إلى بغداد ، وتفقه بها على مذهب أبي حنيفة ، وسمع الحديث من الحسن بن أحمد بن حبيب الكرماني صاحب ( مسدد ). وأحمد ابن خليل الحلبي صاحب أبي اليمان الحمصي. وأحمد بن محمد بن أبي موسى الأنطاكي. و أنس بن سالم الخولاني. والحسن بن أحمد بن إبراهيم بن فيل. والفضل بن محمد العطار الأنطاكيين. والحسين بن عبد الله القطان الرقي. وأحمد بن عبد الله بن زياد الجبلي. ومحمد بن حصن بن خالد الآلوسي الطرسوسي. والحسن بن الطيب الشجاعي. و عمر بن أبي غيلان الثقفي. وأبي بكر بن محمد بن محمد الباغندي. وحامد بن محمد ابن صعيب البلخي. وأبي القاسم البغوي. وأبي بكر بن أبي داود. وقرأ في النجوم على البنائي المنجم صاحب الزيج.
    يروي عنه أبو حفص بن الآجري البغدادي ، وأبو القاسم بن الثلاج (1) البغدادي ، وعمر بن أحمد بن محمد المقري ، وابنه أبو علي المحسن التنوخي.
    وأول من قلده القضاء بعسكر مكرم وتستر وجندي سابور في أيام المقتدر بالله الخليفة الذي ولي الخلافة من سنة 295 حتى قتل سنة 320. من قبل القاضي أبي جعفر أحمد بن إسحاق بن البهلول التنوخي ، وكتبه له أبو علي ابن مقلة وكان ذلك سنة 310 في السنة الثانية والثلاثين من عمره ، ثم تقلد القضاء بالأهواز وكورة واسط وأعمالها والكوفة وسقي الفرات ، وعدة نواح من الثغور الشامية ، وأرجان وكورة سابور مجتمعا ومفترقا ، وتولى قضاء أيذج وجند حمص من قبل المطيع لله الذي ولي الخلافة سنة 334 ، وكان المطيع لله قد عول علي أبي السائب عن قضاء القضاة وتقليده إياه فأفسد ذلك بعض أعدائه ، وكان ابن مقلة قلده المظالم بالأهواز ، واستخلفه
1 ـ الفلاح. في أنساب السمعاني.

(382)
أبو عبد الله البريدي بواسط على بعض أمور النظر ، وقال الثعالبي : كان يتقلد قضاء البصرة والأهواز بضع سنين ، وحين صرف عنه ورد حضرة سيف الدولة زائرا ومادحا فأكرم مثواه وأحسن قراه ، وكتب في معناه إلى الحضرة ببغداد حتى أعيد إلى عمله ، وزيد في رزقه ورتبته ، وكان المهلبي الوزير وغيره من رؤساء العراق يميلون إليه جدا ، ويتعصبون له ويعدونه ريحانة الندماء ، وتاريخ الظرفاء ، ويعاشرون منه من تطيب عشرته ، وتكرم أخلاقه ، وتحسن أخباره.
    حديث حفظه وذكائه
    كان المترجم آية في الحفظ والذكاء ، قال ولده القاضي أبو علي المحسن في ( نشوار المحاضرة ) ص 176 : حدثني أبي قال : سمعت أبي ينشد يوما وسني إذ ذاك خمس عشرة سنة بعض قصيدة دعبل الطويلة التي يفتخر فيها باليمن ويعدد مناقبهم ويرد على الكميت مناقبه بنزار أولها :
أفيقي من ملامك يا ظعينا كفاني اللوم مر الأربعينا
    وهي نحو ستمائة بيت فاشتهيت حفظها لما فيها من مفاخر اليمن وأهلي فقلت : يا سيدي تخرجها إلي حتى أحفظها ، فدافعني فألحت عليه فقال : كأني بك تأخذها فتحفظ منها خمسين بيتا أو مائة بيت ثم ترمي بالكتاب وتخلقه علي. فقلت : ادفعها إلي. فأخرجها وسلمها إلي وقد كان كلامه أثر في فدخلت حجرة كانت برسمي من داره فخلوت فيها ولم أتشاغل يومي وليلتي بشيء غير حفظها فلما كان في السحر كنت قد فرغت من جميعها وأتقنتها فخرجت إليه غدوة على رسمي فجلست بين يديه فقال : هي ، كم حفظت من القصيدة ؟ فقلت : قد حفظتها بأسرها. فغضب وقد رآني قد كذبته وقال لي : هاتها ، فأخرجت الدفتر من كمي فأخذه وفتحه ونظر فيه وأنا أنشد إلى أن مضيت في أكثر من مائة بيت فصفح منها عدة أوراق وقال : أنشد من هيهنا. فأنشدت مقدار مائة بيت إلى آخرها ، فهاله ما رآه من حسن حفظي فضمني إليه وقبل رأسي وعيني وقال : بالله يا بني لا تخبر بها أحدا فإني أخاف عليك من العين. وذكر ابن كثير هذه القصة ملخصا في تاريخه 11 ص 227.


(383)
    وقال أبو علي أيضا : حفظني أبي وحفظت بعده من شعره أبي تمام والبحتري سوى ما كنت أحفظ لغيرهما من المحدثين والقدماء مائتي قصيدة قال : وكان أبي وشيوخنا بالشام يقولون : من حفظ للطائيين أربعين قصيدة ولم يقل الشعر فهو حمار في مسلاخ إنسان ، فقلت الشعر وسني دون العشرين ، وبدأت بعمل مقصورتي التي أولها :
لولا التناهي لم أطع نهي النهى أي مدى يطلب من حاز المدى
    وقال أبو علي : كان أبي يحفظ للطائيين سبعمائة قصيدة ومقطوعة سوى ما يحفظ لغيرهم من المحدثين والمخضرمين والجاهليين ، ولقد رأيت له دفترا بخطه هو عندي يحتوي على رؤس ما يحفظه من القصايد مأتين وثلاثين ورقة أثمان منصوري لطاف ، وكان يحفظ من النحو واللغة شيئا عظيما من ذلك [ إلى أن قال ] :
    وكان مع ذلك يحفظ ويجيب فيما يفوق عشرين ألف حديث ، وما رأيت أحدا أحفظ منه ، ولولا أن حفظه افترق في جميع هذه العلوم لكان أمرا هائلا.
    تآليفه
    إن تضلع المترجم في العلوم الجمة ، وشهرته الطايلة في جل الفنون النقلية والعقلية والرياضية ، وتجوله في الأقطار والأمصار ، تستدعي وجود تآليف له قيمة ، كما قال ولده أبو علي : إن له في علم العروض والفقه وغيرهما عدة كتب مصنفة ، وقال الحموي : إن له تصانيف في الأدب منها : كتاب في العروض ، قال الخالع : ما عمل في العروض أجود منه. وكتاب علم القوافي. وذكر السمعاني واليافعي وابن حجر وصاحب الشذرات له ديوان شعر ، واختار منه الثعالبي ما ذكر من شعره ، وسمعت فيما يتبع شعره في ( الغدير ) نقل الحموي عن ديوانه بائيته كغيرها ، وذكر المسعودي له قصيدته [ المقصورة ] التي عارض بها ابن دريد يمدح فيها تنوخ وقومه من قضاعة أولها :
لولا انتهائي لم أطع نهي النهى إن كنت أقصرت فما أقصر قلب ومقلة إن مقلت أهل الفضا مدى الصبا نطلب من حاز المدى داميا ترميه ألحاظ الدمى أغضت وفي أجفانها جمر الغضا
    وفيها يقول :


(384)
وكم ظباء رعيها ألحاظها أسرع من حرف إلى جر ومن قضاعة من ملك بن حمير أسرع في الأنفس من حد الظبى حب إلى حبة قلب وحشى ما بعده للمرتقين مرتقا
    وقال أبو علي في ( نشوار المحاضرة ) : إن ما ضاع من شعره أكثر مما حفظ.
    غير أن هذه الكتب قد عصفت عليها عواصف الضياع كما أن التصدي لمنصب القضاء عاقه الاكثار عن التآليف على قدر غزارة علمه.
    مذهبه
    من العويص جدا البحث والتنقيب عن مذهب من نشأ في مثل القرن الثالث والرابع عصر التحزب للآراء والنزعات ، عصر تشتت الاعتقادات ، عصر تكثر النحل ، وتوفر الدواعي على انتحال الرجل لما يخالف عقده القلبي ، وتظاهره بما لا يظهره سر جنانه ، وقد قضت الأيام ، ومرت الأعوام على آثارهم ، ونتايج أفكارهم مما كان يمكننا منه استظهار المعتقدات ، وحكم الدهر على منشور فلتات ألسن كانت تعرب عن مكنون الضماير ، وتقرأ علينا دروس الحقيقة من جانب مذهب الغابرين.
    واضطراب كلمات أرباب المعاجم حول مذهب شاعرنا التنوخي وولده أبي علي منذ عهدهم إلى اليوم ينم عن أنهم كانوا يخفون مختارهم من المذهب ، وكانوا يظهرون في كل صقع وناحية نزلوا ما يلايم مذهب أهليها ، فقال الخطيب البغدادي في تاريخه ، والسمعاني في أنسابه ، وابن كثير في تاريخه ، وصاحب شذرات الذهب ، والسيد العباسي في المعاهد ، وشيخنا أبو الحسن الشريف في ضياء العالمين : إن المترجم تفقه على مذهب أبي حنيفة.
    ونص اليافعي في مرآة الجنان ، والذهبي في ميزان الاعتدال ، والسيوطي في البغية ، وأبو الحسنات في الفوائد البهية ، بأنه حنفي المذهب.
    وقال الخطيب البغدادي في تاريخه ، والسمعاني في أنسابه : إنه كان يعرف الكلام في الأصول على مذهب المعتزلة ، وفي كامل ابن الأثير : كان عالما بأصول المعتزلة.
    وفي لسان الميزان : إنه يرمى بالاعتزال ، وعده سيدنا القاضي في مجالس المؤمنين من قضاة الشيعة ، وبذلك نص صاحب مطلع البدور ، ونقل صاحب نسمة السحر عن المسوري اليمني : إنه كان معتزلي


(385)
الأصول متشيعا جدا حنفي المذهب.
    والذي يجمع بين هذه الشتات أن الرجل كان معتزلي الأصول ، وحنفي الفروع ، زيدي المذهب ، ويؤكد مذهبه هذا ما ذكره معاصره المسعودي في ( مروج الذهب ) ج 2 ص 519 من قوله : إنه في وقتنا هذا وهو سنة اثنتين وثلاثين وثلثمائة بالبصرة في جملة الزيديين (1) وقصيدته البائية التي ذكرنا شطرا منها ترجح كفة التشيع في ميزانه ، كما أن غير واحد من قضايا ذكرها ولده أبو علي في كتابه [ الفرج بعد الشدة ] نقلا عن المترجم يوذن بذلك.
    وفاته
    توفي في عصر يوم الثلاثا لسبع خلون من شهر ربيع الأول سنة 342 بالبصرة ودفن من الغد في تربة اشتريت له بشارع المربد ، قال ولده أبو علي في ( نشوار المحاضرة ) : وفيما شاهدناه من صحة أحكام النجوم كفاية ، هذا أبي حول مولد نفسه في السنة التي مات فيها وقال لنا : هذه سنة قطع علي مذهب المنجمين.
    وكتب بذلك إلى بغداد إلى أبي الحسن البهلول القاضي صهره ينعي نفسه ويوصيه ، فلما اعتل أدنى علة وقبل أن تستحكم علته أخرج التحويل ونظر فيه طويلا وأنا حاضر فبكى ثم أطبقه واستدعى كاتبه وأملى عليه وصيته التي مات عنها وأشهد فيها من يومه ، فجاء أبو القاسم غلام زحل المنجم ، فأخذ يطيب نفسه ، ويورد عليه شكوكا ، فقال له : يا أبا القاسم ؟ لست ممن تخفى عليه فأنسبك إلى غلط ، ولا أنا ممن يجوز عليه هذا فتستغفلني ، وجلس فوافقه على الموضع الذي خافه وأنا حاضر فقال له : دعني من هذا.
    بيننا شك في أنه إذا كان يوم الثلاثا العصر لسبع بقين من الشهر فهو ساعة قطع عندهم فأمسك أبو القاسم غلام زحل لأنه كان خادما لأبي وبكى طويلا وقال : يا غلام طست.
    فجاؤه به فغسل التحويل وقطعه وودع أبا القاسم توديع مفارق فلما كان في ذلك اليوم العصر مات كما قال. أخذنا ترجمته من يتيمة الدهر 2 ص 309. نشوار المحاضرة. تاريخ الخطيب البغدادي 12 ص 77. تاريخ ابن خلكان 1 ص 288. معجم الأدباء 14 ص 162.
1 ـ في النسخة : اليزيديين. وهو تصحيف واضح.

(386)
أنساب السمعاني. فوات الوفيات 2 ص 68. كامل ابن الأثير 8 ص 168. تاريخ ابن كثير 11 ص 227. مرآة الجنان 2 ص 334. لسان الميزان 4 ص 256. معاهد التنصيص 1 ص 136. شذرات الذهب 2 ص 342. مجالس المؤمنين ص 255. الفوائد البهية في تراجم الحنفية ص 137. مطلع البدور. الحدائق الوردية. نسمة السحر 2. روضات الجنات 447 ، 477. تنقيح المقال 2 ص 302.
    قد يوجد الاشتباه في غير واحد من هذه المعاجم كمجالس المؤمنين ، ونسمة السحر ، وتنقيح المقال بين ترجمة المترجم وبين ترجمة حفيده أبي القاسم علي بن المحسن للاتحاد في الاسم والكنية والشهرة بالتنوخي فوقع الخلط بين الترجمتين. يطلع عليه الباحث بمعونة ما ذكرناه.
    خلف المترجم على علمه الجم وفضايله الكثيرة ولده أبو علي المحسن بن علي وهو كما قال الثعالبي : هلال ذلك القمر ، وغصن هاتيك الشجر ، والشاهد العدل بمجد أبيه وفضله ، والفرع المشيد لأصله ، والنائب عنه في حياته ، والقائم مقامه بعد وفاته ، وفيه يقول أبو عبد الله ابن الحجاج [ الآتي ذكره ] :
إذا ذكر القضاة وهم شيوخ ومن لم يرض لم أصفعه إلا تخيرت الشباب على الشيوخ بحضرة سيدي القاضي التنوخي
    له كتاب الفرج بعد الشدة. ونشوان المحاضرة. والمستجار من فعلات الأجواد. ديوان شعره ، وهو أكبر من ديوان أبيه ، سمع بالبصرة من مشايخها ، ونزل بغداد وحدث بها وأول سماعه بالحديث سنة 333 ، وأول ما تقلد القضاء بالقصر وبابل و وأرباضهما في سنة 349 ، ثم ولاه المطيع لله بعسكر مكرم وايذج ورامهرمز وتقلد غيرها أعمالا كثيرة في شتى الجهات ، ولد ليلة الأحد لأربع بقين من شهر ربيع الأول سنة 327 بالبصرة.
    وتوفي ليلة الاثنين لخمس بقين من المحرم سنة 384 ببغداد و هو في المذهب شبيه أبيه لكن شواهد التشيع فيه أكثر وأوضح من أبيه.
    وأعقب أبو علي المحسن أبا القاسم علي خلف أبيه وجده على علمهما الكثار ، وأدبهما الغزير ، كان يصحب الشريف المرتضى علم الهدى ويلازمه ، وكان من خاصته ، وصحب أبا العلاء المعري وأخذ عنه ، وكانت بينه وبين الخطيب أبي زكريا التبريزي


(387)
صلة ومؤانسة ، وتقلد قضاء المداين وأعمالها ، ودرزنجان ، والبردان ، وقرميسين وغيرها.
    يروي عنه الخطيب البغدادي في تاريخه وترجمه وذكر مشايخه ، ويروي عنه أبو الغنائم محمد بن علي بن الميمون البرسي المعروف بابي ، وهو يروي عن أبي الحسن علي بن عيسى الرماني كما في إجازة العلامة الحلي الكبيرة لبني زهرة وعن أبي عبد الله المرزباني المتوفى 384 ، وأمره في المذهب أوضح من والده وجده ، وتشيعه من المتسالم عليه عند أرباب المعاجم ، ولد في منتصف شعبان سنة 370 بالبصرة ، وتوفي ليلة الاثنين ثاني المحرم سنة 447 ودفن بداره بدرب التل.
    حدث الحموي في ( معجم الأدباء ) عن القاضي أبي عبد الله ابن الدامغاني قال : دخلت على القاضي أبي القاسم التنوخي ( الصغير ) قبل موته بقليل وقد علت سنه فأخرج إلي ولده من جاريته فلما رآه بكى فقلت : تعيش إن شاء الله وتربية ويقر الله عينك به.
    فقال : هيهات والله ما يتربى إلا يتيما وأنشد :
أرى ولد الفتى كلا عليه فإما أن يخلفه عدوا لقد سعد الذي أمسى عقيما وإما أن يربيه يتيما
    ثم قال : أريد أن تزوجني من أمه فإنني قد اعتقتها على صداق عشرة دنانير. ففعلت ، وكان كما قال تربى يتيما ، وهو أبو الحسن محمد بن علي بن المحسن. قبل القاضي أبو عبد الله شهادته ثم مات سنة أربع وتسعين وأربعمائة وانقرض بيته ، بسط القول في ترجمته الحموي في ( معجم الأدباء ) 14 ص 110 ـ 124.


(388)
القرن الرابع
20
أبو القاسم الزاهي
المولود 318
المتوفى 352
لا يهتدي إلى الرشاد من فحص ولا يذوق شربة من حوضه ولا يشم الروح من جنانه نفس النبي المصطفى والصنو من قد أجاب سابقا دعوته ما عرف اللات ولا العزى ولا من ارتقى متن النبي صاعدا وطهر الكعبة من رجس بها من قد فدا بنفسه محمدا وبات من فوق الفراش دونه من كان في بدر ويوم أحد فقال جبريل ونادى : لا فتى من قد عمرو العامري سيفه وراء ما صاح : ألا مبارز من اعطي الراية يوم خيبر وراح فيها مبصرا مستبصرا فاقتلع الباب ونال فتحه إلا إذا والى عليا وخلص من غمس الولا عليه وغمص من قال فيه من عداه وانتقص والخليفة الوارث للعلم بنص وهو غلام وإلى الله شخـص انثنى إليهما ولا حـب ونص وكسر الأوثان في أولـى الفرص ثم هوى للأرض عنها وقـمص ولم يكن بنفسه عنه حـرص وجاد فيما قد غلا وما رخـص قط من الأعناق ما شـاء وقص إلا علي عم في القول وخص فخر كالفيل هوى وما قحـص فالتوت الأعناق تشكو من وقص (1) من بعـدما بها أخو الدعوى نكص وكان أرمدا بعـينيه الرمص ودك طود مرحب لما قعـص (2)

1 ـ وقص العنق : كسرها ودقها.
2 ـ قعصه واقعصه : قتله مكانه. أجهز عليه.


(389)
من كسح البصرة من ناكثها وفرق المال وقـال : خمسة وقال في ذي اليوم يأتي مدد ومن بصفين نضا حسامه وصد عن عمرو وبسر كرما ومن أسال النهروان بالدما وكذب القائل أن قد عبروا ذاك الذي قد جمع القرآن في ذاك الذي آثر في طعامه فأنزل الله تعالى هل أتى ذاك الذي استوحش منه أنس إذ قال : من يشهد بالغدير لي فقال : أنسيت. فقال : كاذب يا بن أبي طالب يا من هو من فضلك لا ينكر لكن الـولا فذكره عند مواليك شفا كالطير بعض في رياض أزهرت وقص رجل عسكر بما رقص لواحد. فسـاوت الجند الحصص وعده فلم يزد وما نقص ففلق الهام وفرق القصص (1) إذ لقيا بالسوأتين من شخص (2) وقطع العرق الذي بها رهص وعد من يحصد منهم ويحص (3) أحكامه للواجبات والرخص على صيامه وجاد بالقرص وذكر الجزاء في ذاك وقص (4) أن يشهد الحق فشاهد البرص (5) فبادر السامع وهو قد نكص سوف ترى ما لا تواريه القمص خاتم الأنبياء في الحكمة فص قد ساغه بعض وبعض فيه غص وذكره عند معاديك غصص وابتسم الورد وبعض في قفس
    وله في ذكر خلافة أمير المؤمنين عليه السلام وإنها له بنص حديث الغدير قوله :
قدمت حيدر لي مولى بتأمير إن الخلافة من بعد النبي له من قال أحمد في يوم ( الغدير ) له لما علمت بتنقيبي وتنقيري كانت بأمر من الرحمن مقدور بالنقل في خبر بالصدق مأثور

1 ـ القص : الصدر أو عظمه.
2 ـ مرت قصته عليه السلام مع عمرو وبسر في الجزء الثاني 158 ، 165.
3 ـ حص الشيء : قطع عنه.
4 ـ أسلفنا نزول هل أتى في العترة الطاهرة وسيدهم في هذا الجزء ص 107 ـ 111 ، 69 (5) مر تفصيل قصة أنس في الجزء الأول ص 191.


(390)
: قم يا علي فكن بعدي لهم علما مولاهم أنت والموفي بأمرهم وذاك إن إله العرش قال له : فإن عصيت ولم تفعل فإنك ما واسعد بمنقلب في البعث محبور نص بوحي على الأفهام مسطور بلغ وكن عند أمري خير مأمور بلغت أمري ولم تصدع بتذكيري
    وله قوله يمدح أمير المؤمنين عليه السلام ويذكر فرض ولاءه بحديث الغدير :
دع الشناعات أيها الخدعه من وحد الله أولا وأبى من قال فيه النبي : كان مع من سل سيف الإله بينهم من هزم الجيش يوم خيبرهم من فرض المصطفى ولاه على أشهد أن الذي تقول به واركن إلى الحق واغد متبعه إلا النبي الأمي واتبعه الحق علي والحق كان معه سيفا من النور ذو العلى طبعه وهز باب القموص فاقتلعه الخلق بيوم ( الغدير ) إذ رفعه يعلم بطلانه الذي سمعه
    وقال يمدحه صلوات الله عليه :
اُقيم بخم للخلافة حيدر غداة دعاه المصطفى وهو مزمع فقال : أقم عني بطيبة واعلمن ولما مضى الطهر النبي تظاهرت فقالوا : علي قد قلاه محمد فأتبعه دون المعرس فانثنى ولما أبان القول عمن يقوله فقال : أما ترضى تكون خليفتي وعلاه خير الخلق قدرا وقدرة وقال رسول الله : هذا إمامكم ومن قبل قال الطهر ما ليس ينكر لقصد تبوك وهو للسير مضمر بأنك للفجار بالحق تقهر عليه رجال بالمقال وأجهروا وذاك من الأعداء إفك ومنكر وقالوا : علي قد أتى فتأخروا وأبدى له ما كان يبدي ويضمر كهارون من موسى ؟ وشأنك أكبر وذاك من الله العلي مقدر له الله ناجى أيها المتحير
كتاب الغدير ـ الجزء الثالث ::: فهرس